كتاب صلاة العيدين

1 - ‏(‏884‏)‏ وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن عبدالرزاق‏.‏ قال ابن رافع‏:‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏ 

شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان‏.‏ فكلهم يصليها قبل الخطبة‏.‏ ثم يخطب‏.‏ قال فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده‏.‏ ثم أقبل يشقهم‏.‏ حتى جاء النساء ومعه بلال‏.‏ فقال‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا‏}‏ ‏[‏60/ الممتحنة/ الآية 12‏]‏ فتلا هذه الآية حتى فرغ منها‏.‏ ثم قال، حين فرغ منها‏:‏ ‏"‏أنتن على ذلك ‏؟‏‏"‏ فقالت امرأة واحدة، لم يجبه غيرها منهن‏:‏ نعم‏.‏ يا نبي الله ‏!‏ لا يدري حينئذ من هي‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فتصدقن‏"‏ فبسط بلال ثوبه‏.‏ ثم قال‏:‏ هلم ‏!‏ فدى لكن أبي وأمي ‏!‏ فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يجلس‏)‏ أي يأمرهم بالجلوس‏.‏ ‏(‏لا يدري حينئذ من هي‏)‏ هكذا وقع في جميع نسخ مسلم حينئذ‏.‏ وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ قال هو وغيره‏:‏ هو تصحيف وصوابه‏:‏ لا يدري حسن من هي‏.‏ وهو حسن بن مسلم روايه عن طاوس عن ابن عباس‏.‏ ‏(‏الفتخ‏)‏ واحدها فتخة، كقصبة وقصب‏.‏ واختلف في تفسيرها‏.‏ ففي صحيح البخاري عن عبدالرزاق قال‏:‏ هي الخواتيم العظام‏.‏ وقال الأصمعي‏:‏ هي خواتيم لا فصوص لها‏.‏ وتجمع أيضا على فتخات وأفتاخ‏.‏ ‏(‏والخواتم‏)‏ جمع خاتم‏.‏ وفيه أربع لغات‏:‏ فتح التاء، وكسرها، وخاتام، وخيتام‏]‏‏.‏
2 - ‏(‏884‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة‏.‏ حدثنا أيوب‏.‏ قال‏:‏ سمعت عطاء‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن عباس يقول‏:‏
أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلى قبل الخطبة‏.‏ قال ثم خطب‏.‏ فرأى أنه لم يسمع النساء‏.‏ فذكرهن‏.‏ ووعظهن‏.‏ وأمرهن بالصدقة‏.‏ وبلال قائل بثوبه‏.‏ فجعلت المرأة تلقي الخاتم والخرص والشيء‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وبلال قائل بثوبه‏)‏ أي مسير به إلى الطلب‏.‏ أو فاتحا ثوبه للأخذ فيه‏.‏ ‏(‏والخرص‏)‏ حلقة الذهب والفضة‏.‏ أو حلقة القرط‏.‏ أو الحلقة الصغيرة من الحلي‏]‏‏.‏
‏(‏884‏)‏ وحدثنيه أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد‏.‏ ح وحدثني يعقوب الدورقي‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏.‏ كلاهما عن أيوب، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏
3 - ‏(‏885‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع‏:‏ قال ابن رافع‏:‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء عن جابر بن عبدالله‏.‏ قال‏:‏ سمعته يقول‏:‏
إن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر، فصلى‏.‏ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة‏.‏ ثم خطب الناس‏.‏ فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل‏.‏ وأتى النساء‏.‏ فذكرهن‏.‏ وهو يتوكأ على يد بلال‏.‏ وبلال باسط ثوبه‏.‏ يلقين النساء صدقة‏.‏
قلت لعطاء‏:‏ زكاة يوم الفطر ‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ولكن صدقة يتصدقن بها حينئذ‏.‏ تلقي المرأة فتخها‏.‏ ويلقين ويلقين‏.‏
قلت لعطاء‏:‏ أحقا على الإمام الآن أن يأتي النساء حين يفرغ فيذكرهن ‏؟‏ قال‏:‏ إي‏.‏ لعمر ‏!‏ إن ذلك لحق علهم‏.‏ وما لهم لا يفعلون ذلك ‏؟‏
‏[‏ش ‏(‏يلقين النساء صدقة‏)‏ هكذا في النسخ‏:‏ يلقين‏.‏ وهو جائز‏.‏ ‏(‏ويلقين ويلقين‏)‏ هكذا هو في النسخ‏.‏ مكرر‏.‏ وهو صحيح‏.‏ ومعناه‏:‏ ويلقين كذا ويلقين كذا‏.‏ ‏(‏أحقا‏)‏ معناه‏:‏ أترى حقا ‏؟‏‏]‏‏.‏
4 - ‏(‏885‏)‏ وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن جابر بن عبدالله‏.‏ قال‏:‏
شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد‏.‏ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة‏.‏ بغير أذان ولا إقامة‏.‏ ثم قام متوكأ على بلال‏.‏ فأمر بتقوى الله‏.‏ وحث على طاعته‏.‏ ووعظ الناس‏.‏ وذكرهم‏.‏ ثم مضى‏.‏ حتى أتى النساء‏.‏ فوعظهن وذكرهن‏.‏ فقال ‏"‏تصدقن‏.‏ فإن أكثركن حطب جهنم‏"‏ فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين‏.‏ فقالت‏:‏ لم ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏لأنكن تكثرن الشكاة‏.‏ وتكفرن العشير‏"‏ قال‏:‏ فجعلن يتصدقن من حليهن‏.‏ يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن‏.‏
‏[‏ش ‏(‏الشكاة‏)‏ أي الشكوى‏.‏ ‏(‏وتكفرن العشير‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ العشير المعاشر والمخالط‏.‏ وحمله الأكثرون، هنا، على الزوج‏.‏ وقال آخرون‏:‏ هو كل مخالط‏.‏ قال الخليل‏:‏ يقال‏:‏ هو العشير، والشعير، على القلب‏.‏ ومعنى الحديث أنهن يجحدن الإحسان لضعف عقولهن وقلة معرفتهن‏.‏ ‏(‏أقرطتهن‏)‏ هو جمع قرط‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ ما علق من شحمة الأذن فهو قرط‏.‏ سواء كان من الذهب أو خرز‏.‏ وأما الخرص فهو الحلقة الصغيرة من الحلي‏.‏ قال القاضي‏:‏ قيل‏:‏ الصواب قرطتهن‏.‏ بحذف الألف‏.‏ وهو المعروف في جمع قرط‏.‏ كخرج وخرجة‏.‏ ويقال في جمع قراط‏.‏ كرمح ورماح‏.‏ قال القاضي‏:‏ لا يبعد صحة أقرطة‏.‏ ويكون جمع جمع‏.‏ أي جمع قراط‏.‏ لاسيما وقد صح في الحديث‏]‏‏.‏
5 - ‏(‏886‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء عن ابن عباس‏.‏ وعن جابر بن عبدالله الأنصاري‏.‏ قالا‏:‏
لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى‏.‏ ثم سألته بعد حين عن ذلك ‏؟‏ فأخبرني‏.‏ قال‏:‏ أخبرني جابر بن عبدالله الأنصاري ؛ أن لا أذان للصلاة يوم الفطر‏.‏ حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج‏.‏ ولا إقامة‏.‏ ولا نداء‏.‏ ولا شيء‏.‏ لا نداء يومئذ ولا إقامة‏.‏
6 - ‏(‏886‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء ؛
أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له ؛ أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر‏.‏ فلا تؤذن لها‏.‏ قال فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه‏.‏ وأرسل إليه مع ذلك‏:‏ إنما الخطبة بعد الصلاة‏.‏ وإن ذلك قد كان يفعل‏.‏ قال‏:‏ فصلى ابن الزبير قبل الخطبة‏.‏
7 - ‏(‏887‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وحسن بن الربيع وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخرون‏:‏ حدثنا أبا الأحص‏)‏ عن سماك، عن جابر بن سمرة ؛ قال‏:‏
صليت مع رسول الله صلى الله عليه سلم العيدين‏.‏ غير مرة ولا مرتين‏.‏ بغير أذان ولا إقامة‏.‏
8 - ‏(‏888‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدة بن سليمان وأبو أسامة عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر ؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة‏.‏
9 - ‏(‏889‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر عن داود بن قيس، عن عياض بن عبدالله بن سعد، عن أبي سعيد الخدري ؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر‏.‏ فيبدأ بالصلاة‏.‏ فإذا صلى صلاته وسلم، قام فأقبل على الناس، وهم جلوس في مصلاهم‏.‏ فإن كان له حاجة ببعث، ذكره للناس‏.‏ أو كانت له حاجة بغير ذلك، أمرهم بها‏.‏ وكان يقول ‏"‏تصدقوا تصدقوا تصدقوا ‏"‏وكان أكثر من يتصدق النساء‏.‏ ثم ينصرف‏.‏ فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم‏.‏ فخرجت مخاصرا مروان‏.‏
حتى أتينا المصلى‏.‏ فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن‏.‏ فإذا مروان ينازعني يده‏.‏ كأنه يجرني نحو المنبر‏.‏ وأنا أجره نحو الصلاة‏.‏ فلما رأيت ذلك منه قلت‏:‏ أين الإبتداء بالصلاة ‏؟‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ يا أبا سعيد ‏!‏ قد ترك ما تعلم‏.‏ قلت‏:‏ كلا‏.‏ والذي نفسي بيده ‏!‏ لا تأتون بخير مما أعلم ‏(‏ثلاث مرار ثم انصرف‏)‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏مخاصرا مروان‏)‏ قال الإمام النووي‏:‏ أي مماشيا له يده في يدي‏.‏ هكذا فسروه‏.‏ ‏(‏أين الإبتداء بالصلاة‏)‏ هكذا ضبطناه على الأكثر وفي بعض الأصول‏:‏ ألا نبدأ ‏؟‏‏.‏ بألا التي هي للاستفتاح‏.‏ وكلاهما صحيح‏.‏ والأول أجود في هذا الموطن لأنه ساقه للإنكار عليه‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏1‏)‏ باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة، مفارقات للرجال‏.‏
10 - ‏(‏890‏)‏ حدثني أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا أيوب عن محمد، عن أم عطية‏.‏ قالت‏:‏
أمرنا ‏(‏تعني النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أن نخرج، في العيدين، العواتق وذوات الخدور‏.‏ وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏العواتق‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ العواتق جمع عاتق‏.‏ وهي الجاريه البالغة‏.‏ وقال ابن دريد‏:‏ هي التي قاربت البلوغ‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏ هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس، والتعنيس طول المقام في بيت أبيها بلا زوج حتى تطعن في السن‏.‏‏)‏
‏[‏ش ‏(‏الخدور‏)‏ الخدور البيوت‏.‏ وقيل‏:‏ الخدر ستر يكون في ناحية البيت‏)‏‏.‏ ‏(‏الحيض‏)‏ جمع حائض‏.‏ مثل راكع وركع‏]‏‏.‏
11 - ‏(‏883‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو خيثمة عن عاصم الأحول، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية‏.‏ قالت‏:‏
كنا نؤمر بالخروج في العيدين‏.‏ والمخبأة والبكر‏.‏ قالت‏:‏ الحيض يخرجن فيكن خلف الناس‏.‏ يكبرن مع الناس‏.‏
12 - ‏(‏883‏)‏ وحدثنا عمرو الناقد‏.‏ حدثنا عيسى بن يونس‏.‏ حدثنا هشام عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية‏.‏ قالت‏:‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نخرجهن في الفطر والأضحى‏.‏ العواتق والحيض وذوات الخدور‏.‏ فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين‏.‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إحدانا لا يكون لها جلباب‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏لتلبسها أختها من جلبابها‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ويشهدن الخير ودعوة المسلمين‏)‏ أي يحضرن مجالس الخير كسماع العلم‏.‏ ويحضرن دعوة المسلمين، أي دعاءهم كاستسقائهم‏.‏ ‏(‏جلباب‏)‏ قال النضر بن شميل‏:‏ هو ثوب أقصر وأعرض من الخمار‏.‏ وهي المقنعة‏.‏ تغطي به المرأة رأسها‏.‏ وقيل‏:‏ هو ثوب واسع دون الرداء تغطي به صدرها وظهرها‏.‏ وقيل‏:‏ هو الإزار‏.‏ وقيل‏:‏ الخمار‏.‏ ‏(‏لتلبسها أختها من جلبابها‏)‏ قال النووي‏:‏ الصحيح أن معناه لتلبسها جلبابا لا تحتاج إليه‏.‏ عارية‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏2‏)‏ باب ترك الصلاة، قبل العيد وبعدها، في المصلى‏.‏
13 - ‏(‏884‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن معاذ العنبري‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن عدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحى أو فطر‏.‏ فصلى ركعتين‏.‏ لم يصل قبلهما ولا بعدهما‏.‏ ثم أتى النساء ومعه بلال‏.‏ فأمرهن بالصدقة‏.‏ فجعلت المرأة تلقي خرصها وتلقي سخابها‏.‏
‏[‏ش ‏(‏سخابها‏)‏هو قلادة من طيب معجون على هيئة الخرز، يكون من مسك أو قرنفل أو غيرهما من الطيب‏.‏ليس فيه شيء من الجوهر وجمعه سخب‏.‏ ككتاب وكتب‏]‏‏.‏
‏(‏884‏)‏ وحدثنيه عمرو الناقد‏.‏ حدثنا ابن إدريس‏.‏ ح وحدثني أبو بكر بن نافع ومحمد بن بشار‏.‏ جميعا عن غندر‏.‏ كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏
*3* ‏(‏3‏)‏ باب ما يقرأ به في صلاة العيدين‏.‏
14 - ‏(‏891‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيدالله بن عبدالله ؛
أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي‏:‏ ما كان يقرأبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ‏؟‏ فقال‏:‏ كان يقرأ فيهما بق، والقرآن المجيد، واقتربت الساعة وانشق القمر‏.‏
‏[‏ش ‏(‏عن عبيدالله أن عمر بن الخطاب‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏.‏ فالرواية الأولى مرسلة لأن عبيدالله لم يدرك عمر‏.‏ ولكن الحديث صحيح بلا شك، متصل من الرواية الثانية‏.‏ فإنه أدرك أبا واقد بلا شك وسمعه بلا خلاف‏.‏ فلا عتب على مسلم حينئذ في روايته، فإنه صحيح متصل‏]‏‏.‏
15 - ‏(‏891‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا أبو عامر العقدي‏.‏ حدثنا فليح عن ضمرة بن سعيد، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبي واقد الليثي ؛ قال‏:‏
سألني عمر بن الخطاب‏:‏ عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد ‏؟‏ فقلت‏:‏ باقتربت الساعة، وق والقرآن المجيد‏.‏
*3* ‏(‏4‏)‏ باب الرخصة في اللعب، الذي لامعصية فيه، في أيام العيد‏.‏
16 - ‏(‏892‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة ؛ قالت‏:‏
دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار‏.‏ تغنيان بما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث‏.‏ قالت‏:‏ وليستا بمغنيتين‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ وذلك في يوم عيد‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا أبا بكر ‏!‏ إن لكل قوم عيدا‏.‏ وهذا عيدنا‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏جاريتان‏)‏ الجارية هي فتية النساء‏.‏ أي شابتهن‏.‏ سميت بها لخفتها‏.‏ ثم توسعوا حتى سمعوا كل أمة جارية، وإن كانت غير شابة والمراد هنا معناها الأصلي‏.‏ ‏(‏تقاولت به الأنصار يوم بعاث‏)‏ وتقاولت معناها بما خاطب بعضهم بعضا في الحرب من الأشعار‏.‏ وبعاث اسم حصن للأوس، يصرف ولا يصرف، وترك صرفه هو الأشهر‏.‏ ويوم بعاث يوم جرت فيه بين قبيلتي الأنصار‏:‏ الأوس والخزرج في الجاهلية، حرب‏.‏ وكان الظهور فيه للأوس‏.‏ ويطلق اليوم ويراد به الوقعة‏.‏ ‏(‏وليستا بمغنيتين‏)‏ معناه ليس الغناء عادة لهما‏.‏ ولا هما معروفتان به‏.‏ قال القاضي‏:‏ إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة‏.‏ وهذا لا يهيج الجواري على شر‏.‏ ولا إنشادهما لذلك، من الغناء المختلف فيه‏.‏ وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد‏.‏ ولهذا قالت‏:‏ وليستا بمغنيتين‏.‏ أي ليستا ممن يغني بعادة المغنيات‏.‏ من التشويق والهوى، والتعريض بالفواحش، والتشبيب بأهل الجمال، وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل‏.‏ كما قيل‏:‏ الغنا رقية الزنا‏.‏ وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن‏.‏ ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا‏.‏ والعرب تسمي الإنشاد غناء‏.‏ وليس هو من الغناء المختلف فيه‏.‏ بل هو مباح‏.‏ وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم‏.‏ وأجازوا الحداء‏.‏ وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما في معناه‏.‏ وهذا ومثله ليس بحرام‏.‏ ولا يجرح الشاهد‏.‏ ‏(‏أبمزموره الشيطان‏)‏ هو بضم الميم الأولى وفتحها‏.‏ والضم أشهر‏.‏ ولم يذكر القاضي غيره‏.‏ ويقال أيضا‏:‏ مزمار‏.‏ وأصله صوت بصفير‏.‏ والزمير الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضا‏]‏‏.‏
‏(‏892‏)‏ وحدثناه يحيى بن يحيى وأبو كريب‏.‏ جميعا عن أبي معاوية عن هشام، بهذا الإسناد‏.‏ وفيه‏:‏ جاريتان تلعبان بدف‏.‏
‏[‏ش ‏(‏بدف‏)‏ هو بضم الدال وفتحها‏.‏ والضم أفصح وأشهر‏.‏ قال في المنجد‏:‏ الدف آلة طرب‏.‏ وجمعه دفوف‏]‏‏.‏
17 - ‏(‏892‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو ؛ أن ابن شهاب حدثه عن عروة، عن عائشة ؛
أن أبا بكر دخل عليها‏.‏ وعندها جاريتان من أيام منى‏.‏ تغنيان وتضربان‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه‏.‏ فانتهرهما أبو بكر‏.‏ فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏دعهما يا أبا بكر ‏!‏ فإنها أيام عيد‏"‏‏.‏ وقالت‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون‏.‏ وأنا جارية‏.‏ فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن‏.‏
‏[‏ش ‏(‏في أيام منى‏)‏ هي أيام عيد الأضحى‏.‏ أضيف إلى المكان بحسب الزمان‏.‏ قال النووى‏:‏ يعني الثلاثة بعد اليوم النحر، وهي أيام التشريق‏.‏ ‏(‏مسجى بثوبه‏)‏ أي مغطى به‏.‏ ‏(‏فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن‏)‏ قال النووى‏:‏ معناه أنها تحب اللهو والتفرج والنظر إلى اللعب حبا بليغا‏.‏ وتحرص على إدامته ما أمكنها‏.‏ ولا تمل ذلك إلا بعد زمن طويل‏.‏ وقولها‏:‏ فاقدروا‏.‏ هو بضم الدال وكسرها‏.‏ لغتان حكاهما الجوهري وغيره‏.‏ وهو من التقدير‏.‏ أي قدروا رغبتها في ذلك إلى أن تنتهي‏.‏ أي قيسوا قياس أمرها في حداثتها وحرصها على اللهو‏.‏ ومع ذلك كانت هي التي تمل وتنصرف عن النظر إليه‏.‏ والنبي صلى الله عليه وسلم لا يمسه شيء من الضجر والإعياء رفقا بها‏.‏ وقولها‏:‏ العربة، معناها المشتهية للعب، المحبة له‏]‏‏.‏
18 - ‏(‏892‏)‏ وحدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير‏.‏ قال‏:‏ قالت عائشة‏:‏
والله ‏!‏ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي‏.‏ والحبشة يلعبون بحرابهم‏.‏ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ يسترني بردائه‏.‏ لكى أنظر إلى لعبهم‏.‏ ثم يقوم من أجلى‏.‏ حتى أكون أنا التي أنصرف‏.‏ فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، حريصة على اللهو‏.‏
19 - ‏(‏892‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي ويونس بن عبدالأعلى ‏(‏واللفظ لهارون‏)‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرنا عمرو ؛ أن محمد بن عبدالرحمن حدثه عن عروة، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندى جاريتان تغنيان بغناء بعاث‏.‏ فاضطجع على الفراش‏.‏ وحول وجهه‏.‏ فدخل أبو بكر فانتهرني‏.‏ وقال‏:‏ مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏دعهما‏"‏ فلما غفل غمزتهما فخرجتا‏.‏ وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب‏.‏ فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وإما قال ‏"‏تشتهين تنظرين ‏؟‏‏"‏ فقلت‏:‏ نعم‏.‏ فأقامني وراءه‏.‏ خدى على خده‏.‏ وهو يقول‏:‏ ‏"‏دونكم يا بني أرفدة‏"‏ حتى إذا مللت قال‏:‏ ‏"‏حسبك ‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فاذهبي‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏بغناء بعاث‏)‏ أي بغناء أشعار قيلت في تلك الحرب‏.‏ ‏(‏فلما غفل‏)‏ تعني أباها‏.‏ ‏(‏وكان يوم عيد‏)‏ أي وكان اليوم يوم عيد ‏(‏بالدرق‏)‏ جمع درقة‏.‏ الترس من جلود، ليس فيه خشب ولا عقب‏.‏ ‏(‏دونكم يا بني أرفدة‏)‏ هو بفتح الهمزة وإسكان الراء‏.‏ ويقال بفتح الفاء وكسرها‏.‏ وجهان حكاهما القاضي عياض وغيره‏.‏ الكسر أشهر‏.‏ وهو لقب للحبشة‏.‏ ولفظة دونكم من ألفاظ الإغراء‏.‏ وحذف المغرى به‏.‏ تقديره‏:‏ عليكم بهذا اللعب الذي أنتم فيه‏.‏ ‏(‏حسبك‏)‏ هو استفهام‏.‏ بدليل قولها‏:‏ قلت نعم‏.‏ تقديره أحسبك ‏؟‏ أي هل يكفيك هذا القدر ‏؟‏‏]‏‏.‏
20 - ‏(‏892‏)‏ حدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن هشام، عن أبيه، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏
جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد‏.‏ فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فوضعت رأسي‏.‏ على منكبه‏.‏ فجعلت أنظر إلى لعبهم‏.‏ حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يزفنون‏)‏ معناه يرقصون‏.‏ وحمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الرقص‏.‏ لأن معظم الروايات إنما فيها لعبهم بحرابهم‏.‏ فيتأول هذه اللفظة على موافقة سائر الروايات‏]‏‏.‏
‏(‏892‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا محمد بن بشر‏.‏ كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد‏.‏ ولم يذكرا‏:‏ في المسجد‏.‏
‏(‏892‏)‏ وحدثني إبراهيم بن دينار وعقبة بن مكرم العمي وعبد بن حميد‏.‏ كلهم عن أبي عاصم ‏(‏واللفظ لعقبة‏)‏ قال‏:‏ حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ أخبرني عطاء‏.‏ أخبرني عبيد بن عمير‏.‏ أخبرتني عائشة ؛ أنها قالت،
للعابين‏:‏ وددت أن أراهم‏.‏ قالت‏:‏ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقمت على الباب أنظر بين أذنيه وعاتقه‏.‏ وهم يلعبون في المسجد‏.‏
قال عطاء‏:‏ فرس أو حبش‏.‏ قال‏:‏ وقال لي ابن عتق‏:‏ بل حبش‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قال عطاء‏:‏ فرس أو حبش ‏؟‏‏)‏ هكذا هو في كل النسخ، ومعناه أن عطاء شك، هل قال‏:‏ هم فرس أم حبش، بمعنى هل هم من الفرس أم من الحبش ‏؟‏ وأما ابن عتيق فجزم بأنهم حبش‏.‏ وهو الصواب ‏(‏وقال لي ابن عتيق‏)‏ قال القاضي عياض‏.‏ هكذا هو عند شيوخنا، وعند الباجي‏:‏ وقال لي ابن عمير‏.‏ قال‏:‏ وفي نسخة أخرى‏.‏ قال لي ابن أبي عتيق‏.‏ قال صاحب المشارق والمطالع‏:‏ الصحيح ابن عمير، وهو عبيد بن عمير، المذكور في السند والصواب‏]‏‏.‏
22 - ‏(‏893‏)‏ وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد ‏(‏قال عبد‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال ابن رافع‏:‏ حدثنا عبدالرزاق‏)‏‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏
بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم‏.‏ إذ دخل عمر بن الخطاب‏.‏ فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها‏.‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏دعهم‏.‏ يا عمر‏!‏‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها‏)‏ أهوى أي مد يده نحوها‏.‏ وأمالها إليها ليأخذها‏.‏ والحصباء هي الحصا الصغار‏.‏ ويحصبهم أي يرميهم بها‏]‏