كتاب الصيام

 ‏(‏1‏)‏ باب فضل شهر رمضان 

1 - ‏(‏1079‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا إسماعيل ‏(‏وهو ابن جعفر‏)‏ عن أبي سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏الصيام‏)‏ هو في اللغة الإمساك‏.‏ وفي الشرع إمساك مخصوص في زمن مخصوص من شخص مخصوص يشرطه‏.‏ ‏(‏صفدت‏)‏ الصفد هو الغل‏.‏ أي أوثقت بالإغلال ‏]‏‏.‏
2- ‏(‏1079‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن ابن أبي أنس ؛ أن أباه حدثه ؛ أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏سلسلت‏)‏ أي قيدت بالسلاسل‏]‏‏.‏
‏(‏1079‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم والحلواني قالا‏:‏ حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب‏.‏ حدثني نافع بن أبي أنس ؛ أن أباه حدثه ؛ أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏إذا دخل رمضان‏"‏ بمثله‏.‏
*3* ‏(‏2‏)‏ باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال‏.‏ وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما
3 - ‏(‏1080‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛
أنه ذكر رمضان فقال ‏"‏ لا تصوموا حتى تروا الهلال‏.‏ ولا تفطروا حتى تروه‏.‏ فإن أغمي عليكم فاقدروا له‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أغمي‏)‏ أي حال دون رؤيته غيم أو قترة‏.‏ ‏(‏فاقدروا له‏)‏ معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب‏.‏ وقيل‏:‏ قدروه بحساب المنازل‏.‏ وقيل‏:‏ إن معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما‏]‏‏.‏
4 - ‏(‏1080‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان‏.‏ فضرب بيديه فقال‏:‏
‏"‏الشهر هكذا وهكذا وهكذا ‏(‏ثم عقد إبهامه في الثالثة‏)‏ فصوموا لرؤيته‏.‏ وأفطروا لرؤيته‏.‏ فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين‏"‏‏.‏
5 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏
‏"‏فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين‏"‏ نحو حديث أبي أسامة‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فإن غم عليكم‏)‏ معناه حال بينكم وبينه غيم‏.‏ يقال‏:‏ غم وأغمى وغمى وغمي‏.‏ وقال غبي‏.‏ وكلها صحيحة‏.‏ وقد غامت السماء وغيمت وأغامت وتغيمت وأغمت ‏]‏‏.‏
‏(‏1080‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن سعيد‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيدالله، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فقال‏:‏
‏"‏الشهر تسع وعشرون ‏.‏ الشهر هكذا وهكذا وهكذا‏"‏‏.‏
وقال‏:‏ ‏"‏فاقدروا له‏"‏ ولم يقل ‏"‏ثلاثين‏"‏‏.‏
6 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه ؛ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه‏.‏ ولا تفطروه حتى تروه‏.‏ فإن غم عليكم فاقدروا له‏"‏‏.‏
7 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثني حميد بن مسعدة الباهلي‏.‏ حدثنا بشر بن المفضل‏.‏ حدثنا سلمة ‏(‏وهو ابن علقمة‏)‏ عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه ؛ قال‏:‏ قال رسول الله عليه وسلم
‏"‏الشهر تسع وعشرون‏.‏ فإذا رأيتم الهلال فصوموا‏.‏ وإذا رأيتموه فأفطروا‏.‏ فإن غم عليكم فاقدروا له‏"‏‏.‏
8 - ‏(‏1080‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ قال‏:‏ حدثني سالم بن عبدالله ؛ أن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏إذا رأيتموه فصوموا‏.‏ وإذا رأيتموه فأفطروا‏.‏ فإن غم عليكم فاقدروا له‏"‏‏.‏
9 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر ‏(‏قال يحيى بن يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخرون‏:‏ حدثنا إسماعيل، وهو ابن جعفر‏)‏ عن عبدالله بن دينار ؛ أنه سمع ابن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏الشهر تسع وعشرون ليلة‏.‏ لا تصوموا حتى تروه‏.‏ ولا تفطروا حتى تروه‏.‏ إلا أن يغم عليكم‏.‏ فإن غم عليكم فاقدروا له‏"‏‏.‏
10 - ‏(‏1080‏)‏ حدثنا هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا زكرياء بن إسحاق‏.‏ حدثنا عمرو بن دينار ؛ أنه سمع ابن عمر رضي الله عنه يقول‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏الشهر هكذا وهكذا وهكذا ‏"‏ وقبض إبهامه في الثالثة‏.‏
11 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثني حجاج بن الشاعر‏.‏ حدثنا حسن الأشيب حدثنا شيبان عن يحيى‏.‏ قال‏:‏ وأخبرني أبو سلمة ؛ أنه سمع ابن عمر رضي الله عنه يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏الشهر تسع وعشرون‏"‏‏.‏
12 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثنا سهل بن عثمان‏.‏ حدثنا زياد بن عبدالله البكائي عن عبدالملك بن عمير، عن موسى بن طلحة، عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
‏"‏الشهر هكذا وهكذا وهكذا‏.‏ عشرا وعشرا وتسعا‏"‏‏.‏
13 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن جبلة‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏الشهر كذا وكذا وكذا‏"‏ وصفق بيديه مرتين بكل أصابعهما‏.‏ ونقص، في الصفقة الثالثة، إبهام اليمنى أو اليسرى‏.‏
14 - ‏(‏1080‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن عقبة ‏(‏وهو ابن حريث‏)‏ قال‏:‏ سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏الشهر تسع وعشرون‏"‏ وطبق شعبة يديه ثلاث مرار‏.‏ وكسر الإبهام في الثالثة‏.‏ قال عقبة‏:‏ وأحسبه قال‏:‏ ‏"‏الشهر ثلاثون‏"‏ وطبق كفيه ثلاث مرار‏.‏
15 - ‏(‏1080‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا غندر عن شعبة‏.‏ ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قال ابن المثنى‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن الأسود بن قيس‏.‏ قال‏:‏ سمعت سعيد بن عمرو بن سعيد ؛ أنه سمع ابن عمررضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏إنا أمة أمية‏.‏ لا نكتب ولا نحسب‏.‏ الشهر هكذا وهكذا وهكذا‏"‏ وعقد الإبهام في الثالثة ‏"‏ والشهر هكذا وهكذا وهكذا ‏"‏يعني تمام ثلاثين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إنا أمة أمية‏)‏ قال العلماء‏:‏ أمية باقون على ما ولدتنا عليه الأمهات، لا نكتب ولا نحسب‏.‏ ومنه‏:‏ النبي الأمي‏]‏‏.‏
‏(‏1080‏)‏ وحدثنيه محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا ابن مهدي عن سفيان، عن الأسود بن قيس، بهذا الإسناد‏.‏ ولم يذكر للشهر الثاني‏:‏ ثلاثين‏.‏
16 - ‏(‏1080‏)‏ حدثنا أبو كامل الجحدري‏.‏ حدثنا عبدالواحد بن زياد‏.‏ حدثنا الحسن بن عبيدالله عن سعد بن عبيدة‏.‏ قال‏:‏ سمع ابن عمر رضي الله عنه رجلا يقول‏:‏ الليلة ليلة النصف‏.‏ فقال له‏:‏ ما يدريك أن الليلة النصف ‏؟‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏الشهر هكذا وهكذا ‏(‏وأشار بأصابعه العشر مرتين‏)‏ وهكذا ‏(‏في الثالثة وأشار بأصابعه كلها وحبس أو خنس إبهامه‏)‏‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وحبس أو خنس إبهامه‏)‏ معنى الحبس المنع‏.‏ أي منع إبهامه من البسط والنشر فأخرها بالقبض‏.‏ والخنس التأخر والتأخير‏.‏ يستعمل لازما ومتعديا‏.‏ وههنا متعد‏.‏ أي أخرها وقبضها‏]‏‏.‏
17 - ‏(‏1081‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إذا رأيتم الهلال فصوموا‏.‏ وإذا رأيتموه فأفطروا‏.‏ فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما‏"‏‏.‏
18 - ‏(‏1081‏)‏ حدثنا عبدالرحمن بن سلام الجمحي‏.‏ حدثنا الربيع ‏(‏يعني ابن مسلم‏)‏ عن محمد ‏(‏وهو ابن زياد‏)‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته‏.‏ فإن غمى عليكم فأكملوا العدد‏"‏ ‏.‏
19 - ‏(‏1081‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن محمد بن زياد‏.‏ قال‏:‏ سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته‏.‏ فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين‏"‏‏.‏
20 - ‏(‏1081‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة‏.‏ حدثنا محمد بن بشر العبدي‏.‏ حدثنا عبيدالله بن عمر عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهلال فقال‏:‏
‏"‏ إذا رأيتموه فصوموا‏.‏ وإذا رأيتموه فأفطروا‏.‏ فإن أغمى عليكم‏.‏ فعدوا ثلاثين ‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏3‏)‏ باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين
21 - ‏(‏1082‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا وكيع عن على بن مبارك ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏ لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين‏.‏ إلا رجل كان يصوم صوما، فليصمه ‏"‏ ‏.‏
‏[‏ش ‏(‏لاتقدموا رمضان‏)‏ أي لاتتقدموه ولا تستقبلوه بصوم يوم أو يومين‏.‏ ‏(‏إلا رجل‏)‏ بالرفع لكونه في كلام تام غير موجب‏]‏‏.‏
‏(‏1082‏)‏ وحدثناه يحيى بن بشر الحريرى‏.‏ حدثنا معاوية ‏(‏يعني ابن سلام‏)‏‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا أبو عامر‏.‏ حدثنا هشام‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى وابن أبي عمر، قالا‏:‏ حدثنا عبدالوهاب بن عبدالمجيد‏.‏ حدثنا أيوب‏.‏ ح وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا حسين ابن محمد‏.‏ حدثنا شيبان‏.‏ كلهم عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏
(‏4‏)‏ باب الشهر يكون تسعا وعشرين
22 - ‏(‏1083‏)‏ حدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أن لا يدخل على أزواجه شهرا‏.‏ قال الزهري‏:‏ فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏
لما مضت تسع وعشرون ليلة، أعدهن، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏(‏قالت بدأ بي‏)‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنك أقسمت أن لاتدخل علينا شهرا‏.‏ وإنك دخلت من تسع وعشرين، أعدهن‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏إن الشهر تسع وعشرون‏"‏ ‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أقسم أن لا يدخل على أزواجه شهرا‏)‏ أي حلف بالله أن لا يدخل على أزواجه شهرا، عن موجدة ذكر سببها أهل التفسير في سورة التحريم‏.‏ وهذا الحلف غير الإيلاء‏]‏‏.‏
23 - ‏(‏1084‏)‏ حدثنا محمد بن رمح‏.‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة بن سعيد ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا ليث عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه ؛ أنه قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه شهرا‏.‏ فخرج إلينا في تسع وعشرين‏.‏ فقلنا ‏:‏ إنما اليوم تسع وعشرون ‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ إنما الشهر ‏"‏ وصفق بيديه ثلاث مرات‏.‏ وحبس إصبعا واحدة في الآخرة‏.‏
24 - ‏(‏1084‏)‏ حدثني هارون بن عبدالله وحجاج بن الشاعر‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا حجاج بن محمد‏.‏ قال ابن جريج‏:‏ أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول‏:‏ اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نسائه شهرا‏.‏ فخرج إلينا صباح تسع وعشرين‏.‏ فقال بعض القوم‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنما أصبحنا لتسع وعشرين‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الشهر يكون تسعا وعشرين ‏"‏ ثم طبق النبي صلى الله عليه وسلم بيديه ثلاثا‏:‏ مرتين بأصابع يديه كلها‏.‏ والثالثة بتسع منها‏.‏
25 - ‏(‏1085‏)‏ حدثني هارون بن عبدالله‏.‏ حدثنا حجاج بن محمد‏.‏ قال‏:‏ قال ابن جريج‏:‏ أخبرني يحيى بن عبدالله بن محمد بن صيفي ؛ أن عكرمة بن عبدالرحمن بن الحارث أخبره ؛ أن أم سلمة رضي الله عنها أخبرته ؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يدخل على بعض أهله شهرا‏.‏ فلما مضى تسعة وعشرون يوما، غدا عليهم ‏(‏أو راح‏)‏‏.‏ فقيل له‏:‏ حلفت، يا نبي الله ‏!‏ أن لا تدخل علينا شهرا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏إن الشهر يكون تسعة وعشرين يوما‏"‏‏.‏ ‏[‏ش ‏(‏غدا عليهم أو راح‏)‏ كذا بالترديد‏.‏ وأصل الغدو الخروج بغدوة ‏.‏ والرواح الرجوع بعشى‏.‏ وقد يستعملان في مطلق المشي والذهاب‏.‏ والمراد أنه أتاهم صباحا أو مساء‏]‏‏.‏
‏(‏1085‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا روح‏.‏ ح وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا الضحاك ‏(‏يعني أبا عاصم‏)‏ جميعا عن ابن جريج، بهذا الأسناد، مثله‏.‏
26 - ‏(‏1086‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا محمد بن بشر‏.‏ حدثنا إسماعيل بن أبي خالد‏.‏ حدثني محمد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ؛ قال‏:‏ ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على الأخرى‏.‏ فقال‏:‏
‏"‏ الشهر هكذا وهكذا ‏"‏ثم نقص في الثالثة إصبعا‏.‏
27 - ‏(‏1086‏)‏ وحدثني القاسم بن أبي زكرياء‏.‏ حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن إسماعيل، عن محمد بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال
‏"‏ الشهر هكذا وهكذا وهكذا ‏"‏‏.‏ عشرا وعشرا وتسعا‏.‏ مرة‏.‏
‏(‏1086‏)‏ وحدثنيه محمد بن عبدالله بن قهزاذ‏.‏ حدثنا علي بن الحسن بن شقيق وسلمة بن سليمان‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا عبدالله ‏(‏يعني ابن المبارك‏)‏ أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، في هذا الإسناد، بمعنى حديثهما‏.‏
*3* ‏(‏5‏)‏ باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم
28 - ‏(‏1087‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر ‏(‏قال يحيى بن يحيى‏:‏ أخبرنا وقال الآخرون‏:‏ حدثنا اسماعيل وهو ابن جعفر‏)‏ عن محمد ‏(‏وهو ابن أبي حرملة‏)‏ عن كريب ؛
أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام‏.‏ قال‏:‏ فقدمت الشام‏.‏ فقضيت حاجتها‏.‏ واستهل على رمضان وأنا بالشام‏.‏ فرأيت الهلال ليلة الجمعة‏.‏ ثم قدمت المدينة في آخر الشهر‏.‏ فسألني عبدالله بن عباس رضي الله عنهما‏.‏ ثم ذكر الهلال فقال‏:‏ متى رأيتم الهلال فقلت‏:‏ رأيناه ليلة الجمعة‏.‏ فقال‏:‏ أنت رأيته ‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم‏.‏ ورأه الناس‏.‏ وصاموا وصام معاوية‏.‏ فقال‏:‏ لكنا رأيناه ليلة السبت‏.‏ فلا تزال نصوم حتى نكمل ثلاثين‏.‏ أو نراه‏.‏ فقلت‏:‏ أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ‏؟‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
وشك يحيى بن يحيى في‏:‏ نكتفي أو تكتفي‏.‏
‏[‏ش ‏(‏واستهل على رمضان‏)‏ أي ظهر هلاله‏.‏ وهو على ما لم يسم فاعله‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏6‏)‏ باب بيان أن لا اعتبار بكبر الهلال وصغره، وأن الله تعالى أمده للرؤية فإن غم فليكمل ثلاثون
29 - ‏(‏1088‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا محمد بن فضيل عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري‏.‏ قال‏:‏
خرجنا للعمرة‏.‏ فلما نزلنا ببطن نخلة قال‏:‏ تراءينا الهلال‏.‏ فقال بعض القوم‏:‏ هو ابن ثلاث‏.‏ وقال بعض القوم‏:‏ هو ابن ليلتين‏.‏ قال‏:‏ فلقينا ابن عباس‏.‏ فقلنا‏:‏ إنا رأينا الهلال‏.‏ فقال بعض القوم‏:‏ هو ابن ثلاث‏.‏ وقال بعض القوم‏:‏ هو ابن ليلتين‏.‏ فقال‏:‏ أي ليلة رأيتموه ‏؟‏ قال فقلنا‏:‏ ليلة كذا وكذا‏.‏ فقال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الله مده للرؤية‏.‏ فهو لليلة رأيتموه‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تراءينا الهلال‏)‏ أي تكلفنا النظر إلى جهته لنراه‏.‏ وقيل‏:‏ معناه أرى بعضنا بعضا‏.‏ ‏(‏مده للرؤية‏)‏ جميع النسخ متفقة على مده من غير ألف فيها‏.‏ وفي الرواية الثانية‏:‏ أمده هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ أمده بالألف في أوله‏.‏ قال القاضي‏:‏ قال بعضهم‏:‏ الوجه أن يكون أمده، بالتشديد بمعنى الإمداد‏.‏ ومده من الامتداد قال القاضي‏:‏ والصواب عندي بقاء الرؤية على وجهها‏.‏ ومعناه أطال مدته إلى الرؤية‏.‏ يقال منه‏:‏ مد وأمد‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ وإخوانهم يمدونهم في الغي‏.‏ قرئ بالوجهين‏:‏ أي يطيلون لهم‏.‏ قال وقد يكون أمده من المدة التي جعلت له‏.‏ قال صاحب الأفعال‏:‏ أمددتك مدة أي أعطيتكها‏]‏‏.‏
30 - ‏(‏1088‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ حدثنا غندرٌ عن شعبة‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة‏.‏ قال‏:‏ سمعت أبا البختري قال‏:‏
أهللنا رمضان ونحن بذات عرق‏.‏ فأرسلنا رجلا إلى ابن عباس رضي الله عنه يسأله‏.‏ فقال ابن عباس رضي الله عنه‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله قد أمده لرؤيته‏.‏ فإن أغمى عليكم فأكملوا العدة‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏7‏)‏ باب بيان معنى قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ‏"‏شهرا عيد لا ينقصان‏"‏
31 - ‏(‏1089‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ أخبرنا يزيد بن زريع عن خالد، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏شهرا عيد لا ينقصان‏.‏ رمضان وذو الحجة‏"‏‏.‏
32 - ‏(‏1089‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ قال‏:‏ حدثنا معتمر بن سليمان عن إسحاق بن سويد وخالد، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة ؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏شهرا عيد لا ينقصان‏"‏‏.‏ في حديث خالد ‏"‏شهرا عيد رمضان وذو الحجة‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏شهرا عيد لا ينقصان‏)‏ قال الإمام النووي‏:‏ الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المرتب عليهما، وإن نقص عددهما‏.‏ وسمى رمضان وذو الحجة شهرى عيد للمجاورة‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏8‏)‏ باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر‏.‏ وبيان صفة الفجر الذي تتعلق به الأحكام من الدخول في الصوم، ودخول وقت صلاة الصبح، وغير ذلك
33 - ‏(‏1090‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن إدريس عن حصين، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
لما نزلت‏:‏ ‏{‏حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر‏}‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 187‏]‏‏.‏ قال له عدي بن حاتم‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إني أجعل تحت وسادتي عقالين‏:‏ عقالا أبيض وعقالا أسود‏.‏ أعرف الليل من النهار‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن وسادتك لعريض‏.‏ إنما هو سواد الليل وبياض النهار‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إن وسادتك لعريض‏)‏ المراد بالوسادة، هنا، الوساد‏.‏ كما في الرواية الأخرى‏.‏ فعاد الوصف على المعنى لا على اللفظ‏.‏ وأما معنى الحديث فللعلماء فيه شروح‏.‏ أحسنها كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى‏.‏ قال‏:‏ إنما أخذ العقالين وجعلهما تحت رأسه وتأول الآية به لكونه سبق إلى فهمه أن المراد بها هذا‏.‏ وكذا وقع لغيره ممن فعل فعله‏.‏ حتى نزل قوله تعالى‏:‏ من الفجر‏.‏ فعلموا أن المراد به بياض النهار وسواد الليل‏.‏ قال القاضي‏:‏ معناه أن جعلت تحت وسادك الخيطين اللذين أرادهما الله تعالى، وهما الليل والنهار، فوسادك يعلوهما ويغطيهما‏.‏ وحينئذ يكون عريضا‏.‏ وهو معنى الرواية الأخرى في صحيح البخاري‏:‏ إنك لعريض القفا‏.‏ وهو معنى الرواية الأخرى‏:‏ إنك لضخم‏.‏ والوسادة هي المخدة، وهي ما يجعل تحت الرأس عند النوم‏.‏ والوساد أعم، فإنه يطلق على كل ما يتوسد به‏]‏‏.‏
34 - ‏(‏1091‏)‏ حدثنا عبيدالله بن عمر القواريري‏.‏ حدثنا فضيل بن سليمان‏.‏ حدثنا أبو حازم‏.‏ حدثنا سهل بن سعد‏.‏ قال‏:‏
لما نزلت هذه الآية‏:‏‏{‏ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود‏}‏، قال‏:‏ كان الرجل يأخذ خيطا أبيض وخيطا أسود‏.‏ فيأكل حتى يستبينهما‏.‏ حتى أنزل الله عز وجل‏:‏ من الفجر‏:‏ فبين ذلك‏.‏
35 - ‏(‏1091‏)‏ حدثني محمد بن سهل التميمي وأبو بكر بن إسحاق‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن أبي مريم‏.‏ أخبرنا أبو غسان‏.‏ حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه ؛ قال‏:‏
لما نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود‏}‏‏.‏ قال‏:‏ فكان الرجل إذا أراد الصوم، ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض‏.‏ فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رئيهما‏.‏ فأنزل الله بعد ذلك‏:‏ من الفجر‏.‏ فعلموا أنما يعني، بذلك، الليل والنهار‏.‏
‏[‏ش ‏(‏رئيهما‏)‏ هذه اللفظة ضبطت على ثلاثة أوجه‏:‏ أحدها رئيهما ومعناه منظرهما‏.‏ ومنه قوله الله تعالى‏:‏ أحسن أثاثا ورئيا‏.‏ والثاني زيهما ومعناه لونهما‏.‏ والثالث رئيهما، قال القاضي‏:‏ هذا غلط هنا‏.‏ لأن الرئي التابع من الجن‏.‏ قال فإن صح رواية فمعناه مرئي‏]‏‏.‏
36 - ‏(‏1092‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن عبدالله رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏
‏"‏إن بلالا يؤذن بليل‏.‏ فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم‏"‏‏.‏
37 - ‏(‏1092‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏إن بلالا يؤذن بليل‏.‏ فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم‏"‏‏.‏
38 - ‏(‏1092‏)‏ حدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر ؛ رضي الله عنهما قال‏:‏ كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان‏:‏ بلال وابن مكتوم الأعمى‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إن بلالا يؤذن بليل‏.‏ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقي هذا‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا‏)‏ قال العلماء‏:‏ معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه‏.‏ ثم يرقب الفجر‏.‏ فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم‏.‏ فيتأهب ابن أم مكتوم للطهارة وغيرها‏.‏ ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر‏"‏‏.‏
‏(‏1092‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله‏.‏ حدثنا القاسم عن عائشة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله‏.‏
م ‏(‏1092‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ ح وحدثنا إسحاق‏.‏ أخبرنا عبدة‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا حماد بن مسعدة‏.‏ كلهم عن عبيدالله بالإسنادين كليهما‏.‏ نحو حديث ابن نمير‏.‏
39 - ‏(‏1093‏)‏ حدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال ‏(‏أو قال نداء بلال‏)‏ من سحوره فإنه يؤذن ‏(‏أو قال ينادي‏)‏ بليل‏.‏ ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏ليس أن يقول هكذا وهكذا ‏(‏وصوب يده ورفعها‏)‏ حتى يقول هكذا‏"‏ ‏(‏وفرج بين إصبعيه‏]‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏من سحوره‏)‏ ضبطناه بفتح السين وضمها‏.‏ فالمفتوح اسم للمأكول، والمضموم اسم للفعل‏.‏ وكلاهما صحيح هنا‏.‏ ‏(‏ليرجع قائمكم‏)‏ لفظة قائمكم منصوبة‏.‏ مفعول يرجع‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ فإن رجعك الله‏.‏ ومعناه‏:‏ أنه إنما يؤذن بليل ليعلمكم بأن الفجر ليس ببعيد فيرد القائم المتهجد إلى راحته، لينام غفوة ليصبح نشيطا‏.‏ أو يوتر، إن لم يكن أوتر‏.‏ أو يتأهب للصبح، إن احتاج إلى طهارة أخرى‏.‏ أو نحو ذلك من مصالحه المترتبة على علمه بقرب الصبح‏]‏‏.‏
‏(‏1093‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبو خالد ‏(‏يعني الأحمر‏)‏ عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه قال‏:‏
‏"‏إن الفجر ليس الذي يقول هكذا ‏(‏وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض‏)‏ ولكن الذي يقول هكذا ‏(‏ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه‏)‏‏"‏‏.‏
40 - ‏(‏1093‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا معتمر بن سليمان‏.‏ ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا جرير والمعتمر بن سليمان‏.‏ كلاهما عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد‏.‏ وانتهى حديث المعتمر عند قوله ‏"‏ينبه نائمكم ويرجع قائمكم‏"‏‏.‏
وقال إسحاق‏:‏ قال جرير في حديثه ‏"‏وليس أن يقول هكذا‏.‏ ولكن يقول هكذا‏"‏ ‏(‏يعني الفجر‏)‏ هو المعترض وليس بالمستطيل‏.‏
41 - ‏(‏1094‏)‏ حدثنا شيبان بن فروخ‏.‏ حدثنا عبدالوارث عن عبدالله بن سوادة القشيري‏.‏ حدثني والدي ؛ أنه سمع سمرة بن جندب يقول‏:‏ سمعت محمدا صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏لا يغرن أحدكم نداء بلال من السحور، ولا هذا البياض حتى يستطير‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏حتى يستطير‏)‏ أي ينتشر ضوءه ويعترض في الأفق‏]‏‏.‏
42 - ‏(‏1094‏)‏ وحدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا إسماعيل بن علية‏.‏ حدثني عبدالله بن سوادة عن أبيه، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏لا يغرنكم أذان بلال، ولا هذا البياض ‏(‏لعمود الصبح‏)‏ حتى يستطير هكذا‏"‏‏.‏
43 - ‏(‏1094‏)‏ وحدثني أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد ‏(‏يعني ابن زيد‏)‏ حدثنا عبدالله بن سوادة القشيري عن أبيه، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا‏"‏‏.‏
وحكاه حماد بيديه قال‏:‏ يعني معترضا‏.‏
44 - ‏(‏1094‏)‏ حدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن سوادة، قال‏:‏ سمعت سمرة بن جندب رضي الله عنه وهو يخطب يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال‏:‏
‏"‏لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر ‏(‏أو قال‏)‏ حتى ينفجر الفجر‏"‏‏.‏
‏(‏1094‏)‏ وحدثناه ابن المثنى‏.‏ حدثنا أبو داود‏.‏ أخبرنا شعبة‏.‏ أخبرني سوادة بن حنظلة القشيري‏.‏ قال‏:‏ سمعت سمرة بن جندب رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر هذا‏.‏
*3* ‏(‏9‏)‏ باب فضل السحور وتأكيد استحبابه، واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر
45 - ‏(‏1095‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ أخبرنا هشيم عن عبدالعزيز بن صهيب، عن أنس‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير ابن حرب عن ابن علية، عن عبدالعزيز، عن أنس رضي الله عنه ح وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا أبو عوانة عن قتادة وعبدالعزيز بن صهيب، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏تسحروا فإن في السحور بركة‏"‏‏.‏
46 - ‏(‏1096‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن موسى بن علي، عن أبيه، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر‏)‏ معناه‏:‏ الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور‏.‏ فإنهم لا يتسحرون‏.‏ ونحن يستحب لنا السحور، وأكلة السحر هي السحور‏:‏ وهي بفتح الهمزة‏.‏ هكذا ضبطناه، وهكذا ضبطه الجمهور‏.‏ وهو المشهور في روايات بلادنا‏.‏ وهي عبارة عن المرة الواحدة من الأكل، كالغدوة والعشوة، وإن كثر المأكول فيها‏.‏ وأما الأكلة، بالضم، فهي اللقمة الواحدة‏]‏‏.‏
‏(‏1096‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ جميعا عن وكيع‏.‏ ح وحدثنيه أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ كلاهما عن موسى بن علي، بهذا الإسناد‏.‏
47 - ‏(‏1097‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع عن هشام، عن قتادة، عن أنس، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال‏:‏ تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم قمنا إلى الصلاة‏.‏
قلت‏:‏ كم كان قدر ما بينهما ‏؟‏ قال‏:‏ خمسين آية‏.‏
‏[‏ش ‏(‏خمسين آية‏)‏ معناه‏:‏ بينهما قدر قراءة خمسين آية‏]‏‏.‏
‏(‏1097‏)‏ وحدثنا عمرو الناقد‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون‏.‏ أخبرنا همام‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا سالم بن نوح‏.‏ حدثنا عمر بن عامر‏.‏ كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد‏.‏
48 - ‏(‏1098‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه، عن سهل بن سعد رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر‏"‏‏.‏
‏(‏1098‏)‏ وحدثناه قتيبة‏.‏ حدثنا يعقوب‏.‏ ح وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان‏.‏ كلاهما عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏
49 - ‏(‏1099‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كريب محمد بن العلاء‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية، قال‏:‏ دخلت أنا ومسروق على عائشة‏.‏ فقلنا يا أم المؤمنين ‏!‏ رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة‏.‏ والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة‏.‏ قالت‏:‏ أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ‏؟‏ قال قلنا‏:‏ عبدالله ‏(‏يعني ابن مسعود‏)‏ قالت‏:‏ كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
زاد أبو كريب‏:‏ والآخر أبو موسى‏.‏
50 - ‏(‏1099‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ أخبرنا ابن أبي زائدة عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطية‏.‏ قال‏:‏ دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها‏.‏ فقال لها مسروق‏:‏
رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ كلاهما لا يألو عن الخير‏.‏ أحدهما يعجل المغرب والإفطار‏.‏ والآخر يؤخر المغرب والإفطار‏.‏ فقالت من يعجل المغرب والإفطار ‏؟‏ قال‏:‏ عبدالله‏.‏ فقالت‏:‏ هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع‏.‏
*3* ‏(‏10‏)‏ باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار
51 - ‏(‏1100‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كريب وابن نمير‏.‏ واتفقوا في اللفظ ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا أبو معاوية‏.‏ وقال ابن نمير‏:‏ حدثنا أبي‏.‏ وقال أبو كريب‏:‏ حدثنا أبو أسامة‏)‏ جميعا عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عاصم بن عمر، عن عمر رضي الله عنه ؛ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إذا أقبل الليل وأدبر النهار، وغابت الشمس، فقد أفطر الصائم‏"‏‏.‏
لم يذكر ابن نمير ‏"‏فقد‏"‏‏.‏
52 - ‏(‏1101‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا هشيم عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر في شهر رمضان‏.‏ فلما غابت الشمس قال‏:‏
‏"‏يا فلان ‏!‏ انزل فاجدح لنا‏"‏ قال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن عليك نهارا‏.‏ قال ‏"‏انزل فاجدح لنا‏"‏ قال‏:‏ فنزل فجدح‏.‏ فأتاه به‏.‏ فشرب النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم قال بيده ‏"‏إذا غابت الشمس من ههنا، وجاء الليل من ههنا، فقد أفطر الصائم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏انزل فاجدح لنا‏)‏ هو خلط الشيء بغيره‏.‏ والمراد هنا خلط السويق بالماء وتحريكه حتى يستوى‏.‏ ‏(‏إن عليك نهارا‏)‏ إنما قال ذلك، لأنه رأى آثار الضياء والحمرة التي بعد غروب الشمس‏.‏ فظن أن الفطر لا يحل إلا بعد ذهاب ذلك‏.‏ واحتمل عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرها‏.‏ فأراد تذكيره وإعلامه بذلك‏.‏ ويؤيد هذا قوله‏:‏ إن عليك نهارا لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه‏.‏ وهومعنى قوله في الرواية الأخرى‏:‏ لو أمسيت، أي تأخرت حتى يدخل المساء‏.‏
53 - ‏(‏1101‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا علي بن مسهر وعباد بن العوام عن الشيباني، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر‏.‏ فلما غابت الشمس قال لرجل ‏"‏انزل فاجدح لنا‏"‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ لو أمسيت ‏!‏ قال ‏"‏انزل فاجدح لنا‏"‏ قال‏:‏ إن علينا نهارا‏.‏ فنزل فجدح له فشرب‏.‏ ثم قال‏:‏
‏"‏إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا ‏(‏وأشار بيده نحو المشرق‏)‏ فقد أفطر الصائم‏"‏‏.‏
‏(‏1101‏)‏ وحدثنا أبو كامل‏.‏ حدثنا عبدالواحد‏.‏ حدثنا سليمان الشيباني‏.‏ قال‏:‏ سمعت عبدالله ابن أبي أوفى رضي الله عنه يقول‏:‏ سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم‏.‏ فلما غربت الشمس قال ‏"‏يا فلان ‏!‏ انزل فاجدح لنا‏"‏ مثل حديث ابن مسهر وعباد ابن العوام‏.‏
54 - ‏(‏1101‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ أخبرنا سفيان‏.‏ ح وحدثنا إسحاق‏.‏ أخبرنا جرير‏.‏ كلاهما عن الشيباني، عن ابن أبي أوفى‏.‏ ح وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا شعبة عن الشيباني، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمعنى حديث ابن مسهر وعباد وعبدالواحد‏.‏ وليس في حديث أحد منهم‏:‏ في شهر رمضان‏.‏ ولا قوله ‏"‏وجاء الليل من ههنا‏"‏ إلا في رواية هشيم وحده‏.‏
*3* ‏(‏11‏)‏ باب النهي عن الوصال في الصوم
55 - ‏(‏1102‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال‏.‏ قالوا‏:‏ إنك تواصل‏.‏ قال ‏"‏إني لست كهيئتكم‏.‏ إني أطعم وأسقى‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏نهى عن الوصال‏)‏ قال الإمام النووي‏:‏ اتفق أصحابنا على النهي عن الوصال‏.‏ وهو صوم يومين فصاعدا، من غير أكل وشرب بينهما‏]‏‏.‏
56 - ‏(‏1102‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان‏.‏ فواصل الناس‏.‏ فنهاهم‏.‏ قيل له‏:‏ أنت تواصل ‏؟‏ قال‏:‏
‏"‏إني لست مثلكم‏.‏ إني أطعم وأسقى‏"‏‏.‏
‏(‏1102‏)‏ وحدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد‏.‏ حدثني أبي عن جدي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏ ولم يقل‏:‏ في رمضان‏.‏
57 - ‏(‏1103‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ حدثني أبو سلمة بن عبدالرحمن ؛ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال‏.‏ فقال رجل من المسلمين‏:‏ فإنك، يا رسول الله ‏!‏ تواصل ‏!‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏وأيكم مثلي ‏؟‏ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني‏"‏‏.‏
فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما‏.‏ ثم رأوا الهلال‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏لو تأخر الهلال لزدتكم‏"‏ كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني‏)‏ معناه يجعل الله تعالى في قوة الطاعم والشارب‏.‏ ‏(‏كالمنكل لهم‏)‏ يريد أنه عليه السلام قال لهم ذلك، عقوبة‏.‏ كالفاعل بهم ما يكون عبرة لغيرهم‏]‏‏.‏
58 - ‏(‏1103‏)‏ وحدثني زهير بن حرب وإسحاق‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا جرير عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إياكم والوصال‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ فإنك تواصل، يا رسول الله ‏!‏ قال ‏:‏ ‏"‏إنكم لستم في ذلك مثلى‏.‏ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون‏)‏ أي خذوا وتحملوا‏]‏‏.‏
‏(‏1103‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا المغيرة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏ غير أنه قال ‏"‏فاكلفوا مالكم به طاقة‏"‏‏.‏
م ‏(‏1103‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه نهى عن الوصال‏.‏ بمثل حديث عمارة عن أبي زرعة‏.‏
59 - ‏(‏1104‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم‏.‏ حدثنا سليمان عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان‏.‏ فجئت فقمت إلى جنبه‏.‏ وجاء رجل آخر فقام أيضا‏.‏ حتى كنا رهطا‏.‏ فلما حس النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه، جعل يتجوز في الصلاة‏.‏ ثم دخل رحله فصلى صلاة لا يصليها عندنا‏.‏ قال‏:‏ قلنا له، حين أصبحنا‏:‏ أفطنت لنا الليلة ‏؟‏ قال‏:‏ فقال‏:‏ ‏"‏نعم‏.‏ ذاك الذي حملني على الذي صنعت‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأخذ يواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وذاك في آخر الشهر‏.‏ فأخذ رجال من أصحابه يواصلون‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما بال رجال يواصلون ‏!‏ إنكم لستم مثلي‏.‏ أما والله ‏!‏ لو تماد لي الشهر لواصلت وصالا، يدع المتعمقون تعمقهم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏رهطا‏)‏ قال ابن الأثير في النهاية‏:‏ الرهط من الرجال مادون العشرة وقيل‏:‏ إلى الأربعين‏.‏ ولا تكون فيهم امرأة‏.‏ ولا واحد له من لفظه‏.‏ ويجمع على أرهط وأرهاط‏.‏ وجمع الجمع أراهط‏.‏ ‏(‏فلما حس‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ حس بغير ألف‏.‏ ويقع في طرق بعض النسخ، نسخة أحس، بالألف وهذا هو الفصيح الذي جاء به القرآن‏.‏ وأما حس، بحذف الألف، فلغة قليلة‏.‏ وهذه الرواية تصح على هذه اللغة‏.‏ ‏(‏يتجوز‏)‏ أي يخفف ويقتصر على الجائز المجزئ، مع بعض المندوبات‏.‏ والتجوز هنا للمصلحة‏.‏ ‏(‏حتى دخل رحله‏)‏ أي منزله‏.‏ قال الأزهري‏:‏ رحل الرجل، عند العرب، هو منزله‏.‏ سواء كان من حجر أو مدر أو وبر أو شعر، وغيرها‏.‏ ‏(‏لو تماد لي الشهر‏)‏ هكذا هو في معظم الأصول‏.‏ وفي بعضها‏:‏ تمادى‏.‏ وكلاهما صحيح‏.‏ وهو بمعني مد، في الرواية الأولى‏.‏ ‏(‏يدع المتعمقون تعمقهم‏)‏ الجملة صفة لوصال‏.‏ ومعنى يدع يترك‏.‏ والتعمق المبالغة في الأمر، متشددا فيه، طالبا أقصى غايته‏.‏ وقال النووي‏:‏ هم المشددون في الأمور، المجاوزون الحدود، في قول أو فعل‏]‏‏.‏
60 - ‏(‏1104‏)‏ حدثنا عاصم بن النضر التيمي‏.‏ حدثنا خالد ‏(‏يعني ابن الحارث‏)‏ حدثنا حميد عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان‏.‏ فواصل ناس من المسلمين‏.‏ فبلغه ذلك‏.‏ فقال‏:‏
‏"‏لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا، يدع المتعمقون تعمقهم‏.‏ إنكم لستم مثلي‏.‏ ‏(‏أو قال‏)‏ إني لست مثلكم‏.‏ إني أظل يطعمني ربي ويسقيني‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏في أول شهر رمضان‏)‏ كذا هو في كل النسخ ببلادنا‏.‏ وكذا نقله القاضي عن أكثر النسخ‏.‏ قال‏:‏ وهو وهم من الراوى‏.‏ وصوابه‏:‏ آخر شهر رمضان‏.‏ وكذا رواه بعض رواة صحيح مسلم‏.‏ وهو الموافق للحديث الذي قبله، ولباقي الأحاديث‏.‏ ‏(‏إني أظل يطعمني ربي ويسقيني‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ ظل يفعل كذا إذا عمله في النهار دون الليل‏.‏ وبات يفعل كذا إذا عمله في الليل‏.‏ ومنه قول عنترة‏:‏ ولقد أبيت على الطوى وأظله‏.‏ أي أظل عليه‏]‏‏.‏
61 - ‏(‏1105‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة‏.‏ جميعا عن عبدة‏.‏ قال إسحاق‏:‏ أخبرنا عبدة بن سليمان عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت‏:‏ نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم‏.‏ فقالوا‏:‏ إنك تواصل ‏!‏ قال‏:‏
‏"‏إني لست كهيئتكم‏.‏ إني يطعمني ربي ويسقيني‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏12‏)‏ باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته
62 - ‏(‏1106‏)‏ حدثني علي بن حجر‏.‏ حدثنا سفيان عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم‏.‏ ثم تضحك‏.‏
63 - ‏(‏1106‏)‏ حدثني علي بن حجر السعدي وابن أبي عمر‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان‏.‏ قال‏:‏ قلت لعبدالرحمن بن القاسم‏:‏ أسمعت أباك يحدث عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ‏؟‏ فسكت ساعة‏.‏ ثم قال‏:‏ نعم‏.‏
64 - ‏(‏1106‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا علي بن مسهر عن عبيدالله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وهو صائم‏.‏ وأيكم يملك أربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وأيكم يملك إربه‏)‏ هذه اللفظة رووها على وجهين‏:‏ أشهرهما رواية الأكثرين‏:‏ إربه‏.‏ وكذا نقله القاضي والخطابي عن رواية الأكثرين‏.‏ والثاني بفتح الهمزة والراء‏.‏ ومعناه، بالكسر، الوطر والحاجة، وكذا بالفتح‏.‏ ولكنه يطلق المفتوح، أيضا، على العضو‏.‏ قال الخطابي في معالم السنن‏:‏ هذه اللفظة تروى على وجهين‏:‏ الفتح والكسر‏.‏ قال‏:‏ ومعناهما واحد‏.‏ وهو حاجة النفس ووطرها‏.‏ يقال‏:‏ لفلان على فلان أرب وإرب وأربة ومأربة‏.‏ أي حاجة‏.‏ قال‏:‏ والإرب أيضا، العضو‏.‏ قال العلماء‏:‏ معنى كلام عائشة رضي الله عنها‏:‏ أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة‏.‏ ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبي صلى الله عليه وسلم في استباحتها‏.‏ لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أوشهوة أو هيجان نفس، ونحو ذلك‏.‏ وأنتم لا تأمنون ذلك‏.‏ فطريقكم الانكفاف عنها‏]‏‏.‏
65 - ‏(‏1106‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا وقال الآخران‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏)‏ عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ ح وحدثنا شجاع بن مخلد‏.‏ حدثنا يحيى بن أبي زائدة‏.‏ حدثنا الأعمش عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم‏.‏ ويباشر وهو صائم‏.‏ ولكنه أملككم لإربه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ويباشر وهو صائم‏)‏ معنى المباشرة، هنا، اللمس باليد‏.‏ وهو من التقاء البشرتين‏]‏‏.‏
66 - ‏(‏1106‏)‏ حدثني علي بن حجر وزهير بن حرب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم‏.‏ وكان أملككم لإربه‏.‏
67 - ‏(‏1106‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم‏.‏
68 - ‏(‏1106‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا أبو عاصم‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن عون عن إبراهيم، عن الأسود، قال‏:‏ انطلقت أنا ومسروق إلى عائشة رضي الله عنها‏.‏ فقلنا لها‏:‏ أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ ولكنه كان أملككم لإربه أو من أملككم لإربه‏.‏ شك أبو عاصم‏.‏
‏(‏1106‏)‏ وحدثنيه يعقوب الدورقي‏.‏ حدثنا إسماعيل عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود ومسروق ؛ أنهما دخلا على أم المؤمنين ليسألانها‏.‏ فذكر نحوه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ليسألانها‏)‏ كذا هو في كثير من الأصول‏:‏ ليسألانها، باللام والنون‏.‏ وهي لغة قليلة‏.‏ وفي كثير من الأصول‏:‏ يسألانها، بحذف اللام، وهذا واضح‏.‏ وهو الجاري على المشهور في العربية‏]‏‏.‏
69 - ‏(‏1106‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا الحسن بن موسى‏.‏ حدثنا شيبان عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمى ؛ أن عمر ابن عبدالعزيز أخبره ؛ أن عروة بن الزبير أخبره ؛ أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم‏.‏
‏(‏1106‏)‏ وحدثنا يحيى بن بشر الحريري‏.‏ حدثنا معاوية ‏(‏يعني ابن سلام‏)‏ عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد، مثله‏.‏
70 - ‏(‏1106‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا أبو الأحوص‏)‏ عن زياد بن علاقة، عن عمرو بن ميمون، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل في شهر الصوم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏في شهر الصوم‏)‏ يعني في حال الصيام‏]‏‏.‏
71 - ‏(‏1106‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا بهز بن أسد‏.‏ حدثنا أبو بكر النهشلي‏.‏ حدثنا زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل، في رمضان، وهو صائم‏.‏
72 - ‏(‏1106‏)‏ وحدثنا محمد بن بشار‏.‏ حدثنا عبدالرحمن‏.‏ حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن علي بن الحسين، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم‏.‏
73 - ‏(‏1107‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ‏(‏قال يحيى‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏)‏ عن الأعمش، عن مسلم، عن شتير بن شكل، عن حفصة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم‏.‏
‏(‏1107‏)‏ وحدثنا أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا أبو عوانة‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم عن جرير‏.‏ كلاهما عن منصور، عن مسلم، عن شتير بن شكل، عن حفصة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏
74 - ‏(‏1108‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو ‏(‏وهو ابن الحارث‏)‏ عن عبدربه بن سعيد، عن عبدالله بن كعب الحميري، عن عمر بن أبي سلمة ؛ أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أيقبل الصائم ‏؟‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏سل هذه‏"‏ ‏(‏لأم سلمة‏)‏ فأخبرته ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏.‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏أما والله ‏!‏ إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك ‏.‏‏.‏‏.‏ الخ‏)‏ سبب قول هذا القائل‏:‏ قد غفر الله لك، أنه ظن أن جواز التقبيل للصائم من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأنه لا حرج عليه فيما يفعل، لأنه مغفور له‏.‏ فأنكر عليه صلى الله عليه وسلم هذا، وقال‏:‏ أنا أتقاكم لله تعالى وأشدكم خشية‏.‏ فكيف تظنون بي أو تجوزون على ارتكاب منهي عنه‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏13‏)‏ باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب
75 - ‏(‏1109‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج‏.‏ ح وحدثني محمد ابن رافع ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا عبدالرزاق ابن همام‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن عن أبي بكر، قال‏:‏ سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقص، يقول في قصصه‏:‏ من أدركه الفجر جنبا فلا يصم‏.‏ فذكرت ذلك لعبدالرحمن بن الحارث ‏(‏لأبيه‏)‏ فأنكر ذلك‏.‏ فانطلق عبدالرحمن وانطلقت معه‏.‏ حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما‏.‏ فسألهما عبدالرحمن عن ذلك‏.‏ قال فكلتاهما قالت‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم‏.‏ قال‏:‏ فانطلقنا حتى دخلنا على مروان‏.‏ فذكر له ذلك عبدالرحمن‏.‏ فقال مروان عزمت عليك إلا ماذهبت إلى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول‏.‏ قال‏:‏ فجئنا أبا هريرة‏.‏ وأبو بكر حاضر ذلك كله‏.‏ قال‏:‏ فذكر له عبدالرحمن‏.‏ فقال أبو هريرة‏:‏ أهما قالتاه لك ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ هما أعلم‏.‏ ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس‏.‏ فقال أبو هريرة‏:‏ سمعت ذلك من الفضل‏.‏ ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال‏:‏ فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك‏.‏
قلت لعبدالملك‏:‏ أقالتا‏:‏ في رمضان ‏؟‏ قال كذلك‏.‏ كان يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏من غير حلم‏)‏ هو بضم الحاء، وبضم اللام وإسكانها‏.‏ وهو الاحتلام‏.‏ والمراد يصبح جنبا من جماع ولا يجنب من احتلام، لامتناعه منه‏.‏ ويكون قريبا من معنى قوله تعالى‏:‏ ويقتلون النبيين بغير حق‏.‏ ومعلوم أن قتلهم لا يكون بحق‏.‏ ‏(‏عزمت عليك إلا ما ذهبت‏)‏ أي أقسمت عليك لا أقبل منك إلاذهابك‏.‏ أي أمرتك أمرا جازما عزيمة محتمة‏.‏ وأمر ولا ة الأمور تجب طاعته، في غير معصية‏]‏‏.‏
76 - ‏(‏1109‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير وأبي بكر بن عبدالرحمن ؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت‏:‏ قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب، من غير حلم فيغتسل ويصوم‏.‏
77 - ‏(‏1109‏)‏ حدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو ‏(‏وهو ابن الحارث‏)‏ عن عبدربه، عن عبدالله بن كعب الحميري ؛ أن أبا بكر حدثه ؛ أن مروان أرسله إلى أم سلمة رضي الله عنها، يسأل عن رجل يصبح جنبا‏.‏ أيصوم ‏؟‏ فقالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من جماع، لا من حلم، ثم لا يفطر ولا يقضي‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ثم لا يفطر ولا يقضي‏)‏ أي لا يفطر بقية يومه، ولا يقضي صوم ذلك اليوم، لكونه صوما صحيحا، لا خلل فيه‏]‏‏.‏
78 - ‏(‏1109‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدربه بن سعيد، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة وأم سلمة، زوجي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنهما قالتا‏:‏ إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح جنبا من جماع، غير احتلام، في رمضان، ثم يصوم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح جنبا‏)‏ إن هذه مخففة‏.‏ واللام، في قولها‏:‏ ليصبح، فارقة‏]‏‏.‏
79 - ‏(‏1110‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر‏.‏ قال ابن أيوب‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر‏.‏ أخبرني عبدالله بن عبدالرحمن ‏(‏وهو بن معمر بن حزم الأنصاري أبو طوالة‏)‏ أن أبا يونس مولى عائشة أخبره عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه، وهي تسمع من وراء الباب، فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ تدركني الصلاة وأنا جنب‏.‏ أفأصوم ‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب، فأصوم‏"‏ فقال‏:‏ لست مثلنا‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏.‏ فقال‏:‏
‏"‏والله ‏!‏ إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقى‏"‏‏.‏
80 - ‏(‏1109‏)‏ حدثنا أحمد بن عثمان النوفلي‏.‏ حدثنا أبو عاصم‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ أخبرني محمد بن يوسف عن سليمان بن يسار ؛ أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها‏:‏ عن الرجل يصبح جنبا‏.‏ أيصوم ‏؟‏ قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا، من غير احتلام، ثم يصوم‏.‏
*3* ‏(‏14‏)‏ باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها، وأنها تجب على الموسر والمعسر، وتثبت في ذمة المعسر حتى يستطيع
81 - ‏(‏1111‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير‏.‏ كلهم عن ابن عيينة‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا سفيان ابن عيينة عن الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة رضي الله نه قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ هلكت‏.‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏وما أهلكك ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ وقعت على امرأتي في رمضان‏.‏ قال‏:‏
‏"‏هل تجد ما تعتق رقبة ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فهل تستطيع أن تصوم شهريين متتابعين ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فهل تجد ماتطعم ستين مسكينا ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ثم جلس‏.‏ فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏تصدق بهذا‏"‏ قال‏:‏ أفقر منا ‏؟‏ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا‏.‏ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه‏.‏ ثم قال ‏"‏اذهب فأطعمه أهلك‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وقعت على امرأتي‏)‏ أي وطئتها‏.‏ ‏(‏رقبة‏)‏ بدل من ما‏.‏ ‏(‏بعرق‏)‏ قال في النهاية‏:‏ هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص‏.‏ وكل شيء مضفور فهو عرق‏.‏ ‏(‏قال أفقر منا‏)‏ كذا ضبطناه‏:‏ أفقر، بالنصب‏.‏ وكذا نقل القاضي أن الرواية فيه بالنصب على إضمار فعل تقديره‏:‏ أتجد أفقر منا ‏؟‏ أو أتعطى‏.‏ قال‏:‏ ويصح رفعه على تقدير‏:‏ هل أحد أفقر منا‏.‏ كما قال في الحديث الآخر بعده‏:‏ أغيرنا‏.‏ كذا ضبطناه بالرفع‏.‏ ويصح النصب علىِ ما سبق‏.‏ قال النووي‏:‏ هذا كلام القاضي‏:‏ وقد ضبطنا الثاني بالنصب أيضا‏.‏ فهما جائزان كما سبق توجيهه‏.‏ ‏(‏فما بين لابتيها‏)‏ هما الحرتان‏.‏ والمدينة بين حرتين‏.‏ والحرة الأرض الملبسة حجارة سوداء‏]‏‏.‏
‏(‏1111‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا جرير عن منصور، عن محمد بن مسلم الزهري، بهذا الإسناد‏.‏ مثل رواية ابن عيينة‏.‏ وقال‏:‏ بعرق فيه تمر‏.‏ وهو الزنبيل‏.‏ ولم يذكر‏:‏ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه‏.‏
82 - ‏(‏1111‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا ليث عن ابن شهاب، عن حميد ابن عبدالرحمن بن عوف، عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رجلا وقع بامرأته في رمضان‏.‏ فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك‏.‏ فقال‏:‏
‏"‏هل تجد رقبة ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏‏"‏وهل تستطيع صيام شهرين ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فأطعم ستين مسكينا‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وقع بامرأته‏)‏ كذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها‏:‏ واقع امرأته وكلاهما صحيح‏]‏‏.‏
83 - ‏(‏1111‏)‏ وحدثنا محمد بن رافع‏.‏ حدثنا إسحاق بن عيسى‏.‏ أخبرنا مالك عن الزهري، بهذا الإسناد ؛ أن رجلا أفطر في رمضان‏.‏ فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة‏.‏ ثم ذكر بمثل حديث ابن عيينة‏.‏
84 - ‏(‏1111‏)‏ حدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ حدثني ابن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن ؛ أن أبا هريرة حدثه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أفطر في رمضان، أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينا‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يعتق رقبة أو يصوم‏)‏ أو، هنا، للتقسيم لا للتخير‏.‏ تقديره‏:‏ يعتق، أو يصوم إن عجز عن العتق، أو يطعم إن عجز عنهما‏]‏‏.‏
‏(‏1111‏)‏ حدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق ز أخبرنا معمر عن الزهري، بهذا الإسناد، نحو حديث ابن عيينة ‏.‏
85 - ‏(‏1112‏)‏ حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر‏.‏ أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن محمد بن جعفر ابن الزبير، عن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ احترقت‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لم ‏؟‏‏"‏ قال‏:‏
وطئت امرأتي في رمضان نهارا‏.‏ قال ‏"‏ تصدق‏.‏ تصدق‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ما عندي شيء‏.‏ فأمره أن يجلس‏.‏ فجاءه عرقان فيهما طعام‏.‏ فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتصدق به‏.‏
86 - ‏(‏1112‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ أخبرنا عبدالوهاب الثقفي‏.‏ قال‏:‏ سمعت يحيى بن سعيد يقول‏:‏ أخبرني عبدالرحمن بن القاسم ؛ أن محمد بن جعفر بن الزبير أخبره ؛ أن عباد بن عبدالله بن الزبير حدثه ؛ أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول‏:‏
أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر الحديث‏.‏ وليس في أول الحديث ‏"‏تصدق‏.‏ تصدق‏"‏‏.‏ ولا قوله‏:‏ نهارا‏.‏
87 - ‏(‏1112‏)‏ حدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو بن الحارث ؛ أن عبدالرحمن بن القاسم حدثه ؛ أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه ؛ أن عباد بن عبدالله بن الزبير حدثه ؛ أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول‏:‏
أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد في رمضان‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ احترقت‏.‏ احترقت‏.‏ فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما شأنه ‏؟‏‏"‏ فقال‏:‏ أصبت أهلي‏.‏ قال‏"‏تصدق‏"‏ فقال‏:‏ والله ‏!‏ يا نبي الله ‏!‏ ما لي شيء‏.‏ وما أقدر عليه‏.‏ قال ‏"‏اجلس‏"‏ فجلس‏.‏ فبينا هو على ذلك أقبل رجل يسوق حمارا، عليه طعام‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أين المحترق آنفا ‏؟‏‏"‏ فقام الرجل‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏تصدق بهذا‏"‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أغيرنا ‏؟‏ فوالله ‏!‏ إنا لجياع‏.‏ مالنا شيء‏.‏ قال ‏"‏فكلوه‏"‏‏.‏
‏(‏15‏)‏ باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر
88 - ‏(‏1113‏)‏ حدثني يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا الليث‏.‏ ح وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أنه أخبره ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان‏.‏ فصام حتى بلغ الكديد‏.‏ ثم أفطر‏.‏ وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره‏.‏
‏[‏ش ‏(‏خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد‏)‏ يعني بالفتح فتح مكة وكان سنة ثمان من الهجرة‏.‏ والكديد، عين جارية بينها وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها‏.‏ وبينها وبين مكة قريب من مرحلتين‏.‏ وهي أقرب إلى المدينة من عسفان‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ الكديد عين جارية على اثنين وأربعين ميلا من مكة‏.‏ قال‏:‏ وعسفان قرية جامعة بها منبر، على ست وثلاثين ميلا من مكة‏.‏ قال‏:‏ والكديد ماء بينها وبين قديد‏.‏ وفي الحديث الآخر‏:‏ فصام حتى بلغ كراع الغميم، وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال‏.‏ يضاف إليه هذا الكراع‏.‏ وهو جبل أسود متصل به‏.‏ والكراع كل أنف سال من جبل أو حرة‏.‏ قال القاضي‏.‏ وهذا كله في سفر واحد، في غزاة الفتح‏.‏ قال‏:‏ وسميت هذه المواضع، في هذه الأحاديث، لتقاربها‏.‏ وإن كانت عسفان متباعدة شيئا عن هذه المواضع، لكنها كلها مضافة إليها ومن عملها‏.‏ فاشتمل اسم عسفان عليها‏.‏ قال‏:‏ وقد يكون علم حال الناس ومشقتهم في بعضها فأفطر وأمرهم بالفطر في بعضها‏.‏ قال الإمام النووي‏:‏ هذا كلام القاضي‏.‏ وهو كما قال‏.‏ إلا في مسافة عسفان، فإن المشهور أنها على أربعة برد من مكة‏.‏ وكل بريد أربعة فراسخ‏.‏ وكل فرسخ ثلاثة أميال‏.‏ فالجملة ثمانية وأربعون ميلا‏.‏ هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الجمهور‏.‏ ‏(‏صحابة‏)‏ جمع صاحب‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا‏]‏‏.‏
‏(‏1113‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم عن سفيان، عن الزهري، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ قال يحيى‏:‏ قال سفيان‏:‏ لا أدرى من قول من هو ‏؟‏ يعني‏:‏ وكان يؤخذ بالآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
‏(‏1113‏)‏ حدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن الزهري، بهذا الإسناد‏.‏ قال الزهري‏:‏ وكان الفطر آخر الأمرين‏.‏ وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآخر فالآخر‏.‏ قال الزهري‏:‏ فصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لثلاث عشرة ليلة خلت، من رمضان‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فصبح‏)‏ أي أتاها صباحا ‏]‏‏.‏
‏(‏1113‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثل حديث الليث‏.‏ قال ابن شهاب فكانوا يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره‏.‏ ويرونه الناسخ المحكم‏.‏
‏(‏1113‏)‏ وحدثنا إسخق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا جرير عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏
سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان‏.‏ فصام حتى بلغ عسفان‏.‏ ثم دعا بإنء فيه شراب‏.‏ فشربه نهارا‏.‏ ليراه الناس‏.‏ ثم أفطر‏.‏ حتى دخل مكة ‏.‏
قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر‏.‏ فمن شاء صام، ومن شاء أفطر‏.‏
89 - ‏(‏1113‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا وكيع عن سفيان، عن عبدالكريم، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ قال‏:‏
لا تعب على من صام ولا من أفطر‏.‏ قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السفر، وأفطر‏.‏
90 - ‏(‏1114‏)‏ حدثني محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب ‏(‏يعني ابن عبدالمجيد‏)‏ حدثنا جعفر عن أبيه، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان‏.‏ فصام حتى بلغ كراع الغميم‏.‏ فصام الناس‏.‏ ثم دعا بقدح من ماء فرفعه‏.‏ حتى نظر الناس إليه‏.‏ ثم شرب‏.‏ فقيل له بعد ذلك‏:‏ إن بعض الناس قد صام‏.‏ فقال‏:‏
‏"‏ أولئك العصاة‏.‏ أولئك العصاة ‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أولئك العصاة أولئك العصاة‏)‏ هكذا هو مكرر مرتين‏.‏ وهذا محمول على من تضرر بالصوم‏.‏ أو إنهم أمروا بالفطر أمرا جازما، لمصلحة بيان جوازه، فخالفوا الواجب‏.‏ وعلى التقديرين لا يكون الصائم اليوم في السفر، عاصيا، إذا لم يتضرر به‏.‏ ويؤيد التأويل الأول قوله في الرواية الثانية‏:‏ إن الناس قد شق عليهم الصيام‏]‏‏.‏
91 - ‏(‏1114‏)‏ وحدثناه قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني الدراوردي‏)‏ عن جعفر، بهذا الإسناد‏.‏ وزاد‏:‏ فقيل له‏:‏
إن الناس قد شق عليهم الصيام‏.‏ وإنما ينظرون فيما فعلت‏.‏ فدعا بقدح من ماء بعد العصر‏.‏
92 - ‏(‏1115‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ جميعا عن محمد بن جعفر‏.‏ قال أبو بكر ‏:‏ حدثنا غندر عن شعبة، عن محمد بن عبدالرحمن بن سعد، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره‏.‏ فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه‏.‏ وقد ضلل عليه‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ماله ‏؟‏‏"‏ قالوا‏:‏ رجل صائم‏.‏ فقال رسول الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليس من البر أن تصوموا في السفر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ليس من البر أن تصوموا في السفر‏)‏ معناه‏:‏ إذا شق عليكم وخفتم الضرر‏.‏ وسياق الحديث يقتضيه هذا التأويل وهذه الرواية مبينة للروايات المطلقة‏:‏ ليس من البر الصيام في السفر‏.‏ ومعنى الجميع‏:‏ فيمن تضرر بالصوم‏]‏‏.‏
‏(‏1115‏)‏ حدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن محمد بن عبدالرحمن‏.‏ قال‏:‏ سمعت محمد بن عمرو بن الحسن يحدث ؛ أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول‏:‏ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا‏.‏ بمثله‏.‏
م ‏(‏1115‏)‏ وحدثناه أحمد بن عثمان النوفلي‏.‏ حدثنا أبو داود‏.‏ حدثنا شعبة، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏ وزاد‏:‏ قال شعبة‏:‏ وكان يبلغني عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث‏.‏ وفي هذا الإسناد أنه قال ‏"‏عليكم برخصة الله الذي رخص لكم‏"‏ قال‏:‏ فلما سألته، لم يحفظه‏.‏
93 - ‏(‏1116‏)‏ حدثنا هداب بن خالد‏.‏ حدثنا همام بن يحيى‏.‏ حدثنا قتادة عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏
غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان‏.‏ فمنا من صام ومنا من أفطر‏.‏ فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم‏.‏
94 - ‏(‏1116‏)‏ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن التيمي‏.‏ ح وحدثناه محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا ابن مهدي‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ وقال ابن المثنى‏.‏ حدثنا أبو عامر‏.‏ حدثنا هشام‏.‏ وقال ابن المثنى‏:‏ حدثنا سالم بن نوح‏.‏ حدثنا عمر ‏(‏يعني ابن عامر‏)‏‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا محمد بن بشر عن سعيد ‏.‏ كلهم عن قتادة، بهذا الإسناد، نحو حديث همام‏.‏ غير أن في حديث التيمي وعمر بن عامر وهشام‏:‏ لثمان عشرة خلت‏.‏ وفي حديث سعيد‏:‏ في ثنتي عشرة‏.‏ وشعبة‏:‏ لسبع عشر أو تسع عشرة ‏.‏
95 - ‏(‏1116‏)‏ حدثنا نصر بن علي الجهضمي‏.‏ حدثنا بشر ‏(‏يعني ابن المفضل‏)‏ عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال‏:‏
كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان‏.‏ فما يعاب على الصائم صومه‏.‏ ولا على المفطر إفطاره‏.‏
96 - ‏(‏1116‏)‏ حدثني عمرو الناقد‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏:‏
كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر‏.‏ فلا يجد الصائم على المفطر‏.‏ ولا المفطر على الصائم‏.‏ يرون أن من وجد قوة فصام، فإن ذلك حسن ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذلك حسنا‏.‏
97 - ‏(‏1117‏)‏ حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، وسهل بن عثمان، وسويد بن سعيد، وحسين بن حريث‏.‏ كلهم عن مروان‏.‏ قال سعيد‏:‏ أخبرنا مروان بن معاوية عن عاصم‏.‏ قال سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبدالله رضي الله عنه‏.‏ قالا‏:‏
سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فيصوم الصائم ويفطر المفطر‏.‏ فلا يعيب بعضهم على بعض‏.‏
98 - ‏(‏1118‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو خيثمة عن حميد‏.‏ قال‏:‏ سئل أنس رضي الله عنه عن صوم رمضان‏:‏ في السفر ‏؟‏ فقال‏:‏
سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان‏.‏ فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم‏.‏
99 - ‏(‏1118‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد‏.‏ قال‏:‏ خرجت فصمت ‏.‏ فقالوا لي‏:‏ أعد‏.‏ قال فقلت‏:‏
إن أنسا أخبرني ؛ أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم‏.‏ فلقيت ابن أبي مليكة فأخبرني عن عائشة رضي الله عنها بمثله‏.‏
*3* ‏(‏16‏)‏ باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل
100 - ‏(‏1119‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ أخبرنا أبو معاوية عن عاصم عن مورق، عن أنس رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر‏.‏ فمنا الصائم ومنا المفطر‏.‏ قال‏:‏ فنزلنا منزلا في يوم حار‏.‏ أكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده‏.‏ قال‏:‏ فسقط الصوام‏.‏ وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ذهب المفطرون اليوم بالأجر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فسقط الصوام‏)‏ أي صاروا قاعدين في الأرض ساقطين عن الحركة ومباشرة حوائجهم، لضعفهم بسبب صومهم ‏(‏فضربوا الأبنية‏)‏ أي نصبوا الأخبية وأقاموها على أوتاد مضروبة في الأرض‏.‏ ‏(‏وسقوا الركاب‏)‏ أي الرواحل‏.‏ وهي الإبل التي يسار عليها‏.‏ قال الفيومي والركاب، بالكسر، المطي‏.‏ الواحدة راحلة من غير لفظها‏.‏ ‏(‏ذهب المفطرون اليوم بالأجر‏)‏ أي استصحبوه ومضوا به، ولم يتركوا لغيرهم شيئا منه، على طريق المبالغة‏]‏‏.‏
101 - ‏(‏1119‏)‏ وحدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا حفص عن عاصم الأحول، عن مورق، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر‏.‏ فصام بعض وأفطر بعض‏.‏ فتحزم المفطرون‏.‏ وعملوا وضعف الصوام عن بعض العمل‏.‏ قال‏:‏ فقال في ذلك ‏"‏ذهب المفطرون اليوم بالأجر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فتحزم المفطرون‏)‏ هكذا هو في جميع نسخ بلادنا‏:‏ فتحزم‏.‏ وكذا نقله القاضي عن أكثر رواة صحيح مسلم‏.‏ قال‏:‏ ووقع لبعضهم فتخدم‏.‏ قال‏:‏ وادعوا أنه صواب الكلام‏.‏ لأنه كانوا يخدمون‏.‏ قال القاضي‏:‏ والأول صحيح أيضا‏.‏ ولصحته ثلاثة أوجه‏:‏ أحدها معناه شدوا أوساطهم للخدمة‏.‏ والثاني أنه استعارة للاجتهاد في الخدمة‏.‏ ومنه‏:‏ إذا دخل العشر اجتهدا وشد المئزر‏.‏ والثالث أنه من الحزم وهو الأحتياط والأخذ بالقوة والاهتمام بالمصلحة‏:‏ ومعنى تحزمهم أنهم تلببوا وشدوا أوساطهم، وعملوا للصائمين‏]‏‏.‏
102 - ‏(‏1120‏)‏ حدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح، عن ربيعة‏.‏ قال‏:‏ حدثني قزعة‏.‏ قال‏:‏
أتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه وهو مكسور عليه‏.‏ فلما تفرق الناس عنه، قلت‏:‏ إني لا أسألك عما يسألك هؤلاء عنه‏.‏ سألته عن الصوم في السفر ‏؟‏ فقال‏:‏ سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام‏.‏ قال‏:‏ فنزلنا منزلا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم‏"‏‏.‏ فكانت رخصة‏.‏ فمنا من صام ومنا من أفطر‏.‏ ثم نزلنا منزلا آخر‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏إنكم مصبحوا عدوكم‏.‏ والفطر أقوى لكم، فأفطروا‏"‏ وكانت عزمة‏.‏ فأفطرنا‏.‏ ثم قال‏:‏ رأيتنا نصوم، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، في السفر‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وهو مكسور عليه‏)‏ أي عنده كثيرون من الناس‏]‏‏.‏
‏(‏17‏)‏ باب التخيير في الصوم والفطر في السفر
103 - ‏(‏1121‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏ سأل حمزة ابن عمرو الأسلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ عن الصيام في السفر ‏؟‏ فقال‏.‏
‏"‏إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر‏"‏‏.‏
104 - ‏(‏1121‏)‏ وحدثنا أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد ‏(‏وهو ابن زيد‏)‏‏.‏ حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة ابن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ إني رجل أسرد الصوم‏.‏ أفصوم في السفر ‏؟‏ ‏"‏صم إن شئت وأفطر إن شئت‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أسرد الصوم‏)‏ أي أصوم متتابعا‏]‏‏.‏
105 - ‏(‏1121‏)‏ وحدثناه يحيى ابن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو معاوية عن هشام، بهذا الإسناد، مثل حديث حماد بن زيد‏:‏ إني رجل أسرد الصوم‏.‏
106 - ‏(‏1121‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قال‏:‏ حدثنا ابن نمير‏.‏ وقال أبو بكر‏:‏ حدثنا عبدالرحيم بن سليمان كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد ؛ أن حمزة قال‏:‏ إني رجل أصوم أفأصوم في السفر ‏؟‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إني رجل أصوم‏)‏ يعني الدهر‏.‏ ما عدا الأيام المنهي عنها‏]‏‏.‏
107 - ‏(‏1121‏)‏ وحدثني أبو الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي ‏(‏قال هارون‏:‏ حدثنا‏.‏ وقال أبو الطاهر‏:‏ أخبرنا ابن وهب‏)‏ أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه‏:‏ أنه قال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ أجد بي قوة على الصيام في السفر‏.‏ فهل علي جناح ‏؟‏، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن‏.‏ ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه‏"‏‏.‏ قال هارون في حديثه‏:‏ ‏"‏هي رخصة‏"‏ ولم يذكر من الله‏.‏
108 - ‏(‏1122‏)‏ حدثنا داود بن رشيد‏.‏ حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبدالعزيز، عن إسماعيل بن عبيدالله، عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه ؛ قال‏:‏
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد‏.‏ حتى إن كان أحدا ليضع يده على رأسه من شدة الحر‏.‏ وما فينا صائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة‏.‏
109 - ‏(‏1122‏)‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي‏.‏ حدثنا هشام بن سعد عن عثمان بن حيان الدمشقي عن أم الدرداء قالت‏:‏ قال أبو الدرداء‏:‏
لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم شديد الحر‏.‏ حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما منا أحدا صائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة‏.‏
*3* ‏(‏18‏)‏ باب استحباب الفطر للحاج يوم عرفة
110- ‏(‏1123‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن أبي النضر، عن عمير مولى عبدالله بن عباس، عن أم الفضل بنت الحارث ؛ أن ناسا تماروا عندها، يوم عرفة، في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال بعضهم‏:‏ هو صائم‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ ليس بصائم‏.‏ فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيره بعرفة، فشربه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تماروا‏)‏ أي شكوا وتباحثوا‏.‏ فإن التماري هو الجدال على مذهب الشك ‏]‏‏.‏
‏(‏1123‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر عن سفيان، عن أبي النضر، بهذا الإسناد‏.‏
ولم يذكر‏:‏ وهو واقف على بعيره‏.‏ وقال‏:‏ عن عمير مولى أم الفضل‏.‏
م ‏(‏1123‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان، عن سالم أبي النضر، بهذا الإسناد‏.‏ نحو حديث ابن عيينة‏.‏ وقال‏:‏ عن عمير مولى أم الفضل‏.‏
111 - ‏(‏1123‏)‏ وحدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو ؛ أن أبا النضر حدثه ؛ أن عميرا مولى ابن عباس رضي الله عنه حدثه ؛ أنه سمع أم الفضل رضي الله عنها تقول‏:‏
شك ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة‏.‏ ونحن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأرسلت إليه بقعب فيه لبن، وهو بعرفة، فشربه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ونحن بها‏)‏ أي بعرفة‏.‏ ‏(‏بقعب‏)‏ في الصحاح‏:‏ هو إناء من خشب مقعر‏]‏‏.‏
112 - ‏(‏1124‏)‏ وحدثني هارون بن سعيد الأيلي‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو عن بكير بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنها قالت‏:‏
إن الناس شكوا في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة‏.‏ فأرسلت إليه ميمونة بحلاب اللبن‏.‏ وهو واقف في الموقف‏.‏ فشرب منه‏.‏ والناس ينظرون إليه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏بحلاب‏)‏ هو الإناء الذي يحلب فيه‏.‏ ويسمى أيضا المحلب‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏19‏)‏ باب صوم يوم عاشوراء
113 - ‏(‏1125‏)‏ حدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت‏:‏ كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه‏.‏ فلما هاجر إلى المدينة، صامه وأمر بصيامه‏.‏ فلما فرض شهر رمضان قال‏:‏
‏"‏من شاء صامه، ومن شاء تركه‏"‏‏.‏
114 - ‏(‏1125‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قال‏:‏ حدثنا ابن نمير عن هشام‏.‏ بهذا الإسناد‏.‏ ولم يذكر في أول الحديث وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه وقال في أخر الحديث‏:‏ وترك عاشوراء‏.‏ فمن شاء صامه ومن شاء تركه ولم يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم كرواية جرير‏.‏
‏(‏1125‏)‏ حدثني عمرو الناقد‏.‏ حدثنا سفيان عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن يوم عاشوراء كان يصام في الجاهلية‏.‏ فلما جاء اللإسلما، من شاء صامه ومن شاء تركه‏.‏
115 - ‏(‏1125‏)‏ حدثنا حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا بن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ أخبرني عروة بن الزبير ؛ أن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيامه قبل أن يفرض رمضان فلما فرض رمضان، كان من شاء صام يوم عاشوراء، ومن شاء أفطر‏.‏
116 - ‏(‏1125‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح‏.‏ جميعا عن الليث بن سعد‏.‏ قال ابن رمح‏:‏
أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ؛ أن عراكا أخبره ؛ أن عروة أخبره ؛ أن عائشة أخبرته ؛ أن قريشا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من شاء فليصمه ومن شاء فليفطره‏"‏
‏[‏ش ‏(‏ثم أمر‏)‏ ضبطوا الأمر، هنا، بوجهين‏:‏ أظهرهما يفتح الهمزة والمميم‏.‏ والثانية بضم الهمزة وكسر الميم ولم يذكر القاضي عياض غيره‏]‏‏.‏
117 - ‏(‏1126‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا بن نمير ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عبيدالله عن نافع ‏.‏ أخبرني عبدالله بن عمر رضي الله عنه ؛ أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء‏.‏ وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه، والمسلمون‏.‏ قبل أن يفترض رمضان‏,‏ فلما افترض رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إن عاشوراء يوم من أيام الله‏.‏ فمن شاء صامه ومن شاء تركه‏"‏‏.‏
‏(‏1125‏)‏ وحدثناه محمد بن المثنى وزهير بن حرب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا يحيى ‏(‏وهو القطان‏)‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو أسامة‏.‏ كلاهما عن عبيدالله‏.‏ بمثله‏.‏ في هذا الإسناد‏.‏
118 - ‏(‏1125‏)‏ وحدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا ليث‏.‏ ح وحدثنا ابن رمح‏.‏ أخبرنا الليث عن نافع، عن ابن عر رضي الله عنهما ؛ أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏كان يوما يصومه أهل الجاهلية‏.‏ فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه‏.‏ ومن كره فليدعه‏"‏‏.‏
119 - ‏(‏1125‏)‏ حدثنا أبو كريب‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن الوليد ‏(‏يعني ابن كثير‏)‏ حدثني نافع ؛ أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما حدثه ؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، في يوم عاشوراء ‏"‏إن هذا يوم كان يصومه أهل الجاهلية‏.‏ فن أحب أن يصوه فليصمه‏.‏ ومن أحب أن يتركه فليتركه‏"‏‏.‏ وكان عبدالله رضي الله عنه لا يصومه، إلا أن يوافق صيامه‏.‏
120 - ‏(‏1125‏)‏ وحدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف‏.‏ حدثنا روح‏.‏ حدثنا أبو مالك عبيدالله بن الأخنس‏.‏ أخبرني نافع عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏
ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم صوم يوم عاشوراء‏.‏ فذكر مثل حديث الليث بن سعد، سواء‏.‏
121 - ‏(‏1125‏)‏ وحدثنا أحمد بن عثمان النوفلي‏.‏ حدثنا أبو عاصم‏.‏ حدثنا عمر بن محمد بن زيد العسقلاني‏.‏ حدثنا سالم بن عبدالله‏.‏ حدثني عبدالله بن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏
ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ذاك يوم كان يصومه أهل الجاهلية‏.‏ فمن شاء صامه، ومن شاء تركه‏"‏‏.‏
122 - ‏(‏1127‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ جميعا عن أبي معاوية‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة، عن عبدالرحمن بن يزيد‏.‏ قال‏:‏
دخل الأشعث بن قيس على عبدالله‏.‏ وهو يتغدى‏.‏ فقال‏:‏ يا أبا محمد ‏!‏ ادن إلى الغداء‏.‏ فقال‏:‏ أوليس اليوم يوم عاشوراء ‏؟‏ قال وهل تدري ما يوم عاشوراء‏.‏ قال‏:‏ وما هو ‏؟‏ قال‏:‏ إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان‏.‏ فلما نزل شهر رمضان ترك‏.‏ وقال أبو كريب‏:‏ تركه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قبل أن ينزل شهر رمضان‏)‏ أراد بنزوله نزول الأمر بصيامه‏.‏ ولا يبعد أن يراد نزول قوله تعالى‏:‏ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن‏.‏‏.‏الخ‏]‏‏.‏
‏(‏1127‏)‏ وحدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا جرير عن الأعمش، بهذا الإسناد‏.‏ وقالا‏:‏ فلما نزل رمضان تركه‏.‏
123 - ‏(‏1127‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد القطان عن سفيان‏.‏ ح وحدثني محمد بن حاتم ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ حدثني زبيد اليامي عن عمارة بن عمير، عن قيس بن سكن ؛ أن الأشعث بن قيس دخل على عبدالله، يوم عاشوراء‏.‏ وهو يأكل‏.‏ فقال‏:‏ يا أبا محمد ‏!‏ ادن فكل‏.‏ قال‏:‏ إني صائم‏.‏ قال‏:‏ كنا نصومه، ثم ترك‏.‏
124 - ‏(‏1127‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا إسحاق بن منصور‏.‏ حدثنا اسرائيل عن منصور‏.‏ عن إبراهيم، عن علقمة‏.‏ قال‏:‏ دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود‏.‏ وهو يأكل، يوم عاشوراء‏.‏ فقال‏:‏ يا أبا عبدالرحمن ‏!‏ إن اليوم يوم عاشوراء‏.‏ فقال‏:‏ قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان‏.‏ فلما نزل رمضان، ترك‏.‏ فإن كنت فطرا فاطعم‏.‏
125 - ‏(‏1128‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبيدالله بن موسى‏.‏ أخبرنا شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء‏.‏ ويحثنا عليه‏.‏ ويتعاهدنا عنده‏.‏ فلما فرض رمضان، لم يأمرنا، ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يحثنا عليه‏)‏ أي يحضنا‏.‏ ‏(‏ويتعاهدنا عنده‏)‏ أي يراعي حالنا عند عاشر المحرم، هل صمنا فيه أو لم نصم‏]‏‏.‏
126 - ‏(‏1129‏)‏ حدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ أخبرني حميد بن عبدالرحمن ؛ أنه سمع معاوية بن أبي سفيان، خطيبا بالمدينة ‏(‏يعني في قدمة قدمها‏)‏ خطبهم يوم عاشوراء فقال‏:‏ أين علماؤكم ‏؟‏ يا أهل المدينة ‏!‏ سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول ‏(‏لهذا اليوم‏)‏
‏"‏هذا يوم عاشوراء‏.‏ ولم يكتب الله عليكم صيامه‏.‏ وأنا صائم‏.‏ فمن أحب منكم أن يصوم فليصم‏.‏ ومن أحب أن يفطر فليفطر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏في قدمة قدمها‏)‏ أي في مرة من قدومه المدينة‏.‏ فإنه كانت له قدمات إليها من الشام‏]‏‏.‏
‏(‏1129‏)‏ حدثني أبو الطاهر‏.‏ حدثنا عبدالله بن وهب‏.‏ أخبرني مالك بن أنس عن ابن شهاب، في هذا الإسناد، بمثله‏.‏
م ‏(‏1129‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، بهذا الإسناد‏.‏ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذا اليوم ‏"‏إني صائم‏.‏ فمن شاء أن يصوم فليصم‏"‏ ولم يذكر باقي حديث مالك ويونس‏.‏
127 - ‏(‏1130‏)‏ حدثني يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا هشيم عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة‏.‏ فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك ‏؟‏ فقالوا‏:‏ هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون‏.‏ فنحن نصومه تعظيما له‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏نحن أولى بموسى منكم‏"‏‏.‏ فأمر بصومه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أظهر الله فيه موسى وبني اسرائيل على فرعون‏)‏ أي جعلهم ظاهرين عليه، غالبين‏]‏‏.‏
‏(‏1130‏)‏ وحدثناه ابن بشار وأبو بكر بن نافع‏.‏ جميعا عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي بشر، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ فسألهم عن ذلك‏.‏
128 - ‏(‏1130‏)‏ وحدثني ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن أيوب، عن عبدالله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة‏.‏ فوجد اليهود صياما، يوم عاشوراء‏.‏ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏ما هذا اليوم الذي تصومونه ‏؟‏ ‏"‏ فقالوا‏:‏ هذا يوم عظيم‏.‏ أنجى الله فيه موسى وقومه‏.‏ وغرق فرعون وقومه‏.‏ فصامه موسى شكرا‏.‏ فنحن نصومه‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فنحن أحق وأولى بموسى منكم‏"‏ فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأمر بصيامه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه‏)‏ قال الإمام النووي‏:‏ مختصر ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه، كما تصومه قريش، في مكة‏.‏ ثم قدم المدينة‏.‏ فوجد اليهود يصومونه فصامه أيضا‏.‏ بوحي أو تواتر أو اجتهاد، لا بمجرد أخبار آحادهم‏]‏‏.‏
‏(‏1130‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ حدثنا معمر عن أيوب، بهذا الإسناد‏.‏ إلا أنه قال‏:‏ عن ابن سعيد بن جبير‏.‏ لم يسمه‏.‏
129 - ‏(‏1131‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو أسامة عن أبي عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ كان يوم عاشوراء يوما تعظمه اليهود، وتتخذه عيدا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏صوموه أنتم‏"‏‏.‏
130 - ‏(‏1131‏)‏ وحدثناه أحمد بن المنذر‏.‏ حدثنا حماد بن أسامة‏.‏ حدثنا أبو العميس‏.‏ أخبرني قيس‏.‏ فذكر، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ وزاد‏:‏ قال أبو أسامة‏:‏ فحدثني صدقة بن أبي عمران عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء‏.‏ يتخذونه عيدا‏.‏ ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏فصوموه أنتم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وشارتهم‏)‏ أي يلبسونهن لباسهم الجميل الحسن‏.‏ في النهاية‏:‏ الشورة، بالضم، الهيئة الحسنة‏.‏ والشارة مثله‏]‏‏.‏
131 - ‏(‏1132‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد‏.‏ جميعا عن سفيان‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا ابن عيينة عن عبيدالله بن أبي يزيد‏.‏ سمع ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ وسئل عن صيام يوم عاشوراء‏.‏ فقال‏:‏ ما علمت أن رسول الله عليه وسلم صام يوما، يطلب فضله على الأيام، إلا هذا اليوم‏.‏ ولا شهرا إلا هذا الشهر‏.‏ يعني رمضان‏.‏
‏(‏1132‏)‏ وحدثني محد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عبيدالله بن أبي يزيد، في هذا الإسناد، بمثله‏.‏
*3* ‏(‏20‏)‏ باب أي يوم يصام في عاشوراء
132 - ‏(‏1133‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع بن الجراح عن حاجب بن عمر، عن الحكم بن الأعرج‏.‏ قال‏:‏
انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنه‏.‏ وهو متوسد رداءه في زمزم‏.‏ فقلت له‏:‏ أخبرني عن صوم عاشوراء‏.‏ فقال‏:‏ إذا رأيت هلال محرم فأعدد‏.‏ وأصبح يوم التاسع صائما‏.‏ قلت‏:‏ هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏في زمزم‏)‏ أي عندها‏.‏ وهي البئر المعروفة بمكة في داخل الحرم‏.‏ ‏(‏فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما‏)‏ هذا تصريح من ابن عباس بأن مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم‏.‏ ويتأوله على أنه مأخوذ من أظماء الإبل‏.‏ فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد ربعا‏.‏ وكذا باقي الأيام على هذه النسبة‏.‏ فيكون التاسع عشر‏.‏ وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف بأن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم‏.‏ وهذا ظاهر الأحاديث ومقتضى اللفظ‏.‏ وأما تقدير أخذه من الأظماء فبعيد‏]‏‏.‏
‏(‏1133‏)‏ وحدثني محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد القطان‏.‏ عن معاوية بن عمرو‏.‏ حدثني الحكم بن الأعرج‏.‏ قال‏:‏ سألت ابن عبًاس رضي الله عنه، وهو متوسد رداءه عند زمزم، عن صوم عاشوراء‏.‏ بمثل حديث حاجب بن عمر‏.‏
133 ‏(‏1134‏)‏ وحدثنا الحسن بن علي الحلواني‏.‏ حدثنا ابن أبي مريم‏.‏ حدثنا يحيى بن أيوب‏.‏ حدثني إسماعيل بن أمية ؛ أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول‏:‏ سمعت عبدالله بن عباس رضي الله عنهما يقول‏:‏
حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع‏.‏ قال‏:‏ فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
134 - ‏(‏1134‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عبدالله ابن عمير‏.‏ ‏(‏لعله قال‏:‏ عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما‏)‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع‏.‏ وفي رواية أبي بكر‏:‏ قال‏:‏ يعني يوم عاشوراء‏.‏
*3* ‏(‏21‏)‏ باب من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه
135 - ‏(‏1135‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا حاتم ‏(‏يعني ابن إسماعيل‏)‏ عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ؛ أنه قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم يوم عاشوراء‏.‏ فأمره أن يؤذن في الناس‏:‏
من كان لم يصم، فليصم‏.‏ ومن كان أكل، فليتم صيامه إلى الليل‏.‏
‏[‏ش ‏(‏من كان لم يصم فليصم، ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل‏)‏ معناه أن من كان نوى الصوم فليتم صومه‏.‏ ومن كان لم ينو الصوم ولم يأكل، أو أكل، فليمسك بقية يومه، حرمة لليوم‏.‏ كما لو أصبح يوم الشك مفطرا، ثم ثبت أنه من رمضان، يجب إمساك بقية يومه، حرمة لليوم‏]‏‏.‏
136- ‏(‏1136‏)‏ وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي‏.‏ حدثنا بشر بن المفضل بن لاحق‏.‏ حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ بن عفراء‏.‏ قالت‏:‏
أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار، التي حول المدينة‏:‏ من كان أصبح صائما، فليتم صومه‏.‏ ومن كان أصبح مفطرا، فليتم بقية يومه‏.‏ فكنا، بعد ذلك، نصومه‏.‏ ونصوم صبياننا الصغار منهم، إن شاء الله‏.‏ ونذهب إلى المسجد‏.‏ فنجعل لهم اللعبة من العهن‏.‏ فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناها إياه عند الإفطار‏.‏
‏[‏ش ‏(‏اللعبة من العهن‏)‏ العهن هو الصوف مطلقا‏.‏ وقيل‏:‏ الصوف المصبوغ‏.‏ ‏(‏أعطيناها إياه عند الإفطار‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ عند الإفطار‏.‏ قال القاضي‏:‏ فيه محذوف، وصوابه‏:‏ حتى يكون عند الإفطار‏.‏ فهذا يتم الكلام‏]‏‏.‏
137 - ‏(‏1136‏)‏ وحدثناه يحيى بن يحيى‏.‏ حدثنا أبو معشر العطار عن خالد بن ذكوان‏.‏ قال‏:‏ سألت الربيع بنت معوذ عن صوم عاشوراء ‏؟‏ قالت‏:‏
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله في قرى الأنصار‏.‏ فذكر بمثل حديث بشر‏.‏ غير أنه قال‏:‏ ونصنع لهم اللعبة من العهن‏.‏ فنذهب به معنا‏.‏ فإذا سألونا الطعام، أعطيناهم اللعبة تلهيهم‏.‏ حتى يتموا صومهم‏.‏
*3* ‏(‏22‏)‏ باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى
138 - ‏(‏1137‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن ابن شهاب ،عن أبى عبيد مولى ابن أزهر ؛ أنه قال‏:‏
شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ‏.‏فجاء فصلى‏.‏ ثم انصرف فخطب الناس‏.‏ فقال‏:‏ إن هذين يومان‏.‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما‏:‏ يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم‏.‏
139 - ‏(‏1138‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبى هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين‏:‏ يوم الأضحى ويوم الفطر‏.‏
140 - ‏(‏827‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا جرير عن عبدالملك ‏(‏وهو ابن عمير‏)‏ عن قزعة، عن أبى سعيد رضي الله عنه ‏.‏ قال‏:‏ سمعت منه حديثا فأعجبني‏.‏ فقلت له‏:‏ آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ قال‏:‏ فأقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع ‏؟‏ قال‏:‏ سمعته يقول
‏"‏ لا يصلح الصيام في يومين‏:‏ يوم الأضحى ويوم الفطر، من رمضان‏"‏ ‏.‏
141- ‏(‏1138‏)‏ وحدثنا أبو كامل الجحدري ‏.‏ حدثنا عبدالعزيز بن المختار‏.‏ حدثنا عمرو بن يحيى عن أبيه، عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين ‏:‏ يوم الفطر ويوم النحر ‏.‏
142- ‏(‏1139‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع عن ابن عون، عن زياد بن جبير‏.‏ قال‏:‏
جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ فقال‏:‏ إنى نذرت أن أصوم يوما ‏.‏فوافق يوم أضحى أوفطر ‏.‏ فقال ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ أمر الله تعالى بوفاء النذر‏.‏ ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أمر الله تعالى بوفاء النذر‏)‏ يريد قوله تعالى‏:‏ وليوفوا نذورهم‏)‏0
143 - ‏(‏1140‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا سعد بن سعيد ‏.‏ أخبرتني عمرة عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومين‏:‏ يوم الفطر ويوم الأضحى‏.‏
*3* ‏(‏23‏)‏ باب تحريم صوم أيام التشريق
144 - ‏(‏1141‏)‏ وحدثنا سريج بن يونس‏.‏ حدثنا هشيم‏.‏ أخبرنا خالد عن أبي المليح، عن نبيشة الهذلي‏.‏ قال‏:‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أيام التشريق أيام أكل وشرب‏"‏‏.‏
‏(‏1141‏)‏ حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير‏.‏ حدثنا إسماعيل ‏(‏يعني ابن علية‏)‏ عن خالد الحذاء‏.‏ حدثني أبو قلابة عن أبي المليح ، عن نبيشة‏.‏ قال خالد‏:‏
فلقيت أبا المليح‏.‏ فسألته‏.‏ فحدثني به‏.‏ فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏ بمثل حديث هشيم‏.‏ وزاد فيه ‏"‏وذكر لله‏"‏‏.‏
145 - ‏(‏1142‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا محمد بن سابق‏.‏ حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه ؛ أنه حدثه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس ابن الحدثان أيام التشريق‏.‏ فنادى ‏"‏ أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن‏.‏ وأيام منى أيام أكل وشرب‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وأيام منى‏)‏ هي أيام النحر والتشريق‏]‏‏.‏
‏(‏1142‏)‏ وحدثناه عبد بن حميد‏.‏ حدثنا أبو عامر عبدالملك بن عمرو‏.‏ حدثنا إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه قال‏:‏ فناديا‏.‏
*3* ‏(‏24‏)‏ باب كراهة صيام يوم الجمعة منفردا
146 - ‏(‏1143‏)‏ حدثنا عمرو الناقد‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عبدالحميد بن جبير، عن محمد بن عباد بن جعفر ؛ سألت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، وهو يطوف بالبيت‏:‏
أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة ‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏.‏ ورب هذا البيت‏!‏
‏(‏1143‏)‏ وحدثنا محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عبدالحميد بن جبير بن شيبة ؛ أنه أخبره محمد بن عباد بن جعفر ؛ أنه سأل جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‏.‏ بمثله‏.‏ عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
147 - ‏(‏1144‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا حفص وأبو معاوية عن الأعمش‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى ‏(‏واللفظ له‏)‏ أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا يصم أحدكم يوم الجمعة‏.‏ إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده‏"‏‏.‏
148 - ‏(‏1144‏)‏ وحدثني أبو كريب‏.‏ حدثنا حسين ‏(‏يعني الجعفي‏)‏ عن زائدة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏
‏"‏لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي‏.‏ ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام‏.‏ إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏لا تختصوا ‏.‏‏.‏الخ‏)‏ هكذا وقع في الأصول‏:‏ تختصوا ليلة الجمعة، ولا تخصوا يوم الجمعة‏.‏ بإثبات التاء في الأول بين الخاء والصاد، وبحذفها في الثاني‏.‏ وهما صحيحان‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏25‏)‏ باب بيان نسخ قوله تعالى‏:‏ وعلى الذين يطيقونه فدية، بقوله‏:‏ فمن شهد منكم الشهر فليصمه
149 - ‏(‏1145‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا بكر ‏(‏يعني ابن مضر‏)‏ عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن يزيد مولىِ سلمة، عن سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية‏:‏ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ‏[‏2 / البقرة / الآية 184‏]‏ كان من أراد أن يفطر ويفتدي‏.‏ حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها‏.‏
‏[‏ش ‏(‏كان من أراد أن يفطر‏)‏ في العبارة ساقط‏.‏ وهو خبر كان والتقدير‏:‏ كان من أراد أن يفطر ويفتدى، فعل‏.‏ ‏(‏حتى نزلت الآية التي بعدها‏)‏ هي آية‏:‏ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن‏.‏ ‏(‏فنسختها‏)‏ يعني أنهم كانوا مخيرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية‏.‏ ثم نسخ التخيير بتعيين الصوم بقوله تعالى‏:‏ فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏.‏ فمعنى‏:‏ وعلى الذين يطيقونه فدية أي على المطيقين للصيام، إن أفطروا، إعطاء فدية‏.‏ وهي طعام مسكين لكل يوم‏.‏ فهو رخصة منه تعالى لهم في الإفطار والفدية‏.‏ في بدء الأمر‏.‏ لعدم تعودهم الصيام أياما‏.‏ ثم نسخ الرخصة وعين العزيمة‏.‏ ومن لم يقل بالنسخ قال في تفسيره‏:‏ وعلى الذين يصومونه مع المشقة‏.‏ وهو مبني على أن الطاقة اسم للقدرة مع المشدة والمشقة‏]‏‏.‏
150 - ‏(‏1145‏)‏ حدثني عمرو بن سواد العامري‏.‏ أخبرنا عبدالله بن وهب‏.‏ أخبرنا عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ؛ أنه قال‏:‏
كنا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ من شاء صام‏.‏ ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين‏.‏ حتى أنزلت هذه الآية‏:‏ فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏.‏ ‏[‏2 / البقرة / الآية 185‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏26‏)‏ باب قضاء رمضان في شعبان
151 - ‏(‏1146‏)‏ حدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي سلمة‏.‏ قال‏:‏ سمعت عائشة رضي الله عنها تقول‏:‏ كان يكون على الصوم من رمضان‏.‏ فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان‏.‏ الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ أو برسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏كان يكون على الصوم‏)‏ كان يكون هما متنازعان في مرفوعيهما‏.‏ وهو الصوم‏.‏ والمراد قضاؤه‏.‏ وقولها‏:‏ على، منصوبهما، على التنازع أيضا‏.‏ والجمع بين الفعلين لحكاية التكرر في الكون‏.‏ ولك أن تقدر في كان ضمير الشأن‏.‏ أي كان الأمر والشأن‏.‏ فتكون جملة يكون خبرا لكان‏.‏ ‏(‏الشغل‏)‏ هكذا هو في النسخ‏:‏ الشغل، بالألف واللام، ، مرفوع‏.‏ أي يمنعني الشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وتعنى بالشغل، وبقولها في الحديث الثاني‏:‏ فما تقدر على أن تقضيه، أن كل واحدة منهن كانت مهيئة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مترصدة لاستمتاعه في جميع أوقاته إن أراد ذلك‏.‏ ولا تدري متى يريده، ولم تستأذنه في الصوم، مخافة أن يأذن وقد يكون له حاجة فيها فتفوتها عليه‏.‏ وهذا من الأدب‏.‏ ‏(‏من رسول الله‏)‏ معناه من أجله‏.‏ فمن للتعليل‏]‏‏.‏
‏(‏1146‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا بشر بن عمر الزهراني‏.‏ حدثني سليمان بن بلال‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه قال‏:‏ وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
م ‏(‏1146‏)‏ وحدثنيه محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ حدثني يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ فظننت أن ذلك لمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ يحيى يقوله‏.‏
م ‏(‏1146‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا عبدالوهاب‏.‏ ح وحدثنا عمرو الناقد‏.‏ حدثنا سفيان‏.‏ كلاهما عن يحيى، بهذا الإسناد‏.‏ ولم يذكرا في الحديث‏:‏ الشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
152 - ‏(‏1146‏)‏ وحدثني محمد بن أبي عمر المكي‏.‏ حدثنا عبدالعزيز بن محمد الدراوردى عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن محمد ابن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏
إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يأتي شعبان‏.‏
‏(‏27‏)‏ باب قضاء الصيام عن الميت
153 - ‏(‏1147‏)‏ وحدثني هارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن عيسى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرنا عمرو بن الحارث عن عبيدالله بن أبي جعفر، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
‏"‏من مات وعليه صيام، صام عنه وليه‏"‏‏.‏
154 - ‏(‏1148‏)‏ وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس‏.‏ حدثنا الأعمش عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏
إن أمي ماتت وعليها صوم شهر‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ أرأيت لو كان عليها دين، أكنت تقضينه ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ قال ‏"‏فدين الله أحق بالقضاء‏"‏‏.‏
155 - ‏(‏1148‏)‏ وحدثني أحمد بن عمر الوكيعي‏.‏ حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن سليمان، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن أمي ماتت وعليها صوم شهر‏.‏ أفأقضيه عنها ‏؟‏ فقال ‏"‏لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه عنها ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال ‏"‏فدين الله أحق أن يقضى‏"‏‏.‏
قال سليمان‏:‏ فقال الحكم وسلمة بن كهيل جميعا‏.‏ ونحن جلوس حين حدث مسلم بهذا الحديث‏.‏ فقالا‏:‏ سمعنا مجاهدا يذكر هذا عن ابن عباس‏.‏
‏(‏1148‏)‏ وحدثنا أبو سعيد الأشج‏.‏ حدثنا أبو خالد الأحمر‏.‏ حدثنا الأعمش عن سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة ومسلم البطين، عن سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديث‏.‏
156 - ‏(‏1148‏)‏ وحدثنا إسحاق بن منصور وابن أبي خلف وعبد بن حميد‏.‏ جميعا عن زكرياء بن عدي‏.‏ قال عبد‏:‏ حدثني زكرياء ابن عدي‏.‏ أخبرنا عبيدالله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة‏.‏ حدثنا الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏
جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن أمي ماتت وعليها صوم نذر‏.‏ أفأصوم عنها ‏؟‏ قال ‏"‏أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته، أكان يؤدي ذلك عنها ‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏"‏فصومي عن أمك‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فقضيتيه‏)‏ كذا بزيادة الياء بعد التاء، في أكثر النسخ‏]‏‏.‏
157 - ‏(‏1149‏)‏ وحدثني علي بن حجر السعدي‏.‏ حدثنا علي بن مسهر أبو الحسن عن عبدالله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ إذ أتته امرأة‏.‏ فقالت‏:‏ إني تصدقت على أمي بجارية‏.‏ وإنها ماتت‏.‏ قال‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏وجب أجرك‏.‏ وردها عليك الميراث‏"‏ قالت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إنه كان عليها صوم شهر‏.‏ أفأصوم عنها ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏صومي عنها‏"‏ قالت‏:‏ إنها لم تحج قط‏.‏ أفأحج عنها ‏؟‏ قال ‏"‏حجي عنها ‏"‏‏.‏
158 - ‏(‏1149‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير عن عبدالله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثل حديث ابن مسهر‏.‏ غير أنه قال‏:‏ صوم شهرين‏.‏
‏(‏1149‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا الثورى عن عبدالله بن عطاء، عن ابن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر بمثله‏.‏ وقال‏:‏ صوم شهر‏.‏
م ‏(‏1149‏)‏ وحدثنيه إسحاق بن منصور‏.‏ أخبرنا عبيدالله بن موسى عن سفيان، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ صوم شهرين‏.‏
م ‏(‏1149‏)‏ وحدثني ابن أبي خلف‏.‏ حدثنا إسحاق بن يوسف‏.‏ حدثنا عبدالملك بن أبي سليمان عن عبدالله بن عطاء المكى، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنهه‏.‏ قال‏:‏
أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثل حديثهم‏.‏ وقال‏:‏ صوم شهر‏.‏
*3* ‏(‏28‏)‏ باب الصائم يدعى لطعام فليقل‏:‏ إني صائم
159 - ‏(‏1150‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه ‏(‏قال أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ رواية‏.‏ وقال عمرو‏:‏ يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقال زهير عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ قال‏:‏
‏"‏إذا دعي أحدكم إلى طعام، وهو صائم، فليقل‏:‏ إني صائم‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏29‏)‏ باب حفظ اللسان للصائم
160 - ‏(‏1151‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ رواية‏.‏ قال‏:‏
‏"‏إذا أصبح أحدكم يوما صائما، فلا يرفث ولا يجهل‏.‏ فإن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليقل‏:‏ إني صائم‏.‏ إني صائم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فلا يرفث‏)‏ الرفث السخف وفاحش الكلام‏.‏ يقال‏:‏ رفث يرفث رفثا، في المصدر ورفثا في الاسم‏.‏ ويقال‏:‏ أرفث، رباعي، حكاه القاضي‏.‏ والجهل قريب من الرفث، وهو خلاف الحكمة وخلاف الصواب، من القول والفعل‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏30‏)‏ باب فضل الصيام
161 - ‏(‏1151‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ أخبرني سعيد بن المسيب ؛ أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال ؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏قال الله عز وجل‏:‏ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام‏.‏ هو لي وأنا أجزي به‏.‏ فوالذي نفس محمد بيده لخلفة فم الصائم أطيب عند الله، من ريح المسك‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏لخلفة فم الصائم‏)‏ هو تغير رائحة الفم‏.‏ يقال‏:‏ خلف فوه يخلف وأخلف‏.‏ يخلف، إذا تغير‏]‏‏.‏
162 - ‏(‏1151‏)‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب وقتيبة بن سعيد‏.‏ قال‏:‏ حدثنا المغيرة ‏(‏وهو الحزامي‏)‏ عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏الصيام جنة‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏الصيام جنة‏)‏ معناه سترة ومانع من الرفث والأثام‏.‏ ومانع أيضا من النار‏.‏ ومنه المجن‏.‏ وهو الترس‏.‏ ومنه الجن لاستتارهم‏]‏‏.‏
163 - ‏(‏1151‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات ؛ أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏قال الله عز وجل‏:‏ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام‏.‏ فإنه لي وأنا أجزي به‏.‏ والصيام جنة‏.‏ فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرقث يومئذا ولا يسخب‏.‏ فإن سابه أحدا أو قاتله، فليقل‏:‏ إني امرؤ صائم‏.‏ والذي نفس محمد بيده‏.‏ لخلوف فم الصائم أطيب عند الله، يوم القيامة، من ريح المسك‏.‏ وللصائم فرحتان يفرحهما‏:‏ إذا أفطر فرح بفطره‏.‏ وإذا لقي ربه فرح بصومه‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ولا يسخب‏)‏ هكذا هو هنا بالسين‏.‏ ويقال‏:‏ بالسين والصاد‏.‏ وهو الصياح‏.‏ وهو بمعنى الرواية الأخرى‏:‏ ولا يجهل ولا يرفث ‏(‏لخلوف‏)‏ الخلوف تغير رائحة الفم من أثر الصيام، لخلو المعدة من الطعام‏]‏‏.‏
164 - ‏(‏1151‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش‏.‏ ح وحدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن الأعمش‏.‏ ح وحدثنا أبو سعيد الأشج ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا وكيع‏.‏ حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلا سبعمائة ضعف‏.‏ قال الله عز وجل‏:‏ إلا الصوم‏.‏ فإنه لي وأنا أجزي به‏.‏ يدع شهوته وطعامه من أجلي‏.‏ للصائم فرحتان‏:‏ فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه‏.‏ ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك‏"‏‏.‏
165 - ‏(‏1151‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما‏.‏ قالا‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إن الله عز وجل يقول‏:‏ إن الصوم لي وأنا أجزي به‏.‏ إن للصائم فرحتين‏:‏ إذا أفطر فرح‏.‏ وإذا لقي الله فرح‏.‏ والذي نفس محمد بيده ‏!‏ لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك‏"‏‏.‏
‏(‏1151‏)‏ وحدثنيه إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني ابن مسلم‏)‏ حدثنا ضرار بن مرة ‏(‏وهو ابن سنان‏)‏ بهذا الإسناد‏.‏ قال‏:‏ وقال ‏"‏إذا لقي الله فجزاه، فرح‏"‏‏.‏
166 - ‏(‏1152‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا خالد بن مخلد ‏(‏وهو القطواني‏)‏ عن سليمان بن بلال‏.‏ حدثني أبو حازم عن سهل ابن سعد رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إن في الجنة بابا يقال له الريان‏.‏ يدخل منه الصائمون يوم القيامة‏.‏ لا يدخل معهم أحد غيرهم‏.‏ يقال‏:‏ أين الصائمون ‏؟‏ فيدخلون منه‏.‏ فإذا دخل آخرهم‏.‏ أغلق فلم يدخل منه أحد‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏31‏)‏ باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه، بلا ضرر ولا تفويت حق
167 - ‏(‏1153‏)‏ وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر‏.‏ أخبرني الليث عن ابن الهاد، عن سهيل بن أبي صالح، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله‏.‏ إلا باعد الله، بذلك اليوم، وجهه عن النار سبعين خريفا‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏خريفا‏)‏ الخريف السنة‏.‏ والمراد مسيرة سبعين سنة‏]‏‏.‏
‏(‏1153‏)‏ وحدثناه قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني الدراوردى‏)‏ عن سهيل، بهذا الإسناد‏.‏
168 - ‏(‏1153‏)‏ وحدثني إسحاق بن منصور وعبدالرحمن بن بشر العبدي‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج عن يحيى بن سعيد وسهيل بن أبي صالح ؛ أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش الزرقي يحدث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
‏"‏من صام يوما في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏32‏)‏ باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر
169 - ‏(‏1154‏)‏ وحدثنا أبو كامل فضيل بن حسين‏.‏ حدثنا عبدالواحد بن زياد‏.‏ حدثنا طلحة بن يحيى بن عبيدالله‏.‏ حدثتني عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم ‏"‏يا عائشة ‏!‏ هل عندكم شيء ‏؟‏ ‏"‏ قالت فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ ما عندنا شيء‏.‏ قال ‏"‏فإني صائم‏"‏ قالت‏:‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأهديت لنا هدية ‏(‏أو جاءنا زور‏)‏‏.‏ قالت‏:‏ فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ أهديت لنا هدية ‏(‏أو جاءنا زور‏)‏ وقد خبأت لك شيئا‏.‏ قال‏"‏ما هو ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ حيس‏.‏ قال ‏"‏هاتيه‏"‏ فجئت به فأكل‏.‏ ثم قال ‏"‏ قد كنت أصبحت صائما‏"‏‏.‏ قال طلحة‏:‏ فحدثت مجاهدا بهذا الحديث فقال ‏:‏ ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله ‏.‏ فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها‏.‏
‏[‏ش ‏(‏أو جاءنا زور‏)‏ الزور الزوار ‏.‏ ويقع الزور على الواحد والجماعة القليلة والكثيرة ‏.‏ وقولها‏:‏ جاءنا زور وقد خبات لك معناه جاءنا زائرون ومعهم هدية فخبأت لك منها ‏.‏ أو يكون معناه ‏:‏ جاءنا زور فأهدي لنا بسببهم هدية ،فخبأت لك منها ‏.‏ ‏(‏حيس‏)‏ الحيس هو التمر مع السمن والأقط ‏.‏ وقال الهروي ‏:‏ ثريدة من أخلاط ‏.‏ والأول هو المشهور‏]‏‏.‏
170 - ‏(‏1154‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ‏.‏ حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى ، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين ‏.‏ قالت‏:‏
دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال ‏"‏هل عندكم شيء ‏؟‏ ‏"‏ فقلنا‏:‏ لا‏.‏ قال ‏"‏فإنى إذن صائم‏"‏ ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله ‏!‏ أهدي لنا حيس ‏.‏ فقال‏"‏ أرينيه‏.‏ فلقد أصبحت صائما‏"‏ فأكل ‏.‏
*3* ‏(‏33‏)‏ باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر
171 - ‏(‏1155‏)‏ وحدثني عمرو بن محمد الناقد‏.‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام القردوسي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه‏.‏ فإنما أطعمه الله وسقاه‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏34‏)‏ باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، واستحباب أن لا يخلى شهرا عن صوم
172 - ‏(‏1156‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري، عن عبدالله بن شقيق‏.‏ قال‏:‏ قلت لعائشة رضي الله عنها‏:‏
هل كان التبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا معلوما سوى رمضان ‏؟‏ قالت‏:‏ والله ‏!‏ إن صام معلوما سوى رمضان‏.‏ حتى مضى لوجهه‏.‏ ولا أفطره حتى يصيب منه‏.‏
‏[‏ش ‏(‏حتى مضى لوجهه‏)‏ كناية عن الموت‏.‏ أي إلى أن مات‏.‏ ‏(‏حتى يصيب منه‏)‏ أي حتى يصوم منه‏]‏‏.‏
173 - ‏(‏1156‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا كهمس عن عبدالله بن شقيق‏.‏ قال‏:‏ قلت لعائشة رضي الله عنها‏:‏
أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا كله ‏؟‏ قالت‏:‏ ما علمته صام شهرا كله إلا رمضان‏.‏ ولا أفطره كله حتى يصوم منه حتى مضى لسبيله صلى الله عليه وسلم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏حتى مضى سبيله‏)‏ كناية عن الموت‏.‏ أي إلى أن مات‏]‏‏.‏
174 - ‏(‏1156‏)‏ وحدثني أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا حماد عن أيوب وهشام، عن محمد، عن عبدالله بن شقيق ‏(‏قال حماد‏:‏ وأظن أيوب قد سمعه من عبدالله بن شقيق‏)‏ قال‏:‏
سألت عائشة رضي الله عنها عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقالت‏:‏ كان يصوم حتى نقول‏:‏ قد صام‏.‏ قد صام‏.‏ ويفطر حتى نقول‏:‏ قد أفطر‏.‏ قد أفطر‏.‏ قالت‏:‏ وما رأيته صام شهرا كاملا، من قدم المدينة، إلا أن يكون رمضان ‏.‏
‏(‏1156‏)‏ وحدثنا قتيبة‏.‏ حدثنا حماد عن أيوب، عن عبدالله بن شقيق‏.‏ قال‏:‏ سألت عائشة رضي الله عنها‏.‏ بمثله‏.‏ ولم يذكر في الإسناد هشاما ولا محمدا‏.‏
175 - ‏(‏1156‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ؛ أنها قالت‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول‏:‏ لا يفطر‏.‏ و يفطر حتى نقول‏:‏ لا يصوم‏.‏ وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان‏.‏ وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وما رأيته في شهرا أكثر منه صياما في شعبان‏)‏ أكثر ثاني مفعولي رأيت‏.‏ والضمير في منه له عليه الصلاة والسلام وصياما تمييز‏.‏ وفي شعبان متعلق بصياما‏.‏ والمعنى كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصوم في شعبان وفي غيره من الشهور، سوى رمضان وكان صيامه في شعبان أكثر من صيامه فيما سواه‏]‏‏.‏
176 - ‏(‏1156‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد‏.‏ جميعا عن ابن عيينة‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن لبيد عن أبي سلمة، قال‏:‏
سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ كان يصوم حتى نقول‏:‏ قد صام‏.‏ ويفطر حتى نقول‏:‏ قد أفطر‏.‏ ولم أره صائما من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان‏.‏ كان يصوم شعبان كله‏.‏ كان يصوم شعبان إلا قليلا‏.‏
177 - ‏(‏782‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا معاذ بن هشام‏.‏ حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير‏.‏ حدثنا أبو سلمة عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صياما منه في شعبان‏.‏ وكان يقول‏:‏ ‏"‏خذوا من الأعمال ما تطيقون‏.‏ فإن الله لن يمل حتى تملوا‏"‏‏.‏
وكان يقول‏:‏ ‏"‏أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه، وإن قل‏"‏‏.‏
178 - ‏(‏1157‏)‏ حدثنا أبو الربيع الزهراني‏.‏ حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏
ما صام رسول الله عليه وسلم شهرا كاملا قط غير رمضان‏.‏ وكان يصوم، إذا صام، حتى يقول القائل‏:‏ لا، والله ‏!‏ لا يفطر‏.‏ ويفطر ، إذا أفطر، حتى يقول القائل ‏:‏ لا، والله ‏!‏ لا يصوم‏.‏
‏(‏1157‏)‏ وحدثنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع عن غندر، عن شعبة، عن أبي بشر، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ شهرا متتابعا منذ قدم المدينة‏.‏
179 - ‏(‏1157‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن نمير‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا عثمان بن حكيم الأنصاري‏.‏ قال‏:‏ سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب ‏؟‏ ونحن يومئذ في رجب‏.‏ فقال‏:‏ سمعت ابن عباس رضي الله عنها يقول‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول‏:‏ لا يفطر‏.‏ ويفطر حتى نقول‏:‏ لا يصوم‏.‏
‏(‏1157‏)‏ وحدثنيه علي بن حجر‏.‏ حدثنا علي بن مسهر‏.‏ ح وحدثني إبراهيم بن موسى‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس‏.‏ كلاهما عن عثمان بن حكيم، في هذا الإسناد‏.‏ بمثله‏.‏
180 - ‏(‏1158‏)‏ وحدثني زهير بن حرب وابن أبي خلف‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا حماد عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه‏.‏ ح وحدثني أبو بكر بن نافع ‏(‏واللفظ له‏)‏ حدثنا بهز‏.‏ حدثنا حماد‏.‏ حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه‏.‏
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى يقال‏:‏ قد صام، قد صام‏.‏ ويفطر حتى يقال‏:‏ قد أفطر، قد أفطر‏.‏
*3* ‏(‏35‏)‏ باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا أو لم يفطر العيدين والتشريق، وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم
181 - ‏(‏1159‏)‏ حدثني أبو الطاهر‏.‏ قال‏:‏ سمعت عبدالله بن وهب يحدث عن يونس، عن ابن شهاب‏.‏ ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب‏.‏ أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبدالرحمن ؛ أن عبدالله بن عمرو بن العاص قال‏:‏
أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول‏:‏ لأقومن الليل ولأصومن النهار، ما عشت‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏آنت الذي تقول ذلك ‏؟‏ ‏"‏ فقلت له‏:‏ قد قلته، يا رسول الله ‏!‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فإنك لا تستطيع ذلك‏.‏ فصم وأفطر‏.‏ ونم وقم‏.‏ وصم من الشهر ثلاثة أيام‏.‏ فإن الحسنة بعشر أمثالها‏.‏ وذلك مثل صيام الدهر‏"‏ قال قلت‏:‏ فإني أطيق أفضل من ذلك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏صم يوما وأفطر يومين‏"‏ قال قلت‏:‏ فإني أطيق أفضل من ذلك، يا رسول الله ‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏صم يوما وأفطر يوما‏.‏ وذلك صيام داود ‏(‏عليه السلام‏)‏ وهو أعدل الصيام‏"‏ قال قلت‏:‏ فإني أطيق أفضل من ذلك‏.‏ قال رسول الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا أفضل من ذلك‏"‏‏.‏
قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنه‏:‏ لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحب إلي من أهلي ومالي‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قال عبدالله بن عمرو‏)‏ أي بعد ما كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه‏]‏‏.‏
182 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثنا عبدالله بن محمد الرومي‏.‏ حدثنا النضر بن محمد‏.‏حدثنا عكرمة ‏(‏وهو ابن عمار‏)‏ حدثنا يحيى قال‏:‏ انطلقت أنا وعبدالله بن يزيد حتى نأتي أبا سلمة‏.‏ فأرسلنا إليه رسولا‏.‏ فخرج علينا‏.‏ وإذا عند باب داره مسجد‏.‏ قال‏:‏
فكنا في المسجد حتى خرج إلينا‏.‏ فقال‏:‏ إن تشاؤوا، أن تدخلوا، وإن تشاؤوا، أن تقعدوا ههنا‏.‏ قال فقلنا‏:‏ لا‏.‏ بل نقعد ههنا‏.‏ فحدثنا‏.‏ قال‏:‏ حدثني عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ كنت أصوم الدهر واقرأ القرآن كل ليلة‏.‏ قال‏:‏ فإما ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، وإما أرسل إلي فأتيته‏.‏ فقال لي‏:‏ ‏"‏ ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة ‏؟‏ ‏"‏ فقلت‏:‏ بلى يا نبي الله ‏!‏ ولم أرد بذلك إلا الخير‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام‏"‏ قلت‏:‏ يا نبي الله ‏!‏ إني أطيق أفضل من ذلك‏.‏ قال ‏"‏فإن لزوجك عليك حقا‏.‏ وإن لزورك عليك حقا‏.‏ ولجسدك عليك حقا‏"‏ فصم صوم داود نبي الله ‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏ فإنه كان أعبد الناس‏"‏‏.‏ قال قلت‏:‏ يا نبي الله ‏!‏ وما صوم داود ‏؟‏ قال ‏"‏كان يصوم يوما ويفطر يوما‏"‏ قال ‏"‏ واقرأ القرآن في كل شهر‏"‏ قال قلت‏:‏ يا نبي الله ‏!‏ إني أطيق أفضل من ذلك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فاقرأة في كل عشرين‏"‏ قال قلت‏:‏ يا نبي الله ‏!‏ إني أطيق أفضل من ذلك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فاقرأه في كل عشر‏"‏ قال قلت‏:‏ يا نبي الله ‏!‏ إني أطيق أكثر من ذلك‏.‏ قال‏:‏
‏"‏فاقرأه في كل سبع، ولا تزد على ذلك‏.‏ فإن لزوجك عليك حقا‏.‏ ولزورك عليك حقا‏.‏ ولجسدك عليك حقا‏"‏‏.‏
قال‏:‏ فشددت‏.‏ فشدد علي‏.‏ قال‏:‏ وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر‏"‏‏.‏
قال‏:‏ فصرت إلى الذي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فإن بحسبك أن تصوم‏)‏ الباء فيه زائدة‏.‏ ومعناه أن صوم الثلاثة الأيام من كل شهر كافيك‏.‏ ‏(‏ولزورك‏)‏ قال في النهاية‏:‏ هو في الأصل مصدر وضع موضع الاسم‏.‏ كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم‏.‏ وقد يكون الزور جمعا لزائر، كركب في جمع راكب‏.‏ أي لضيفك ولأصحابك الزائرين حق عليك‏.‏ وأنت تعجز، بسبب توالي الصيام والقيام، عن القيام بحسن معاشرتهم‏.‏ ‏(‏واقرأ القرآن في كل شهر‏)‏ أي اختمه‏.‏ ‏(‏وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله‏)‏ معناه أنه كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه ووظفه على نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فشق عليه فعله، ولا يمكنه تركه‏.‏
183 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثنيه زهير بن حرب‏.‏ حدثنا روح بن عبادة‏.‏ حدثنا حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد‏.‏ وزاد فيه، بعد قوله ‏"‏من كل شهر ثلاثة أيام‏"‏‏:‏ ‏"‏فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها‏.‏ فذلك الدهر كله‏"‏‏.‏ وقال في الحديث‏:‏ قلت‏:‏
وما صوم نبي الله داود ‏؟‏ قال ‏"‏نصف الدهر‏"‏ ولم يذكر في الحديث من قراءة القرآن شيئا‏.‏ ولم يقل ‏"‏وإن لزورك عليك حقا‏"‏ ولكن قال ‏"‏وإن لولدك عليك حقا‏"‏‏.‏
184 - ‏(‏1159‏)‏ حدثني القاسم بن زكرياء‏.‏ حدثنا عبيدالله بن موسى عن شيبان، عن يحيى، عن محمد بن عبدالرحمن مولى بني زهرة، عن أبي سلمة قال‏:‏ ‏(‏وأحسبني قد سمعته أنا من أبي سلمة‏)‏ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏اقرأ القرآن في كل شهر‏"‏ قال قلت‏:‏ إني أجد قوة‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ فاقرأه في عشرين ليلة ‏"‏ قال قلت‏:‏ إني أجد قوة‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك‏"‏‏.‏
185 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثني أحمد بن يوسف الأزدي‏.‏ حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قراءة‏.‏ قال‏:‏ حدثني يحيى بن أبي كثير عن ابن الحكم بن ثوبان‏.‏ حدثني أبو سلمة بن عبدالرحمن عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏يا عبدالله ‏!‏ لا تكن بمثل فلان‏.‏ كان يقوم الليل فترك قيام الليل‏"‏‏.‏
186 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ قال‏:‏ سمعت عطاء يزعم أن أبا العباس أخبره ؛ أنه سمع عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول‏:‏
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أني أصوم أسرد، وأصلي الليل‏.‏ فإما أرسل إلي وإما لقيته‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر، وتصلي الليل ‏؟‏ فلا تفعل‏.‏ فإن لعينك حظا‏.‏ ولنفسك حظا‏.‏ ولأهلك حظا‏.‏ فصم وأفطر‏.‏ وصل ونم‏.‏ وصم من كل عشرة أيام يوما‏.‏ ولك أجر تسعة‏"‏ قال‏:‏ إني أجدني أقوى من ذلك، يا نبي الله ‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏فصم صيام داود ‏(‏عليه السلام‏)‏‏"‏ قال‏:‏ وكيف كان داود يصوم يا نبي الله ‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏كان يصوم يوما ويفطر يوما‏.‏ ولا يفر إذا لاقى‏"‏ قال‏:‏ من لي بهذه ‏؟‏ يا نبي الله ‏!‏ ‏(‏قال عطاء‏:‏ فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد‏)‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا صام من صام الأبد‏.‏ لا صام من صام الأبد‏.‏ لا صام من صام الأبد‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يزعم‏)‏ أي يقول‏.‏ وقد كثر الزعم بمعنى القول‏.‏ ‏(‏لا صام من صام الأبد‏)‏ قال الإمام النووي‏:‏ أجابوا عن حديث ‏"‏لا صام من صام الأبد ‏"‏ بأجوبة‏:‏ أحدها أنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيدين والتشريق‏.‏ وبهذا أجابت عائشة رضي الله عنها - والثاني أنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقا‏.‏ والثالث أن معنى ‏"‏لاصام‏"‏ أنه لا يجد من مشقته ما يجدها غيره‏.‏ فيكون خبرا، لا دعاء‏]‏‏.‏
‏(‏1159‏)‏ وحدثنيه محمد بن حاتم‏.‏ حدثنا محمد بن بكر‏.‏ أخبرنا ابن جريج، بهذا الإسناد‏.‏ وقال‏:‏ إن أبا العباس الشاعر أخبره‏.‏
‏(‏قال مسلم‏)‏‏:‏ أبو العباس السائب بن فروخ، من أهل مكة، ثقة عدل‏.‏
187 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثنا عبيدالله بن معاذ‏.‏ وحدثني أبي‏.‏ حدثنا شعبة عن حبيب‏.‏ سمع أبا العباس‏.‏ سمع عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏يا عبدالله بن عمرو ‏!‏ إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل‏.‏ وإنك، إذا فعلت ذلك، هجمت له العين‏.‏ ونهكت‏.‏ لا صام من صام الأبد‏.‏ صوم ثلاثة أيام من الشهر، صوم الشهر كله‏:‏
‏"‏قلت‏:‏ فإني أطيق أكثر من ذلك‏.‏ قال ‏"‏فصم صوم داود‏.‏ كان يصوم يوما ويفطر يوما‏.‏ ولا يفر إذا لاقى‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏هجمت له العين‏)‏ أي غارت ودخلت في موضعها‏.‏ ومنه الهجوم على القوم، الدخول عليهم‏.‏ كذا في النهاية‏.‏ ‏(‏ونهكت‏)‏ نهكت العين أي ضعفت‏.‏ وضبطه بعضهم بضم النون وكسر الهاء وفتح التاء، أي نهكت أنت أي ضنيت‏.‏ وهذا ظاهر كلام القاضي‏]‏‏.‏
‏(‏1159‏)‏ وحدثناه أبو كريب‏.‏ حدثنا ابن بشر عن مسعر‏.‏ حدثنا حبيب بن أبي ثابت، بهذا الإسناد‏.‏ وقال ‏"‏ونفهت النفس‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ونفهت النفس‏)‏ أي أعيت وكلت‏]‏‏.‏
188 - ‏(‏1159‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن أبي العباس، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ إني أفعل ذلك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فإنك، إذا فعلت ذلك، هجمت عيناك‏.‏ ونفهت نفسك لعينك حق‏.‏ ولنفسك حق‏.‏ ولأهلك حق‏.‏ قم ونم‏.‏ وصم وأفطر‏"‏‏.‏
189 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن عمرو ابن أوس‏.‏ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏إن أحب الصيام إلى الله صيام داود‏.‏ وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود ‏(‏عليه السلام‏)‏‏.‏ كان ينام نصف الليل‏.‏ ويقوم ثلثه‏.‏ وينام سدسه‏.‏ وكان يصوم يوما ويفطر يوما‏"‏‏.‏
190 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثني محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا ابن جريج‏.‏ أخبرني عمرو بن دينار ؛ أن عمرو بن أوس أخبره عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏أحب الصيام إلى الله صيام داود‏.‏ كان يصوم نصف الدهر‏.‏ وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود ‏(‏عليه السلام‏)‏‏.‏ كان يرقد شطر الليل‏.‏ ثم يقوم‏.‏ ثم يرقد آخره‏.‏ يقوم ثلث الليل بعد شطره‏"‏‏.‏ قال قلت لعمرو بن دينار‏:‏ أعمرو بن أوس كان يقوم‏:‏ يقوم ثلث الليل بعد شطره ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏
191 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا خالد بن عبدالله عن خالد، عن أبي قلابة‏.‏ قال‏:‏ أخبرني أبو المليح‏.‏ قال‏:‏
دخلت مع أبيك على عبدالله بن عمرو‏.‏ فحدثنا ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي‏.‏ فدخل علي‏.‏ فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف‏.‏ فجلس على الأرض‏.‏ وصارت الوسادة بيني وبينه‏.‏ فقال لي‏:‏ ‏"‏ أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏خمسا‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏سبعا‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏تسعا‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ قال ‏"‏أحد عشر‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا صوم فوق صوم داود‏.‏ شطر الدهر‏.‏ صيام يوم وإفطار يوم‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏‏)‏ جواب النداء محذوف‏.‏ أي لا يكفيني ذلك‏.‏ ‏(‏قال ‏"‏خمسا‏"‏‏)‏ أي صوم خمسة أيام‏.‏ وكذا التقدير في قوله‏:‏ سبعا وتسعا وأحد عشر‏.‏ ‏(‏شطر الدهر‏)‏ أي نصفه‏.‏ وهو بالرفع على القطع‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ ويجوز نصبه على إضمار فعل، والجر على البدل من‏:‏ صوم داود‏]‏‏.‏
192 - ‏(‏1159‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا غندر عن شعبة‏.‏ ح وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن زياد بن فياض‏.‏ قال‏:‏ سمعت أبا عياض عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏
‏"‏صم يوما‏.‏ ولك أجر ما بقي‏"‏ قال‏:‏ إني أطيق أكثر من ذلك‏.‏ قال ‏"‏صم ثلاثة أيام‏.‏ ولك أجر ما بقي‏"‏ قال‏:‏ إني أطيق أكثر من ذلك قال ‏"‏صم أربعة أيام‏.‏ ولك أجر ما بقي‏"‏ قال‏:‏ إني أطيق أكثر من ذلك‏.‏ قال ‏"‏صم أفضل الصيام عند الله‏.‏ صوم داود ‏(‏عليه السلام‏)‏ كان يصوم يوما ويفطر يوما‏"‏‏.‏
193 - ‏(‏1159‏)‏ وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن حاتم‏.‏ جميعا عن ابن مهدي‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي‏.‏ حدثنا سليم بن حيان‏.‏ حدثنا سعيد بن ميناء‏.‏ قال‏:‏ قال عبدالله بن عمرو‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏يا عبدالله بن عمرو ‏!‏ بلغني أنك تصوم النهار وتقوم الليل‏.‏ فلا تفعل‏.‏ فإن لجسدك عليك حظا‏.‏ ولعينك عليك حظا‏.‏ وإن لزوجك عليك حظا‏.‏ صم وأفطر‏.‏ صم من كل شهر ثلاثة أيام‏.‏ فذلك صوم الدهر‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إن بي قوة‏.‏ قال ‏"‏فصم صوم داود ‏(‏عليه السلام‏)‏ صوم يوما وأفطر يوما‏"‏‏.‏ فكان يقول‏:‏ يا ليتني ‏!‏ أخذت بالرخصة‏.‏
‏[‏ش ‏(‏فإن لجسدك عليك حظا‏)‏ أي نصيبا‏]‏‏.‏
*3* ‏(‏36‏)‏ باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس
194 - ‏(‏1160‏)‏ حدثنا شيبان بن فروخ‏.‏ حدثنا عبدالوارث عن يزيد الرشك‏.‏ قال‏:‏ حدثتني معاذة العدوية ؛ أنها سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ فقلت لها‏:‏ من أي أيام الشهر كان يصوم ‏؟‏ قالت‏:‏ لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم‏.‏
195 - ‏(‏1161‏)‏ وحدثني عبدالله بن محمد بن أسماء الضبعي‏.‏ حدثنا مهدي ‏(‏وهو ابن ميمون‏)‏ حدثنا غيلان بن جرير عن مطرف، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ؛ أن النبي صلى الله علي وسلم قال له ‏(‏أو قال لرجل وهو يسمع‏)‏‏"‏ يا فلان ‏!‏ أصمت من سرة هذا الشهر ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال ‏"‏فإذا أفطرت، فصم يومين‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏سرة هذا الشهر‏)‏ سرته وسطه‏.‏ لأن السرة وسط قامة الإنسان‏]‏‏.‏
196 - ‏(‏1162‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى التيمي وقتيبة بن سعيد‏.‏ جميعا عن حماد‏.‏ قال يحيى‏:‏ أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان، عن عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة‏:‏
رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ كيف تصوم ‏؟‏ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه قال‏:‏ رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا‏.‏ نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله‏.‏ فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه‏.‏ فقال عمر‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ كيف بمن يصوم الدهر كله ‏؟‏ قال ‏"‏ لاصام ولا أفطر‏"‏ ‏(‏أو قال‏)‏‏"‏ لم يصم ولم يفطر‏"‏ قال‏"‏‏:‏ كيف من يصوم يومين ويفطر يوما ‏؟‏ قال ‏"‏ ويطيق ذلك أحد ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ كيف من يصوم يوما ويفطر يوما ‏؟‏ قال ‏"‏ ذاك صوم داود ‏(‏عليه السلام‏)‏ قال‏:‏ كيف من يصوم يوما ويفطر يومين ‏؟‏ قال‏"‏ وددت أني طوقت ذلك‏"‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ثلاث من كل شهر‏.‏ ورمضان إلى رمضان‏.‏ فهذا صيام الدهر كله‏.‏ صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله‏.‏ والسنة التي بعده‏.‏ وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ‏:‏ عن أبي قتادة رجل أتى‏.‏ وعلى هذا يقرأ رجل بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف‏.‏ أي الشأن والأمر رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏]‏‏.‏
197 - ‏(‏1162‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار ‏(‏واللفظ لابن المثنى‏)‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن غيلان بن جرير‏.‏ سمع عبدالله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه ‏؟‏ قال‏:‏ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال عمر رضي الله عنه‏:‏ رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وببيعتنا بيعة‏.‏
قال‏:‏ فسئل عن صيام الدهر ‏؟‏ فقال‏:‏
‏"‏لا صام ولا أفطر ‏(‏أو ما صام وما أفطر‏)‏ ‏"‏ قال‏:‏ فسئل عن صوم يومين وإفطار يوم ‏؟‏ قال ‏"‏ ومن يطيق ذلك ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ وسئل عن صوم يوم وإفطار يومين ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ليت أن الله قوانا لذلك‏"‏ قال‏:‏ وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم ‏؟‏ قال ‏"‏ذاك صوم أخي داود ‏(‏عليه السلام‏)‏‏"‏ قال‏:‏ وسئل عن صوم الاثنين ‏؟‏ قال ‏"‏ذاك يوم ولدت فيه‏.‏ ويوم بعثت ‏(‏أو أنزل علي فيه‏)‏‏"‏ قال‏:‏ فقال ‏"‏صوم ثلاثة من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، صوم الدهر‏"‏ قال‏:‏ وسئل عن صوم يوم عرفة ‏؟‏ فقال ‏"‏يكفر السنة الماضية والباقية‏"‏ قال‏:‏ وسئل عن صوم يوم عاشوراء ‏؟‏ فقال ‏"‏يكفر السنة الماضية‏"‏‏.‏
وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال‏:‏ وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس ‏؟‏ فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما‏.‏
‏[‏ش ‏(‏نراه‏)‏ ضبطوا نراه بفتح النون وضمها‏.‏ وما صحيحان‏]‏‏.‏
‏(‏1162‏)‏ وحدثنا عبدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا شبابة‏.‏ ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا النضر بن شميل‏.‏ كلهم عن شعبة، بهذا الإسناد‏.‏
‏(‏1162‏)‏ وحدثني أحمد بن سعيد الدارامي‏.‏ حدثنا حبان بن هلال‏.‏ حدثنا أبان العطار‏.‏ حدثنا غيلان بن جرير، في هذا الإسناد‏.‏ بمثل حديث شعبة‏.‏ غير أنه ذكر فيه الاثنين‏.‏ ولم يذكر الخميس‏.‏
198 - ‏(‏1162‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا عبدالرحمن بن مهدي‏.‏ حدثنا مهدي بن ميمون عن غيلان، عن عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين ‏؟‏ فقال
‏"‏فيه ولدت‏.‏ وفيه أنزل علي‏"‏‏.‏
*3* ‏(‏37‏)‏ باب صوم سرر شعبان
199 - ‏(‏1161‏)‏ حدثنا هداب بن خالد‏.‏ حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت، عن مطرف ‏(‏ولم أفهم مطرفا من هداب‏)‏ عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ‏(‏أو لآخر‏)‏‏"‏ أصمت من سرر شعبان ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال ‏"‏ فإذا أفطرت، فصم يومين‏"‏‏.‏
200 - ‏(‏1161‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا يزيد بن هارون عن الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ‏"‏هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ لا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏فإذا أفطرت من رمضان، فصم يومين مكانه‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏من سرر‏)‏ ضبطوا سرر بفتح السين وكسرها‏.‏ وحكى القاضي ضمها‏.‏ وقال‏:‏ هو جمع سرة‏.‏ ويقال أيضا‏:‏ سرار وسرار، بفتح السين وكسرها، وكله من الاسترار‏.‏ قال الأوزاعي وأبو عبيد وجمهور العلماء من أهل اللغة والحديث والغريب‏:‏ المراد بالسرر آخر الشهر‏.‏ سميت بذلك لاسترار القمر فيها‏]‏‏.‏
201 - ‏(‏1162‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن ابن أخي مطرف بن الشخير‏.‏ قال‏:‏ سمعت مطرفا يحدث عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل‏:‏
‏"‏هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ‏؟‏ ‏"‏ يعني شعبان‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال فقال له‏:‏ ‏"‏إذا أفطرت رمضان، فصم يوما أو يومين‏"‏ ‏(‏شعبة الذي شك فيه‏)‏ قال‏:‏ وأظنه قال يومين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إذا أفطرت رمضان‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ وهو صحيح‏.‏ أي أفطرت من رمضان، كما في الرواية التي قبلها‏.‏ وحذف لفظة من في هذه الرواية، وهي مرادة، كقوله تعالى‏:‏ واختار موسى قومه، أي من قومه‏]‏‏.‏
‏(‏1162‏)‏ وحدثني محمد بن قدامة ويحيى اللؤلؤي‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا النضر‏.‏ أخبرنا شعبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن هانئ بن أخي مطرف، في هذا الإسناد، بمثله‏.‏
*3* ‏(‏38‏)‏ باب فضل صوم المحرم
202 - ‏(‏1163‏)‏ حدثني قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم‏.‏ وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل‏"‏‏.‏
203 - ‏(‏1163‏)‏ وحدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن عبدالملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ يرفعه‏.‏ قال‏:‏
سئل‏:‏ أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ‏؟‏ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان ‏؟‏ فقال ‏"‏ أفضل الصلاة، بعد الصلاة المكتوبة، الصلاة في جوف الليل‏.‏ وأفضل الصيام، بعد شهر رمضان، صيام شهر الله المحرم‏"‏‏.‏
‏(‏1163‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، بهذا الإسناد، في ذكر الصيام عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله‏.‏
*3* ‏(‏39‏)‏ باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعا لرمضان
204 - ‏(‏1164‏)‏ حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر‏.‏ جميعا عن إسماعيل‏.‏ قال ابن أيوب‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر‏.‏ أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ؛ أنه حدثه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
‏"‏من صام رمضان‏.‏ ثم أتبعه ستا من شوال‏.‏ كان كصيام الدهر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ستا من شوال‏)‏ هو صحيح، ولو قال ستة جاز أيضا‏.‏ قال أهل اللغة‏:‏ يقال صمنا خمسا وستا، وخمسة وستة‏.‏ وإنما يلتزمون الهاء في المذكر إذا ذكروه بلفظه صريحا‏.‏ فيقولون‏:‏ صمنا ستة أيام، ولا يجوز‏:‏ ست أيام‏.‏ فإذا حذفوا الأيام جاز الوجهان‏.‏ ومما جاء حذف الهاء فيه من المذكر، إذا لم يذكر بلفظه، قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ‏}‏ أي وعشرة أيام‏]‏‏.‏
‏(‏1164‏)‏ وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا سعد بن سعيد، أخو يحيى بن سعيد‏.‏ أخبرنا عمر بن ثابت‏.‏ أخبرنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ يقول‏.‏ بمثله‏.‏
‏(‏1164‏)‏ وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالله بن المبارك عن سعد بن سعيد‏.‏ قال‏:‏ سمعت عمر بن ثابت قال‏:‏ سمعت أبا أيوب رضي الله عنه يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمثله‏.‏
*3* ‏(‏40‏)‏ باب فضل ليلة القدر، والحث على طلبها‏.‏ وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها
‏[‏ش ‏(‏ليلة القدر‏)‏ قال العلماء‏:‏ وسميت ليلة القدر لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة‏.‏ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فيها يفرق كل أمر حكيم‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر‏}‏، ومعناه يظهر للملائكة ما سيكون فيها، ويأمرهم لفعل ما هو من وظيفتهم‏.‏ وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وتقديره له‏.‏ وقيل‏:‏ سميت ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها‏.‏ وأجمع من يعتد به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر‏]‏‏.‏
205 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى ‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه ؛ أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام‏.‏ في السبع الأواخر‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر‏.‏ فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر‏.‏
206 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏
‏"‏ تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر‏"‏‏.‏
207 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن أبيه رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أرى رؤياكم في العشر الأواخر‏.‏ فاطلبوها في الوتر منها‏"‏‏.‏
208 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثني حرملة بن يحيى‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبدالله بن عمر ؛ أن أباه رضي الله عنه قال ‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، لليلة القدر‏:‏
‏"‏ إن ناسا منكم قد أروا أنها في السبع الأول وأرى ناس منكم أنها في السبع الغوابر فالتمسوها في العشر الغوابر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏في العشر الغوابر‏)‏ يعني البواقي‏.‏ وهي الأواخر‏]‏‏.‏
209 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن عقبة ‏(‏وهو ابن حريث‏)‏ قال‏:‏ سمعت ابن عمر رضي الله عنها يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏التمسوها في العشر الأواخر ‏(‏يعني ليللة القدر‏)‏ فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي‏"‏‏.‏
210 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى ‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن جبلة‏.‏ قال‏:‏ سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال‏:‏
‏"‏من كان ملتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر‏"‏‏.‏
211 - ‏(‏1165‏)‏ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني، عن جبلة ومحارب، عن ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏تحينوا ليلة القدر في العشر الأواخر‏"‏ أوقال ‏"‏في التسع الأواخر‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏تحينوا ليلة القدر‏)‏ أي اطلبوا حينها، وهو زمانها‏]‏‏.‏
212 - ‏(‏1166‏)‏ حدثنا أبو الطاهر وحرملة بن يحيى‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا ابن وهب ‏.‏ أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبى هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏أريت ليلة القدر‏.‏ ثم أيقظني بعض أهلي‏.‏ فنسيتها‏.‏ فالتمسوها في العشر الغوابر‏"‏‏.‏ وقال حرملة ‏"‏فنسيتها‏"‏‏.‏
213 - ‏(‏1167‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا بكر ‏(‏وهو ابن مضر‏)‏ عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر التي في وسط الشهر‏.‏ فإذا كان من حين تمضي عشرون ليلة، ويستقبل إحدى وعشرين، يرجع إلى مسكنه‏.‏ ورجع من كان يجاور معه‏.‏ ثم إنه أقام في شهر، جاور فيه تلك الليلة التي كان يرجع فيها‏.‏ فخطب الناس‏.‏ فأمرهم بما شاء الله‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏إني كنت أجاور هذه العشر‏.‏ ثم بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر‏.‏ فمن كان اعتكف معي فليبت في معتكفه‏.‏ وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها‏.‏ فالتمسوها في العشر الأواخر‏.‏ في كل وتر‏.‏ وقد رأيتني أسجد في ماء وطين‏"‏‏.‏
قال أبو سعيد الخدري‏:‏ مطرنا ليلة إحدى وعشرين‏.‏ فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح‏.‏ ووجهه مبتل طينا وماء‏.‏
‏[‏ش ‏(‏يجاور‏)‏ أي يعتكف في المسجد‏.‏ ‏(‏فإن كان من حين تمضي‏)‏ بإعراب حين، بالجار لإضافته إلى المعرب‏.‏ ‏(‏فوكف المسجد‏)‏ أي قطر ماء المطر من سقفه‏]‏‏.‏
214 - ‏(‏1167‏)‏ وحدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني الدراوردي‏)‏ عن يزيد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ؛ أنه قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور، في رمضان، العشر التي في وسط الشهر‏.‏ وساق الحديث بمثله‏.‏ غير أنه قال‏:‏
‏"‏فليثبت في معتكفه‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ وجبينه ممتلئا طينا وماء‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ممتلئا طينا وماء‏)‏ كذا هو في معظم النسخ ‏:‏ ممتلئا بالنصب‏.‏ وفي بعضها‏:‏ ممتلئ‏.‏ ويقدر للمنصوب فعل محذوف، أي وجبينه رأيته ممتلئا‏]‏‏.‏
215 - ‏(‏1167‏)‏ وحدثني محمد بن عبدالأعلى‏.‏ حدثنا المعتمر‏.‏ حدثنا عمارة بن غزية الأنصاري‏.‏ قال سمعت محمد بن إبراهيم يحدث عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان‏.‏ ثم اعتكف العشر الأوسط‏.‏ في قبة تركية على سدتها حصير‏.‏ قال‏:‏ فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة‏.‏ ثم أطلع رأسه فكلم الناس‏.‏ فدنوا منه‏.‏ فقال‏:‏
‏"‏إني اعتكفت العشر الأول‏.‏ ألتمس هذه الليلة‏.‏ ثم اعتكفت العشر الأوسط‏.‏ ثم أتيت‏.‏ فقيل لي‏:‏ إنها في العشر الأواخر‏.‏ فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف‏"‏ فاعتكف الناس معه‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏وإني أريتها ليلة وتر، وأني أسجد صبيحتها في طين وماء‏"‏ فأصبح من ليلة إحدى وعشرين، وقد قام إلى الصبح‏.‏ فمطرت السماء‏.‏ فوكف المسجد‏.‏ فأبصرت الطين والماء‏.‏ فخرج حين فرغ من صلاة الصبح، وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء‏.‏ وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر‏.‏
‏[‏ش ‏(‏العشر الأوسط‏)‏ هكذا هي في جميع النسخ‏.‏ والمشهور في الاستعمال تأنيث العشر‏.‏ كما قال في أكثر الأحاديث‏:‏ العشر الأواخر وتذكيره أيضا لغة صحيحة باعتبار الأيام أو باعتبار الوقت والزمان‏.‏ ويكفي في صحتها ثبوت استعمالها في هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏(‏في قبة تركية‏)‏ أي قبة صغيرة من لبود‏.‏ ‏(‏على سدتها‏)‏ في الفائق‏:‏ السدة هي ظلة على باب، أو ما أشبهها، لتقي الباب من المطر‏.‏ وقيل‏:‏ هي الباب نفسه‏.‏ وقيل‏:‏ هي الساحة‏.‏ ‏(‏وروثة أنفه‏)‏ هي طرفه‏.‏ ويقال لها أيضا‏:‏ أرنبة الأنف‏.‏ كما جاء في الرواية الأخرى‏]‏‏.‏
216 - ‏(‏1167‏)‏ حدثنا محمد بن النثنى‏.‏ حدثنا أبو عامر‏.‏ حدثنا هشام عن يحيى، عن أبي سلمة‏.‏ قال تذاكرنا ليلة القدر‏.‏ فأتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه وكان لي صديقا‏.‏ فقلت‏:‏ ألا تخرج بنا إلى النخل ‏؟‏ فخرج وعليه خميصة‏.‏ فقلت له‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر ‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏.‏ اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الوسطى من رمضان‏.‏ فخرجنا صبيحة عشرين‏.‏ فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏
‏"‏إني أريت ليلة القدر‏.‏ وإني نسيتها ‏(‏أو أنسيتها‏)‏ فالتمسوها في العشر الأواخر من كل وتر‏.‏ وإني أريت أني أسجد في ماء وطين‏.‏ فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فرجعنا وما نرى في السماء قزعة‏.‏ قال‏:‏ وجاءت سحابة فمطرنا‏.‏ حتى سال سقف المسجد‏.‏ وكان من جريد النخل‏.‏ وأقيمت الصلاة‏.‏ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين قال‏:‏ حتى رأيت أثر الطين في جبهته‏.‏
‏[‏ش ‏(‏إلى النخل‏)‏ أراد بستان النخل‏.‏ ‏(‏وعليه خميصة‏)‏ هي ثوب خز، أو صوف معلم‏.‏ وقيل‏:‏ لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة‏.‏ وكانت لباس الناس قديما‏.‏ وجمها خمائص‏.‏ ‏(‏قزعة‏)‏ أي قطعة سحاب‏.‏ ‏(‏حتى سال سقف المسجد‏)‏ أي سال الماء من سقفه‏]‏‏.‏
‏(‏1167‏)‏ وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر‏.‏ ح وحدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي‏.‏ أخبرنا أبو المغيرة‏.‏ حدثنا الأوزاعي‏.‏ كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد، نحوه‏.‏ وفي حديثهما‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف، وعلى جبهته وأرنبته أثر الطين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏وأرنبته‏)‏ أي طرف أنفه‏]‏‏.‏
217 - ‏(‏1167‏)‏ حدثنا محمد بن المثتى وأبو بكر بن خلاد‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبدالأعلى‏.‏ حدثنا سعيد عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان‏.‏ يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له‏.‏ فلما انقضين أمر بالبناء فقوض‏.‏ ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر‏.‏ فأمر بالبناء فأعيد‏.‏ ثم خرج على الناس‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏يا أيها الناس ‏!‏ إنها كانت أبينت لي ليلة القدر وإني خرجت لأخبركم بها‏.‏ فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان‏.‏ فنسيتها‏.‏ فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان‏.‏ التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ‏"‏قال قلت‏:‏ يا أبا سعيد ‏!‏ إنكم أعلم بالعدد منا‏.‏ قال‏:‏ أجل‏.‏ نحن أحق بذلك منكم‏.‏ قال قلت‏:‏ ما التاسعة والسابعة والخامسة ‏؟‏ قال‏:‏ إذا مضت واحدة وعشرين فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة‏.‏ فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة‏.‏ فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة‏.‏
وقال ابن خلاد ‏(‏مكان يحتقان‏)‏‏:‏ يختصمان‏.‏
‏[‏ش ‏(‏قبل أن تبان له‏)‏ أي قبل أن توضع وتكشف تلك الليلة المباركة‏.‏ قال في المصباح‏:‏ بأن الأمر يبين فهو بين، وجاء، بائن، على الأصل‏.‏ وأبان إبانة وبين وتبين واستبان ،كلها بمعنى الوضوح والانكشاف‏.‏ والإسم البيان‏.‏ وجميعها يستعمل لازما ومتعديا، إلا الثلاثي، فلا يكون إلا لازما‏.‏ ‏(‏فقوض‏)‏ معناه‏:‏ أزيل‏.‏ يقال‏:‏ قاض البناء وانقاض أي انهدم‏.‏ وقوضته أنا ‏.‏ ‏(‏يحتقان‏)‏ أي يطلب كل واحد منهما حقه ويدعي أنه المحق ‏.‏ ‏(‏م‏)‏ قال النووي‏:‏ هكذا هو في أكثر النسخ بالياء‏.‏ وفي بعضها ثنتان وعشرون، بالألف والواو‏.‏ والأول أصوب وهو منصوب بفعل محذوف تقديره‏:‏ أعني ثنتين وعشرين‏]‏‏.‏
218 - ‏(‏1168‏)‏ وحدثنا سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي وعلي بن خشرم‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو ضمرة‏.‏ حدثني الضحاك بن عثمان ‏(‏وقال ابن خشرم عن الضحاك بن عثمان‏)‏ عن أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن بسر بن سعيد، عن عبدالله بن أنيس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏أريت ليلة القدر ثم أنسيتها‏.‏ وأراني صبحها أسجد في ماء وطين‏"‏ قال‏:‏ فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه‏.‏ قال‏:‏ وكان عبدالله بن أنيس يقول‏:‏ ثلاث وعشرين‏.‏
‏[‏ش ‏(‏ثلاث وعشرين‏)‏ هكذا هو في معظم النسخ‏.‏ وفي بعضها‏:‏ ثلاث وعشرون وهذا ظاهر‏.‏ والأول جاء على لغة شاذة أنه يجوز حذف المضاف ويبقى الضاف إليه مجرورا أي ليلة ثلاث وعشرين‏]‏‏.‏
219 - ‏(‏1169‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا ابن نمير ووكيع عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها‏.‏ قالت‏:‏ قال‏:‏
رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏(‏قال ابن نمير‏)‏‏"‏ التمسوا ‏(‏وقال وكيع‏)‏ تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان‏"‏‏.‏
220 - ‏(‏762‏)‏ وحدثنا محمد بن حاتم وابن أبي عمر‏.‏ كلاهما عن ابن عيينة‏.‏ قال ابن حاتم‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم ابن أبي النجود‏.‏ سمعا زر بن حبيش يقول‏:‏
سألت أبي بن كعب رضي الله عنه‏.‏ فقلت‏:‏ إن أخاك ابن مسعود يقول‏:‏ من يقم الحول يصب ليلة القدر‏.‏ فقال‏:‏ رحمه الله ‏!‏ أراد أن لا يتكل الناس‏.‏ أما إنه قد علم أنها في رمضان‏.‏ وأنها في العشر الأواخر‏.‏ وأنها ليلة سبع وعشرين‏.‏ ثم حلف لا يستثنى‏.‏ أنها ليلة سبع وعشرين‏.‏ فقلت‏:‏ بأي شيء تقول ذلك ‏؟‏ يا أبا المنذر ‏!‏ قال‏:‏ بالعلامة، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ، لا شعاع لها‏.‏
‏[‏ش ‏(‏لا يستثنى‏)‏ حال‏.‏ أي جزم في حلفه بلا استثناء فيه، بأن يقول عقب يمينه‏:‏ إن شاء الله‏.‏ ‏(‏إنها تطلع يومئذ لا شعاع لها‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ أنها تطلع‏.‏ من غير ذكر الشمس‏.‏ وحذفت للعلم بها‏.‏ فعاد الضمير إلى معلوم كقوله تعالى‏:‏ حتى توارت بالحجاب، ونظائره‏.‏ والشعاع، قال أهل اللغة‏:‏ هو ما يرى من ضوئها عند بروزها‏.‏ مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها‏.‏ قال صاحب المحكم، بعد أن ذكر هذا المشهور‏:‏ وقيل‏:‏ هو الذي تراه ممتدا بعد الطلوع‏.‏ قال‏:‏ وقيل‏:‏ هو انتشار ضوئها‏.‏ وجمعه أشعة وشعع وأشعت الشمس نشرت شعاعها‏]‏‏.‏
221 - ‏(‏762‏)‏ وحدثنا محمد بن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ قال‏:‏ سمعت عبدة بن أبي لبابة يحدث عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏
قال أبي، في ليلة القدر‏:‏ والله ‏!‏ إني لأعلمها‏.‏ قال شعبة‏:‏ وأكبر علمي هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها‏.‏ هي ليلة سبع وعشرين‏.‏ وإنما شك شعبة في هذا الحرف‏:‏ هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ وحدثني بها صاحب لي عنه‏.‏
222 - ‏(‏1170‏)‏ وحدثنا محمد بن عباد وابن أبي عمر‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا مروان ‏(‏وهو الفزارى‏)‏ عن يزيد ‏(‏وهو ابن كيسان‏)‏ عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ قال‏:‏ تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏أيكم يذكر، حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة ‏؟‏‏"‏‏.‏
‏[‏ش ‏(‏شق جفنة‏)‏ الشق هو النصف، والجفنة القصعة‏.‏ قال القاضي‏:‏ فيه إشارة إلى أنها إنما تكون في أواخر الشهر‏.‏ لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر‏]‏‏.‏