طبقات الشعراء الإسلاميين - الطبقة الرابعة

نهشل بن حري، أحد بني نهشل بن دار.

وحميد بن ثور الهلالي.

والأشهب بن رميلة.

وعمر بن لجأ التيمي، من تيم الرباب.

فنهشل بن حري: شاعر شريف مشهور. وأبوه حري: شاعر مذكور. وجده ضمرة بن ضمرة: شريف فارس شاعر بعيد الذكر كبير الأمر. وأبوه: ضمرة بن جابر: سيد ضخم الشرف بعيد الذكر. وأبوه جابر: له ذكر وشهرة وشرف. وأبو قطن: له شرف وفعال وذكر في العرب. فهم ستة كما ذكرنا، لا أعلم في تميم رهطا يتوالون توالي هؤلاء.
ونهشل بن حرى الذي يقول:

إذا كنت جارا لأمرئ فارهب الخنا

 

على عرضه إن الخنا طرف الغدر

وذد عن حراه، ما عقدت حبـالـه

 

بحبلك واستره بما لك من سـتـر

جار منعناه من الضـيم والـعـدى

 

وجيران أقوام بمـدرجة الـدهـر

ويوم كأن المصطـلـين بـحـره

 

وإن لم تكن نار قعود على جمـر

صبرنا له حـتـى يبـوخ وإنـمـا

 

تفرج أيام الكريهة بـالـصـبـر

وحميد بن ثور القائل:

قليل المعـي إلا مـصـيرا يبـلـه

 

دم الجوف أو سؤر من الحوض ناقع

ترى طرفيه يعسـلان كـلاهـمـا

 

كما اختب عود الساسم المتـتـابـع

ينام بإحدى مقـلـتـيه ويتـقـي ال

 

منايا بأخرى فهو يقظـان هـاجـع

والأشهب بن رميلة ورميلة أمه، وأبوه ثور. وكان الأشهب شاعرا، وكان يهاجي الفرزدق، وهو أحد بني نهشل بن دارم.

وكان له أخ يدعى زبابا، وكان من أشد الناس وأخبثهم، وكان الفرزدق يفرقه فرقا شديدا، وفيه يقول الأشهب:

وقـائلة تـنـعـى زبـابـا وقـائل:

 

جزى الله خيرا ما أعف وأمـنـعـا!

وأطعن في الهيجا وأضرب في الوغى

 

وأطعم إن أمسي المراضيع جـوعـا

شمت ابن قين أن أصابت مصيبة

 

كريما ولم يترك لك الدهر مسمعا

كريما حماك الدهر طول حياتـه

 

وأنت لئيم منبت الحمض أجمعـا

أعيني قلت أسوة من أخـيكـمـا

 

بأن تسهر الليل التمام وتدمـعـا

قتلنا زعيم القوم لا خـير بـعـده

 

ولم يك في الأحجار منع فأمنعـا

إذا ما ذكرنا من أخينـا أخـاهـم

 

روينا ولم نشف الغليل فينقـعـا

         

الأحجار: صخر، وجندل، وجرول، بنو نهشل. فغلب الفرزدق على الأشهب وفضل عليه.

وأما عمر بن لجأ: فحدثني أبو الغراف قال: قدم لقمان الخزاعي على صدقات الرباب، فكانت وجوه الرباب تحضره وفيهم عمر بن لجأ بن حدير، أحد بني مصاد، فأنشده يوما:

تأوبني ذكـر لـزولة كـالـخـبـل

 

وما حيث تلقى بالكثيب ولا السهـل

تحل وركن مـن طـمـية دونـهـا

 

وجو قسا ممـا يحـل بـه أهـلـي

تريدين أن أرضى وأنـت بـخـيلة!

 

ومن ذا الذي يرضى الأخلاء بالبخل؟

فقال لقمان: ما زلنا نسمع بالشام أنها كلمة جرير. وأبلغ لقمان جريرا فقال: زعم أنك سرقتها منه! فقال جرير: وأنا أحتاج أن أسرق قول عمر! وهو القائل وقد وصف إبله: - فذكر قصة قد ذكرها ابن سلام عن أبي يحيى الضبي في أخبار جرير -.

قال فردعليه عمر بن لجأ:

أنبئت كلب كليب قد عوى جزعا

 

وكل عاو بفيه الترب والحجر

قد لمتني ظالما في سنة سبقـت

 

أن الكليبي لم يكتب له الظفـر

هبت الفرزدق واستبعثتني عبثا

 

للموت تعمد والموت الذي تذر

فاخسأ لعلك ترجو أن يحل بنـا

 

رحل الفرزدق لما مسك الدبر

ومن قوله:

أجد القلب هجـرا واجـتـنـابـا

 

لمن أمسى يواصلـنـا خـلابـا

ومن يدنو لـيعـجـبـنـا وينـأى

 

فقد جمع التدلـل والـكـذابـا!

ألا تجزين من أثنـى عـلـيكـم

 

وأحسن حين قال وما استـئابـا؟

تصدت بعـد شـيبـك أم بـكـر

 

لتطرد عنك حلمـا حـين ثـابـا

بجيد غزال مقـفـرة ومـاحـت

 

بعـود أراكـه بـردا عـذابــا

كأن سلافة خلطـت بـمـسـك

 

ليغلبها وكـان لـهـا قـطـابـا

مذاقـتـهـا إذا مـا بـيتـتـهـا

 

سواد الزوج والتثم الـرضـابـا

ليغتبق الـعـلالة مـن نـداهـا

 

كفى فوها لمغتـبـق وطـابـا

أسيلة معقد السمطـين مـنـهـا

 

وريا حيث تعتقـد الـحـقـابـا

إذا مالـت روادفـهـا بـمـتـن

 

كغصن البان فاضطرب اضطرابا

تهادى في الثياب كمـا تـهـادى

 

حباب الماء يتبـع الـحـبـابـا

ترى الخلخال والدملوج مـنـهـا

 

إذا ما أكرها نشـبـا فـغـابـا

إذا ما الشيء لم تـقـدر عـلـيه

 

فلا ذكـرا لـذاك ولا طـلابـا