طبقات الشعراء الجاهليين - الطبقة الثامنة

أربعة رهط: عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.

والنمر بن تولب بن أقيش بن عبد الله بن كعب بن عوف بن الحارث بن عدي بن عوف بن عبد مناة بن أد، وهو عكل.

وأوس بن غلفاء الهجيمي.

وعوف بن عطية بن الخرع، والخرع يقال له عمرو بن عيش بن وديعة بن عبد الله بن لؤي بن عمرو بن الحارث بن تيم ابن عبد مناة بن أد.

حدثني مسمع بن عبد الملك، وهو كردين، قال: قول امرئ القيس:

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه

 

وأيقن أنا لاحقـان بـقـيصـرا

قال: صاحبه الذي ذكر، عمرو بن قميئة. وبنو قيس تدعى بعض شعر امرئ القيس لعمرو بن قميئة، وليس ذلك بشيء.

والنمر بن تولب جواد لا يليق شيئا، وكان شاعراً فصيحاً جريئاً على المنطق. وكان أبو عمرو بن العلاء يسميه: الكيس، لحسن شعره.

وهو الذي يقول:

لا تغضبن على امرئ في مـالـه

 

وعلى كرائم صلب مالك فأغضب

وإذا تصبك خصاصة فارج الغنـي

 

وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب

 وقال أيضاً:

عَلَيْهِنَّ يَوْمَ الوِرْدِ حَقٌ وحُرْمةٌ

 

وهُنَّ غَداةَ الغِبِّ عندَكِ حُفَّلُ

وقال أيضاً:

أَقي حَسَبي بِه ويَعِزُّ عِرْضي

 

عليَّ إذَا الحَفِيظَة أدْركَتْنـي

وأَعْلَمُ أنْ سَتُدْرِكُني المَنَـايا

 

فَإِلا أَتَّبِعْها تَـتَّـبِـعْـنـي

وقال أيضاً:

أَعاذِلَ إنْ يُصْبِحْ صَدَايَ بِقَفْـرَةٍ

 

بَعِيدٌ نَآني صاحبي وقَـرِيبـي

تَرَىْ أنَّ ما أنفقْتُ لم يَكُ ضَرّني

 

وأنَّ الّذي أفْنَيْتُ كان نَصيِبـي

وعمر عمرا طويلاً، فكان هجيراه: أصبحوا الراكب! أعبقوا الراكب! لعادته التي كان عليها.

قال: وخرفت امرأة من العرب - عرب كرام لا أبالي أن لا أسميهم - وكانت تقول: زوجوني. فقال عمر: ما لهج به أخو عكل أسرى مما لهجت به صاحبتكم.

وذكر خلاد بن قرة بن خالد السدوسي، عن أبيه، وعن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير أخي مطرف بن عبد الله قال: بينما نحن بهذا المربد جلوس، إذ أتى علينا أعرابي أشعث الرأس فوقف علينا. فقلنا: والله لكأن هذا ليس من أهل هذا البلد! قال: أجل والله! وإذا معه قطعة من جراب، أو أديم، فقال: هذا كتاب كتبه لي محمد رسول الله صلى الله عليه. فأخذناه فقرأناه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم "هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه، لبني زهير بن أقيش - قال الجريري: هو حي من عكل - إنكم إن شهد تم أن لا إله الله وأني رسول الله وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم الخمس من الغنائم، وسهم ذي القربى، والصفي - وربما قال: وصفية - فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله".

فقال لهم القوم: حدثنا، أصلحك الله، بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه0 يقول:صوم شهر الصبر، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، يذهبن وحر الصدر. فقال له القوم: أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه؟ قال: ألا أراكم تخافون أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه؟ لا حدثتكم حديثا! ثم أومأ بيده إلى صحيفته، ثم انصاع مدبرا.

ففي حديث قرة عن يزيد،فقيل لي لما ولى: هذا النمر بن تولب العكلي الشاعر.

وعوف بن الخرع جيد الشعر، وهو الذي يرد على لقيط ابن زرارة قيله:

أَحَقُّ مالٍ فَكُـلُـوهُ بِـأُكْـلْ

 

أَمْوالُ تَيْمٍ وعَـدِيّ وعُـكُـلْ

ياضَبُّ كُنْ عَمّاً كَرِيماً واعْتَزِلْ

 

ذَرْنا وتَيماً وعَدِيّاً نَنْـتَـضِـلْ

وقال:

فأَمَّا الألأمانِ بنُـو عَـدِيّ

 

وتَيْمً حِينَ تَزْدَحِمُ الأُمُـورُ

فَلاَ تَشْهَدْ بهمْ فِتْيَانَ حَرْبٍ

 

ولكن أَدْنِ مِنْ حَلَبٍ وَغِيرِ

إذا دَهَنُوا رِماحَهُمُ بـزُبْـدٍ

 

فإنّ رِمَاحَ تَيْمٍ لاتَضِـيرُ

فقال عوف بن الخرع:

هَلاغضبت على اُبن أُمِّكَ مَعْبَدٍ

 

والعامِريُّ يَقُودُه بـصِـفـادِ

أَذَكَرْتَ من لَبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً

 

والخَيل تَعدُو في الصَّعِيد بَدَاد

هَلا فَوَارسَ رَحْرَحَان هَجَوْتُمُ؟

 

عُشَرٌ تَناوَحُ في سَـرارَةِ وَادِ

لا تًأْكلُ الإِبِلُ الغِرَاثُ نَبـاتَـهُ

 

كَلاَّ وَلَيْسَ عِمادُهُ بِـعـمـاَدِ

وعوف يقول أيضا:

يَاقُرَّة بنَ هُبَيْرَةَ اُبنَ أُقَيْشِرٍ

 

يا سَيِّدَ السَّلَمَات إنّك تَظْلِمُ!

وأوس بن غلفاء الذي يقول:

أَلا قالتْ أُمامةُ يومَ غَوْلٍ:

 

تَقَطَّعَ بِاُين غَلْفاءَالحِبـال!

ذَرِيني إِنَّما خَطَإِي وصَوْبي

 

عَليَّ وَإنّ ما أهَلكْتُ مالُ

وهو الذي يرد علىيزيد بن الصعق قوله:

إذا مَامات مَيْتٌ من تَـمـيمٍ

 

فَسَرَّكَ أنْ يَعِيشَ فَجِيءْ بزَادِ

وقوله:

أَلا أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَني تميمٍ

 

بِآيَةِ ما يُحِبُّون الطَّعامَا

فقال أوس بن غلفاء:

فَإِنّكَ من هِجاء بني تَـمـيمٍ

 

كٌمزْدَادِ الغَرَام إلى الغَـرَام

هُمُ ضَرَبُوكَ أُمَّ الرّأس حَتَّـى

 

بدَتْ أُمّ الشُّؤُونِ عن العِظَامِ

إذا يَأسُونَها نَشزَتْ عَلـيْهِـمْ

 

شَرَنْبَثَةُ الأَصَابـع أُمُّ هَـامِ

وهُمْ تَرَكُوكَ أَسْلَحَ من حُبَارَي

 

وهُمْ تَرَكوكَ أَشْرَدَ من نَعَامِ

وقال أيضا:

هُمُ قَتلُوا أبـاكَ فـلَـمْ تُـبَـيِّنْ

 

لِحِقِّ: مَا الأَغَرُّ مِنَ البَـهـيمِ

وَهُمْ مَنُّوا عليْكَ فلَمْ تُثِـبْـهُـم

 

ثَوَابَ المِرْءٍ ذي الحَسَبِ الكرِيمِ