حـكـم

[1]
قَال عليه السلام: كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ.

[2]
وقَالَ عليه السلام: أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ.

وَالْبُخْلُ عَارٌ، وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ، وَالفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ، وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ، وَالْعَجْزُ آفَةٌ، وَالصَّبْرُ شَجَاعَةٌ، وَالزُّهْدُ ثَرْوَةٌ، وَالْوَرَعُ جُنَّةٌ، وَنِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَى، وَالْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ، وَالاَْدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ، وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ، وَصَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ، وَالْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ، وَالاْحْتِمالُ قَبْرُ العُيُوبِ.

[3]
وروي عنه(عليه السلام) أنّه قال في العبارة عن هذا المعنى أيضاً: الْمُسَالَمَةُ خَبْءُ الْعُيُوبِ، وَمَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُ عَلَيْهِ، وَالصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ، وَأَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ، نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجِلِهِمْ.

[4]
وقال(عليه السلام): اعْجَبُوا لِهذَا الاِْنْسَانِ يَنْظُرُ بِشَحْم، وَيَتَكَلَّمُ بِلَحْم(، وَيَسْمَعُ بِعَظْم، وَيَتَنَفَّسُ مِنْ خَرْم!!

[5]
وقال(عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ.

[6]
وقال(عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.

[7]
وقال(عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.

[8]
وقال(عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاِْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ.

[9]
وقال(عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ.

[10]
وقال(عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاَْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاَْبْعَدُ.

[11]
وقال(عليه السلام): مَا كُلُّ مَفْتُون يُعَاتَبُ.

[12]
وقال(عليه السلام): تَذِلُّ الاُْمُورُ لِلْمَقَادِيرِ، حَتَّى يَكُونَ الْحَتْفُ في التَّدْبِيرِ.

[13]
وسئل(عليه السلام) وعن قول النَّبيّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآله] وَسلّم: «غَيِّرُوا الشَّيْبَ، وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ».

فَقَال(عليه السلام): إِنَّمَا قَالَ(صلى الله عليه وآله) ذلِكَ وَالدِّينُ قُلٌّ، فَأَمّا الاْنَ وَقَدِ اتَّسَعَ نِطَاقُهُ، وَضَرَبَ بِجِرَانِهِ، فَامْرُؤٌ وَمَا اخْتَارَ.

[14]
وقال(عليه السلام): في الذين اعتزلوا القتال معه: خَذَلُوا الْحَقَّ، وَلَمْ يَنْصُرُوا الْبَاطِلَ.

[15]
وقال(عليه السلام): مَنْ جَرَى فِي عِنَانِ أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ.

[16]
وقال(عليه السلام): أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلاَّ وَيَدُهُ بِيَدِ اللهِ يَرْفَعُهُ.

[17]
وقال(عليه السلام): قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ، وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ، وَالْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ.

[18]
وقال(عليه السلام): لَنَا حَقٌّ، فَإِنْ أُعْطِينَاهُ، وَإِلاَّ رَكِبْنَا أَعْجَازَ الاِْبِلِ، وَإِنْ طَالَ السُّرَى.

(وهذا القول من لطيف الكلام وفصيحه، ومعناه: أنّا إن لم نعط حقّنا كنا أذلاّء، وذلك أن الرديف يركب عجُزَ البعير، كالعبد والاسير ومن يجري مجراهما.)

[ 19]
وقال(عليه السلام): مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ،.

[20]
وقال(عليه السلام): مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمكْرُوبِ.

[21]
وقال(عليه السلام): يَابْنَ آدَمَ، إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ.

[22]
وقال(عليه السلام): مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ.

[23]
وقال(عليه السلام): امْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ.

[24]
وقال(عليه السلام): أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.

[25]
وقال(عليه السلام): إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَار، وَالْمَوْتُ فِي إِقْبَال، فَمَا أسْرَعَ الْمُلْتَقَى!

[26]
وقال(عليه السلام): في كلام له: الْحَذَرَ الْحَذَرَ! فَوَاللهِ لَقَدْ سَتَرَ، حتَّى كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ.

[27]
وسُئِلَ(عليه السلام) عَنِ الاِْيمَانِ، فَقَالَ: الاِْيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى الصَّبْرِ، والْيَقِينِ، وَالْعَدْلِ، وَالْجَهَادِ:

فَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلَى أَربَعِ شُعَب: عَلَى الشَّوْقِ، وَالشَّفَقِ، وَالزُّهْدِ، وَالتَّرَقُّبِ: فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلاَ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ الْـمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَهَانَ بِالْمُصِيبَاتِ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.

وَالْيَقِينُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ، وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ، وَسُنَّةِ الاَْوَّلِينَ: فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ، وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الاَْوَّلِينَ.

وَالْعَدْلُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى غائِصِ الْفَهْمِ، وَغَوْرِ الْعِلْمِ، وَزُهْرَةِ الْحُكْمِ، وَرَسَاخَةِ الْحِلْمِ: فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحُكْمِ، وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً.

وَالْجِهَادُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الاَْمْرِ بالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَنِ الْمُنكَرِ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ، وَشَنَآنِ الْفَاسِقيِنَ: فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤمِنِينَ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْمُنَافِقِينَ،مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ شَنِىءَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لله غَضِبَ اللهُ لَهُ وَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى التَّعَمُّقِ، وَالتَّنَازُعِ، وَالزَّيْغِ، وَالشِّقَاقِ: فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ إِلَى الْحَقِّ، وَمَنْ كَثُرَ نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلاَلَةِ، وَمَنْ شَاقَّ وَعُرَتْ عَلَيْهِ طُرُقُهُ وَأَعْضَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَضَاقَ مَخْرَجُهُ.

وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الَّتمارِي، وَالهَوْلِ، وَالتَّرَدُّدِ والاْسْتِسْلاَمِ: فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ دَيْدَناً لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ، وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَمَن تَرَدَّدَ فِي الرَّيْبِ وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا.

و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب.

[28]
وقال(عليه السلام): فَاعِلُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ، وَفَاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ.

[29]
وقال(عليه السلام): كُنْ سَمَحاً وَلاَ تَكُنْ مُبَذِّراً، وَكُنْ مُقَدِّراً وَلاَ تَكُنْ مُقَتِّراً.

[30]
وقال(عليه السلام): أَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنى.

[31]
وقال(عليه السلام): مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا فِيهِ [بـ] ما لاَ يَعْلَمُونَ.

[32]
وقال(عليه السلام): مَنْ أَطَالَ الاَْمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ.

[33]
وقال(عليه السلام) وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الانبار، فترجّلوا له واشتدّوا بين يديه:

مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ؟فقالوا: خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا.

فقال(عليه السلام): وَاللهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهذَا أُمَرَاؤُكُمْ! وَإِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِكْمْ [فِي دُنْيَاكُمْ،] وَتَشْقَوْنَ بِهِ فِي آخِرَتِكُمْ، وَمَا أخْسرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ، وَأَرْبَحَ الدَّعَةَ مَعَهَا الاَْمَانُ مِنَ النَّارِ!

[34]
وقال(عليه السلام): لابنه الحسن(عليه السلام): يَا بُنَيَّ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً، لاَ يَضُرَّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ:

إِنَّ أَغْنَى الْغِنَىُ الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ، وَأَكْرَمَ الْحَسَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ.

يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الاَْحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُريِدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ.

وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ.

وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ.

وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ: يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.

[35]
وقال(عليه السلام): لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ.

[36]
وقال(عليه السلام): لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الاَْحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ.

وهذا من المعاني العجيبة الشريفة، والمراد به أنّ العاقل لا يطلق لسانه إلاّ بعد مشاورة الرَّوِيّةِ ومؤامرة الفكرة، والاحمق تسبق خذفاتُ لسانه وفلتاتُ كلامه مراجعةَ فكره ومماخضة رأيه، فكأن لسان العاقل تابع لقلبه، وكأن قلب الاحمق تابع للسانه.

[37]
وقد روي عنه(عليه السلام) هذا المعنى بلفظ آخر، وهو قوله: قَلبُ الاَْحْمَقِ فِي فِيهِ، وَلِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ.

ومعناهما واحد.

[38]
وقال(عليه السلام) لبعض أَصحابه في علّة اعتلّها: جَعَلَ اللهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حطّاً لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ، وَلكِنَّهُ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ، وَيَحُتُّهَا حَتَّ الاَْوْرَاقِ، وَإِنَّمَا الاَْجْرُ فِي الْقَوْلِ بِالّلسَانِ، وَالْعَمَلِ بِالاَْيْدِي وَالاَْقْدَامِ، وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبَادِهِ الْجَنَّةَ.

وأقول: صدق(عليه السلام)، «إنّ المرض لا أجر فيه»، لانه من قبيل ما يُستحَقّ عليه العوض، لان العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد، من الالام والامراض، وما يجري مجرى ذلك،الاجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بينه(عليه السلام)، كما يقتضيه علمه الثاقب رأيه الصائب.

[39]
وقال(عليه السلام) في ذكر خباب بن الارتّ: يَرْحَمُ اللهُ خَبَّاباً، فَلَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً، وَهَاجَرَ طَائِعاً، [وَقَنِعَ بالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ،] وَعَاشَ مُجَاهِداً.

طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ، وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ.

[40]
وقال(عليه السلام): لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ الْمُؤْمِنِ بِسَيْفِي هذَا عَلَى أَنْ يُبْغِضَنِي مَاأَبْغَضَنِي، وَلَوْ صَبَبْتُ الدُّنْيَا بِجَمَّاتِهَاعَلَى الْمُنَافِقِ عَلَى أَنْ يُحِبَّنِي مَا أَحَبَّنِي: وَذلِكَ أَنَّهُ قُضِيَ فَانْقَضَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الاُْمِّيِّ(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: « [يَا عَلِيُّ،] لاَ يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُحِبُّكَ مُنَافِقٌ».

[41]
وقال(عليه السلام): سَيِّئَةٌ تَسُوءُكَ خَيْرٌ عِنْدَاللهِ مِنْ حَسَنَة تُعْجِبُكَ.

[42]
وقال(عليه السلام): قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ،عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ.

[43]
وقال(عليه السلام): الظَّفَرُ بالْحَزْمِ، وَالْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْيِ، وَالرَّأْيُ بِتَحْصِينِ الاَْسْرَارِ.

[44]
وقال(عليه السلام): احْذَرُوا صَوْلَةَ الْكَرِيمِ إذَا جَاعَ، واللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ.

[45]
وقال(عليه السلام): قُلُوبُ الرِّجَالِ وَحْشِيَّةٌ، فَمَنْ تَأَلَّفَهَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ.

[46]
وقال(عليه السلام): عَيْبُكَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَكَ جَدُّكَ.

[47]
وقال(عليه السلام): أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ.

[48]
وقال(عليه السلام): السَّخَاءُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً، فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةِ فَحَيَاءٌ وَتَذَمُّمٌ.

[49]
وقال(عليه السلام): لاَ غِنَى كَالْعَقْلِ، وَلاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ، وَلاَ مِيرَاثَ كَالاْدَبِ، وَلاَ ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ.

[50]
وقال(عليه السلام): الصَّبْرُ صَبْرَانِ: صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ.

[51]
وقال(عليه السلام): الْغِنَى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ.

[52]
وقال(عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ يَنْفَدُ.

[53]
وقال(عليه السلام): الْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ.

[54]
وقال(عليه السلام): مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ.

[55]
وقال(عليه السلام): الِّلسَانُ سَبُعٌ، إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ.

[56]
وقال(عليه السلام): الْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اللَّسْبَةِ.

[57]
وقال(عليه السلام): إِذَا حُيِّيْتَ بِتَحِيَّة فَحَيِّ بِأَحْسَنَ مِنْهَا، وإِذَا أُسْدِيَتْ إِلَيْكَ يَدٌ فَكَافِئْهَا بِمَا يُرْبِي عَلَيْهَا، وَالْفَضْلُ مَعَ ذلِكَ لِلْبَادِىءِ.


[58]
وقال(عليه السلام): الشَّفِيعُ جَنَاحُ الطَّالِبِ.

[59]
وقال(عليه السلام): أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْب يُسَارُ بِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ.

[60]
وقال(عليه السلام): فَقْدُ الاَْحِبَّةِ غُرْبَةٌ.

[61]
وقال(عليه السلام): فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا.

[62]
وقال(عليه السلام): لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ.

[63]
وقال(عليه السلام): الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ، [والشُّكْرُ زِينَةُ الغِنَى].

[64]
وقال(عليه السلام): إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُ فَلاَ تُبَلْ كيفَ كُنْتَ.

[65]
وقال(عليه السلام): لاَتَرَى الْجَاهِلَ إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً.

[66]
وقال(عليه السلام): إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلاَمُ.

[67]
وقال(عليه السلام): الدَّهرُ يُخْلِقُ الاَْبْدَانَ، وَيُجَدِّدُ الاْمَالَ، وَيُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ، ويُبَاعِدُ الاُْمْنِيَّةَ، مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ، ومَنْ فَاتَهُ تَعِبَ.

[68]
وقال(عليه السلام): مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاِْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ.

[69]
وقال(عليه السلام): نَفْسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ.

[70]
وقال(عليه السلام): كُلُّ مَعْدُود مُنْقَض، وَكُلُّ مُتَوَقَّع آت.

[71]
وقال(عليه السلام): إِنَّ الاُْمُورَ إذا اشْتَبَهَتْ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا.

[72]
ومن خبر ضرار بن ضَمُرَةَ الضُّبابِيِّ عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أميرالمؤمنين(عليه السلام).

قال: فأشهَدُ لقَدْ رَأَيْتُهُ في بعض مواقِفِهِ وقَد أرخى الليلُ سُدُولَهُ، وهو قائمٌ في محرابِهِ قابِضٌ على لِحْيتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّليمِ ويبكي بُكاءَ الحَزينِ، ويقولُ:

يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا، إِلَيْكِ عَنِّي، أَبِي تَعَرَّضْتِ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ؟ لاَ حَانَحِينُكِ! هيْهَات! غُرِّي غَيْرِي، لاَ حاجَةَ لِي فيِكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاَثاً لاَ رَجْعَةَ فِيهَا! فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ.
آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِد!

[73]
ومن كلام له(عليه السلام): للسائل لما سأله: أَكان مسيرنا إِلى الشام بقضاء من الله وقدر؟ بعد كلام طويل هذا مختاره:

طوَيْحَكَ! لَعَلَّكَ ظَنَنْتُ قَضَاءً لاَزِماً، وَقَدَراً(حَاتِماً! وَلَوْ كَانَ ذلِكَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ والْعِقَابُ، وَسَقَطَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ.

إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً، وَنَهَاهُمْ تَحْذِيراً، وَكَلَّفَ يَسِيراً، وَلَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً، وَأَعْطَى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً، وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرِهاً، وَلَمْ يُرْسِلِ الاَْنْبِيَاءَ لَعِباً، وَلَمْ يُنْزِلِ الكُتُبَ لِلْعِبَادِ عَبَثاً، وَلاَ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً، (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)

[74]
وقال(عليه السلام): خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ في صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ.

[75]
وقال(عليه السلام): في مثل ذلك: الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ.

[76]
وقال(عليه السلام): قِيمَةُ كُلِّ امْرِىء مَا يُحْسِنُهُ.

وهذه الكلمة التي لاتُصابُ لها قيمةٌ، ولا توزن بُها حكمةٌ، ولا تُقرنُ إِليها كلمةٌ.

[77]
وقال(عليه السلام): أُوصِيكُمْ بِخَمْس لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الاِْبِلِ لَكَانَتْ لِذلِكَ أَهْلاً: لاَ يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ، وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: لاَ أَعْلَمُ، وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعَلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ.

وَبِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الاِْيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَد لاَ رأْسَ مَعَهُ، وَلاَ في إِيمَان لاَ صَبْرَ مَعَهُ.

[78]
وقال(عليه السلام) لرجل أفرط في الثناء عليه، وكان له مُتَّهماً: أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ، وَفَوْقَ مَا فِي نَفْسِكَ.

[79]
وقال(عليه السلام): بَقِيَّةُ السَّيْفِ أَبْقَى عَدَداً، وَأَكْثَرُ وَلَداً.

[80]
وقال(عليه السلام): مَنْ تَرَكَ قَوْلَ: لاَ أَدْري، أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ.

[81]
وقال(عليه السلام): رَأْيُ الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الْغُلاَمِ(.
وَروي: مِنْ مَشْهَدِ الْغُلاَمِ.

[82]
وقال(عليه السلام): عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَمَعَهُ الاسْتِغْفَارُ.

[83]
وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر(عليهما السلام) أَنّه قال: كَانَ فِي الاَْرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا، فَدُونَكُمُ الاْخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ:

أَمَّا الاَْمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللهُ(صلى الله عليه وآله).

وَأَمَّا الاَْمَانُ الْبَاقِي فَالاْسْتِغْفَارْ، قَالَ اللهُ عزّوجلّ: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)
وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط.

[84]
وقال(عليه السلام): مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ أَصْلَحَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اللهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ حَافِظٌ.

[85]
وقال(عليه السلام): الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِاللهِ.

[86]
وقال(عليه السلام): أَوْضَعُ الْعِلْمِ مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ، وَأَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَالاَْرْكَانِ.

[87]
وقال(عليه السلام): إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الاَْبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ.

[88]
وقال(عليه السلام): لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الْفِتْنَةِ، لاَِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَة، وَلكِنْ مَنِ اسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ)، وَمَعْنَى ذلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالاَْمْوَالِ وَالاَْوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ السَّاخِط لِرِزْقِهِ وَالرَّاضِي بِقِسْمِهِ، وإِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلكِن لِتَظْهَرَ الاَْفْعَالُ الَّتي بِهَا يُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، لاَِنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ الذُّكُورَ وَيَكْرَهُ الاِْنَاثَ، وَبَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ الْمَالِ وَيَكْرَهُ انْثِلاَمَ الحَالِ.

وهذا من غريب ما سمع منه(عليه السلام) في التفسير.

[89]
وسئل(عليه السلام) وعن الخير ما هو؟

فقال: لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللهَ، وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللهَ.

وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ: رَجُل أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ، وَرَجُل يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ.

وَلاَ يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ؟ وسئل(عليه السلام) وعن الخير ما هو؟

فقال: لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللهَ، وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللهَ.

وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ: رَجُل أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ، وَرَجُل يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ.

وَلاَ يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ؟

[90]
وقال(عليه السلام): إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالاَْنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤُوا بِهِ، ثُمَّ تَلاَ(عليه السلام): (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا واللهُ وَليُّ الْمُؤْمِنينَ)

ثُمَّ قَالَ(عليه السلام): إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّد مَنْ أَطَاعَ اللهَ وإِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ، وَإِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّد مَنْ عَصَى اللهَ وَإِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ!

[91]
وقال(عليه السلام) وقد سمع رجلاً من الحرورية يتهجّد ويقرأ، فقال: نَوْمٌ عَلَى يَقِين خَيْرٌ مِنْ صَلاَة فِي شَكّ.

[92]
وقال(عليه السلام): اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَة لاَ عَقْلَ رِوَايَة، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ.

[93]
وقال(عليه السلام) وقد سمع رجلاً يقول: (إنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)

فقال: إِنَّ قَوْلَنا: (إِنَّا لله) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ، وقولَنَا: (وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ.

[94]
وقال(عليه السلام) وقد مدحه قوم في وجهه: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لَنَا مَا لاَ يَعْلَمُونَ.

[95]
وقال(عليه السلام): لاَ يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلاَّ بِثَلاَث: بِاسْتِصْغَارِهَا لِتَعْظُمَ، وَبِاسْتِكْتَامِهَا لِتَظْهَرَ،بِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنَأَ.

[96]
وقال(عليه السلام): يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ، وَلاَ يُظَرَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ، يَعُدُّونَ الصَّدَقَة َفِيهِ غُرْماً، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً، وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس! فَعِنْدَ ذلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الامَاءِ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ، وَتَدْبِيرِ الْخِصْيَانِ!

[97]
ورُؤيَ عليه إزار خَلَقٌ مرقوع، فقيل له في ذلك.

فقال(عليه السلام): يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ، وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ، وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ.

[98]
وقال(عليه السلام): إِنَّ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ، وَسَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلاَّهَا أَبْغَضَ الاْخِرَةَ وَعَادَاهَا، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَاش بَيْنَهُمَا، كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِد بَعُدَ مِنَ الاْخَرِ، وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ!

[99]
وعن نوف البِكاليّ، قال: رأيت أميرالمؤمنين(عليه السلام) ذات ليلة، وقد خرج من فراشه، فنظر في النجوم فقال: يا نوف، أراقد أنت أم رامق؟فقلت: بل رامق يا أميرالمؤمنين.

قال: يَا نَوْفُ، طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبِينَ فِي الاْخِرَةِ، أُولئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الاَْرْضَ بِسَاطاً، وَتُرَابَهَا فِرَاشاً، وَمَاءَهَا طِيباً، وَالْقُرْآنَ شِعَاراً، وَالدُّعَاءَ دِثَاراً، ثُمَّ قَرَضوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ.

يَا نَوْفُ، إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ فِى مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِيفاً أَوْ شُرْطِيّاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَة (وهي الطنبور) أَوْ صَاحِبَ كَوْبَة (وهي الطبل، وقد قيل أيضاً: إنّ العَرْطَبَةَ: الطبلُ، والكوبةَ: الطنبور).

[100]
وقال(عليه السلام): إِنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ لَكُمْحُدُوداً فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلاَ تَتَكَلَّفُوهَا.

[101]
وقال(عليه السلام): لاَ يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لاِسْتِصْلاَحِ دُنْيَاهُمْ إلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ.

[102]
وقال(عليه السلام): رُبَّ عَالِم قَدْ قَتَلَهُ جَهْلُهُ، وَعِلْمُهُ مَعَهُ لاَ يَنْفَعُهُ.

[103]
وقال(عليه السلام): لَقَدْ عُلِّقَ بِنِيَاطِ هذَا الاِْنْسَانِ بَضْعَةٌ هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ: وَذلِكَ الْقَلْبُ، وَلَهُ مَوَادّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلاَفِهَا، فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ،إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الاَْسَفُ، وإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ، وَإِنْ أَسْعَدَهُ الرِّضَى نَسِيَ التَّحَفُّظَ، إِنْ غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ، وَإِن اتَّسَعَ لَهُ الاَْمْنُاسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ، وَإِن أَصَابَتهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإِنْ أَفَادَ مَالاً أَطْغَاهُ الغِنَى، وَإِنْ عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ شَغَلَهُ الْبَلاَءُ، وَإِنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وإِنْ أَفْرَطَ بِهِ الشِّبَعُ كَظَّتْه الْبِطْنَةُ، فَكُلُّ تَقْصِير بِهِ مُضِرٌّ، وَكُلُّ إِفْرَاط لَهُ مُفْسِدٌ.

[104]
وقال(عليه السلام): نَحْنُ الُّنمْرُقَةُ الْوُسْطَى، بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي، وَإِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي.

[105]
وقال(عليه السلام): لاَ يُقِيمُ أَمْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ إلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ، وَلاَ يُضَارِعُ، وَلاَ يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ.

[106]
وقال(عليه السلام) وقد توفي سهل بن حُنَيْف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه معه من صفين، وكان من أحبّ الناس إليه:

لَوْ أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ.

معنى ذلك: أنّ المحنة تغلظ عليه، فتسرع المصائب إليه، ولا يفعل ذلك إلاَّ بالاتقياء الابرار والمصطفين الاخيار، وهذا مثل قوله(عليه السلام):

[107]
مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً.

وقد تُؤُوّل ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره.

[108]
وقال(عليه السلام): لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ، وَلاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ، وَلاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى، وَلاَ قَرِينَ كَحُسْنِ الْخُلْقِ،وَلاَ مِيرَاثَ كَالاْدَبِ، وَلاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ، وَلاَ تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ، وَلاَ وَرَعَ كالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَلاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ، ولاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ، وَلاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرائِضِ، وَلاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ، وَلاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ، وَلاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ، وَلاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِن مُشَاوَرَة.

[109]
وقال(عليه السلام): إِذَا اسْتَوْلَى الصَّلاَحُ عَلَى الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُل لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خزْيَةٌ فَقَدْ ظَلَمَ! وَإِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وأَهْلِهِ فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُل فَقَدْ غَرَّرَ!

[110]
وقيل له(عليه السلام): كيف نجدك يا أميرالمؤمنين؟

فقال: كَيْفَ يَكُونُ مَنْ يَفْنَى بِبِقَائِهِ، وَيَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ، وَيُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ!

[111]
وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَج بِالاِْحْسَان إلَيْهِ، وَمَغْرور بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ! وَمَا ابْتَلَى اللهُ أَحَداً بِمِثْلِ الاِْمْلاَءِ لَهُ.

[112]
وقال(عليه السلام): هَلَكَ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال وَمُبْغِضٌ قَال.

[113]
وقال(عليه السلام): إضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ.

[114]
وقال(عليه السلام): مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ: لَيِّنٌ مَسُّهَا، وَالسُّمُّ النَّاقِعُ فِي جَوْفِهَا، يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ، وَيَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلُ!

[115]
وقال(عليه السلام) وقد سئل عن قريش: أَمَّا بَنُو مَخْزُوم فَرَيْحَانَةُ قُرَيْش، نُحِبُّ حَدِيثَ رِجَالِهِمْ، وَالنِّكَاحَ فِي نِسَائِهِمْ.

وَأَمَّا بَنُو عَبْدِ شَمس فَأَبْعَدُهَا رَأْياً، وَأَمْنَعُهَا لِمَا وَرَاءَ ظُهُورِهَا.

وَأَمَّا نَحْنُ فَأَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِينَا، وَأَسْمَحُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِنُفُوسِنَا.

وَهُمْ أَكْثَرُ وَأَمْكَرُ وَأَنْكَرُ، وَنَحْنُ أَفْصَحُ وَأَنْصَحُ وَأَصْبَحُ.

[116]
وقال(عليه السلام): شَتَّانَ بَيْنَ عَمَلَيْنِ: عَمَل تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَتَبْقَى تَبِعَتُهُ، وَعَمَل تَذْهَبُ مَؤُونَتُهُ وَيَبْقَى أَجْرُهُ.

[117]
وتبع جنازة فسمع رجلاً يَضحك، فقال(عليه السلام): كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الاَْمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيل إِلَيْنَا رَاجِعُونَ! نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ، نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ، كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظ وَوَاعِظَة، وَرُمِينَا بِكُلِّ جَائِحَة!!

[118]
[وقال(عليه السلام):] طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطَابَ كَسْبُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ، أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى الْبِدْعَةِ.

ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله).

[119]
وقال(عليه السلام): غَيْرَةُ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ، وَغْيْرَةُ الرَّجُلِ إيمَانٌ.

[120]
وقال(عليه السلام): لاََنْسُبَنَّ الاِْسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي:

الاِْسْلاَمُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الاِْقْرَارُ، وَالاِْقْرَارُ هُوَ الاَْدَاءُ، وَالاَْدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ.


[121]
وقال(عليه السلام): عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الَّذِى إِيَّاهُ طَلَبَ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحَاسَبُ فِي الاْخِرَةِ حِسَابَ الاَْغْنِيَاءِ.

وَعَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِي كَانَ بِالامْسِ نُطْفَةً، وَيَكُونُ غَداً جِيفَةً.

وَعَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِي اللهِ، وَهُوَ يَرَى خَلْقَ اللهِ.

وَعَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ، وهُوَ يَرَى الْمَوْتَى.

وَعَجِبْتُ لِمَن أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الاُْخْرَى، وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الاُْولَى.

وَعَجِبْتُ لِعَامِر دَارَ الْفَنَاءِ، وَتَارِك دَارَ الْبَقَاءِ.

[122]
وقال(عليه السلام): مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ، وَلاَ حَاجَةَ لله فِيمَنْ لَيْسَ لله فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ نَصِيبٌ.

[123]
وقال(عليه السلام): تَوَقَّوا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ، وَتَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الاَْبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الاَْشْجَارِ، أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَآخِرُهُ يُورقُ.

[124]
وقال(عليه السلام): عِظَمُ الخالِقِ عِنْدَكَ يُصَغِّرُ الْـمَخْلُوقَ فِي عَيْنِكَ.

[125]
وقال(عليه السلام) وقد رجع من صفين، فأَشرف على القبور بظاهر الكوفة: يَا أَهْلَ الدِّيَارِ الْمُوحِشَةِ، وَالْـمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ، وَالْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ.

يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ، يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ، وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لاَحِقٌ.

أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ، وَأَمَّا الاَْزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ، وَأَمَّا الاَْمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ.

هذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا، فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟

ثم التفت إِلى أَصحابه فقال: أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلاَمِ لاََخْبَرُوكُمْ أَنَّ (خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)

[126]
وقال(عليه السلام) وقد سمع رجلاً يذم الدنيا: أَيُّهَا الذَّامُّ للدُّنْيَا، الْمُغْتَرُّ بِغُرُرِهَا، [الْـمَخْدُوعُ بِأَبَاطِيلِهَا! أَتَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا ]ثُمَّ تَذُمُّهَا؟ أَ أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا، أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ؟ مَتَى اسْتَهْوَتْكَ، أَمْ مَتى غَرَّتْكَ؟ أَبِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى، أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى؟ كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ، وَكَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ! تَبْغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ، وَتَسْتَوْصِفُ لَهُمُالاَْطِبَّاءَ، لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ، وَلَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطِلْبَتِكَ، وَلَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ! قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ، وَبِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ.

إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْق لِمَنْ صَدَقَهَا، وَدَارُ عَافِيَة لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنىً لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا، وَدَارُ مَوْعِظَة لِمَنْ اتَّعَظَ بِهَا، مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللهِ، وَمُصَلَّى مَلاَئِكَةِ اللهِ، وَمَهْبِطُ وَحْيِ اللهِ، وَمَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللهِ، اكْتَسَبُوا فِيهَاالرَّحْمَةَ، وَرَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ.

فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وَقَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا، وَنَادَتْ بِفِراقِهَا، وَنَعَتْ نَفْسَهَا وَأَهْلَهَا، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلاَئِهَا الْبَلاَءَ،شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ؟! رَاحَتْ بِعَافِيَة، وَابْتَكَرَتْ بِفَجِيعَة، ترغِيباً وَتَرْهِيباً، وَتَخْوِيفاً وَتَحْذِيراً، فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ، وَحَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَذَكَرُوا، وَحَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا، وَوَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا.

[127]
وقال(عليه السلام): إِنَّ لله مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْم: لِدُوا لِلْمَوْتِ، وَاجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ، وَابْنُوا لِلْخَرَابِ.

[128]
وقال(عليه السلام): الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ إلى دَارِ مَقَرٍّ، وَالنَّاسُ فِيهَا رَجُلاَنِ: رَجُلٌ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا، وَرَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا.

[129]
وقال(عليه السلام): لاَ يَكُونُ الصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي ثَلاَث: فِي نَكْبَتِهِ، وَغَيْبَتِهِ، وَوَفَاتِهِ.

[130]
وقال(عليه السلام): مَنْ أُعْطِيَ أَرْبعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً: مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الاِْجَابَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الاِْسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ.

وتصديقُ ذَلكَ في كتَابِ اللهِ، قَالَ اللهُ عزوجل في الدّعَاء: (ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال في الاستغفار: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)، وقال في الشكر: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لاَزِيدَنّكُمْ)، وقال في التوبة: (إنّما التّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السّوءَ بِجَهَالَة ثُم يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب فأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً)

[131]
وقال(عليه السلام): الصَّلاَةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيّ، وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيف، وَلِكُلِّ شَيْء زَكَاةٌ، وَزَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّيَامُ، وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ.

[132]
وقال(عليه السلام): اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، ومَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ.

[133]
وقال(عليه السلام): تَنْزِلُ الْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَؤُونَةِ.

[134]
وقال(عليه السلام): مَا عَالَ امرؤٌ اقْتَصَدَ.

[135]
وقال(عليه السلام): قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ، وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ.

[136]
وقال(عليه السلام): يَنْزِلُ الصَّبْرُ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ، وَمَنْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ حَبِطَ أجْرُهُ.

[137]
وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ صَائِم لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الظَّمَأُ، وَكَمْ مِنْ قَائِم لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ الْعَنَاءُ، حَبَّذَا نَوْمُ الاَْكْيَاسِ وَإِفْطَارُهُمْ!

[138]
وقال(عليه السلام): سُوسُوا إِيمَانَكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَادْفَعُوا أَمْواجَ الْبَلاَءِ بِالدُّعَاءِ.

[139]
ومن كلام له(عليه السلام) لكُمَيْل بن زياد النخعي: قال كُمَيْل بن زياد: أخذ بيدي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) فأخرجني إلى الجبّان، فلمّا أصحر تنفّس الصّعَدَاء، ثمّ قال:

يَا كُمَيْل بْن زِيَاد، إِنَّ هذهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ:

النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاة، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِق، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيح، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَؤُوا إِلَى رُكْن وَثِيق.

يَا كُمَيْلُ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ: الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ المَالَ، وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الاِْنْفَاقِ، وَصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ.

يَا كُمَيْل بْن زِيَاد، مَعْرِفَةُ الَعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ، بِهِ يَكْسِبُ الاِْنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ، وَجَمِيلَ الاُْحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ، وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.

يَا كُمَيْل بْن زِياد، هَلَكَ خُزَّانُ الاَْمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعَُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ: أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ،أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.

هَا إِنَّ ها هُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وَأَشَارَ إِلى صَدره) لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً! بَلَى أَصَبْتُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُون عَلَيْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا، وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمَ اللهِ عَلَى عِبادِهِ، وَبِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ، لاَ بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لاَِوَّلِ عَارِض مِنْ شُبْهَة.

أَلاَ لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ! أَوْ مَنْهُوماً بِالَّلذَّةِ، سَلِسَ الْقِيَادِ للشَّهْوَةِ، أَوْمُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالاِْدِّخَارِ، لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْء، أَقْرَبُ شَيْء شَبَهاً بِهِمَا الاَْنَعَامُ(24) السَّائِمَةُ! كَذلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ.

اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الاَْرْضُ مِنْ قَائِم لله بِحُجَّة، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ.

وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولئِكَ؟ أُولئِكَ ـ وَاللَّهِ ـ الاَْقَلُّونَ عَدَداً، وَالاَْعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَان أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْـمَحَلِّ الاَْعْلَى، أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ!

انْصَرِفْ إذَا شِئْتَ.

[140]
وقال(عليه السلام): الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ.

[141]
وقال(عليه السلام): هَلَكَ امْرُؤُ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ.

[142]
وقال(عليه السلام) لرجل سأَله أَن يعظه: لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الاْخِرَةَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَيُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الاَْمَلِ، يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، وَيَعْمَلُ فِيهَا بَعَمَلِ الرَّاغِبِينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ، يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ، وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيَما بَقِيَ، يَنْهَى وَلاَ يَنْتَهِي، وَيَأْمُرُ بِمَا لاَ يَأْتِي، يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلاَ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَيُبْغِضُ الْمُذْنِبِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، وَيُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ لَهُ، إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نَادِماً، وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ لاَهِياً، يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ إِذَا عوفِيَ، وَيَقْنَطُ إِذَاابْتُلِيَ، إِنْ أَصَابَهُ بَلاَءٌ دَعَا مُضْطَرّاً، وإِنْ نَالَهُ رَخَاءُ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ، وَلاَ يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ، يَخَافُ عَلَى غْيَرِهِ بِأَدْنىَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ، إِنْ اسْتَغْنَى بَطِرَ وَفُتِنَ، وَإِنِ افْتقَرَ قَنِطَ وَوَهَنَ، يُقَصِّرُ إِذَا عَمِلَ، وَيُبَالِغُ إِذَا سَأَلَ، إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَالْمَعْصِيَةَ وَسَوَّفَ التَّوْبَةَ، وَإِنْ عَرَتْهُ مِحْنَةٌ انْفَرَجَ عَنْ شَرَائِطِ الْمِلَّةِ، يَصِفُ الْعِبْرَةَ وَلاَ يَعْتَبرُ، وَيُبَالِغُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَلاَيَتَّعِظُ، فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌّ، وَمِنَ الْعَمَلِ مُقِلٌّ، يُنَافِسُ فِيَما يَفْنَى، وَيُسَامِحُ فِيَما يَبْقَى، يَرَى الْغُنْمَ مغْرَماً، وَالْغُرْمَ مَغْنَماً، يخشَى الْمَوْتَ وَلاَ يُبَادِرُ الْفوْتَ، يَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ مَا يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا يَحْقِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ، فَهُوَ عَلَى النَّاسِ طَاعِنٌ، وَلِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ، اللَّهْوُ مَعَ الاَْغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَلاَ يَحْكُمُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ، يُرْشِدُ غَيْرَهُ يُغْوِي نَفْسَهُ، فَهُوَ يُطَاعُ وَيَعْصِي، وَيَسْتَوْفِي وَلا يُوفِي، وَيَخْشَى الْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ، وَلاَ يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ.

ولو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظةً ناجعةً، وحكمةً بالغةً، وبصيرةً لمبصر وعبرةً لناظر مفكّر.

[143]
وقال(عليه السلام): لِكُلِّ امْرِىء عَاقِبَةٌ حُلْوَةٌ أَوْ مُرَّةٌ.

[144]
وقال(عليه السلام): لِكُلِّ مُقْبِل إِدْبَارٌ، وَمَا أَدْبَرَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.

[145]
وقال(عليه السلام): لاَ يَعْدَمُ الصَّبُورُ الظَّفَرَ وَإِنْ طَالَ بِهِ الزَّمَانُ.

[146]
وقال(عليه السلام): الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْم كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ، وَعَلَى كُلِّ دَاخِل فِي بَاطِل إِثْمَانِ: إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ، وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ.

[147]
وقال(عليه السلام): اعْتَصِمُوا بِالذِّمَمِ فِي أَوْتَادِهَا.

[148]
وقال(عليه السلام): عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ مَنْ لاَ تُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِ.

[149]
وقال(عليه السلام): قَدْ بُصّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ، وَقَدْ هُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ، وأُسْمِعْتُمْ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ.

[150]
وقال(عليه السلام): عَاتِبْ أَخَاكَ بِالاِْحْسَانِ إِلَيْهِ، وَارْدُدْ شَرَّهُ بِالاِْنْعَامِ عَلَيْهِ.

[151]
وقال(عليه السلام): مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوَاضِعَ التُّهَمَةِ فَلاَ يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ.

[152]
وقال(عليه السلام): مَنْ مَلَكَ استأْثَرَ، وَمَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَا، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيرَةُ بِيَدِهِ.

[153]
وقال(عليه السلام): الْفَقْرُ الْمَوْتُ الاَْكْبَرُ.

[154]
وقال(عليه السلام): مَنْ قَضَى حَقَّ مَنْ لاَ يَقْضِي حَقَّهُ فَقَدْ عَبَدَهُ.

[155]
وقال(عليه السلام): لاَ طَاعَةَ لَِمخْلُوق فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.

[156]
وقال(عليه السلام): لاَ يُعَابُ الْمَرْءُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ، إِنَّمَا يُعَابُ مَنْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ.

[157]
وقال(عليه السلام): الاِْعْجَابُ يَمْنَعُ مِنَ الاْزْدِيَادَ.

[158]
وقال(عليه السلام): الاَْمْرُ قَرِيبٌ وَالاْصْطِحَابُ قَلِيلٌ.

[159]
وقال(عليه السلام): قَدْ أَضَاءَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ.

[160]
وقال(عليه السلام): تَرْكُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ.

[161]
وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ أَكْلَة مَنَعَتْ أَكَلاَت!

[162]
وقال(عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.

[163]
وقال(عليه السلام): مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الاْرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَاَ.

[164]
وقال(عليه السلام): مَن أَحَدَّ سِنَانَالْغَضَبِ لله قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ الْبَاطِلِ.

[165]
وقال(عليه السلام): إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ.

[166]
وقال(عليه السلام): آلَةُ الرِّيَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ.

[167]
وقال(عليه السلام): ازْجُرِ الْمُسِيءَ بِثوَابِ الْـمُحْسِنِ.

[168]
وقال(عليه السلام): احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ.

[169]
وقال(عليه السلام): اللَّجَاجَةُ تَسُلُّ الرَّأْي.

[170]
وقال(عليه السلام): الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ.

171]
وقال(عليه السلام): ثَمَرَةُ التَّفْرِيطِ النَّدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الْحَزْمِ السَّلاَمَةُ.

[172]
وقال(عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقوْلِ بِالْجَهْلِ.

[173]
وقال(عليه السلام): مَا اخْتَلَفَتْ دَعْوَتَانِ إِلاَّ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ضَلاَلَةً.

[174]
وقال(عليه السلام): مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ.

[175] وقال(عليه السلام): مَا كَذَبْتُ وَلاَ كُذِّبْتُ، وَلاَ ضَلَلْتُ وَلاَ ضُلَّ بِي.

[176]
وقال(عليه السلام): لِلظَّالِمِ الْبَادِي غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ.

[177]
وقال(عليه السلام): الرَّحِيلُ وَشِيكٌ.

[178]
وقال(عليه السلام): مَنْ أَبْدى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ.

[179]
وقال(عليه السلام): مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ.

[180]
وقال(عليه السلام): وَاعَجَبَاهُ! أَتَكُونُ الْخِلاَفَةَ بِالصَّحَابَةِ وَلاَتَكُونُ بِالصَّحَابةِ وَالْقَرَابَةِ؟
وروي له شعر في هذا المعنى، وهو:

فـَإِنْ كُـنْتَ بِـالشُّورَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ فـَكَيْفَ بِـهـذَا وَالْمُشِيرُونَ غُيَّبُ؟
وَإِنْ كنْتَ بِالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ فَـغَـيْـرُكَ أَوْلَـى بِالنَّـبِـيِّ وَأَقْرَبُ

[181]
وقال(عليه السلام): إِنَّمَا الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيهِ الْمَنَايَا، وَنَهْبٌ تُبَادِرُهُ الْمَصَائِبُ، وَمَعَ كُلِّ جُرْعَة شَرَقٌ، وَفِي كُلِّ أَكْلَة غَصَصٌ، وَلاَ يَنَالُ الْعَبْدُ نِعْمَةً إِلاَّ بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَلاَ يَسْتَقْبِلُ يَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ بِفِرَاقِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ.
فَنَحْنُ أَعْوَانُ الْمَنُون، وَأَنْفُسُنَا نَصْبُ الْحُتُوفِ، فَمِنْ أَيْنَ نَرْجُوا الْبَقَاءَ وَهذَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَمْ يَرْفَعَا مِنْ شَيْء شَرَفاً إِلاَّ أَسْرَعَا الْكَرَّةَ فِي هَدْمِ مَا بَنَيَا، وَتَفْرِيقِ مَا جَمَعا؟!

[182]
وقال(عليه السلام): يَابْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ، فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ.

[183]
وقال(عليه السلام): إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالاً وَإِدْبَاراً، فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ

[184]
وكان(عليه السلام) يقول: مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ؟ أَحِينَ أَعْجِزُ عَنِ الاْنْتِقَامِ فَيُقَالُ لِي: لَوْ صَبَرْتَ؟ أَمْ حِينَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لي: لَوْ عَفَوْتَ.

[185]
وقال(عليه السلام) وقد مرّ بقذر على مزبلة: هذا مَا بَخِلَ بِهِ الْبَاخِلُونَ.

و روي في خبر آخر أَنه قال: هذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالاَْمْسِ!

[186]
وقال(عليه السلام): لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ.

[187]
وقال(عليه السلام): إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الاَْبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ.

[188]
وقال(عليه السلام) لما سمع قول الخوارج ـ لا حكم إِلاَّ للهِ ـ : كَلِمَةُ حَقّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ.

[189]
وقال(عليه السلام) في صفة الْغوغاء: هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا.

وقيل: بل قال: هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا.

فقيل: قد علمنا مضرة اجتماعهم، فما منفعة افتراقهم؟

فقال: يَرْجِعُ أَصْحَابُ الْمِهَنِ إِلَى مِهَنِهِمْ، فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ، كَرُجُوعِ الْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ، وَالنَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ، وَالْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ.

[190]
وقال(عليه السلام)وقد أُتي بجان ومعه غوغاءُ: لاَ مَرْحَباً بِوُجُوه لاَ تُرى إِلاَّ عِنْدَ كُلِّ سَوْأَة.

[191]
وقال(عليه السلام): إِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَان مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَإِنَّ الاَْجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ.

[192]
وقال(عليه السلام)، وقد قال له طلحة والزبير: نبايعك على أَنّا شركاؤُكَ في هذا الاَمر.

فقال: لاَ، وَلكِنَّكُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقُّوَّةَ وَالاِْسْتَعَانَةِ، وَعَوْنَانِ عَلَى الْعَجْزِ وَالاَْوَدِ.

[193]
وقال(عليه السلام): أَيُّهَا النَّاسُ، اتّقُوا اللهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سمِعَ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ، وَبَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ.

[194] وقال(عليه السلام): لاَ يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ لاَ يَشْكُرُهُ لَكَ، فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِشَيْء مِنْهُ، وَقَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ، (وَاللهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ)

[195]
وقال(عليه السلام): كُلُّ وِعَاء يَضِيقُ بِمَا جُعِلَ فِيهِ إِلاَّ وِعَاءَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ.

[196]
وقال(عليه السلام): أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ.

[197]
وقال(عليه السلام): إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بَقَوْم إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ.

[198]
وقال(عليه السلام): مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ، وَمَنْ خَافَ أَمِنَ، وَمَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ،مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ، وَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ.

[199]
وقال(عليه السلام): لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا عَطْفَ الضَّرُوس عَلَى وَلَدِهَا.

و تلا عقيب ذلك: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)

[200]
وقال(عليه السلام): اتَّقُوا اللهَ تَقِيَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِيداً، وَجَدَّ تَشْمِيراً، وَكَمَّشَ فِي مَهَل، وَبَادَرَ عَنْ وَجَل، نَظَرَ فِي كَرَّةِ الْمَوْئِلِ، وَعَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ، وَمَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ.

[201]
وقال(عليه السلام): الْجُودُ حَارِسُ الاَْعْرَاضِ، وَالْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِيهِ، وَالْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ، وَالسُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ، وَالاْسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ وَقَد خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ، وَالصَّبْرُ يُنَاضِلُ الْحِدْثَانَ، والْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ، وَأَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى، وَكَمْ مِنْ عَقْل أَسيِر تَحْتَ هَوَى أَمِير! وَمِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ، وَالْموَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ، وَلاَ تَأْمَنَنَّ مَلُولاً.

[202]
وقال(عليه السلام): عُجْبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ.

[203]
وقال(عليه السلام): أَغْضِ عَلَى الْقَذَى وَالاَْلَمِ تَرْضَ أَبَداً.

[204]
وقال(عليه السلام): مَنْ لاَنَ عُودُهُ كَثُفَتْ أَغْصَانُهُ.

[205]
وقال عليه السلام): الْخِلاَفُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ.

[206]
وقال(عليه السلام): مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ.

[207]
وقال(عليه السلام): فِي تَقَلُّبِ الاَْحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ.

[208]
وقال(عليه السلام): حَسَدُ الصَّدِيقِ مِنْ سُقْمِ الْمَوَدَّةِ.

[209]
وقال(عليه السلام): أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ.

[210]
وقال(عليه السلام): لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ الْقَضَاءُ عَلَى الثِّقَةِ بِالظَّنِّ.

[211]
وقال(عليه السلام): بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ.

[212]
وقال(عليه السلام): مِنْ أَشْرَفِ أَفْعَالِ الْكَرِيمِ غَفْلَتُهُ عَمَّا يَعْلَمُ.

[213]
وقال(عليه السلام): مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ.

[214]
وقال(عليه السلام): بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ، وَبِالنَّصَفَةِيَكْثُرُ الْمُوَاصلُونَ، وَبالاِْفْضَالِ تَعْظُمُ الاَْقْدَارُ، وَبِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ، وَبِاحْتَِمالِ الْمُؤَنِ يَجِبُ السُّؤْدَدُ، وَبِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِىءُ، بِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِيهِ تَكْثُرُ الاَْنْصَارُ عَليْهِ.

[215]
وقال(عليه السلام): الْعَجَبُ لِغَفْلَةِ الْحُسَّادِ عَنْ سَلاَمَةِ الاَْجْسَادِ!

[216]
وقال(عليه السلام): الطَّامِعُ فِي وِثَاقِ الذُّلِّ.

[217]
وقال(عليه السلام) وقد سئل عن الاِيمان: الاِْيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وعَمَلٌ بِالاَْرْكَانِ.

[218]
وقال(عليه السلام): مَنْ أَصْبَحَ عَلَى الدُّنْيَا حَزِيناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللهِ سَاخِطاً، وَمَنْ أَصْبَحَ يَشَكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَقَدْ أَصْبَحَ يَشْكُو رَبَّهُ، وَمَنْ أَتى غَنِيَّاً فَتَوَاضَعَ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ كَانَ يَتَّخِذُ آيَاتِ اللهِ هُزُواً، وَمَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا الْتَاطَ قَلْبُهُ مِنْهَا بِثَلاَث: هَمٍّ لاَ يُغِبُّهُ، وَحِرْص لاَ يَتْرُكُه، وَأَمَل لاَ يُدْرِكُهُ.

[219]
وقال(عليه السلام): كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً، وَبِحُسْنِ الْخُلُقِ نَعِيماً.

[220]
وسئل(عليه السلام) عن قوله تعالى: (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، فَقَالَ: هِيَ الْقَنَاعَةُ.

[221]
وقال(عليه السلام): شَارِكُوا الَّذِي قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ، فَإِنَّهُ أَخْلَقُ لِلْغِنَى، وَأَجْدَرُ بِإِقْبَالِ الْحَظِّ عَلَيْهِ.

[222]
وقال(عليه السلام) في قول الله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِْحْسَانِ): الْعَدْلُ الاِْنْصَافُ، وَالاِْحْسَانُ التَّفَضُّلُ.

[223]
وقال عليه السلام : مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطَّوِيلَةِ.

و معنى ذلك: أنّ ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير والبر ـ وإن كان يسيراً ـ فإن الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيماً كثيراً، واليدان هاهنا عبارتان عن النعمتين، ففرّق عليه السلام بين نعمة العبد ونعمة الرب، فجعل تلك قصيرة وهذه طويلة، لاَن نعم الله سبحانه أبداً تُضعف على نعم المخلوقين أَضعافاً كثيرة، إذ كانت نعمه تعالى أصل النعم كلها، فكل نعمة إليها تَرجِعُ ومنها تنزع.

[224]
وقال لابنه الحسن: لاَ تَدعُوَنَّ إِلَى مُبَارَزَةٍ وَإِنْ دُعِيتَ إِلَيْهَا فَأَجِبْ، فَإِنَّ الدَّاعِيَ بَاغٍ، وَالبَاغِيَ مَصْرُوعٌ

[225]
وقال عليه السلام : خِيَارُ خِصَالِ النِّسَاءِ شِرَارُ خِصَالِ الرِّجَالِ: الزَّهْوُ وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ، فَإذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِذَا كَانَتْ بِخِيلَةً حَفِظَتْ مَا لَهَا وَمَالَ بَعْلِهَا، وَإِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شِيْءٍ يَعْرِضُ لَهَا.

[226]
وقيل له عليه السلام : صف لنا العاقل.

فقال عليه السلام : هُوَ الِّذِي يَضَعُ الشَّيْءَ مَوَاضِعَهُ.

قيل: فصف لنا الجاهل.

قال: قَدْ فَعَلْتُ.

يعني: أنّ الجاهل هو الذي لا يضع الشيء مواضعه، فكأن ترك صفته صفة له، إذ كان بخلاف وصف العاقل.

[227]
وقال عليه السلام : وَاللهِ لَدُنْيَاكُمْ هذِهِ أَهْوَنُ فِي عَيْنِي مِنْ عِرَاقِ خِنْزِيرٍ فِي يَدِ مَجْذُومٍ

[228]
وقال عليه السلام : إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاََْحْرَارِ.

[229]
وقال عليه السلام : الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا، وَشَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهَا!

[230]
وقال عليه السلام : مَنْ أَطَاعَ التَّوَانِيَ ضَيَّعَ الْحُقُوقَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْوَاشِيَ ضَيَّعَ الصَّدِيقَ.

[231] وقال عليه السلام : الْحَجَرُ الْغَصِيبُ فِي الدَّارِ رَهْنٌ عَلَى خَرَابِهَا.

و يروى هذا الكلام للنبي صلى الله عليه، ولا عجب أن يشتبه الكلامان، فإنّ مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذَنوب

[232 ]
وقال عليه السلام : يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ أَشدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ.

[233] وقال عليه السلام : اتَّقِ اللهَ بَعْضَ التُّقَى وَإِنْ قَلَّ، وَاجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ سِتْراً وَإِنْ رَقَّ.

[234] وقال عليه السلام : إِذَا ازْدَحَمَ الْجَوَابُ خَفِيَ الصَّوَابُ.

[235] وقال عليه السلام : إِنَّ لله فِي كُلِّ نِعْمَةٍ حَقّاً، فَمَنْ أَدَّاهُ زَادَهُ مِنْهَا، وَمَنْ قَصَّرَ مِنْهُ خَاطَرَ بِزَوَالِ نِعْمَتِهِ.

[236 ]
وقال عليه السلام : إِذَا كَثُرَتِ الْمَقْدِرَةُ قَلَّتِ الشَّهْوَةُ.

[237] وقال عليه السلام : احْذَرُوا نِفَارَ النِّعَمِ فَمَا كُلُّ شَارِدٍ بِمَرْدُودٍ.

[238] وقال عليه السلام : الْكَرَمُ أَعْطَفُ مِنَ الرَّحِمِ

[239] وقال عليه السلام : مَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ.

[240] وقال عليه السلام : أَفْضَلُ الاََْعْمَالِ مَا أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ.

[241] وقال عليه السلام : عَرَفْتُ اللهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ الْعَزَائِمِ وَحَلِّ الْعُقُودِ

[242] وقال عليه السلام : مَرَارَةُ الدُّنْيَا حَلاَوَةُ الاَْخِرَةِ، وَحَلاَوَةُ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الاَْخِرَةِ.

[243 ]
وقال عليه السلام : فَرَضَ اللهُ الاِِْيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ، وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لاِِِخْلاَصِ الْخَلْقِ، وَالْحَجَّ تَقْرِبَةً لِلدِّين وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلاِْسْلاَمِ، وَالاََْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ، وَصِلَةَ الاََْرْحَامِ مَنْماةً لِلْعَدَدِ، وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ، وَتَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ، وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجاباً لِلْعِفَّةِ، وَتَرْكَ الزِّنَى تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ، وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ، وَالشَّهَادَاتِ اسْتِظهَاراً عَلَى الْـمُجَاحَدَاتِ وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ، وَالسَّلاَمَ أَمَاناً مِنَ الْـمَخَاوِفِ، وَالاِْمَامَةَ نِظَاماً لِلاَُْمَّةِ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلاِِْمَامَةِ.

[ 244] وكان عليه السلام يقول: أَحْلِفُوا الظَّالِمَ. إِذَا أَرَدْتُمْ يَمِينَهُ.

بِأَنَّهُ بَرِىءٌ مِنْ حَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِهَا كَاذِباً عُوجِلَ الْعُقُوبَةَ، وَإِذَا حَلَفَ بِاللهِ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَمْ يُعَاجَلْ، لاََِنَّهُ قَدْ وَحَّدَهُ سُبْحَانَهُ.

[245]
وقال عليه السلام : يَابْنَ آدَمَ، كُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ، وَاعْمَلْ فِي مَالِكَ مَا تُؤْثِرُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ مِنْ بَعْدِكَ.

[246]
وقال عليه السلام : الْحِدَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ، لاََِنَّ صَاحِبَهَا يَنْدَمُ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَمْ فَجُنُونُهُ مُسْتَحْكِمٌ.

[247]
وقال عليه السلام : صِحَّةُ الْجَسَدِ مِنْ قِلَّةِ الْحَسَدِ.

[248]
وقال عليه السلام لِكُمَيْل بن زياد النخعي: يَا كُمَيْلُ، مُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَرُوحُوا في كَسْبِ الْمَكَارِمِ، وَيُدْلِجُوا فِي حَاجَةِ مَنْ هُوَ نائِمٌ، فَوَالَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الاََْصْوَاتَ مَا مِنْ أَحَدٍ أَوْدَعَ قَلْباً سُرُوراً إِلاَّ وَخَلَقَ اللهُ لَهُ مِنْ ذلِكَ السُّرُورِ لُطْفاً، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَائِبَةٌ جَرَى إلَيْهَا كَالْمَاءِ فِي انْحِدَارِهِ حَتَّى يَطْرُدَهَا عَنْهُ كَمَا تُطْرَدُ غَرِيبَةُ الاِِْبلِ.

[249]
وقال عليه السلام : إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجرُِوا اللهَ بِالصَّدَقَةِ.

[250]
وقال عليه السلام : الْوَفَاءُ لاََِهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللهِ، وَالْغَدْرُ بَأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللهِ.

[251]
وقال عليه السلام : كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالاِِْحْسَانِ إِلَيْهِ، وَمَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ،مَا ابْتَلَى اللهُ سُبْحَانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ الاِِْمْلاَءِ لَهُ.

وقد مَضى هذا الكلام فيما تقدم، إلاّ أن فيه هاهنا زيادة مفيدة.