ذكر أرباع العالم والطبائع

ذكر أرباع العالم والطبائع

وما خص به كل جزء منه من الشرق والغرب والتيمن والجنوبي والأهوية، وغير ذلك من سلطان الكواكب وما لحق بهذا الباب واتصل بهذا المعنى

الطبائع الأربع

قال المسعودي: فأما الطبائع الأربعة: الأرض، فالنار حارة يابسة وهي الطبيعة الأولى والطبيعة الثانية: باردة رطبة، وهي الماء، والطبيعة الثالثة: الهواء، وهو حار رطب، والطبيعة الرابعة: وهي باردة يابسة؛فاثنتان منها تذهبان الصًعَدَاء: وهما: النار، والهواء، واثنتان ترسخان سُفْلا، وهما: الأرض، والماء والعالم أربعة أجزاء؛ فالمشرق الربع الأول، وجميع ما فيه حار رطب مثل الهواء والدم، وهذا الربع ريحه الجنوب، وله من الساعات الأولى والثانية والثالثة، وله من قوى البدن قوة الطبيعة الهاضمة، ومن المذاقات إلى حلاوة، وله من الكواكب: القمر، والزهرة، وله من البروج: الحمل، والثور، والجوزاء. وللحكماء في هذا خطب طويل في وصف هذه الأرباع منها جُمَل فيما مضى وما يأتي. والمغرب: وهو الربع الثاني، وجميع ما فيه بارد رطب مثل الماء والبلغم، والشتاء، ورياحه: الدَّبُورُ، وله من الساعات العاشرة والحادية عشرة و الثانية عشرة، وله من المذاقات: المالح، وما شابه ذلك، وله من القوى: القوة الدافعة، وله من الكواكب: المشتري، وعُطَارد، ومن البروج: الجدي، والدلو، والحوت. والجزء الثالث: التيمن، وجميع ما فيه حار يابس مثل المَرّة الصفراء.وريحه، الضبا، وله من الساعات الرابعة والخامسة والسادسة من النهار. وله من قوى البدن القوة النفسانية والحيوانية، وله من المذاقات: المرارة، وله من الكواكب: المريخ، والشمس، ومن البروج: السرطان، والسنبلة، والميزان، والجزء الرابع هو الجنوبي، وجميع ما فيه بارد يابس، مثل الأرض والمرة السوداء، والخريف وريحه الشمال وله من الساعات: السابعة والثامنة والتاسعة، وله من قوى البدن القوة الماسكة، ومن الطعوم والمذاقات: العَفْصُ، وله من الكواكب: زُحَل، وله من البروج: الميزان، والعقرب، والقوس، والأرض بعد ما وصفناه تتهايأ في الهيئة وتختلف في التأثير على مقادير. الخطوط، فإذا بعد الخط كان التأثير بخلاف ما هو إذا قرب؛لموجبات متنافية متغايرة، وأفضل المواضع من المسكون ما تطرح الشمس ضوء شعاعها إليه، وإلى الإِقليم الرابع ينتهي عند هذه الطائفة شعاعها في صفوة وارتفاع كحره؛لأن شعاع للشمس يهبط متساوياً إلى هذا الموضع وهو العراق.

علة عدم سكنى بعض الأرض

قال المسعودي: والمواضع التي لا تسكن عند هذه الطائفة عدمت السكنى لعلتين: إحداهما إفراط الحر وإحراق الشمس وكثرة تواتر شعاعها على تلك الأرضين حتى قد جعلتها كِلْسِية وأغاضت مياهها لكثرة التنشيف، والعلة الأخرى بُعْدُ الشمس عن الإقليم، وارتفاعها عن حوزته، فاكتنف تلك الأرضين البرد، واستولى عليها القر والجمَدُ، فزاد إفراط البرد في الجو حتى أزال حسن الاعتدال ورفع فضيلة النشف، فلم تلبث الحرارة في الأجسامٍ، ولم تظهر الرطوبة في إنماء الحيوان هنالك،فصارت تلك البلد قاعا صفصفا من الحيوان والنبات، وهذه البلدان التي تراها مفرطة الحرارة والبرودة هي تناسب ما ذكرنا من هذه الديار البلاقع. ولهذه الطائفة كلام كثير في فناء العالم ونقصه وعَوده جديداً، وذكروا أن السلطان في هذا الوقت السنبلة وهو سبعة آلاف سنة، وذلك عمر هذا العالم البشري، وقد ساعَدَ السنبلة المشتري في التدبير، وأن نهاية العالم. في كثرة قطع الكوكب المدبر المسافة التامة بالقوى، فإذا استكمل قَطْع المسافة التي ذكروها في الفلك فهنالك يقع النفاد ويكون الدًّثُور بالعالم، والكواكب إذا كملت ما لها من كَرِّ ودوْر عاد التدبير إلى الأول منها، وعادت أشخاص كل عالم وصوره مع اجتماع المواد التي كانت له في حال حركة تأثير الكوكب الذي كان التدبير إليه وهكذا عند هؤلاء يجري شأن العالم سرمداً.

مدة سلطان الكوكب

وزعموا أن سلطان الْحَمل اثنا عشر ألف سنة وسلطان الثور إحدى عشرة ألف سنة، وسلطان الجوزاء عشرة آلاف سنة، وسلطان السرطان تسعة آلاف سنة، وسلطان الأسد ثمانية آلاف سنة، وسلطان السنبلة سبعة آلاف سنة، وسلطان الميزان ستة آلاف سنة وسلطان العقرب خمسة آلاف سنة وسلطان القوس أربعة آلاف سنة وسلطان الجدي ثلاثة لأف سنة، وسلطان الدلو ألفا سنة وسلطان الحوت ألف سنة، فجميع ذلك ثمانية وسبعون ألف سنة وعند ذلك هو انقضاء العالم ونقض ما فيه ورجوعه إلى كونه.

وتكلم هؤلاء في الجن الذين كانوا في الأرض قبل خلق اللّه آدم واستخلافه في الأرض، وأن المتولي لهم كوكب من الكواكب النارية.

وتكلم كلا الفريقين في أوج الشمس عند انفصالها إلى البروج الجنوبية وما يحدث في العالم في كون الشمال جنوباً والجنوب شمالاً، وتحول العامر غامراً والغامر عامراً، على حسب ما ذكرنا في كتابنا المترجم بكتاب الزلف. 

أجناس الأجسام

وقد ذهب غير هؤلاء ممن تقدم من الأوائل إلى أن التي وجد بها سائر الموجودات كالأول والثواني والثوالث على قدر مراتبها في العقل النفس والصورة والهيولى، وأنها المبادئ على حسب ما رتبناه وقدمناه في كتاب الزلف فما عدا ما وصفنا فهي الأجسام، وأناسها ستة: الجسم السماوي والجسم الأرضي والحيوان الناطق، والحيوان غير الناطق، والنبات، والأجسام الحجرية وهي المعدنية، والأستقصات الأربعة وهي النار والهوا والماء والأرض.

وتكلم هؤلاء فيما يخص كل واحد مما ذكرنا مما لا يحتمله كتابنا هذا؛ إذا كان فيه خروج عن الغرض الميَمّم فيه، وقد أتينا على بسط ذلك في كتاب الرؤوس السبعة، في باب السياسة المدنية، وعدد أجزائها وعللها الطبيعية وهل ملك تلك المدينة جزء من أجزائها أو من غيرها؟ وإليه نهاية أجزائها على حسب ما ذكره فرفوريوس في كتابه في وصف منازعة أفلاطون وأرسطاطاليس في ذلك.

فأما علة كون الشتاء بأرض الهند في الحالة التي يكون الصيف بها عندنا، و، لحالة التي يكون فيها عندنا الشتاء يكون الصيف عندهم فقد ذكرنا علة ذلك ووجه البرهان عليه، وأن ذلك للشمس في قربها وبعدها، وكذلك علة تكون السودان في بعض البقاع من الأرض دون بعض وتفلفل شعورهم، وغير ذلك من مشهور أوصافهم، وعلة تكوُّن البيضان في بعض البقاع دون بعض وتفطر ألوان الصقالبة وشقرتهم وصُهًوبة شعورهم، وما لحق الترك من استرخاء مفاصلهم وتعوج أسواقهم ولين عظ أمه م حتى إن أحدهم ليرمى بالنشاب من خلف كرمْيِه من قدّام فيصير وجهه قفاه وقفاه وجهه،ومطاوعة فقارات الظهور لهم على ذلك، وكون الحمرة في وجوههم عند تكامل الحرارة في الوجه على الأغلب من كونها وارتفاعها؛ لغلبة البرد على مصداق ما ذكرنا فيما سلف من كتبنا في هذه المعاني المقم ذكرها. ولم نتعرض لذكر ما لم يصح عندنا في العالم وجوده حساً ولا خبراً قاطعاً للعذر ولا دافعأ للرَّيْبِ ومزيلا للشك كأخبار العامة في كون النسناس، وأن وجوههم على نصف وجوه الناس، وأنهم ذوو أنياب، وقولهم في عنقاء مغرب. وقد زعم كثير من الناس أن الحيوان الناطق ثلاثة أجناس: ناس، ونسناس، ونسانس وهذا محال من القول؛ لأن النسناس إنما وقع هذا الاسم على السفلة من الناس والرُّذَال وقد قال الحسن: ذهب الناس وبقي النسناس، وقال الشاعر:

ذهب الناس فاستقلوا، وصرنا

 

خلفاً في أراذل النسـنـاس

أراد به ما وصفنا: أي ذهب الناس وبقي مَنْ لا خير فيه.

الجن وأنواعها

وقد ذهب كثير من الناس إلى أن الجن نوعان: أعلاهم وأشدهم الجن، وأخفضهم وأضعفهم الحن، وأنشد الراجز:

مختلف نَجْرُهُمُ جِن وحِنّ

وهذا التفصيل بين الجنسين من الجن لم يرد به خبر، ولا صح به أثر، وإنما ذلك من توهم الأعراب على حسب ما بيناه آنفاً.

النسناس

وقد غلب على كثير من العوام الأخبار عن معرفة النسناس وصحة وجوده في العالم كالأخبار عن وجوده في الصين وغيرها من الممالك النائية والأمصار القاصية فبعضهم يخبر عن وجودهم في المشرق، وبعضهم في المغرب، فأهل المشرق يذكرون كونها بالمغرب، وأهل المغرب يذكرون أنها بالمشرق، وكذلك كل صقع من البلاد يُشير سكانه إلى أن النسناس فيما بعد عنهم من البلاد ونأى من الديار.

وقد رووا في ذلك خبرأ مخرجه من طريق الآحاد أن ذلك في بلاد حضرموت من أرض الشِّحْر، وهو ما ذكره عبد الله بن سعيد بن كثير بن عفير المصري، عن أبيه عن يعقوب بن الحارث بن نجيم، عن شبيب بن شيبة بن الحارث التميمي، قال: قدمت الشحْر فنزلت على رأسها، فتذاكرنا النسناس، فقال: صيدوا لنا منها، فلما أن رجعت إليه مع بعض أعوانه المَهْرِبين إذ أنا بنسناس منها، فقال لي النسناس: أنا بالله وبك، فقلت لهم: خلوه، فخلوه، فلما حضر الغداء قال: هل اصطدتم منها شيئأ؟ قالوا: نعم؛ولكن خلاّ ضيفك، قال: استعموا فأنا خارجون في قَنَصِه، فلما خرجنا إلى ذلك في الشَحَر خرج منها واحد يدمو وله وجه كوجه الإنسان وشَعَرات في ذقنه، ومثل الثدي في صدره، ومثل رجلي الإنسان رجلاه، وقد ألظ به كلبان، وهو يقول:

الويل لي مما بـه دهـانـى

 

دهري من الهموم والأحزان

قفا قليلا أيها الـكـلْـبَـانِ

 

واستمعا قولي وصدَقـانـي

إنكما حين تـحـاربـانـي

 

ألفيتماني حضرا عِنـانـي

لولا سُبَاتي ما ملكتـمـانـي

 

حتى تموتا أو تفارقـانـي

لست بخَـوّار ولا جـبـان

 

ولابنكس رَعش الجـنـان

لكن قضاء الملك الرحمـن

 

يُذِل ذا القوة والسـلـطـان

قال: فالتقيا به فأخذاه، ويزعمون أنهم ذبحوا منها نسناساً، فقال قائل منها: سبحان الله، ما أشد حمرة دمه! فذبحوه أيضاً، فقال نسناس آخر من شجرة: كان يأكل السماق، قال: فقالوا نسناس آخر خذوه، فأخذوه وذبحوه، فقالوا: لو سكت هذا لم يعلم بمكانه، فقال نسناس من شجرة أخرى: أنا صمت قالوا: نسناس، خذوه فأخذوه فذبحوه فقال نسناس من شجرة أخرى: يا لسان احْفَظْ رأسك، فقالوا: نسناس خذوه، فأخذوه، وزعم من روى هذا الخبر أن المهرة تصطادها في بلادها وتأكلها.

قال المسعودي: ووجدت أهل الشّحر من بلاد حضرموت وساحلها- وهي الأحساء مدينة على الشاطئ من أرض الأحقاف، وهي أرض الرمل وغيرها مما اتصل بهذه الديار من أرض اليمن وغيرها من عمان وأرض المَهْرَة- يستطرفون أخبار النسناس إذا ما حدقوها، ويتعجبون من وصفه، ويتوهمون أنه ببعض بقاع الأرض مما قد نأى عنهم وبعد، كسماع غيرهم من أهل البلاد بذلك عنهم، وهذا يمل على عدم كَوْنه في العالم، وإنما ذلك من هَوَس العامة واختلاطها، كما وقع لهم في خبر عنقاء مُغرِب وهذا يمل على عدم كونه في العالم ورووا فيه حديثاً عَزَوْه إلى ابن عباس، ونحن لم نحِلْ وجود النسناس والعنقاء وغير ذلك مما اتصل به بهذا النوع من الحيوان الغريب النادر في العالم من طريق العقل. فإن ذلك غير ممتنع في القدرة، ولكن أحَلْنَا ذلك لأن الخبر القاطع للعذر لم يرد بصحة وجود ذلك في العالم، وهذا باب داخل في حيز الممكن الجائز خارج عن باب الممتنع والواجب، ويحتمل هذه الأنواع من الحيوان الناعر ذكرها كالنسناس والعنقاء والعَرَابد وما اتصل بهذا المعنى أن تكون أٍ أنواعا من الحيوان أخرجتها الطبيعة من القوة إلى الفعلِ ولم تحكمه ولم يتأتّ فيه الضُنع كتأتيه في غيره من الحيوان، فبقي شاذاَ فريدأ متوحشا ناعراً في العالم طالباً للبقاع النائية من البرمباينَاَ لسائر أنواع الحيوان من الناطقين وغيرهم؛ للضدية التي فيه لغيره مما قد أحكمته الطبيعة، وعدم المشاكلة والمناسبة التي بينه وبين غيره من أجناس الحيوان وأنواعه، على حسب ما قدمنا في باب الغيلان فيما سلف من هذا الكتاب، وفي الإكثار مهن هذا خروج عن الغرض الذي إليه قصدنا في هذا الكتاب. وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب من الأخبار عمن زعم أن المتوكل أمر حُنَيْنِ بن إسحاق- أو غيره من أهل عصره ممن عني بهذا الشأن من الحكماء- أن يتأتى له ويحتال في حمل النسناس والْعَرْبَد من أرض اليمامة، وأن حُنَيْناً حمل له شيئاً من ذلك، وقد أتينا على شرح هذا الخبر فيمن أرسل إلى اليم أمه في حمل العربد وإلى بلاد الشِّحر في حمل النسناس في كتابنا أخبار الزمان واللّه تعالى أعلم بصحة هذا الخبر، وليس لنا في ذلك إلا النقل، وأن نعزوهْ إلى راوية، وهو المقلَد بعلم ذلك فيما حكاه ورواه؛فننظمه على حسب ما يتأتى لنا نظمه في الموضع المستحق له، والله ولي التوفيق برحمته.

وأما ما ذكروه عن ابن عباس فهو خبر يتصل بخبر خالد بن سنان العبسي، وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب خبر خالد بن سنان العبسي، وأنه ذكر أنه كان في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وذكرنا خبره مع النار وإطفائه لها.

العنقاء

فلنذكر الآن خبر العنقاء على حسب ما رووه، فلا بد من إعادة خبر خالد لذكرنا العنقاء واتصال الخبرين، ومخرج هذه الأخبار كلها عن ابن عفير.

حدث الحسن بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عبد اللّه المروزي قال: حدثنا أسد بن سعد بن كثير بن عفير، عن أبيه عن جدة كثير، عن جد أبيه عفير عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اللّه خلق طائراً في الزمان الأول من أحسن الطير، وجعل فيه من كل حسْن قسطاً، وخلق وجهه على مثال وجوه الناس، وكان في أجنحته كل لون حُسَنٍ من الريش، وخلق له أربعة أجنحة من كل جانب منه، وخلق له يدين فيهما مخالب، وله منقار على صفة منقار العُقَاب غليظ الأصل، وجعل له أنثى على مثاله، وسماها بالعنقاء، وأوحىِ الله تعالى إلى موسى بن عمران: إني خلقت طائراً عجيباً خلقته ذكراَ وأنثى، وجعلت رزقه في وحش بيت المقدس، وآنستك بهما؛ليكونا مما فضلت به بني إسرائيل، فلم يزالا يتناسلان حتى كثر نسلهما، وأدخل الله موسى وبني إسرائيل في التيه فمكثوا فيه أربعين سنة حتى مات موسى وهرون في التيه وجميع من كان مع موسى من بني إسرائيل، وكانوا ستمائة ألف، وَخَلَفَهم نسلُهم في التيه، ثم أخرجهم الله تعالى من التيه مع يوشع بن نون تلميذ موسى ووصيه، فانتقل ذلك الطائر فوقع بنجد والحجاز في بلاد قيس عَيْلاَن، ولم يزل هنالك يأكل من الوحوش ويأكل الصبيان وغير ذلك من البهائم إلى أن ظهر نبي من بني عبس بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم يقال له خالد بن سنان، فشكا إليه الناس ما كانت العنقاء تفعل بالصبيان، فدعا الله عليها أن يقطع نسلها فقطع الله نسلها فبقيت صورتها تحكي في البُسُطِ وغير ذلك.

وقد ذهب جماعة من ذوي الروايات إلى أن قول الناس في أمثالهم عنقاء مُغْرب إنما هو للأمر العجيب النادر وقوعه، وقولهم جاء فلان بعنقاء مُغْرِب يريدون أنه جاء بأمر عجيب، قال شاعرهم:

وَصًبّحَهم بالجيش عنقاء مُغْرِب

وَالْعَنَق: السرعة

خالد بن سنان العبسي

قال ابن عباس من: وكان خالد بن سنان نبي بني عبس بَشَّر برسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فلما حضرته الوفاة قال لقومه: إذا أنا مت فادفنوني في حِقْفِ من هذه الأحقاف، وهي تلول عظام من الرمل، واحرسوا قبري أياماً، فإذا رأيتم حماراً أشهب أبتر يدور حول الحِقْف الذي فيه قبري أياماً فاجتمعوا ثم انبشوا قبري وأخرجوني إلى شفير القبر، وأحضروا لي كاتبَاَ ومعه ما يكتب فيه حتى أملي عليكم ما يكون وما يحدث إلى يوم القيامة، وقال: فَرَصدوا قبره بعد وفاته ثلاثاً ثم ثلاثأ ثم ثلأثاً، فإذا الحمار يرعى حول الحقف قريباً من قبره واجتمعوا عليه لينبشوا كما أمرهم، فحضر ولده وشهروا سيبرفهم، وقالوا: والله لا تركنا أحداً ينبشه، أتريدون أن نُعَير بذلك غداً وتقول لنا العرب: هؤلاء ولد المنبوش؛ فانصرفوا عنه وتركوه، قال ابن عباس: ووردت ابنة له عجوز قد عمرت على النبي صلى الله عليه وسلم، فتلقاها خيرو أكرمها وأسلمت، وقال لها: مرحباً بابنة نبي ضيعه أهله قال شاعر بني عبس:

بني خالد لوأنكـم إذ حـضـرتُـمُ

 

نبشتم عن الميت المغيَّبِ في القبر

لأبقى عليكم آلَ عـبـسٍ ذخـيرة

 

من العلم لا تبلى على سالف الدهر

وقد رويَتْ عن ابن عفير أخبار كثيرة في هذا المعنى وأشباهه من فنون الأخبار من أخبار بني إسرائيل وغيرها.

خلق الخيل

منها خبر خلق الخيل، وهو ما حدث به الحسن بن إبراهيم الشعبي القاضي، قال: حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه المروزي قال: حدثنا أبو الحارث أسد بن سعيد بن كثير بن عفير، عن أبيه، عن جده كثير، عن جد أبيه عفير قال: قال عكرمة: أخبرني مولاي ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لما أراد أن يخلق الخيل أوحى إلى الريح الجنوبي: إني خالق منك خلقاً فاجتمعي فاجتمعت، فأمر جبريل فأخذ منها قبضة ثم قال الله: هذه قبضتي، قال: ثم خلق الله منها فرساً كُمَيْتَاَ، ثم قال الله: خلقتك فرساً، وجعلتك عربياً، وفضلتك على سائر ما خلقته من البهائم بسعة الرزق، والغنائم تقاد على ظهرك، والخير معقود بناصيتك، ثم أرسله، فصَهَلَ، فقال الله: باركت فيك، بصهيلك أرعب المشركين، وأملأ مسامعهم، وأزلزل أقد أمه م، ثم وسَمه بغرة وتحجيل، فلما خلق اللّه آدم قال: يا أدم، أخبرني أي الدابتين أحب إليك الفرس أو البراق؟ قال: وصورة البراق على صورة البغل، لا ذكر ولا أنثى، فقال آدم: يا رب، اخترتُ أحسنهما وجهاً، فاختار الفرس، فقال الله: يا آدم اخترت عزك وعز ولدك باقياً ما بقوا وخلدوا" قال ابن عباس: فذلك الوَسْمُ فيه وفي ولده إلى يوم القيامة، يعني الغرة والتحجيل.

قال المسعودي رحمه الله: وقد ذكر عيسى بن لهيعة المصري في كتابه المترجم بكتاب الحلائب والجلائب وذكره لكل حَلْبة أجريت فيها الخيل في الجاهلية والإِسلام: أن سليمان بن داود زَؤَدَ أناسا من الأزد فرساً يصيدون عليه، فسمي زاد الراكب، وكذلك ذكر ابن عريد في كتاب الخيل وغيره.

وللناس في الخيل أخبار عظيمة كثيرة قد أتينا على ذكرها في السالف من كتبنا.

ولولا أن المصنف حاطبُ ليلٍ لذكره في تصنيفه من كل نوع لما ذكرنا هذه الأخبار؛ إذ الناس من أهل العلم والدراية في قبول الأخبار على وجوه.

الكلام على الأخبار

وقد ذهبت طائفة إلى أن الأخبار التي تقطع العذر وتوجب العلم والعمل هي أخبار الاستفاضة: ما رواه الكافة عن الكافة، وأن ما عدا ذلك فغير واجب قبوله.

وذهب الجمهور من فقهاء الأمصار إلى قبول خبر الاستفاضة، وهو خبر التواتر، وأنه يوجبْ العلم والعمل، وأوجبوا العمل بخبر الواحد، وزعموا أنه موجب للعمل دون العلم بأوصاف ذكروها.

ومن الناس من ذهب إلى غير هذه الوجوه في قبول الأخبار من الضرورية وغيرها.

وما ذكرناه من حديث النسناس والعنقاء وخلق الخيل فغير داخل في أخبار التواتر الموجبة للعمل واللاحقة بما أوجب العمل دون العلم، ولا بالأخبار المضطرة لسامعها إلى قبولها عند ورودها واعتقاد صحتها عن مُخْبِرها، وهذا النوع من الأخبار قد قدمنا أنها في حَيِّز الجائز الممكن الذي ليس بواجب ولا ممتنع، وهي لاحقة بالإِسرائيليات من الأخبار والأخبار عن عجائب البحار. ولولا ما قدمنا آنفاً من اشتراطنا على أنفسنا الاختصار والإيجاز لذكرنا ما اتصل بهذا المعنى من الأخبار مما رواه أصحاب الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم حملة السنن ونقلة الآثار، مما لا يتناكرونه، ويعرفونه ولا يدفعونه.

أمثلة من الأخبار

مثل حديث القرد الذي كان في السفينة في عهد بني إسرائيل مع رجل كان يبيع الخمر لأهل السفينة ويَشُوبُ الخمر بالماء، وأنه جمع من ذلك دراهم كثيرة، وأن القرد قبض على الكيس الذي كانت فيه الدراهم وصعد على الدقل، وهو صارى المركب ويُدْعَى بالعراق الدقل، فحل الكيس ولم يزل يرمي درهماً إلى الماء ودرهماً إلى السفينة، حتى قسم ذلك نصفين. ومثل ما روي الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قد رواه عن فاطمة بنت قيس عدة من الصحابة، وهو خبر تميم الداريّ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عنه أنه أخبره أنه ركب البحر في جماعة من بني عمه في سفينة، فأضلَّ بهم البحر وألقاهم إلى جزيرة فخرجوا من السفينة إلى الجزيرة فنظروا إلى دابة عظيمة قد نشرت شعرها، فقالوا لها: أيتها الدابة، ما أنت؛ فقالت: أنا الْجسَّاسة التي أخرج آخر الزمان، وذكروا عنها كلاماً غير هذا، وأنها قالت: عليكم بصاحب القصر، فنظروا فإذا هم بقصر من حاله ووصفه كذا، وإذا هم برجل بالحديد والقيود مُسَلْسل إلى عمود من حديد وصفة وجهه كذا، وأنه خاطبهم وساءلهم، وأنه الدجال، وأنه أخبرهم بجمل من الملاحم، وأنه لا يدخل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما ذكر في هذا الحديث وغيره مما ورد من الأخبار في معناه، وهذا باب كبير يتسع وصفه ويعظم شرحه.

عود إلى ذكر أرباع العالم والطبائع

ثم رجع بنا القول إلى ما كنا فيه آنفا من ذكر أرباع العالم والطابع،وما اتصل بهذا المعنى، وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب جوامع من الكلام في الطبائع وغيرها مما ينبه على عظم هذا الباب ومبسوطه؛وقد زعم جماعة ممن تقدم وتأخر من الأطباء ومصنفي الكتب في الطبيعيات وغيرها أن للطعام ثلاثة انهضامات: أما الأول فهي المعدة فإن المعدة تهضم الطعام فتأخذ قوته فيصير مثل ماء الكشك، ثم تدفعه إلى الكبد ثم يدفعه الكبد في العروق إلى جميع الجسد كاندفاع الماء من النهر إلى السواقي والمشارب، فتهضمه أعضاء الجسد التالية، فتصيره إلى شبهها اللحم لحماً والشحم شحماً، وكذلك العروق والعصب وما سوى ذلك وأن إقتارها إذا استوت استوت أقدار القوى وإذا استوت القوى استوى الجسد واعتدل ويصح بإذن اللهّ تعالى.

فصول السنة وأثر كل منها

وأن الزمان أربعة فصول: الصيف، والخريف، والشتاء والربيع فالصيف يقوي المرة الصفراء ويكثر اهتياجها، والخريف يقوي السوداء والشتاء يقوي البلغم، والربيع يقوي الدم.

ثم ينقسم عمر الإِنسان أربعة أقسام: الصبا وفيه يقوى الدم والشباب وفيه تقوى المرة الصفراء، والكهولة وفيها تقوى السوداء والشيخوخة وفيها يقوى البلغم.

وأن البلدان أيضاً تنقسم على أربعة أقسام: المشرق وطبيعته الحرار والرطوبة، وفيه يقوى الدم، والجنوب وطبيعته البرودة واليبس، وفيه تقو؛ المرة السوداء، والغرب وطبيعته البرودة والرطوبة وفيه يقوى البلغم والتيمن وطبيعته الحرارة واليبس، وفيه تقوى المرة الصفراء، وأن بنية الأصول من الجسد ربما كانت مستوية معتدلة الأخلاط، وربما كان أغلب الأخلاط أغلب في البنية فتظهر قوته بأعل أمه حتى يكون مقوياً لذلك الخلط إذا هاج.

وقد قال أبقراط: ينبغي أن يكون كل شيء في هذا العالم مقدر أعلى سبعة أجزاء، فالنجوم سبعة، والأقاليم سبعة والأيام سبعة وأسنان الناس سبعة: أولها طفل، ثم صبي إلى أربع عشرة سنة، ثم غلام إلى أحد وعشرين سنة، ثم شاب ما دام يشب ويقبل الزيادة إلى خمس وثلاثين سنة، ثم كهل إلى الأربعين، ثم شيخ إلى سبع واربعين سنة، ثم هرم إلى آخر العمر.

الهواء وأثره في الإِنسان والحيوان

وجميع تغير أحوال الحيوان من الناطقين وغيرهم فمن الهواء يكون ذلك.

وقد قال الحكيم أبقراط: إن تغير حالات الهواء هو الذي يغير حالات الناس: مرة إلى الغضب، ومرة إلى السكون، وإلى الهم والسرور وغير ذلك، وإذا استوت حالات الهواء استوت حالات الناس وأخلاقهم.

وقال: إن قوى النفس تابعة لمزاجات الأبدان، ومزاجات الأبدان تابعة لتصرف الهواء: إذا برد مرة وسخن أخرى خرج الزرع نضيجاً ومرة غير نضيج، ومرة قليلا ومرة كثيراً، ومرة حاراً ومرة بارداً، فتتغير لذلك صورهم ومزاجاتهم، وإذا اعتدل الهواء واستوى خرج معتدلا، فاعتدل بذلك الصور والمزاجات.

الاستدلال بالأقاليم على تأثير الهواء

فأما علة تشابه صور الترك فإنه لما استوى هواء بلدانهم في البرد استوت صورهم وتشابهت، وكذلك أهل مصر لما استوت أهواؤهم تشابهت صورهم، ولما كان الغالب على هواء الترك البرد وعجزت الحرارة عن تنشيف رطوبات أبدانهم كثرت شحومهم، ولانت أبدانهم، وتشبهوا بالنساء في كثير من أخلاقهم، فضعفت شهوة الجماع فيهم، وقلَّ ولدهم؛لبرد مزاجهم، وللرطوبة الغالبة عليهم، وقد يكون ضعف الشهوة أيضاً لكثرة ركوب الخيل، وكذلك نساؤهم: لما سمنت أبدانهن ورطبت ضعفت أرح أمه ن عن جذب الزرع إليها.

وأما ألوانهم فللبرد كما ذكرنا؛لأن البياض إذا ألحت عليه البرودة صار إلى الحمرة، وبيان ذلك أن أطراف الأصابع والشفة والأنف إذا أصابها برد شديد احمرَّتْ.

وذكر الحكيم أبمراط أن في بعض البلدان من الجنوب بلدة كثيرة الأمطار كثيرة النبات والعُشْبِ، وأن أشجارها ذاهبة في الهواء، ومياهها عذبة ودوابها عظيمة، وهي مخصبة؛لأن تلك البلاد لم يلحقها حر الشمس، ولم يلحقها يبس البرد، فأجسام أهلها عظيمة، وصوره جميلة، وأخلاقهم كريمة؛فهم- في صورهم وقاماتهم واعتدال طبائعهم يشبهون باعتدال زمان الربيع، غير أنهم أصحاب دَعَة لا يحتملون الشدائد والكد.

وقال أبقراط في معنى ما وصفنا وما إليه قصدنا، من بيان الأهوية وتأثيرها في الحيوان والنبات: إن الروح المطبوعة فيها هي التي تجذب الهواء إلينا، وإن الرياح تقلب الحيوان من حال إلى حال، وتصرفه من- إلى برد، ومن يبس إلى رطوبة، ومن سرور إلى حزن، وكما تغير ما في البيوت من بزر أو عسل أو فضة أو شراب أو سمن فتسخنها مرة وتبرده أخرى وترطبها مرة وتيبسها أخرى، وعلة ذلك أن الشمس والكواكب تغير الهواء بحركاتها، وإذا تغير الهواء تغير بتغيره كل شيء، فمن تقدم وعرف أحوال الأزمنة وتغيرها والدلائل التي فيها عرف السبب الأعظم من أسباب العلم وتقدم في حفظ صحة الأبدان.

أثر الجنوب

وقال أيضاً: إن الجنوب إذا هبت أذابت الهواء وبردته، وسخنت البحار والأنهار، وكل شيء فيه رطوبة، وتغير لون كل شئ وحالاته، وهى ترخي الأبدان والعصب، وتورث الكسل، وتحدث ثقلا في السماع وغشاوة في البصر؛لأنها تحلل المرة، وتنزل الرطوبة إلى أصل العصب الذي يكون فيه الحس.

أثر الشمال

وأما الشمال فإنها تصلب الأبدان، وتصح الأدمغة، وتَحسن اللون، وتصفي الحواس، وتقوي الشهوة والحركة، غير أنها تحرك السُّعَال ووجع الصدر.

وقد زعم بعض من تأخر في الإسلام من الحكماء أن الجنوب إذا هَبَّ بأرض العراق تغير الورد، وتناثر الورق وتشقق القنبيط وسخن الماء، واسترخت الأبدان، وتكدر الهواء، قال: وذلك شبه ما قال أبقراط ا: إن الصيف أوْبَأ من الشتاء،لأنه يسخن الأبدان فيرخيها ويضعف قواها، وإن أهل العراق يكون الرجل منهم نائماً في فراشه فيحسُّ بهبوبها، وإنه إذا هبت الشمال بَرَدَ الخاتم في إصبعه واتسع لانضمام البدن بها، وإذا هبت الجنوب سخن الخاتم وضاق، واسترخى البدن، وحدث فيه الكسل، وهذا يجده سائر مَنْ بالعراق ممن له حسن، إذا صرف همته إلى تأمل ذلك، وكذلك يجده من تأمل ما وصفناه في سائر الأمصار في بقاع الأرض والبلدان، وإن كان ذلك بالعراق أظهر لعموم الاعتدال.

الرياح الأربعة

ثم قال الحكيم أبقراط في معنى ما ذكرناه: إن الرياح العامة أربعة: إحداها تهب من جهة المشرق، وهي الْقَبُول، والثانية تهب من المغرب، وهي الدَّبُور، والثالثة من التيمن، وهي الجنوب، والرابعة من التيسر، وهي الشمال.

فأما الريح التي تهب في بلد دون بلد فإنها تسمى الريح البلدية.

قال المسعودي: وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب جوامع من الأخبار عن الأرض والبحر، وكثير من الممالك والبلدان، وذكرنا في هذآ الباب جوامع من الأخبار عن الطبائع والأهوية والبلدان وأرباع الأرض من العامر والغامر، وغير ذلك مما تقدم ذكره وانتظم تصنيفه واتَسَقَ بحمد الله إيراده؛ فرأينا أن نختم هذا الباب بجوامع من مساحات الممالك، وما بينها من البعد والقرب، على حسب ما حكاه الفزاري صاحب كتاب الزيج والقصيدة في هيئة النجوم والفلك:

مساحات الممالك وما بينها من المسافة

زعم الفزاري أن عمل أمير المؤمنين من فَرْغَانة وأقصى خراسان إلى طَجة بالمغرب ثلاثة آلاف وسبعمائة فرسخ، والعرض من باب الأبواب إلى جدة ستمائة فرسخ، ومن الباب إلى بغداد ثلثمائة فرسخ، ومن مكة إلى جدة اثنان وثلاثون ميلاَ.

عمل الصين من المشرق أحد وثلاثون ألف فرسخ في أحد عشر ألف فرسخ.

عمل الهند في المشرق أحد عشر ألف فرسخ في سبعة آلاف فرسخ.

عمل التبت خمسمائة فرسخ في مائتين وثلاثين فرسخاً.

عمل كابلشاه أربعمائة فرسخ في ستين فرسخاً.

عمل التغزغز بالترك ألف فرسخ في خمسمائة فرسخ.

عمل الترك لخاقان سبعمائة فرسخ في خمسمائة فرسخ.

عمل الخزر واللان سبعمائة فرسخ في خمسمائة فرسخ.

عمل برجان ألف وخمسمائة فرسخ في ثلثمائة فرسخ.

عمل الصقالبة ثلاثة آلاف وخمسمائة فرسخ في أربعمائة فرسخ وعشرين فرسخاً.

عمل الروم بقسطنطينية خمسة آلاف فرسخ في أربعمائة وعشرين فرسخاً.

عمل رومية الروم ثلاثة آلاف فرسخ في سبعمائة فرسخ.

عمل الأندلس لعبد الرحمن بن معاوية ثلثمائة فرسخ في ثمانين فرسخاً.

عمل إعريس الفاطمي ألف ومائتا فرسخ في مائة وعشرين فرسخاً.

ٍعمل ساحل سجلماسة لبني المنتصر أربعمائة فرسخ في ثمانين فرسخا.

عمل أنبيه ألفان وخمسمائة فرسخ في ستمائة فرسخ.

عمل غانة بلاد الذهب ألف فرسخ في ثمانين فرسخاً.

عمل ورام مائتا فرسخ في ثمانين فرسخاً.

عمل نخلة مائة فرسخ وعشرون فرسخاً في ستين فرسخاً.

عمل واح ستون فرسخاً في أربعين فرسخاً.

عمل البحة مائتا فرسخ في ثمانين فرسخاً.

عمل النجاشي ألف وخمسمائة فرسخ في أربعمائة فرسخ.

عمل الزنج بالمشرق سبعة آلاف وستمائة فرسخ في خمسمائة فرسخ.

عمل أسطولا لأحمد بن المنتصر أربعمائة فرسخ في مائتين وخمسين فرسخاً.

فذلك الطول اثنان وسبعون ألفَاَ وأربعمائة وثمانون فرسخاً، والعرض خمسة وعشرون ألفاً ومائتان وخمسون فرسخَاَ.

أصول الطب

وأما الكلام في وصف أصول الطب، وهل ذلك مأخوذ من طريق الرياضة والقياس أم من غيره، ووصف تنازع الناس في ذلك؛فلم نتعرض لإيراده في هذا الباب، وإن كان متعلقاً ومتصلاً بالكلام في الطبائع وجمل المعاني المذكورة في هذا ا لباب؛لأنا قد أوردناه فيما يرد من هذا الكتاب في أخبار الواثق على إيضاح جرى بحضرته، وقد حضر مجلسه حنين بن إسحاق وابن ماسوية ويختيشوع وميخائيل وغيرهم من الفلاسفة والمتطببين، فأغنى ذلك عن إيراده في هذا الباب، ولولا أن الكتاب يَرِدُ على أغراض مختلفة من الناس لما هُمْ عليه من اختلاف الطبائع والتباين في المراد لما ذكرنا بعض ما نورد فيه من أنواع العلوم وفنون الأخبار، وقد يلحق الإِنسان الملل لقراءته ما لا تهوى نفسه فينتقل منه إلى غيره، فجمعنا فيه من سائر ما يحتاج الناس من ذوي المعرفة إلى علمه، ولما تغلغل بنا الكلام في نظمه وتشعبه واتصاله بغيره من المعاني مما لم يتقدم ذكره، وقد أتينا على مبسوط سائر ما ذكرناه على الاتساع والإيضاح في كتابنا أخبار الزمان وفي الكتاب الأوسط، والله تعالى أعلم.