نسب المرانيين وآل ذي المشعار

   قال أبو محمد: أما من كان من المرانيين بالعراق فإنهم يقولون: أولد مرثد بن جشم بن حاشد ربيعة وهو ناعط بطن، والحارث بطن. فأولد ناعط مرثداً وشراحيل وعامراً وشرحبيل. فولد شرحبيل بن ربيعة بن مرثد أفلح، فأولد أفلح عميراً ذا مران القيل الذي كتب إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قال أبو محمد: وقد قصروا عدة آباء، وكذلك سبيل نسّاب العراق والشام يقصرون في أنساب كهلان ومالك بن حمير ليضاهئوا بها عدة الآباء من ولد إسماعيل عليه السلام، وامتنعت عليهم أنساب ولد الهميسع إذ كانت مزبرة في خزائن حمير، وكذلك أنساب الملوك من ولد عمرو بن همدان فأهملوها كي لا يقاس بها أنساب باقي همدان. وكذلك خالفوا في أصل من نسب ناعط. والمرانيون باليمن ينكرون هذا التدريج ويعملون على ما قيده آباؤهم من نسبهم وحفظوه كابراً عن كابر. ورأيته عندهم بخط أبي علكم المراني وكان علامة اليمن في عصره، وكان في خلافة هارون، وهذا نسق نسبهم من عصرنا: الوجه منهم اليوم معاذ بن أبي علكم فأولد معاذ محمد بن معاذ بن معاد بن أبي علكم بن محمد بن معاذ بن أبي بكر بن شراحيل بن معاذ بن عريب بن عمير ذي مران القيل الذي كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن مرثد بن عمير بن عبيد بن أفلح بن عمير ذي مران الأوسط بن زيد بن مالك ذي التاجين بن أبي كرب بن زرعة بن نهبا بن نصر بن منهب بن منجد بن حمزة ذي مران الأكبر بن مرثد إل بن حجر ذي ينوف بن عمرو بن ثور وهو ناعط بن سفيان بن أشيع يمتنع بن ذي بتع بن موهب إلّ بن بتع بن حاشد. وصيروا بين سفيان وبين أشيع علها نهفان.

قال أبو محمد: أما هذا التدريج فهو المعمول عليه، لما يشهد لهم به في الذوي مران الثلاثة مساند الحجارة القديمة، وبينة الصهورة بينهم وبين أشراف همدان وحمير. إلا أنهم أدخلوا نسبهم بعد في حاشد بن جشم لما كانوا بينها وملوكاً عليها، وقل عدد بيتهم من همدان بين حاشد وبكيل، وكان قدماء الجميع يرونهم أمة فوق، وإنما يقل العدد في الأبيات الشريفة لقصر نفوسهم دون الأكفاء، فإذا أسعف الكفء كاد ألا يسعف كل ما يُتقدم بمثله إلى الأشراف من ألوف المال، والعقد الشريفة والجواري النفيسة من فرس وروم وغير ذلك، وأقل ما رأيت من صدقات المرانيين واللعويين المؤجلة ألف دينار وست جوار فرس وست جوار روم، ويقدم مثل بعض ذلك. فمثل هذا الذي يذهب بأموالهم ويقلّ عديدهم، وذاك سبيل بيوتات حمير الرفيعة. وكذلك اللعويون والسلمانيون من أرحب وآل خيوان والمعيديون والرضوانيون وأبيات حاشد التي قلّت مثل بني ضمام وآل مرب وشبام وغيرهم. وأما باقي همدان من حاشد وبكيل فيكثرون الأزواج عن خفة الصدقات فثرى عددهم.
ولما أدخلوا نسبهم في حاشد بن جشم لم ينتفوا من علهان، لكن قالوا: ثور وهو ناعط بن سفيان بن علهان بن نهفان بن أشيع يمتنع بن ذي بتع بن موهب إل بن بتع بن حاشد بن جشم. وحاشد بن جشم لم يكن في ولده بتع قط. وكذلك هو بخط أبي علكم: سفيان بن علهان نهفان بن أشيع، وإنما قالوا علهان نهفان فجعلوه اسماً واحداً لما سمعوا فيهما من قول تبع بن أسعد:

وشمر يرعش خير الملـو

 

ك وعلهان نهفان قد أذكر

وإنما أراد أن يعرّف واحداً بالثاني، فلما لم يمكنه أن يقول العلهانان كما تقول العرب الزهدمان في زهدم وكردم العبسيين والعمران في أبي بكر وعمر والرجبان والصفران والبصرتان في البصرة والكوفة قال علهان نهفان.

فأولد عمير ذو مرّان عريباً وقد ذكرنا أولاده والأسود ومرّان وهو القائل في رسول الله صلى الله عليه وسلم يرثيه ويؤيد أبا بكر في أيام الردة:
 

إن حزني على الرسول طويل

ذاك مني على الرسول قلـيل

قلت والموت يا إمـام كـريه:

ليتني مت يوم مات الرسـول

ليتني لم أكن بقـيت فـواقـاً

بعده والفواق منـي طـويل

بكت الأرض والسماء علـيه

وبكاه خـلـيلـه جـبـريل

كان فينا هو الدلـيل عـلـيه

كل هذا دليلـه الـتـنـزيل

يا لها من رحمة أصيب بها النا

س تولت وحان منها الرحيل

جدعت قومي الأنوف وأجرت

دمع عين فللجفون هـمـول

ليس للنـاس يا إمـام مـن الأم

ر فتيل، وأين عنك الـفـتـيل

إنما الأمر للذي خلق الخـلـق

وفي خلـقـه عـلـيه دلـيل

قل لهذا الإمام عضدك في الحر

ب على الناس حاشد وبـكـيل

إن همدان يمسكون هدى اللـه

ومـرّان بـالـواء كـفــيل

إن تكن جولة فنحن لـك الـيو

م مـلاذ إلـى ذراه تــؤول

ديننا مـلة الـنـبـي ولا قـو

ل لنا غير ما نـراك تـقـول

إنما اليوم مثل أمس وهـمـدا

ن مع الحق حيث زال تـزول

أي قوم هم إذا نـزل الـمـو

ت وصاروا كأنهـم إكـلـيل

ثم نادوا بأنهم قـهـروا الـنـا

س كما يقهر البكار الفحـول

لا يرد الجريح نـائبة الـجـر

ح ولا الحي يزدهيه القـتـيل

والمجالد بن ذي مران، وهو القائل لمعاوية وقد رأى تمويهه وتمويه عمرو على الناس في دم عثمان ولطخهم به علياً عليه السلام:

يا ابن هند جشمت نفسـك أمـراً

 

جرت فيه وقال صحبك هجـرا

إن عمـراً وعـتـبة حـين والا

 

ك ومروان والولـيد وبـسـرا

وأبا الأعور الألى سفهـوا الـيو

 

م علياً وقلدوا الأمـر عـمـرا

لو يذوقون طعم ما اجـتـرمـوه

 

وجدوا طعم ذلك القـول مـرّا

ولعمري لـئن هـم شـتـمـوه

 

إنه أظهر الكواكـب ظـهـرا

وله طارت القلـوب إذا الـسـم

 

ر خلال العجاج يحسبن جمـرا

خصى الفحل فاستـقـاد ومـازا

 

ل يرى الناس والفوارس نكـرا

فارس يضرب الكتيبة بالـسـيف

 

دراكاً ويطعن الـقـوم شـزرا

شهد الفتح والـنـضـير وأحـداً

 

وحنينـاً وخـيبـراً ثـم بـدرا

وله في قريظة الـخـطـر الأع

 

ظم إذا ردّت الفوارس كـسـراً

وله حرمة الولاء علـى الـنـا

 

س بخمّ وكان ذا القول جـهـرا

ثم يوم البـراة أرسـل بـالـوح

 

ي فهذا من أعظم الناس قـدرا

وله كل مـوطـن يوجـب الـج

 

نة جدعاً لـشـانـئيه وعـقـرا

لا كمن باع دينه أبخـس الـبـي

 

ع بمصر ومن تجرع خـمـرا

وأبو الأعور الـشـقـي ومـرو

 

ان وبسر قد شاركوا الإثم عمرا؟

وكان المجالد فقيهاً عالماً. فأولد المجالد سعيداً وكان فقيهاً فارساً بطلاً قتله شبيب الحروري في أيام الحجاج، فأولد سعيد المجالد وهو فقيه أيضاً.

وهذا البيت من آل ذي مران بالكوفة. ومن أشرف المرانين عقيل بن ذي مران الأوسط وشهد يوم العرحيين مع دويلة الشبامي صباح تغلب فحسن بلاؤه.

ومن أعاظم الناعطيين في الجاهلية وأشرافهم حمرة ذو المشعار القيل بن أيفع بن ربيب بن شراحيل بن عامر بن ربيعة بن مرثد إلّ بن حجر ذي ينوف بن ناعط، وهو قاتل لختيعة ذي شناتر بن مصحا بن الأخنس بن الحارث بن أصبح بن زيد بن قيس بن صيفي بن حمير الأصغر وكان قيلاً جباراً، وفي ذي المشعار يقول علقمة بن ذي جدن:
 

وبادر بالعلات أرباب نـاعـط

 

فلم يدفعوا بالشيد كيد الطوارق

وقد كان ذو المشعار فيها مؤثلاً

 

فسالبنه قسراً عناق النمـارق

وقال أيضاً:

وكانت ناعط عجباً عجيبـاً

 

وذو المشعار ساكنها فطابا

ومن بقايا آل ذي المشعار آل أبي الدنيا بن محمد بن عبد الرحمن في ضياف ابن سفيان بن أرحب جيرة، وكان سبب ذلك على ما خبرني البونيون أن الفنيق سيد بني ربيعة بن مالك بن حرب بن عبد ود بن وادعة قصد بابن أخ له في جماعة كثيرة من بني ربيعة إلى محمد بن عبد الرحمن وهو نازل بيناعة فضافوه ليلاً، فلما قام بضيافتهم سأله الفنيق أن يزوج ابن أخيه بابنته، فدافعه، فلم يندفع هو ولا من معه وحايروه، ولم يكن عنده جماعة يحتمي بها من جماعتهم فزوج، فلما عقد النكاح قالوا: إئته بها الساعة. فتلوح من ذلك وعرّفهم أنه لا يمكن، فلم يقبلوا له عذراً فناشدهم فلم ينشدوه فقال: فإني أفعل، فلتبعد الجماعة من المنزل ويدخل معي العروس فأخليه بأهله، فأبعدوا، وأخذ بيده فأدخله، ثم اتكأ على حلقه فذبحه وقطع ذكره فجعله في فيه، ونقب المنزل من دبره وخرج بحرمته تحت الليل فلحق بضياف فمنعوه. وقال بعض أهل ضياف فيه:

منعـنا ابن ذي المشـعار فالـنجـم دونه

 

فمن رامـه فلـيلـمـس الـنجم بالـيد

فقل لرجال أوعدوه تـزاجـروا

 

فللنجـم أدنى ملمـســاً مــن محـمـد

ومنهم يزيد بن ذي المشعار الأصغر من رحيب بن مالك بن حمرة ذي المشعار الأكبر وهو المشارك لذي مران الأصغر في أرض البون ومخلاف خارف، وهو القائل:

وكل أناس لهم صيغة

 

وصـيغة هـمـدان خــير الـصــيغ

صبـغنا عـلى ذاك آباؤنـا

 

فأكــرم بصـبغتنــا في الـصبغ

متى يقــذف الدر من حـقــنـا

 

على باطل أو لجـــاج دمـغ

وهو أحد الخطباء. ومنهم الحارث بن عميرة بن مالك بن حمرة ذي المشعار الأكبر الذي يمدحه أعشى همدان، وهو أحد من وقع بالكوفة من أشراف همدان، فمن قوله فيه:

الحارث بن عمارة المصفى الندى

 

ذا الود والمرعى على الإخـوان

رضع الندى بلبانـه فـتـآخـيا

 

فهما رضيعـاً ضـرّة ولـبـان

خدنان لم يتفرقا فـي مـوطـن

 

وأخو المكارم والندى خـدنـان

وقال فيه أيضاً:

ألا هل أتاها عـلـى نـأيهـا

 

إذا سألـت أو أرادت سـؤالا

بأنا نقود مع الناعـطـي شـع

 

ثا سواهم تشـكـو الـكـلالا

براها الوجيف وطول السـرى

 

فيصبحن عن ذاك خوصاً مذالا

إذا ما هبطن بنا سـبـسـبـاً

 

وجاوزن بعد جبـال جـبـالا

ومارت قـلائد أعـنـاقـهـا

 

وغادرن في كل ضمد نعـالا

فإن ابن عمـي زعـيم لـهـا

 

بغزو يساقط منها السـخـالا

وله فيه قصائد.

وأولد عامر بن مرثد إلّ بن حجر ذي ينوف بن عمرو بن ناعط شرحبيل بن عامر، فأولد شرحبيل مرثداً الدومي الملك، وفيه يقول علقمة بن ذي جدن:

وفجعن بالدوميّ أشـراف حـاشـد

 

وأنزلن من صرواح عمرو بن دابق

وفيه يقول لبيد بن ربيعة:

وأعرضن بالدوميّ من رأس حصنه

 

وأنزلن بن صرواح عمرو بن دابق

وفيه يقول لبيد بن ربيعة:

وأعرضن بالدومي من رأس حصنه

 

وأنزلن بالأسباب رب المشـقـر

ومن بيوتات ناعط آل ذي العثرب بن مرثد بن عامر بن مرثد إلّ بن حجر ذي ينوف بن عمرو بن ناعط، وآل ذي خلاط بن الحارث بن مرثد إل بن حجر ذي ينوف بن عمرو بن ناعط، وآل ذي بقلان وآل ذي حلابة، وآل ذي نجر بن ذي براكة بن حجر ذي ينوف بن عمرو بن ناعط. فهذا ذو نجر، ونجر من حمير أيضاً من ولد ذي خليل، منهم الهيصم بن عبد الصمد الذي حارب حماداً البربري خادم الرشيد، ونجر أيضاً بطن من الصدف. فمن ذي نجر ذو بتع بن ذي نجر بن ذي براكة صاحب بضعة.

ومن ناعط عمير بن خالد بن ذي مران الأوسط بن زيد بن مالك ذي التاجين الذي رمى بسر مراد وله خبر وشعر.

ومن فقهاء الناعطيين يسار بن أبي حرب، ولا أدري من أي أبيات الناعطيين هو.

ومن أشرافهم اليوم آل أبي المغلس ملوك الجوّة من أرض المعافر، وآل أبي أرنبة بناحية صنعاء وبخدار من مخلاف ذي جرة انقضاء نسب الناعطيين.

وأولد مرثد بن جشم بن حاشد الحارث وربيعة بطن يقال إنه ربيعة بن مرثد بن ربيعة بن ثور ناعط بن سفيان بن أشيع يمتنع فأولد الحارث بن مرثد يعمراً وعكاكاً، فأولد عكاك عكبراً بطن بأكانط، وأولد يعمر سلمان، فأولد سلمان زادان بطن بأكانط يقولون اليوم: نحن بنو زادان بن سلمان بن معمر بن الحارث بن سعد بن عبد ود بن وادعة انقضاء نسب مرثد بن جشم.