بكر بن وائل

بن قاسط بن هنب بن أفصى قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي ابن بكر بن وائل .

أخبرني أبو عبد الله الحكيمي ومحمد بن عبد الواحد قالا: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل عمه طرفة:

لا يبعدَن قومي الذين هم

 

سمُّ العداة وآفة الجـزرِ

النازلين بكلّ معـتـركٍ

 

والطيبينَ معاقِـدَ الأزرِ

وإذا همُ رَكبوا سمِعت لهم

 

زجلاً من التأييه والزجرِ

في غيرِ ما فحشٍ يجاء به

 

لمناتج المهرات والمهرِ

قال ابن الأعرابي: النازلين نصب على أنه اتبعه القوم في المعنى لأن معناه النصب، كأنها قالت: لا يبعد الله قومي النازلين. وقولها: "في غير ما فحش" يقول: يزوجرنها بعفاف من ألسنتهم لا يذكرون الفحش في الزجر.
أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو الحاتم قال: حدثنا يوسف، قال حدثنا جرير عن المغيرة، قال: ذكر شعر الخرنق بنت هفان عند عبد الرحمن بن أبي نعيم:

لا يبعدن قومي الذين هم

 

سم العداة وأفة الجزر

النازلين بكل معـتـرك

 

والطيبون معاقد الأزر

فقال: ليس أولئك، أولئك المدفونون في بيت عائشة، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رحمها الله. قال ابن دريد: وأخبرنا أيضاً أبو الحاتم عن أبي عبيدة على هذه الرواية: النازلين والطيبون.

وكتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة قال: قالت: خرنق بنت هفان ترثي أهلها:

لا يبعدنْ قومي الـذين هـمُ

 

سَمُّ العـداة وآفة الـجـزرِ

النازلون بكـل مـعـتـركٍ

 

والطيبون مـعـاقِـدَ الأزرِ

إنْ يشربوا يهَبوا، وإن يدَعوا

 

يتواعظوا عن منطقِ الهجرِ

قومٌ إذا رَكبوا سمعتَ لـهـم

 

لغطاً من التأييه والـزجـرِ

والخالطين نحيتهم بِنضارهـم

 

وذوي الغنى منهم بذي الفقرِ

هذا ثنائي ما بقيتُ علـيهـم

 

فإذا هلكت أجنَّني قـبـري

أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: مما ينصب على الذم قول النابغة:

لعَمري وما عَمري عليَّ بهينٍ

 

لقد نطقتْ بطلاً عليَّ الأقارع

أقارعُ عوفٍ لا أحاوِل غيرَها

 

وجوهَ قرودٍ تبتغي منْ تجادعُ

وقال عروة بن الورد العبسي:

إنْ كُنْتِ كارهةً معيشتنـا

 

هاتا فحُلي في بني بـدرِ

الضاربين لدى أعنَّتـهـم

 

والطاعنين وخيلهم تجري

وإنما خفضوهما على النعت، وربما رفعوهما على القطع والابتداء وكذلك قول الخرنق بنت هفان القدسية من بني قيس بن ثعلبة:

لا يبعدن قومي الذين هم

 

سمُّ العداة وآفة الجزرِ

وكل ما كان من هذا فعلى هذا الوجه، وإن لم ترد مدحاً ولا ذماً قد استقر له فوجهه النعت. وقرأ بعض القراء:" فتبارك الله أحسن الخالقين" وحدثني علي ابن أبي منصور قال: أخبرنا محمد بن موسى عن دعبل بن علي، قال: من شعر الخرنق ربعية ضبعية بدوية تقول:

لا يبعدَن قومي الذين همُ

 

وذكره والبيت الذي بعده

كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قتلت بنو أسد بشر بن عمرو بن مرثد وابنه علقمة بن بشر، فقالت الخرنق بنت هفان ترثي زوجها وابنها علقمة:

لا وأبيك آسى بـعـد بـشـرٍ

 

على حيٍ يموت ولا صـديقِ

وبعدَ الخير علقمة بن بِـشْـرٍ

 

إذا ما الموتُ كان لدى الحلوقِ

وبعدَ بني ضُبيْعة حولَ بِـشـرٍ

 

كما مالَ الجذوعُ مِنَ الحريقِِ

منتْ لهم بـوالِـبةَ الـمـنـايا

 

بجوف قُلابَ للحَين المسـوقِ

فكم بقلابَ من أوصالِ خِـرقٍ

 

أخي ثِقةٍ وجُمجـمةٍ فـلـيقِ

ندامى للملوكِ إذا لـقـوهـمْ

 

حُبوا وسقوا بكأسِهم الرحـيقِ

قال: وقالت تحضض بني عمرو بن مرثد:

إنَّ بني الحصْنِ استحلت دماءهُمْ

 

بنو أسدٍ حارِثهـا ثـم والـبـه

همُ جدَعوا الأنفَ الأشمَّ بهلـكةٍ

 

وَجبُّوا السنامَ فالتحَوْه وغاربـه

عُميْلةُ بوّاهُ السّنانَ بـطـعـنةٍ

 

عسى أن تلاقيه من الدهر نائبه

أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: قالت أخت طرفة بن العبد ترثيه:

عَددْنا لهُ ستًّا وعشـرين حـجَّةً

 

فلمَّا توفاها استوى سَيداً ضَخْما

فُجِعْنا به لمـا رجـونـا إيابَـهُ

 

على خير حالٍ لا وليداً ولا قَحْما

الوليد: الصغير، والقحم: الرجل المتناهي سناً.

كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: كانت أخت طرفة بن العبد تحت عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد، ففركته فقالت تهجوه وتعيره بأنه لا يثأر بأبيه وتذكر سعايته بطرفة إلى عمرو بن هند حتى قتله:

ألمْ تَرَ مَوْروكاً وَشى بابن عـمِّـه

 

ليَطرَحَهُ في حَميِ قدرٍ وما يدري

فهلاَّ ابنَ حَسحاسٍ ثأرتَ وخالـداً

 

هنالك لم تثأرْ ببشرٍ ولم تَـسْـرِ

حدثني أحمد بن عيسى الحواص، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال:حدثنا أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي عن المفضل بن محمد الضبي، قال: حدثني رجل من بكر من وائل ممن أدرك الجاهلية، قال: تزوج الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة امرأه من بني عمه، فأتته بولد أشقر فأكنره، وخرج مغضباً، فلم يأتها أياماً. ثم دخل عليها، فقامت إليه كما تقوم المرأة إلى بعلها، فصاح بها وانتهرها، ثم أنشأ يقول:

لا تمشُطي رأسي ولا تفْليني

 

واقتربي هلمَّ أخْبـرينـي

ما بالهُ أحمرَ كالـهـجـين

 

خالفَ ألوانَ بنيَّ الـجُـونِ

فغضبت الحرة، واجتذبت يدها من يده ثم قالت:

إن له من قِبـلـي أجـدادا

 

بيض الوجوه كرُماً أنجـادا

ما ضرهُم يوْمَ لقـوا شـدادا

 

وكسروا في صدره الأعوادا

ألاّ يكونَ لونـهـم سـوادا

 

 

قال: فوثب إليها وترضاها حتى رضيت.

قلت أنا: وابن دريد يسند هذا الخبر إلى أبي عبيدة، ويجعل موضع الحارث بن عباد، رجلاً من بني عامر بنت صعصعة، وتقدم.

كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قتل زياد بن مقاتل بن مسمع مع ابن الأشعث فقالت حميدة بنت زياد بن مقاتل:

يا عَينُ جودي ولا تذخـري

 

وابكي رئيسَ بني جحـدَرِ

وما تولتْ جنودُ الـعـراقِ

 

وأسلم من كانَ في العسْكرِ

حامَى زياد على قوْمِهِ

 

وَفرَّ جُدَيُّ بني العنْبرِ

تعني عطية بن عمرو. قلت أنا: قال مؤرج السدوسي وغيره: جحدر هذا هو: ربيعة بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. وأخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة، قال: كان زياد بن مقاتل بن مسمع قتل أيام ابن الأشعث فقامت بنته تبكيه في المربد فقالت:

حامى زيادٌ على قومه

 

وَفرّ جُدَيُّ بني العنبرِ

فسمع بذلك البلتع العنبري واسمه "المستنير" وقد جاء بحلوبة له وهو واقف فقال:

فإن يَكُ عَضَّ أباكِ السلاح

 

فقد يلحقُ الموتُ بالمدْبرِ

وقد تَنْطَحُ تحتَ الغُـبـارِ

 

غير الشَهيدِ ولا المعْـذَرِ

حامىَ عطيَّةُ عن قومـه

 

وطاحَ لواء بني جَحْـدَرِ

كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: كان شيبان بن سيار صبرة بن حطان بن سيار بن عمرو الغفاري بخراسان، فجرح فحمي الماء، فعطش يوماً فدب إلى قربة فشرب من مائها فمات، فقالت أخته درنا بنت سيار ترثيه وأخاه عبعبة ابني سيار:

وقد زعموا أني جزعت عليهمـا

 

وهل جزَعٌ إنْ قلت وا بأباهما؟

وهل جزعٌ إن قلتُ خيراً علمتـه

 

وأثنيت ما قد أولياني كلاهـمـا

هما أخوا في الحيِّ من لا أخا له

 

إذا خافَ يوماً سورة فدعاهمـا

هما يلبسانِ المجدَ أحسنَ لـبـسةٍ

 

وما ظلما في المجد أهلي فداهما

قال: وقالت: درنا وهي خلف مالك بن مسمع:

يا قوم كيف يلامُ مـن

 

أودى على العرَّادِ نابُه

وأخو عشيرته الـتـي

 

عيَّتْ بحيلتهم خِطابُـه

قلت أنا: وأبو العباس ثعلب يروي الأبيات الأربعة لامرأة من بني تيم الله بن ثعلبة، وهي تجيء في موضوعها تامة إن شاء الله.

كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قالت امرأة من قيس بن ثعلبة، كانت تعزل فتأكل من ثمن غزلها، فمدحت مغزلها:

رأيتُكَ بعدَ اللهِ تجبرُ فاقتـي

 

إذا ضنَّ عنِّي الأقربون تعودُ

دراهمُ بيضٌ ما تزال تفيدني

 

وثوب إذا ما شئتُ منك جديدُ

فلو كان لي عبد مُغلٌ مدحتُه

 

فأنت على كسب المغلّ تزيدُ

قلت أنا: وقد رويت هذه الأبيات لغير هذه المرأة.