الباب الثالث: في أخبار من قوله حجة في العلوم

في أخبار من قوله حجة في العلوم

على صحة علم النجوم فأقول أن الأخبار عن الذين قولهم حجة في العالمين، صلوات الله عليهم أجمعين في صحة علم النجوم كثيرة يعرفها من كان كثير الإطلاع على العلوم وإنما أذكر ههنا من الأحاديث مالا يضجر المطلع عليه، ويكفي المنصف في الهداية إليه..... "الحديث الأول" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم أنه لا يضر في الدين علم النجوم، روينا بإسنادنا إلى الشيخ المتفق على عدالته وفضله وأمانته محمد بن يعقوب الكليني في كتاب "الروضة" ما هذا لفظه قال عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن الحسن بن أسباط عن عبد الرحمن بن سيابة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت لك الفداء أن الناس يقولون أن النجوم لا يحل النظر فيها وهي تعجبني فإن كانت تضر بديني فلا حاجة لي بشيء يضر بديني وإن كانت لا تضر بديني فوالله إني لأشتهيها وأشتهي النظر فيها، فقل عليه السلام ليس كما يقولون لا تضر بدينك، ثم قال إنكم تنظرون في شيء منها كثيرة لا يدرك وقليلة لا ينتفع به تحسبون على طالع القمر ثم قال أتدري كم بين المشتري و الزهرة من دقيقة قلت لا والله قال أتدري كم بين الزهرة والقمر من دقيقة قلت لا والله قال أتدري كم بين الشمس و السنبلة من دقيقة قلت لا والله ما سمعته من أحد من المنجمين قط فقال أفتدري كم بين السنبلة وبين اللوح المحفوظ من دقيقة قلت لا والله وما سمعته من منجم قط، قال ما بين كل واحد منهما إلى صاحبه ستون دقيقة أو سبعون دقيقة "الشك من عبد الرحمان" ثم قال يا عبد الرحمان هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع عليه عرف القصبة التي في وسط الأجمة وعدد ما عن يمينها وعدد ما عن يسارها وعدد ما خلفها وعدد ما أمامها حتى لا تخفى عليه من قصب الأجمة واحدة أقول وقد روي هذا الحديث من أصحابنا في المصنفات والأصول والروايات جملة من الثقافات فممن رواه محمد بن أبي عبد الله في"أماليه" رأيته في نسخة تأريخها سنة تسع و ثلثمائة. ومحمد بن يحيى أخو فعلس عن حماد بن عثمان وجدته في كتاب أصل لعله كتب في مدة حياته.
"الحديث الثاني" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بصحة أهل علوم النجوم ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب تفسير الرؤيا بإسنادنا عن محمد بن غانم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام عندنا قوم يقولون النجوم أصح من الرؤيا فقال عليه السلام كان ذلك صحيحاً قبل أن ترد الشمس على يوشع بن نون وعلى أمير المؤمنين فلما رد الله تعالى الشمس عليها ضل علماء النجوم فمنهم مصيب ومنهم مخطء.


"الحديث الثالث"

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بصحة أصل علم النجوم ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب "الروضة" من كتاب الكافي عن علي بن إبراهيم عن ابن عمير عن جميل بن صالح عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن علم النجوم فقال ما يعلمها إلا أهل بيت من العرب وأهل بيت في الهند وحدثني بعض علماء المنجمين أن الذين يعلمون النجوم بالهند أولاد وصي إدريس عليه السلام وروينا هذا الحديث بإسنادنا إلى محمد بن أبي عمير من "كتاب أصله" عن أبي عبد الله عليه السلام قال ذكرت النجوم فقال يعلمها إلا أهل بيت بالهند وأهل بيت بالعرب، وأقول أن مفهوم الأخبار الواردة بأن النجوم لا يعرفها إلا أهل بيت بالهند وأهل بيت بالعرب لعله لا يعلمها على أبلغ الغايات ولا يدركها إدراكاً لا يخطئ أبداً في الإصابات أولا يعلمها بغير أستاذ و آلات إلا أهل بيت من العرب وأهل بيت من الهند، لأننا قد ذكرنا ونذكر وجود من يعلم كثيراً من أ حكام النجوم وتحصل له إصابات، وإن كثيراً من المنجمين يذكرون أنهم عرفوا علم النجوم من إدريس النبي عليه السلام و من أهل الهند الذين اقتضت الأخبار أنهم عالمون بها، ٍوعلى كل حال فإن علمهم وعلم أهل بيت من العرب بالنجوم دليل على أنه علم صحيح في نفسه جليل لاختصاصهم ومشروع لأنه من جملة فضائلهم.
"الحديث الرابع" فيما روى عمن قوله حجة في العلوم بصحة أصل علم النجوم ما رويناه بإسنادنا عن محمد بن يعقوب الكليني في كتاب"الروضة" أيضاً عن أحمد بن علي وأحمد بن محمد جميعاً عن علي بن الحسين الميثمي عن محمد بن الواسطي عن يونس بن الرحمان عن أحمد بن عمر الحلبي عن حماد الأزدي عن هاشم الخفاف قال لي أبو عبد الله "ع" كيف بصرك بالنجوم فقلت ما خلفت بالعراق أبصر في النجوم مني قال كيف دوران الفلك عندكم قال فأخذت قلنسوتي من رأسي فأدرتها وقلت هكذا فقال لو كان الأمر على ما تقول فما بال بنات النعش والجدي والفرقدين لا تدور يوماً من الدهر في القبلة، قلت هذا والله شيء لا أعرفه ولا سمعت أحداً من أهل الحساب يذكره فقال كم للسكينة من الزهرة جزءاً في ضوئها؟ فقلت وهذا والله نجم ما عرفته ولا سمعت أحداً يذكره فقال سبحان الله أفأسقطتم نجماً بأسره فعلى ما تحسبون ثم قال كم للزهرة من القمر جزءاً في الضوء؟ قلت هذا شيء لا يعلمه إلا الله قال فكم للقمر جزءاً في ضوئها قلت ما أعرف قال صدقت ثم قال عليه السلام ما بال العسكريين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب، فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النحوس، فقلت لا والله لا أعلم ذلك قال: صدقت إن أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم، "الحديث الخامس" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم أن آزر كان إبراهيم كان عالماً بالنجوم روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب "الروضة" عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ا بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن آزر أبو ابراهيم عليه السلام كان منجماً لنمرود ولم يكن يصدر إلا عن أمره، فنظر ليلة في النجوم فأصبح وهو يقول لنمرود لقد رأيت عجباً قال: وما هو قال: رأيت مولوداً يولد بأرضنا يكون هلاكنا على يديه فلا يلبث إلا قليلاً حتى يحمل به قال: فتعجب من ذلك وقال: هل حملت به النساء فقال: لا قال: فحجب الرجال عن النساء ولم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة لا يخلص إليها بعلها، ووقع آزر على أهله فحملت بإبراهيم "ع" فظن أنه صاحبه الذي يكون الهلاك على يده، فأرسل على نساء من القوابل عارفات في ذلك الزمان لا يكون شيء في الرحم إلا علمن به البطن فألزم الله عز وجل ما في بطنها في الظهر فقلن ما نرى في بطنها شيء، وكان فيما أوتي من العلم أنه سيحرق بالنار، ولم يؤت من العلم أن الله سينجيه منها، أقول ثم ذكر كيف حفظ الله جل جلاله إبراهيم، وكيف جرت أموره، وهذا الحديث قد قدمنا معناه في أن للنجوم دلالة على نبوة ابراهيم وأنما ذكرناه ههنا في باب صحة علم النجوم، عن الصادق المعصوم، بصحة ما كان لآزر من صحة علم النجوم ولاختلاف طرق الرواية، ولأن محمد بن يعقوب أبلغ فيما يرويه وأصق في الدراية.

"الحديث السادس"

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بتدبير ما ذكره في النجوم، روينا بإسنادنا عن محمد بن يعقوب الكليني في كتاب "الروضة" عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن بن محبوب عن مالك بن عطية عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحر والبرد مما يكونا؟ فقال لي: يا أبا أيوب أن المريخ كوكب حار وزحل كوكب بارد فإذا بدا المريخ في الارتفاع انحط زحل وذلك في الربيع فلا يزالان كذلك كلما ارتفع المريخ درجة انحط زحل درجة ثلاثة أشهر حتى ينتهي المريخ في الارتفاع، وينتهي زحل في الهبوط، فيلحق المريخ، فلذلك يشتد الحر فإذا كان في آخر الصيف، وأول الخريف بدا زحل في الارتفاع وبدا المريخ في الهبوط فلا يزالان كذلك كلما ارتفع زحل درجة انحط المريخ درجة حتى ينتهي المريخ في الهبوط وينتهي زحل في الارتفاع فيلحق زحل وذلك في أوان الشتاء وآخر الصيف فلذلك يشتد البرد وكلما ارتفع هذا هبط هذا وكلما هبط هذا ارتفع هذا، فإذا كان في الصيف يوم بارد فذلك الفعل من القمر، وإذا كان في الشتاء يوم حار فذلك الفعل من الشمس وكل بتقدير العزيز العليم، وأنا عبد رب العالمين.

الحديث السابع"

فيما روي عمن قوله حجة في العوم فيما ذكره من صحة"علم النجوم" روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني أيضاً في كتاب"الروضة" قال عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي بن عثمان قال: حدثني أبو عبد الله المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى خلق زحل في الفلك السابع من ماء بارد وخلق سائر النجوم الست الجاريات من ماء حار وهو نجم الأنبياء والأوصياء وهو نجم أمير المؤمنين عليه السلام بأمر بالخروج من الدنيا والزهد فيها، ويأمر بافتراش التراب وتوسد اللبن وأكل الجشب، وما خلق الله تعالى نجماً أقرب إليه منه سبحانه.

"الحديث الثامن" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بتصديق ما ذكره من علم النجوم روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب في كتاب"الروضة" قال عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن أسباط عن ابراهيم بن خيران عن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم يرى الحسن "الحديث التاسع" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بشهادته في تحقيق علم النجوم ما رواه معوية بن حكيم عن محمد بن زياد عن محمد بن يحيى الخفعمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النجوم أحق هي؟ قال نعم فقلت: أوفي الأرض من يعلمها؟ قال: نعم في الأرض من يعلمها "الحديث العاشر" فيما نذكره عمن قوله حجة في العلوم في صحة علم النجوم روينا بإسنادنا عن معوية بن حكيم عن كتاب أصله حثنا آخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في السماء أربعة نجوم ما يعلمها إلا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند يعرفون منها نجماً واحداً فلذلك قام حسابهم "الحديث الحادي عشر" فيما روي من تصديق قوله حجة في العلوم بعلم النجوم وجدت في كتاب قالبه قطع نصف الورقة عتيق بخزانة مولانا علي صلوات الله عليه يتضمن فضائله عليه السلام تأليف أبي القاسم علي بن عبد العزيز بن محمد النيشابوري ما هذا لفظه، علي بن أحمد قال: حدثني إبراهيم بن فضل عن إياد بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام إذ دخل إليه رجل من أهل اليمن، فسلم عليه فرد عليه السلام وقال: ما جاء بك يا سعيد؟ فقال: هذا الإسم سمتني به أمي، وما أقل من يعرفني به فقال: صدقت يا سعيد المزني، فقال الرجل: جعلت فداك، وبهذا كنت ألقب، فقال عليه السلام: لأخير في اللقب إن الله عز وجل يقول في كتابه"ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان" يا سعيد المزني: ما صناعتك، فقال له الرجل: جعلت فداك أنا رجل معروف من أهل بيت تنظر في النجوم ولا أعلم في اليمن أحداً أعلم منا في النجوم فقال: "ع" له: فأنا أسألك فقال اليماني: سل ما شئت من النجوم جعلت فداك فأنا أجيبك بعلم فقال عليه السلام: أخبرني كم لضوء القمر على ضوء الزهرة من درجة فقال: لا أدري فقال عليه السلام: فكم لضوء الزهرة على ضوء المريخ من درجة، فقال: لا أدري قال: فكم لضوء الزهرة على ضوء المشتري من درجة قال: لا أدري فقال"ع": لاأدري، صدقت لا تدري فكم لضوء المشتري على ضوء عطارد من درجة قال: لا أدري قال "ع": فما اسم النجوم الذي إذا طلعت هاجمت الإبل قال: لا أدري، قال"ع" فما اسم النجوم الذي إذا طلعت هاجت الكلاب، قال: لا أدري، قال "ع": فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر، قال: لا أدري فقال"ع": صدقت في قولك لا تدري، فما عندكم زحل قال: نجم النحوس فقال عليه السلام: لا تقل هذا فإنه نجم أمير المؤمنين وهو نجم الأوصياء وهو النجم الثاقب الذي ذكره الله تعالى في كتابه فقال: ما معنى الثاقب؟ فقال"ع" إن مطلعه في السماء السابعة وإنه يثقب بضوئه حتى يصير في السماء الدنيا فمن ذلك سماه الله تعالى النجم الثاقب، يا أخا أهل اليمن هل عندكم علماء قال: نعم جعلت فداك أن باليمن قوماً ليسوا كأحد من الناس في علمهم فقال"ع": وما بلغ من علم عالمهم، قال: إن عالمهم ليزجر الطير ويقفوا الأثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المجد فقال"ع": إن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن، قال: جعلت فداك ما بلغ من عالم المدينة فقال "ع": إن عالم المدينة لا يقفوا الأثر ولا يزجر الطير وينتهي في الحظ إلى علم مسيرة الشمس اثنا عشر براً واثنا عشر بحراً واثنا عشر عالماً قال:قال جعلت فداك ما ظننت أحداً يعلم هذا أو يدري ما كنه فقال: صدقت لا تدري، ثم قال الرجل اليماني فخرج ورويت هذا الحديث بأسانيد إلى أبان بن تغلب عن الصادق"ع" من كتاب عبد الله بن القاسم الحضرمي من كتاب أصله وفي إحدى الروايتين زيادة على الأخرى.

الحديث الثاني عشر

فما روى من تصديق من قوله حجة في العلوم بعلم النجوم وجدت في كتاب"نوادر الحكمة" تأليف محمد بن أحمد بن عبد الله القمي وهو جليل القدر بين علماء الشيعة رواه عن الرضى"ع" قال: قال أبو الحسن صلوات الله عليه للحسن بن سهل: كيف حسابك للنجوم؟ قال: ما بقي شيء تعلمته فقال أبو الحسن عليه السلام له: كم لنور الشمس على نور القمر فضل درجة؟ وكم لنور القمر على نور المشتري فضل درجة، وكم لنور المشتري على نور الزهرة فضل درجة؟ فقال: لا أدري فقال: ليس في يدك شيء إن هذا أيسره ووجدت في كتاب "مسائل الصباح" بن نضر الهندي لمولانا علي بن موسى الرضى صلوات الله عليه رواية أبي العباس بن نوح وأبي عبد الله بن محمد بن أحمد الصوفاني من أصل " كتاب عتيق " لنا الآن ربما كان كتب في حياتهما بالإسناد المتصل فيه عن الريان بن الصلت وذكر اجتماع العلماء بحضرة المأمون وظهر حجة الرضى عليه السلام على جميع العلماء وحضور الصباح بن النضر الهندي عند مولانا الرضى "ع" وسؤاله إياه عن مسائل كثيرة، منها سؤاله عن علم النجوم فقال ما هذا لفظه، هو علم في أصل صحيح، ذكروا أن أول من تكلم في النجوم إدريس، وكان ذو القرنين به ماهراً وأصل هذا العلم من الله تعالى ويقال أن الله تعالى بعث المنجم الذي هو المشتري إلى الأرض في صورة رجل فأتى بلد العجم فعلمهم في حديث طويل فلم يستكملوا ذلك فأتى بلد الهند فعلم رجلاً منهم فمن هناك صار علم النجوم بالهند وقال قوم هو من علم الأنبياء وخصوا به لأسباب شتى، فلم يدرك المنجمون الدقيق منها فشابوا الحق للكذب، هذا آخر لفظ مولانا علي بن موسى"ع" في هذه الرواية الجليلة الإسناد، وقوله عليه السلام حجة على العباد، فأما قوله فيما ذكروا ويقال فإن عادتهم عليه السلام عند التقية ولدي المخالفين من العامة يقولون نحو هذا الكلام تارة وتارة كان أبي يقول، وتارة روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

الحديث الثالث عشر

فيما روى من شهادة من قوله حجة في العلوم بصحة حساب النجوم أرويه بأسانيدي إلى أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعمائي الثقة في كتاب الدلائل في الجزء التاسع فيما فيه من دلائل مولانا أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال حدثنا محمد بن همام قال حدثني محمد بن موسى بن عبيد بن يقطين قال حدثنا إبراهيم بن محمد اليقطيني المعروف بطلل، قال حدثني ابن ذي العلمين قال كنت واقفاً بين يدي الرياستين بخراسان في مجلس المأمون وقد حضره أبو الحسن الرضا "ع " فجرى ذكر الليل والنهار أيهما خلق قبل الآخر فخاضوا في ذلك واختلفوا، ثم إن ذا الرياستين سأل الرضا"ع " عن ذلك وعما عنده فيه فقال" ع " أتحب أن أعطيك الجواب من كتاب الله عز وجل أو من حسابك فقال أريده أولاً من جهة الحساب فقال له ألستم تقولون أن طالع الدنيا السرطان وأن الكواكب كانت في شرفها قال نعم قال فزحل في الميزان والمشتري في السرطان والمريخ في الجدي والزهرة في الحوت والقمر في الثور والشمس في وسط السماء بالحمل وهذا لا يكون إلا نهاراً قال نعم وفي كتاب الله قال عليه السلام قوله عز وجل" لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار" أي النهار يسبقه.

الحديث الرابع عشر

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم من تصديق حساب النجوم" روي أيضاً من طريق آخر معاضد لحديث محمد بن إبراهيم، رويناه بعدة أسانيد عن ابن جمهور القمي وكان عالماً فاضلاً في" كتاب الواحدة" في أخبار مولانا الرضا صلوات الله عليه قال ومن مسائل ذي الرياستين للرضا " ع " أن الناس تذاكروا بين يدي المأمون في خلق الليل والنهار فقال بعض خلق الله النهار قبل الليل وقال بعض خلق الله الليل قبل النهار فرجعوا بالسؤال إلى أبي الحسن الرضا " ع " فقال إن الله عز وجل خلق النهار قبل الليل وخلق الضياء قبل الظلمة فإن شئتم أوجدتكم ذلك من النجوم وإن شئتم من القرآن فقال ذوي الرياستين أوجدنا من الجهتين جميعاً فقال عليه السلام أما من النجوم فقد علمت أن طالع العالم السرطان ولا يكون ذلك إلا والشمس في شرفها في نصف النهار، وأما من القرآن فاستمع قوله تعالى فيه" لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون" أقول وروي ابن جمهور القمي في كتاب الواحدة في أوائل أخبار مولانا الحسن بن علي عليه السلام في خطبة له في صفة النجوم ما هذا لفظه ثم أجرى في السماء مصابيح ضوءها في حندسها وجعلها من حرسها، من النجوم الدراري المضيئة التي لولا ضوءها ما نفذت أبصار العباد في ظلم الليل المظلم بمغالسه المدلهم بحنادسة، وجعل فيها أدلة على منهاج السبل، لما أحوج الخليقة من التحول والانتقال والأدبار والإقبال، وهذا عام موافق لما نقلنا عنهم عليهم السلام من الأخبار، أقول ومن كتاب ابن جمهور القمي بإسناده أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما صعد المنبر وقال سلوني قبل أن تفقدوني قام إليه رجل فسأله عن السواد الذي في القمر فقال أعمى سأل عن عمياء أما سمعت أن الله عز وجل يقول" فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة" فالمحو السواد الذي تراه في القمر أن الله تعالى خلق من نور عرشه شمسين وأمر تعالى جبرائيل فأمر جناحه بالذي سبق من علمه جلت عظمته لما أراد أن يكون من اختلاف الليل والنهار والشمس والقمر وعدد الساعات والأيام والشهور والسنين والدهور والارتحال والنزول والإقبال والأدبار والحج والعمرة ومحل الدين وأجر الأجير وعدة أيام الحمل والمطلقة والمتوفى عنها زوجها وما أشبه ذلك.

الحديث الخامس عشر

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم، من شهادته بتصديق علم النجوم روينا بأسانيد جماعة عن الشيخ الفقيه الفاضل الحسين بن عبد الله الغضائري ونقلته من خطه في الجزء الثاني عشر من كتاب الدلائل تأليف أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري الذي قال فيه جدي أبو جعفر الطوسي في الفهرست أنه ثقة، وقال النجاشي في كتاب أسماء المصنفين أنه شيخ القميين ووجههم بإسناده عن بياع السابري قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أن لي في نظر النجوم لذة وهي معيبة عند الناس فإن كان فيها إثم تركت ذلك وإن لم يكن فيها إثم فإن لي فيها لذة فقال تعد الطوالع قلت نعم وعددتها فقال كم تسقي الشمس من نورها القمر قلت هذا شيء لم أسمعه قط فقال كم تسقي الزهرة الشمس من نورها قلت ولا هذا فقال وكم تسقي الشمس من اللوح المحفوظ نوراً قلت وهذا شيء لم أسمعه قط فقال هذا شيء إذا علمه الرجل عرف أوسط قصبة في الأجمة ثم قال ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش وأهل بيت من الهند"الحديث السادس عشر" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بمعاضدة الحديث الحادي عشر في النجوم روينا بأسانيد جماعة إلى الشيخ العظيم الشأن أبي جعفر ابن بابويه القمي رضوان الله عليه فيما ذكره بكتاب"الخصال في الجزء الثاني" من أصل مجلدين قال حدثنا موسى بن المتوكل رضوان الله عليه قال حدثني علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه وغيره عن محمد بن سليمان الصنعاني عن إبراهيم بن الفضل عن أبان بن تغلب قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم عليه فقال مرحباً بك يا سعيد فقال الرجل هذا الاسم سمتني به أمي وما أقل من يعرفني به فقال له أبو عبد الله صدقت يا سعيد المزني فقال الرجل جعلت فداك وبهذا كنت ألقب فقال له أبو عبد الله عليه السلام لا خير في اللقب إن الله تعالى يقول"ولا تنابزوا في الألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان" ما صناعتك يا سعيد قال جعلت فداك أنا أهل بيت ننظر في النجوم ولم يكن بأحد أعرف بالنجوم منا فقال له أبو عبد الله عليه السلام كم ضوء الشمس يزيد على ضوء القمر درجة فقال اليماني لا أدري قال صدقت في قولك لا تدري، فما زحل عندكم في النجوم فقال نجم نحس فقال لا تقل هذا فإنه نجم أمير المؤمنين صلوات عليه وهو نجم الأوصياء عليهم السلام وهو النجم الثاقب؟ قال إن مطلعه في السماء السابعة وأنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا فمن ثم سماه الله تعالى النجم الثاقب يا أخا اليمن أعندكم علماء قال نعم جعلت فداك أن باليمن قوماً ليسوا كأحد من الناس في علمهم فقال"ع" وما يبلغ من علم عالمهم؟ قال إن عالمهم ليزجر الطير ويقفوا الأثر في الساعة الواحدة مسيرة شهر للراكب المجد فقال عليه السلام إن عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفي الأثر ولا يزجر الطير ويعلم في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس تقطع اثني عشر بحراً واثني عشر عالماً، فقال اليماني جعلت فداك ما ظننت أن أحداً يعلم هذا أو يدري ما كنهه قال ثم قام وخرج.

"الحديث السابع عشر"

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم في التصديق بصحة علم النجوم وريناه بإسناده إلى محمد بن يحيى الكتعمي من غير كتاب معوية بن حكيم المقدم ذكره قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النجوم أحق هي قال لي نعم قلت وفي الأرض من يعلمها؟ قال نعم وفي الأرض من يعلمها .

"الحديث الثامن عشر"

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بتصديق معرفة علم النجوم، وجدنا في أصل عتيق اسمه كتاب"التجمل" تاريخ مقابلته سنة ثمان وثلاثين ومائتين، قال أبو أحمد عن حفص ابن البختري "وقد ذكر النجاشي أنه ثقة" قال ذكرت النجوم عند أبي عبد الله "ع" فقال ما يعلمها إلا أهل بيت بالهند وأهل بيت من المغرب .

"الحديث التاسع عشر"

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم من إباحة النظر في علم النجوم، وهو ما وجدناه في كتاب التجمل المقدم ذكره عن محمد وهرون ابني أبي سهل أنهما كتبا إلى أبي عبد الله"ع" أن أبانا وجدنا كانا ينظران في علم النجوم فهل يحل النظر فيه فكتب نعم.

"الحديث العشرون"

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم في الفتوى بتحليل علم النجوم، وجدنا أيضاً في كتاب التجمل المقدم ذكره عن محمد وهرون ابني أبي سهل قالا كتبنا إليه عليه السلام نحن ولد نوبخت المنجم وقد كنا كتبنا إليك هل يحل النظر في علم النجوم فكتبت نعم، والمنجمون يختلفون في صفة الفلك فبعضهم يقول أن الفلك فيه النجوم والشمس والقمر معلق بالسماء وهو دون السماء وهو الذي يدور بالنجوم والشمس والقمر فإنها لا تتحرك ولا تدور وبعضهم يقول أن دوران الفلك تحت الأرض وأن الشمس تدور مع الفلك تحت الأرض فتغيب في المغرب تحت الأرض وتطلع من الغداة من المشرق فكتب عليه السلام نعم يحل ما لم يخرج من التوحيد.

"الحديث الحادي والعشرون" فيما روي عمن قوله حجة في العلوم في تفسير نحو من النجوم، من كتاب التجمل أيضاً أبو محمد عن الحسن بن عمر عن أبي عبد الله "ع" في قوله عز وجل" يوم نحس مستمر" قال كان القمر منحوساً بزحل.

"الحديث الثاني والعشرون" فيما روينا من اطلاع من قوله حجة في العلوم على الملكوت وعلمه منه ما علمه مالك الجبروت".

روينا بعدة أسانيد إلى أبي جعفر محمد بن بابويه رضوان الله عليه، فيما رواه في كتاب "الخصال" وهو الثقة في المقال، في أحاديث تسع خصال بإسناده في حديث إلى أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحداً قبلي خلا النبي صلوات الله عليه وآله وسلم لقد فتحت لي السبل وعلمت الأسباب وأجرى لي السحاب وعلمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب ولقد نظرت في الملكوت فأذن لي ربي جل جلاله فما غاب عني ما كان قبلي وما يأتي بعدي، وأن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم وأتم عليهم النعمة ورضي إسلامهم إذ يقول سبحانه يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم دينهم ورضيت الإسلام لهم ديناً وأتممت عليهم نعمتي كل ذلك من مَن الله تعالى من به علي فله الحمد، هذا آخر الحديث بلفظه، وكان المراد منه أن نظرة في الملكوت يعلم منه ما مضى وما يأتي، أقول وروي معنى هذا الحديث وزيادة فيه سليمان بن صالح ونقلته من نسخة مقروءة على هرون بن موسى التلعكبري رضوان الله جل جلاله عليه قال ما هذا لفظه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل"وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض" قال كشط له ما في السموات السبع وفي الأرضين السبع حتى رأى العرش وما عليه وكان يرى الناس على مكاسبهم وصنع ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم وصنع ذلك بالأئمة عليهم السلام من بعده.

قال الهيثم وسمعت هاشماً يروي عن مفضل قال كان محمد بن علي"ع" يقول أني أرى ما في السموات والأرض كما أرى راحتي هذه. "الحديث الثالث والعشرون" في احتجاج من قوله حجة في العلوم على صحة علم النجوم، وهو ما رويناه بإسناده عن الشيخ السعيد محمد بن رستم ابن جرير الطبري الأمامي رضوان الله عليه في الجزء الثاني من كتاب"دلائل الإمامة" قال أخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحربي وأبو الحسين محمد بن هرون بن موسى بن أحمد التلعكبري قالا حدثنا أبو محمد هرون بن موسى بن أحمد التلعكبري رضي الله عنه قال حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم المقري، مولى بني هاشم قال حدثنا أحمد بن القاسم البري قال حدثنا يحيى بن عبد الرحمن عن علي بن حي بن صالح الكوفي عن زيادة بن المنذر عن قيس بن سعد قال كنت لسائر أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثير إذا سار إلى وجه من الوجوه فلما قصد أهل النهروان وصرنا بالمدائن وكنت يومئذ مسائراً له، إذ خرج إلينا قوم من أهل المدائن من دهاقينهم معهم براذين قد جاؤوا بها هدية إليه فقبلها، وكان فيمن تلقاه دهقان من دهاقين المدائن يدعى سرسفيل، وكانت الفرس تحكم برأيه فيما يعنى وترجع إلى قوله فيما سلف فلما بصر بأمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلم قال يا أمير المؤمنين تنحاست النجوم الطوالع فنحس أصحاب السعود وسعد أصحاب النحوس، ولزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء والجلوس، وإن يومك هذا يوم مميت، قد اقترن فيه كوكبان قنالان، وشرف فيه بهرام في برج الميزان واتقدت من برجك النيران، وليس لك الحرب بمكان فتبسم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم قال أيها الدهقان المنبيء بالأخبار والمحذر من الأقدار، أتدري ما نزل البارحة في آخر الميزان، وأي نجم حل السرطان، قال سأنظر ذلك وأخرج من كمه إسطرلابا وتقويماً فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه، أنت مسير الجاريات، قال لا قال أفتقضي على الثابتات؟ قال لا قال فأخبرني عن طول الأسد وتباعده عن المطالع والمراجع، وما الزهرة من التوابع والجوامع؟ قال لا علم لي بذلك قال فما بين السواري إلى الدراري؟ وما بين الساعات إلى الفجرات؟ وكم قدر شعاع المدارات؟ وكم تحصيل الفجر في الغدوات! قال لا علم لي بذلك قال هل علمت يا دهقان أن الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت في الصين، وتغلب برج ماجين، واحترق دور بالزنج، وطفح جب سرنديب وتهدم حصن الأندلس، وهاج نمل السيح وانهزم مراق الهند وفقد ربان اليهود بايلة وجدم بطريق الروم برومية، وعمي راهب عمورية، وسقطت شرافات القسطنطينية، أفعالم أنت بهذه الحوادث؟ وما الذي أحدثها شرقها وغربها من الفلك، قال لا علم لي بذلك قال فبأي الكواكب تقضي في أعلى القطب، وبأيها تنحس من تنحس، قال لا علم لي بذلك قال فهل علمت أنه سعد اليوم اثنان وسبعون عالماً في كل عالم سبعون عالماً منهم في البر ومنهم في البحر وبعض في الجبال وبعض في الغياض وبعض في العمران فما الذي سعدهم؟ قال لا علم لي بذلك قال يا دهقان أظنك حكمت على اقتران المشتري وزحل لما استنارا لك في الغسق وظهر تلالي المريخ وتشريقه في السحر وقد سار فاتصل جرمه بنجوم تربيع القمر، وذلك دليل على استخلاف ألف ألف من البشر، كلهم يولدون اليوم والليلة، ويموت مثلهم ويموت هذا"وأشار إلى جاسوس في عسكره لمعوية" فلما قال ذلك ظنوا الرجل أنه قال خذوه فأخذه شيء في قلبه وتكسرت نفسه في صدره فمات لوقته، فقال للدهقان ألم أرك عين التقدير في غاية التصوير قال بلا يا أمير المؤمنين فقال يا دهقان أنا مخبرك أني وصحبي هؤلاء لا شرقيون ولا غربيون إنما نحن ناشئة القطب، وما زعمت البارحة أنه انقدح من برج الميزان فقد كان يجب أن يحكم معه لي، لأن نوره وضياءه عندي، فلهبه ذهب عني يا دهقان هذه قضية عيص فاحسبها وولدها إن كنت عالماً بالأكوار والأدوار، ولو علمت ذلك لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة، ومضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فهزم أهل النهروان وقتلهم فعاد بالغنيمة والظفر،فقال الدهقان ليس هذا العلم بأيدي أهل زماننا هذا علم مادته من السماء. "الحديث الرابع والعشرون" في رواية حديث الدهقان مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه بإسناد وتفصيل غير الأول، وهو أطول وأكمل، رويناه بإسناد متصل إلى الأصبغ بالنباتة قال لما رحل أمير المؤمنين صلوات الله عليه من نهر براثا إلى النهروان وقد قطع جسرها وسمرت سفنها فنزل وقد سرح الجيش إلى جسر بوران ومعه رجل من أصحابه قد شك في قتال الخوارج فإذا رجل يركض فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام قال البشرى يا أمير المؤمنين قال وما بشراك قال لما بلغ الخوارج نزولك البارحة نهر براثا ولوا هاربين فقال له علي عليه السلام أنت رأيتهم حين ولوا قال نعم قال كذبت لا والله ما عبروا النهروان ولا تجاوزوا الأثيلات ولا النخيلات حتى يقتلهم الله عز وجل على يدي عهد معهود وقدر مقدور، لا ينجو منهم عشرة ولا يفتل منا عشرة فبينما هو كذلك إذا أقبل إليه رجل يقتدي برأيه في حساب النجوم لمعرفته بالطوالع والمراجع وتقويم القطب في الفلك ومعرفته بالحساب والضرب والتجزئة والجبر والمقابلة وتأريخ السندباد وغير ذلك فلما بصر بأمير المؤمنين صلوات الله عليه نزل عن فرسه وسلم عليه وقال يا أمير المؤمنين لترجعن عما قصدت إليه وكان الرجل دهقان من دهاقين المدائن واسمه سرسفيل سوار فقال "ع" له ولم يا سرسفيل سوار فقال تناحست النجوم السعدات وتساعدت النجوم النحسات فلزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء والقعود، ويومك هذا يوم مميت، تغلب فيه برجان وانكسف فيه الميزان واقتدح زحل بالنيران وليست الحرب لك بمكان فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه أخبرن يا دهقان عن قصة الميزان وفي أي مجرى كان برج السرطان قال سأنظر لك فضرب بيده على كمه وأخرج زيجا وإسطرلابا فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام وقال له يا دهقان أنت مسير الثابتات قال لا قال أفأنت قضي على الحادثات قال لا قال يا دهقان فما ساعة الأسد من الفلك؟ وما له من المطالع والمراجع؟ وما الزهرة من التوابع والجوامع قال لا أعلم يا أمير المؤمنين قال فعلى أي الكواكب تقضي على القطب؟ فما هي الساعات المتحركات وكم قدر الساعات المدبرات؟ وكم تحصيل المقدرات؟ قال لا علم لي بذلك يا أمير المؤمنين قال يا دهقان صح لك علمك أن البارحة انقلب بيت في الصين وانقلب آخر بدمانسين واحترقت دور الزنج أو تحطم منار الهند وطفح جب سرنديب وهلك ملك إفريقية وانقض حصن الأندلس وهاج نمل الشيح وفقد ربان اليهود بايلة وجذم بطريق النصاري بارمينية وعمي راهب عمورية وسقطت شرفات القسطنطينية و هاجت سباع البر على أهلها ورجعت رجال النوبة للراهج والتقت الزرف مع الفيلة وطار الوحش إلى العلقين وهاجت الحيتان إلى الحضرين واضطربت الوحوش بالأنقلين أفأنت عالم بهذه الحوادث؟ وما أحدثها من الفلك، شرقية أم غربية، وأي برج أسعد صاحب النحس وأي برج أنحس صاحب السعد قال لا علم لي بذلك قال عليه السلام فهل ذلك علمك أن اليوم سعد فيه سبعون عالماً في كل عالم سبعون ألف عالم منهم في البحر ومنهم في البر ومنهم في الجبال ومنهم في السهل والغياض والخراب والعمران، فابن لنا ما الذي من الفلك أسعدهم؟ فقال لا علم لي بذل يا أمير المؤمنين قال يا دهقان فأظنك حكمت على اقتران المشتري بزحل حين لا حالك في الغسق قد شارفهما واتصل جرمه بجرم القمر وذلك استخلاف مائة ألف من البشر كلهم يولدون في يوم واحد، واستهلاك مائة ألف من البشر كلهم يموتون الليلة وغداً وهذا منهم"وأشار بيده إلى سعد بن مسعود الحارثي" وكان في عسكره جاسوساً للخوارج فظن أن علياً صلوات الله عليه يقول خذوا هذا فقبض على فؤاده ومات من وقته ثم قال عليه السلام له ألم أرك عين التوفيق أنا وأصحابي هؤلاء لا شرقيون ولا غربيون، إنما نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك فأما ما زعمت أن البارحة اقتدح في برجي النيران فقد كان يجب عليك أن تحكم به لي، فإن ضياءه ونوره عندي، وحرقه ولهبه ذاهب عني، فهذه قضية عقيمة فاحسبها إن كنت حاسباً واعرفها إن كنت عارفاً بالأكوار والأدوار، ولو علمت ذلك لعلمت عدد كل قضية في هذه الأجمة"وأشار إلى أجمة قصب كانت عن يمينه" فتشهد الدهقان وقال يا مولاي إن الذي فهم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم فهمكما وهو الله تعالى يا أمير المؤمنين لا أثر بعد عين مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكله وأن محمداً عبده ورسوله وأنك الإمام والوصي المفترض الطاعة.

الحديث الخامس والعشرون

فيما روي عمن قوله حجة في العلوم بصحة علم النجوم، نقلناه من كتاب "نزهة الكرام وبستان العوام" تأليف محمد بن الحسين الرازي وهذا الكتاب خطه بالعجمية فكلفنا بنقله إلى العربية فذكر في أواخر المجلد الثاني منه ما هذا لفظ من عربه، وروي أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر عليهما السلام من أحضره فلما حضر قال له إن الناس ينسبونكم يا بني فاطمة إلى علم النجوم وأن معرفتكم بها جيدة وفقهاء العامة يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا ذكر أصحاب فاسكتوا وإذا ذكر القدر فاسكتوا وإذا ذكر النجوم فاسكتوا، وأمير المؤمنين علي كان أعلم الخلائق بعلم النجوم وأولاده وذريته التي تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها فقال له الكاظم"ع" هذا حديث ضعيف وإسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم فلولا أن النجوم صحيحة ما مدحها الله عز وجل والأنبياء عليهم السلام كانوا عالمين بها قال الله عز وجل في إبراهيم خليله عليه السلام "وكذلك" نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين وقال في موضع آخر" فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم" فلو لم يكن عالماً بالنجوم ما نظر فيها ولا قال إني سقيم، وإدريس عليه السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم والله عز وجل قد أقسم فيها بكتابه في قوله تعالى"فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" وفي قوله بموضع آخر"فالمدبرات أمراً" يعني بذلك اثني عشر برجاً وسبع سيارات، والذي يظهر في الليل والنهار هي بأمر الله تعالى وبعد علم القرآن لا يكون أشرف من علم النجوم وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء الذين قال الله تعالى فيهم"وعلامات وبالنجم هم يهتدون" ونحن نعرف هذا العلم وما ننكره فقال هارون بالله عليك يا موسى هذا العلم لا تظهروه عند الجهال وعوام الناس، حتى لا يشيعوه عنكم وتنفس العوام به وغط هذا العلم وارجع إلى حرم جدك ثم قال هارون بقيت مسألة أخرى بالله عليك أخبرني بها قال سل قال بحق القبر والمنبر، وبحق قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت تموت قبلي أما أنا أموت قبلك؟ فإنك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسى آمني حتى أخبرك فقال لك الأمان قال أنا أموت قبلك ما كذبت ولا أكذب ووفاتي قريب قال قد بقيت لي مسألة تخبرن بها ولا تضجر قال سل قال أخبروني أنكم تقولون أن جميع المسلمين عبيدنا وإماؤنا وأنكم تقولون من يكون لنا عليه حق ولا يوصله لنا فليس بمسلم فقال موسى كذب الذين زعموا أنا نقول ذلك وإذا كان كذلك فكيف يصح البيع والشراء عليهم ونحن نشتري عبيداً وجواري ونعتقهم ونقعد معهم ونأكل معهم ونشتري المملوك ونقول له يا بني وللجارية يا بنية ونقعدهم يأكلون معنا تقرباً إلى الله تعالى، فلو أنهم عبيدنا وإماؤنا ما صح البيع والشراء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة الله الله في الصلاة وما ملكت إيمانكم، يعني واظبوا على الصلاة وأكرموا مماليككم من العبيد والإماء فنحن نعتقهم، فهذا الذي سمعته كذب، من قائله، ودعوة باطلة، ولكن نحن ندعي أن ولاء جميع الخلائق لنا نعني ولاء الدين وهؤلاء الجهال يظنون ولاء الملك حملوا دعواهم على ذلك ونحن ندعي ذلك لقول النبيصلى الله عليه وسلم يوم غدير خوم من كنت مولاه فعلي مولاه يعني بذلك ولاء الدين والذين يوصلوا به إلينا من الزكاة والصدقة فهو حرام علينا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فأما الغنائم والخمس من بعد موت رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقد منعونا ذلك ونحن إليه محتاجون إلى ما في أيدي بين آدم الذين هم لنا ولاؤهم ولاء الدين لأولاء الملك قال أنفذ إلينا أحد هدية ولا يقول أنا صدقة نقبلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لو دعيت إلى كراع لا جبت"وكراع اسم قرية" ولو أهدي إلي كراع لقبلت"القراع يد الشاة" وذلك سنة إلى يوم القيامة ولو حملوا إلينا زكاة وعلمنا أنها زكاة لرددناها فإن كانت هدية قبلناها، ثم إن هارون أذن له في الانصراف فتوجه إلى الرقة ثم تقولوا عليه أشياء فاستعاده وأطعمه السم فتوفي صلوات الله عليه.

الحديث السادس والعشرون

في شهادة من يروي عن المعصوم تعظيم علم النجوم وجدت في كتاب عتيق بإسناد متصل إلى الوليد بن جميع قال أن رجلاً سأله عن حساب النجوم فجعل الرجل يتحرج أن يخبر فقال قال عكرمة سمعت ابن عباس يقول عجز الناس عنه وودت أني علمته.

ومما رأيت ورويت عن ابن عباس في النجوم ما رويته عن شيخ المحدثين ببغداد محمد بن النجار في المجلد الحادي والعشرين في تذييله على تاريخ الخطيب في ترجمة علي بن طراد بإسناده إلى عكرمة قال قيل لابن عباس أن هاهنا رجل يهودي يتكهن ويخبر، فبعث عبد الله بن عباس إليه فجاءه فقال له يا يهودي بلغني أنك تخبر بالغيب قال أما الغيب فلا يعلمه إلا الله ولكن إن شئت أخبرتك قال هات قال لك ولد له عشر سنين يختلف إلى الكتاب قال نعم قال يأتي غداً محمولاً من الكتاب ويموت يوم العاشر وأما أنت فلا تخرج من الدنيا حتى يذهب بصرك فقال هذا ما أخبرتني به عن ابني ونفسي فأخبرني عن نفسك قال أموت رأس السنة قال عكرمة فجاء ابن عباس محموماً من الكتاب ومات في اليوم العاشر فلما كان رأس السنة قال ابن عباس يا عكرمة انظر ما فعل اليهودي فأتيت أهله فقالوا مات أمس ثم ما خرج ابن عباس من الدنيا حتى ذهب بصره.

في مدح مولانا علي بن الحسين عليهما السلام المنجم بعد ظهور الحجة عليه ذكر محمد بن علي مؤلف كتاب"الأنبياء والأوصياء" من آدم إلى المهد عليهما السلام في حديث ما هذا لفظه، وروي أن رجلاً أتى علي بن الحسين عليهما السلام وعنده أصحابه فقال عليه السلام من الرجل قال المنجم قائف عراف فنظر إليه ثم قال هل أدلك على رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة آلاف عالم قال من هو قال أما الرجل فلا أذكره ولكن إن شئت أخبرتك بما أكلت وادخرت في بيتك قال أخبرن فقال عليه السلام أكلت في بيتك هذا اليوم حيساً وادخرت عشرين ديناراً منها ثلاثة دنانير وازنة فقال الرجل أشهد أنك الحجة العظمى والمثل الأعلى وكلمة التقوى فقال عليه السلام له وأنت صديق امتحن الله قلبك بالإيمان فاثبت، قلت لعل قوله عليه السلام مر في أربعة آلاف عالم، إنه قد جعل الله نوراً يشاهد هذه العوالم كما يطلع النائم في نومه على الجهات الكثيرة في نوم ساعة واحدة ولعله عني بالرجل نفسه عليه السلام.

"الحديث السابع والعشرون" في تزكية حديث ابن عباس، بطريق آخر مشهور بين الناس وجدته في كتاب"ربيع الأبرار" تأليف أبي القسم محمود بن عمر الزمخشري في الجزء الأول قال ما هذا لفظه، الوليد بن جميع رأيت عكرمة سأل رجلاً عن علم النجوم والرجل يتحرج أن يخبره فقال عكرمة سمعت ابن عباس يقول علم عجز الناس عنه وودت لو أني علمته.

"الحديث الثامن والعشرون" في رواية ابن عباس في صحة علم النجوم وأنها من العلم المرسوم من كتاب"ربيع الأبرار" للزمخشري من الجزء الأول أيضاً عند ذكره علم النجوم قال ما هذا لفظه، وعن ابن عباس أنه علم من علم النبوة وليتني كنت أحسنه.

"الحديث التاسع والعشرون" في ما نرويه عن المعصوم من تعظيم علم النجوم من كتاب "ربيع الأبرار" من الجزء الأول أيضاً قال وعن علي عليه السلام اقتبس علماً من علم النجوم من حملة القرآن ازداد به إيماناً ويقيناً ثم تلا" إن في اختلاف الليل والنهار الآية".

"الحديث الثلاثون" فيما روي عمن جرت عادته في الروايات عن المعصوم في صحة علم النجوم، ومن كتاب " ربيع الأبرار" من الجزء الأول أيضاً قال وعن ميمون بن مهران إياكم والتكذيب في علم النجوم فإنه علم من علوم النبوة.

"الحديث الحادي والثلاثون" في رواية الزمخشري عن المعصوم في تحذير ما يتعلق بعلم النجوم، وهو ما وجدناه في الجزء الأول من كتاب"ربيع الأبرار" قال ما هذا لفظه، علي عليه السلام يكره أن يسافر الرجل أو يتزوج في محاق الشهر وإذا كان القمر في العقرب، وذكر الخطيب في"تاريخ بغداد" عند ذكره الحسن بن الحسين العسكري النحوي حديثاً أسنده إلى تميم بن الحرث عن أبيه عن علي عليه السلام أنه كان يكره أن يتزوج الرجل أو يسافر إذا كان القمر في محاق الشهر أو العقرب أقول وقد قدمنا كراهية التزويج والسفر في برج العقرب، وما كان فيه كراهية في محاق الشهر.

الحديث الثاني والثلاثون" في تأكيد كراهية السفر في المحاق عن المشهود له بالسباق والكمال في الأخلاق، قال الزمخشري في ربيع الأبرار فيما رواه عن مولانا علي صلوات لله عليه، ويروي أن رجلاً قال له إني أريد الخروج في تجارة لي وذلك في محاق الشهر فقال عليه السلام له أتريد أن يمحق الله تجارتك؟ استقبل الشهر بالخروج.

"الحديث الثالث والثلاثون" في رواية عن علماء بني إسرائيل في صحة علم النجوم بطريق أهل العلوم، ما ذكرها الزمخشري في ربيع الأبرار فقال ما هذا لفظه، وكان من علماء بني إسرائيل من يسترون من العلوم علمين علم النجوم وعلم الطب فلا يعلمونهما لأولادهم لحاجة الملوك إليها لئلا يكون سبباً لصحبة الملوك والدنو منهم فيضمحل دينهم.

"الحديث الرابع و الثلاثون" يتضمن أن النبي سيد كل معصوم، ذكر مولده الشريف بمقتضى علم النجوم، مما ذكره الزمخشري في "ربيع الأبرار" فقال بعض المنجمين أن مواليد الأنبياء السنبلة أو الميزان، وقال صلى الله عليه وآله وسلم ولدت بالسماك وحساب أهل النجوم إنه السماك الرامح فكان في ثاني طالعه زحل فلم يكن له ملك ولا عقار.