كتاب صلاة الاستسقاء

1- ‏(‏894‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدالله بن أبي بكر ؛ أنه سمع عباد بن تميم يقول‏:‏ سمعت عبدالله بن زيد المازني يقول‏:‏ 

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى‏.‏ وحول ردائه حين استقبل القبلة‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وحول ردائه‏)‏ قال النووى‏:‏ قال أصحابنا‏:‏ لإن التحول شرع تفاؤلا بتغير الحال، من القحط إلى نزول الغيث والخصب، ومن ضيق الحال إلى سعته‏]‏‏.‏
2 - ‏(‏894‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبدالله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عمه‏.‏ قال‏:‏
خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى‏.‏ فاستسقى واستقبل القبلة‏.‏ وقلب رداءه‏.‏ وصلى ركعتين‏.‏
3 - ‏(‏894‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد‏.‏ قال‏:‏ أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو ؛ أن عباد ابن تميم أخبره ؛ أن عبدالله بن زيد الأنصاري أخبره ؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي‏.‏ وأنه لما أراد أن يدعو، استقبل القبلة، وحول رداءه‏.‏
4 - ‏(‏894‏)‏ وحدثني أو الطاهر وحرملة‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ قال‏:‏ أخبرني عباد بن تميم المازني؛ أنه سمع عمه، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقي‏.‏ فجعل إلى الناس ظهره‏.‏ يدعو الله واستقبل القبلة‏.‏ وحول رداءه‏.‏ ثم صلى ركعتين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏عمه‏)‏ المراد بعمه عبدالله بن زيد بن عاصم المازني، المتكرر في الروايات السابقة‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏1‏)‏ باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء‏.‏
5 - ‏(‏895‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا يحيى بن أبي بكير عن شعبة، عن ثابت، عن أنس‏.‏ قال‏:‏
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء‏.‏ حتى يرى بياض إبطيه‏.‏
7 - ‏(‏895‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا ابن أبي عدي وعبدالأعلى عن سعيد، عن قتادة، عن أنس ؛
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء‏.‏ حتى يرى بياض إبطيه‏.‏ غير أن عبدالأعلى قال‏:‏ يرى بياض إبطه أو بياض إبطيه‏.‏
‏(‏895‏)‏ حدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا يحيى بن سعد عن ابن أبي عروبة، عن قتادة ؛ أن أنس بن مالك حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه‏.‏
6 - ‏(‏896‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ حدثنا الحسن بن موسى‏.‏ حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس بن مالك ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى‏.‏ فأشار بظهر كفيه إليه‏.‏
*3* ‏(‏2‏)‏ باب الدعاء في الاستسقاء‏.‏
8 - ‏(‏897‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخرون‏:‏ حدثنا إسماعل بن جعفر‏)‏ عن شريك بن أبي نمر، عن أنس بن مالك ؛
أن رجلا دخل المسجد يوم جمعة‏.‏ من باب كان نحو دار القضاء‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب‏.‏ فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما‏.‏ ثم قال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ هلكت الأموال وانقطعت السبل‏.‏ فادع الله يغثنا‏.‏ قال‏:‏ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ أغثنا‏.‏ اللهم ‏!‏ أغثنا‏.‏ اللهم ‏!‏ أغثنا‏"‏‏.‏ قال أنس‏:‏ ولا والله ‏!‏ ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة‏.‏ وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار‏.‏ قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس‏.‏ فلما توسطت السماء انتشرت‏.‏ ثم أمطرت‏.‏ قال‏:‏ فلا والله ‏!‏ ما رأينا الشمس سبتا‏.‏ قال‏:‏ ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب‏.‏ فاستقبله قائما‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ هلكت الأموال وانقطعت السبل‏.‏ فادع الله يمسكها عنا‏.‏ قال‏:‏ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ حولنا ولا علينا‏.‏ اللهم ‏!‏ على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر‏"‏ فانقلعت‏.‏ وخرجنا نمشى في الشمس‏.‏ قال شريك‏:‏ فسألت أنس بن مالك‏:‏ أهو الرجل الأول ‏؟‏ قال‏:‏ لا أدرى‏.‏
‏[‏ش ‏(‏من باب كان نحو دار القضاء‏)‏ أي في جهتها، وهي دار كانت لسيدنا عمر‏.‏ سميت دار القضاء لكونها بيعت بعد وفاته في قضاء دينه‏.‏ وقال القاضي عياض‏:‏ سميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كتبه على نفسه‏.‏ وأوصى ابنه عبدالله أن يباع فيه ماله، فإن عجز ماله استعان ببني عدي، ثم بقريش، فباع ابنه داره هذه لمعاوية، وماله بالغابة وقضى دينه‏.‏ ‏(‏هلكت الأموال‏)‏ المراد بالأموال، هنا المواشي‏.‏ خصوصا الإبل‏.‏ وهلاكها من قلة الأقوات، بسبب عدم المطر والنبات‏.‏ ‏(‏وانقطعت السبل‏)‏ أي الطرق فلم تسلكها الإبل، إما لخوف الهلاك‏.‏ أو الضعف بسبب قلة الكلأ أو عدمه‏.‏ ‏(‏فادع الله يغيثنا قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم ‏!‏ أغثنا‏)‏ هكذا في جميع النسخ أغثنا، بالألف‏.‏ ويغثنا، بضم الياء من أغاث يغيث، رباعي‏.‏ والمشهور في كتب اللغة أنه إنما يقال في المطر‏:‏ غاث الله الناس والأرض، يغيثهم بفتح الياء‏.‏ أي أنزل المطر‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ قال بعضهم‏:‏ هذا المذكور في الحديث من الإغاثة، بمعنى المعونة، وليس من طلب الغيث‏.‏ إنما يقال في طلب الغيث‏:‏ اللهم غثنا‏.‏ قال القاضي‏:‏ ويحتمل أن يكون من طلب الغيث‏.‏ أي هب لنا غيثا‏.‏ أو ارزقنا غيثا‏.‏ كما يقال‏:‏ سقاه الله وأسقاه، أي جعل له سقيا، على لغة من فرق بينهما‏.‏ ‏(‏ولا قزعة‏)‏ هي القطعة من السحاب، وجماعتها قزع‏.‏ كقصبة وقصب‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ وأكثر ما يكون ذلك في الخريف‏.‏ ‏(‏سلع‏)‏ هو جبل بقرب المدينة‏.‏ أي ليس بيننا وبينه من حائل منعنا من رؤية سبب المطر، فنحن مشاهدون له وللسماء‏.‏ وقال الإمام النووى‏:‏ ومراده بهذا، الإخبار عن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعظيم كرامته على ربه سبحانه وتعالى، بإنزال المطر سبعة أيام متوالة، متصلا، بسؤاله‏.‏ من غير تقديم سحاب ولا قزع ولا سبب آخر، لا ظاهر ولا باطن‏.‏ ‏(‏مثل الترس‏)‏ الترس هو ما يتقى به السف‏.‏ ووجه الشبه الاستدارة والكثافة‏.‏ لا القدر‏.‏ ‏(‏أمطرت‏)‏ هكذا هو في النسخ‏.‏ وكذا جاء في البخاري‏.‏ أمطرت، بالألف، وهو صحيح‏.‏ وهو دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من أهل اللغة‏.‏ ‏(‏سبتا‏)‏ أي قطعة من الزمان‏.‏ وأصل السبت القطع‏.‏ ‏(‏هلكت الأموال وانقطعت السبل‏)‏ هلاك الأموال وانقطاع السبل هذه المرة، من كثرة الأمطار‏.‏ لتعذر الرعى والسلوك ‏(‏حولنا‏)‏ وفي بعض النسخ‏:‏ حوالينا‏.‏ وهما صحيحان‏.‏ ‏(‏الآكام‏)‏ قال في المصباح‏:‏ الأكمة تل والجمع أكم وأكمات، مثل قصبة وقصب وقصبات‏.‏ وجمع الأكم إكام مثل جبل وجبال وجمع الإكام أكم مثل كتاب وكتب‏.‏ وجمع الأكم أكمام‏.‏ مثل عنق وأعناق‏.‏ وقال النووى‏:‏ قال أهل اللغة‏:‏ الإكام، بكسر الهمزة، جمع أكمة‏.‏ ويقال في جمعها‏:‏ آكام‏.‏ ويقال‏:‏ أكم وأكم‏.‏ وهي دون الجبل وأعلى من الرابية‏.‏ وقيل‏:‏ دون الرابية‏.‏ ‏(‏والظراب‏)‏ واحدها ظرب، وهي الروابي الصغار‏.‏ ‏(‏فانقلعت‏)‏ ولفظ البخاري‏:‏ فأقلعت‏.‏ وهو لغة القرآن‏.‏ أي فأمسكت السحابة الماطرة عن المدينة الطاهرة‏.‏ وفي نسخة النووي‏:‏ فانقطعت‏.‏ قال‏:‏ هكذا هو في بعض النسخ المعتمدة‏.‏ وفي أكثرها‏:‏ فانقلعت‏.‏ وهما بمعنى‏]‏‏.‏
9 - ‏(‏898‏)‏ وحدثنا داود بن رشيد‏.‏ حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي‏.‏ حدثني إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك‏.‏ قال‏:‏
أصابت الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة‏.‏ إذ قام أعرابي فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ هلك المال وجاع العيال‏.‏ وساق الحديث بمعناه‏.‏ وفيه قال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ حوالينا ولا علينا‏"‏ قال‏:‏ فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت‏.‏ حتى رأيت المدينة في مثل الجوبة‏.‏ وسال وادى قناة شهرا‏.‏ ولم يجيء أحدا من ناحية إلا أخبر بجود‏.‏
‏[‏ش ‏(‏والظراب‏)‏ واحدها ظرب، وهي الروابي الصغار‏.‏ ‏(‏فانقلعت‏)‏ ولفظ البخاري‏:‏ فأقلعت‏.‏ وهو لغة القرآن‏.‏ أي فأمسكت السحابة الماطرة عن المدينة الطاهرة‏.‏ وفي نسخة النووى‏:‏ فانقطعت‏.‏ قال‏:‏ هكذا هو في بعض النسخ المعتمدة‏.‏ وفي أكثرها‏:‏ فانقلعت‏.‏ وهما بمعنى‏.‏ ‏(‏أصابت الناس سنة‏)‏ أي قحط‏.‏ ‏(‏اللهم حوالينا ولا علينا‏)‏ أ أنزل المطر على الجهات المحيطة بنا، ولا تنزله علينا، قال الجوهري‏:‏ يقال قعدوا حوله وحواله وحوليه وحواليه، بفتح اللام‏.‏ ولا يقال‏:‏ حواليه‏.‏ بكسرها‏.‏ ‏(‏تفرجت‏)‏ أي تقطع السحاب وزال عنها‏.‏ ‏(‏الجوبة‏)‏ الجوبة هي الفجوة‏.‏ ومعناه تقطع السحاب عن المدينة وصار مستدييرا حولها، وهي خالة منه‏.‏ ‏(‏وادي قناة‏)‏ قناة اسم لواد من أودية المدينة‏.‏ وعليه زروع لهم ‏.‏ فأضافه، هنا، إلى نفسه‏.‏ ‏(‏أخبر بجود‏)‏ الجود هو المطر الشديد‏]‏‏.‏
10 - ‏(‏897‏)‏ وحدثني عبدالأعلى بن حماد ومحمد بن أبي بكر المقدمي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا معتمر‏.‏ حدثنا عبيدالله عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك‏.‏ قال‏:‏
كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة‏.‏ فقام إليه الناس فصاحوا‏.‏ وقالوا‏:‏ يا نبي الله ‏!‏ قحط المطر، واحمر الشجر، وهلكت البهائم وساق الحديث‏.‏ وفيه من رواية عبدالأعلى‏:‏ فتقشعت عن المدينة‏.‏ فجعلت تمطر حواليها‏.‏ وما تمطر بالمدينة قطرة‏.‏ فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الأكليل‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قحط المطر‏)‏ أي أمسك‏.‏ ‏(‏واحمر الشجر‏)‏ كناية عن يبس ورقها وظهور عودها‏.‏ ‏(‏تقشعت‏)‏ أي انكشفت‏.‏ وقال النووى‏:‏ زالت ‏(‏الإكليل‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ هي العصابة‏.‏ وتطلق على كل محيط بالشيء‏.‏ ويسمى التاج إكليلا لإحاطته بالرأس‏]‏‏.‏
11- ‏(‏897‏)‏ وحدثناه أبو كريب‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، بنحوه‏.‏ وزاد‏:‏ فألف الله بين السحاب‏.‏ ومكثنا حتى رأيت الرجل الشديد تهمه نفسه أن يأتي أهله‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تهمه نفسه‏)‏ ضبطناه بوجهين‏:‏ فتح التاء مع ضم الهاء‏.‏ وضم التاء مع كسر الهاء‏.‏ يقال‏:‏ همه الشيء وأهمه‏.‏ أي اهتم له‏]‏‏.‏
12- ‏(‏897‏)‏ وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏حدثني أسامة ؛ أن حفص بن عبيدالله بن أنس بن مالك حدثه ؛ أنه سمع أنس بن مالك يقول‏:‏
جاء إعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وهو على المنبر وإقتص الحديث‏.‏ وزاد‏:‏ فرأيت السحاب يتمزق كأنه الملاء حين تطوى‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يتمزق كأنه الملاء حين تطوى‏)‏ الواحدة ملاءة‏.‏ وهي الريطه كالملحفة‏.‏ التي تلتحف بها المرأة‏.‏ ومعناه تشبيه إنقطاع السحاب وتجليله، بالملاءة المنشورة إذا طويت‏]‏‏.‏
13 - ‏(‏898‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني، عن أنس‏.‏ قال‏:‏ قال أنس‏:‏
أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر‏.‏ قال‏:‏ فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه‏.‏ حتى أصابه من المطر‏.‏ فقلنا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ لم صنعت هذا ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لأنه حديث عهد بربه تعالى‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فحسر‏)‏ أي كشف بعض بدنه‏.‏ ‏(‏حديث عهد بربه‏)‏ أي بتكوين ربه إياه‏.‏ ومعناه أن المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها، فيتبرك بها‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏3‏)‏ باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم، والفرح بالمطر‏.‏
14 - ‏(‏899‏)‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا سليمان ‏(‏يعني ابن بلال‏)‏ عن جعفر ‏(‏وهو ابن محمد‏)‏ عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم، عرف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر‏.‏ فإذا مطرت، سر به، وذهب عنه ذلك‏.‏ قالت عائشة ‏:‏ فسألته‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏إني خشيت أن يكون عذابا سلطا على أمتي‏"‏‏.‏ ويقول، إذا رأى المطر ‏"‏رحمه‏"‏‏.‏
15- ‏(‏899‏)‏ وحدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن جريج يحدثنا عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنها قالت‏:‏
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به‏.‏ وأعوذ بك من شرها، وشرما فيها، وشر ما أرسلت به‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ وإذا تخيلت السماء، تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر‏.‏ فإذا مطرت سري عنه‏.‏ فعرفت ذلك في وجهه‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فسألته‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏لعله، ياعائشة ‏!‏ كما قال قوم عاد‏:‏ ‏{‏فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا‏}‏‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏عصفت الريح‏)‏ أي اشتد هبوبها‏.‏ ‏(‏تخيلت‏)‏ قال أبو عبيد وغيره‏:‏ تخيلت من المخيلة بفتح الميم‏.‏ وهي سحابه فيها رعد وبرق يخيل إليه أنها ماطرة‏.‏ ويقال‏:‏ أخالت إذا تغيمت‏.‏ ‏(‏سري عنه‏)‏ أي انكشف عنه الهم‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ وقد تكرر ذكر هذه اللفظة في الحديث، وخاصة في ذكر نزول الوحي عليه‏.‏ وكلها بمعنا الكشف والإزالة‏.‏ يقال‏:‏ سروت الثوب، وسريته إذا خلعته‏.‏ والتشديد فيه للمبالغة‏.‏ ‏(‏هذا عارض ممطرنا‏)‏ أي سحاب عرض في أفق السماء يأتينا بالمطر‏]‏‏.‏
16 - ‏(‏899‏)‏ وحدثني هارون بن معروف‏.‏ حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث‏.‏ ح وحدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا عبدالله بن وهب‏.‏ أخبرنا عمر بن الحارث ؛ أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار، عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛
أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا‏.‏ حتى أرى منه لهواته‏.‏ إنما كان يبتسم‏.‏ قالت‏:‏ وكان إذا رأى غيما أو ريحا، عرف ذلك في وجهه‏.‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أرى الناس، إذا رأوا الغيم، فرحوا‏.‏ رجاء أن يكون فيه المطر‏.‏ وأراك إذا رأيته، عرفت في وجهك الكراهية ‏؟‏ قالت فقال‏:‏ ‏"‏يا عائشة ‏!‏ ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب‏.‏ قد عذب قوم بالريح‏.‏ وقد رأى قوم العذاب فقالوا‏:‏ هذا عارض ممطرنا‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏مستجمعا‏)‏ المستجمع المجد في الشيء، القاصد له‏.‏ ‏(‏لهواته‏)‏ اللهوات جمع لهاة‏.‏ وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك‏.‏ قاله الأصمعي‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏4‏)‏ باب في ريح الصبا والدبور‏.‏
17 - ‏(‏900‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا غندر عن شعبة‏.‏ ح وحدثني محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال‏:‏
‏"‏نصرت بالصبا‏.‏ وأهلكت عاد بالدبور‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏نصرت بالصبا‏)‏ الصبا ريح‏.‏ ومهبها المستوى أن تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار‏.‏ ‏(‏بالدبور‏)‏ الريح التي تقابل الصبا‏.‏ وقال النووى‏.‏ هي الريح الغربية‏]‏‏.‏
‏(‏900‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏.‏ ح وحدثنا عبدالله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي‏.‏ حدثنا عبدة ‏(‏يعني ابن سليمان‏)‏‏.‏ كلاهما عن الأعمش، عن مسعود بن مالك، عن سعد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله‏.‏
*2* 10 - كتاب الكسوف‏.‏
*3* ‏(‏1‏)‏ باب صلاة الكسوف‏.‏
1 - ‏(‏901‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شييبة ‏(‏واللفظ له‏)‏ قال‏:‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة‏.‏ قالت‏:‏
خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي‏.‏ فأطال القيام جدا‏.‏ ثم ركع فأطال الركوع جدا‏.‏ ثم رفع رأسه فأطال القيام جدا‏.‏ وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع فأطال الركوع جدا‏.‏ وهو دون الركوع الأول‏.‏ ثم سجد‏.‏ ثم قام فأطال القيام‏.‏ وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع فأطال الركوع‏.‏ وهو دون الركوع الأول‏.‏ ثم رفع رأسه فقام‏.‏ فأطال القيام‏.‏ وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع فأطال الركوع‏.‏ وهو دون الركوع الأول‏.‏ ثم سجد‏.‏ ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس‏.‏ فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏إن الشمس والقمر من آيات الله‏.‏ وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته‏.‏ فإذا رأيتموهما فكبروا‏.‏ وادعو الله وصلوا وتصدقوا‏.‏ يا أمة محمد ‏!‏ إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته‏.‏ يا أمة محمد ‏!‏ والله ‏!‏ لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا‏.‏ ألا هل بلغت ‏؟‏‏"‏‏.‏ وفي رواية مالك‏:‏ ‏"‏إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏خسفت الشمس‏)‏ يقال‏:‏ كسفت الشمس والقمر، وكسفا‏.‏ وانكسفا وخسفا وخسفا وانخسفا بمعنى‏.‏ وجمهور أهل اللغة وغيرهم على أن الخسوف والكسوف يكون لذهاب ضوئهما كله، وويكون لذهاب بعضه‏.‏ ‏(‏إن من أحد أغير من الله‏)‏ إن نافية، بمعنى ما‏.‏ ومن استغراقية‏.‏ وأحد في محل الرفع‏.‏ ومعناه ليس أحد أمنع من المعاصي من الله تعالى، ولا أشد كراهة لها منه سبحانه وتعالى‏.‏ ‏(‏لو تعلمون ما أعلم الخ‏)‏ معناه لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم وشدة عقابه، وأهوال القيامة وما بعدها، كما علمت‏.‏ وترون النار كما رأيت في مقامي هذا وفي غيره - لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم فيما علمتموه‏]‏‏.‏
2 - ‏(‏901‏)‏ حدثناه يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد‏.‏ وزاد‏:‏ ثم قال‏:‏
‏"‏أما بعد‏.‏ فإن الشمس والقمر من آيات الله‏"‏ وزاد أيضا‏:‏ ثم رفع يديه فقال‏:‏ ‏"‏اللهم ‏!‏ هل بلغت‏"‏‏.‏
3 - ‏(‏901‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرني ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس‏.‏ ح وحدثني أبو الطاهر ومحمد بن سلمة المرادى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن وهب عن يونس، عن ابن شهاب‏.‏ قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قالت‏:‏
خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد‏.‏ فقام وكبر وصف الناس وراءه‏.‏ فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة‏.‏ ثم كبر فركع ركوعا طويلا‏.‏ ثم رفع رأسه فقال ‏"‏سمع الله لمن حمده‏.‏ ربنا ‏!‏ ولك الحمد‏"‏‏.‏ ثم قام فاقترأ قراءة طويلة‏.‏ هي أدنى من القراءة الأولى‏.‏ ثم كبر فركع ركوعا طويلا‏.‏ هو أدني من الركوع الأول‏.‏ ثم قال ‏"‏سمع الله لمن حمده‏.‏ ربنا ‏!‏ ولك الحمد ‏"‏ ثم سجد ‏(‏ولم يذكر أبو الطاهر‏:‏ ثم سجد‏)‏ ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك‏.‏ حتى استكمل أربع ركعات‏.‏ وأربع سجدات‏.‏ وانجلت الشمس قبل أن ينصرف‏.‏ ثم قام فخطب الناس‏.‏ فأثنى على الله بما هو أهله‏.‏ ثم قال ‏"‏إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله‏.‏ لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته‏.‏ فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة‏"‏‏.‏ وقال أيضا ‏"‏فصلوا حتى يفرج الله عنكم‏"‏‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم‏.‏ حتى لقد رأيتنى أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أقدم‏.‏ ‏(‏وقال المزادى‏:‏ أتقدم‏)‏ ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، حين رأيتموني تأخرت‏.‏ ورأيت فيها ابن لحي‏.‏ وهو الذي سيب السوائب‏"‏‏.‏ وانتهى حديث أبي الطاهر عند قوله‏:‏ ‏"‏فافزعوا للصلاة‏"‏‏.‏ ولم يذكر ما بعده‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أقدم‏)‏ ضبطناه بضم الهمزة وفتح القاف وكسر الدال المشددة‏.‏ ومعناه أقدم نفسي أو رجلي‏.‏ وكذا صرح القاضي عياض بضبطه ‏(‏يحطم‏)‏ أي يكسر‏.‏ ‏(‏وهو الذي سيب السوائب‏)‏ تسييب الدواب إرسالها تذهب وتجيء كيف شاءت‏.‏ والسوائب جمع سائبة‏.‏ وهي التي نهي الله سبحانه عنها في قوله‏:‏ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة‏.‏ فالبحيرة هي الناقة التي يمنع درها للطواغيت‏.‏ فلا يحلبها أحد من الناس‏.‏ والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم‏.‏ فلا يحمل عليها شيء‏]‏‏.‏
4 - ‏(‏901‏)‏ وحدثنا محمد بن مهران الرازي‏.‏ حدثنا الوليد بن مسلم‏.‏ قال‏:‏ قال الأوزاعى أبو عمرو وغيره‏:‏ سمعت ابن شهاب الزهري يخبر عن عروة، عن عائشة ؛
أن الشمس خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فبعث مناديا ‏"‏الصلاة جامعة‏"‏ فاجتمعوا‏.‏ وتقدم فكبر‏.‏ وصلى أربع ركعات‏.‏ في ركعتين‏.‏ وأربع سجدات‏.‏
‏[‏ش ‏(‏الصلاة جامعة‏)‏ لفظة جامعة منصوبة على الحال‏.‏ والصلاة منصوبة أيضا على الإغراء‏.‏ أي احضروا الصلاة‏.‏ ويصح الرفع فيهما على الابتداء والخبر‏.‏ أي الصلاة تجمع الناس في المسجد الجامع‏]‏‏.‏
5 - ‏(‏901‏)‏ وحدثنا محمد بن مهران‏.‏ حدثنا الوليد بن مسلم‏.‏ أخبرنا عبدالرحمن بن نمير ؛ أنه سمع ابن شهاب يخبر عن عروة، عن عائشة ؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف بقراءته‏.‏ فصلى أربع ركعات‏.‏ في ركعتين‏.‏ وأربع سجدات‏.‏
‏(‏902‏)‏ قال الزهري‏:‏ وأخبرني كثير بن عباس عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه صلى أربع ركعات‏.‏ في ركعتين‏.‏ وأربع سجدات‏.‏
‏(‏902‏)‏ وحدثنا حاجب بن الوليد‏.‏ حدثنا محمد بن حرب‏.‏ حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري‏.‏ قال‏:‏
كان كثير بن عباس يحدث ؛ أن ابن عباس كان يحدث عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس‏.‏ بمثل ما حدث عروة عن عائشة‏.‏
6 - ‏(‏901‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ سمعت عطاء يقول‏:‏ سمعت عبيد بن عمير يقول‏:‏
حدثني من أصدق ‏(‏حسبته يريد عائشة‏)‏ أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقام قياما شديدا‏.‏ يقوم قائما ثم يركع‏.‏ ثم يقوم ثم يركع‏.‏ ثم يقوم ثم يركع‏.‏ ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات‏.‏ فانصرف وقد تجلت الشمس‏.‏ وكان إذا ركع قال‏:‏ ‏"‏الله أكبر‏"‏ ثم يركع‏.‏ وإذا رفع رأسه قال‏:‏ ‏"‏سمع الله لمن حمده‏"‏ فقام فحمد الله وأثنى عليه‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته‏.‏ ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما عباده‏.‏ فإذا رأيتم كسوفا، فاذكروا الله حتى ينجليا‏"‏‏.‏
7 - ‏(‏901‏)‏ وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا معاذ ‏(‏وهو ابن هشام‏)‏‏.‏ حدثني أبي عن قتادة، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير، عن عائشة ؛
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات‏.‏
*3* ‏(‏2‏)‏ باب ذكر عذاب القبر في صلاة الخسوف‏.‏
8 - ‏(‏903‏)‏ وحدثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي‏.‏ حدثنا سليمان ‏(‏يعني ابن بلال‏)‏ عن يحيى، عن عمرة ؛
أن يهودية أتت عائشة تسألها‏.‏ فقالت‏:‏ أعاذك الله من عذاب القبر‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ يعذب الناس في القبور قالت عمرة‏:‏ فقالت عائشة‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏عائذا بالله‏"‏ ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا‏.‏ فخسفت الشمس‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فخرجت في نسوة بين ظهرى الحجر في المسجد‏.‏ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مركبه‏.‏ حتى انتهى إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه‏.‏ فقام وقام الناس وراءه‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فقام قياما طويلا ثم ركع‏.‏ فركع ركوعا طويلا ثم رفع‏.‏ فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع فركع ركوعا طويلا‏.‏ وهو دون ذلك الركوع‏.‏ ثم رفع وقد تجلت الشمس‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏إني قد رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال‏"‏‏.‏
قالت عمرة‏:‏ فسمعت عائشة تقول‏:‏ فكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك، يتعوذ من عذاب النار وعذاب القبر‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تسألها‏)‏ تعنى‏:‏ فلما أعطتها السيدة عائشة ما سألته دعت لها‏.‏ فقالت في دعائها‏:‏ أعاذك الله، أي أجارك من عذاب القبر‏.‏ ‏(‏عائذا بالله‏)‏ هو من الصفات القائمة مقام المصدر‏.‏ وناصبه محذوف‏.‏ أي أعوذ عياذا به‏.‏ ‏(‏بين ظهرى الحجر‏)‏ أي بينها‏.‏ والحجر جمع حجرة‏.‏ تعنى بيوت الأزواج الطاهرات‏.‏ فكلمة ظهرى مقحمة، وهي تثنية ظهر‏.‏ ‏(‏مصلاه‏)‏ تعنى موقفه من المسجد‏.‏ ‏(‏تفتنون‏)‏ أي تمتحنون‏]‏‏.‏
‏(‏903‏)‏ وحدثناه محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ ح وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ جميعا عن يحيى بن سعيد، في هذا الإسناد‏.‏ بمثل معنى حديث سليمان بن بلال‏.‏
*3* ‏(‏3‏)‏ باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار‏.‏
9 - ‏(‏904‏)‏ وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي‏.‏ حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائى‏.‏ قال‏:‏ حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبدالله‏.‏ قال‏:‏
كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر‏.‏ فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه‏.‏ فأطال القيام‏.‏ حتى جعلوا يخرون‏.‏ ثم ركع فأطال‏.‏ ثم رفع فأطال‏.‏ ثم ركع فأطال‏.‏ ثم رفع فأطال‏.‏ ثم سجد سجدتين‏.‏ ثم قام فصنع نحوا من ذاك‏.‏ فكانت أربع ركعات وأربع سجدات‏.‏ ثم قال ‏"‏ إنه عرض على كل شيء تولجونه‏.‏ فعرضت على الجنة‏.‏ حتى لو تناولت منها قطفا أخذته ‏(‏أو قال تناولت منها قطفا‏)‏ فقصرت يدي عنه‏.‏ وعرضت على النار‏.‏ فرأيت فيها امرأة من بني اسرائيل تعذب في هرة لها‏.‏ ربطتها فلم تطعمها‏.‏ ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض‏.‏ ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار‏.‏ وإنهم كانوا يقولون‏:‏ إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم‏.‏ وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما‏.‏ فإذا خسفا فصلوا حتى ينجلى‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏لو تناولت منها قطفا لأخذته‏)‏ معنى تناولت، مددت يدي لأخذه‏.‏ والقطف العنقود‏.‏ وهو فعل بمعنى مفعول‏.‏ كالذبح بمعنى المذبوح‏.‏ ‏(‏في هرة لها‏)‏ أي بسبب هرة لها‏.‏ ‏(‏خشاش الأرض‏)‏ هي هوامها وحشراتها‏.‏ وقيل‏:‏ صغار الطير‏.‏ وحكى القاضي فتح الخاء وكسرها وضمها‏.‏ والفتح هو المشهور‏.‏ ‏(‏يجر قصبه‏)‏ القصب هي الأمعاء‏]‏‏.‏
‏(‏904‏)‏ وحدثنيه أبو غسان المسمعي‏.‏ حدثنا عبدالملك بن الصباح عن هشام، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ إلا أنه قال‏:‏
‏"‏ورأيت في النار امرأة حميرية سوداء طويلة‏"‏‏.‏ ولم يقل‏:‏ ‏"‏من بني إسرائيل‏"‏‏.‏
10 - ‏(‏904‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير‏.‏ ‏(‏وتقاربا في اللفظ‏)‏ قال‏:‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبدالملك عن عطاء، عن جابر‏.‏ قال‏:‏
انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال الناس‏:‏ إنما انكسفت لموت إبراهيم‏.‏ فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات‏.‏ بدأ فكبر‏.‏ ثم قرأ فأطال القراءة‏.‏ ثم ركع نحوا مما قام‏.‏ ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى‏.‏ ثم ركع نحوا مما قام‏.‏ ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية‏.‏ ثم ركع نحوا مما قام‏.‏ ثم رفع رأسه من الركوع‏.‏ ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين‏.‏ ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات‏.‏ ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها‏.‏ وركوعه نحوا من سجوده‏.‏ ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه‏.‏ حتى انتهينا‏.‏ ‏(‏وقال أبو بكر‏:‏ حتى انتهى إلى النساء‏)‏ ثم تقدم وتقدم الناس معه‏.‏ حتى قام في مقامه‏.‏ فانصرف حين انصرف، وقد آضت الشمس‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏يا أيها الناس ‏!‏ إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله‏.‏ وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ‏(‏وقال أبو بكر‏:‏ لموت بشر‏)‏ فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلى‏.‏ ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه‏.‏ لقد جيء بالنار‏.‏ وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها‏.‏ وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار‏.‏ كان يسرق الحاج بمحجنه‏.‏ فإن فطن له قال‏:‏ إنما تعلق بمحجني‏.‏ وإن غفل عنه ذهب به‏.‏ وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها‏.‏ ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض‏.‏ حتى ماتت جوعا‏.‏ ثم جيء بالجنة‏.‏ وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي‏.‏ ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه‏.‏ ثم بدا لي أن لا أفعل‏.‏ فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وقد آضت الشمس‏)‏ ومعناه رجعت إلى حالها الأول قبل الكسوف‏.‏ وهو من آض يئيض، إذا رجع‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ أيضا‏.‏ وهو مصدر منه‏.‏ ‏(‏مخافة أن يصيبني من لفحها‏)‏ أي من ضرب لهبها‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ تلفح وجوههم النار‏.‏ أي يضربها لهبها‏.‏ والنفح دون اللفح‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك‏.‏ أي أدنى شيء منه‏.‏ ‏(‏بمحجنه‏)‏ المحجن عصا معقفة الطرف‏]‏‏.‏
11 - ‏(‏905‏)‏ حدثنا محمد بن العلاء الهمداني‏.‏ حدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا هشام عن فاطمة، عن أسماء ؛ قالت‏:‏
خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فدخلت على عائشة وهي تصلى‏.‏ فقلت‏:‏ ما شأن الناس يصلون ‏؟‏ فأشارت برأسها إلى السماء‏.‏ فقلت‏:‏ آية ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام جدا‏.‏ حتى تجلاني الغشي‏.‏ فأخذت قربة من ماء إلى جنبي‏.‏ فجعلت أصب على رأسي أو على وجهي من الماء‏.‏ قالت‏:‏ فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس‏.‏ فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس‏.‏ فحمد الله وأثنى عليه‏.‏ ثم قال ‏"‏أما بعد‏.‏ ما من شيء لم أكن رأيته إلا في مقامى هذا‏.‏ حتى الجنة والنار‏.‏ وإنه قد أوحى إلى أنكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدجال‏.‏ ‏(‏لا أدرى أي ذلك قالت أسماء‏)‏ فيؤتي أحدكم فيقال‏:‏ ما علمك بهذا الرجل ‏؟‏ فأما المؤمن أو الموقن‏.‏ ‏(‏لا أدري أي ذلك قالت أسماء‏)‏ فيقول‏:‏ هو محمد، هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهدي‏.‏ فأجبنا وأطعنا‏.‏ ثلاث مرار‏.‏ فيقال له‏:‏ نم‏.‏ قد كنا نعلم إنك لتؤمن به‏.‏ فنم صالحا‏.‏ وأما المنافق أو المرتاب ‏(‏لا أدري أي ذلك قالت أسماء‏)‏ فيقول‏:‏ لا أدري‏.‏ سمعت الناس يقولون شيئا فقلت‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تجلاني الغشي‏)‏ وروى أيضا الغشي‏.‏ وهو بمعنى الغشاوة‏.‏ وهو معروف يحصل بطول القيام في الحر، غير ذلك من الأحوال‏.‏ أي علاني مرض قريب من الإغماء لطول تعب الوقوف‏.‏ ‏(‏ما علمك بهذا الرجل‏)‏ إنما يقول له الملكان السائلان‏.‏ ما علمك بهذا الرجل‏.‏ ولا يقول‏:‏ رسول الله‏.‏ امتحانا له وإغرابا عليه‏.‏ لئلا يتلقى منهما أكرام النبي صلى الله عليه وسلم ورفع مرتبته‏.‏ فيعظمه هو تقليدا لهما، لا اعتقادا‏.‏ ولهذا يقول المؤمن‏:‏ هو رسول الله‏.‏ ويقول المنافق‏:‏ لا أدري‏.‏ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة‏]‏‏.‏
12 - ‏(‏905‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء‏.‏ قالت‏:‏
أتيت عائشة فإذا الناس قيام‏.‏ وإذا هي تصلي‏.‏ فقلت‏:‏ ما شأن الناس ‏؟‏ واقتص الحديث بنحو حديث ابن نمير عن هشام‏.‏
13 - ‏(‏905‏)‏ أخبرنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن عروة‏.‏
قال‏:‏ لا تقل‏:‏ كسفت الشمس‏.‏ ولكن قل‏:‏ خسفت الشمس‏.‏
14 - ‏(‏906‏)‏ حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي‏.‏ حدثنا خالد بن الحارث‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ حدثني منصور بن عبدالرحمن عن أمه صفية بنت شيبة، عن أسماء بنت أبي بكر ؛ أنها قالت‏:‏
فزع النبي صلى الله عليه وسلم يوما‏.‏ ‏(‏قالت تعنى يوم كسفت الشمس‏)‏ فأخذ درعا حتى أدرك بردائه‏.‏ فقام للناس قياما طويلا‏.‏ لو أن إنسانا أتى لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع - ما حدث أنه ركع، من طول القيام‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ففزع‏)‏ قال القاضي‏:‏ يحتمل أن يكون معناه الفزع الذي هو الخوف، يخشى أن تكون الساعة‏.‏ ويحتمل أن يكون معناه الفزع الذي هو المبادرة إلى الشيء‏.‏ ‏(‏فأخذ درعا حتى أدرك بردائه‏)‏ معناه أنه لشدة سرعته واهتمامه بذلك أراد أن يأخذ رداءه فأخذ درع أهل البيت سهوا، ولم يعلم ذلك لاشتغال قلبه بأمر الكسوف‏.‏ فلما علم أهل البيت أنه ترك رداءه لحقه به‏.‏ والدرع هنا درع المرأة وهو قميصها‏.‏ وهو مذكر‏.‏ ‏(‏لو أن إنسانا أتى لم يشعر‏)‏ قوله‏:‏ لم يشعر صفة لإنسان‏.‏ أي لو أتي إنسان غير عالم بركوع النبي صلى الله عليه وسلم ورآه في قيامه بعد ركوعه، ما ظن أنه ركع من أجل طول قيامه‏.‏ فجواب لو هو قولها ما حدث‏]‏‏.‏
15 - ‏(‏906‏)‏ وحدثني سعيد بن يحيى الأموى‏.‏ حدثني أبي‏.‏ حدثنا ابن جريج، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ وقال‏:‏ قياما طويلا‏.‏ يقوم ثم يركع‏.‏ وزاد‏:‏ فجعلت أنظر إلى المرأة أسن مني‏.‏ وإلى الأخرى وهي أسقم مني‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فجعلت أنظر‏)‏ يوضحه قولها في الرواية الثانية‏:‏ حتى رأيتني أريد‏.‏ قولها رأيتني معناه علمت من نفسي أني أريد الخ وهذا من خصائص أفعال القلوب‏]‏‏.‏
16 - ‏(‏906‏)‏ وحدثني أحمد بن سعيد الدارمي‏.‏ حدثنا حبان‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ حدثنا منصور عن أمه، عن أسماء بنت أبي بكر‏.‏ قالت‏:‏
كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ففزع، فأخطأ بدرع، حتى أدرك بردائه بعد ذلك‏.‏ قالت‏:‏ فقضيت حاجتي ثم جئت ودخلت المسجد‏.‏ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما‏.‏ فقمت معه‏.‏ فأطال القيام حتى رأيتني أريد أن أجلس ثم ألتفت إلى المرأة الضعيفة، فأقول هذه أضعف مني، فأقوم‏.‏ فركع فأطال الركوع‏.‏ ثم رفع رأسه فأطال القيام‏.‏ حتى لو أن رجلا جاء - خيل إليه أنه لم يركع‏.‏
17 - ‏(‏907‏)‏ حدثنا سويد بن سعيد‏.‏ حدثنا حفص بن ميسرة‏.‏ حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏
انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه‏.‏ فقام قياما طويلا قدر نحو سورة البقرة‏.‏ ثم ركع ركوعا طويلا‏.‏ ثم رفع فقام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول‏.‏ ثم سجد‏.‏ ثم قام قياما طويلا‏.‏ وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع ركوعا طويلا‏.‏ وهو دون الركوع الأول ‏.‏ثم رفع فقام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول‏.‏ ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول‏.‏ ثم سجد‏.‏ ثم انصرف وقد انجلت الشمس‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله‏.‏ لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته‏.‏ فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا‏.‏ ثم رأيناك كففت‏.‏ فقال ‏"‏ إني رأيت الجنة ‏.‏ قتناولت منها عنقودا‏.‏ ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا‏.‏ ورأيت النار‏.‏ فلم أر كاليوم منظرا قط‏.‏ ورأيت أكثر أهلها النساء ‏"‏قالوا‏:‏ بم ‏؟‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏بكفرهن‏"‏ قيل‏:‏ أيكفرن بالله ‏؟‏ قال ‏"‏بكفر العشير‏.‏ وبكفر الإحسان‏.‏ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت‏:‏ ما رأيت منك خيرا قط‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قدر نحو‏)‏ هكذا هو في النسخ‏:‏ قدر نحو‏.‏ وهو صحيح‏.‏ ولو اقتصر على على أحد اللفظين لكان صحيحا‏.‏ ‏(‏كففت‏)‏ أي توقفت‏.‏ أوكففت يدك‏.‏ يتعدى ولا يتعدى‏.‏ ‏(‏بكفر العشير‏)‏ هكذا ضبطناه‏:‏ بكفر بالباء الموحدة الجارة‏.‏ وفيه جواز إطلاق الكفر على كفران الحقوق، وإن لم يكن ذلك الشخص كافرا بالله تعالى‏.‏ والعشيير المعاشر‏.‏ كالزوج وغيره‏]‏‏.‏
‏(‏907‏)‏ وحدثناه محمد بن رافع‏.‏ حدثنا إسحاق ‏(‏يعني ابن عيسى‏)‏‏.‏ أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم، في هذا الإسناد، بمثله‏.‏ غير أنه قال‏:‏ ثم رأيناك تكعكعت‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تكعكعت‏)‏ أي توقفت وأحجمت‏.‏ قال الهروي وغيره‏:‏ يقال‏:‏ تكعكع الرجل وتكاعى وكع كعوعا، إذا أحجم وجبن‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏4‏)‏ باب ذكر من قال إنه ركع ثمان ركعات في أربع سجدات‏.‏
18 - ‏(‏908‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا إسماعيل بن علية عن سفيان، عن حبيب، عن طاوس، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين كسفت الشمس، ثمان ركعات، في أربع سجدات‏.‏ وعن على، مثل ذلك‏.‏
19- ‏(‏909‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وأبو بكر بن خلاد‏.‏ كلاهما عن يحيى القطان‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا يحيى عن سفيان‏.‏ قال‏:‏ حدثنا حبيب عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛
أنه صلى في كسوف‏.‏ قرأ ثم ركع ‏.‏ ثم قرأ ثم ركع‏.‏ ثم قرأ ثم ركع‏.‏ ثم قرأثم ركع‏.‏ ثم سجد‏.‏ قال‏:‏ والأخرى مثلها‏.‏
*3* ‏(‏5‏)‏ باب ذكر النداء بصلاة الكسوف ‏"‏الصلاة جامعة‏"‏‏.‏
20 - ‏(‏910‏)‏ حدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا أبو النضر‏.‏ حدثنا أبو معاوية ‏(‏وهو شيبان النحوى‏)‏ عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عبدالله بن عمرو بن العاص‏.‏ ح وحدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي‏.‏ أخبرنا يحيى بن حسان‏.‏ حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير‏.‏ قال أخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن عن خبر عبدالله بن عمرو بن العاص ؛ أنه قال‏:‏
لما انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نودى بـ ‏(‏الصلاة جامعة‏)‏‏.‏ فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة‏.‏ ثم قام فركع ركعتين في سجدة‏.‏ ثم جلى عن الشمس‏.‏ فقالت عائشة‏:‏ ما ركعت ركوعا قط، ولا سجدت سجودا قط، كان أطول منه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏عمرو بن العاص‏)‏ هو معتل العين لامعتل اللام، كما يعلم من القاموس، ومن شرح الشفا لملا على‏.‏ ‏(‏فركع ركعتين في سجدة‏)‏ أي ركوعين في ركعة‏.‏ والمراد بالسجدة ركعة‏]‏‏.‏
21 - ‏(‏911‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا هشيم عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود الأنصاري ؛ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله‏.‏ يخوف الله بهما عباده‏.‏ وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس‏.‏ فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا وادعوا الله‏.‏ حتى يكشف مابكم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يخوف الله بهما‏)‏ أي بخسفهما‏.‏ ‏(‏منها‏)‏ أي من تلك الآيات المخوفة‏]‏‏.‏
22- ‏(‏911‏)‏ وحدثنا عبدالله بن معاذ العنبري ويحيى بن حبيب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا معتمر عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي مسعود ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏إن الشمس والقمر ليس ينكسفان لموت أحد من الناس‏.‏ ولكنهما آيتان من آيات الله‏.‏ فإذا رأيتموه فقوموا فصلوا‏"‏‏.‏
23- ‏(‏911‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع وأبو أسامة وابن نمير‏.‏ ح وحدثنا إ سحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا جرير ووكيع‏.‏ ح وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان ومروان‏.‏ كلهم عن إسماعيل، بهذا الإسناد‏.‏ وفي حديث سفيان ووكيع‏:‏
انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم‏.‏ فقال الناس‏:‏ انكسفت لموت إبراهيم‏.‏
24 - ‏(‏912‏)‏ حدثنا أ بو عامر الأشعري عبدالله بن براد ومحمد بن العلاء‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو أسامة عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى‏.‏ قال‏:‏
خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة‏.‏ حتى أتى المسجد‏.‏ فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود‏.‏ ما رأيته يفعله في صلاة قط‏.‏ ثم قال ‏"‏إن هذه الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أ حد ولا لحياته‏.‏ ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده‏.‏ فإ ذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره‏"‏‏.‏
وفي رواية ابن العلاء‏:‏ كسفت الشمس‏.‏ وقال ‏"‏يخوف عبادة‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فافزعوا‏)‏ أي التجئوا من عذابه‏]‏‏.‏
25 - ‏(‏913‏)‏ عبيدالله بن عمر القواريري‏.‏ حدثنا بشر بن المفضل‏.‏ حدثنا الجريري عن أبي العلاء حيان بن عمير، عن عبدالرحمن بن سمرة‏.‏ قال‏:‏
بينما أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ انكسفت الشمس‏.‏ فنبذتهن‏.‏ وقلت ‏:‏ لأنظرن إلى ما يحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في انكساف الشمس، اليوم‏.‏ فانتهيت إليه وهو رافع يديه، يدعو ويكبر ويحمد ويهلل‏.‏ حتى جلى عن الشمس‏.‏ فقرأ سورتين وركع ركعتين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فنبذتهن‏)‏ أي فألقيت سهامي من يدي وطرحتهن‏.‏ قال الراغب‏:‏ النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الإعتداد به‏]‏‏.‏
26 - ‏(‏913‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالأعلى بن عبدالأعلى، عن الجريري، عن حيان بن عمير، عن عبدالرحمن بن سمرة‏.‏ وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏
كنت أرتمي بأسهم لي بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ إذ كسفت الشمس‏.‏ فنبذتها‏.‏ فقلت‏:‏ والله ‏!‏ لأنظرن إلى ما حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس‏.‏ قال‏:‏ فأتيته وهو قائم في الصلاة‏.‏ رافع يديه‏.‏ فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو‏.‏ حتى حسر عنها‏.‏ قال‏:‏ فلما حسر عنها، قرأ سورتين وصلى ركعتين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أرتمى‏)‏ أي أرمي‏.‏ كما قاله في الرواية الأولى‏.‏ يقال‏:‏ أرمي وأرتمي وأترمى، كما قاله في الرواية الأخيرة‏.‏ والارتماء كالترامي بمعنى المراماة‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ يقال رميت بالسهم رميا وارتميت ارتماء وتراميت تراميا وراميت مراماة، إذا رميت بالسهام عن القسى‏.‏ وقيل‏:‏ خرجت أرتمي إذا رميت القنص‏.‏ ‏(‏حسر عنها‏)‏ أي كشف‏.‏ وهو بمعنى قوله في الرواة الأولى‏:‏ جلى عنها‏]‏‏.‏
27 - ‏(‏913‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا سالم بن نوح‏.‏ أخبرنا الجريري عن حيان بن عمير، عن عبدالرحمن بن سمرة‏.‏ قال‏:‏
بينما أنا أترمى بأسهم لي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ خسفت الشمس‏.‏ ثم ذكر نحو حديثهما‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أترمى‏)‏ يقال‏:‏ خرج يترمى، إذا خرج يرمي في الغرض، ذكره ابن الأثير‏]‏‏.‏
28 - ‏(‏914‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو بن الحارث ؛ أن عبدالرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن عبدالله بن عمر ؛ أنه كان يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال
‏"‏إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته‏.‏ ولكنهما آية من آيات الله‏.‏ فإذا رأيتموهما فصلوا‏"‏‏.‏
29 - ‏(‏915‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله بن نمير‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا مصعب ‏(‏وهو ابن المقدام‏)‏ حدثنا زائدة‏.‏ حدثنا زياد بن علاقة ‏(‏وفي رواية أبي بكر قال‏:‏ قال زياد بن علاقة‏)‏ سمعت المغيرة بن شعبة يقول‏:‏
انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ يوم مات ابراهيم‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله‏.‏ لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته‏.‏ فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف‏"‏‏.‏