طبقات الشعراء الجاهليين - الطبقة الرابعة

وهم أربعة رهط فحول شعراء، موضعهم مع الأوائل وإنما أخل بهم قلة شعرهم بأيدي الرواة.

طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.

وعبيد بن الأبرص بن جشم بن عامر، أحد بني دودان بن أسد بن خزيمة.

وعلقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.

وعدي بن زيد بن حمار بن زيد بن أيوب، أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم.

فأما طرفة فأشعر الناس واحدة، وهي قوله:

لِخَوْلةَ أطلالٌ بِبُرْقَةِ ثَـهْـمـدِ

 

وقفت بها أبكي وأُبكي إلى الغد

 وتليها أخرى مثلها وهي:

أصحوتَ اليومَ أم شاقتْك هِرّ

 

ومن الحُبّ جنونٌ مُستقـر

ومن بعد له قصائد حسان جياد.

وعبيد بن الأبرص، قديم، عظيم الذكر، عظيم الشهرة، وشعره مضطرب ذاهب، لا أعرف له إلا قوله:

أقفر من أهله ملحُوبُ

 

فالقُطَبِيَّتُ فالذنـوبُ

ولا أدري ما بعد ذلك.

وعلقمة بن عبدة، وهو علقمة الفحل وعلقمة الخصي من رهط علقمة الفحل ولابن عبدة ثلاث روائع جياد لا يفوقهن شعر:

ذهبْتَ من الهِجْران في كل مذْهَب

 

ولم يك حقاً كل هذا التَّـجـنُّـبِ

 والثانية:

طَحَا بك قلبٌ في الحسانِ طروبُ

 

بُعَيْد الشَّبابِ عصرَحانَ مشـيبُ

 والثالثة:

هلْ ما علمتَ وما استودعتَ مكتومُ

 

أم حبْلُها إذ نأتكَ اليوم مـصـرومُ

ولاشيء بعدهن يذكر. نا أبو خليفة، أنا أبو عثمان المازني، عن الأصمعي، عن نافع بن أبي نعيم قال: مر رجل من مزينة بباب رجل من الأنصار، وقد كان يتهم بامرأته، فتمثل:

هل ما علمت وما استودعت مكتوم

فاستعدى رب البيت عليه عمر، فقال له عمر: ما أردت؟ قال: وما علي في أن أنشدت شعراً! قال: قد كان له موضع غير هذا ثم أمر به فحد.

وعدي بن زيد كان يسكن الحيرة ويراكن الريف، فلان لسانه وسهل منطقه، فحمل عليه شيء كثير، وتخليصه شديد واضطرب فيه خلف الأحمر، وخلط فيه المفضل فأكثر.

وله أربع قصائد غرر روائع مبرزات، وله بعدهن شعر حسن، أولهن:

أرواحٌ مـودعٌ أمْ بُـكـورُ؟

 

أنت، فاعلم، لأي حالٍ تصيرُ

 أنا أبو خليفة، أنا ابن سلام. قال: سمعت يونس وقد تمثل بهذا البيت:

أيها الشَّامتُ المُعَيَّر بالدهـرِ

 

أأنت المبـرأ الـمـوفـور

أم لديك العهدُ الوثيقُ من الأيام

 

بل أنت جاهـلٌ مـغـرورُ

 فقال: لو تمنيت أن أقول شعراً ما تمنيت إلا هذه أو قال: مثل هذه. وقوله:

أتعرف رسم الدار من أم معْبَدِ

 

نعم، فرماك الشوقُ قبلَ التجلُّدِ

وقوله:

ليس شيءٌ على المنونِ بباقٍ

 

غير وجهِ المُسَبِّحِ الخلاَّقِ

وقوله:

لم أرَ مثل الفتيان في غبرِ الأيام

 

ينسَـوْنَ مـا عـواقـبـهـا