تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار

بسم الله الرحمن الرحيم

تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار

ابتدئ بتقييدها يوم الجمعة الموفي ثلاثين لشهر شوال سنة ثمان وسبعين وخمس مئة على متن البحر بمقابلة جبل شليرعرفنا الله السلامة بمنه.

وكان انفصال أحمد بن حسان ومحمد بن جبير من غرناطة، حرسها الله للنية الحجازية المباركة، قرنها الله بالتيسير والتسهيل وتعريف الصنع الجميل، أول ساعة من يوم الخميس الثامن لشوال المذكور وبموافقة اليوم الثالث لشهر فبرير الأعجمي. وكان الاجتياز على حيان لقضاء بعض الأسباب، ثم كان الخروج منها أول ساعة من يوم الاثنين التاسع عشر لشهر شوال المذكور وبموافقة اليوم الرابع عشر لشهر فبرير المذكور أيضاً.

وكانت مرحلتنا الأولى منها حصن القبذاق ثم منه حصن قبرة ثم منه مدينة استجة ثم منها حصن أشونة ثم منه شلير ثم منه حصن أركش ثم منه قرية تعرف بقرية القشمة من قرى مدينة ابن السليم ثم منها جزيرة طريف، وذلك يوم الاثنين السادس والعشرين من الشهر المؤرخ.

فلما كان ظهر يوم الثلاثاء من اليوم الثاني، يسر الله علينا في عبور البحر قصر مصمودة تيسيراً عجيباً، والحمد لله. ونهضا منه سبتة غدوة يوم الأربعاء الثامن والعشرين منه، وألقينا بها مركبا للروم الجنويين مقلعاً الإسكندرية بحول الله، عز وجل، فسهل الله علينا في الركوب فيه.

وأقلعنا ظهر يوم الخميس التاسع والعشرين منه، وبموافقة الرابع والعشرين من فبرير المذكور، بحول الله تع وعونه، لارب غيره. وكان طريقنا في البحر محاذياً لبر الأندلس. وفار قناه يوم الخميس السادس لذي القعدة بعده عندما حاذينا دانية. وفي صبيحة يوم الجمعة السابع من الشهر المذكور آنفاً قابلنا بر جزيرة يابسة ثم يوم السبت بعده قابلنا جزيرة منورقة. ومن سبتة إليها نحو ثمانية بحارٍ، والمجرى مئة ميل.

وفارقنا برهذه الجزيرة المذكورة، وقام معنا بر جزيرة سردانية أول ليلة الثلاثاء الحادي عشر من الشهر المذكور، وهو الثامن من مارس، دفعة واحدة على نحو ميلٍ أو أقل. وبين الجزيريتين سردانية ومنورقة نحو الأربع مئة ميل،فكان قطعاً مستغرباً في السرعة.