طبقات الشعراء الإسلاميين - الطبقة الثالثة

من الإسلاميين: أربعة كعب بن جعيل بن قمير بن عجرة بن عوف مالك ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل.

وعمرو بن أحمر بن العمرد بن تميم بن ربيعة بن حرام ابن فراص بن معن الباهلي.

وسحيم بن وثيل بن أعيفر بن أبي عمرو بن إهاب بن حميري ابن رياح بن يربوع.

وأوس بن مغراء، من قريع بن عوف بن كعب ابن سعد.

كعب بن جميل: شاعر مفلق قديم في أول الإسلام، أقدم من الأخطل والقطامي، وقد لحقا به وكانا معه، وهو يقول:

وأبيض جني علـيه سـمـوطـه

 

من الإنس في قصر منيف غواربه

تدليته سقط الندى بـعـد هـجـعة

 

فبت أمنية المـنـى وأخـالـبـه

بما ينزل الأروى من الشعف العلي

 

وما لو يسنى حية مال جـانـبـه

ندمت على شتم العشيرة بعـد مـا

 

مضى واستتبت للرواة مذاهـبـه

فأصبحت لا أستطيع ردا لما مضى

 

كما لا يرد الدر في الضرع حالبه

معاوي أنصف تغلـب ابـنة وائل

 

من الناس أودعها وحيا تضاربـه

قليل على باب الأمير لـبـاثـتـي

 

إذا رابني باب الأمير وحاجـبـه

ولما تداروا في تـراث مـحـمـد

 

سمت بابن هند في قريش مضاربه

وكعب يقول في عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وقتل بصفين وهو مع معاوية، قتلته بنو شيبان:

ألا إنما تبكي العـيون لـفـارس

 

بصفين أجلت خيله وهو واقـف

تبدل من أسـمـاء أسـياف وائل

 

وكان فتى لو أخطأته المتالـف

تركن عبيد الله بالقاع مـسـنـدا

 

تمج دم الجوف العروق النوارف

يحللن عنه جيب درع حـصـينة

 

وأي فتى لو أخطأته المـآلـف

وحافظ صدر من ربيعة صابـر

 

وطار الوشيظ عنهم والزعانـف

إذا قيل: أي الناس شر قـبـيلة؟

 

بني أسد إني لما قـيل عـارف

أغرتم علينا تسرقون عـيابـنـا

 

وما إن لنا في بطن صفين قائف

وسحيم بن وثيل الرياحي، شريف مشهور الأمر في الجاهلية والإسلام، جيد الموضع في قومه، شاعر خنذيذ. وكان الغالب عليه البداء والخشنة، وهو الذي ناحر غالب بن صعصعة - أبا الفرزدق - بالكوفة، أيام على بن أبي طالب رضى الله عنه. تفاخرا، وقد أقدما جلبا لهما، فتناحرا، فجعل غالب لا يفرس، وجعل سحيم يفرس. فقيل له: أتجاري هوج بني دارم؟ أقلع. وغدا الناس بالمدى والجفان ليأخذوا اللحم، فقال علي: يا أيها الناس! لا تأكلوا منه فإنه مما أهل لغير الله به. فأرتدع الناس. قال: كان عثمان بن عفان رضى الله عنه استعمل سمرة بن عمرو بن قرط بن جناب بن عدي بن جندب العنبري - في ولده وأسرته شرف إلى اليوم، يقال لهم بنو السمرات - فاستعمله على هوامي عمرو ابن تميم وفلج وما يليها. فكان لا يخبر بضألة في قوم إلا أخذها فعرفها. فكان من ذهبت له ضالة طلبها عنده. فبلغه أن ناقة في إبل بني وثيل، فأتاهم وأعبد معه، وليس هناك من بني وثيل أحد، وأمهم ليلى بنت شداد، من بني حمير بن رياح بن يربوع، عجوز كبيرة في غلمة لهم، فقال: أعرضوا على الإبل، فأبت. فأخذ ليعرضها، فأهوت له، فدفعها، فقالت: فمي! فمي! وزعموا أن ثنيتيها قد كانتا سقطتا قبل ذلك بزمان. فلما رأى ذلك سمرة لها عنها وترك الإبل. فلما قدم سحيم بن وثيل إلى أمه أخبرته الخبر، فسكت حتى يلقى عبيد ابن غاضرة بن سمرة، فصرعه فدق فمه، فاستعدى عليه سمرة ابن عفان - وكان عثمان إذا عاقب بالغ - فأشخص سحيم إليه إلى المدينة، وحبست إبله حتى ضاعت، فقال لعثمان: يا أمير المؤمنين، إنه كسر فم أمي! قال: ألا استعديت عليه؟ وقال عثمان: لأفطعن منك طابقا أو يرضى سمرة. وصادف سحين بن وثيل يزيد بن مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل - أخا لليلى بنت مسعود، أم عبيد الله ابن على بن أبي طالب - ونعيما أبا قران اليربوعي، فقاما بأمر سحيم، وحملا للعنبري مئة من الإبل، فقال في ذلك سحيم ابن وثيل:

كفاني أبو قران نفسي فداؤه

 

ومن يك مولاه فليس بواحد

وسحيم بن وثيل القائل:

أنا ابن جلا وطلاع الـثـنـايا

 

متى أضع العمامة تعرفونـي

ألم تر أننـي فـي حـمـيري

 

مكان الليث من وسط العرين

عذرت البزل إن هي خاطرتني

 

فما بالي وبال ابنـي لـبـون

وماذا يغمز الأعـداء مـنـي

 

وقد جاوزت رأس الأربعـين

وعمرو بن أحمر صحيح الكلام كثير الغريب، وهو القائل:

إن الفتى يقتر بعد الغـنـى

 

ويغتني من بعد ما يفتقـر

والحي كالميت ويبقى التقى

 

والعيش فنان: فحلو ومـر

إما على نفسي وإما لـهـا

 

فعايش النفس وفيها وقـر

هل يهلكني بسط ما في يدي

 

أو يخلدني منع ما أدخـر؟

أو ينسأن يومي إلى غـيره

 

أني حوالي وأنـي حـذر؟

ولن ترى مثلـي ذا شـيبة

 

أعلم ما ينفع ممـا يضـر