الباب العاشر: في بعض أخبار من كان مستغنيا عن النجوم

في بعض أخبار من كان مستغنياً عن النجوم

بتعريف النبي والأئمة المستمدين من النبي المعصوم صلى الله عليهم. فأقول أن مع وجود من يخبر عن الله جل جلاله مثل الأنبياء ومن استودعوه أسراره تعالى من الأوصياء فإن في وجودهم عني لمن تمكن من لقائه وكشف ما يحتاج إليه بأنوار آرائهم ولذلك قل علماء المنجمين في زمن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ولما انتقل إلى الله جل جلاله والتزم من بقي بعده من الحاملين لأسراره بالتقية ومنعوا من إظهار الأسرار الربانية احتاج معشر من خواصهم من يتعلم علم النجوم وخاصة من لا يقدر على لقائهم إلا في وقت معلوم متباعداً كزمان الحج وأوقاته واستمرت التقية بالمستودعين لأسرار الله تعالى وآياته، فتعلم جماعة من الشيعة العلم المشار إليه لما عرفوا أنه يجوز الاعتماد عليه في أبواب الدلالات والإشارات، وفي ما يعرض لهم من الحاجات ومعرفة ما بين أيديهم من المحظورات والمسرات ليدفعوا المحظورات بالصدقات والدعوات فيبلغوا المنى بشكر الله جل جلاله على ما فتح عليهم من أبواب العنايات كما حكيناه فيما تقدم ورويناه من الإذن لهم في علم النجوم للدلالة والاستدلال بها فيما يخصه الله من الجلالة ليكون تنبيهها على فتح بابها من أهل الرسالة ، وسوف نذكر طرفاً مما انتفع به الشيعة من التعريف بالغائبات والتشريف بتعريفهم بأوقات الحادثات عن ظهور نبيهم وأئمتهم صلوات الله عليهم وتمكينهم فتارة يسألونهم عن أوقات وفاتهم ومدة أعمارهم وحياتهم فيخبرونهم ويستغنون بذلك عن عماء المنجمين وتارة ينبئونهم بعلوم المنايا والبلايا، وأسرار سيد البرايا صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، وحيث يراد أن نذكر من هذا طرفاً مما يصدر من خواص عترته الحاملين لأسرار رسالته، فنذكر عن كل واحد منهم حديثين من طريقين صادقين لئلا يعتقد من يقف على كتابنا من علماء المنجمين وممن لم يطلع على مرادنا من أخبار النبي والأئمة الطاهرين من أهل النجوم والأحكام قدروا على ما لم يقدر على مثله النبي والأئمة "ع" ولو أردنا أن نذكر كل ما أورد عنهم من الأخبار بالغائبات لكان ذلك مجلدات وإنما اقتصرنا على حديثين لئلا يمل الناظر إذا أراد الوقوف على ما رويناه وربما زدنا على حديثين فيما يختص بالحسن بن مولانا علي والحسن العسكري والمهدي "ع".

فمن ذلك من دلائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب الدلائل تصنيف عبد الله بن جعفر الحميري وقد شهد بأمانته وفضله الشيخان العالمان أبو جعفر الطوسي وأحمد بن العباس النجاشي رضي الله عنهما وقد روينا بعدة طرق إليه رضوان الله عليه بإسناده المذكور في كتابه، قال: طلب قوم من قريش إلى النبي حاجة فقال لهم: إنكم تمطرون غداً فأصبحت كأنها زجاجة وارتفع النهار فأتاه رجل عظيم عند الناس فقال: ما كان أغناك عما تكلمت به الأمس فما رأيناك هكذا قط فارتفعت سحابة من قبل السور فأمطرت الأودية وجاءهم من المطر ما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجله فقالوا: يا رسول الله اطلب أن يكفها عنا فقال: اللهم حوالينا ولا علينا فانقشع السحاب يميناً وشمالاً، ومن ذلك ما في كتاب الخرائج والجرائح تأليف الشيخ الثقة سعيد بن هبة الله الراوندي قال: ومنها يعني معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله لقي في غزوة ذات الرقاع رجلاً من محارب يقال له عاصم فقال: يا محمد أتعلم الغيب قال: لا يعلمه إلا الله تعالى فقال: والله لجملي هذا أحب إلي من إلهك قال : لكن الله أخبرني عن علم غيبه أنه سيبعث عليك قرحة في لحييك حتى تصل إلى دماغك فتمرن والله إلى النار فرجع وقد بعث الله قرحة في لحييه وصلت إلى دماغه فجعل يقول لله در القرشي إذ قال بعلم أو زجر فأصاب .

ومن ذلك من دلائل مولانا علي"ع" ما في كتاب "الدلائل" للحميري ما رويناه بإسنادنا إليه بإسناده المتصل في كتابه إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أراد قوم بناء مسجد بساحل عدن فكلما بنوه سقط فأتوا أبا بكر وسألوه فقال: استوثقوا من بنائه ففعلوا واستوثقوا فسقط فعادوا وسألوه فخطب الناس وناشدهم إن كان عند أحد من علم فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام احتفروا ميمنة القبلة وميسرتها فسيظهر لكم قبران عليهما تربة مكتوب عليها أنا رضوي وأخي حباً متنامية لا نشرك بالله شيئاً فغسلوهما وكفنوهما وصلوا عليهما وادفنوهما ثم ابنوا مسجدكم ففعلوا فقام بناؤه، ومن ذلك ما رواه الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي بإسنادنا إليه في كتاب "الخرائج والجرائح" عند ذكر معجزات أمير المؤمنين"ع" فقال: ومنها ما روي عن مينا قال: سمع علي في عسكره ضوضاء فقال: ما هذا قالوا هلك معاوية فقال : كلا والذي نفسي بيده لن يهلك حتى تجتمع عليه هذه الأمة قالوا: ففيم قاله؟ فقال: لأعذر فيما بيني وبين الله تعالى. ومن ذلك في دلائل الحسن بن علي عليه السلام ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن رستم الطبري في كتاب "دلائل الإمامة" بإسناده إلى عبد الله بن عباس قال مرت بالحسن بن علي عليهما السلام بقرة فقال: هذه حبلى بعجلة أنثى لها غرة في جبينها ورأس ذنبها أبيض فانطلقنا مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة كما وصفت على صورتها فقلنا له: أليس الله عز وجل يقول"لا يعلم الغيب إلا الله" فقال: ما يعلم المخزون المكنون المجزوم المكتوم الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل غير محمد وذريته، أقول: لعل معناه ما يعلم المكنون بغير أستاذ على تفصيل معلوم إلا محمد وذريته عليهم السلام، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي عبد الله بن محمد بن النعمان المفيد الذي انتهت رياسة الإمامة إليه رضوان الله جل جلاله عليه، من كتابه الذي سماه كتاب مولد النبي ومواليد الأصفياء عليهم السلام وهو كتاب جليل قد ذكر فيه من معجزات الأئمة ما لم يذكره في كتاب الإرشاد فقال فيه بإسناده إلى جابر ما هذا لفظه، عن أبي جعفر عليهما السلام قال: جاء الناس إلى الحسن بن علي عليهما السلام فقالوا أرنا من عجائب أبيك التي كان يريناها فقال: أو تأمنون بذلك؟ قالوا نعم نؤمن بذلك قالوا ألستم تعرفون أبي جميعاً بلى نعرفه، فرفع لهم جانب الستر فإذا أمير المؤمنين عليه السلام قاعد فقالوا جميعاً: هذا أمير المؤمنين نشهد أنك أنت ولي الله حقاً والإمام من بعده ولقد أريتنا أمير المؤمنين بعد موته كما أرى أبوك أبا بكر رسول الله جدك في مسجد قباء بعد موته فقال الحسن: ويحكم أما سمعتم قول الله عز وجل"ولا تقولن لمن يقتل في سبيل الله أمواتاً بل أحياء ولكن لا تشعرون" فإذا كان هذا فيمن قتل في سبيل الله فما تقولون فينا: قالوا أنتم أفضل بابن رسول الله، أقول وسنذكر حديثاً ثالثاً فيما يختص بالحسن ابن علي عليهما السلام لأنه أول من حكم التغلب عليه بسر أسراره الربانية ومعجزاته النبوية، إلى أن انتقل إلى الدار الأخروية، وكذلك ربما ردنا في روايتي دلالات الحسن العسكري عليه السلام لأنه آخر من كان ظاهراً من خلف آبائه كما أشرنا إلى أنه ممكن حكم التغلب عليه كما أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بمكة منعه التغلب عليه من إظهار كثير من دلالاته، وكما جرى من حال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه فإن لم يظهر في زمن المتقدمين عليه، ما ظهر بعد انتقال الأمر إليه فمن دلالات مولانا الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ما وجدناه ثابتاً في جزء عن أبي عبد الله عليه السلام وهو من جملة مجلد فيه فرائد أوله مختصر فيه أدعية وعوذ، والمختصر بخط محمد بن علي بن الحسين بن مهزيار ونسخته في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وكان على الجزء الذي نقل منه هذا الحديث ما هذا المراد من لفظه من حديث أبي الحسن بن محمد بن عبد الوهاب قدم علينا في سنة أربعين وثلاثمائة، فأما لفظ الحديث فهو حدثنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد الأحمري المعروف بابن داهر المرادي قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي الصيرفي القرشي أبو سمينة قال: حدثني داود بن كثير الرقى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما صالح الحسن بن علي عليهما السلام معوية جلسا بالنخيلة فقال معوية يا أبا محمد بلغني أن رسول الله كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم فإن شيعتكم يزعمون أنه لا يغرب عنكم علم شيء في الأرض ولا في السماء، فقال الحسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرص كيلا وأنا أخرص عدداً فقال معوية : كم في هذه النخلة من بسرة قال الحسن: أربعة آلاف بسرة وأربع بسرات وأقول ووجدت قد انقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدنها في رواية ابن عياش الجوهري هي، فأمر معوية بها فصرمت، فجاءت أربعة آلاف بسرة وثلاث بسرات ثم صح الحديث بلفظهما، فقال الحسن: والله ما كذبت و لا كذبت فنظرنا فإذا في يد عبد الله بن عامر بن كريز بسرة ثم قال عليه السلام: أما والله يا معوية لولا أنك تكفر لأخبرتك بما أعلم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في زمان لا يكذب وأنت تكذب وتقول متى سمع من جده على صغر سنه والله لقد عين زياد أو لتقتلن حجراً ويحمل إليك رأس عمرو بن الحمق . ومن دلائل الحسين بن علي عليه السلام ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري من كتاب الدلائل بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال : خرج الحسين عليه السلام إلى مكة في سنة ماشياً فورمت قدماه فقال له بعض مواليه لو ركبت ليسكن الورم هذا منك فقال: إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتره فقال: له مولاه بأبي أنت وأمي ما قد آمنا منزل يبيع فيه أحد هذا الدهن فقال: بلى أمامك دون المنزل فسار ميلاً فإذا هو بالأسود فقال الحسين لمولاه: دونك الرجل فخذ منه الدهن وأعطه الثمن فقال الأسود للمولى: لمن أردت هذا الدهن فقال:للحسين بن علي فقال: انطلق بنا إليه فصار نحوه فسلم وقال: يا ابن رسول الله أنا مولاك فلا آخذ منك ثمناً تولكن أدعو الله أن يرزقني ولداً سوياً ذكراً يحبكم أهل البيت فإني خلفت امرأتي تمخض فقال: انطلق إلى منزلك فإن الله قد وهب لك ولداً سوياً فذهب فوجده ثم عاد إلى الحسين فدعا له بالخير لولادة الغلام له، ثم أن الحسين عليه السلام مسح من الدهن فما قام من موضعه حتى ذهب الورم عنه، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن جرير بن رستم الطبري في كتاب دلائل الإمامة بإسناده عن حذيفة قال سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول: والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية ويقدمهم عمر بن سعد وذلك في حياة النبي " ص " فقلت أنبأك بهذا رسول الله؟ قال لا فأخبرت النبي بذلك فقال عملي عمله وعلمي علمه فإنا نعلم بالكائن قبل كينونته، ومن ذلك ما رويناه بإسناده إلى الشيخ سعيد بن عبد الله الراوندي من كتاب"الخرائج والجرائح" عن أبي خالد الكابلي عن يحيى بن أم الطويل قال: كنا عند الحسين "ع" إذ دخل إليه شاب يبكي قال ما يبكيك قال إن والدتي توفيت هذه الساعة ولم توصي ولها مال وقد أمرتني أن لا أحدث في أمرها حدثاً حتى أعلمك خبرها فقال الحسين قوموا بنا حتى نصير إلى هذه الحرة فقمنا معه حتى انتهينا إلى باب البيت الذي فيه المرأة فإذا هي ملقاة، فأشرف والله ودعا الله تعالى أن يحييها حتى توصي بما تحب وإذا هي جلست تتشهد، فنظرت إلى الحسين وقالت ادخل البيت يا مولاي وأمرني بأمرك، فدخل وجلس على مخدة ثم قال لها أوصي رحمك الله فقالت يا ابن رسول الله لي من الملك كذا وكذا وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك والثلثان لا نبي هذا أن علمت أنه من مواليك وأوليائك وإذا كان مخالفاً فخذه لك فلا حق للمخالفين في أموال المؤمنين، ثم سألته أن يصلي عليها ويتولى أمرها وعادت ميتة كما كانت.

ومن ذلك في دلائل علي بن الحسين عليهما السلام ما رويناه بإسناده إلى الشيخ أبي جعفر بن رستم قال حضر علي بن الحسين الموت فقال لولده يا محمد أي ليلة هذه قال كذا قال وكم مضى من الشهر قال كذا وكذا قال فإنها الليلة التي وعدتها، ثم دعا بوضوء فجيء به فقال أن فيه فارة فقال بعض القوم أنه ليهجر، فجاءوا بالمصباح فإذا فيه فارة فأمر به فاهريق وجيء بماء آخر فتوضأ وصلى حتى إذا كان آخر الليل توفي صلى الله عليه ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى سعيد بن هبة الله الراوندي يرفعه قال أن علياً بن الحسين عليهما السلام نزل بعسفان ومعه من مواليه أناس كثير، وعسفان منزل بين مكة والمدينة، فضرب غلمانه فسطاطه بموضع فلما دنا منه قال لغلمانه كيف ضربتم في هذا الموضع وفيه قوم من الجن وهم أولياء لنا وشيعة، وقد أضررنا بهم وضيقنا عليهم فقال ما علمنا إن هؤلاء يكونون ههنا، فإذا بهاتف من جانب الفسطاط نسمع كلامه ولا نرى شخصاً يقول يا بن رسول الله لا تحول فسطاطك من موضعه فإنا تحتمله وهذا شيء بعثنا به إليك، فنظروا وإذا بجانب الفسطاط طبق عظيم وفيه أطباق من عنب ورطب ورمان وفواكه كثيرة من الموز وغيره فدعا علي بن الحسين عليه السلام رجل معه واستحضر الناس فأكلوا وارتحلوا.

ومن ذلك في دلائل أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس بن عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل بخط الشيخ الفقيه ابن الغضائري بإسناده إلى عبد الله بن يعفور قال سمعت أبا عبد الله "ع" يقول قال أبي صلوات الله عليه يوم بقي من أجلي خمس سنين فحسبت ذلك فما زاد ولا نقص ومن ذلك ما روينا عن الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج والجرائح يرفعه إلى أبي بصير قال أبا جعفر"ع" قال لرسول من أهل خراسان كيف أبوك قال تركته سالماً قال قتله جار له يقال له صالح يوم كذا في ساعة كذا فبكى الرجل وقال إنا لله و إنا إليه راجعون مما جعلت فقال له أبو جعفر"ع" أسكن فقد صار إلى الجنة وهي خير له مما كان فيه، قال الرجل إني خلفت ابني وجعاً قال قد بريء وقد زوجه عمه ابنته فستقدم عليه وقد ولد له غلام اسمه علي وهو شيعة لنا أما ابنك فليس لنا شيعة بل هو لنا عدو فقال له الرجل هل من حيلة قال أنه لنا عدو فقام الرجل من عنده وهو وقيد فعلت من هذا قال رجل من أهل خراسان وهو لنا شيعة وهو مؤمن.

ومن ذلك في دلائل أبي عبد الله "ع" ما روينا بإسنادنا إلى الشيخين أبي العباس عبد الله بن جعفر وأبي جعفر محمد بن جرير الطبري بروايتهما عن أبي بصير عن أبي عبد الله "ع" قال سمعته يقول وكنت عنده فجرى ذكر المعلى بن خنيس يا أبا محمد ما أقول لك في لعلي ما ينال درجتنا إلا بما ينال منه داود بن علي قلت فما أدري ما يصيبه من داود قال يدعوه عليه لعنة الله إلى ا لدار فيأمر به فيضرب عنقه ويسلبه قلت إنا لله و إنا إليه راجعون قال فلما ولي داود المدينة قصد المعلى ودعاه فسأله أن يسمي له أصحاب جعفر بن محمد قال ما أعرف من أصحابه أحداً وإنما أنا رجل اختلف في حوائجه وما ينوبه وما أعرف له أصحاباً فقال له إن كتمتني قتلتك قل أبا لقتل تهددني والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت عنهم قدمي ولأن قتلتني ليسعدني الله عز وجل ويشقيك، فكان الأمر كما كان أبو عبد الله "ع" لم يغادر كثيراُ ولا قليلا، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي يرفعه إليه المفضل بن عمر قال كنت أمشي مع أبي عبد الله "ع" إذ مررنا بامرأتين بين أيديهما بقرة ميتة وهي مع صبيتها تبكيان فقال ما شأنك فقالت أنا وصبياتي نعيش من هذه البقرة وقد ماتت فتحيرت في أمري قال أفتحبين أن يحييها الله لك فقالت أو تخسر مني مع مصيبتي قال كلا ما أردت ذلك ثم دعا بدعاء وركضها برجله وصاح بها فقامت البركة مسرعة سوية فقالت المرأة عيسى بن مريم ورب الكعبة فدخل الصادق"ع" بين جمع الناس فلم تعرفه المرأة وروي أنه كان بمنى.

ومن ذلك في دلائل أبي الحسن موسى الكاظم"ع" ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل يرفعه إلى علي بن أبي حمزة قال كنت عند أبي الحسن موسى جالساً إذا أتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه ثم جلس وسأل أبا الحسن فأحسن السؤال فقال يا جندب ما فعل أخوك قال حي وهو يقرؤك السلام قال يا جندب عظم الله أجرك في أخيك فقال ورد والله كتابه من الكوفة ليلة الأمس بالسلامة فقال فإنه والله مات بعد كتابه إليك بيومين ودفع إلى امرأته مالاً وقال لها ليكن هذا المال عندك فإذا قدم أخي فادفعيه إليه فأودعته الأرض في البيت الذي تكون فيه فإذا أنت أتيتها فتلطف بها وأطعمها في نفسك فإنها ستدفعه إليك قال علي وكان جندب رجلاً جميلاً قال فلقيت جندباً بعدما فقد أبو الحسن"ع" فسألته عما كان فقال صدق والله سيدي ما زاد ولا نقص لا في الكتاب ولا في المال ومن ذلك رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده إلى أبي الحسن موسى"ع" قال اشتكى محمد بن جعفر حتى خيف عليه الموت فكنا مجتمعين عنده ودخل أبو الحسن"ع" فقعد ناحية وإسحاق عمه عند رأسه يبكي فقعد قليلاً ثم قام، فتبعته وقلت جعلت فداك يلومك أخوتك وأهلك يقولون دخلت على أخيك وهو في الموت ثم خرجت فقال يبرأ أخي أرأيت هذا الجالس سيموت ثم يبكي عليه هذا فبرأ محمد، واشتكى إسحاق فمات وبكى عليه محمد.

ومن ذلك في دلائل علي الرضى "ع" ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري يرفعه بإسناده إلى معبد بن عبد الله الشامي قال دخلت على علي بن موسى الرضى"ع" فقلت له قد كثر الخوض فيك وفي عجائبك، فلو شئت أثبت بشيء وأحدثه عنك قال وما تشاء قلت له تحيي لي أبي وأمي فقال انصرف إلى منزلك فقد أحييتهما فانصرفت فإذا هما والله حيان في البيت وأقاما عندي عشرة أيام ثم قبضهما الله تعالى إليه، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري بإسناده إلى عمر بن يزيع قال كان عندي جاريتان حاملتان فبكيت إلى الرضا"ع" أعلمه ذلك أسأله أن يدعو الله أن يجعل ما في بطينهما ذكرين فوقع أفعل إن شاء الله وابتدأ ني بكتاب مفرد نسخته بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياك أحسن عافية في الدنيا والآخرة برحمته الأمور بيد الله تعالى قضى فيها مقاديره على ما يحب يولد لك غلام وجارية إن شاء الله فسمي الغلام محمداً والجارية فاطمة على بركة الله، قال فولد لي غلام وجارية على ما قال.

ومن ذلك في دلائل محمد الجواد"ع" ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده إلى إبراهيم بن سعيد قال كنت جالساً عند محمد بن علي الجواد عليهما السلام إذ مر بنا فرس فقال هذه تلد الليلة فلو أبيض الناصية في وجهه غرة فاستأذنته وانصرفت مع صاحبها فلم أزل أحدثه إلى الليل حتى ولدت فلو كما وصف"ع" فعدت إليه فقال يا ابن سعيد كأنك قد شككت فيما قلت لك، وأن التي في منزلك ستلد ابناً أعور وكانت جاريتي حبلى فولدت والله محمداً وكان أعور، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله ابن جعفر الحميري في كتاب" الدلائل" بإسناده إلى صالح بن عطية. قال حججت فشكوت إلى أبي جعفر يعني الجواد، الوحدة فقال "ع" أما أنك لا تخرج من الحرم حتى تشتري جارية ترزق منها ابناً قلت جعلت فداك فقد عرضت قال اذهب فكن في السوق حتى أوافيك فصرت إلى دكان نخاس أنتظره حتى وافى ثم مضى فصرت معه فقال قد رأيتها فإن أعجبتك فاشترها على أنها قصيرة العمر قلت جعلت فداك فما أصنع بها قال قد قلت لك فلما كان من الغد صرت إلى صاحبها فقال الجارية محمومة وليس بها مرض وعدت إليه من الغد وسألته فقال قد دفنتها اليوم فأتيته عليه السلام وأخبرته الخبر فقال اعترض فاعترضت وأعلمته فأمرني أن انتظره فصرت إلى دكان النخاس فركب ومر بنا فصرت إليه فقال اشترها فقد رأيتها فاشتريتها وصبرت عليها حتى طهرت فوقعت عليها فولدت لي محمداً ابني.

ومن ذلك في دلائل مولانا علي الهادي "ع" مما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده قال حدثنا أبو الحسن محمد بن إسماعيل الكاتب بسر من رأى سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة قال حدثني أبي قال كنت بسر من رأى بدرب الحصى فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع وهو منصرف من دار موسى بن بغا فسايرني وأفضى الحديث إلى أن قال أترى هذا الجدار أتدري من صاحبه قلت من قال الحجازي العلوي يعني علي بن محمد بن علي الرضا"ع" وكنا نسير في فنا داره قلت وما شأنه قال إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو قلت وكيف ذاك قال أخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع بمثلها أبداً و لا غيرك من الناس ولكن لي الله عليك كفيل وراع أن لا تحدث بهذا الحديث أبدأ فإني رجل غريب ولي معيشة عند السلطان وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقاً منه لئلا تنصرف وجوه الناس إليه فيخرج هذا الأمر عنهم يعني عن بني العباس، قال قلت لك علي ذلك فحدثني وليس عليك من ذلك بأس إنما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد مما تحدث به من هؤلاء قال نعم أعلمك أني لقيته منذ أيام وهو على فرس أدهم وعليه ثياب سود وهو أسود اللون، فلما بصرت به وفقت إعظاماً له وقلت في نفسي لا والمسيح ما خرجت من فمي لواحد من الناس ثياب سود ودابة سوداء ورجل أسود سواد في سواد، فلما بلغ إلي نظر إلي واحد النظر وقال قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد قال أبي رحمه الله فقلت له فما قلت له قال سقط في يدي فلم أحر جواباً فقلت له أفمن أبيض قلبك قال الله أعلم قال أبي فلما اعتل يزداد بعثاً لي فحضرت عنده فقال إن قلبي قد أبيض بعد اسوداه فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً رسول الله وأن علي بن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعظم، ثم مات في مرضه ذلك فحضرت الصلاة عليه رحمه الله، ومن ذلك ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج والجرائح، قال أن هبة الله بن أبي منصور الموصلي قال كان بديار ربيعة كاتب لها نصراني وكان من أهل كفروتي يسمى يوسف بن يعقوب وكانت بينه وبين والديه صداقة، فوافانا ونزل عند والدي فقال له ما شأنك قدمت في هذا الوقت قال قد دعيت إلى حضرة المتوكل ولا أدري ما يراد مني إلا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار، وقد حملتها إلى علي بن محمد بن الرضا وهي معي فقال له والدي قد وقفت يا هذا، ثم خرج إلى حضرة المتوكل وانصرف إلينا بعد أيام قائلاً فرحاً مستبشراً فقال له والدي حدثني حديثك قال صرت إلى سر من رأى وما كنت دخلتها قط، ونزلت في دار فقلت يجب أن أوصل الماء إلى ابن الرضا قبل مصيري إلى باب المتوكل وقبل أن يعرف أحد قدومي، فعرفت أن المتوكل منعه من الركوب وأنه ملازم لداره فقلت كيف أصنع رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا، لا آمن أن ينذر بي فتكون زيادة على ما أحاذره، ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري وأخرج في البلد ولا أمنعه حيث أراد، فلعلي أقف على داره من غير أن أسأل، فحملت الدنانير في كاغذه وجعلتها في كمي وركبت وسرت، فوقف الحمار بي في محل فجهدت به أن يزول فلم يزل فقلت لغلامي، سل لم هذه الدار؟ فقيل له دار ابن الرضا فقلت الله أكبر دلالة والله مقنعة، وإذا خادم أسود قد خرج وقال أنت يوسف بن يعقوب قلت نعم قال انزل فنزلت فقعدت في الدهليز ودخل فقلت وهذه دلالة أخرى من أين عرف هذا الخادم اسمي واسم أبي وليس بهذا البلد من يعرفني وما دخلته قط ثم خرج الخادم فقال المائة دينار التي في الكاغذة في كمك هاتها فناولته إياه وقلت هذه دلالة ثالثة ثم رجع الخادم إلي فقال ادخل فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده فقال يا يوسف ما بان لك؟ فقلت يا مولاي قد بان من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفى فقال هيهات أما أنك لا تسلم ولكن يسلم ولدك فلان وهو من شيعتنا يا يوسف إن أقواماً يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالك كذبوا والله إنها لتنفع أمثالك،امضى لما وافيت له فإنك سترى ما تحب قال فمضيت إلى باب المتوكل فنلت كلما أردت وانصرفت قال هبة الله فلقيت ابنه بعد هذا وهو مسلم حسن التشيع وأخبرني أن أباه مات على النصرانية وأنه أسلم بعد موت أبيه، وكان يقول أنا بشارة مولاي صلى الله عليه.

ومن ذلك في دلائل مولانا الحسن العسكري عليه السلام ما رويت ونقلت من خط من حدثه محمد بن هارون بن موسى التلعكبري وهو شيخنا المفيد رضوان الله عليه قال ما هذا لفظه، حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي هارون بن موسى التلعكبري في يوم الجمعة السابع عشر من المحرم سنة عشر وأربعمائة بالمشهد المعروف في الكرخ بالعتيقة صلوات الله على صاحبه قال أنقذني والدي رحمه الله مع بعض أصحابه إلى صاعد النصراني لأسمع منه ما روى عن أبيه من حديث مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه فوصلنا إليه، فرأيت رجلاً معظماً فأعلمته قصدي فأدناني وقال حدثني أبي أنه خرج هو وأخوته وجماعة من أهله من البصرة إلى سر من رأى لأجل ظلامة من العامل فأنا بسر من رأى في بعض الأيام إذ بمولانا أبي محمد على بغلة وعلى رأسه شاشة وعلى كتفه طيلسان، فقلت في نفسي هذا الرجل الذي يدعي بعض المسلمين أنه يعلم الغيب فإن كان الأمر على هذا فليحول طيلسانه الأيمن إلى الأيسر والأيسر إلى الأيمن ففعل ذلك وهو يسير فوصل إليه وقال يا ثابت لم لا تشتغل بأكل حيتانك عما لا أنت منه ولا إليه، قال وكنا نأكل السمك هذا لفظ حديثه نقلناه كما رأيناه ورويناه وأسلم صاعد وكان وزيراً للمعتمد ومن ذلك روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب"الدلائل"بإسناده إلى الكليني عن إسحاق بن محمد قال حدثني أبو علي عمر بن أبي مسلم قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام وجاريتي حامل، أسأله أن يسمي ما في بطنها فورد الجواب إذا ظهرت فسمها زينب ثم ماتت بعد شهر من ولادتها فبعث إليه بخمسين درهماً على يد محمد بن سنان الصراف وقال اشتر بهذا جارية، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتابه المذكور في بعض معجزاته عليه السلام فقال ومنها ما حدث به نصراني متطبب بالري يقال له مر عبدا وقد أتى عليه مائة سنة ونيف قال كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل وكان يعظمني فبعث إليه الحسن بن علي بن محمد بن الرضا أن يبعث إليه بأخص أصحابه عنده ليفصد فاختارني وقال طلب مني ابن الرضا من يفصده فصر إليه وهو أعلم في يومنا هذا ممن هو تحت السماء فاحذر أن تعترض عليه فيما يأمرك به فمضيت إليه فأمر بي إلى حجرة فقال كن بها إلى أن أطلبك قال وكان الوقت الذي دخلت به محموداً عندي فدعاني في وقت غير محمود له وأحضر طشتاً عظيماً وفصدت الأكحل فلم يزل الدم حتى ملاء الطشت ثم قال اقطع فقطعت وشد يده وردني إلى الحجرة فبت فيها فلما أصبحت وطلعت الشمس دعاني أحضر ذلك الطشت وقال سرح فسرحت فخرج من يده مثل اللبن الحليب إلى أن امتلأ الطشت ثم قال اقطع فقطعت وشديده وقدم لي تخت ثياب وخمسين درهماً وقال خذ واعذر وانصرف فأخذت وقلت يأمرن سيدي بخدمة قال نعم أحسن صحبة من يصحبك بدير العاقول فصرت إلى بختشيوع وأخبرته بالقصة فقال أجمعت الحكماء على أن أكثر ما يكون في بدن الإنسان من دم تسعة أمنان وهذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجباً وأعجب من ذلك اللبن وفكر ساعة ثم مكث ثلاثة أيام بلياليها يقرأ الكتب على أن يجد لهذه القصة ذكراً في العالم فلم يجد ثم قال لم يبقى اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول وكتب إليه كتاباً يذكر فيه ما جرى فأعطينه فخرجت به إليه وناديته فأشرف علي فقلت صاحب بختيشوع قال معك كتابه قلت نعم فأرخى إلي زنبيلاً فجعلت الكتاب فيه ورفعه إليه فقرأه ونزل من ساعته فقال أنت فصدت الرجل؟ قلت نعم قال طوبة لك وأنا سأتيه فركب بغلاً وسرنا فوافينا سر من رأى وقد بقي من الليل ثلثه وقلت أين تريد دار الأستاذ أم دار الرجل قال بل دار الرجل فصرنا إلى بابه قبل الآذان الأول ففتح الباب وخرج إلينا غلام أسود فقالا أيكما راهب دير العاقول قال أنا جعلت فداك قال انزل ثم قال لي الخادم احتفظ البغلين ودخلا فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ثم خرج إلي الراهب وقد رمى ثياب الرهبانية ولبس ثياباً بيضاً وأسلم وقال لي خذني الآن إلى دار أستاذك فصرنا إلى باب بختيشوع فلما رآه بادر يعدو إليه وقال له ما الذي أزالك عن دينك قال وجدت المسيح أو نظيره في آياته وبراهينه ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات. ومن ذلك في دلائل المهدي عليه السلام ما رويناه باسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب"الخرائج والجرائح" عن الكليني قال حدثنا الأعلم المصري وكان أحد الصالحين قال خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد عليه السلام وقلت في نفسي لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين، فسمعت صوتاً ولم أر شخصاً يقول بانصر بن عبد العزيز قل لأهل مصر هل رأيتم رسول الله"ص" فآمنتخم به، قال أبو الرجاء لم أعلم أن اسم أبي عبد ربه، وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني أبو عبد الله النوفلي إلى مصر فنشأت بها فلما سمعت الصوت لم أعول على شيء وخرجت. ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد ابن جرير الطبري بإسناد يرفعه إلى أحمد الدينوري الملقب قال انصرفت من أردبيل إلى الدينور أريد الحج وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي عليهم السلام بسنة أو سنتين وكان الناس في حيرة فاستبشرأهل الدينور بموافاتي واجتمع الشيعة عندي وقالوا اجتمع ستة عشر ألف دينار من مال الموالي ونحن نحتاج أن تحملها معك وتسلمها لمن يحب تسليمها إليه فقلت يا قوم هذه أيام حيرة ولا يدري الباب في هذا الوقت فقالوا أنا اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك فاعمل على أن لا تخرجه من يدك إلا بحجة فحملوا إلى ذلك المال وخرجت فلما وافيت قرمسين كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيماً بها فانصرفت إليه مسلماً فلما رآني استبشر ثم أعطاني ألف دينار في كيس وتخوت ثياب ألوان معكمة لم أعرف ما فيها ثم قال احمل هذا معك ولا تخرجه من يدك إلا بحجة فقبضت المال والتخوت بما فيها من الثياب فقيل أن ههنا رجلاً يعرف بالباقطاني يدعى بالنيابة وآخر يعرف باسحاق الأحمر يدعى بأبي جعفر العمري يدعي أيضاً بالنيابة، فبدأت بالباقطاني وصرت إليه فوجدته شيخاً مهيباً له مروة ظاهرة وفرس عربي وغلمان كثير وتجتمع إليه الناس فيتناظرون فدخلت إليه وسلمت عليه فرحب وقرب وسر وبز فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس فسألني عن أريتي فعرفته أني رجل من الدينور وافيت ومعي شيء من المال أحتاج إلى أن سلمه فقال احمله فقلت أريد حجة قال تعود إلى في غد فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة وعدت في اليوم الثالث فلم يأت فصرت إلى اسحاق الأحمر فوجدته شاباً نظيفاً منزله أكبر من منزل الباقطاني وفرسه ولباسه ومروته أسرى وغلمانه أكثر ويجتمع عنده أكثر مما يجتمع عند الباقطاني فدخلت وسلمت فرحب وقرب فصبرت إلى أن خف الناس فسألني عن حاجتي فقلت له كمال قلت للباقطاني ووعدني بالحجة فعدت إليه ثمانية أيام فلم يأت بحجة فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخاً متواضعاً عليه منطقة بيضاء قاعد على لبد في بيت صغير ليس له غلمان ولا له من المروة والفرش ما وجدته لغيره فسلمت فرد السلام وأدناني وبسطمني ثم سألني عن حاجتي فعرفته أني وافيت من الجبل وحملت مالاً فقال أن أحببت أن يصل هذا الشيء إلى من يجب أن يصل إليه تخرج إلى سر من رأى وتسأل عن فلان بن فلان الوكيل، وكانت ندار ابن الرضا"ع" عامرة، فإنك تجد هناك ما تريد، فخرجت إلى سر من رأى وصرت إلى دار ابن الرضا"ع" وسألت عن الوكيل فذكر البواب أنه مشتغل بالدار،وأنه يخرج آنفاً فقعدت على الباب انتظر خروجه فخرج بعد ساعة فقمت وسلمت عليه فأخذ بيدي إلى بيت كان له وسألني عن حالي وما وردت له فعرفته أني حملت شيئاً من المال من ناحية الجبل واحتاج أن أسلمه بحجة فقام نعم ثم قدم إلي طعاماً وقال تغد بهذا واسترح فإنك تعب وبيننا وبين الصلاة الأولى ساعة فإني أحمل إليك ما تريد فأكلت ونمت فلما كان وقت الصلاة قمت وصليت وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت وزرت وانصرفت إلى بيت الرجل ومكثت إلى أن مضى من الليل ربعه فجائني ومعه درج فيه"بسم الله الرحمن الرحيم" وافى محمد بن أحمد الدينوري وقد حمل ستة عشر ألف دينار في كذا وكذا صرة فيها صرة فلان بن فلان وفيها كذا وكذا دينار وصرة فلان بن فلان وفيها كذا وكذا دينار إلى أن عدد الصرر كلها وفيها صرة فلان بن فلان الزراع ستة عشر ديناراً قال فوسوس لي الشيطان وقلت في نفسي أن سيدي أعلم بهذا مني فما زلت أقرأ ذكر صرة صرة وذكر صاحبها عليها حتى أتى على آخر صرة وذكر بعد ذلك وقد حمل من قرمسين من أحمد بن الحسن المادراني أخي الصرف كيساً فيه ألف دينار وكذا تختا من الثياب ثوبه لونه كذا وثوب لونه كذا حتى وصف ألوان الثياب ونسبها إلى أصحابها عن آخرها" قال فحمدت الله وشكرته على ما من به على ما أزال الشك عن قلبي ثم أمرني بتسليم جميع ما حملت إلى حيث يأمرك أبو جعفر العمري، قال فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام فلما بصر بي أبو جعفر قال لي ألم تخرج قلت سيدي بلى وانصرفت من سر من رأى فأنا أحدث أبا جعفر إذ وردت رقعة إليه من صاحب الأمر عليه السلام ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي فيه ذكر المال والثياب وأمره أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي فلبس أبو جعفر ثيابه وقال لي احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان فحملت المال والثياب إلى منزل القطان وسلمت إليه وخرجت إلى الحج فلما رجعت إلى الدينور اجتمع عندي الناس فاخرجت الدرج الذي أعطانيه وكيل مولانا صلوات الله عليه وقرأته على القوم فلما سمع ذكر الصبرة باسم الزراع سقط مغشياً عليه وما زلنا نعلله حتى أفاق ولما أفاق سجد شكر لله عز وجل وقال الحمد لله الذي من علينا بالهداية الآن علمت أن الأرض لا تخلو من حجة، هذه الصرة دفعها إلى هذا الزراع ولم يقف على ذلك إلا الله عز وجل قال خرجت بعد ذلك فلقيت أبا الحسن المادرائي وعرفته الخبر وقرأت عليه الدرج فقال يا سبحان الله مهما شككت في شيء فلا تشك أن الله لا يخلي أرضه من حجة، أعلم أنا لما غزا أزكوتكين يزيد بن عبد الله بشهرزور وظفر ببلاده واحتوى على خزائنه صار إلى رجل وذكر أن يزيد ابن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا، فجعلت أنقل خزائن يزيد إلى أزكوتكين أولا فأولا وكنت أدافع عن الفرس والسيف إلى أن لم يبق شيء غيرهما وكنت أرجو أن أخلص ذلك لمولانا عليه السلام فلما اشتدت مطالبة أزكوتكين إياي ولم يمكنني مدافعته جعلت في السيف والفرس على نفسي ألف دينار ورتبتها ودفعتها إلى الخازن وقلت له ادفع هذه الدنانير في أوثق مكان ولا تخرجن إلي في حال من الأحوال شيئا منها ولو اشتدت الحاجة إليها وسلمت الفرس والسيف فأنا قاعد في مجلسي الذي أبرم فيه الأمور، وأوفي القصص وآمر وأنهي إذا دخل أبو الحسن الأسدي، وكان يتعاهدني في الوقت بعد الوقت وكنت أقضي حوائجه فلما طال جلوسه وعلي بؤس كثير قلت له ما حاجتك قال أحتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهيأ لنا مكانا ًفدخلنا الخزانة، فأخرج لي رقعة صغيرة من مولانا صلوات الله عليه فيها "يا أحمد بن الحسن الألف دينار التي عندك ثمن الفرس و السيف سلمها إلى أبي الحسن الأسدي" فخررت لله ساجداً لما من به علي من معرفة حجة الله حقاً لأنه لم يكن وقف على هذا أحد غيري، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخرى سروراً بما من الله به علي من معرفة هذا الأمر ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري أيضاً من كتابه قال كتب علي بن محمد السمري يسأل الصاحب "ع" كفنا يتبين ما يكون من عنده، فورد الجواب أنك تحتاجه سنة إحدى وثمانين،فمات في الوقت الذي حده عليه السلام وبعث إليه الكفن قبل موته بشهر. ومن الكتاب أيضاً ما لفظه قال القاسم بن العلا كتبت إلى صاحب الأمر عليه السلام كتاباً في حوائج و أعلمته أني رجل كبر سني ولا ولد لي فأجابني عن الحوائج يجبني عن الولد بشيء فكتبت إليه في الرابعة أسأله أن يدعو الله لي أن يرزقني الله ولداً، فأجابني بحوائجي وكتب اللهم ارزقه ولداً ذكراً تقربه عينه واجعله هذا الحمل الذي أردت، فورد وأنا لا أعلم أن لي حملاً فدخلت علي جاريتي وسألتها عن ذلك فأخبرتني أن علتها قد ارتفعت و أنها حامل، فولدت غلاماً، وهذان الحديثان رويتهما عن الطبري والحميري، ومن ذلك ما رويناه عن الشيخ أبي جعفر الطبري والشيخ أبي العباس الحميري بإسنادنا إليهما قالا حدثنا أبو جعفر قال ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع فورد الجواب لا فمات المولود في اليوم السابع ثم كتبت إليه أخبره بموته فكتب في الجواب يخلف الله عليك غيره وغيره فسمي أحمد ومن بعد أحمد جعفر، فجاءا كما قال صلوات الله محليه، ومن الكتاب المذكور ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثني أبو حامد المراغي عن محمد بن شاذان بن نعيم، قال قال لي رجل من أهل بلخ تزوجتامرأة سراً فلما وطأتها علقت وجاءت بابنة فاستأت وضاق صدري فكتبت أشكو ذلك فورد الجواب ستكفاها، فعاشت أربع سنين فماتت فوردني منه عليه السلام، الله ذو أناة وأنتم تستعجلون، ومن الكتاب المذكور ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري قال حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال تقلدت عملاً من أبي منصور الصالحان وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري عنه، فطلبني وأخافني فمكثت مستتراً خائفاً ثم قصدت مقابر قريش بين ليلة الجمعة و اعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت أبا جعفر القيم يقفل الأبواب وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، خوفاً من دخول إنسان لم آمنه وأخاف من لقائه ففعل وقفل الأبواب وانتصف الليل فورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، فمكثت أدعووأزور وأصلي، فبينما أنا كذلك إذ سمعت وطأً عند مولانا موسى عليه السلام وإذا هو رجل يزور فسلم على آدم وعلى أولي العزم ثم على الأئمة واحداً واحداً إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان فلم يذكره فعجبت من ذلك وقلت في نفسي لعله نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين وأقبل إلى مولانا أبي جعفر عليه السلام زار مثل تلك الزيارة وسلم ذلك السلام وصلى ركعتين وأنا خائف منه إذ لم أعرفه شاباً من الرجال عليه ثياب بيض وعمامة محنك بها وله ذوابة ورداء على كتفه ، فالتفت إليه وقال: يا أبي الحسين ابن أبي البغل، أين أنت عن دعاء الفرج قلت فما هو يا سيدي: قال: تصلي ركعتين وتقول: يا أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر يا عظيم المن يا كريم الصفح يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كل نجوى وغاية كل شكوى يا عون كل مستعين، يا مبتدئ بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه عشر مرات يا منتهى غاية رغبتاه عشر مرات أسألك بحق هذه الأسماء وبحق محمد وآله الطاهرين إلا ما كشفت كربي ونفثت همي وفرجت غمي وأصلحت حالي، وتدعو بعد ذلك ما شئت وتسأل حاجتك، ثم تضع خدك على الأرض وتقول مائة مرة في سجودك: يا محمد يا علي اكفياني فإنكما كافياي وانصراني فإنكما ناصراي، ثم تضع خدك الأيسر على الأرض وتقول أدركني يا صاحب الزمان تكرر ذلك كثيراً وتقول الغوث الغوث الغوث حتى ينقطع النفس وترفع رأسك فإن الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله فلما أشغلت بالصلاة والدعاء خرج فلما فرغت خرجت أبي جعفر لأسأله عن الجل وكيف دخل فرأيت مقفلة فعجبت من ذلك وقلت لعل باباً هنا لم أعلمه وانتهيت إلى أبي جعفر القيم من باب الزيت فسألته عن الرجل، ودوله فقال الأبواب مقفلة ما فتحتها فحدثته الحديث فقال هذا مولانا صاحب الزمان وقد شاهدته دفعات في مثل هذه الليلة عند خلوتها من الناس، فتأسفت على ما فاتني منه وخرجت عند قرب الفجر وقصدت الكرخة إلى الموضع الذي كنت مستتراً فيه فما أضحى النهار إلا وأصحاب ابن أبي الصالحان يلتمسون لقائي ويسألوا عني أصحابي وأصدقائي ومعهم أمان من الوزير ورقعة بخطة فيها كل جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائي فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده، وقال انتهي بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه، فإني رأيته في النوم البارحة يعني ليلة الجمعة وهو يأمرني بكل جميل،ويجفو علي في ذلك جفوة خففتها، فقلت لا إله إلا الله أشهد أنهم الحق ومنتهى الحق، رأيت البارحة مولانا في اليقظة فقال: لي كذا وكذا وشرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك وجرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى وبلغت منه غاية لم أظنها، وذلك ببركة مولانا صلوات الله عليه . ومما روينا بإسنادنا إلى الشيخ عبد الله بن جعفر الحميري في الجزء الثاني من كتاب الدلائل وقال:و كتب رجل من ربض حميد يسأله الدعاء في حمل له، فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الأربع أشهر وأنها ستلد ابنا، وكان الأمر كما قال صلوات الله عليه.

ومن الكتاب المذكور قال الحسن بن علي بن ابراهيم السياري كتب علي بن محمد السمري يسأل الصاحب "ع" كفناً فورد عليه أنك تموت في إحدى وثمانين، فمات في تلك السنة وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهرين.

ومما روينا بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في الجزء الأول من كتاب "الخرائج والجرائح" فقال عن رشيق الحاجب المادرآني قال: بعث إلينا المعتضد وأمرنا أن نركب ونحن ثلاثة نفر ونخرج مخفيين على السرج وبحيث لا نرى، وقال: الحقوا بسامرا واكبسوا دار الحسن بن علي فإنه توفي ممن رأيتم بها فأتوني به فأتينا سامرا وكبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دار أسترته كأن الأيدي رفعت عنها في ذلك الوقت فرفعنا السترة فإذا سرداب في الدار الأخرى فرأينا كائن بحرافيه وفي أقصاه حصير قد علمنا أنه على الماء وفوقه رجل من أحسن الناس هيبة قائم يصلي فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطى فغرق في الماء وما زال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل الأول فناله مثل ذلك فبقيت مبهوتاً فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإلى رسوله وإليك فوا الله ما علمت كيف الخبر وإلى من نجيء وأنا تائب إلى الله، فما التفت إليه بشيء مما قلت ثم عدت إلى المعضد فقال: اكتموه وإلا ضربت أعناقكم، ومن الكتاب المذكور ما رويناه عن الشيخ المفيد ونقلناه عن نسخة عتيقة جداً من أصول أصحابنا قد كتبت في زمان الوكلاء فقال فيها : ما هذا لفظه قال الصفواني رحمه الله رأيت القاسم بن العلاء وقد عمر مائة سنة وسبعة عشرة منها ثمانون سنة صحيح العينين فيها لقي مولانا أبي الحسن ومولانا أبا محمد العسكري عليهما السلام وحجب بعد الثمانين وردت عيناه قبل موته بسبعة أيام، وذلك أني كنت مقيماً عنده بمدينة أران من أرض أذربيجان، وكان لا تنقطع عنه توقيعات مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه على يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري وبعده على يد أبي القاسم بن روح قدس الله روحيهما فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين فقلق رحمه الله لذلك فبينا نحن عنده إذ دخل البواب مستبشراًُ وقال: فيج العراق قد ورد ولا يسمى لاغيره فاستبشر أبا القاسم وحول وجهه إلى القبلة فسجد ودخل رجل قصير بالصرر الفيوج عليه وعليه جبة مصرية وفي رجليه نعل أملي وعلى كتفه مخلاة فقام إليه وعانقه ووضع المخلاة من عنقه ودعا بطست من ماء فغسل وجهه وأجلسه إلى جانبه فأكلنا وغسلنا أيدينا فقام الرجل وأخرج كتاباً أفضل من نصف الدرج فناوله القاسم فقبله ودفعه إلى كاتب له يقال له عبد الله بن أبي سلمة فأخذه وفضه وقرأه وبكى حتى أحس القاسم ببكائه فقال القاسم له: يا عبد الله خيراً قال ما يكره فما قال فما هو قال: ينعى الشيخ نفسه بعمد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً وأنه يمرض في اليوم السابع من ورود هذا الكتاب وأن الله يرد عليه بعد ذلك عينيه وقد حمل سبعة أثواب فقال القاسم في سلامة من ديني؟ قال في سلامة من دينك فضحك رحمه الله وقال: ما أومل بعد هذا العمر ثم قام الرجل الوارد ثم أخرج من مخلاته ثمانية أزر يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً فأخذها الشيخ وكان عنده قميص خلعه مولانا أبو الحسن بن الرضى عليه السلام، وكان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمد السرى وكان شديد النصب وكن بينه وبين القاسم نضر الله وجهه مودة في أمور الدنيا وكان يواده وكان عبد الرحمن وافى إلى آران للإصلاح بين أبي جعفر بن أبي حمدون الهمداني وبين حيان العيني فربما حضر عنده فقال لشيخين كانا مقيمين عنده أحدهما يقال له أبو حامد عمران بن المفلس والآخر يقال له أبو علي محمد أريد أن أقرأ هذا الكتاب لعبد الرحمن فإني أحب هدايته وأرجو أن يهديه الله عز وجل بقراءة هذا الكتاب لا إله إلا الله، هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمان أشتهي أن يهديني الله بهذا الأمر فاقرأه له فلما مر ذلك اليوم وكان الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة أربع وثلاثمائة دخل عبد الرحمن وسلم عليه، فقال له اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك فقرأه فلما بلغ إلى موضع النعي به رمى الكتاب من يده وقال للقاسم:يا أبا محمد اتق الله فإنك رجل فاضل في دينك متمكن من عقلك، إن الله يقول "وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت" ويقول "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً" فضحك القسم وقال: أتم الآية "إلا من ارتضى من رسول" ومولاي هذا المرتضى من رسول، قد علمت أنك تقول هذا ولكن أرخ هذا اليومفأنا إن عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في الكتاب فاعلم أني لست على شيء وإن أنا مت فانظر لنفسك، فأرخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا ،فلما كان اليوم من ورود الكتاب، حم القاسم واشتدت به العلة واستند في فراشة إلى الحائط وكان ابنه الحسن بن القاسم كان مدمناً على شراب الخمر وكان متزوجاً إلى أبي عبد الله بن أبي حمدون الهمداني كان بن أبي حمدون الهمداني جالساً في ناحية من الدار ورداؤه على وجهه وأبو حامد في ناحية وأبو علي بن محمد وجماعة من أهل البلد يبكون إذ اتكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول: يا محمد يا علي يا حسن يا حسين إلى آخر الأئمة يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عز وجل ثم قالها ثانية ثم قالها ثالثة فلما وصل إلى يا موسى يا علي تفرقعت أجفان عينيه كما تفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانفتحت حدقتاه وجعل يمسح بكمه عينيه وخرج من عينه شيئاً يشبه ماء اللحم ثم مد طرفه إلى ابنه فقال: يا حسن إلي يا أبا حامد إلي يا أبا علي إلي، فاجتمعوا حوله ونظر إلى حدقتيه صحيحين، فقال أبو حامد تراني، فجعل يده على كل واحد منا وشاع في الناس هذا فاتاه الناس ينظرون إليه وركب إليه القاضي وهو عينيه بن عبيد الله أبو ثابت المسعودي قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه وقال: يا أبا محمد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتماً فصه فيروز وقربه منه وقال خاتم فصه فيروزج عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم فلم يمكنه قراءته وخرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره فالتفت القسم إلى ابنه الحسن فقال: يا بني إن الله عز اسمه جعل منزلتك منزلتي ومرتبتك مرتبتي فأقبلها بشكر فقال الحسن قد قبلتها قال القاسم على ماذا قال: على ما تأمرني به قال: أن تنزع عما أنت عليه عما أنت عليه من شرب الخمر فقال يا أبه وحق من أنت في ذكره لأنزعن عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده إلى السماء وقال: اللهم ألهم الحسن طاعتك وجنبه معصيتك"ثلاث مرات" ثم دعا بدرج وكتب وصيته بيده، وكانت الضياع التي بيده لمولانا عليه السلام وقفها له أبوه فكان فيما أوصى الحسن أن قال له أنك إن أهلت الأمر يعني الوكالة لمولانا عليه السلام تكون مؤونتك من نصف ضيعتي المعروفة بفر جند وسائرها ملك لمولاي وإن لم تؤهل فاطلب خيرك من حيث يبعث الله لك فقبل الحسن وصيته على ذلك فلما كان يوم الأربعين وقد طلع الفجر فمات القسم فوافاه عبد الرحمن بن محمد يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح وا سيداه فاستعظم الناس منه ذلك وجعلوا يقولون ما الذي تفعل بنفسك فقال اسكتوا فإني رأيت ما لم تروا وشيعه ورجع عما كان عليه ووقف أكثر ضياعه ،فتجرد أبو علي بن محمد وغسل القاسم وأبو حامد يصب عليه الماء ولف في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولانا وما يليه السبعة أثواب التي جاءت من العراق فلما كان بعد مدة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا صلوات الله عليه ودعا له في آخره ألهمه الله طاعة وجنبه معصيته، وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه وكان في آخره قد جعلنا أباك لك إماماً وفعاله مثلاً، وروينا هذا الحديث الذي ذكرناه أيضاً عن أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه،ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ بن هبة الله الراوندي في الجزء الأول من كتاب الخرائج و الجرائح قال روي عن أبي الحسن المسترق الضرير قال كنا يوماً في مجلس الحسن بن عبيد الله بن حمدان ناصر الدولة فتذاكرنا أمر الناحية فقال كنت أزري عليها حتى حضرت مجلس عمي الحسين فأخذت أتكلم بذلك فقال يا بني كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت إلى ولاية قم حين إستصعبت على السلطان وكان كل من ورد إليها يحاربه أهلها فسلم إلي الجيش فخرجت نحوها فلما بلغت إلى ناحية نهر خرجت إلى الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها وأوغلت في طلبها وأثرها حتى بلغت إلى نهر فسرت فيه وكلما سرت اتسع ذلك النهر فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارس تحته شهباء وهو معم بعمامة خز أخضر لا أرى منه سوى عينيه وفي رجليه خفان أحمران فقال لي يا حسين لا هو لقبني ولا كناني قلت ماذا تريد قال كم تزري على الناحية ولم تمنع أصحابي خمس مالك قال وكنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئاً، فأرعدت وتهيبته وقلت افعل يا سيدي ما تأمر به قال فإذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه ودخلته وكسبت ما كسبت فيه فاحمل إلى من يستحق خمسه فقلت السمعوالطاعة قال فامض راشداً ولوى عنان دابته وانصرف فلم أدري أي طريق سلك فطلبته يميناً وشمالاً فخفى علي أثره، فازددت رعباً وانفلت راجعاً إلى عسكري وتناسيت الحديث حتى بلغت قم، وعندي أني محارب القوم فخرج إلي أهلها وقالوا كنا نحارب من يجيئنا لخلافهم لنا فإذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك ادخل البلد ودبرها كما ترى، فدخلت البلد وأقمت فيها زماناً واكتسبت أموالاً زائدة على ما كنت أقدر ثم وشى القواد بي إلى السلطان وحدثوه بطول مقامي وكثرة ما اكتسبت، فعزلت ورجعت إلى بغداد فابتدأت بدار السلطان فسلمت وأقبلت إلى منزلي فجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري فتخطى الناس حتى اتكأ على متكلي فاغتظت من ذلك ولم يزل قاعداً ما يبرح والناس داخلون وخارجون وأنا أزداد غيظاً فلما تصرم المجلس دنا إلي وقال بيني وبينك سر فاسمعه قلت ماذا قال صاحب الشهباء والنهر يقول هلا وفيت بما وعدتنا فذكرت الحديث وارتعت وقلت السمع والطاعة وقمت ففتحت الخزائن له ولم يزل يخمس إلى أن خمس شيئاً كثيراً كنت أنسيته مما جمعته فذكرنيه وأخذ الخمس وانصرف ، فلم أشك بعد ذلك وتحققت الأمر قال فأنا منذ سمعت هذا الحديث من عمي أبي عبد الله زال ما كان عرض لي من شك بحمد الله، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ سعيد الراوندي في كتابه المذكور قال ومنها ما روي عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال لما وصلت بغداد سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة أردت الحج، وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت، لأنه يمضي في الكتب قصة أخذه وأنه ينصبه في مكانه الحجة في ذلك الزمان كما وضعه في مكانه زين العابدين عليه السلام في زمن الحاج فاستقر في مكانه، فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي، ولم يتهيأ لي ما قصدت ابن هشام وأعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدة عمري وهل تكون الميتة في هذه العلة أو لا وقلت له همي إيصال هذه الرقعة إلى من يضع الحجر في مكانه ويستقر وأخذ جوابه، فإنما أندبك لهذا فقال الرجل المعروف بابن هشام لما وصلت مكة وعزم أهلها على إعادة الحجر مكانه بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الوقوف بحيث أرى واضع الحجر في مكانه وأقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام ولم يزل عن مكانه فعلت لذلك الأصوات وانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عني يميناً وشمالاً حتى ظن الاختلاط بي في العقل، والناس يفرجون له وعيني لا تفارقه حتى انقطع عن الناس، وكنت أسرع المسير خلفه وهو يمشي على توأدة، فلما حصل بحيث لا يراه أحد غيري وقف والتفت إلي وقال:هات ما معك، فناولته الرقعة فقال: من غير أن ينظر إليها قل له لا خوف عليك في هذه العلة وسيكون ما لابد منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع على الزمع حتى لم أطق حراكاً وتركني وانصرف قال أبو القاسم: فحضر وأعلمني هذه الجملة فلما كانت سنة الثلاثين اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره بتحصيل هذه جهازه في قبره وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك فقيل له: ماذا الخوف؟ ونرجو أن يتفضل الله عليك بالسلامة، فما علتك مما يخاف فقال: هذه السنة التي خوفت فيها ومات في علته رحمه الله . فيما نرويه عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي محمد عبد الله الحذاء الدعلجي "منسوب إلى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال لأهله الدعالجة" وكان فقيهاً عارفاً ذكره النجاشي في كتابه بما ذكرناه قال: وعليه تعلمت المواريث وله كتاب الحج، قال الشيخ سعيد بن عبد الله الراوندي في الجزء الأول من كتابه الخرائج والجرائح ما هذا لفظه أن أبا محمد الدعلجي كان له ولدان وكان من خيار أصحابنا وكان قد سمع الأحاديث وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة وهو أبو الحسن وكان يغسل الأموات والولد الآخر يسلك مع الفساق فدفع إلي أبي محمد حجة تحج بها عن صاحب الزمان صلوات الله عليه، وكان ذلك عادة الشيعة في ذلك الوقت وتركت بعد ذلك، فدفع منها شيئاً إلى ولده المذكور بالفساد وخرج إلى الحج ولما عاد حكى أنه كان واقفاً بالموقف رأى شخصاً إلى جانبه حسن الوجه أسمر اللون ذا ذوابتين مقبلاً على شأنه في الابتهال والدعاء، حسن العمل والتضرع قال: فلما نفر الناس التفت إلي وقال: يا شيخ أما تستحي قلت: من أي شيء يا سيدي قال: تدفع إليك حجة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك هذه وأومأ إلى عيني فأنا من ذلك علي وجل ومخافة،وسمع منه أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك فما مضى عليه إلا أربعون يوماً من بعد ملاقاته مولانا عليه السلام حتى خرجت في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت بها، ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتابه "الخرائج والجرائح" في الجزء الثاني منه قال: ومنها ما روي عن أحمد بن أبي روح قال: وجهت إلي امرأة من أهل الدينور فأتيتها فقالت: يابن أبي روح أنت أوثق من في ساحتنا ديناً وورعاً وإني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك فتأديها وتقوم بها قلت: أفعل إن شاء الله قالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحله ولا تنظر إليه حتى تؤديه إلى من يخبرك بما فيه وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير وفيه ثلاث حبات لؤلؤ تساوي عشرة دنانير ولي إلى صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها قلت: وما الحاجة؟ قالت: عشرة دنانير اقترضتها ولا أدري إلى من أدفعها فإن أخبرك فأدفعها إلى من يأمرك،فأتيت سامراء فقيل لي:إن جعفر بن علي يدعي الإمامة فقلت ابدأ بجعفر ثم تفكرت فقلت: ابدأ بهم فإن كانت الحجة عندهم وألا أتيت جعفراً،فدنوت من باب دار أبي محمد عليه السلام فخرج إلي خادم وقال: أنت أحمد بن أبي روح؟ قلت: نعم فقال: فهذه الرقعة اقرأها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم أودعتك بنت الدينوري كيساً فيه ألف درهم بزعمك وهو خلاف ما تظن وقد أديت الأمانة ولم تفتح الكيس ولم تدر ما فيه ألف درهم وخمسون ديناراً صحاحاً ومعك قرطان زعمت المرأة أنها تساوي عشرة دنانير،وهي تساوي ثلاثين ديناراً فادفعها إلى جاريتنا فلانة فإنا قد وهبناها لها، وصر إلى بغداد وادفع المال إلى حاجز وخذ منه ما يعطيك لنفقتك. فأتيت بغداد ودفعت المال إليه فأعطاني شيئاً منه فأخذته وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه فإذا بفيج فاجأني من المنزل يخبرني بأن حموي قد مات وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم، فرجعت فإذا هو مات وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم،ومن ذلك ما ذكره الراوندي رحمه الله أيضاً في الجزء الأول من كتاب الخرائج والجرائح قال:أن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته ابنة عمه ولم ترزق منها ولداً فكتبت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح أن يسأل الحضرة ليدعو الله أن يرزقه أولاداً فجاء الجواب أنك لا ترزق من هذه وستملك جارية ديلمية ترزق منها ولدين فقيهين ماهرين،فرزق منها محمداً والحسين وكان لهما أخ أوسط مشتغل بالزهد لا فقه له،ومن الكتاب المذكور ما روي عن علي بن ابراهيم الفدكي قال: قال لأولادي: بينما أنا في الطواف طفت ستة أشواط وأريد أن أطوف السابع فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب مع هيبته متقرب إلى الناس وقالوا هذا ابن رسول الله يظهر للناس في كل سنة لخواصه يوماً فيحدثهم،فجئته وقلت مسترشداً فأرشدني هداك الله عز وجل فناولني حصاة فحولت وجهي فقال لي بعض خدامه: ما الذي دفع إليك قلت: حصاة فقال: هولي قد تبينت لك الحجة وظهر الحق وذهب عنك العمى أتعرفني قلت: اللهم لا قال: أنا المهدي أناقائم الزمان أملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، إن الأرض لا تخلو من حجة ولا تبقي الناس في فترة من تيه بني إسرائيل فقد ظهر أيام خروجي فهذه أمانة في رقبتك تحدث بها إخوانك من أهل الحق .

يقول علي بن موسى بن جعفر بن حمد بن محمد الطاوس الحسني قد اقتصرت على هذه الأحاديث اليسيرة على ما كان ولو ذكرت ما في معناها كانت عدة مجلدات واقتصرت على طريقين في الرواية من غير زيادة، إلا ما استثنيته منهم عليهم السلام لأجل السعادة، وإني أرويه بعدة طرق من أهل المعرفة والسيادة، وإنما ذكرت من هذه الأحاديث في هذا الكتاب، المتعلق في أحاديث النجوم من خطأ وصواب،لأني لما ذكرت أخباراً في صدق دلالات النجوم على الحادثات وصدق المخبرين بذلك فيما أوردناه من الحكايات اقتضى وجوب الاستظهار لنبوة جدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولحرمة مقامه الشريف، وبما دعا إليه من التكليف، أن أبادر إلى التعريف، لمن يقف على هذا التصنيف،أن رسول الله صلى الله عليه،ومن أكرمه الله جل جلاله من خاصته المنسوبة إليه كان منهم من أخبر عنه بالغائبات وشرف لأجله بالكرامات،وبلغ ما بلغ الذين نقلوا عنه الأحكام المذكورات، وما كانوا معروفين بعلم النجوم وما فيها من الدلالات على الكائنات،ولأعرف لهم أستاذ من غيرهم تعلموا ذلك عليه،ولا وجد لهم كتاب في علم النجوم ينظرون إليه،ولأعرف أن ذاكر أذكر أنهم افتقروا إلى الآلات من اضطراب ولا تقويم ولا زائجة ولا رمل ولا زجر ولا قيافة،بل كان ذلك من فضل الله عليهم والرحمة والرأفة كما قال سبحانه في محكم الآيات: "أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات" وهذا آخر ما ورد على خاطري أن أذكره في كتاب فرج المهموم في علم النجوم، بما رجوت أن يكون صادراً عن رضا الله جل جلاله فاتح أبواب العلوم، وأن يجعله ذخيرة ووسيلة إلى رحمته في اليوم المعلوم، وكان الفراغ من تأليفه يوم الثلاثاء لعشرين من شهر المحرم سنة خمسين وستمائة هلالية بمشهد مولانا الشهيد المعظم الحسين صلوات الله عليه إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين وصلاته على محمد وآله الطاهرين، وفرغ من كتابته على نسخة كتبت بأصفهان لأمر السيد علي نظام الدين المكي الشيرازي سنة ألف ومائة وثمان عشرة وقوبلت أقل العباس محاسن وأكثرهم مساوي محمد بن الشيخ طاهر السماوي في النجف سنة1366 من الهجرة الموصوفة بأكرم وصف، حامداً مصلياً مسلماً مستغفراً.