ذكر ما اشتمل عليه الكتاب من الأبواب

البَابُ الثاني

ذكر ما اشتمل عليه الكتاب من الأبواب

مباحث الكتاب

قد قدمْنَا فيما سلف من هذا الكتاب ذكرنا لأغراضه، فلنذكر الآن جُمَلاً من كمية أبوابه على حسب مراتبها فيه، واستحِقاقها منه، لكي يقرب تناولها على مريدها.

فأول ذلك ذكر المبدأ، وشأن الخليقة، وذَرْء البَرِيَّةِ من آدم إلى إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.

ذكر قصة إبراهيم عليه السلام، ومن تَلاَ عصره من الأنبياء والملوك من بني إسرائيل.

ذكر ملك أرخبعم بن سليمان بن داود، ومن تَلا عصره من ملوك بني إسرائيل، وجمل من أخبار الأنبياء والملوك من بني إسرائيل.

ذكر أهل الفترَةِ ممن كان بين المسيح ومحمد صلى الله عليه وسلم ذكر جمل من أخبار الهند وأربابها، ومدد ممالكها، وسيرها وآرائها في عبادتها.

ذكر الأرض والبحار، ومبادئ الأنهار والجبال، والأقاليم السبعة وما والاها من الكواكب وغير ذلك.

ذكر جمل من الأخبار عن انتقال البحار، وجمل من أخبار الأنهار الكبار .ذكر الأخبار عن البحر الحبشي، وما قيل في مقداره وتشعبه وخُلْجَانه.

ذكر تنازع الناس في المَدِّ وَالْجَزر، وجوامع ما قيل في ذلك.

ذكر البحر الرومي، ووصف ما قيل في طوله وعرضه وابتدائه وانتهائه.

ذكر بحر نيطس، وبحر مايطس، وخليج القسطنطينية.

ذكر بحر الباب والأبواب والْخَزَرِ وخُرْجَان، وجملة من الأخبار عن ترتيب جميع البحار.

ذكر ملوك الصين والترك، وتفرق ولد عامور، وأخبار الصين وملوكهم، وجوامع من سيرهم وسياساتهم وغير ذلك.

ذكر جمل من الأخبار عن البحار، وما فيها وما حولها من العجائب والأمم، ومراتب الملوك، وغير ذلك.

ذكر جبل القبج، وأخبار الأمم من اللان والسرير والخزر، وأنواع من الترك والبَلْغر، وأخبار الباب والأبواب، ومن حولهم من الملوك والأمم.

ذكر ملوك السريانيين.

ذكر ملوك الموصل ويينَوَى، وهم الصوريون.

ذكر ملوك بابل من النَّبَطِ وغيرهم، وهم الكلدانيون.

ذكر ملوك الفرس الأولى وسيرها، وجوامح من أخبارها.

ذكر ملوك الطوائف الأشعانيين، وهم بين الفرس الأولى والثانية.

ذكر أنساب فارس، وما قاله الناس في ذلك.

ذكر ملوك الساسانية، وهم الفرس الثانية، وسيرهم، وجوامع من أ أخبارهم.

ذكر ملوك اليونانيين وأخبارهم، وما قال الناسُ في بَدء أنسابهم.

ذكر جوامع من أخبار حرب الإسكندر بأرض الهند.

ذكر ملوك اليونانيين بعد الِإسكندر.

ذكر الروم وما للناس في بَدْء أنسابهم، وأحد ملوكهم، وتاريخ سِنيهِمْ، وجوامع من سيرهم.

ذكر ملوك الروم المتنصرة، وهم ملوك القسطنطينية، ولمع مما كان في أعصارهم.

ذكر ملوك الروم بعد ظهور الِإسلام، إلى أرمينوس، وهو الملك في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.

ذكر مصر، ونيلها، وأخبارها، وبنائها، وعجائبها، وأخبار ملوكها.

ذكر أخبار الِإسكندرية، وبنائها، وملوكها وعجائبها، وما لحق بهذا الباب.

ذكر السودان، وأنسابهم واختلاف أجناسهم وأنواعهم، وتباينهم في ديارهم، وأخبار ملوكهم.

ذكر الصَّقَالبة، ومساكنهم، وأخبار ملوكهم، وتفرق أجناسهم.

ذكر الِإفرنجة والجلالقة وملوكهما، وجوامع من أخبارهما وسيرهما وحروبهما مع أهل الأندلس.

ذكر النو كبرد وملوكها، والأخبار عن مساكنها ذكر عاد وملوكها، ولُمَع من أخبارها، وما قيل في طول أ عما رهم.

ذكر ثمود وملوكها، وصالح نبيها عليه السلام، ولمع من أخبارها.

ذكر مكة وأخبارها، وبناء البيت، ومن تداوله من جُرهُم وغيرهم، وما لحق بهذا الباب.

ذكر جوامع من الأخبار في وصف الأرض والبلدان، وحنين النفوس إلى الأوطان.

ذكر تنازع الناس في المعنى الذي من أجله سمي اليمن يمناً، والشام شاماً، العراق، والحجاز.

ذكر اليمن وأنسابها، وما قاله الناس في ذلك.

ذكر اليمن وملوكها من التَّبَابِعة وغيرها، وسيرها، ومقادير سنيها.

ذكر ملوك الحِيرَةِ من اليمن وغيرهم، وأخبارهم.

ذكر ملوك الشام من اليمن من غسان وغيرهِمْ، وما كان من أخبارهم.

ذكر البوادي من العرب، وغيرهم من الأمم، وعِلَةُ سُكناها البدو، وأكراد الجبال، وأنسابهم، وجُمَل من أخبارهم، وغير ذلك مما اتصل بهذا الباب.

ذكر ديانات العرب، وآرائها في الجاهلية، وتفرقها في البلاد، وأخبار أصحاب الذيل، وأمر الأحابيش، وغيرهم، وعبد المطلب، وغير ذلك مما يلحق بهذا الباب. ذكر ما ذهب إليه العربُ في النفوس والهَام والصَّفر، وأخبارها في ذلك.

ذكر أقاويل العرب في التّغَؤُل والغيلان، وما قاله غيرهم من الناس في ذلك، وغير ذلك مما لحق بهذا الباب واتصل بهذه المعاني.

ذكر أقاويل الناس في الهَوَاتِف والجانَ، من العرب وغيرهم ممن أثبت ذلك ونفاه.

ذكر ما ذهب إليه العرب من القِيَافة والعِيَافة والزَّجْر والسانح والبارح، وغير ذلك.

ذكر الكَهَانة وصفتها، وما قاله الناس في ذلك من أخبارها، وحَدِّ الناطقة وغيرها من النفوس، وما قيل فيما يراه النائم، وما اتصل بهذا الباب.

ذكر جمل من أخبار الكهان، وسيل الْعَرِم بأرض سبأ ومأرب، وتفرق الأزْدِ في البلدان وسكناهم في البلاد.

ذكرسِنِي العرب والعجم، وشهورها، وما اتفق منها وما اختلف.

ذكر شهور القبط والسريانيين، والخلاف في أسمائها، وجمل من التاريخ، وغير ذلك مما اتصل بهذا المعنى.

ذكر شهور السريانيين، ووَصف موافقتها لشهور الروم، وعدد أيام السنة، ومعرفة الأنواء.

ذكر شهور الفرس، وما اتصل بذلك.

ذكر أيام الفرس، وما اتصل بذلك.

ذكر سِنِي العربِ وشهورها وتسمية أيامها ولَيَاليها.

ذكر قول العرب في ليالي الشهور القمرية، وغير ذلك مما اتصل بهذا المعنى.

ذكر القول في تأثير النيرين في هذا العالم، وجمل مما قيل في ذلك مما اتَصل بهذا الباب.

ذكر أرباع العالم والطبائع والأهْوِيَةِ، وما خص به كل جزء منه، منه الشرقي والغربي واليمني والجنوبي، وغير ذلك من سلطان الكواكب.

ذكر البيوت المعظمة، والهياكل المشرفة، وبيوت النِّيرانِ والأصنام، وعبادات الهند، وذكر الكواكب، وغير ذلك من عجائب العالم.

ذكر البيوت المعظمة عند اليونانيين، وَوصفها.

ذكر البيوت المعظمة عند الصَّقَالبة، وَوصفها.

ذكر البيوت المعظمة عند أوائل الروم، ووَصفها.

ذكر بيوت معظمة وهياكل مشرفة للصابئة من الحَرانيين، وغيرها،وما فيها من العجائب والأخبار وغيرها.

ذكر الأخبار عن بيوت النَيرانِ، وكيفية بنائها، وأخبار المجوس فيها،وما لحق ببنائها.

ذكر جامع تاريخ العالم من بدئه إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وما اتصل بهذا الباب من العلوم.

ذكر مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبه، وغيرذلك مما لحق بهذا الباب.

ذكر مبعثه عليه الصلاة والسلام، وما كان في ذلك إلى هجرته صلى الله عليه وسلم .

ذكر هجرته، وجوامع مما كان في أيامه إلى وفاته صلى الله عليه وسلم ذكر الأخبار عن أمورٍ وأحو الً كانت من مولده إلى حين وفاته صلى الله عليه وسلم ذكر ما بدىء به عليه الصلاة والسلام من الكلام، مما لم يحفظ قبله عن أحد من الأنام .

ذكر خلافة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، ونسبه، ولمع من أخباره وسيره.

ذكر خلافة عمر بن الخطاب رضي اللهّ عنه، ونسبه، ولمع من أخباره وسيره.

ذكر خلافة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه، ونسبه، ولمع من أخباره وسيره.

ذكر خلافة علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، ونسبه، ولمع من أخباره وسيره. ونسب إخوته وأخواته.

ذكر الأخبار عن يوم الجمل وبدئه، وما كان فيه من الحروب، وغيرذلك.

ذكر جوامع مما كان بين أهل العراق وأهل الشام بِصِفينَ.

ذكر الحكمين، وبدء التحكيم.

ذكر حروبه رضي اللّه عنه مع أهل النَهرَوان، وهم الشّرَاة، ومالحق بهذا الباب.

ذكر مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ذكر لمع من كلامه، وزهده، وما لحق بهذا المعنى من أخباره.

ذكر خلافة الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، ولمع من أخباره وسيره.

ذكر أيام معاوية بن أبي سفيان، ولمع من أخباره وسيره، وَنَوَادر من بعض أخباره.

ذكر جمل من أخلاق معاوية وسياسته، وطرف من عيون أخباره.

ذكر الصحابة ومَدْحهم، وعلي بن أبي طالب والعباس رضي الله كنهم، وَفضْلهم.

ذكر أيام يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

ذكر مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وَمَنْ قتل من أهل بيته وشيعته. ذكر أسماء ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ذكر لمع من أخبار يزيد بن معاوية وسيره، ونوادر من بعض أفعاله، وما كان منه في الحَرَّة وغيرها.

ذكر أيام معاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، والمختار بن أبي عُبَيْدٍ، وعبد اللّه بن الزبير، ولمع من أخبارهم وسيرهم، وبعض ما كان في أيامهم. ذكر أيام عبد الملك بن مروان 4 ولمع من أخباره وسيره، والحجاج بن يوسف، وأفعاله، ونوادر من أخباره.

ذكر لمع من أخبار الحجاج بن يوسف وخُطَبه، وما كان منه في بعض أفعاله.

ذكر أيام الوليد بن عبد الملك، ولمع من أخباره وسيره وما كان من الحجاج في أيامه.

ذكر أيام سليمان بن عبد الملك، ولمع من أخباره وسيره.

ذكر خلافة عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحَكَم رضي اللّه عنه.ولمع من أخباره وسيره زُهْدِ  

فشسبَّ هابيلُ وشَبّ قاينُ

 

ولم يكن بينهماتـبـايُنُ

وذكر أهل الكتاب أن آدم زَوَّج أخت هابيل لقاين، وأخصَ قاين لهابيل، وفرق في النكاح بين البطنين، وهن! كانت سُنّةَ آدم عليه السلام احتياطاً لأقصى ما يمكنه في في المحارم لموضع الاضطرار وعجز النسل عن التباين والاغتراب. وقد زعمت المجوس أن آدم لم يخالف في النكاح بين البطون ولم يتَحَرَّ المخالفة، ولهم في هذا المعنى سريدَّعون فيه الفضل في صلاح الحال بتزويج الأخ من أخته والأم من إبنها، وقد أتينا به في الفن الرابعَ عشر من كتابنا الموسوم بأخبار الزمان، ومَنْ أباده الحدثان، من الأمم الماضية، والأجيال الخالية، والمماليك الداثرة وإن هابيل وقاين قَرّبا قرباناً فَتَحَرى هابيل أجود غنمه وأجود طعامه فقربه، وتحرى قاين شر ماله وقربه، فكان من أمرهما ما قد حكاه الله تعالى في كتابه العزيز من قتل قاين هابيل، ويقال: إنه اغتاله في برية قاع، ويُقال: إن ذلك كان ببلاد دمشق من أرض الشام، وكان قتله شَدْخاً بحجر، فيقال: إن الوحوش هنالك استوحشت من الِإنسان، وذلك أنه بدأ فبلغ الغرض بالشر والقتل، فلما قتله تحير في تَوْرِيته، وحمله يطوف به الأرض، فبعث اللّه غراباً إلى غراب فقتله ودفنه، فأسف قاين ثم قال ما حكاه القرآن عنه: ""يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي" فدفنه عند ذلك، فلما علم اثم بذلك حزن وجزع وارتاع وهلع.

قال المسعودي: وقد استفاض في الناس شعر يَعْزُونه إلى آدم، أنه قال حين حزن على ولده وأسف على فقده، وهو:  

تَغَيَّرَتِ البلادُوَمَنْ علـيهـا

 

فجْهُ الأرْض مُغْبَرٌّ قبـيح

تغيركل ذِي لون وطـعْـم

 

وقل بشاشَة الوجهُ الصبيحُ

وبُدِّل أهْلُها خَمْطـا وأثْـل

 

اً بجناتٍ مِنَ الفرعوس فِيح

وجاوَرَنَاعموليس يَنْـسَـى

 

لَعِينٌ لايموت فنسـتـريح

وقَتَلَ قاينٌ هابيلَ ظـلـمـا

 

فا أسفاعلى الوجه الملـيح

فمالي لا أجودبسَكْب دمـع

 

وهابيل تضمنه الضـريح

أرى طول الحياة عليَّ غما

 

وما أنا من حياتي مستريح

ووجدت في عحة من كتب التواريخ والسير والأنساب أن آدم لما نطق بهذا الشعر أجابه إبليس من حيث يسمع صوته ولا يرى شخصه، وهو يقول:  

تَنحَّ عَنِ الـبـلَادِ وسَـاكـنـيهَـا

 

فَقَد ْفي الأرْض ضَاق بِك الفَسِيحُ

وكنتَ وزَوْجكَ الْحَـواءُ فـيهَـا

 

أآدم مِـنْ أذىَ الـدُّنـيَا مـريحُ

فما زالَتْ مكايدتـي ومـكـرِي

 

إلي أنْ فَاتَكَ الثـمـنُ الـربـيح

فَلَوْلارَحْمَةُ الرَّحْمـنِ أضْـحَـت

 

بِكَفَك مِنْ جِنَـانِ الْـخُـلـدِرِيحُ

ووجدت أن آدم عليه السلام سمع صوتَاَ ولا يرى شخصاً وهو يقول بيتاً آخر مفرداً عون ما ذكرنا من هذا الشعر، وهو هذا البيت:

أبا هابِيلَ قَدْ قتلاَ جميعـاً

 

وصارَالْحَيُّ بالميْت الذبيح

حواء تحمل بشيث

فلما سمع آدم ذلك ازداد حزناً وجَزَعاً على الماضي والباقي، وعلم أن القاتل مقتول؟ فأوحى اللّه إليه إني مخرج منك نوري الذي به السلوك في القَنَوَات الطاهرة والأرومات الشريفة، وأباهي به الأنوار، وأجعله خاتم الأنبياء، وأجعل آله خيار الأئمة الخلفاء، وأختم الزمان بمدتهم، وأغص الأرض بدعوتهم، وأنشرها بشيعتهم، فشمِّز وتطهَر، وقَدِّس، وسبحْ، واغْشَ زَوجتكَ على طهارة منها، فإن وديعتى تنتقل منكما إلى الولد الكائن منكما، فاقع آدم حَوَّاءَ، فحملت لوقتها، وأشرق جبينها، وتلألأ النور في مَخَايلها، ولمع من محاجرها، حتىِ إذا انتهى حملها وضعت نَسَمَةً كأسر ما يكون من الذّكْرَان، وأتمهم وقاراَ، وأحسنهم صورة، وأكملهم هيئة، وأعْدَلهم خَلْقاً، مجلّلًا بالنور والهيبة، موشحاً بالجلالة والأبهة، فانتقل النور من حواء إليه حتى لمع في أساريرجبهته وبَسَق في غرَّة طلعته، فسما ه آدم شيثاً، وقيل شيث هبة اللهّ، حتى إذا ترعرع وأيفعَ وكمل واستبصر أوْعزَ إليه آدم وَصِيتَّه، وعرَّفه محل ما استودعه، وأعلمه أنه حجة اللّه بعده. وخليفته في الأرض، والمؤدِي حق اللّه إلى أوْصِيَائه، وأنه ثاني انتقالى النِّرِّ الطاهرة، والجُرْثومة الزاهرة.

وصية آدم لشيث ثم وفاته

ثم إن آدم حين أدى الوصية إلى شيث احْتَقَبَهَا، واحتفظ بمكنونها، وأتت وفاة آدم عليه السلام، وقرب انتقاله، فتوفي يوم الجمعة لست خَلَوْن من نيسان، في الساعة التي كان فيها خَلْقُه، وكان عمره عليه السلام تسعمائة سنة وثلاثين سنة، وكان قد وصى ابنه شيثاً عليه السلام على ولده، ويقال: إن آدم مات عن أربعين ألفاً من ولده وولد ولده.وتنازع الناس في قبره فمنهم من زعم أن قبره بِمنىً في مسجد الخيْفِ، ومنهم من رأى أنه في كهف في جبل أبي قُبَيْس، وقيل غيرذ لك، واللّه أعلم بحقيقة الحال.

حكم شيث بن آدم

وإن شيثاً حكم في الناس، واستشرع صحف أبيه وما أنزل عليه في خاصته من الأسفار والأشراع، وإن شيثاً واقع امرأته فحملت بأنوش فانتقل النور إليها، حتى إذا وضعته لاحَ النور عليه، فلما بلغ الوَصَاةَ أوعز إليه شيث في شأن الوديعة وعرفه شأنها وأنها شرفهم وكرمهم وأوعز إليه أن ينبِّه وللده على حقيقة هذا الشرف وكبر محله، وأن ينبهوا أولادهم عليه، ويجعل ذلك فيهم وصية منتقلة ما دام النسل.فكانت الوصية جارية تنتقل من قَرْن إلي قَرْن، إلى أن أدَى الله النور إلى عبد المطلب وولده عبد اللّه أبي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وهذا موضع تنازع بين الناس من أهل الملة، ممن قال بالنص وغيرهم من أصحاب الاختيار، س القائلون بالنص هم الِإباضية أهل الِإمأمة من شيعة علي بن أبي طالب رضتي اللهّ عنه والطاهرين من ولده الذين زعموا أن اللّه لم يُخْل عصراً ش الأعصار من قائم بحق اللّه: إما أنبياء وإما أوصياء منصوص على أسمائهم وأعيانهم من اللّه ورسوله، وأصحابُ الاختيار هم فقهاء الأمصار المعتزلة وفرق من الخوارج والمرجئة وكثير من أصحاب الحديث والعوام فرق من الزَّيدِية فزعم هؤلاء أن اللّه ورسوله فَؤَض إلى الأمة أن تختار جلًا منها فتنصبه لها إماماً، وأن بعض الأعصار قد يخلو من حجة اللّه، هو الِإمام المعصوم عند الشيعة، وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب لُمعاً من يضاح ما وصفنا من أقاويل المتنازعين وتباين المختلفين.

انوش بن شيث ولود

وإن أنوش قد لبث في الأرض يعمرها، وقد قيل والله أعلم إن شيثَاَ أصل النسل من آدم عون سائر ولده، وقيل غير ذلك، وكانت وفاة شيث قد مضت له تسعمائة سنة واثنتا عشرة سنة وفي زمن أنوش قُتِلَ قاينُ ابنُ آدم قاتلُ أخيه هابيل، ولمقتله خبر عجيب قد أوردناه في أخبار الزمان في الكتاب الأوسط، وكانت وفاة أنوش لثلاث خلون من تشرين الأول، كانت مدته تسعمائة سنة وستيم.، سنة، وكان قد ولد له قينان،ولاح النور في جبينه، وأخذ عليه العهدَ، فعمر البلاد حتى مات، فكانت مدت تسعمائة سنة وعشرين سنة، وقد قيل: إن موته كان في تموز بعدما ولد لى مهلائيل، فكانت مدة مهلائيل ثمانمائة سنة، وقد ولد له لود، والنور متوارث، والعهد مأخوذ، والحق قائم، ويقال: إن كثيراً من الملاهي أحدثت في أيامه، أحدثها ولد قاين قاتل أخيه، ولولد قاين مع ولد لو حروب وقصص قد أتينا على ذكرها في كتابنا أخبار الزمان ووقع التحارب بين ولد شيث وبين غيرهم من ولد قاين، فنوع من الهند ممن يقر بآدم، ينتسوبن إلى هذا الشعب من ولد قاين وأكثر هذا النوع بأرض قمار مز أرض الهند، وإلى بلدهم أضيف العود القماري ة فكانت حياة لود سبعمائأ سنة واثنتين وثلاثين سنة، وكانت وفاته في آذار.

أخنوخ

وقام بعحه ولم! أخْنُوخُ، وهو إدريس النبي صلى اللّه عليه وسلم، والصابئة تزعم أنه هو هرمس، ومعنى هرمس عطارد، وهو الذي أخبر اللّه عزوجل في كتابه أنه رفعه مكاناً علياً وكانت حياته في الأرض ثلاثمائأ سنة، وقيل أكثر من ذلك، وهو أول من درَزَ الدروز، وخاط بالِإبرة، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة، وكان قد نزل قبل ذلك على آدم إحدى وعشرون صحيفة، وأنزل على شيث تسع وعشرون صحيفة فيها تهليل وتسبيح.

متوشلح

وقام بعده مَتًّوشلح بن أخنوخ، فعمر البلاد والنورُ في جبينه، وولد لا أولاد، وقد تكلم الناس في كثير من ولده، وإق البلغر والروس والصقالبة من ولده، وكانت حياته تسعمائة سنة وستين سنة، ومات في أيلول.

لمك

وقام بعده لمك، وكان في أيامه كوائن واختلاط في النسل، وتوفي،وكانت حياته سبعمائة سنة وتسعين سنة.

نوح

وقام بعدهنوح بن لمك عليه السلام، وقد كثبر الفساد في الأرض ة فاشْتذَتْ دَيَاجِي الظلم، فقام في الأرض داعياً إلى اللّه، فأ بَوْا إلا طغياناً وكفرأ، فدعا اللّه عليهم، فأوحى اللّه إليه أن اصنع الفلك، فلما فرغ من السفينة أتاه جبرائيل عليه السلام بتابوت آدم فيه رمّته وكان ركوبهم في السفينة يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من آذار، فأقام نوح ومن معه في السفينة على ظهر الماء وقد غرق جميعُ الأرض خَمْسَةَ أشهرٍ، ثم أمر اللّه تعالى الأرض أن تبتلع الماء والسماء أن تُقْلِع، واستوت السفينة على الْجُوديِّ، والجودي: جبل ببلاد باسورى، وجزيرة ابن عمر ببلاد الموصل، وبينه وبين دجلة ثمانية فراسخ، وموضع جُنوح السفينة على رأس هذا الجبل إلى هذه الغاية.

وذكر أن بعض الأرض لم يُسْرِع إلىِ بَلْع الماء، ومنها ما أسرع إلىبَلْعِه عندما أمرت، فما أطاع كان ماؤه عذباَ إذا احتفر، وما تأخر عن القبول أعقبها اللّه بماء مِلْحٍ إذا احتفر، وسباخٍ ومَلاحات، ورمال، وما تخلف من الماء الذي امتنعت الأرض من بَلْعه انححر إلى قعور مواضع من الأرض، فمن ذلك البحار، وهي بقية الماء الذي عصت أرضُه أهلك به أمم، وسنذكر بعد هذا الموضع من كتابنا هذا أخبار البحار ووصفها.

أولاد نوح

ونزل نوح من السفيتة ومعه أولاده الثلاثة، وهم: سام، وحام، ويافث، وكًنّاته الثلاث أزواج أولاثه، وأربعون رجلَاَ، وأربعون امرأة، وصاروا إلى سفح الجبل فابتَنَوْا هنالك مدينة وسموها ثمانين، وهو اسمهاإلى وقتنا هذا، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، ودَثر عقب هؤلاء الثمانين نفساً، وجعل اللّه نسل الخليقة من نوح من الثلاثة من ولم!، وقد أخبر اللّه عز وجل بذلك بقوله: ""وجعلنا ذريته هم الباقين " واللّه أعلم بهذا التأوبل.

والمتخلف عنه من ولمه الذي قال له: "يا بني اركب معنا هويام.

وقسم نوحٌ الأرض بين أولاثه أقساماً، وخص كل واحد بموضع،ودعا على ولده حام لأمر كان منه مع أبيه قد اشتهر، فقال ة ملعون حام، عبد عنيد يكون لإِخوته، ثم قال: مبارك سام، ويكثر اللّه يافث، ويحل يافث في مسكن سام. ووجدت في التوراة أن نوحاً عاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، فجميع عمرنوح تسعمائة وخمسون سنة وقد قيل غيرذلك.

مساكن حام بن نوح

فانطلق حام وأتبعه ولده، فنزلوا مساكنهم في البر والبحر على حسب ما نذكره بعد هذا الموضع من هذا الكتاب، وسنذكر تفرق النسل في الأرض ومساكنهم فيها من ولد يافث وسام وحام.

مساكن سام

فأما سام فسكن وسط الأرض من بلاد الحرم إلى حضرموت إلى عمان إلى عالج، فمن ولده إرم بن سام، وإرفخشذ بن سام بن نوح.

إرم بن سام

ومن ولد إرم بن سام عاذ بن عوص بن إرم بن سام وكانوا ينزلون الأحقاف من الرمل، فأرسِلَ إليهم هوذ..

ثمود من ولد سام

وثمود بن عابر بن إرم بن سام، وكانوا ينزلون الحِجْرَ بين الشام والحجاز، فأرسل الله إليهم أخاهم صالحاً، وكان من أمرهم مع صالح ما قد اتضح أمره، واشتهر خبره، وسنذكر بغد هذا الوضع من هذا الكتاب لمعاً من أخباره وأخبار غيره من الأنبياء عليهم السلام.

طسم وجديسر وعمليق

وطَسْمٌ وجَديس ابنا لاوذ إرم، وكانوا ينزلون اليمأمة والبحرين، وأخوهما عمليق بن لاوذ بن إرم، نزل بعضهم الحرم، وبعضهم الشام، ومنهم العماليق، تفرقوا في البلاد، وأخوهم أميم بن لاوذ نزل أرض فارس، وسنذكر في باب تنازع الناس في أنساب الفرس من هذا الكتاب من ألحق كيومرت بأميم، وقيل: إن أميماً نزل أرض وَبَارِ وهي التي غلبت عليها الجن على ما زعم الأخباريون من العرب.

ونزل بنو عبيل بن عوص أخي عاد بن عوص مدينة الرسول عليه السلام.

ماش بن إرم وأولالده

وولد سام بن نوح ماش بن إرم بن سام، ونزل بابل على شاطىء الفرات فلد نمروذ بن ماش، وهو الذي بنى الضَرْحَ ببابل، وجَسَّرَ جِسْراً ببابل على شاطىء الفرات، وملك خمسمائة سنة، وهو ملك النَّبطِ، وفي زمانه فرق اللّه الألسن : فجعل في ولد سام تسعةَ عشرَ لساناً، وفي ولد حام سبعة عشر لساناً، وفي ولد يافث ستة وثلاثين لساناً، وتشعبت بعد ذلك اللغات وتفرقت الألسن، وسنذكر هذا في موضعه الذي يوجد في كتابنا هذا، وتفرق الناس في البلاد، وما قالوا في ذلك من الأشعار عند تفرقهم في البلاد بأرض بابل، ويقال: إن فالغ هو الذي قسم الأرض بين الأمم، ولذلك سمي فالغ، وهو فالح: أي قاسم.

فالغ بن سالخ وأولاده

وولد إرفخشذ بن سام بن نوح شالخ، فلد شالخ فالغ بن شالخ الذي قسم الأرض وهو جد إبراهيم عليه السلام، وعابر بن شالخ، وابنه قحطان بن عابر، وابنه يَعْرُب بن قحطان، وهو أول من حياه ولده تحية الملك آنْعِمْ صَباحاً وأبَيْتَ اللعْنَ وقيل: إن غيره حُيٍّ بهذه التحية من ملوك الجيرة، وتَحْطان أبو اليمن كلها على حسب ما نذكربن شاء اللّه تعالى في باب تنازع الناس في أنساب اليمن من هذا الكتاب، وهو أول من تكلم بالعربية لِإعرابه من المعاني وإبانته عنها، ويقطن بن عابر بن شالخ هو أبو جرهم وجرهم بنو عم يعرب، وكانت جُرْهُمُ ممن سكن اليمن وتكلموا بالعربية، ثم نزلوا بمكة فكانوا بها، على حسب ما نوردهُ من أخبارهم، وقَطُورَا بنو عم لهم، ثم أسكنها الله إسماعيل عليه السلام، ونكح في جرهم؛ فهم أخوال ولده.

وذكر أهل الكتاب أن لمك بن سام بن نوح حي، لأن اللّه عزوجل أوحى إلى سام: إن الذي وكلته بجسد اعم أبقيته إلى آخر الأبد، وذلك أن سام بن نوح دَفَنَ تابوت آدَمَ في وسط الأرض، وكَّل لمكاً بقبره، وكانت وفاة سام يوم الجمعة؛ وذلك في أيلول، وكان عمره إلى أن قبضه الله عزوجل ستماَئة سنة.

إرفخشذ بن سام

وكان القيم بعد سام في الأرض ولحه إرفخشذ، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه عزوجلّ أربعمائة سنة وخمساً وستين سنة، وكانت وفاته في نيسان.

شالخ بن إرفخشذ

ولما قبض اللّه إرفخشذ قام بعده ولده شالخ بن إرفخشذ، وكان عمره إلى أن قبضه اللهّ عز وجل أربعمائة سنة وثلاثين سنة.

عابر بن شالخ

ولما قبض اللّه شالخ قام بعده ولده عابر؛ فعمر البلاد، وكانت في أيامه كوائن وتنازع في مواضع من الأرض، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه عز وجل إليه ثلاثمائة سنة وأربعين سنة.

فالغ بن عابر

ولما قبض اللّه عابر قام بعده وللى فالغ علىنهج منْ سَلَفَ من آبائه، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه عزوجل مائتي سنة وثلاثين سنة، وقد قدمنا ذكره في هذا الكتاب فيما سلف، وما كان بأرض بابل عند تَبَلْبُلى الألسن.

رعو بن فالغ

ولما قبض اللّه فالغ قام بعده ولده رعوبن فالغ، وقيل: إن في زمنه 0كان مولد خمروذ الجبار، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه مائتي سنة، وكانت وفاته في نيسان.

ساروغ بن رعو

ولما قبض اللّه رعو قام بعدهساروغ بن رعو، وقيل: إنه في أيامه ظهرت عبادة الأصنام والصُّوَر، لضروب من العلل أحدثت في الأرض وشبه ذلك، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه إليه مائتي سنة وثلاثين سنة.

ناحور بن ساروغ

ولما قبض اللّه ساروغ قام بعده ناحور بن ساروغ مقتدياً بمن سلف من آبائه، وحدث في أيامه رجْفٌ وزلازل لم تعهد فيما سلف من الأيام قبله، وأحدثت في أيامه ضروب من المهن والالات، وكانت في أيامه حروب وتحزيب الأحزاب من الهند وغيرها، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه إليه مائة سنة وستاً وأربعين سنة.

تارح بن ناحور

ولما قبض اللّه ناحور قام بعده ولده تارح، وهو آزر أبو إبراهيم الخليل، وفي عصره كان نمروذ بن كنعان، وفي أيام نمروذ حدثت في الأرض عبادة النيران والأنوار، وجعل لها مراتب في العبادات، وكان في الأرض هرج عظيم من حروب وإحداث كور وممالك بالشرق والغرب،وغير ذلك، وظهر القول بأحكام نجوم وصورت الأفلاك، وعملت لها اللآلات، وقُرِّبَ فهم ذلك إلى قلوب الناس، فنظر أصحاب النجوم إلى طالع السنة التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام وماذا يوجب، فأخبروا النمروذ أن مولوداً يولد يُسَفّه أحلامهم، ويزيل عبادتهم، فأمر النمروذ بقتل الوِلدان، وأخفي إبراهيم عليه السلام في مغارة، ومات آزر، وهو تارح، وكان عمره إلى أن قبضه اللّه عزوجل مائتين وستين سنة، واللّه الموفق للصواب.