طبقات الشعراء الإسلاميين - الطبقة السابعة

من الإسلاميين أربعة رهط: المتوكل الليثي، ويكنى أباجهمة: وهو المتوكل بن عبد الله بن نهشل بن وهب بن عمرو بن لقيط بن يعمر بن عوف بن عامر ابن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وكان كوفيا، وكان في عصر معاوية.

والثاني يزيد ين ربيعة بن مفرغ بن مصعب الحميري.

والثالث: زياد الأعجم، وهو زياد بن سليم العبدي.

والرابع عدي بن الرقاع، وهوعدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع بن عصر بن عدة بن شعل بن معاوية بن قاسط بن عميرة ابن زيد بن الحاف بن قضاعة.

فحدثني أبي سلام، عمن حدثه قال: كانت رهيم، امرأة المتوكل، أقعدت فسألته الطلاق، فقال: ليس ذا حين طلاق! فأبت عليه، فطلقها، فبرأت بعد الطلاق، فقال يذكرها:

قفي قبل التفرق يا أمـامـا

 

وردي قبل بينكم السـلامـا

سعى الواشون حتى أزعجوها

 

ورث الحبل فانجذم انجذامـا

فلست بزائل ما دمـت حـيا

 

مسرا من تذكرها هـيامـا

ترجيها وقد شحطت نـواهـا

 

ومنتك المنى عاما فعـامـا!

خدلجة لها كـفـل وبـوص

 

ينوء بها إذا قامـت قـيامـا

صليني وأعرفي أني كـريم

 

وأن حلاوتي خلطت سمامـا

وأني ذو محافظة صـلـيب

 

خلقت لمن يضارسني لجاما

فلا وأبيك لا أنساك حـتـى

 

تجاور هامتي في القبر هاما

ومن قوله أيضا:

أرعى الأمانة للأمين بحقهـا

 

فيبين عفا سـره مـكـتـوم

وأشد للمولى المدفع ركـنـه

 

شفقا من التعجيز وهو ملـيم

ينأى بجانبه إذا لم يفـتـقـر

 

وعلى للخصم الألد خصـيم

إن الأذلة واللئام مـعـاشـر

 

مولاهم المتهضم المظـلـوم

وإذا أهنت أخاك أو أفردتـه

 

عمدا فأنت الواهن المذمـوم

لا تتبع سبل السفاهة والخنـا

 

إن السفيه معنف مشـتـوم

وأقم لمن صافيت وجها واحدا

 

وخليقة إن الـكـريم قـؤوم

لاتنه عن خلق تأتي مـثـلـه

 

عار عليك إذا فعلت عظـيم

وإذا رأيت المرء يقفو نفسـه

 

والمحصنات فما لذاك حريم

ومعيري بالفقر قلت له اقتصد

 

إني أمامك في الأنـام قـديم

وقد يكثر النكس المقصر همه

 

ويقل مال المرء وهو كـريم

قال: كان رجل من بني جشم يقال له: الهذيل بن حية صديقا لأبي المتوكل، ثم جفاه قليلا فقال المتوكل:

ألا أبلغ أبـا قـيس رسـولا

 

فإني لم أخنك ولم تخـنـي

ولكني طويت الكشح لـمـا

 

رأيتك قد طويت الكشح عني

وكنت إذا الخليل أراد صرمي

 

قلبت لصرمه ظهر المجـن

كذاك قضيت للخـلان إنـي

 

أدين عليهـم وأدين مـنـي

ولست بآمـن أبـدا خـلـيلا

 

على شيء إذا لم يأتمـنـي

وقال:

ولقد علمت لو أن علمي نافـع

 

وأتاك ما يتحـدث الأكـفـاء

الـذين حـصـونــهـــم

 

رزق الأسنة والحصون فضاء

إنا أناس تستـنـير جـدودنـا

 

ويموت أقـوام وهـم أحـياء

ول الـمـجـتــنـــى

 

ودعائم الإسلام والنجـبـاء

اخ ســـوابـــقـــا

 

زرق القتير كأنهن نـهـاء

معـتـفـيهـم مـرحـبـا

 

مع ذاك فيهم قـوة ووفـاء

على المـضـاف إذا دعـا

 

حتى ينفس والرمـاح رواء

بيض كـأن شـعـاعـهـا

 

تحت العجاجة بالأكف ضياء

قد يعلم الأقوام غير تنـحـل

 

أنا نجوم فوقهـم وسـمـاء

والثاني: يزيد بن مفرغ الحميري، فحدثني يونس ابن حبيب: أن يزيد بن ربيعة بن مفرغ كان رجلا من أهل يحصب وكان عديدا لبني أسيد بن أبي العيص بن أمية، من أهل البصرة وكان رجلا شريرا هجاء للناس. فصحب عباد بن زياد - وعباد يومئذ على سجستان -، عامل عبيد الله بن زياد، وعبيد الله يومئذ على البصرة دون الكوفة، وذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان، فهجا ابن مفرغ عبادا، فبلغه ذلك. وكان على ابن مفرغ دين، فأمر عباد الديان فاستعدوا عليه، فبيع ماله في دينه، فقضى الديان. وكان فيما بيع غلام يقال له برد، وجارية يقال لها أراكه فقال ابن مفرغ:

أقفرت من آل ليلى الهضاب

 

وعفى بعد الأنيس الجنـاب

منزل منا ومـن آل لـيلـى

 

إذ خيام دارهـم وقـبـاب

داركم دار لنا إن سلـمـنـا

 

وانقضى الغزو وحان الإياب

أيها الشاتم جهـلا سـعـيدا

 

وسعيد في الحـوادث نـاب

ما أبوكم مشـبـهـا لأبـيه

 

سائلوا الناس بذاكم تجـابـوا

إن دهرا كنت فـيه أمـيرا

 

تخطب الناس لدهر عجـاب

وسعيد هذا الذي ذكره في شعره: سعيد بن عثمان بن عفان، وكان عاملا لمعاوية على خراسان، وكان دعا يزيد بن مفرغ أن يصحبه، فأبى عليه وصحب عباد بن زياد.

وقال ابن مفرغ أيضا لعباد بن زياد:

أصرمت حبلك من أمامة

 

من بعد أيام بـرامـه؟.

لهفي على الرأي الـذي

 

كانت عواقبه نـدامـه!

تركي سعيدا ذا الـنـدى

 

والبيت ترفعه الدعامـه

وتبعت عبد بـنـي عـلا

 

ج تلك أشراط القـيامة!

جاءت بـه حـبـشـية

 

سكاء تحسبها نعـامـه

من نسوة سود الـوجـو

 

ه ترى عليهن النـدامـه

وشريت بردا لـيتـنـي

 

من بعد برد كنت هامه!

هامة تـدعـو صــدى

 

بين المشقر والـيمـامة

العبد يقرع بالـعـصـا

 

والحر تكفيه الـمـلامة

والريح تبكي شجـوهـا

 

والبرق يلمع في الغمامه

ورمقتها فـوجـدتـهـا

 

كالضلع ليس له استقامه

ثم أقبل ابن مفرغ حتى قدم البصرة، وكان عبيد الله وافدا على معاوية، فعرف ابن مفرغ الذي أثر في بني زياد، فأتى الأخنف ابن قيس التميمي فقال: أجرني من بني زياد. فقال: لا أجسر عليهم، ولكني أكفيك شعراء بني تميم أن يهجوك. فقال: أما هذا فلا أريد أن تكفينيه: فأتى أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد فقال له: أجرني. فوعده. وأتى عمر بن عبيد الله بن معمر، فوعده. وأتى طلحة الطلحات فوعده. وأتى المنذر بن الجارود، فأجاره. وبلغ عبيد الله الذي كان من هجاء ابن مفرغ عبادا، وهو عند معاوية، فقال: إن ابن مفرغ قد هجانا، فأذن لي في قتله. قال: أما قتله فلا، ولكن ما دون القتل. فلما قدم عبيد الله البصرة، لم يكن له همة إلا ابن مفرغ. فسأل عنه، فقيل: أجاره ابن الجارود، وهو في داره. فأرسل إلى المنذر فأتاه، فلما دخل عليه أرسل عبيد الله الشرط إلى دار المنذر، فأخذوا ابن مفرغ، فأتوا به عبيد الله بن زياد، فلم يشعر المنذر حتى رآه واقفا عليه وعلى عبيد الله. فقام إلى عبيد الله فكلمه فيه فقال: أجرته! فقال عبيد الله: يا منذر، ليمدحن أباك وليهجون أبي، وليمدحنك وليهجوني، ثم أرضى بذلك! قال: فخرج المنذر من الدار، وحبس ابن مفرغ، وأسلم إلى الحجامين ليعلموه الحجامة فهو الذي يقول:

وما كنت حجاما ولكني أحلني

 

بمنزلة الحجام نأيي عن الأهل

وقال يهجو الذين أجاروه ثم خفروا:

غدرت جذيمة غـدرة مـذكـورة

 

طوق الحمامة يعرفون بها ضحى

سائل بني الجارود أين نزيلـهـم

 

أغدا مع الغادين يوما أو ثـوى

لا يبعد الجار الذي أسلمتـمـوا

 

زين المجالس والفتى كل الفتى

لعن الثلاثة منذر وابن استـهـا

 

وطليحة الداعي جهارا للـردى

وأمية الكـذاب قـال مـقـالة

 

كانت منى منه وما تغني المنى!

وقال أيضا:

تركت قريشا أن أجـاور فـيهـم

 

وجاورت عبد القيس أهل المشقر

أناس أجاروني فكان جـوارهـم

 

أعاصير من فسو العراق المبذر

فأصبح جاري من جذيمة نـائمـا

 

ولا يمنع الجيران غير المشمـر

وقال في عبيد الله بن زياد:

إن العبيد وما أدت طروقـتـه

 

لأعبد من زوان لا يصلـونـا

بزندورد خذوا منها مساحيكـم

 

واستبدلوا بالمآزير التبا بـينـا

أنتم قريش لئن لم تخب ناركـم

 

موتوا فإن قريشا قد يموتونـا

قد يقتل المرء لم يسلم حليلتـه

 

ولم يقل لابنتيه: استعرضا البينا

ولم يذر أمه في الدار والـهة

 

قد استجار لها إذ هم يجارونا!

والثالث: زياد الأعجم، وكان زياد رجلا هجاء قليل المدح للملوك والوفادة إليهم. ولم تكن له همة تدعوه، وكانت همته ومركزه بخراسان وما يليها، وكان أكثر نزوله بإصطخر من أرض فارس، وكان يهاجي كعبا الشقري شقرة بني تميم. وكان صاحب بديهة وقدرة في الشعر.

فحدثني أبو الغراف: أن خالد بن عبد الله القسري قال للأقيشر التميمي: أي الناس أسرع بديها؟ قال: أنا، أصلحك الله. قال: فأين زياد الأعجم؟ قال: والله لوددت، أنه بيني وبينك! فكتب خالد إلى أسد بن عبد الله، وزياد عنده بخراسان: أن وجهه إلي. فلما قدم جمع بينهما، فقال: يا أبا أمامة، زعم هذا أنه أسرع بديها منك! قال: إن شاء فليبدأ، وإن شاء بدأت. فقال: هات يا أبا أمامة! فأطرق غير طويل ثم أنشأ يقول:

ألم تر أنني وترت قوسي

 

لأبقع من كلاب بني تميم

عوى فرميته بسهام موت

 

يصبن عوادي الكلب اللئيم

وكنت إذا غمزت قناة قوم

 

كسرت كعوبها أو تستقيم

ثم قال: هات يا أقيشر! فأطرق طويلا ثم قال: خنقت..... فأعطى زيادا وحباه.

وقال زياد:

وما ترك الهاجون لي إن هجوتـه

 

مصحا أراه في أديم الـفـرزدق

ولا تركوا الحما يرى فوق عظمه

 

لآكله أبـقـوه لـلـمـعـتـرق

سأكسر ما أبقوا له من عظـامـه

 

وأنكت مخ الساق منه فأنـتـقـي

وإنا وما تهدي لنـا هـجـوتـنـا

 

لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق

قال: وحدثني أبي سلام قال، حدثنا بعض أصحابنا: أن زيادا أتى عبد الله بن الحشرج الجعدي، وهو على قهستان، فأجازه بثلاثين ألفا، فقيل له: ترحل، فإنه إن احتاج إليها أخذها. وقالوا له: إنه قد كان يعطي الرجل، فإذا نابته نائبة أخذ ما أعطاه، فإذا أتاه مال رد عليه. فخرج زياد ولم يسلم عليه، ففقده وسأل عنه فقال: ما فعل زياد؟ فقالوا: خرج. فأرسل غلاما له بفرو، فقال: الحقه فقل له: البس هذا الفرو لا تقر! فلحقه الغلام فدفعه إليه، فقال زياد:

نبأتني أن عبد الله منـتـزع

 

مني عطاياه لكاع بن لكـاع

كذبت لم تغذه سوداء مقرفة

 

بشر ثدي كأنف الكلب دماع

إلا بألبان حور كالدمى شمس

 

من عامر ونمته بين أفراع

وقال يهجو بني يشكر:

ألم تر أن الـلـؤم حـل عـمـاده

 

على يشكر الحمر القصار السوالف

إذا ما رأيت الخز فوق ظهورهـم

 

عرفت بحار اللؤم تحت المطارف

وقال يهجو جرما:

تكلفني سويق الكرم جـرم

 

وما جرم وماذاك السويق

فما شربوه إذ كانت حلالا

 

ولا غالوا بها يوم سـوق

فأولى ثم أولى ثـم أولـى

 

ثلاثا يا ابن جرم أن تذوقي

ولما نزل التحريم فـيهـا

 

إذا الجرمي عنها لا يفيق

وقال أيضا:

إني لأكرم نفسي أن أكلفهـا

 

هجاء جرم وما يهجوهم أحد

ماذا يقول لهم من كان هاجيهم؟

 

لا يبلغ الناس ما فيهم ولو جهدوا

وقال الأعجم يهجو بني يشكر:

لو أن بكرا براه اللـه راحـلة

 

لكان يشكر منها موضع الذنب

ليسوا إليه، ولكن يعلقـون بـه

 

كما تعلق راقي النخل بالكرب

الرابع: عدي بن الرقاع العاملي، فحدثني أبو الغراف قال: لما أتت الخلافة سليمان بن عبد الملك، أتته وهو بالسبع، فكتب إلى عامله: أن أبعث إلى عدي بن الرقاع في وثاق مع ثقة، فوجهه إليه. فلما دخل عليه قال: إن كنت لكارها لخلافتي! قال: وكيف ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: حين تقول في مدحة الوليد:

عذنا بذي العرش أن بنقىونفقده

 

أو أن نكون لراع بعده تبـعـا

قال ابن الرقاع: والله ما هكذا قلت، يا أمير المؤمنين، ولكني قلت:

عذنا بذي العرش أن نبقى ونفقدهم

 

أو أن نكون لراع بعدهم تبـعـا

قال: وكذلك قلت؟ قال: نعم. قال: فكوا حديده، وردوه على مركبه إلى أهله. وإنما كان يخص بتلك المدحة الوليد.
وحدثني أبي سلام قال: قام روح بن زنباع الجذامي يوم الجمعة إلى يزيد بن معاوية، حين فصل بين الخطبتين، فقال: يا أمير المؤمنين، ألحقنا بإخوتنا، فإنا قوم معديون، والله ما نحن من قصب ولا من غاف - شجر اليمن -، فألحقنا بإخوتنا. فقال يزيد: إن أجمع على ذلك قومك، فنحن جاعلوك حيث شئت. فبلغت الدعوى عدي بن الرقاع فقال:

إنا رضينا وإن غابت جماعتنـا

 

ما قال سيدنا روح بن زنبـاع

يرعى ثمانين ألفا كان مثلـهـم

 

مما يخالف أحيانا على الراعي

فبلغ ذلك ناتل بن قيس الجذامي، فجاء يركض حتى دخل المقصورة، فقال: أين جلس الفاجر الكاذب روح بن زنباع؟ فأشاروا له إلى مجلسه، فانتظر يزيد، حتى إذا كان عند فصل خطبته قام فقال: يا أمير المؤمنين، بلغني أن روح بن زنباع قام فزعم أنه من معد، وذلك مالا نعرفه ولا نقر به، ولكنا من قحطان، يسعنا ما وسع قحطان، ويعجز عنا ما يعجز عنهم، فبلغ ذلك ابن الرقاع فقال:

لو أن أطعتك يا غرار كسوتني

 

في كل مجمعة ثياب صغـار

أضلال ليل ساقط أكـنـافـه

 

في الناس أعذر أم ضلال نهار

قحطان والدنا الذي ندعـى لـه

 

وأبو خزيمة خندف بن نـزار

أنبيع والدنا الذي نـدعـى لـه

 

بأبي معاشر غائب مـتـواري

تلك التجارة لا نجيب لمثلـهـا

 

ذهب يبـاع بـآنـك وأبـار!

فقالوا: غيرت يا ابن الرقاع! فقال: إنه والله أعزهما سخطا - يعني ناتلا -.

وحدثني يونس النحوي قال: استسقى ابن الرقاع بني بحر، من بني زهير بن جناب الكلبيين، فلم يسقوه، وهو على ماء لهم يقال له الدمعانة، فورد على بني تغلب ماء يقال له خالة، وفيه جفر يقال له القنيني. فكانت بنو تغلب قد رعت فيه، فوقع قعب في اللقنيني، فزعم أنه وجد في التراب القعب، فاقتتلت في ذلك الجفر بنو تغلب حتى كادت تتفانى. ثم اصطلحوا على أن ملأوه حجارة وقتادا، واحتفروا حوله. فموضع القنيني من خالة معروف يقال لما حوله القنينيات فقال ابن الرقاع:

غابت سراة بني بحر ولو شهـدوا

 

يوما لأعطيت ما أبغى وأطلـب

لما دفعت إلى الماحوز قلت لـه:

 

هل أنت مفتعل خيرا ومحتسـب

إذا خطيت قضى منا مقـالـتـه

 

ثنى بأخرى خطيب فاصـل أرب

حتى وردنا القنينـيات ضـاحـية

 

في ساعة من نهار الصيف تلتهب

فجاء بالبارد العذب الزلال لـنـا

 

ما دام يمسك عودي دلونا الكرب

من ماء خالة جياش بـجـمـتـه

 

مما توارثه الأوحاد والـعـتـب

العتب، يريد عتبة بن سعد، وعتاب بن سعد، وعتبان ابن سعد. والأوحاد: عوف وكعب، ابنا سعد، من بني تغلب.

وقال يمدح عبد الملك بن مروان، ويهجو مصعب ابن الزبير:

لعمري لقد أصحرت خيلنا

 

بأكناف دجلة للمعصعب

وجرت سنابكها بالـعـرا

 

ق حتى تركناه كالمشجب

وردنا الفرات وخابـوره

 

وكانا هما ثقة المشـرب

على كل ريق ترى معلما

 

يصرف كالجمل الأجرب

لضاحية الشمس في رأسـه

 

شعاع تلألأ كالـكـواكـب

إذ ما منافق أهـل الـعـرا

 

ق عوتب ثمت لم يعـتـب

دلفـنـا إلـيه بـذي تـدرأ

 

قليل التفـقـد لـلـغـيب

يقومنـا واضـح وجـهـه

 

كريم المضارب والمنصب

أغر يضـيء لـنـا نـوره

 

إذا ما انجلت غمرة الموكب

تظل القنابـل يكـسـونـه

 

رواقا من النقع لم يطنـب

أعين بنا ونـصـرنـا بـه

 

ومن ينصر الله لا يغـلـب

وقال أيضا:

والقوم أشباه وبين حلومـهـم

 

بون كذاك تفاضـل الأشـياء

كالبرق منه وابل متـتـابـع

 

جود وآخر ما يجود بـمـاء

والدهر يفرق بين كل جماعة

 

ويلف بين تباعـد وتـنـائي

والمرء يورث مجده أبـنـاءه

 

ويموت آخر وهو في الأحياء

وقال أيضا:

تزجي أغن كأن إبرة روقـه

 

قلم أصاب من الدواة مدادهـا

ركبت به من عالج متخـيرزا

 

قفرا تربب وحـشة أولادهـا

بمجر مرتجز الرواعد بعجت

 

غر السحاب به الثقال مزادها

إني إذا ما لم تصلـنـي خـلة

 

وتباعدت عني اغتفرت بعادها

وإذا القرينة لم تزل في نجـدة

 

من ضغنها سئم القرين قيادها

إما ترى شيبي تفشغ لمـتـي

 

حتى علا وضح يلوح سوادها

فلقد تبيت يد الفـتـاة وسـادة

 

لي جاعلا إحدى يدي وسادها