الباب الخامس: فيما نذكره ممن كان عالما من الشيعة أو حول مولده الموسوم

فيما نذكره ممن كان عالماً من الشيعة أو حول مولده الموسوم

أقول قد تقدم في الكتاب،أن جماعة من بني نوبخت وهم أعيان الشيعة كانوا علماء في هذا الباب. ووقفت على عدة مصنفات لهم في النجوم وأنها دلالات على الحادثات وكان الحسن بن موسى أبو محمد نوبختي عارفاً بعلم النجوم وقدوة في تلك العلوم وصنف كتاباً استدرك فيه على أبي على الجباني لما رد على المنجمين وقد وقفت على كتاب أبي محمد وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين، وقد ذكره النجاشي في فهرست مصنفي الشيعة فقال الحسن بن موسى أبو محمد النوبختي شيخنا المبرز على نظرائه في زمانه قبل ثلثمائة وبعدها له على مذهب الأوائل كتب كثيرة منها كتاب "الآراء والديانات" كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة، قرأت هذا الكتاب على شيخنا أبي عبد الله رحمه الله، أٌقول أن هذا الكتاب المسمى"الآراء والديانات" عندنا الآن ووقفت على معرفته فيه بعلم النجوم وما اختاره وما رده على أهل الأديان ثم ذكر النجاشي في كتبه كتاب الرد على أبي علي الجبائي في رده على النجمين وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي عن الحسن بن موسى النوبختي أنه كان أمامياً حسن الاعتقاد أقول وقال الشيخ الطوسي في كتاب"الرجال" الحسن بن موسى النوبختي ابن أخت أبي سهل أبو محمد متكلم فقيه وأقول وصل إلينا من كتبه أيضاً كتاب الرصد على بطليموس في هيئة الفلك والأرض.

ومن علماء المنجمين من الشيخ الفاضل أحمد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي وقد نص عليه شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتاب الفهرست والشيخ أحمد بن العباس النجاشي فقالا كان ثقة في نفسه وذكرا أسماء كتبه وأنه صنف كتاباً في علم النجوم.
ومن العلماء بالنجوم الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن طلحة أبو عبد الله وهو ابن أخي أبي الحسن علي بن عاصم المحدث يقال له العاصمي وقد أثنى عليه شيخنا أبو جعفر الطوسي والشيخ أحمد بن العباس النجاشي في كتابيهما في فهرست أسماء المصنفين من الشيعة وقالا أنه ثقة وذكرا في كتبه كتاب النجوم.

وممن وقفت على تصنيفه من الشيعة فيما يتعلق بالنجوم الشيخ أحمد بن العباس النجاشي مؤلف كتاب فهرست المصنفين وذكر فيه أن كتاباً صنفه أسماه كتاب"مختصر الأنوار" في مواضع النجوم.

ومن المذكورين بعلم النجوم والمصنفين فيها الجلودي من أصحابنا في البصرة فيما صنفه أبو العباس مؤلف كتاب فهرست كتب المصنفين فإنه لما ذكر مصنفاته قال وفضل ثواب الأعمال والطب والنجوم.

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة علي بن محمد العدوي الشمشاطي وقد أثنى عليه أبو العباس النجاشي في كتابه فقال عنه كان شيخنا بالجزيرة فاضل أهل زمانه وأديبهم وذكر في تصانيفه رسالة في إبطال أحكام النجوم أقول قوله في إبطال أحكام النجوم لعله في إبطال أن تكون النجوم علة فاعلة أو مختارة وهما باطلان ولم أقف على رسالته هذه إلى الآن.

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة والمصنفين فيها علي بن محمد بن العباس بن فسابخس قال أحمد بن العباس النجاشي كان عالماً بالأخبار والأشعار والسير والآثار مارئي في زمانه مثله وذكر في تصانيفه كتاب الرد على المنجمين وكتاب الرد على أهل المنطق وكتاب"الرد على الفلاسفة".

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة محمد بن أبي عميروهو من أعلم أهل زمانه علماً وفضلاً وورعاً ونبلاً عند الموالف والمخالف، وقد بالغ شيخنا أبو جعفر الطوسي والنجاشي في الثناء عليه وروى الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه، ما هذا لفظه وروى عن ابن أبي عمير قال كنت أنظر في علم النجوم وأعرفها وأعرف الطالع فتداخلني من ذلك شيء فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فقال إذا وقع في نفسك شيء فتصدق على أول مسكين ثم أمض فإن الله تعالى يدفع عنك، أقول وروينا هذا الحديث أيضاً من كتاب التجمل الذي تاريخه سنة ثلاث وثلاثين ومائتين فقال في باب الفال والطيرة ما هذا لفظه محمد بن أذينة عن ابن أبي عمير قال كنت أنظر في النجوم وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء فشكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال إذا وقع في نفسك شيء من ذلك فخذ شيئاً وتصدق به على أول مسكين تلقاه فإن الله تعالى يدفع عنك أقول ولو لم يكن في الشيعة عارفاً بالنجوم إلى محمد بن محمد أبي عمير لكان حجة في صحتها وإباحتها لأنه من خواص الأئمة عليهم السلام والحجج في مذاهبها ورواياتها.

ومن العارفين بالنجوم من الشيعة والمصنفين فيها الشيخ المعظم عند كافتهم، والمتفق على عدالته وجلالته عند خاصتهم وعامتهم محمد بن مسعود ابن محمد بن عياش وقد أثنى عليه محمد ابن إسحاق النديم وشيخنا أبو جعفر الطوسي وأحمد بن العباس النجاشي وبالغوافي الثناء عليه رضوان الله عليهم وعليه وذكروا له كتاباً في النجوم.

ومن العلماء بالنجوم المصنفين فيه الشيخ الفاضل محمد بن علي الكراجكي رحمه الله وقفت له على تصنيفين فيها وفي صحة أنها دلالات على الحادثات وتضمن فهرست كتبه تصانيف فيها غيرما أشارت إليه ولم أقف عليه ولقد كان فاضلاً في العلم فيها معتمداً عليه.

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة الأمامية المشهورين بعلمها والمصنفين في فضلها موسى بن الحسن بن العباس بن إسماعيل بن بوبخت قال أحمد بن العباس النجاشي كان حسن المعرفة بالنجوم وله فيها كلام كثير وكان مقوماً عالماً وكان مع هذا متديناً حسن الاعتقاد والعبادة وله مصنفات في النجوم وكان مع حسن معرفته بعلم النجوم حسن الدين والعبادة.

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة الفضل بن أبي سهل بن بوبخت وصل إلينا من تصانيفه كتاب في المسائلة وابتداء الأعمال، الأعمال المعروف بالسجل وهو كتابه الثاني يدل على قوة معرفته بعلم النجوم وأنه قدوة في هذه العلوم.

ومن علماء النجوم والمصنفين فيها السيد الفاضل أبو القاسم علي ابن أبي الحسن العلوي الحسيني المعروف بابن الأعلم،قال العمري النسابة في كتاب الشافي منهم صاحب الزيج ابن الأعلم وكان مقدماً في صناعته وهو أبو القاسم علي ابن أبي الحسن علي ابن أبي المجيب علي بن جعفر بن محمد الأعلم ورأيت جماعة يثنون على علمه، وصل إلينا من تصانيفه هذا الزيج المشار إليه، وهو في معناه معتمد عند جماعة عليه، وذكر العمري النسابة في سابع المبسوط ما هذا لفظه، وأبا القاسم عليا المنجم الحاذق ببغداد صاحب الزيج ووجدت في كتاب عندنا الآن فيه مواليد الخلفاء والملوك وكثير من العلماء ذكر فيه ما هذا لفظه ولد أبو القسم علي بن محمد بن الأعلم العلوي المنجم بالكوفة يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وذكر زايجته وأن طالع مولده الميزان.

ومن المذكورين بعلم النجوم من العلويين من ذكره العمري في كتاب الشافي في النسب عند ذكر أبي الحسن النقيب الملقب أبا قيراط أبي عبد الله المحدث وأولاده فقال العمري ما هذا لفظه، ومنهم أبي الحسن المنجم المبجل مات دارجاً.

ومن الموصوفين بعلم النجوم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي مصنف كتاب مروج الذهب له تصانيف جليلة ومنزلته في العلوم والتواريخ والرياسة.

ومن أولئك من حدثني به الحسين ابن الدورقي وقال أن الشيخ الفقيه أبا القاسم ابن مانع من أصحابنا الشيعة كان قريباً من زقاقنا وكان ممن يقرأ عليه في الفقه وعلم النجوم معروفاً بذلك .

وممن أدركته من علماء الشيعة العارفين بالنجوم وعرفت بعض إصاباته العالم الزاهد الملقب بخطير الدين محمود بن محمد وكان قد أوصى إلي حين ورد العراق وهو إذ ذاك بمشهد موسى بن جعفر صلوات الله عليهما وأنا في تلك الأوقات مقيم ببغداد وقد مرض في سنة اقتدت دلالة النجوم أن عليه قطعاً وعرفني موضع القطع عليه منها وقال تعاهدني فإني إذا تجاوزته بقيت عشرة سنين وإلا فإنه مخوف، فمات رحمه الله في الوقت الذي ذكره لي أقول ومن إصابته أنا قد توصلنا إليه وللشيخ الصالح بدر الأعجمي في رسمين في أيام المستنصر لكل واحد خمسون ديناراً فسعي بهذا الشيخ محمود إلى المستنصر بأنه غير محتاج إلى الرسم وأن بدراً الأعجمي فقير مستحق لذلك، فاعتبر الشيخ محمود بن محمد بالنجوم وقصد لأخذ رسمه وقد تقدم بقطعه فسلموه إليه وجاء بعده بدر فمنع مع ظهور فقره فبقينا مدة نجتهد لبدر حتى استدركنا إعادة رسمه وتوفي رحمه الله في تلك السنة.

وممن اشتهر بعلم النجوم بدقة رأيه من علماء الشيعة الشيخ الفاضل نصر بن الحسن القمي وصل إلينا من تصانيفه كتاب المدخل في علم النجوم.

وممن اشتهر بعلم النجوم وقيل أنه من علمائه أبو سعيد أحمد بن محمد بن عبد الجليل السنجري وصل إلينا من تصانيفه كتاب سني المواليد، وكان والده محمد بن عبد الجليل السنجري من الفضلاء في علم النجوم وصل إلينا من تصانيفه كتاب الزيجات في استخراج الهيلاج والكدخدا وما قال في فتح الباب.

وممن اشتهر بعلم النجوم وقيل أنه من الشيعة الشيخ الفاضل أبو الحسن علي بن أحمد العمراني وصل إلينا من تصانيفه كتاب المواليد والاختيارات قال محمد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست أنه من أهل الموصل وكان فاضلاً تقصده الناس من المواضع البعيدة لتقرأ عليه.

وممن اشتهر بعلم النجوم من بني العباس الشريف الفاضل أبو علي محمد بن عبد العزيز الهاشمي وصل إلينا من تصانيفه كتاب الجوابات الحاضرة في علاج عبد الله بن أحمد بن الحسن.

وممن اشتهر بعلم النجوم من بني العباس الشريف الفاضل أبو القاسم علي بن القاسم القصري وصل إلينا من تصانيفه كتاب ترتيب حساب دساتر الكواكب السبعة.

وممن ظهر عليه علم النجوم من الشيعة ابراهيم الفزاري صاحب القصيدة في النجوم وكان منجماً للمنصور في زمنه.

وممن اشتهر بعلم النجوم من الشيعة أحمد بن يوسف بن ابراهيم المصري كان منجماً لآل طولون وصل إلينا من تصانيفه كتاب تفسير الثمرة لبطلميوس.

وممن اشتهر بعلم النجوم من علماء الشيعة الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله بن عمر البازايار القمي تلميذ أبي معشر وصل إلينا من تصانيفه كتاب القرانات والدول والملل.

وممن اشتهر بعلم النجوم وقيل أنه من علماء الشيعة الشيخ الفاضل إسحاق بن يعقوب الكندي وصل إلينا من تصانيفه رسالته في علم النجوم خمسة أجزاء، وذكر محمد بن إسحاق النديم بالجزء الرابع من الفهرست نسب الكندي وأنه من ولد محمد بن الأشعث بن قيس وقال أنه فاضل دهره في علومه، وأحد عصره في نجومه، ثم ذكر له أحد وثلاثين كتاباً ورسالة في دلالة علوم الفلاسفة على مذهب الإسلام وعلوم النبوة واحد عشر كتاباً في الحسابيات، وثمانية كتب في الكريات وسبعة كتب في الموسيقات وتسعة وعشرين كتاباً في النجوميات منها كتاب أن رؤية الهلال لاتضبط على الحقيقة وإنما القول فيها بالتقريب، واثنين وعشرين كتاباً في الهندسة، وستة عشر كتاباً في الفلك، واثنين وعشرين كتاباً في الطب، وتسعة كتب في أحكام النجوم، وستة عشر كتاباً في الجبر، وخمسة كتب في النفس، واحد عشر كتاباً في السياسة، وأربعة عشر كتاباً في الأحداث، وثمانية كتب في الأبعاد، وستة وثلاثين كتاباً في التقدميات، ووصف محمد بن إسحاق كل كتاب من جميع ما ذكرناه بأسمائها فأوردت الأسماء لتعلم مواهب الله جل جلاله وعنايتهم به.

وممن اشتهر في علم النجوم من فضلاء الشيعة الشيخ الفاضل أبو الحسين بن أبي الخصيب القمي صاحب كتاب"كارمهتر" وله عدة تصانيف وكان مقيماً في الكوفة.

وممن كان قائلاً بصحة النجوم وأنها دلالات، الشيخ المتفق على علمه وعدالته أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه، فإننا روينا عنه في كتاب الخصال صحة ذلك، وقد تضن في خطبة كتاب من لايحضره الفقيه أنه لايذكر فيه إلا ما يفتي فيه، ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة بينه وبين الله جل جلاله.

ووجدت في بعض ما وقفت عليه، أن والده المعظم علي بن الحسين بن بابويه رضي الله عنه، كان ممن أخذ طالعه في النجوم وأن ميلاده بالسنبلة، وعلي بن بابويه كانت له مكاتبه إلى مولانا المهدي صلوات الله عليه على يد أبي القاسم الحسين بن روح رضوان الله عليه واجتمع به على يد علي بن جعفر بن الأسود، وهو الذي سأله أن يرزقه الله الولد فيما كتبه إلى مولانا المهدي سلام الله عليه، فكتب إليه: قد دعونا الله تعالى لك بذلك وسترزق ولدين ذكرين خيرين، وذكر جماعة أنهم كانوا عند أبي الحسن علي بن محمد السمري رحمه الله، فقال: رحم الله علي بن الحسين بن بابويه، فقيل له: أنه حي فقال أنه مات في يومنا هذا فكتب فجاء الخبر بأنه مات في ذلك اليوم وقد ذكر هذه المعاني أبو العباس النجاشي في فهرست كتب الشيعة.

ورويت في كتاب اختيار جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله ممن كتاب أبي عمر ومحمد بن عمرو بن عبد العزيز الكشي، ما يقتضي أن الطوسي كان يختار التصديق بحكم النجوم ولا ينكر ذلك ونحن نذكر ما روي عنه في أول اختاره ولم ننقل الحديث بذلك من خطه قدس سره، فأما ما ذكرناعنه في خطبة اختياره لكتاب الكشي، فهذا لفظ ما وجدناه، أملى علينا الشيخ الجليل الموفق أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي أدام الله علوه، وكان ابتداء إملاءه يوم الثلاثاء السادس والعشرين من صفر سنة ست وخمسين وأربعمائة في الشهر الشريف الغروي على ساكنه السلام قال هذه الأخبار اختصرتها من كتاب الرجال لأبي عمر ومحمد بن عمرو بن عبد العزيز واخترت ما فيها، وأقول أنا فانظر قوله واخترت ما فيها.

فأما حديث الحكم بالنجوم فيما اختاره الطوسي فهذا لفظ ما رويناه من خطه رضي الله عنه ما روي في أبي خالد السجستاني حمدوية وإبراهيم قالا: حدثنا أبو خالد السجستاني أنه لما مضى أبو الحسن"ع" وقف عليه ثم نظر في نجومه فعلم أنه مات وقطع على موته وخالف أصحابه.

قلت أنا في هذه عدة فوائد منها أن هذا أبا خالد كان واقفياً يعتقد أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ما مات فدله الله تعالى بعلم النجوم على موته، وكان هذا سبب هدايته ومنها أنه كان من أصحاب موسى بن جعفر عليه السلام، ولم يبلغنا أنه أنكر عليه النجوم، ومنها أنه لو علم أبو خالد أن علم النجوم منكر عند إمامه لما اعتمد عليه في عقيدته، ومنها اختيار جدي الشيخ الطوسي رضوان الله عليه، لهذا الحديث وتصحيحه، وقد تقدم ثناؤه قدس سره على جماعة من العلماء بالنجوم.

وممن اشتهر في علم النجوم من بني نوبخت عبد الله بن أبي سهل وذكر الزمخشري من أحاديثه في كتاب ربيع الأبرار ما هذا لفظه، لما قدم المأمون بغداد، وصل الناس مراتبهم وأغفل عن عبد الله بن أبي سهل بن نوبخت المنجم فقال:

أصبت وأخطأ قبل كل مـنـجـم

 

فقرب من أخطأ وكنت المبعـدا

فلو أنهم كانوا أصابوا لما قضـوا

 

وكنت الذي أخطأ القضاء لما عدا

أقول وقد قدمنا ذكر جماعة من بني نوبخت وعملهم بالنجوم بإذن الصادق عليه السلام لمن استأذنه منهم،وانوا من أعيان الشيعة.

ومن مدائحهم بعلم النجوم ما مدحهم به ابن الرومي الشيعي وأفرط على عادة الشعراء فقال:

اعلم الناس بالنجوم بـنـونـو

 

بخت علماً لم يأتهم بالحسـاب

بل بأن شاهدوا السماء عـلـواً

 

يترقى في المكرمات الصعاب

ساوروها بكل علـياء حـتـى

 

بلغوها مفـتـوحة الأبـواب

ومن المعلومين بعلم النجوم والمصنفين فيها من اتباع بعض أهل البيت، من ذكره محمد بن إسحاق النديم في الجزء الرابع من الفهرست، فقال: ما هذا لفظه ابن قرة ويكنى أبا علي كان منجماً للعلوي المصري وذكر كتباً من تصانيفه.

ومن المذكورين بالتصنيف في علم النجوم الحسن بن أحمد ابن محمد بن عاصم المعروف بالعاصمي المحدث الكوفي، ثقة سكن بغداد، ذكره ابن شهر أشوب في كتاب عالم العلماء.

?وممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الإمامية الفضل بن سهل وزير المأمون الذي تعصب لمولانا الرضا صلوات الله عليه، أبلغ العصبية وقد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في كتاب الرجال من أصحاب الرضى عليه السلام وقد ذكرنا فيما تقدم ما يدل على علمه بها.

ونزيد ههنا ما يدل على بعض إصاباته في أحكامها ودلائلها، فنقول قدروي صاحب التاريخ محمد بن عبدوس الجهشياري وغيره ما معناه، أنه لما وقع بين الأمين والمأمون ما وقع، واضطربت خراسان، وطلب جند المأمون وصعد المأمون إلى منظرة للخوف على نفسه من جنده ومعه الفضل وقد ضاق عليه مجال التدبير وعزم على مفارقة ما هو فيه، أخذ الفضل طالعه ورفع اسطرلابه فقال له ما تنزل هذه المنزلة إلا خليفة غالباً لأخيك الأمين، فلا تعجل وما زال يسكنه ويثبته حتى ورد عليهم في تلك الساعة رأس ابن ماهان وقد قتله طاهر وثبته حتى ورد عليهم في تلك الساعة رأس ابن ماهان وقد قتله طاهر وثبت ملكه وزال ما كان يخافه وظفر بالأمان.

ومن إصابات الفضل بن سهل ما ذكره الطبري وابن مسكويه في تاريخها، فقالا في أخبار المأمون ما هذا معناه، أن المأمون لما استشار الفضل بن سهل في أمر الأمين، وكان الفضل ينظر في النجوم وكان جيد المعرفة بأحكامها فرأى الغلبة لعبد الله المأمون والعاقبة له، عرف المأمون بذلك فوطن نفسه على محاربة الأمين ومناجزته. وممن كان عالماً بالنجوم من المنسوبين إلى الشيعة الحسن بن سهل وقد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في"كتاب الرجال" من أصحاب الرضا عليه السلام وقد تقدم ما ينبه على علمه بها، فمن إصاباته فيها ما ذكره أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه في كتاب"عيون أخبار الرضا" عليه السلام فقال بإسناده إلى ياسر خادم الرضا"ع" قال ورد علي الفضل كتاب من أخيه الحسن بن سهل، أني نظرت في تحويل هذه السنة في حساب النجوم فوجدت أنك تذوق في شهر كذا يوم الأربعاء حر الحديد وحر النار ورأى أنك تدخل أنت و الرضا وأمير المؤمنين الحمام في هذا اليوم وتحتجم وتصب الدم على بدنك ليزول نحسه عنك، فكتب الفضل بذلك إلى المأمون وسأله أن يدخل الحمام معه، وسأل أبا الحسن الرضا ذلك وكتب المأمون إلى الرضا ذلك وسأله؛ فكتب إليه الرضا لست بداخل الحمام غدا ولا أرى لك يا أمير المؤمنين أن تدخل الحمام غداً ولا أرى للفضل أن يدخل الحمام غداً، فأعاد إليه الرقعة مرتين، فكتب إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام، لست بداخل الحمام فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الليلة في النوم يقول لي، يا علي لا تدخل الحمام غداً، فكتب إليه المأمون يقول، صدقت يا سيدي وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لست بداخل غدا الحمام، والفضل فهو أعلم وما يفعل قال ياسر فلما أمسينا وغابت الشمس قال لنا الرضا عليه السلام قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة، فأقبلنا نقول ذلك فلما صلى الرضا"ع" الصبح قال لنا قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذا اليوم فما زلنا نقول ذلك،فلما كان قريباً من طلوع الشمس، قال الرضا عليه السلام لي اصعد السطح أصغ هل تسمع شيئاً فلما صعدت سمعت الصيحة والنحيب وكثرة ذلك، وإذا بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان من داره إلى دار أبي الحسن الرضا"ع" وهو يقول آجرك الله يا أبا الحسن بالفضل، كان دخل الحمام فدخل عليه قوم بالسيوف وقتلوه هذا مرادنا من الحديث، أقول وما يخفى على من يفهم أن امتناع الرضا عليه السلام من دخول الحمام وأشارته إلى المأمون أن لا يدخل هو ولا الفضل الحمام في ذلك الوقت، وتعوذ جماعة الرضا"ع" من شر تلك الليلة وذلك اليوم، وأمر ياسر بصعود السطح في وقت القتل يدل على أن الله جل جلاله كان قد أطلعه على تفصيل ما يجري على الفضل. أقول وكنت لما وجدت الأخبار متظافرة بمعرفة الفضل بن سهل في النجوم أتعجب كيف ما دلته معرفة على ما يحذر عليه من القطع والقتل، وكيف أحتاج إلى تعريف أخيه الحسن بالقطع عليه حتى رأيت بعد ذلك في كتاب"الوزراء" جمع عبد الرحمن بن المبارك ما هذا لفظه وذكر أبو عيسى محمد بن سعيد، أنه وجد على كتاب من كتب ذي الريا ستين يخطه هذه السنة الفلانية التي تكون فيها النكبة وإلى الله نرغب في دفعها، وإن صح من حساب الفلك فيها شيء فالأمر واقع لا محالة، ونسأل الله أن يختم لنا بخير بمنه تعالى، وكان يعمل لذي الرياستين تقويم في كل سنة يوقع عليه هذا يوم يصلح لكذا ويجتنب فيه كذا فلما كان في السنة التي قتل فيها عرض عليه التقويم فجعل يوقع فيه ما يصلح وما يجتنب حتى انتهى إلى اليوم الذي قتل فيه، قال أفٍ لهذا اليوم ما أشره ثم قال عبد الرحمن بعد أحاديث ذكرها عن أخت الفضل قالت دخل الفضل إلى أمه في الليلة التي قتل في صبيحتها فقعد إلى جانبها وجعل يعظها ويعزيها عن نفسه، ويذكرها حوادث الدهر ثم قبل صدرها وثدييها وودعها وداع المفارق ثم قام فخرج قلقاً منزعجاً لما دخل عليه من الحساب وجعل ينتقل من موضع إلى موضع ومن مجلس إلى مجلس وامتنع عليه النوم فلما كان في السحر قام إلى الحمام وقد رغمتها وحرارتها وكربها هو الذي دلت عليه النجوم فقدمت له بغلة فركبها، وكانت الحمام في آخر البستان فكبت به البغلة فسره ذلك وقدر أنها هي النكبة التي كان يتخوفها ثم مشى إلى الحمام ولم يزل ماشياً حتى دخل الحمام فاغتسل فيها فقتل، يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس مصنف هذا الكتاب، أعلم أن تعريف الله جل جلاله بدلالة النجوم للعلم بها على موضع القطوع وستره جل جلاله للكيفية والنكبات، وتغطيتها عنهم من أي الجهات شهادات واضحات على أنه فاعل مختار يظهر من اختياره وتدبيره ما شاء، ولو كانت النجوم علة موجبة أو مختارة لانتصب الكشف بالكلية ولو كان الفضل بن سهل غير متعلق بالأمور الدنوية لكان قد قبل نهي مولانا الرضا عليه السلام عن دخول الحمام في ذلك الوقت أو كان عوض التنقل من موضع إلى موضع، قد صانع الله الفاعل المختار بالصدقات يقدمها عن نفسه ولو شيئاً بعد شيء أو بالدعوات كما ذكر مولانا الكاظم عليه السلام في إزالة القطع كما قدمناه، وأقول قد ذكر محمد بن عبدوس الجهشياري عند ذكر الفضل بن سهل نحو ما ذكره عبد الرحمن ابن المبارك من معرفة الفضل بنكبته والعقوبة وله حديثه مع والدته. ومن المذكورين بعلم النجوم وصحة الحكم بها بوران بنت الحسن ابن سهل، وقد وجدت من حديثا في مجموع عتيق ما هذا لفظه، كانت بوران بالمنزلة العليا بأصناف العلوم، لا سيما في علم النجوم فإنها برعت في درايته وبلغت أقصى غايته وكانت ترفع الإسطرلاب كل وقت وتنظر إلى مولد المعتصم، فعثرت يوماً بقطع عليه سببه الخشب فقالت لوالدها الحسن انصرف إلى أمير المؤمنين وعرفه أن الجارية فأنه قد نظرت إلى المولد ورفعت الإسطرلاب فدل الحساب والله أعلم على أن قطعا يلحق أمير المؤمنين بالخشب في الساعة الفلانية من يوم عينته فقال لها الحسن يا قرة العين وسيدة الحرائر أن أمير المؤمنين قد تغير علينا وربما أصغى إلى شيء بغير ما تقتضيه المشورة والنصيحة قالت يا أبت وما عليك من نصيحة أمامك؟ لأنه خطر بروح لا عوض لها فإن قبلها وإلا فقد أديت المفروض عليك، فجاء الحسن إلى المعتصم وأخبره بما قالت ابنته بوران فقال المعتصم للحسن، أحسن الله جزاءك وجزاء ابنتك، انصرف إليها وخضعا عني بالسلام وسلها ثانياً واحضر عندي في اليوم الذي عينته ولازمني حتى ينصرم اليوم ويذهب فلست أشاركك في هذه المشورة والتدبير بأحد من البشر قال فلما كان صباح ذلك اليوم دخل الحسن عليه فأمر المعتصم كل من كان في المجلس بالخروج وخلا به فأشار عليه أن ينتقل من المجلس السقفي إلى مجلس أزحبي لا يوجد فيه وزن درهم واحد من الخشب، وما زال الحسن يحدثه والمعتصم يمازحه وينشطه حتى أظهر النهار وضربت نوبة الصلوات فقال المعتصم ليتوضأ فقال الحسن له لا يخرج أمير المؤمنين من هذا الموضع وليكن الوضوء والصلاة وما يريده فيه حتى ينصرم الوقت فجاء خادم ومعه المشط والمسواك فقال الحسن للخادم امتشط بالمشط واستك بالمسواك فقال وكيف أتناول آلة أمير المؤمنين فقال المعتصم ويلك امتثل قول الحسن ولا تخالفه، ففعل فسقطت ثناياه وانتفخ دماغه وخر مغشياً عليه ورفع ميتاً فقام الحسن ليخرج فاستدعاه المعتصم إليه واحتضنه ولم يفارقه حتى قبل عينيه ورد على بوران أملاكاً وضياعاً كان ابن الزيات سلبها منها.

أقول ورأيت هذا الحكم من بوران في المجلد الرابع من أخبار الوزراء والكتاب تأليف أبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري فذكرته من الكتاب بلفظه قال حدثنا علي بن محمد بن العباس قال كان المعتصم منحرفاً عن الحسن بن سهل وأصحابه وقد كان حاز كثيراً من أملاكهم فقالت بوران لأبيها الحسن بن سهل أني نظرت في حساب المعتصم فوجدته يدل على شيء يجب أن يحذر عنه في الوقت الذي ينكب من جهته وهو الخشب فاجتمع معها على النظر في ذلك فوجد الأمر على ما قالت لها لست آمن من انحرافه عنا أن لا يقع منه هذا موقعه فقالت اقض ما عليك وهو أعلم وما يختار فصار إلى باب المعتصم فاستأذن استئذان من يريد أن ينهي شيئاً لما قيل قد انحرف فاستقبله على كره فلما وصل قدم تقدمة بذكرها يلزمه من النصح والصدق عما يقف عليه، وعرفه ما وقف عليه من الحكم في النجوم فقلق المعتصم بذلك فقال له تأذن لي أن ألزمك إلى انقضاء الوقت فقال افعل، فلزمه يومه وليلته إلى آخرها فلم يحدث شيء ينكره فلما كان وقت الصبح أقبل الخادم بالماء والوضوء والمسواك فنهض الحسن وقبض على المسواك فمنعه الخادم منه فقال الحسن ليس بد من أخذه فارتفع الكلام بينهما إلى أن سمعه المعتصم فقال أعطه المسواك فدفعه إليه فقال تقدم يا أمير المؤمنين لهذا الخادم أن يستاك بهذا المسواك ففعل. فلما استاك به وقعت ثناياه وأسنانه وسقط ميتاً من وقته. وإذ المسواك مسموم فحمل بدفع ذلك عند المعتصم وكان ذلك سبب رجوعه إلى الحسن وأهله وذكر في أخبار المأمون أن بوران لقب فارسي وأن اسمها خديجة.

ومما يقتضي أن الحسن بن سهل كان من الموالين وكان علمه بالنجوم ما يضره في الدنيا ولا في الدين وصف شخص لإمام زمانه أنه من الواليه وسؤاله عن مهمات شأنه كما ذكره محمد بن الحسن بن الوليد الثقة الأمين ورواه عنه بإسناده محمد بن بابويه رضوان الله عليه في كتاب الجامع، فقال حدثنا محمد بن الحسن الصفار وعبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عيسى بن عبد عن هشام بن إبراهيم العباسي قال قلت للرضا"ع" أمرني بعض مواليك أن أسألك عن مسألة قال ومن هو قلت الحسن بن سهل أخو الفضل بن سهل ذي الرياستين قال في أي شيء المسألة قلت في التوحيد قال في أي التوحيد قلت يسألك عن الله تعالى جسم أو ليس بجسم، فقال أن الناس في التوحيد ثلاثة فمذهب إثبات تشبيهه لا يجوز ومذهب النفي لا يجوز فلا محيص عن المذهب الثالث إثبات بلا تشبيه، أقول المراد من هذا الحديث أنه سمي الحسن بن سهل أنه من مواليده"ع" وأن الحسن عدل عن العلماء وخص مولانا الرضا"ع" بهذا السؤال وأن الرضا ما أنكر قوله أنه من مواليه ولا توقف عن جوابه بجواب شاذ يرتضيه وممن ذكر هذه الحكاية أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري في كتاب الوزراء وقال لما ذكره بأن البشري وجهه وانتفض عليه سروره عند ذكره.

وقد ذكر محمد بن عبدوس الجهشياري في كتاب الوزراء أحاديث عن يحيى بن خالد تقتضي أن يحيى كان عارفاً بالنجوم فقال ما هذا لفظه قال إسماعيل بن صبيح كنت يوماً أكتب بين يدي يحيى بن خالد فدخل عليه جعفر بن يحيى فأشاح بوجهه عنه وقطب وكره رؤيته، فلما انصرف قلت له أطال الله بقاءك، أتفعل هذا بابنك؟ وحاله عند أمير المؤمنين حال لا يقدم عليه حداً والد ولا ولداً، فقال إليك عني أيها الرجل فوا الله لا يكون هلاك هذا البيت إلا بسببه، فلما كان بعد مدة من ذلك دخل إليه جعفر أيضاً وأنا بحضرته ففعل مثل فعله الأول فكررت عليه القول فقال أدن مني الدواة فأدنيتها فكتب كلمات يسيرة في رقعة وضمها ودفعها إلي وقال لتكن عندك فإذا دخلت سنة سبع وثمانين ومائة ومضى الحرم فانظر فيها فلما كان في صفر الذي أوقع الرشيد بهم فيه نظرت في الرقعة فكان في الوقت الأمر الذي ذكر، قال إسماعيل بن صبيح وكان يحيى بن خالد أعلم الناس بالنجوم.

وذكر محمد بن عبدوس الجهشياري أيضاً في كتاب الوزراء من أخبار يحيى بن خالد في معرفة النجوم ما هذا لفظه، قال موسى بن نصير الوصيف حدثني أبي قال غدوت إلى يحيى بن خالد في آخر أمرهم أريد عيادته من علة كان يجدها فوجدت في دهليزه بغلا مسرجاً فدخلت إليه وكان يأنس بي ويفضي إلي بسره فوجدته مفكراً مهموماً ورأيته مستخلياً مشتغلاً بحساب النجوم ينظر فيه فقلت له أني لما رأيت بغلاً مسرجاً سررت لأني قدرت إيقاف البغلة أو أن عزمك الركوب ثم غمني ما أراه من غمك فقال أن لهذا قصة أني رأيت البارحة في النوم كأني راكبها حتى وافيت الجسر من الجانب الأيسر فوقفت وإذا صائح يصيح من الجانب الآخر . 

كان لم يكن بين الحجون إلى الصفا

 

أنيس ولم يسمر بمـكة سـامـر

قال فضربت بيدي على قربوس السرج وقلت:  

بلى نحن كنا أهلهـا فـأبـادنـا

 

صروف الليالي والجدود العواثر

 ثم انتبهت فلم أشك أنا أردنا بالمعنى، فلجأت إلى أخذ الطالع فأخذته وضربت الأمر ظهراً لبطن فوقفت على أنه لا بد من انقضاء مدتنا وزوال أمرنا، فما كاد يفرغ من كلامه حتى دخل عليه مسرور الخادم وأتى بجونة مغطاة وفيها رأس جعفر بن يحيى وقال له يقول لك أمير المؤمنين أرى أنك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك، أقول أنا وهذا غاية المعرفة بالنجوم. وممن كان عارفاً بالنجوم من الشيعة أخو الفضل بن سهل النوبختي الذي قدمنا ذكره في بعض فصول هذا الباب، وقد ذكر معرفته بدلالتها أبو جعفر محمد بن بابويه رحمه الله في الجزء الثاني من"عيون أخبار الرضا" فقال ما هذا لفظه، قال الصولي وقد صح عندي ما حدثني به أحمد بن عبد الله من جهات، منها أن عون بن محمد حدثني عن الفضل بن سهل عن أخ له قال لما عزم المأمون من هذا الأمر أيحب إتمامه أم يتصنع به؟ فكتبت إليه على يد خادم له كان يكاتبني بأسراره على يده، أنه قد عزم ذو الرياستين على عقد العهد الطالع السرطان وفيه المشتري والسرطان وإن كان شرف المشتري ولكنه برج منقلب لا يتم أمر يعقد فيه ومه هذا فإن المريخ في الميزان في بيت العاقبة وهذا يدل نكبة المقعود له عرفت أمير المؤمنين ذلك لئلا يعتب علي إذا وقف على هذا من غيري، فكتب إلي، إذا قرأت جوابي إليك فأردده مع الخادم إلي ونفسك أن يقف أحد على ما غرفتنيه وأن يرجع ذو الرياستين عن عزمه ألحقت الذنب بك وعلمت أنك سببه قال فضاقت على الدنيا وتمنيت أني ما كتبت إليه، ثم بلغني أن الفضل قد تنبه على الأمر ورجع عن عزمه وكان حسن العلم بالنجوم، فخفت والله على نفسي وكبت إليه فقلت له أتعلم في السماء نجما أسعد من المشتري قال لا قلت أفتعلم أن الكواكب تكون أسعد منها في شرفها قال لا قلت فامض العزم على رأيك إن كنت تعتقد أن الفلك في أسعد حالاته، فامضي الأمر على ذلك، فما علمت أني من أهل الدنيا حتى وقع العقد، فزعا من المأمون.

ومن المعروفين في علم النجوم من الشيعة أبو جعفر السقاء المنجم الأحول ذكر ذلك جدي أبو جعفر الطوسي في"كتاب الرجال" في باب الكنى فقال ما هذا لفظه، وكان لقي الرضا عليه السلام، رآه التلعكبري بد سكرة الملك سنة أربعين وثلثمائة، ووصف له الرضا وحكى حكايته، هذا آخر لفظ الطوسي رحمه الله.

ومن الإصابات بدلالات النجوم من امرأة منجمة دخلت في دين يوشع بن نون مما رواه محمد بن خالد البرقي في"قصص الأنبياء" فقال ما هذا لفظه، عبد الله بن سنان عن عمار بن معوية قال وفتحت مدائن الشام على يد يوشع بن نون حين انتهى إلى البلقاء فوجد فيها رجلاً يقال له بالق وبه سميت البلقاء فجعلوا يخرجون يقاتلونه فلا يقتل منهم رجل يقال له بالق وبه سميت البلقاء فجعلوا يخرجون يقاتلونه فلا يقتل منهم رجل فسأله يوشع عن ذلك فقيل له إن في مدينته امرأة منجمة تستقبل الشمس ببرجها ثم تحسب فتعرض عليها الخيل فلا تخرج يومئذ رجلاً حضر أجله فصلى يوشع ركعتين ودعا ربه أن يؤخر الشمس فاضطرب عليها الحساب ففالت لبالق انظر ما يفرضون عليك فأعطهم فإن حسابي هذا قد اختلط علي قال فتصفحت الخيل فأخرجني فإنه لا يكون إلا بقتال فتصفحت وأخرجت فقتلوا قتلاً لم يقتله قوم فسألوا يوشع الصلح فأبى حتى تدفع إليه المرأة فأبى بالق أن يدفعها فقالت المرأة ادفعني وصالحه فدفعها إليه. فقالت هل تجد فيما أوحي إلى صاحبك قتل النساء قال لا قلت أليس إنما تدعوني إلى دينك قال بلى قالت فإني قد دخلت في دينك، هذا آخر لفظه في حديثه.

ومن العارفين بالنجوم من الشيعة والمصنفين فيها محمد بن أحمد بن سليم الجعفري مصنف كتاب"الفاخر المختصر" من كتاب تحبير الأحكام الشرعية.

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة فيما ذكره الشيخ الفاضل محمد بن شهرأشوب رضي الله عنه في كتاب معالم العلماء فقال في فصل بعض الشعراء لأهل البيت عليهم السلام، وهم على أربع طبقات المجاهرون والمقتصدون والمقتون والمتكلفون، ثم ذكر رحمه الله من جملة المجاهرين بالتشيع ما هذا لفظه، أبو الفتح محمود بن الحسين السندي بن شاهك المعروف بكشاجم وكان شاعراَ أديباً منجماً متكلماً.

وممن رأيت ذكره من علماء النجوم مر دويه بن إبراهيم بن السندي كان خطيباً ناسباً فقيهاً وكان منجماً طبيباً وكان، وكان من رؤساء المتكلمين وكان عالماً بالدولة وكان أحفظ الناس لما يسمع.

ومن العلماء بالنجوم من الشيعة عفيف بن قيس الكندي، ذكره المبرد ورأيت في بعض حديثه أنه كان من أصحاب مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما صار إلى حرب الخوارج وقد تقدم فيما ذكرناه عن نهج البلاغة.

ومن العلماء بالنجوم، عضد الدولة بن بابويه وكان منسوباً إلى الشيع ولعله كان يرى مذهب الزي دية، فممن ذكر معرفته بعلم النجوم الخطيب من"تاريخ بغداد" في الجزء الحادي والخمسين، عند ذكر الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سلمان المعروف بأبي علي الفارسي النحوي وقد مدحه الخطيب مع أنه كان فاضلاً، فقال ما هذا لفظه، قال التنوخي ولد أبو علي الحسن بن أحمد بن الغفار الفارسي النحوي بفارس وقدم بغداد فاستوطنها وسمعنا منه في رجب سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلاميذه هو فوق المبرد وأعلم منه صنف كتباً عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها واشتهر ذكره في الآفاق،وبرع له غلمان حذاق مثل عثمان بن جني وعلي بن عيسى الشيرازي وغيرهما وخدم الملوك وتقدم عند عضد الدولة وسمعت أبي يقول سمعت عضد الدولة يقول أنا غلام أبي علي النحوي في النحو وغلام أبي الحسين الصوفي في النجوم، ثم ذكر أن وفاة أبي علي الفارسي كانت يوم الأحد السابع عشر من ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.

ومن القائلين بصحة علم النجوم وأنها دلالات على الحادثات الشيخ المعظم محمود بن علي الحمصي قدس الله روحه كما حكيناه عنه في هذا الكتاب من كلامه في الجزء الثاني من كتاب"التعليق" العراقي ويسمى كتاب"المرشد إلى التوحيد" والمنقذ من التقليد، وقد صرح فيه أن النجوم دلالات على الحادثات، وأن من حكم العلم بها أمكنه الوقوف عليها بعلم أو ظن، وقد قدمنا ألفاظه بذلك عند ذكر مسألة وجدناها له يحسبها من وقف عليها أنه قد ناقض بين قوليه، واعتذرنا له وكان جدي ورام ابن أبي فراس قدس الله روحه ونور ضريحه من أروع من رأيناه عارفاً بأصول الدين وأصول الفقه والفقه وتاركاً ما تقتضيه الرياسة الدنيوية بالكلية وكان معظماً للحمصي ولكتابه العتيق العراقي فأما تعظيمه للحمصي فإن جدي ورام ما عرف أنه كان يلقب أحداً ورأيت خطه على هذا الجزء الثاني بما هذا لفظه، تأليف الشيخ كالمفيد العالم الأجل الأوحد سديد الدين ظهير الإسلام لسان المتكلمين أسد المناظرين محمود بن علي بن الحسن الحمصي رضي الله عنه ورحمه وأرضاه وحشره مع الأئمة الطاهرين كالمعصومين صلوات الله عليهم أجمعين انتهى، وأما تعظم جدي لهذا الكتاب التعليق فأنه أشار علي بحفظه وأحضره بيده من خزانته ومدح هذا الكتاب مدحاً كثيراً وكان عمري آنذاك نحو ثلاث عشر سنة.

وممن وقفت على كتاب منسوب إليه من علماء الشيعة جابر بن حيان من أصحاب الصادق صلوات الله عليه "الفهرست" والنجاشي ذكر جابر بن حيان، وذكر في باب الأشربة ما هذا لفظه، إن الطالع في الفلك لا يكذب في الدلالة على ما يدل أبداً هذا آخر لفظه في المعنى ثم شرح ما يدل أبداً هذا آخر لفظه في المعنى ثم شرح ما يدل على فضله في علم النجوم وغيرها، وقد ذكره ابن النديم في رجال الشيعة وأن له تصانيف على مذهبنا.

وقد تقدم في جواب مولانا علي بن موسى الرضى صلوات الله عليه للصباح بن النصر الهندي أن ذا القرنين كان ملهماً بعلم النجوم، أقول وهذا ذو القرنين وإن لم يكن يذكر دخوله في الشيعة فهو ممن اتفق أهل الإسلام كافة على صلاحه واختصاصه بالله جل جلاله واطلاعه على أسراره تعالى، وإذا كان ملهماً بعلمها فهو أيضاً مما يمكن أن يكون من أسباب ثبوتها في الدلالة وتعليمها للعباد لأنه لا يمكن معرفة أصولها إلا من جانب الله جل جلاله.

ومن جوابي ما ذكرته لبعض من حكم بدلالة النجوم على منعي من حركة عزمت عليها بتدبير العالم بكل معلوم، وهي انتقالنا إلى بغداد في سنة اثنتين وخمسين وستمائة، إن قلت ما معناه نحن أبناء قوم حكوا برتب الفلك ففرج لجدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الطرق في السماوات؛ لما أسرى به إلى غاية مقامات العنايات، وانشق القمر لأجله وسقط في دار جدنا المعظم علي إظهاراً لفضله وأعيدت الشمس وتعظيماً لمقاماته، فنحن إن سلكنا في تلك الطرائق، ظافرون بما يقتضيه مرة حذرني المنجمون من حركة لي فأقدمت، وأمروا بالحركات فأحجمت كل ذل بتدبير من عليه توكلت وإليه فوضت، وهو حسبي ونعم الوكيل.

وممن ذكر بعلم النجوم وزير المنصور أبو أيوب سليمان بن محمد المورياني وهو منسوب إلى قرية من قرى الأهواز يقال لها الموريان فذكر عبد الرحمن بن المبارك في الجزء الأول من" تاريخ الوزراء" بخط المصنف في ذكر أبي أيوب الوزير فقال ما هذا لفظه، وكان قد أخذ من كل شيء طرفاً، وكان يقول ليس من شيء إلا وقد نظرت فيه إلا الفقيه فإني لم أنظر فيه، ونظرت في الكيمياء والطب والنجوم والحساب، ثم شرح اختصاصه بالمنصور إلى غاية عظيمة وأنه أول وزير كان له.

وممن ظهر له عند العمل بالنجوم دلالتها في دولة الرشيد البرامكة فقد ذكر عبد الرحمن بن المبارك الجزء الثاني من"أخبار الوزراء" ما هذا لفظه أن جعفر البرمكي لما عزم على الانتقال إلى قصره الذي بناه، جمع المنجمين لاختيار وقت ينتقل فيه فاختاروا له وقتاً من الليل فلما حضر الوقت خرج على حمار من الموضع الذي كان ينزله إلى قصره والطرق خالية والناس ساكنون فلما وصل إلى سوق يحيى رأى رجلاً ينشد شعراً.

يدبر بالنجوم وليس يدري

 

ورب النجم يفعل ما يريد

فاستوحش ووقف ودعا بالرجل فقال له أعد ما قلت فأعاده فقال ما أردت بهذا فقال والله ما أردت بهذا معنى من المعاني لكنه شيء عرض لي وجرى على لساني فأمر له بدنانير. ولقد وجدت فيما أشرنا من الكتب كتاباً يدل على اهتمام الخلفاء والملوك والأمراء والعلماء واعتمادهم على العمل بدلالات النجوم، وذكر رائجهم الموسوم، فذكر فيه ما اشتمل عليه من طوالع الخلفاء من بني العباس وطوالع الملوك من بين بويه وطوالع السلطان محمود والسلطان مسعود، وطوالع الوزراء من يحيى بن خالد إلى أيام الطائع ويتضمن مواليد أعيان الدولتين بني حمدان وبني دبيس ومن العلماء جماعة منهم السيد المرتضى وزائجة مولده وقد كان العقرب، درجة و طالع ولده الأطهر أبي محمد بن المرتضى وهو الجوزاء، وطالع ولده الآخر أبي عبد الله الحسين بن المرتضى هو الأسد ومولد محمد بن حسين الرضي الموسي وطالعه الجوزاء ومولد أبي أحمد وطالعه الميزان وقدمنا ذكر ذلك ومولد أبي علي عمر بن محمد بن عمر العلوي وطالعه السرطان ومولد محمد بن عمر وطالعه الدلو، وغيرهم ممن يطولوا ذكر مواليدهم وطوالعهم وشرح زوايجهم مطبقين متفقين على استعمال ذلك وإثباته في التذاكر والتظاهر به، وذكر صاحب "ديوان النسب" في المجلد الأول مولد المرتضى ومولد أخيه الرضي ومواليد أولادهما وطوالعهم وزوائجهم، رضوان الله عليهم كما أشرنا إليه، وهذا يدل المنصف العارف به على صواب القول بأن النجوم دلالات وعلامات على الحادثات وأن استعمال ذلك من المباحات الجائزات والمهمات لأجل ما يستعمل عليه واعتبارها في معرفة القواطع المخوفات فيدفع خطرها بما قدمنا ذكره من الصدقات والصلوات والدعوات وتنبيهها أيضاً على أوقات الممات ليستعد الإنسان بما بين يديه مما يحتاج إليه من الوصايا وأداء الجنايات واستدراك المفروضات واغتنام تحصيل السعادات والباقيات، ويقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس فلما رأيت ذلك بما وهبني الله جل جلاله من أنوار عقل وشرفني من أبصار نقل أنه لا يمتنع أن تكون النجوم دلالات على الحادثات، ووجدت النقل الموافق للعقل كما قلناه قد ورد بجواز ذلك والعمل عليه عمن أوجب الله طاعته والركون إليه، ووجدت صرف محذوراته بدلالة النجوم والأفلاك ممكناً دفعها وصرف خطرها بصوم أو بصدقة أو ما ذكرناه من الاستدراك ووجدت التحرز من الضرر المظنون واجباً في حكم أولي الألباب وأرباب العقول تخاطر بأنفسها وبالأصحاب، في تحصيل نفع مظنون يؤول أمره إلى الفناء والذهاب، وتركب في تحصيله مطايا الأخطار، وتحتمل لأجله أهوال البحار في الأسفار حولت مولدي عند ثلاثة من المنسوبين إلى علم النجوم ببغداد يعتمد كثير من الناس عليهم وعند أربعة من أهل الموصل بعثت مولدي إليهم وعند من كان منسوباً إلى ذلك من أهل البلاد الحالية وشافهت من حضرني غيرهم بما تدل عليه الأسرار الربانية ولم أقتصر على من كان منهم على عقيدة واحدة، بل عند أصحاب العقائد المتباعدة وعند بعض أهل الذمة. ورأيت ذلك من الأمور المهمة لأكون على قدم الاستظهار للخروج من دار الاغترار كما يراد من الاستعداد للمعاد ولقد جربت في عمري من صحة دلالات النجوم الكليات شيئاً كثيراً تصديقاً لما نقل في الروايات وما رأيت عقلي يوافقني على الإهمال بهذه الأحوال والتغافل عما بين يدي من الأهوال مع التمكن بكشفها بعلم أو ظن واستدراكها بما يدلني الله جل جلاله عليه فلا أقل من أن يكون المحصول منه كقول القائل إن إنساناً تخيل أن بين يديه خطراً يوجب أن يتحرز منه ولا يتهجم عليه"ره" وقد قال أكثرهم أن عمري يتسع إلى خمس وسبعين شمسية، وقال آخر إلى أربع وسبعين شمسية، وقال اثنان يزيد على ثمانين سنة، وأنا على قدم التحرز والاستظهار الزائد عند كل سنة مخوفة، بزيادة على عوائد الاستظهارات المألوفة، ولولا وجوب التفويض إلى مالك الأشياء لأحببت سؤاله عز وجل في تعجيل مفارقة دار الفناء خوفاً من الشواغل عما يريده جل جلاله من عمارة دار البقاء ومن شرف حبه وتحف قربه وطلب رضاه ولكني فوضت لما يختاره جل جلاله وحسب المحب أن يسلم زمام مطلوبه إلى محبوبه. ووجدت في كتاب"ريحان المجالس" وتحفة الموانس تأليف أحمد بن الحسين بن علي الرخجي، وسمعت من يذكر أنه من مصنفي الإمامية وعندنا الآن تصنيف له آخر اسمه" أنس الكريم" وقد كان يروي عن المرتضى رضي الله عنه ما هذا لفظه، حدثني أبو الحسن الهيثم أن الحكماء العلماء الذين أجمع الخاصة والعامة على معرفتهم وحسن أفهامهم ولو يتطرق الطعن عليهم في علومهم، مثل هرمس المثلث بالحكمة وهو إدريس النبي عليه السلام، ومعنى المثلث أن الله أعطاه علم النجوم والطب والكيمياء، ومثل أبرخسي وبطليموس، ويقال أنهما كانا من بعض الأنبياء وأكثر الحكماء كذلك وإنما التبس على الناس أمرهم لعلة أسمائهم باليوناينة، ومثل نظرائهم ممن صدر عنهم العلم والحكمة المفضلين الذي مسحوا الأرض ورصدوا الفلك وأفنوا في علمها أموالهم وأعمارهم حتى عرفوا منه ورسموه لنا وأخبرونا به ثم ذكر مصنف ريحان المجالس ما صرحه هؤلاء العلماء من حديث الكواكب وأسرارها وما لا حاجة لنا إلى ذكر ما شرحه من وصف اختبارها.

وذكر أيضاً في كتاب"ريحان المجالس" ما لفظه وجرى ذلك بحضرة والدي الوزير الرخجي رضي الله عنه وبين يديه جماعة من أعيان الزمان وفضلائهم مثل أبي الحسن علي بن عيسى الربعي النحوي وأبي القاسم بن مهر بسطام وأبي القاسم المكي الرملي المنجم وأبي علي الحسن ابن الهيثم وأبي القاسم الخاقاني وأبي الفتح ابن المقدر النحوي ورؤساء ذلك الزمان في وقتهم وتفاوضوا في فنون من العلم وانجر الحديث إلى ذكر النجوم، فقال ابن الهيثم لابن مهر بسطام كيف بمن لا يعلم ارتفاع الشمس من الشرق والمغرب في كل وقت من اليوم ولا يعلم ما يطلع من المشرق ويغرب في المغرب من البروج في كل يوم ولا يعلم ما يمضي من النهار والليل من الساعات المستويات والساعات المعوجات أولا يعلم امتحان ذات الصفا أعني إسطرلاب على خطأ عمل أو على صواب، أو علم قوس النهار في كل يوم، أو علم قوس الليل، أو علم مطالع كل بلد أو علم درجة الشمس ودرجة القمر في كل يوم، أو علم عروض الكواكب الثابتة وأطوالها، أو علم درج البروج، أو علم الدرج التي طلعت معها الكواكب أو علم ارتفاع نصف نهار الكواكب أو علم بعد الكواكب من خط الاستواء أو علم سير الكواكب أو علم ارتفاع الكواكب في كل وقت من النهار أو علم ما دار من الفلك من كل ساعة أو علم السمت بالساعات أو علم وقت طلوع القمر على كم من ساعة يطلع وكم من ساعة يغرب، أو علم اتصال القمر بالكواكب وانصرافه عنها أو علم منازل القمر التي ذكرها الله تعالى في كتابه ما أسماؤها؟ أو علم دخول شهور الفرس وشهور الروم وشهور القبط، أو علم أعباد الملل أو علم الأهلة أو علم تواريخ الملوك من العرب والفرس والروم والقبط، أو علم مجاري النجوم طولاً وعرضاً، أو علم ظهور الكواكب واستتارها، ثم ذكر من علم النجوم التي يحتاج إلى معرفتها زيادة على ما ذكرناه أكثر من ثلاث قوائم مما لا ضرورة إلى ذكر جميعه هنا وشرح بعد ذلك اتفاق الشيخ علي بن عيسى الربعي النحوي، وابن الهيثم ووالده الوزير على تصديق علم النجوم وصحته والازدراء على من يجحد ذلك لجهله بحقيقته، ولم نذكر نحن ذلك لطوله، وذكر في تضييعه عدة مواضع تتعلق بالنجوم لم نذكرها نحن لأن مقصو دنا ذكر أسماء من ذكرهم من علماء النجوم المتقدمين واستعمال ذلك بين العلماء الفاضلين وأن هذا المصنف كان من الإمامية وهؤلاء الرخجبون كان فيهم جماعة من الشيعة ولهم خصائص مرضية مع مولانا علي بن محمد الهادي صلوات الله عليه، وبعضهم مخالفون، وقد وقفنا على كثير من أخبار الفريقين منهم رحم الله أهل الحق منهم ورضي عنهم، وهذا مصنف ريحان المجالس ممن لقي المرتضى الموسوي وروى عنه.