نسب المرانيين وآل ذي المشعار - نسب آل مرب ملوك حاشد

فولد كثير بن مالك بن جشم معاوية ومالكاً وعبد الله وعمراً، فولد معاوية صعباً، فولد صعب السبع، فأولد السبع السبيع بطن وحوثاً وهو عبد الله بطن وهم الحوثان. فمن حوث الحارث الأعور بن عبد الله بن كعب بن أسد بن يخلد بن يعمر بن عمرو بن الحارث بن يمجد بن يخلد بن حوث، الفقيه صاحب علي وراويته. وولد مالك بن كثير نوفاً وعمراً فمن نسب السفليين إلى مالك بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد قال: ذو سفل بن نوف بن مالك بن كثير. والأعم الأشهر أنه: نوف بن مالك الصامخ. وأولد عمرو بن مالك بن كثير حنشاً بطن بطن يقال إنه الأحنوش التي في بني ربيعة بن مالك بن حرب بن عبد ود بن وادعة وأولد السبيع بن السبع عمراً فأولد عمرو سيفاً وعبداً، فأولد سيف زوداً وعمراً ذا كبار بطن. فأولد زود معدي كرب، فأولد معدي كرب مرباً، فأولد مرب زيداً الملك وهو قاتل علقمة بن ذي قيفان ومتسلب مملكته، وكان زيد وآل زيد تحملهم الرجال على الأكف وهم يقولون:

نحـن عـبـيد زيد

 

لحملـه بـالأيدي

نريد بـــيت زيد

 

نحن عـبـيد زيد

نحـمـلـه بـبـيد

 

على ظهور الأيدي

وكان من طباع آل مرب إذا ساروا في طريق فلقوا امرأة ولّوا عنها وضربوا بأيديهم على أعينهم إعظاماً لحق الحريم. ودان له كثير من العرب: من مذحج، وجرم، ونهد، وخولان، ومن سكن عروض اليمامة من ربيعة. وكان علي بني تغلب هناك ملك من ملوك اليمن على عهد زيد، فمات فأتت وجوه بني تغلب زيداً بن مرب فسألوه أن يملك عليهم ملكاً من قومه، والذي قدم عليه جابر بن حيّ بن عدي بن عمرو وأشراف منهم، فملك عليهم رجلاً من السبيع يقال له هانيء وفي رواية أخرى، من آل حذان يقال له هانىء فلما نزلوا في بعض الطريق شرب هانىء ومن معه فسكر فقالوا له: تعقل ناقتك؟ فقال لجابر: كن عقالها حتى تصبح. ثم نام وأخذ جابر بزمامها وقعد، فغلبته عينه فخلى عن زمامها فذهبت، فلما أصبحوا طلبوها فلم يقدروا عليها، فقالوا له: إركب بعض رواحلنا فقال: ما كنت لأجلس في رحل تغلبي، ولكني أركب جابراً، فناشدوه، فأبى أن يركب غيره فشدّوا عليه فقتلوه ورجعوا إلى قومهم، وقال في ذلك جابر:

كلفني قيل ذي همدان نـاقـتـه

 

وقيل ناقته ما ضلـت الـنـوق

فاهرب فلا يمنعنك اليوم غرّتـه

 

فالتغلبيّ بضرب الملك محقوق

لما عرفت الذي قد كان همّ بـه

 

بدرته الحمل، والمسبوق مسبوق

ولم أكن لأخي همدان إذ سردت

 

سهماً تغيّب عنه الريش والفوق

فلما بلغ ذلك زيداً استنفر قبائل من همدان وقبائل من مذحج وحمير وغزا بني تغلب، وقد اجتمعت ربيعة ومن يليهم من مضر وعليهم يومئذ ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، أبو كليب ومهلهل فلقيهم زيد بجراد فقاتلهم قتالاً شديداً، فهزمهم وقتل منهم وأسر سبعين رجلاً، فتوسلوا في أسرهم بالحارث الملك الكندي وأمه أم أياس بنت عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان إلى زيد بن مرب، فأوفد إليه فيهم، فأطلقهم وأحسن إليهم. وفي ذلك يقول عمارة الكباري:

ويوم جـراد لـم نـدع لـربـيعة

 

وإخوتها أنفاً بـه غـير أجـدعـا

بضرب تظل الطير تقفو رشاشـه

 

على الصخر حتى تنثني عنه ضلعا

ودارت على سبعين من سرواتهـم

 

رحى الحرب مكتوفاً بها ومدرعا

فأطلقـهـم زيد رعـاية كـنـدة

 

وثبتهم بالفضل مـنـه وشـيّعـا

ثم أغار زيد من فوره على شنوءة والحجر بن عمران بن عمر ولحدث قد كانوا أحدثوه عليه، فقتل منهم وأسر أسرى كثيرة، فوفد عليه رجل منهم يقال له المطرب بن مالك بن عنزة بن هداد بن زيد مناة بن الحجر بن عمران بن عمرو طالباً في الأسرى فامتدح زيداً فقال:

إلى حاشد أهديت شعري ومدحـتـي

 

لكي يعلموا أني أروم الـمـعـالـيا

إلى الملك زيد ذي الفعال وذي النـدى

 

سما سؤدداً قدماً فبـذّ الـمـسـامـيا

فلو شهدتني بالمـقـيل حـلـيلـتـي

 

وقد أشرعت همدان نحوي العوالـيا

إذن لرأت يومـاً رأينـا نـجـومـه

 

تألق من قتـل يشـيب الـنـواصـيا

يجاوب زيداً منـهـم أهـل نـجـدة

 

كرام المساعي يتقـون الـمـسـاويا

وأدعو هداداً جاهـداً فـيجـيبـنـي

 

صدى الصوت إذ لم أمنع الظعن خاليا

وكان فيمن أسر هداد بن عمرو بن حمّان بن هداد بن زيد مناة بن الحجر بن عمران بن عمرو، فقال في ذلك:

أبلغ فوارس همدان الألى ظفـروا

 

يوم الحظيرة والرايات تختـفـق

الجاعلين رماح الخط معقـلـهـم

 

والمقدمين إذا ما استطىء العنـق

والحاملين رقاق البيض ضـاحـية

 

على الشؤون إذا ما احمّرت الحدق

أضحى لزيد فعال في أرومـتـنـا

 

نعماء يعرفها الأملاك والـسـوق

السالك الخرق بالفرسان معـلـمة

 

إلى الهياج عليها البيض تأتـلـق

والقائد الخيل منكوبـاً دوابـرهـا

 

يجري عليها نجيع الجوف والعلق

والواهب القينة البيضاء مضحكهـا

 

مثل الأقاح عليها الدرّ مـتـسـق

والشارب الصفو والأعنـاق مـائلة

 

يوم الخطوب إذا ما يشرب الرنق

وقال هداد أيضاً:

تبدّلت من سلمى وأسباب ودّهـا

 

بلاداً بها الأعداء أعينهم خـزر

بلاداً عليّ النوم فيهـا مـحـرّم

 

وأبناؤنا فيها يضيق بها الصـدر

أسيراً ودوني من بكيل وحـاشـد

 

عثير رجال لا ينهنهها الزجـر

يقودون أولاد الأغـرّ كـأنـهـا

 

نجوم الثريا حولها الأنجم الزهر

إذا ما دعا زيد لروع تعطـفـت

 

عليه بأيديها المثقفة الـسـمـر

ويدعو بكيلاً حاشد فـيجـيبـهـا

 

وأدعو ففي الآذان من قومنا وقر

وكانوا قد أصابوا غلماناً قد جمعوا في حظيرة ليعذروهم وهو الختان فأخذوهم، ولذلك قال يوم الحظيرة. وقال هداد:

لا يولعن بك إشفاق على طمـع

 

إني أرى الحرب لا تبقي ولا تذر

أهدت لنا حاشد يوماً كـواكـبـه

 

فيه تكاد على الأكواد تنفـطـر

شم العرانين أبطـال مـغـاورة

 

لا ينكلون إذا ما لفّنـا الـخـور

فأطلق زيد أسراهم وفيهم هداد، ورد عليهم ما أخذ لهم، وحباهم، وضمن لهم الكف عنهم، وضمنوا له الطاعة.
فأولد زيد قيساً وقد ملك، فأولد قيس زيد الأصغر وقد ملك وساد ورأس، وإليه وفد المسيب بن علس ويقال بل أسره فمنّ عليه، فقال فيه كلمته المشهورة وهي:

كلفت بليلي خدي الـشـبـا

 

ب وعالجت منها زماناً خبالا

وقد أثبتناها في الكتاب الثاني من الإكليل. وقد يرى كثير من الناس أن هذه القصيدة في جدّه زيد بن مرب، ولم يدرك المسيب زيد بن مرب فأولد زيد قيساً والعاقب، فأولد قيس عبد الرحمن وسعيداً خاصّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام وصاحب أمر همدان بالعراق، وكان أحد فرسان العرب المعدودة وأحد الدهاة الخمسة وهم معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وقيس بن سعد بن عبادة وسعيد بن قيس ومن الأجواد والذبّابين. وروى الهيثم بن عدي عن ابن عياش المرهبي قال: كان سعيد بن قيس جالساً عند علي عليه السلام فلما أن قام قال علي: هذا والله كما قال القائل:

من قوله قوله ومن فعله

 

فعل ومن نائلـه نـائل

وذكروا أن أبا بردة بن أبي موسى الأشعري أتى سعيد بن قيس ليسلم عليه وهو غلام حدث، فلما انصرف من عنده أر له بعشرة آلاف درهم فحملت معه، فأخبر أبو بردة أبا موسى بذلك فقال أبو موسى: "يا بني لك قوم ملوك، وهؤلاء ملوكنا" يعني همدان. فأولد سعيد إسماعيل والعاقب، وكان ابنه إسماعيل رئيساً. ولهم باليمن بقية وهم السعيديون ببيت زوج من ظاهر همدان، وقد أولد آل سعيد مقاول حمير. قال في ذلك حارثة بن بدر الغداني من بني تميم:

الله يجزي سعـيداً خـير نـافـلة

 

عني سعيد بن قيس رب همدانـا

أنقذتني من شقا دهماء مظـلـمة

 

لولا شفاعته ألبسـت أكـفـانـا

قالت تميم علـيّ لا نـخـاطـبـه

 

وقد أبت ذلكم قيس بـن عـيلانـا

فساغ في الحلق ريق كنت أجرضه

 

لولاه كنت به ما عشت غصّـانـا

لكن تداركني محضٌ شـمـائلـه

 

آباؤه حين ينمي خير قحـطـانـا

نماه قيس وزيد والفـتـى مـرب

 

وذو الخبائر من أولاد غـيمـانـا

وذو رعين وشمرٌ وابـن ذي يزن

 

وعلقم قبلهم أعني ابن قـيفـانـا

وكان سبب مديح حارثة بن بدر لسعيد بن قيس، أن حارثة بن بدر الغداني وكان من وجوه تميم البصرة أفسد في الأرض أيام علي عليه السلام وحارب، فطلبه علي فتخفى، فنذر دمه لمن ظفر به، فكلم الحارثة الحسن بن علي عليه السلام وعبد الله بن جعفر وابن عباس يكلمون له علياً عليه السلام، فسألوه أن يؤمنه فأبى ولم يؤمنه، فأتى سعيداً بن قيس فكلمه، فانطلق إلى علي عليه السلام وخلفه في منزله فقال: يا أمير المؤمنين كيف تقول فيمن حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فساداً؟ فقرأ "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله..." الآية. فقال سعيد: أفرأيت من تاب من قبل أن تقدر عليه؟ قال علي: أقول كما قال الله تعالى: "إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم" ونقبل منه قال: فإنه حارثة بن بدر الغداني قد تاب من قبل أن تقدر عليه. فآمنه، وبعث إليه سعيد فأدخله على عليّ عليه السلام، وكتب له كتاباً:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من عبد الله عليّ أمير المؤمنين لحارثة بن بدر. إنه كان حارب الله ورسوله، فتاب قبل أن يُقدَر عليه فمن لقيه من المسلمين فلا يعرض له إلا بخير، إلا أن يحدث حدثاً فيؤخذ به.
فقال حارثة بن بدر وقد خرج سعيد بن قيس يشيعه عند لحاقه بالبصرة في جماعة من همدان إلى نهر بالقرب من الكوفة:

لقد سروت غداة النهر إذ طلعت

 

أشياخ همدان فيها المجد والخير

يقودهم ملك جزل مـواهـبـه

 

وارى الزناد طويل الباع مذكور

ولا يلين إذا ما سيم مـنـقـصة

 

لكن له عندها عصب وتذكـير

أغرّ أبلج يستسقى الغمـام بـه

 

حباؤه ظاهر في الناس مشهور

وقال حارثة أيضاً:

ألا أبلغن همدان إمّا لقيتـهـا

 

سلامي ولا يسلم عدوّ يعيبهـا

لعمر تميم إن همدان تتـقـي

 

معاداً ويقضي بالكتاب خطيبها

إذا اقتسم الأقوام علماً وسؤدداً

 

فخير نصيب عند ذاك نصيبها

وقال حارثة أيضاً:

جلا كربتي عني سعـيد وربـمـا

 

رجوت ابن عباس لها وابن جعفر

وجدت أخا همدان ألين جـانـبـاً

 

وأقول بالمعروف في كل محضر

سليل ملوك في الـزمـان أعـزّة

 

لهم جوهر يعلو على كل جوهر

سأشكر ما أوليتنـي ومـنـنـتـه

 

عليّ بفضل منك ليس بمنـكـر

فلما بلغت عبد الله بن جعفر قال: نحن كنا أحقّ بهذا الشعر من همدان. وكانت هالة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف الزهري تحت سعيد بن قيس، وفيه تقول أخت عمرو بن الحصين السكوني وكان قتله سعيد بن قيس يوم صفين دون عليّ :

ألا إنما تبكي العيون التي تـرى

 

مصيبة عمرو والدموع سجوم

أراد علياً بالتي لا شوى لـهـا

 

فأثبته عبـل الـذراع شـتـيم

سعيد بن قيس خير همدان واحداً

 

له حادث في قـومـه وقـديم

فقل لسعيد والـحـوادث جـمة

 

جزتك الجوازي والمليم ملـيم

وفي سعيد بن قيس وجدّه زيد بن مرب يقول آخر وخاطب ناساً:

لو كنت من يمن في عز أولهـا

 

كنت المهيمن من زود ومن سدد

أو من بني حاشد في حفّ محتدها

 

زيد بن ذي مرب الجود والعـدد

الجابر الكسر محمـود نـوافـلـه

 

من آل همدان نبت العود ذي العمد

والحامل الثقل في اللأوا وقد علموا

 

يؤتى البدور إذا ما ضنّ بالصفـد

زين الأريكة عيناه ومضـحـكـه

 

إذا تبسم فوق الشرجع الـنـضـد

ساد الملوك مع الأرباب كـلـهـم

 

على ثراء من الأموال والـعـدد

انقضاء نسب آل مرب.