باب الغين والباء، التاء، الثاء

غبأ

غَبَأَ له يَغْبَأُ غَبْأً: قَصَدَ، ولم يعرفها الرِّياشي بالغين المعجمة.
غرقأ: الغِرقئ: قِشْر البَيض الذي تحت القَيْضِ. قال الفرّاءُ: همزته زائدة لأَنه من الغَرَق، وكذلك الهمزة في الكِرْفِئَةِ والطِّهْلِئةِ زائدتان.

غبا

غَبِيَ الشيءَ وغَبِيَ عنه غَباً وعباوَةً: لم يَفْطُنْ له؛ قال الشاعر:

في بَلْدَة يَغَبى بها الخِرَّيتُ

أَي يَخْفَى؛ وقال ابن الرقاع:

أَلا رُبَّ لَـهْـوٍ آنِـسٍ ولَـذاذَةٍ

 

من العَيْشِ، يُغبِيِه الخِباءُ المُسَتَّرُ

وغَبِيَ الأَمرُ عني: خَفِيَ فلمْ أَعرفه. وفي حديث الصوم: فإن غَبِيَ عليكم أَي خَفِيَ، ورواه بعضهم غُبِّيَ، بضم الغين وتشديد الباء المكسورة لما لم يسم فاعله، وهما من الغَباء شِبه الغَبَرة في السماء. التهذيب: ابن الأَنباري الغَبا يكتب بالألف لأنه من الواو. يقال: غَبِيت عن الأمْر غَباوة. الليث: يقال غَبِيَ عن الأَمرِ غَباوَةً، فهو غَبِيٌّ إذا لم يَفْطُنْ للخِبِّ ونحوه. يقال: غَبِيَ عليَّ ذلك الأمرُ إذا كان لا يَفطُن له ولا يعرفُه، والغَباوة المصدر. ويقال: فلان ذو غَباوَةٍ أي تَخْفى عليه الأُمور. ويقال: غَبِيتُ عن ذلك الأَمرِ إذا كان لا يَفْطُن له.
ويقال: ادْخُلْ في الناس فهو أَغْبى لك أَي أَخفى لك.
ويقال: دَفَن فلان مُغَبَّاةً ثم حَمَلني عليها، وذلك إذا أَلْقاك في مَكْرٍ أَخْفاّه.
ويقال: غَبِّ شَعْرَك أَي استَأْصِلْهُ، وقد غَبَّى شَعَرَه تَغْبِيةً، وغَبيتُ الشيءَ أَغْباهُ، وقد غَبِيَ عليَّ مثلُه إذا لم تَعْرفه؛ وقولُ قيسِ بن ذَريح:

وكَيفَ يَصَلِّي مَنْ إذا غَبِيتْ لـهُ

 

دِماءُ ذوي الذمَّاتِ والعَهْدِ طُلَّتْ

لم يفسر ثعلب غبيَتْ له. وتَغابى عنه: تَغَافَلَ. وفيه غَبْوَة وغَباوَةَ أَي غَفْلَةٌ. والغَبيُّ، على فَعيل: الغافِلُ القليلُ الفِطْنة، وهو من الواو، وأَما أَبو علي فاشْتَقَّ الغَبيَّ من قولهم شَجَرَة غَبْياءُ كأَنَّ جهْلَه غَطَّى عنه ما وَضَح لغيره. وغَبِيَ الرجُلُ غَباوةً وغَباً، وحكى غيره غَباءً، بالمدّ. وفي الحديث: إلا الشَّياطِينَ وأَغْبِياءَ بني آدم؛ الأَغبياء: جمع غَبِيٍّ كغني وأَغْنِياء، ويجوز أَن يكون أَغْباءً كأَيْتامٍ، ومثلُه كمِيٌّ وأَكْماءٌ. وفي الحديث قَلِيلُ الفِقْهِ خيرٌ كثيرِ العباوةِ. وفي حديث عَليٍّ: تغابَ عن كلِّ ما لا يَصِحُّ لك أَي تغافَلْ وتَبالَهْ. وحكى ابن خالويه: أَنَّ الغَباء الغُبارُ، وقد يضم ويقصر فيقال الغُبَى. والغُباءُ: شبيهٌ بالغَبَرَة تكونُ في السماء.
والغَبْيَة: الدفْعَة من المطر؛ وقال امرؤ القيس:

وغَبْيَة شُؤْبُوبٍ من الشِّدِّ مُلْهِب

وهي الدفْعَة من الخُضْر شَبَّهها بدفْعَة المطر. قال ابن سيده: الغَبْية الدفْعة الشديدةُ من المطر، وقيل: هي المَطْرَة ليست بالكثيرة، وهي فوقَ البَغْشَةِ؛ قال:

فصَوَّبْـتُـه، كـأَنَّـه صَـوْبُ غَـبْـيةٍ

 

على الأمْعَزِ الضَّاحي، إذا سِيطَ أَحْضَرا

ويقال: أَغْبَتِ السماءُ إغْباءً، فهي مُغْبِيَة؛ قال الراجز:

وغَبَياتٌ بينَهُنَّ وَبْلُ

قال: وربما شُبِّه بها الجَرْيُ الذي يَجِيءُ بعدَ الجَرْي الأَوَّل.
وقال أَبو عبيد: الغَبْية كالوَثْبَة في السَّيْر، والغَبْية صَبٌ كثيرٌ من ماءٍ ومن سياطٍ؛ عن ابن الأعرابي؛ أنشد:

إنَّ دَواءَ الطامِحاتِ السَّجْلُ

السَّوْطُ والرِّشاءُ ثم الحَبْلُ

وغَبَياتٌ بَيْنَهُنَّ هَطْلُ

قال ابن سيده: وأَنا أُرى على التشبيه بغَبَيات المَطر. وجاء على غَبْيةِ الشمسِ أي غَيْبتها؛ قال: أُراه على القلبِ. وشجرةٌ غَبْياءُ: مُلْتَفَّة، وغُصن أَغْبَى كذلك. وغَبْية التُّرابِ: ما سَطَعَ منه؛ قال الأعشى:

إذا حالَ من دُونها غَـبْـية

 

من التُّرْبِ، فانْجال سِربالُها

وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أَنه قال: الحُمَّى في أُصول النَّخْل، وشَرُّ الغَبَياتِ غَبْية التَّبْل، وشرُّ النساء السُّوَيْداء المِمْراضُ، وشَرٌّ منها الحُمَيْراءُ المِحْياضُ. وغَبَّى شَعْره: قَصَّر منه، لغة لعبد القيس، وقد تكلم بها غيرهم؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا بأَنَّ أَلِفَها ياءٌ لأنها ياءٌ واللامُ ياءً أَكثرُ منها واواً. وغَبَّى الشيءَ: سَتَره؛ قال ابن أَحمر:

فما كَلَّفْتُكِ القَدَرَ المُغَبَّـى

 

ولا الطَيرَ الذي لا تُعبِرِينَا

الكسائي: غَبَّيت البئرَ إذا غَطَّيت رَأْسها ثم جَلعت فوقَها تُراباً؛ قال أَبو سعيد: وذلك التُّرابُ هو الغِباءُ.
والغابياءُ: بعضُ جِحَرة اليَرْبوع.

غبب

غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه: عاقبتُه وآخِرُه.
وغَبَّ الأَمرُ: صارَ إِلى آخره؛ وكذلك غَبَّتِ الأُمورُ إذا صارتْ إِلى أَواخرها؛ وأَنشد:

غِبَّ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرى

ويقال: إِن لهذا العِطرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً أَي عاقبةً. وغَبَّ: بمعنى بَعُدَ.
وغِبُّ كلِّ شيءٍ: عاقبتُه. وجئتُه غِبَّ الأَمر أَي بَعْدَه.
والغِبُّ: وِرْدُ يوم، وظِمءُ آخرَ؛ وقيل: هو ليوم وليلتين؛ وقيل: هو أَن تَرعى يوماً، وتَرِدَ من الغَدِ. ومن كلامهم: لأَضرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وظاهرةَ الفَرس؛ فغِبُّ الحمار: أَن يَرعى يوماً ويَشرَبَ يوماً، وظاهرةُ الفرَس: أَن تَشرَبَ كلَّ يوم نصفَ النهار.
وغَبَّتِ الماشيةُ تَغبُّ غَبّاً وغُبوباً: شَرِبَت غِبّاً؛ وأَغَبَّها صاحبُها؛ وإيلُ بني فلان غابَّةٌ وغَوابُّ.
الأَصمعي: الغِبُّ إذا شَرِبَت الإِبلُ يوماً، وغَبَّتْ يوماً؛ يقال: شَرِبَتْ غِبّاً؛ وكذلك الغِبُّ من الحُمَّى. ويقال: بنو فلان مُغِبُّون إذا كانت إِبلُهم تَرِدُ الغِبَّ. وغَبَّتِ الإِبلُ، بغير أَلف، تَغِبُّ غِبّاً إذا شَرِبَتْ غِبّاً؛ ويقال للإِبل بعد العِشر: هي تَرْعى عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً، ثم كذلك إِلى العِشرين.
والغِبُّ، من وِرْدِ الماءِ: فهو أَن تَشرَبَ يوماً، ويوماً لا.
وأَغَبَّتِ الإِبلُ: مِنْ غِبِّ الوِرْدِ.
والغِبُّ من الحُمَّى: أَن تأْخذ يوماً وتَدَعَ آخرَ؛ وهو مشتق من غِبِّ الوِرْدِ، لأَنها تأْخذ يوماً، وتُرَفِّه يوماً؛ وهي حُمَّى غِبٌّ: على الصفة للحُمَّى. وأَغَبَّته الحُمَّى، وأَغَبَّتْ عليه، وغَبَّتْ غِبّاً وغَبّاً. ورجل مُغِبٌّ: أَغَبَّتْهُ الحُمَّى؛ كذلك رُوي عن أَبي زيد، على لفظ الفاعل.
ويقال: زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. ويقال: ما يُغِبُّهُم بِرِّي.
وأَغبَّتِ الحُمَّى وغَبَّتْ: بمعنىً.
وغَبَّ الطعامُ والتمرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً، فهو غابٌّ: باتَ ليلةً فَسَدَ أَو لم يَفْسُدْ؛ وخَصَّ بعضُهم به اللحمَ.
وقيل: غَبَّ الطعامُ تغيرتْ رائحته؛ وقال جرير يهجو الأَخطل:

والتَّغْلَبِيَّةُ، حين غَبَّ غَبِيبُها،

 

تَهْوي مَشافِرُها بشَرِّ مَشافِر

أَراد بقوله: غَبَّ غَبِيبُها، ما أَنْتَنَ من لُحوم مَيْتتها وخَنازيرها. ويسمى اللحم البائتُ غابّاً وغَبِيباً. وغَبَّ فلانٌ عندنا غَبّاً وغِبّاً، وأَغَبَّ: باتَ، ومنه سمي اللحمُ البائتُ: الغابَّ. ومنه قولهم: رُوَيْدَ الشِّعرِ يُغِبَّ ولا يكونُ يُغِبُّ؛ معناه: دَعْه يمكثْ يوماً أَو يومين؛ وقال نَهْشَل بنُ جُرَيٍّ:

فلما رَأَى أَنْ غَبَّ أَمْرِي وأَمْرُه،

 

ووَلَّتْ، بأَعجازِ الأُمورِ، صُدُورُ

التهذيب: أَغَبَّ اللحمُ، وغَبَّ إذا أَنْتَن. وفي حديثِ الغِيبةِ: فقاءَتْ لحماً غابّاً أَي مُنْتِناً.
وغَبَّتِ الحُمَّى: من الغِبِّ، بغير أَلف. وما يُغِبُّهم لُطْفِي أَي ما يتأَخر عنهم يوماً بل يأْتيهم كلَّ يوم؛ قال:

على مُعْتَفِيه ما تُغِبُّ فَواضلُه

وفلانٌ ما يُغِبُّنا عَطاؤُه أَي لا يأْتينا يوماً دون يوم، بل يأْتينا كلَّ يوم؛ ومنه قول الراجز:

وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُّ

أَي كلَّ ساعةٍ.
والغِبُّ: الإِتيانُ في اليومين، ويكون أَكثر.
وأَغَبَّ القومَ، وغَبَّ عنهم: جاءَ يوماً وترك يوماً. وأَغَبَّ عَطاؤُه إذا لم يأْتنا كلَّ يوم. وأَغَبَّتِ الإِبلُ إذا لم تأْتِ كلَّ يوم بلَبن. وأَغَبَّنا فلانٌ: أَتانا غِبّاً. وفي الحديث: أَغِبُّوا في عِيادَة المريض وأَرْبِعُوا؛ يقول: عُدْ يوماً، ودَعْ يوماً، أَو دَعْ يومين، وعُدِ اليومَ الثالثَ أَي لا تَعُدْهُ في كل يوم، لِما يجده من ثِقَل العُوَّاد.
الكسائي: أَغْبَبْتُ القومَ وغَبَبْتُ عنهم، من الغِبِّ: جئْتُهم يوماً، وتركتهم يوماً، فإِذا أَردت الدَّفْعَ، قلت: غَبَّبْتُ عنهم، بالتشديد.
أَبو عمرو: غَبَّ الرجلُ إذا جاءَ زائراً يوماً بعد أَيام؛ ومنه قوله: زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. وقال ثعلب: غَبَّ الشيءُ في نفسه يَغِبُّ غَبّاً، وأَغَبَّني: وَقَعَ بي. وغَبَّبَ عن القوم: دَفَع عنهم. والغِبُّ في الزيارة، قال الحسن: في كل أُسبوع. يقال: زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. قال ابن الأَثير: نُقِل الغِبُّ من أَوراد الإِبل إِلى الزيارة. قال: وإِن جاءَ بعد أَيام يقال: غَبَّ الرجلُ إذا جاءَ زائراً بعد أَيام. وفي حديث هشام: كَتَبَ إِليه يُغَبِّب عن هَلاك المسلمين أَي لم يُخْبِرْه بكثرة من هَلَك منهم؛ مأْخوذ من الغِبِّ الوِرْدِ، فاستعاره لموضع التقصير في الإِعلام بكُنْه الأَمر.
وقيل: هو من الغُبَّةِ، وهي البُلْغَةُ من العَيْش. قال: وسأَلتُ فلاناً حاجةً، فَغَبَّبَ فيها أَي لم يبالغ.
والمُغَبَّبةُ: الشاةُ تُحْلَبُ يوماً، وتُتْرَك يوماً.
والغُبَبُ: أَطْعمة النُّفَساءِ؛ عن ابن الأَعرابي.
والغَبِيبَةُ، من أَلبان الغنم: مثلُ المُرَوَّبِ؛ وقيل: هو صَبُوحُ الغنم غُدْوةً، يُتْركُ حتى يَحْلُبوا عليه من الليل، ثم يَمْخَضُوه من الغَدِ. ويقال للرائب من اللبن: الغَبِيبةُ. الجوهري: الغَبِيبةُ من أَلبان الإِبل، يُحْلَبُ غُدْوة، ثم يُحْلَبُ عليه من الليل، ثم يُمْخَضُ من الغد. ويقال: مياهٌ أَغْبابٌ إذا كانت بعيدة؛ قال:

يقول: لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رِيِّكُمُ،

 

إِنَّ المِياهَ، بجَهْدِ الرَّكْبِ، أَغْبابُ

هؤُلاءِ قومٌ سَفْر، ومعهم من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِم، فهم يَتَواصَوْن بترك السَّرَفِ في الماءِ.
والغَبِيبُ: المسيلُ الصغير الضَّيِّقُ من مَتْنِ الجبل، ومَتْنِ الأَرض؛ وقيل: في مُسْتَواها.
والغُبُّ: الغامِضُ من الأَرض؛ قال:

كأَنها، في الغُبِّ ذِي الغِيطانِ،

 

ذِئابُ دَجْنٍ دائم التَّـهْـتـانِ

والجمع: أَغبابٌ وغُبوبٌ وغُبَّانٌ؛ ومن كلامهم: أَصابنا مطرٌ سال منه الهُجَّانُ والغُبَّانُ. والهُجَّانُ مذكور في موضعه.
والغُبُّ: الضاربُ من البحر حتى يُمْعِنَ في البَرِّ. وغَبَّبَ فلانٌ في الحاجة: لمْ يبالغ فيها. وغَبَّبَ الذئبُ على الغنم إذا شَدَّ عليها ففَرَسَ. وغَبَّبَ الفَرَسُ: دَقَّ العُنُقَ؛ والتَّغْبِيبُ أَن يَدَعَها وبها شيءٌ من الحياة. وفي حديث الزهري: لا تُقْبل شهادةُ ذي تَغِبَّة؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في رواية، وهي تَفْعِلَة، مِن غَبَّب الذِّئبُ في الغَنم إذا عاثَ فيها، أَو مِن غَبَّبَ، مبالغة في غَبَّ الشيءُ إذا فَسَد.
والغُبَّةُ: البُلْغة من العَيْش، كالغُفَّة.
أَبو عمرو: غَبْغَبَ إذا خان في شِرائه وبَيعِه.
الأَصمعي: الغَبَبُ والغَبْغَبُ الجِلْدُ الذي تحت الحَنَك. وقال الليث: الغَبَبُ للبقر والشاءِ ما تَدَلَّى عند النَّصيل تحت حَنَكها، والغَبْغَبُ للدِّيكِ والثور. والغَبَبُ والغَبْغَبُ: ما تَغَضَّنَ من جلد مَنْبِتِ العُثْنُونِ الأَسْفَلِ؛ وخَصَّ بعضُهم به الدِّيَكة والشاءَ والبقر؛ واستعاره العجاج في الفَحل، فقال:

بذاتِ أَثناءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبا

يعني شِقْشِقة البعير. واستعاره آخر للحِرْباءِ؛ فقال:

إِذا جَعلَ الحِرْباءُ يَبْيَضُّ رأْسُـه،

 

وتَخْضَرُّ من شمسِ النهار غَباغِبُهْ

الفراءُ: يقال غَبَبٌ وغَبْغَبٌ. الكسائي: عجوز غَبْغَبُها شِبْر، وهو الغَبَبُ. والنَّصِيلُ: مَفْصِلُ ما بين العُنُقِ والرأْس من تحت اللِّحْيَيْن.
والغَبْغَبُ: المَنْحَر بمنىً. وقيل: الغَبْغَبُ نُصْبٌ كانَ يُذْبَحُ عليه في الجاهلية. وقيل: كلُّ مَذْبَحٍ بمنىً غَبْغَبٌ. وقيل: الغَبغَبُ المَنْحَر بمنىً، وهو جَبَل فَخَصَّصَ؛ قال الشاعر:

والراقِصات إِلى مِنىً فالغَبْغَبِ

وفي الحديث ذكر غَبْغَبٍ، بفتح الغينين، وسكون الباءِ الأُولى: موضع المنحر بمنى؛ وقيل: الموضع الذي كان فيه اللاتُ بالطائف. التهذيب، أَبو طالب في قولهم: رُبَّ رَمْيةٍ من غير رامٍ؛ أَوَّلُ من قاله الحَكَمُ بنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وكان أَرْمَى أَهلِ زمانه، فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَب مَهاةً، فَحَمَل قوسَه وكنانتَه، فلم يَصْنَعْ شيئاً، فقال: لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي، فقال له أَخوه: اذْبَحْ مكانها عَشْراً من الإِبل، ولا تَقْتُلْ نَفْسَك، فقال: لا أَظلم عاترةً، وأَتْرُكُ النافرةَ. ثم خرجَ ابنُه معه، فرمَى بقرةً فأَصابها؛ فقال أَبوه: رُبَّ رَمْيةٍ من غَير رامٍ. وغُبَّةُ، بالضم: فَرْخُ عُقابٍ كان لبني يَشْكُر، وله حديث، واللّه تعالى أَعلم.

غبث

غَبَثَ الشيءَ يَغْبِثُه غَبْثاً: خَلَطَهُ، لغة في عَبَثَ.
والغَبيثة: سمن يُلَتُّ بأَقِطٍ؛ وقد غَبَثه يَغْبِثُه غَبْثاً.
قال الفراء: غَبَثْتُ الأَقِطَ أَغْبِثُه غَبْثاً. وقال إِبراهيم، كاتِبُ أَبي عُبَيْدٍ: قَرَأْتُه على أَبي عُبَيدٍ ثانياً، فقال بالعين: عَبَثْتُ، وقال: رجع الفراء إِلى العين. قال الأَزهري: روى ابن السكيت هذا الحرف عن أَبي صاعدٍ: العَبِيثةُ، بالعين، في الأَقِطِ يُفْرَغُ رَطْبُه على جافِّهِ، حتى يَخْتَلِطَ، قال: وهما عندي لغتان، بالغين والعين، صحيحتان. والغَبيثةُ: طَعام يُطْبَخُ ويُجْعَل فيه جَرادٌ، وهو الغثيمةُ أَيضاً.
وغَنمٌ غبيثةٌ: مختلطة.
والأَغْبَثُ: لَوْنٌ إِلى الغُبْرة، وهو قَلْبُ الأَبْغَث، وقد اغْبَثَّ اغبِثاثاً.

غبج

غَبَجَ الماءَ يَغْبَجُه: جَرَعَه جَرْعاً متداركاً، وهي الغُبْجة.

غبر

غَبَرَ الشيءُ يَغْبُر غُبوراً: مكث وذهب. وغَبَرَ الشيءُ يَغْبُر أَي بقي.والغابِرُ: الباقي. والغابِرُ: الماضي، وهو من الأَضداد؛ قال الليث: وقد يَجِيء الغابِرُ في النعت كالماضي. ورجل غابِرٌ وقوم غُبَّرٌ: غابِرون. والغابِرُ من الليل: ما بقي منه. وغُبْرُ كل شيء: بقيَّته، والجمع أَغبارٌ، وهو الغُبَّرُ أَيضاً، وقد غلب ذلك على بقيّة اللبن في الضرع وعلى بقيَّة دَمِ الحيض؛ قال ابن حِلِّزة:

لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِها،

 

إِنَّك لا تَدْرِي مَنِ الناتِـجُ

ويقال: بها غُبَّرٌ من لَبَنٍ أَي بالناقة. وغُبَّرُ الحَيْض: بقاياه؛ قال أَبو كبير الهذلي واسمه عامر ابن الحُلَيس:

ومُبَرَّإِ من كل غُبَّرِ حَيْضةٍ،

 

وفَسادِ مُرْضِعَة، وداءٍ مُغْيِلِ

قوله: ومُبَرَّإِ معطوف على قوله:

ولقد سَرَيْتُ على الظلامِ بمِغْشَم

وغُبَّرُ المرَض: بقاياه، وكذلك غُبْرُ الليل. وغُبْرُ الليل: آخره.
وغُبْرُ الليل: بقاياه، واحدها غُبْرٌ. وفي حديث معاوية: بِفِنائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ غُبْرٌ أَي قليل. وغُبْرُ اللبَن: بقيَّته وما غَبَرَ منه. وقوله في الحديث: إِنه كان يَحْدُر فيما غَبَرَ من السُّورة؛ أَي يُسرِع في قِراءتها؛ قال الأَزهري: يحتمل الغابِرُ هنا الوجهين يعني الماضي والباقي، فإِنه من الأَضداد، قال: والمعروف الكثير أَن الغابِرَ الباقي. قال: وقال غير واحد من الأَئمة إِنه يكون بمعنى الماضي؛ ومنه الحديث: أَنه اعتكَفَ العَشْر الغوابِرَ من شهر رمضان، أَي البواقى، جمعُ غابِرٍ. وفي حديث ابن عمر: سُئِل عن جُنُب اغترف بكُوز من حُبّ فأَصابت يدُه الماء، فقال: غابرُه نَجِسٌ أَي باقيهِ. وفي الحديث: فلم يَبْقَ إِلا غُبَّرات من أَهل الكتاب، وفي رواية: غُبَّرُ أَهل الكتاب؛ الغُبَّر جمع غابِر، والغُبَّرات جمع غُبَّرٍ. وفي حديث عَمرو بن العاص: ما تأَبَّطَتْني الإِماءُ ولا حَمَلَتْني البغايا في غُبَّرات المآلي؛ أَراد أَنه لم تتولَّ الإِماء تربيتَه، والمآلي: خِرَقُ الحيض، أَي في بَقاياها؛ وتَغَبَّرْتُ من المرأَة ولداً.
وتَزَوَّج رجل من العرب امرأَة قد أَسنَّت فقيل له في ذلك فقال: لعلِّي أَتَغبَّر منها ولداً، فولدتْ له غُبَرَ. مِثالُ عُمَر، وعو غُبَرُ بنَ غَنْم بن يَشْكُر ابن بَكْر بن وائل.
وناقة مِغْبار: تَغْزُرُ بعدما تَغْزُرُ اللَّواتِي يُنْتَجْن معها. ونَعت أَعرابي ناقةً فقال: إِنَّها مِعْشارٌ مِشْكار مِغْبارٌ، فالمِغْبار ما ذكرناه آنفاً، والمِشْكار الغَزيرة على قِلَّة الحَظِّ من المَرْعى، والمِعشَار تقدم ذكره.
ابن الأَنباري: الغابِرُ الباقي في الأَشْهَر عندهم، قال: وقد يقال للماضي غابِرٌ؛ قال الأَعشى في الغابِرِ بمعنى الماضي:

عَضَّ بِما أَبْقى المَواسي له

 

من أُمِّه، في الزَّمَن الغابِرِ

أَراد الماضي. قال الأَزهري: والعروف في كلام العرب أَن الغابِرَ الباقي. قال أَبو عبيد: الغُبَّرات البَقايا، واحدها غابِرٌ، ثم يجمع غُبَّراً، ثم غُبَّرات جمع الجمع. وقال غير واحد من أَئمة اللغة: إِن الغابرَ يكون بمعنى الماضي.
وداهية الغَبَرِ، بالتحريك: داهية عظيمة لا يُهتدى لِمِثْلها؛ قال الحرْمازي يمدح المنذِرَ بنَ الجارُودِ:

أَنت لها مُنْذِرُ من بين البَشَرْ

 

داهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاء الغَبَرْ

يريد يا منذر. وقيل: داهية الغَبَرِ الذي يعانِدُك ثم يرجع إِلى قولك.
وحكى أَبو زيد: ما غَبَّرْت إِلا لِطَلَب المِراء. قال أَبو عبيد: من أَمثالهم في الدَّهاءِ والإِرْب: إِنه لداهية الغَبَر؛ ومعنى شعر المنذر يقول: إِن ذُكِرتْ يقولون لا تسمعوها فإِنها عظيمة؛ وأَنشد:

قد أَزِمَتْ إِن لم تُغَبَّرْ بِغَبَرْ

قال: هو من قولهم جُرْح غَبِرٌ. وداهية الغَبَر: بليّة لا تكاد تذهب؛ وقول الشاعر:

وعاصِماً سلّمه من الـغـدَرْ

 

من بعد إِرْهان بصَمَّاء الغَبَرْ

قال أَبو الهيثم: يقول أَنجاه من الهلاك بعد إِشراف عليه. وإِرْهانُ الشيء: إِثباتُه وإِدامتُه.
والغَبَرُ: البقاء والغَبَرُ، بغير هاء: التُّراب؛ عن كراع. والغَبَرةُ والغُبار: الرَّهَجُ، وقيل: الغَبَرةُ تردُّد الرَّهَجِ فإِذا نار سُمّي غُباراً. والغُبْرة: الغُبار أَيضاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

بِعَيْنَيَّ لم تَسْتأْنسا يومَ غُـبْـرَةٍ

 

ولم تَرِدا أَرضَ العِراق فَتَرْمَدَا

وقوله أَنشده ثعلب:

فَرَّجْت هاتيك الغُبَرْ

 

عنا، وقد صابت بقُرْ

قال ابن سيده: لم يفسره، قال: وعندي أَنه عَنَى غُبَر الجَدْب لأَن الأَرض تَغْبَرُّ إذا أَجْدَبَتْ؛ قال: وعندي أَن غُبَر ههنا موضع. وفي الحديث: لو تعلمون ما يكون في هذه الأُمَّة من الجوع الأَغْبَرِ والمَوْت الأَحْمر؛ قال ابن الأَثير: هذا من أَحسن الاستِعارات لأَن الجوع أَبداً يكون في السنين المُجدبة، وسِنُو الجَدْب تُسمَّى غُبْراً لاغْبرار آفاقها من قلَّة الأَمطار وأَرَضِيها من عَدَم النبات والاخْضِرار، والموتُ الأَحمرُ الشديد كأَنه موتٌ بالقَتْل وإِراقة الدماء؛ ومنه حديث عبدِ الله بن الصامت: يُخَرّب البَصْرةَ الجُوعُ الأَغْبَر والموت الأَحْمَرُ؛ هو من ذلك. واغْبَرَّ اليوم: اشتدَّ غُباره؛ عن أَبي عليّ. وأَغْبَرْتُ: أَثَرْت الغُبار، وكذلك غَبَّرْت تَغْبِيراً. وطَلَب فلاناً فما شَقَّ غُبَارَه أَي لم يُدْرِكه. وغَبَّرَ الشيءَ: لَطَّخَه بالغُبارِ. وتَغَبَّر: تلطَّخ به. واغبَرَّ الشيءُ: عَلاه الغُبار. والغَبْرةُ: لطخُ الغُبار.
والغُبْرَة: لَوْنُ الغُبار؛ وقد غَبِرَ واغْبَرَّ اغْبِرَاراً، وهو أَغْبَرُ.
والغُبْرة: اغْبِرار اللوْن يَغْبَرُّ للهمِّ ونحوه. وقوله عز وجل: ووجوهٌ يومئذ عليها غَبَرة تَرْهَقُها قَتَرة؛ قال: وقول العامة غُبْرة خطأ، والغُبْرة لون الأَغْبر، وهو شبيه بالغُبار. والأَغْبر: الذئب للونه؛ التهذيب: والمُغَبِّرة قوم يُغَبِّرون بذكر الله تعالى بدعاء وتضرّع، كما قال:

عبادك المُغَـبِّـره،

 

رُشَّ علينا المَغفِرَه

قال الأَزهري: وقد سَمَّوْا يُطَرِّبون فيه من الشِّعْر في ذكر الله تَغْبيراً كأَنهم تنَاشَدُوهُ بالأَلحان طَرَّبوا فَرَقَّصوا وأَرْهَجوا فسُمّوا مُغَبِّرة لهذا المعنى. قال الأَزهري: وروينا عن الشافعي، رضي الله عنه، أَنه قال: أَرى الزَّنادِقة وَضَعوا هذا التَّغْبِير ليَصُدّوا عن ذكر الله وقراءة القرآن. وقال الزجاج: سُمّوا مُغَبِّرين لتزهيدهم الناس في الفانية، وهي الدنيا، وترغيبهم في الآخرة الباقية، والمِغْبار من النخل: التي يعلوها الغُبار؛ عن أَبي حنيفة. والغَبْراء: الأَرض لغُبْرة لونها أَو لما فيها من الغُبار.
وفي حديث أَبي هريرة: بَيْنا رجُل في مفازة غَبْراء؛ هي التي لا يهتدى للخروج منها. وجاء على غَبْراء الظهر وغُبَيراء الظهر، يعني الأَرض. وتركه على غُبَيراء الظهر أَي ليس له شيء. التهذيب: يقال جاء فلان على غُبَيراء الظهر، ورجع عَوْده على بَدْئه، ورجع على أَدْراجه ورَجَع دَرَجَه الأَوَّل، ونكَص على عَقِبَيْه، كل ذلك إذا رجع ولم يصِب شيئاً. وقال ابن أَحمر: إذا رجع ولم يقدر على حاجته قيل: جاء على غُبَيراء الظهر كأَنه رجع وعلى ظهره غُبار الأَرض. وقال زيد بن كُثْوة: يقال تركته على غُبَيراء الظهر إذا خاصَمْت رجلاً فَخَصَمته في كل شيء وغلبته على ما في يديه.
والوَطْأَة الغَبْراء: الجديدة، وقيل: الدارسة وهو مثل الوَطأَة السَّوداء.
والغَبراء: الأَرض في قوله، صلى الله عليه وسلم: ما أَظلَّت الخَضراء ولا أَقلَّت الغَبْراء ذا لَهْجة أَصْدَقَ من أَبي ذرّ؛ قال ابن الأَثير: الخَضراء السماء، والغَبْراء الأَرض؛ أَراد أَنه مُتَناهٍ في الصِّدق إِلى الغاية فجاء به على اتِّساع الكلام والمجاز. وعِزٌّ أَغْبر: ذاهبٌ دارِس؛ قال المخبَّل السعدي:

فأَنْزَلَهم دارَ الضَّياع، فأَصْبَـحـوا

 

على مَقْعَدٍ من مَوْطِن العِزِّ أَغْبَرا

وسَنة غبراء: جَدْبة، وبَنُو غَبْراء: الفقراء، وقيل: الغُرَباء، وقيل: الصَّعالِيك، وقيل: هم القوم يجتمعون للشراب من غير تعارُف؛ قال طرفَة:

رأَيتُ بني غَبْراء لا ينكرونني،

 

ولا أَهلُ هَذاك الطِّراف المُمَدَّد

وقيل: هم الذين يَتناهَدون في الأَسفار. الجوهري: وبَنُو غَبْراء الذين في شِعْر طرفة المَحَاويج، ولم يذكر الجوهري البيت، وذكره ابن بري وغيره وهو:

رأَيت بني غَبْراء لا ينكرونني

قال ابن بري: وإِنما سمى الفقراء بني غَبْراء للُصوقهم بالتُّراب، كما قيل لهم المُدْقِعُون للصوقهم بالدَّقْعاء، وهي الأَرض كأَنهم لا حائل بينهم وبينها. وقوله: ولا أَهلُ مرفوع بالعطف على الفاعل المضمَر في يُنكرونني، ولم يحتج إِلى تأْكيد لطول الكلام بلا النافية؛ ومثله قوله سبحانَه وتعالى: ما أَشْرَكنا ولا آباؤُنا. والطراف: خِباءٌ من أَدَم تتخذه الأَغنياء؛ يقول: إِن الفقراء يعرفونني بإِعطائي وبِرّي والأَغنياء يعرفونني بفَضْلي وجَلالة قَدْرِي. وفي حديث أُوَيْس: أَكون في غُبَّر الناس أَحبُّ إِليَّ، وفي رواية: في غَبْراء الناس، بالمدّ، فالأَوّل في غُبَّر الناس أَي أَكون مع المتأَخرين لا المتقدِّمين المشهورين، وهو من الغابِرِ الباقي، والثاني في غَبْراء الناس بالمدّ أَي في فقرائهم؛ ومنه قيل للمَحاويج بَنُو غَبْراء كأَنهم نُسبوا إِلى الأَرض والتراب؛ وقال الشاعر:

وبَنُو غَبْراء فيهـا

 

يَتعاطَون الصِّحافا

يعني الشُّرْب. والغَبْراء: اسم فرس قيس بن زهير العَبسي. والغَبْراء: أُنثى الحَجَل.
والغَبْراء والغُبَيْراء: نَباتٌ سُهْلِيٌّ، وقيل: الغَبْراء شجرته والغُبَيْراء ثمرته، وهي فاكهة، وقيل: الغُبَيْراء شجرته والغَبْراء ثمرته بقلب ذلك، الواحد والجمع فيه سواء، وأَما هذا الثمر الذي يقال له الغُبَيْراء فدخيل في كلام العرب؛ قال أَبو حنيفة: الغُبَيْراء شجرة معروفة، سميت غُبَيْراء للون وَرَقِها وثمرتها إذا بدت ثم تحمر حُمْرة شديدة، قال: وليس هذا الاشتقاق بمعروف، قال: ويقال لثمرتها الغُبَيراء، قال: ولا تذكر إِلا مصغّرة. والغُبَيراء: السُّكُرْكَةُ، وهو شراب يعمل من الذرة يتخذه الحَبَشُ وهو يُسْكِر. وفي الحديث: إِياكم والغُبَيراءَ فإِنها خمر العالم. وقال ثعلب: هي خمر تُعْمَل من الغُبَيراء، هذا الثمر المعروف، أَي هي مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فضل بينهما في التحريم.
والغَبْراء من الأَرض: الخَمِرُ. والغَبْراء والغَبَرة: أَرض كثيرة الشجر. والغِبْرُ: الحِقْد كالغِمْر. وغَبِرَ العِرْق غَبَراً، فهو غَبِرٌ: انتقض. ويقال: أَصابه غَبَرٌ في عِرْقِه أَي لا يكاد يبرأُ؛ قال الشاعر:

فهو لا يَبْرأُ ما في صَـدْرِه،

 

مثل ما لا يَبْرأُ العِرْقُ الغَبِرْ

بكسر الباء. وغَبِرَ الجُرْح، بالكسر، يَغْبَر غَبَراً إذا انْدَمَل على فساد ثم انتقض بعد البُرْء؛ ومنه سمي العرْق الغَبِر لأَنه لا يزال ينتقض، والناسور بالعربية هو العِرْق الغَبِر. قال: والغَبَرُ أَن يَبْرأَ ظاهرُ الجرح وباطنه دَوٍ؛ وقال الأَصمعي في قوله:

وقَلِّبي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا

قال: الغَبَرُ داء في باطن خف البعير. وقال المفضل: هو من الغُبْرة، وقيل: الغَبَرُ فساد الجرح أَنَّى كان؛ أَنشد ثعلب:

أَعْيَا على الآسِي بَعِيداً غَبَرُهْ

قال: معناه بعيداً فسادُه يعني أَن فساده إِنما هو في قعره وما غَمَضَ من جوانبه فهو لذلك بعيد لا قريب. وأَغْبَر في طلب الشيء: انكمش وجَدّ في طلبه. وأَغْبَرَ الرجل في طلب الحاجة إذا جدّ في طلبها؛ عن ابن السكيت.
وفي حديث مجاشع: فخرجوا مُغْبِرين هم ودَوابُّهم؛ المُغْبِرُ: الطالب للشيء المنكمش فيه كأَنه لحرصه وسرعته يُثِير الغُبار؛ ومنه حديث الحرث بن أَبي مصعب: قدم رجل من أَهل المدينة فرأَيته مُغْبِراً في جِهازه.
وأَغْبَرت علينا السماءُ: جَدَّ وَقْعُ مطرها واشتد.
والغُبْرانُ: بُسْرتان أَو ثلاث في قِمْع واحد، ولا جمع للغُبْران من لفظه. أَبو عبيد: الغُبْرانُ رُطَبتان في قمْع واحد مثل الصِّنْوانِ نخلتان في أَصل واحد، قال: والجمع غَبارِين. وقال أَبو حنيفة: الغُبْرانة، بالهاء، بَلَحات يخرجن في قمع واحد. ويقال: لَهِّجوا ضَيْفَكم وغَبِّروه بمعنى واحد. والغَبِير: ضرب من التمر.
والغُبْرورُ: عُصَيْفِير أَغْبَر. والمُغْبور، بضم الميم؛ عن كراع: لغة في المُغْثور، والثاء أَعلى.

غبرق

التهذيب في الرباعي عن أَبي ليلى الأَعرابي قال: امرأَة غُبْرُقةٌ إذا كانت واسعة العينين شديدة سواد سوادهما. والغُبارِقُ: الذي ذهب به الجَمالُ كلَّ مَذْهَب؛ قال:

يُبْغِضُ كل غَزِلٍ غُبارِقِ

غبس

الغَبَس والغُبْسَة: لَوْن الرَّماد، وهو بياض فيه كُدْرة، وقد أَغْبَسَ. وذئب أَغْبَس إذا كان ذلك لَونَه، وقيل: كل ذئب أَغبَس؛ وفي حديث الأَعشى:

كالذِّئْبَةِ الغَبْساء في ظِلِّ السَّرَبْ

أَي الغبراء؛ وقيل: الأَغْبَس من الذئاب الخَفِيف الحَريص، وأَصله من اللَّون. والوَرْدُ الأَغْبَس من الخَيْل: هو الذي تدعون الأَعاجم السَّمَنْد.
اللحياني: يقال غَبَس وغَبَش لوقت الغَلَس، وأَصله من الغُبْسة. وهو لوْن بين السواد والصُّفرة. وحمار أَغْبَس إذا كان أَدْلَم. وغَبَسُ الليل: ظلامُه من أَوله، وغَبَشه من آخره. وقال يعقوب: الغَبَس والغَبَش سواء، حكاه في المُبْدَل؛ وأَنشد:

ونِعْمَ مَلْقى الرِّجالِ مَنْـزِلُـهـم

 

ونِعْمَ مأْوى الضَّريكِ في الغَبَسِ

تُصْدِرُ وُرَّادَهُمْ عِـسـاسُـهُـمُ

 

ويَنْحَرُون العِشار في المَلَـسِ

يعني أَن لَبَنهم كثير يكفي الأَضياف حتى يُصدِرَهم، ويَنْحَرُون مع ذلك العِشارَ، وهي التي أَتى عليها من حَمْلِها عشرة أَشهر، فيقول: من سَخائهم يَنحرُون العِشار التي قد قرُب نَتاجُها.
وغَبَسَ الليل وأَغْبَس: أَظلم. وفي حديث أَبي بكر ابن عبد اللَّه: إذا استقبلوك يوم الجُمُعَة فاستقْبِلهم حتى تَغْبِسَها حتى لا تَعُود أَن تَخَلَّفَ: يعني إذا مَضَيْت إِلى الجمعة فلقِيت الناس وقد فَرَغُوا من الصَّلاة فاسْتقبِلْهم بوجهك حتى تُسَوِّده حَياء منهم كي لا تتأَخر بعد ذلك، والهاء في تَغْبِيسهَا ضمير الغُرَّة أَو الطَّلْعَة. والغُبْسَة: لَون الرَّماد. ولا أَفعله سَجِيسَ غُبَيْس الأَوْجَس أَي أَبد الدهر.
وقولهم: لا آتيك ما غَبا غُبَيْس أَي ما بقي الدهر؛ قال ابن الأَعرابي: ما أَدري ما أَصله؛ وأَنشد الأُموي:

وفي بَني أُمِّ زُبَـيْرٍ كَـيْسُ

 

على الطَّعام، ما غَبا غُبَيْسُ

أَي فيهم جُود. وما غَبا غُبَيْس: ظرف من الزمان. وقال بعضهم: أَصله الذئب. وغُبَيْس: تصغير أَغْبَس مُرَخَّماً. وغَبا: أَصله غَبَّ فأَبدل من أَحد حَرْفَي التضعيف الأَلِف مثل تَقَضَّى أَصله تَقَضَّض؛ يقول: لا أَتِيك ما دام الذئب يأْتي الغَنم غِبّاً.

غبش

الغَبَشُ: شدَّة الظُّلْمة، وقيل: هو بقية الليل، وقيل: ظُلْمة آخر الليل؛ قال ذو الرمة:  

أَغْباشَ لَيلِ تَمَامٍ كان طـارَقَـه

 

تَطَخْطُخُ الغَيم، حتى ما لَه جُوَبُ

وقيل: هو مما يلي الصبحَ، وقيل: هو حين يُصْبح؛ قال:

في غَبَشِ الصُّبْح أَو التَّجَلِّي

والجمع من ذلك أَغْباش، والسين لغة؛ عن يعقوب، وليل أَغْبَشُ وغَبِشٌ وقد غَبِشَ وأَغْبَشَ. وفي الحديث عن رافع مولى أُم سلمة أَنه سَأَل أَبا هريرة عن وقت الصلاة فقال: صَلّ الفَجْرَ بِغَلَسٍ، وقال ابن بُكَير في حديثه: بغَبَش، فقال ابن بكير: قال مالكٌ غَبَشٌ وغَلَسٌ وغَبَسٌ واحد؛ قال أَبو منصور: ومعناها بقية الظلمة يُخالطها بياض الفَجْر، فبَيَّنَ الخيطَ الأَبيض من الخيط الأَسود، ومن هذا قيل للأَدْلَم من الدواب: أَغْبَش.
وقي الحديث: أَنه صلَّى الفجر بِغَبَشٍ؛ يقال: غَبِشَ الليلُ وأَغْبَشَ إذا أَظلم ظلمة يخالطها بياض؛ قال الأَزهري: يريد أَنه قدَّم صلاة الفحر عند أَوّل طلوعه وذلك الوقت هو الغَبَسُ، بالسين المهملة، وبَعْدَهُ الغَلَسُ، ويكون الغَبَشُ بالمعجمة في أَوّل الليل أَيضاً؛ قال: ورواه جماعة في الموطإِ بالسين المهملة وبالمعجمة أَكثر. والغُبْشةُ: مثل الدُّلْمة في أَلوان الدواب. والغَبَشُ: مثل الغَبَس، والغَبَسُ بعد الغَلَس، قال: وهي كلّها في آخر الليل، ويكون الغَبَسُ في أَول الليل. أَبو عبيدة: غَبِشَ الليل وأَغْبَشَ إذا أَظلم. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه: قَمَشَ عِلْماً غارّاً بأَغْباش الفتْنة أَي بظُلَمِها.
وغَبَشَني يَغْبِشُني غَبْشاً: خَدعني. وغَبَشَه عن حاجتِه يَغْبِشُه: خدعه عنها. والتَغَبُّشُ: الظُّلْم؛ قال الراجز:

أَصْبَحْت ذا بَغْيٍ، وذا تَغَبُّشِ

 

وذا أَضالِيلَ، وذا تَـأَرُّشِ

وتَغَبَّشَني بدعوى باطلٍ: ادّعاها عليّ، وقد ذُكِر في حرف العين.
ويقال: تَغَبّشَنا فلانٌ تَغَبُّشاً أَي ركِبَنا بالظُّلْم؛ قال أَبو زيد: ما أَنا بغابِشِ الناس أَي ما أَنا بغاشِمِهم. أَبو مالك: غَبَشه وغشَمَه بمعنى واحد.
وغُبْشان: اسم رجل.

غبص

غَبِصَت عينُه غَبَصاً: كَثُرَ الرَّمَصُ فيها من إِدامَةِ البكاء.
وفي نوادر الأَعراب: أَخذْتُه مُغافَصةً ومُغابَصةً ومُرافصةً أَي أَخذته مُعازّةً؛ قال الأَزهري: لم أَجد في غَبص غيرَ قولهم أَخذته مغابصة أَي معازة.

غبض

الليث: التَّغْبِيضُ أَن يريد الإِنسان البكاء فلا تُجِيبُه العين، قال أَبو منصور: وهذا حرف لم أَجده لغيره، قال: وأَرجو أَن يكون صحيحاً.

غبط

الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ. وفي الحديث: اللهم غَبْطاً لا هَبْطاً، يعني نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بك أَن نَهْبِطَ عن حالِنا. التهذيب: معنى قولهم غَبْطاً لا هَبْطاً أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا تُهْبِطَنا من الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وقيل: معناه اللهم ارْتِفاعاً لا اتِّضاعاً، وزيادةً من فضلك لا حَوْراً ونقْصاً، وقيل: معناه: أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ عليها وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ، وقيل: معناه نسأَلك الغِبْطةَ، وهي النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بك من الذُّلِّ والخُضوعِ.
وفلان مُغْتَبِطٌ أَي في غِبْطةٍ، وجائز أَن تقول مُغْتَبَطٌ، بفتح الباء. وقد اغْتَبَطَ، فهو مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، كل ذلك جائز. والاغْتِباطُ: شُكرُ اللّهِ على ما أَنعم وأَفضل وأَعْطى، ورجل مَغْبوطٌ. والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وقد أَغْبَطَ. وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً: حسَدَه، وقيل: الحسَدُ أَن تَتَمنَّى نِعْمته على أَن تتحوّل عنه، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مثل حال المَغْبوطِ من غير أَن تُريد زوالها ولا أَن تتحوّل عنه وليس بحسد، وذكر الأَزهري في ترجمة حسد قال: الغَبْطُ ضرْب من الحسَد وهو أَخفّ منه، أَلا ترى أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لما سئل: هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: نعم كما يضرُّ الخَبْطُ، فأَخبر أَنه ضارٌّ وليس كضَرَرِ الحسَدِ الذي يتمنى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عن أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ ورق الشجر حتى يَتَحاتَّ عنه ثم يَسْتَخْلِفَ من غير أَن يضرّ ذلك بأَصل الشجرة وأَغْصانها، وهذا ذكره الأَزهري عن أَبي عبيدة في ترجمة غبط، فقال: سُئل النبيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يضرُّ الغَبْطُ؟ فقال: لا إِلاَّ كما يضرّ العِضاهَ الخَبْطُ، وفسّر الغبطَ الحسَدَ الخاصّ. وروي عن ابن السكيت قال: غَبَطْتُ الرجل أَغْبِطُه غَبْطاً إذا اشتهيْتَ أَن يكون لك مثلُ ما لَه وأَن لا يَزول عنه ما هو فيه، والذي أَراد النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَن الغَبْط لا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ ما يلحق الغابِطَ من الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثواب دون الإِحْباط، بقدر ما يلحق العِضاه من خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبط ورقُها، فهو وإِن كان فيه طرَف من الحسد فهو دونه في الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، والشجر إذا قُشِر عنها لِحاؤها يَبِسَت وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دون يُبْس الأَصل. وقال أَبو عَدْنان: سأَلت أَبا زيد الحنظلي عن تفسير قول سيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَيضر الغبطُ؟ قال: نعم كما يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ، فقال: الغبْط أَن يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نفس، فقال الأَبانيُّ: ما أَحسنَ ما استَخْرجها، تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كما تُغَيَّرُ العِضاهُ إذا تحاتّ ورقُها. قال: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة. قال الأَزهري: الغَبْطُ ربما جلَبَ إِصابةَ عين بالمَغْبُوطِ فقام مَقام النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وهي الإِصابةُ بالعين، قال: والعرب تُكنّي عن الحسد بالغَبْط. وقال ابن الأَعرابي في قوله: أَيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر الخبط، قال: الغبْط الحسَدُ. قال الأَزهري: وفرَق اللّهُ بين الغَبط والحَسد بما أَنزله في كتابه لمن تدبّره واعْتَبره، فقال عزَّ من قائل: ولا تَتَمنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ به بعضَكم على بعضٍ، للرِّجالِ نَصِيب مما اكْتَسَبُوا وللنساءِ نَصِيبٌ مما اكْتَسَبْنَ، واسأَلوا اللّه من فضله؛ وفي هذه الآية بيان أَنه لا يجوز للرجل أَن يَتَمَنَّى إذا رأَى على أَخيه المسلم نِعمة أَنعم اللّه بها عليه أَن تُزْوَى عنه ويُؤْتاها، وجائز له أَن يتمنى مثلها بلا تَمَنّ لزَيِّها عنه، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ في حال حسَنة فيتمنى لنفسه مثلَ تلك الحالِ الحسنة من غير أَن يتمنى زوالها عنه، وإِذا سأَل اللّهَ مثلها فقد انتهى إِلى ما أَمَرَه به ورَضِيَه له، وأَما الحسَدُ فهو أَن يشتهِيَ أَن يكون له مالُ المحسود وأَن يزول عنه ما هو فيه، فهو يَبْغِيه الغَوائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحال ويجتهد في إزالتها عنه بَغْياً وظُلماً، وكذلك قوله تعالى: أَم يَحْسُدون الناس على ما آتاهم اللّه من فضله؛ وقد قدّمنا تفسير الحسد مُشعبَاً. وفي الحديث: على مَنابِرَ من نور يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع؛ ومنه الحديث أَيضاً: يأْتي على الناسِ زمان يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كما يُغْبَطُ اليوم أَبو العَشرة، يعني كان الأَئمة في صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال المسلمين وذَرارِيَّهم من بيتِ المال، فكان أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما يصل إِليهم من أَرزاقهم، ثم يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذلك عنهم فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال. وفي حديث الصلاة: أَنه جاء وهم يُصلُّون في جماعة فجعل يُغَبِّطُهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي بالتشديد، أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ ويجعل هذا الفعل عندهم مما يُغْبَطُ عليه، وإِن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهم لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصلاة؛ ابن سيده: تقول منه غَبَطْتُه بما نالَ أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هو كقولك مَنَعْتُه فامْتنَع وحبستُه فاحتبس؛ قال حُرَيْثُ بن جَبلةَ العُذْريّ، وقيل هو لعُشِّ بن لَبِيدٍ العذري:

وبَيْنَما المَرءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ،

 

إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ

أَي هو مُغْتَبِطٌ؛ قال الجوهري: هكذا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بكسر الباء، أَي مَغْبُوطٌ. ورجل غَابطٌ من قومٍ غُبَّطٍ؛ قال:

والنَّاس بين شامِتٍ وغُبَّطِ

وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لينظر سِمَنَهما من هُزالِهِما؛ قال رجل من بني عمرو ابن عامر يهْجُو قوماً من سُلَيْم:

إِذا تَـحَـلَّـيْتَ غَـلاَّقــاً لِـتَـعْـرِفَـهـا،

 

لاحَتْ من الـلُّـؤْمِ فـي أَعْـنـاقِـه الكُـتــب

إِني وأَتْيِي ابنَ غَلاَّقٍ ليَقْرِيَنيكالغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ

 

 

وناقة غَبُوطٌ: لا يُعْرَف طِرْقُها حتى تُغْبطَ أَي تُجَسّ باليد.
وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه طِرْقٌ أَم لا. وفي حديث أَبي وائلٍ: فغَبَطَ منها شاةً فإِذا هي لا تُنْقِي أَي جَسّها بيده. يقال: غَبَطَ الشاةَ إذا لَمَسَ منها المَوضع الذي يُعْرَف به سِمَنُها من هُزالها. قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه بالعين المهملة، فإِن كان محفوظاً فإِنه أَراد به الذبح، يقال: اعْتَبَطَ الإِبلَ والغنم إذا ذبحها لغير داء.
وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حتى كأَنه من حَبَّة واحدة؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إذا كانت كذلك. رواه أَبو حنيفة: والغَبْطُ والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ من الزَّرْع، والجمع غُبُطٌ.
الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ التي إذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة قَبْضة، الواحد غَبْط وغِبْط. قال أَبو حنيفة: الغُبوطُ القَبَضاتُ المَحْصودةُ المتَفرّقةُ من الزَّرْع، واحدها غبط على الغالب.
والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وهو للنساء يُشَدُّ عليه الهوْدَج؛ والجمع غُبُطٌ؛ وأَنشد ابن برّيّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:

وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً،

 

في ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟

وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على ظهر البعير إِغْباطاً، وفي التهذيب: على ظهر الدابةِ: أَدامه ولم يحُطَّه عنه؛ قال حميد الأَرقط ونسبه ابن بري لأَبي النجمِ:

وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابـهِ

 

إَغْباطُنا المَيْسَ على أَصْلابِه

جَعَل كل جُزْء منه صُلْباً. وأَغْبَطَتْ عليه الحُمّى. دامتْ. وفي حديث مرضِه الذي قُبِضَ فيه، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه أَغْبَطَتْ عليه الحُمّى أَي لَزِمَتْه، وهو من وضْع الغَبِيط على الجمل. قال الأَصْمعيّ: إذا لم تفارق الحُمّى المَحْمومَ أَياماً قيل: أَغْبَطَتْ عليه وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بالميم أَيضاً. قال الأَزهري: والإِغْباطُ يكون لازماً وواقعاً كما ترى. ويقال: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إذا لَزِمه؛ وأَنشد ابن السكيت:

حتّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا

يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،

بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا

قال ابن شميل: سير مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دائم لا يَسْتَريحُ، وقد أَغْبَطُوا على رُكْبانِهم في السيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرّحالَ عنها ليلاً ولا نهاراً. أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ علينا المطَرُ وهو ثبوته لا يُقْلعُ بعضُه على أَثر بعض. وأَغْبَطَتْ علينا السماء: دام مَطَرُها واتَّصَلَ. وسَماء غَبَطَى: دائمةُ المطر.
والغَبيطُ: المَرْكَبُ الذي هو مثل أُكُفِ البَخاتِيّ، قال الأَزهري: ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ ويكون للحَرائِر، وقيل: هو قَتَبةٌ تُصْنَعُ على غير صَنْعةِ هذه الأقْتاب، وقيل: هو رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة، والجمع غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:  

يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كَأَنَّها غُـبُـطٌ

 

بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا

يعني به خشَب الرِّحالِ، وشبّه القِسِيّ الفارِسيّةَ بها. الليث: فرس مُغْبَطُ الكاثِبة إذا كان مرتفع المِنْسَجِ، شبّه بصنعة الغبيط وهو رحْل قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة؛ قال الشاعر:

مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ

وفي حديث ابن ذِي يَزَنَ: كأَنّها غُبُطٌ في زَمْخَرٍ؛ الغُبُطُ: جمع غَبيطٍ وهو الموضع الذي يُوطَأُ للمرأَة على البعير كالهَوْدَج يعمل من خشب وغيره، وأَراد به ههنا أَحَدَ أَخشابه، شبه به القوس في انْحِنائها. والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وقيل: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مستوية يرتفع طَرفاها. والغَبِيطُ: مَسِيلٌ من الماء يَشُقُّ في القُفّ كالوادي في السَّعةِ، وما بين الغَبيطَيْنِ يكون الرَّوْضُ والعُشْبُ، والجمع كالجمع؛ وقوله:

خَوَّى قَليلاً غَير ما اغْتِباطِ

قال ابن سيده: عندي أَنَّ معناه لم يَرْكَن إِلى غَبيطٍ من الأَرض واسعٍ إِنما خوَّى على مكانٍ ذي عُدَواء غيرِ مطمئن، ولم يفسره ثعلب ولا غيره.
والمُغْبَطة: الأَرض التي خرجت أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً.
والغَبِيطُ: موضع؛ قال أَوس بن حجر:

فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِـبَـيْه

 

علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ

والغَبِيطُ: اسم وادٍ، ومنه صحراء الغَبِيطِ. وغَبِيطُ المَدَرةِ: موضع.
ويَوْمُ غَبِيطِ المدرة: يومٌ كانت فيه وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ غُلِبَتْ فيه شَيْبانُ؛ قال:

فإِنْ تَكُ في يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ،

 

فَيَوْمُ الغَبِيطِ كان أَخْزَى وأَلْوَما

غبق

الغَبْقُ والتَّغَبُّق والاغْتِباقُ: شرب العشيّ. والغُبُوق: الشرب العشي. رجل غَبْقانُ وامرأَة غَبْقَى كلاهما على غير الفعل، لأَن افْتَعَل وتَفَعَّل لا يُبْنى منهما فَعْلان. والغَبُوق: ما اغْتُبِقَ، وخصَّ بعضهم به اللبن المشروب في ذلك الوقت، وقيل: هو ما أَمسى عند القوم من شرابهم فشربوه، وجمعه غَبَائقُ على غير قياس؛ قال:

ما ليَ لا أُسْقَى على عِلاَّتِي

 

صبائحي، غَبائِقي، قَيْلاتي؟

أَراد وغَبائقي وقَيْلاتي فحذف حرف العطف، وحذفه ضعيف في القياس معدوم في الاستعمال، ووجه ضعفه أَن حرف العطف فيه ضرب من الاختصار، وذلك أَنه قد أُقيم مقام العامل، أَلا ترى أَن قولك قام زيد وعمرو أَصله قام زيد وقام عمرو، فحذفت قام الثانية وبقيت الواو كأَنها عوض منها، فإِذا ذهبتَ بحذف الواو النائبة عن الفعل، تجاوزتَ حدَّ الاختصار إِلى مذهب الانتهاك والإِجْحاف، فلذلك رُفِضَ ذلك.
وغَبَقَ الرجلَ يَغْبُقه ويَغْبِقه غَبْقاً وغَبَّقَه: سقاه غَبُوقاً فاغْتَبق هو اغْتِباقاً. وغَبَقَ الإِبلَ والغنم: سقاها أَو حلبها بالعشيّ، واسم ما يحلب منها الغَبُوق، والغَبُوق: ما اغْتُبِقَ حارّاً من اللبن بالعشيّ. ويقال: هذه الناقة غَبُوقي وغَبُوقتي أَي أَغتبق لبنها، وجمعها الغَبائقُ، وكذلك صَبُوحي وصَبُوحتي، ويقال: هي قَيْلَتُه وهي الناقة التي يحتلبها عند مَقِيلِه؛ وأَنشد:

صَبائحي غَبائقي قَيْلاتي

والغَبُوق والغَبُوقة: الناقة التي تحلب بعد المغرب؛ عن اللحياني؛ وتَغَبَّقها واغْتَبَقها: حلبها في ذلك الوقت؛ عنه أَيضاً. وفي حديث أَصحاب الغار: لا أَغْبِقُ قبلهما أَهلاً ولا مالاً أَي ما كنت أُقدِّم عليهما أَحداً في شرب نصيبهما من اللبن الذي يشربانِه. والغَبُوق: شرب آخر النهار مقابل الصَّبُوح. وفي الحديث: ما لم تَصْطَبِحوا أَو تَغْتَبِقوا، وهو تَفْتَعِلوا من الغَبُوق؛ وحديث المغيرة: لا تُحَرِّم الغَبْقةُ؛ هكذا جاء في رواية وهي المرة من الغَبُوق شرب العشي، ويروى بالعين المهملة والياء والفاء. وقال بعض العرب لصاحبه: إِن كنت كاذباً فشربتَ غَبُوقاً بارداً أَي لا كان لك لبن حتى تشرب الماء القَراح، فسماه غَبُوقاً على المثل، أَو أَراد قام لك ذلك مقام الغَبُوق؛ قال أَبو سَهْم الهُذَلي:

ومن تَقْلِلْ حَلُوبَتُه ويَنْكُـلْ

 

عن الأَعداءِ، يَغْبُقه القَراحُ

أَي يَغْبُقه الماء البارد نفسه. ولقيته ذا غَبُوقٍ وذا صَبوحٍ أَي بالغداة والعشيّ، لا يستعملان إِلا ظَرْفاً.والغَبَقةُ: خيط أَو عَرَقةٌ تشد في الخشبة المعترضة على سنام البعير، وفي التهذيب: على سَنام الثور إذا كَرَب يُثْبِتُ الخشبة على سنامه؛ وقال الأَزهري: لم أَسمع الغَبَقة بهذا المعنى لغير ابن دريد.

غبن

الغَبْنُ، بالتسكين، في البيع، والغَبَنُ، بالتحريك، في الرأْي.
وغَبِنْتَ رأْيَك أَي نَسِيته وضَيَّعْته. غَبِنَ الشيءَ وغَبِنَ فيه غَبْناً وغَبَناً: نسيه وأَغفله وجهله؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

غَبِـنْـتُـمْ تَـتـابُـعَ آلائِنـا،

 

وحُسْنَ الجِوارِ، وقُرْبَ النَّسَب.

والغَبْنُ: النِّسيان. غَبِنْتُ كذا من حقي عند فلان أَي نسيته وغَلِطْتُ فيه. وغَبَنَ الرجلَ يَغْبِنُه غَبْناً: مَرَّ به وهو مائلٌ فلم يره ولم يَفْطُنْ له. والغَبْنُ: ضعف الرأْي، يقال في رأْيه غَبْنٌ. وغَبِنَ رَأْيَه، بالكسر، إذا نُقِصَه، فهو غَبِين أَي ضعيف الرأْي، وفيه غَبانَة.
وغَبِنَ رأْيُه، بالكسر، غَبَناً وغَبَانة: ضَعُف. وقالوا: غَبنَ رأْيَه، فنصبوه على معنى فَعَّلَ، وإن لم يلفظ به، أَو على معنى غَبِنَ في رأْيه، أَو على التمييز النادر. قال الجوهري: قولهم سَفِهَ نَفْسَه وغَبِنَ رَأْيَه وبَطِرَ عَيْشَه وأَلِمَ بَطْنَه ووَفِقَ أَمْرَه ورَشِدَ أَمْرَه كان الأَصلُ سَفِهَتْ نَفسُ زيد ورَشِدَ أَمْرُه، فلما حُوَّلَ الفعل إلى الرجل انتصب ما بعده بوقوع الفعل عليه، لأَنه صار في معنى سَفَّهَ نَفْسَه، بالتشديد؛ هذا قول البصريين والكسائي، ويجوز عندهم تقديم هذا المنصوب كما يجوز غلامَه ضَرَبَ زيدٌ؛ وقال الفراء: لما حوِّل الفعل من النفس إلى صاحبها خرج ما بعده مُفَسِّراً ليَدُلَّ على أَن السَّفَه فيه، وكان حكمه أَن يكون سَفِهَ زَيدٌ نَفْساً لأَن المُفَسِّر لا يكون إلا نكرة، ولكنه ترك على إضافته ونصب كنصب النكرة تشبيهاً بها، ولا يجوز عنده تقديمه لأَن المُفَسِّرَ لا يَتَقَدَّم؛ ومنه قولهم: ضِقْتُ به ذَرْعاً وطِبْتُ به نَفْساً، والمعنى ضاق ذَرْعِي به وطابَتْ نَفْسِي به. ورجل غَبِينٌ ومَغْبُونٌ في الرأْي والعقل والدِّين. والغَبْنُ في البيع والشراء: الوَكْسُ، غَبَنَه يَغْبِنُه غَبْناً هذا الأَكثر أَي خدَعه، وقد غُبِنَ فهو مَغْبُونٌ، وقد حكي بفتح الباء وغَبِنْتُ في البيع غَبْناً إذا غَفَلْتَ عنه، بيعاً كان أَو شِرَاء. وغَبَيْتُ الرجلَ أغْباه أَشَدَّ الغِباء، وهو مثل الغَبْنِ. ابن بُزُرْج: غَبِنَ الرجلُ غَبَناناً شديداً وغُبِنَ أَشدّ الغَبَنانِ، ولا يقولون في الرِّبْح إِلاَّ رَبِحَ أَشدّ الرِّبح والرَّباحة والرَّباح؛ وقوله:

قد كانَ، في أَكل الكَرِيصِ المَوْضُون،

وأَكْلكِ التمر بخُبْزٍ مَسْمُون،

لِحَضَنٍ في ذاك عَيْشٌ مَغْبُون.

قوله: مغبون أَي أَن غيرهم فيه، وهم يجدونه كأَنه يقول هم يقدرون عليه إلا أَنهم لا يَعِيشونه، وقيل: غَبَنُوا الناسَ إذا لم يَنَلْه غيرُهم. وحَضَنٌ هنا؛: حيٌّ.
والغَبِينَة من الغَبْنِ: كالشَّتِيمَة من الشَّتْم. ويقال: أَرَى هذا الأَمر عليك غَبْناً؛ وأَنشد:

أَجُولُ في الدارِ لا أَراك، وفي ال

 

دّار أُناسٌ جِـوارُهـم غَـبْـنُ.

والمَغْبِنُ: الإِبِطُ والرُّفْغُ وما أَطاف به. وفي الحديث: كان إذا اطَّلى بدأَ بمغابنه؛ المَغابِنُ: الأَرْفاغُ، وهي بَواطِنُ الأَفْخاذ عند الحَوالِب، جمع مَغْبِنٍ من غَبَنَ الثوبَ إذا ثناه وعطفه، وهي مَعاطِفُ الجلد أَيضاً. وفي حديث عكرمة: من مَسَّ مَغابِنَه فلْيَتَوضأْ؛ أَمره بذلك استظهاراً واحتياطاً، فإِن الغالب على من يَلْمَسُ ذلك الموضعَ أَن تقع يده على ذكره، وقيل: المغابِنُ الأَرْفاغُ والآباط، واحدها مَغْبِنٌ.
وقال ثعلب: كلُّ ما ثَنَيْتَ عليه فخذَك فهو مَغْبِن. وغَبَنْتُ الشيءَ إذا خَبَأْته في المَغْبِنِ. وغَبنْتُ الثوبَ والطعامَ: مثل خَبَنْتُ. والغابِنُ: الفاتِرُ عن العمل. والتَّغَابُن: أَن يَغْبِنَ القومُ بعضهم بعضاً. ويوم التَّغَابُن: يوم البعث، من ذلك، وقيل: سمي بذلك لأَن أَهل الجنة يَغْبِنُ فيه أَهلَ النار بما يصير إليه أَهل الجنة من النعيم ويَلْقَى فيه أَهلُ النار من العذاب الجحيم، ويَغْبِنُ من ارتفعت منزلتُه في الجنة مَنْ كان دُونَ منزلته، وضرب الله ذلك مثلاً للشراء والبيع كما قال تعالى: هل أدُلُّكُم على تجارة تُنْجيكم من عذاب أَليم؟ وسئل الحسن عن قوله تعالى: ذلك يومُ التَّغابُنِ؛ فقال: غَبَنَ أَهلُ الجنة أَهلَ النار أَي اسْتَنْقَصُوا عقولَهم باختيارهم الكفر على الإِيمان. ونَظَر الحَسَنُ إلى رجل غَبَنَ آخر في بيع فقال: إن هذا يَغْبِنُ عقلَك أَي يَنْقُصه.
وغَبَنَ الثوبَ يَغْبِنُه غَبْناً: كفه، وفي التهذيب: طالَ فَثَناه، وكذلك كَبَنه، وما قُطِعَ من أَطرافِ الثوب فأُسقِطَ غَبَنٌ؛ وقال الأَعشى:

يُساقِطُها كسِقاطِ الغَبَنْ.

والغَبْنُ: ثَنْيُ الشيء من دَلْو أَو ثوب ليَنْقُصَ من طوله. ابن شميل: يقال هذه الناقة ما شِئْتَ من ناقةٍ ظَهْراً وكَرَماً غير أَنها مَغْبُونة لا يعلم ذلك منها، وقد غَبَنُوا خَبَرها وغَبِنُوها أَي لم يَعْلَمُوا عِلْمَها.

غتت

غَتَّ الضَّحِكَ يَغُتُّه غَتّاً: وَضَع يدَه أَو ثوبه على فيه، ليُخْفِيَهُ. وغَتَّ في الماء يَغُتُّ غَتّاً: وهو ما بين النَّفَسين من الشُّرْب، والإِناءُ على فيه. أَبو زيد: غَتَّ الشاربُ يَغُتُّ غَتّاً، وهو أَن يَتَنَفَّسَ من الشَّراب، والإِناءُ على فيه؛ وأَنشد بيت الهذلي:

شَدَّ الضُّحَى، فغَتَتْنَ غَيْرَ بَواضِعٍ،

 

غَتَّ الغَطَاطِ مَعاً على إِعْجـالِ

أَي شَرِبْنَ أَنْفاساً غير بَواضِعٍ أَي غَيْرَ رِواءٍ. وفي حديث المَبْعَثِ: فأَخَذَني جبريلُ فغَتَّني؛ الغَتُّ والغَطُّ سواء، كأَنه أَراد عَصَرني عَصْراً شديداً حتى وَجَدْتُ منه المَشَقَّةَ، كما يَجِدُ من يُغْمَسُ في الماء قَهْراً. وغَتَّهُ خَنِقاً يَغُتُّه غَتّاً: عَصَر حَلْقَه نفَساً، أَو نَفَسين، أَو أَكثر من ذلك. وغَتَّه في الماءِ يَغُتُّه غَتّاً: غَطَّه، وكذلك إذا أَكرهه على الشيء حتى يَكْرُبَه. ويقال: غَتَّه الكلامَ غَتّاً إذا بَكَّتَه تَبْكيتاً. وفي حديث الدُّعاء: يا مَنْ لا يَغُتُّه دعاءُ الداعِينَ أَي يَغْلِبُه ويَقْهَرُه. وفي حديث ثَوْبانَ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أَنا عِنْدَ عُقْرِ حَوْضِي، أَذُودُ الناس عنه لأَهل اليَمن أَي لأَذُودَهم بعَصايَ حتى يَرْفَضُّوا عنه، وإِنه ليَغُتُّ فيه ميزابانِ من الجنة: أَحدُهما من وَرِقٍ، والآخرُ من ذهبٍ، طولُه ما بين مُقامِي إِلى عُمانَ؛ قال الليث: الغَتُّ كالغَطِّ. وروي في حديث ثوبان أَيضاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم: في الحَوْض يَغُتُّ فيه ميزابانِ، مِدادُهما من الجنة؛ قال الأَزهري: هكذا سمعته من محمد بن إِسحق يَغُتُّ، بضم الغين، قال: ومعنى يَغُتُّ، يَجْري جَرْياً له صَوْتٌ وخَريرٌ؛ وقيل: يَغُطُّ؛ قال: ولا أَدري ممن حَفِظَ هذا التفسير.
قال الأَزهري: ولو كان كما قال، لقيل يَغُتُّ ويَغِطُّ، بكسر الغين، ومعنى يَغُتُّ يُتابعُ الدَّفْقَ في الحوض لا يَنْقَطِعُ،مأْخوذ من غَتَّ الشاربُ الماءَ جَرْعاً بعد جَرْع، ونَفَساً بعد نَفَس، من غير إِبانةِ الإِناء عن فيه؛ قال: فقوله يَغُتُّ فيه مِيزابانِ أَي يَدْفُقانِ فيه الماءَ دَفْقاً مُتتابعاً دائماً، مِن غير أَن يَنْقَطِعَ، كما يَغُتُّ الشاربُ الماءَ، ويَغُتُّ مُتَعَدٍّ ههنا، لأَن المُضاعف إذا جاء على فَعَلَ يَفْعُل، فهو متعدّ، وإِذا جاء على فَعَلَ يَفْعِلُ، فهو لازم، إِلا ما شَذَّ عنه؛ قال ذلك الفراء وغيره. وقال شمر: غُتَّ، فهو مَغْتُوتٌ؛ وغُمَّ، فهو مَغْمومٌ، قال رؤْبة يذكر يونس والحُوتَ:

وجَــوْشَـــنُ الـحُـوتِ له مَــبـيتُ،

 

يُدْفَـع عـنــه جـوفُـه الـمَـسْــحُــوتُ

كِلاهُما مُغْتَمِسٌ مَغْتُوتُ،والليلُ فَوْقَ الماء مُسْتَمِيتُ قال: والمَغْتُوت المَغْموم.

وغَتَّ الدابةَ طَلَقاً أَو طَلَقَيْن يَغُتُّها: رَكَضَها، وجَهَدَها، وأَتْعَبها. وغَتَّهم اللهُ بالعذاب غَتّاً كذلك. وغَتَّ القَوْلَ بالقَوْل، والشُّربَ بالشُّرْب، يَغُّتُّه غَتّاً: أَتْبَعَ بَعْضَه بعضاً.
وغَتَّه بالأَمْر: كَدَّه. وفي الحديث: يَغُتُّهم اللهُ في العذاب أَي يَغْمِسُهم فيه غَمْساً مُتَتابعاً. قال: والغَتُّ أَن تُتْبِعَ القولَ القَوْلَ، أَو الشُّرْبَ الشُّرْبَ؛ وأَنشد:

فغَتَتْنَ غير بَواضِعٍ أَنفاسَهـا،

 

غَتَّ الغَطاطِ مَعاً على إِعْجالِ

وفي حديث أُم زَرْعٍ في بعض الروايات: ولا تُغَتِّتْ طَعامَنا تَغْتيتاً؛ قال أَبو بكر أَي لا تُفْسده. يقال: غَتَّ الطعامُ يَغُّتُّ، وأَغْتَتُّه أَنا، وغَتَّ الكلامُ: فَسَدَ؛ قال قَبْسُ بن الخَطيم:

ولا يَغُتُّ الحديثُ إِذْ نَطَقَتْ،

 

وهو، بفِيها، ذو لَذَّةٍ طَرَبُ

غترف

التَّغَتْرُفُ مثل التَّغَطْرُفِ: الكبر؛ وأَنشد الأَحمر:

فإنك إن عادَيْتَني غَضِبَ الحَصى

 

عليك، وذو الجَبُّورةِ المُتَغَتْرِفُ

ويروى: المتغَطْرِفُ، قال: يعني الرب تبارك وتعالى؛ قال أَبو منصور: ولا يجوز أَن يوصَفَ اللّه تعالى بالتَّغَتْرُف، وإن كان معناه تكبراً، لأَنه عز وجل لا يوصَف إلا بما وصَفَ به لفظاً لا معنى.

غتل

غَتلَ المكانُ غَتَلاً، فهو غَتِلٌ: كثر فيه الشجر؛ قال ابن دريد: ولا أَدري ما صحته. ونخل غتِلٌ: ملتفٌّ، يمانية.

غتم

الغُتْمةُ: عُجْمة في المنطق. ورَجلٌ أَغْتَمُ وغَتْمِيٌّ: لا يُفْصِح شيئاً. وامرأَة غَتْماء وقومٌ غُتْمٌ وأَغْتام. ولبنٌ غُتْمِيُّ: ثخين لا يسمع له صوت إذا صُبَّ؛ عن ابن الأَعرابي. الغُتْمُ: قِطَعُ اللَّبَنِ الثِّخانُ؛ ومنه قيل للثقيل الروح: غُتْمِيٌّ. والغَتْمُ: شدة الحَرِّ والأَخذِ بالنَّفس؛ قال الراجز:

حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ،

 

وغَتْمُ نَجْمٍ غَيْرِ مُسْتَقَلِّ

أَي غير مرتفع لِثَبات الحَرِّ المنسوب إليه، وإنما يشتد الحر عند طلوع الشِّعْرَى التي في الجَوْزاء، ويقال للذي يجد الحَرَّ وهو جائع: مَغْتُومٌ. وأَغْتَمَ فلان الزيارة: أَكْثَرَها حتى يُمَلَّ. وقالوا: كان العَجَّاجُ يُغْتِمُ الشِّعْر أَي يُكْثر إغْبابَه. وغَتَمَ الطعامُ: تَجَمَّع؛ عن الهَجَري. ووقع فلان في أَحواض غُتَيْم أَي وقع في الموت، لغة في غُثَيْمٍ؛ عن ابن الأَعرابي. وحكى اللحياني: وَرَدَ حَوْضَ غُتَيمٍ أَي مات، قال: والغُتَيْمُ الموت فأَدخل عليه الأَلف واللام؛ قال ابن سيده: ولا أَعرفها عن غيره، والله أَعلم.

غثا

الغُثاءُ، بالضم والمدّ: ما يَحملِهُ السَّيلُ من القَمَشِ، وكذلك الغُثَّاءُ، بالتشديد، وهو أَيضاً الزَّبَد والقَذَر، وحَدَّه الزجاج فقال: الغُثاءُ الهالِكُ البا من ورق الشجر الذي إذا خَرَجَ السيلُ رأَيته مخالِطاً زَبَدَه، والجمع الأَغْثاء. وفي حديث القيامة: كما تَنْبتُ الحِبَّة في غُثاءِ السيلِ، قال: الغُثاءُ، بالمدّ والضم، ما يجيءُ فوقَ السيلِ مما يَحْمِلُه من الزَّبَدِ والوَسَخِ وغيره، وقد تكرر في الحديث. وجاء في مسلم: كما تَنْبُت الغُثاءةُ؛ يريد ما احتمَله السيلُ من البُزورات. وفي حديث الحسن: هذا الغُثاءُ الذي كنا نُحَدَّث عنه؛ يريد أَرْذال الناسِ وسَقَطهم. وغَثا الوادِي يَغْثْو غَثْواً فهو غاثٍ إذا كثر غُثاؤُه، وهو ما عَلا الماءَ؛ قال ابن سيده: هذه الكلمة يائِيَّة وواوِيَّة.والغَثَيان: خُبْثُ النفس. غَثَتْ نَفْسَه تَغْثِي غَثْياً وغَثَياناً وغَثِيَتْ غَثىً: جاشت وخَبُثَتْ. قال بعضهم: هو تحلُّب الفَمِ فربَّما كان منه القَيءُ، وهو الغَثَيان. وغَثَت السماء بسَحاب تَغْثِي إذا بَدَأَت تُغِيمُ. وغَثَا السيلُ المَرْتَعَ يَغْثوه غَثْواً إذا جمع بعضه إلى بعض وأَذْهَب حلاوَتَه، وأَغْثاهُ مثلُه. وقال أَبو زيد: غَثا الماءُ يَغْثُو غَثْواً وغَثاءً إذا كثر فيه البَعَرُ والوَرَق والقَصب. وقال الزجاج في قوله تعالى: الذي أَخرج المَرْعَى فجعله غُثاءً أَحْوَى، قال: جَعَله غُثاءً جَفَّفَه حتى صَيَّره هَشِيماً جافاً كالغُثاء الذي تراه فوق السَّيل، وقيل: معناه أَخْرَج المَرْعَى أَحْوَى أَي أَخْضَر فجَعَله غُثاءً بعدَ ذلك أَي يابساً. وحكى ابن جني: غَثَى الوادِي يَغْثِي، فهمزةُ الغُثاءِ على هذا منقلبة عن ياء، وسَهّلَه ابن جني بأَن جَمَع بينه وبين غَثَيان المعدَة لما يَعْلوها من الرُّطوبةِ ونحوها، فهو مُشَبّه بغُثاء الوادي، والمعروف عند أَهْلِ اللغة غَثَا الوادِي يَغْثُو غَثاً، قال الأَزهري: الذي رواه أَبو عبيد عن أَبي زيد وغيره غَثَتْ نَفسُه غَثْياً، وأَما الليث فقال في كتابه: غَثِيَت نفسُه تَغْثَى غَثىً وغَثَياناً.
قال الأَزهري: وكلام العرب على ما رواه أَبو عبيد، قال: وما رواه الليث فهو مولَّد، وذكر ابن بري في ترجمة عَثَا: يقال للضَّبعُ عَثْواء لكَثْرةِ شعرها، قال: ويقال غَثْواءُ، بالغين المعجمة؛ قال الشاعر:

لا تَسْتَوي ضَبُعٌ غَثْواءُ جَيْأَلَةٌ

 

وعَلْجَمٌ من تُيوسِ الأُدْمِ قِنْعال

غثث

الغَثُّ: الرديءُ من كل شيء. ولَحْمٌ غَثٌّ وغَثيثٌ بَيِّنُ الغُثوثةِ: مَهْزولٌ.
غَثَّ يَغِثُّ ويَغَثُّ غَثاثة وغُثُوثةً، وغَثَّتِ الشاةُ: هُزِلَتْ، فهي غَثَّةٌ، وكذلك أَغَثَّتْ. وأَغَثَّ الرجلُ اللحمَ: اشتراه غَثّاً.
وفي المحكم: أَغَثَّ اشترى لَحْماً غَثيثاً.
ورجل غَثٌّ وغُثٌّ: رديءٌ.
وقد غَثِثْتَ في خُلُقِك وحالك، غَثاثة وغُثُوثةً: وذلك إذا ساءَ خُلُقه وحالُه. وقوم غَثَثَةٌ وغِثَثةٌ. وكلامٌ غَثٌّ: لا طَلاوةَ عليه. قال ابن الزبير للأَعراب: والله إِن كلامَكم لَغَثٌّ، وإِن سلاحَكم لَرَثٌّ، وإِنكم لَعِيالٌ في الجَدْب، أَعداء في الخِصْبِ، وأَغَثَّ حديثُ القوم وغَثَّ: فَسَد ورَدُؤَ. وأَغَثَّ في مَنْطِقه. التهذيب: أَغَثَّ فلانٌ في حديثه إذا جاء بكلام غَثٍّ، لا معنى له.
ابن سيده: والغُثَّة الشيءُ اليسيرُ من المَرْعى؛ وقيل: هي البُلْغةُ من العَيْش، كالغُفَّةِ. واغْتَثَّت الخيلُ: أَصابتْ شيئاً من الربيع، كاغْتَفَّتْ. وهي الغُفَّة والغُثَّة، جاء بهما بالفاء والثاء؛ قال: وغيره يُجِيز الغُبَّة بهذا المعنى.
الأُمويُّ: غَثَّثَت الإِبلُ تَغْثِيثاً، ومَلَّحَتْ تمليحاً إذا سَمِنَتْ قليلاً قليلاً. وقال أَبو سعيد: أَنا أَتَغَثَّثُ ما أَنا فيه حتى أَسْتَسْمِنَ؛ أَي أَسْتَقِلُّ عَمَلي، لآخُذَ به الكثيرَ من النواب. وفي حديث أُم زرع: زَوجي لَحْمُ جملٍ غَثٍّ أَي مَهْزول؛ وفي حديثها أَيضاً: ولا تُغِثُّ طَعامَنا تَغْثِيثاً أَي لا تُفْسده.
وفي حديث ابن عباس قال لابْنه عليٍّ: الْحَقْ بابنِ عَمّك، يعني عبدَ الملك، فغَثُّكَ خيرٌ من سَمين غيرِك. وغَثِيثَةُ الجُرْح: مِدَّته، وقَيْحه، ولَحْمُه المَيِّتُ؛ وقد غَثَّ الجُرْحُ يَغَثُّ ويَغِثُّ غَثّاً وغَثِيثاً، وأَغَثَّ يُغِثُّ إِغْثاثاً إذا سالَ ذلك منه.
واسْتَغَثَّه صاحبُه إذا أَخرجه منه وداواه؛ قال: وكنتُ كآسِي شَجَّةٍ يَسْتَغِثُّها وأَغَثَّ أَيضاً أَي أَمدّ. وما يَغِثُّ عليه أَحدٌ غَثاثَته أَي ما يُفْسِدُ، وما يَغِثُّ عليه أَحدٌ إِلاَّ سأَله أَي ما يَدَعُ. التهذيب: يقال ما يَغِثُّ عليه أَحدٌ أَي ما يَدَعُ أَحداً إِلاَّ سأَله. ويقال: لَبِسْتُه على غَثِيثَةٍ فيه أَي على فسادِ عَقْلٍ. وفلانٌ لا يَغَثُّ عليه شيءٌ أَي لا يقولُ في شيء إِنه رديء فيَتْرُكه.
ورأَيتُ في حواشي بعض نسخ الصحاح بخط بعض الأَفاضل: الغَثْغثةُ القتال.

غثر

الغَثَرة والغَثْراء: الجماعة المختلطة، وكذلك الغَيْثرة. أَبو زيد: الغَيْثَرة الجماعة من الناس المختلطون من الناس الغَوْغاء. والغَثْراء والغُثْر: سَفِلة الناس، الواحد أَغْثَر، مثل أَحْمَر وحُمْر وأَسْوَدَ وسُود. وفي الحديث: رَعاع غَثرة؛ هكذا يروى، قيل وأَصله غَيْثرة حذفت منه الياء، وقيل في حديث عثمان، رضي الله عنه، حين دخل عليه القومُ ليَقْتُلوه، فقال: إِن هؤلاء رَعْاعٌ غَثَرة أَي جُهَّال؛ قال ابن الأَثير: وهو من الأَغْثَر الأَغْبَر، وقيل للأَحمق الجاهل: أَغْثَر، استعارةً وتشبيهاً بالضبع الغَثْراء للونها، قال: والواحد غاثِر، وقال القتيبي: لم أَسمع غاثِراً، وإِنما يقال رجل أَغْثَر إذا كان جاهلاً، قال: والأَجود في غَثَرة أَن يقال هو جمع غاثِرٍ مثل كافرٍ وكَفَرة، وقيل: هو جمع أَغْثَر فجُمِعَ جمْع فاعِل كما قالوا أَعْزَل وعُزَّل، فجاءَ مثل شاهدٍ وشُهَّد، وقياسه أَن يقال فيه أَعْزَل وعُزْل وأَغْثَر وغُثْر، فلولا حملهما على معنى فاعل لم يجمعا على غَثَرة وعُزَّل؛ قال: وشاهد عُزَّل قول الأَعشى:

غيرِ مِيلٍ، ولا عَواوِير في الهَي

 

جا، ولا عُـزَّلٍ ولا أَكْـفـال

وفي حديث أَبي ذر: أُحِبُّ الإِسلامَ وأَهلَه وأُحِبّ الغَثْراءَ أَي عامّة الناس وجماعتهم، وأَراد بالمحبة المُناصَحةَ لهم والشفقة عليهم. وفي حديث أُويس: أَكون في غَثْراء الناس؛ هكذا جاء في رواية، أَي في العامّة المجهولين، وقيل: هم الجماعة المختلطة من قبائل شتى. وقولهم: كانت بين القوم غَيْثرة شديدة؛ قال ابن الأَعرابي: هي مُداوَسة القوم بعضهم بعضاً في القتال. قال الأَصمعي: تركت القوم في غَيْثَرة وغَيْثَمةٍ أَي في قتال واضطراب.
والأَغْثَر: الذي فيه غُبْرة. والأَغْثَر: قريب من الأَغْبَر؛ ويسمى الطُّحْلُبُ الأَغْثَرَ، والغُثْرةُ: غُبْرة إِلى خضرة، وقيل: الغُثْرة شبيهة بالغُبْشة يخلطها حمرة، وقيل: هي الغُبْرة، الذكر أَغْثَر والأُنثى غَثْراء؛ قال عمارة:

حتى اكْتَسَيْتُ مِنَ المَشيبِ عِمامةً

 

غَثْراء، أُعْفِرَ لَوْنُها بخِضـاب

والغَثْراءُ وغَثَارِ معرفة: الضبع، كلتاهما لِلَوْنها. قال ابن الأَعرابي: الضبع فيها شُكْلة وغُثْرة أَي لونان من سواد وصفرة سَمْجة، وذئب أَغْثَر كذلك؛ ابن الأَعرابي: الذئب فيه غُبْرة وطُلْسة وغُثْرة.
وكَبْش أَغْثَر: ليس بأَحْمر ولا أَسود ولا أَبيض. وفي حديث لقيامة: يُؤتى بالموت كأَنه كبش أَغْثَر؛ قال: هو الكَدِر اللون كالأَغْبَر والأَرْبَدِ والأَغْثَر. والغَثْراء من الأَكْسِية والقطائف ونحوهما: ما كثر صوفه وزِئْبِرُه، وبه شبِّه الغَلْفَق فوق الماء؛ قال الشاعر:

عَباءة غَثراء مِنْ أَجَن طالي

أَي من ماء ذي أَجَنٍ عليه طلوة عَلَتْه. والأَغْثَر: طائر ملتبس الريش طويل العنق في لونه غُبْرة، وهو من طير الماء. ورجل أَغْثَر: أَحمق.
والغُنْثَر: الثقيل الوَخِم، نونه زائدة؛ ومنه قول أَبي بكر الصديق، رضي الله عنه، لابنه عبد الرحمن، رضي الله عنه: يا غُنْثَر. وأَصابَ القومُ من دُنياهم غَثَرة أَي كثرة. وعليه غَثَرةٌ من مال أَي قطعة. والمَغاثِيرُ: لغة في المَغافِير. والمُغثور: لغة في المُغْفور. وأَغْثَر الرِّمْثُ وأَغْفَرَ إذا سال منه صمغ حلو، ويقال له المُغْثور والمِغْثَر، وجمعه المَغاثِير والمغافير، يؤكل وربما سال لثَاه على الثَّرى مثل الدِّبس، وله ريح كريهة، وقال يعقوب: هو شيء يَنْضَحُه الثُّمام والرِّمْثُ والعُرْفُط والعُشَر حُلْوٌ كالعسل، واحدها مُغثور ومِغْثار ومِغْثَر؛ الأَخيرة عن يعقوب وحده. وخرج الناس يَتَمَغْثَرُون، مثل يَتَمَغْفَرون أَي يَجْتَنُون المَغافِيرَ.

غثلب

غَثْلَبَ الماءَ: جَرَعَه جَرْعاً شديداً.

غثم

الغَثَمُ والغُثْمة: شبيه بالوُرْقة. والأَغْثَمُ: الأَوْرَقُ.
والغُثْمة: أَن يَغْلِب بياضُ الشَّعَر سوادَه، غَثِمَ غَثَماً وهو أَغْثمُ؛ قال رجل من فزارة:

إِمَّا تَرَيْ شَيْباً عَلاني أَغْثَمُه،

 

لَهْزَمَ خَدَّيَّ به مُلَهْـزِمُـه

وغَثَمَ له من المال غَثْمةً إذا دفَع له دُفْعة، ومثله قَثَمَ وغَذَمَ.
وغَثَمَ له من العَطِيَّة: أَعطاه من المال قطعة جَيِّدة، وزعم قوم أَن ثاءه بدل من ذال غَذَم. الفراء: هي الغَثِمَةُ والْقِبَةُ والفَحِثُ.
ابن الأعرابي: الغُثْمُ القِبَاتُ التي تؤكل. أَبو مالك: إنَّه لَنَبْتٌ مَغْثُومٌ ومُغَثْمَرٌ أَي مُخَلَّطٌ ليس بجَيِّد.وقد غَثَمْتُه وغَثْمَرْتُه إذاخلطت كل شيء. والغَثِيمةُ: طعام يطبخ ويُجْعل فيه جرادٌ، وهي الغَبِيثَةُ. وَوَقع في أَحواض غُثَيْمٍ أَي في الموت، لغة في غُتَيْم، وقد تقدم. قال أَبو عمر الزاهد: يقال للرجل إذا مات وَرَدَ حيَاضَ غُثَيْمٍ. وقال ابن دريد: غُتَيْم، وقال ابن الأَعرابي: قُتَيْم. وغَثِيمٌ وغُثَيْمٌ: إسمان.

غثمر

المُغَثْمَر: الثوب الخَشِن الرديء النسج؛ قال الراجز:

عَمْداً كَسَوْتُ مُرْهِباً مُغَثْمَرا،

 

ولو أَشاءُ حِكْتُه مُحَـبَّـرا

يقول: أَلبسته المُغَثْمَر لأَدفع به عنه العين. ومُرهِب: اسم ولده.
وغَثْمَر الرجلُ ماله: أَفسده. وقال أَبو زيد: إِنه لَنَبْتٌ مُغَثْمَرٌ ومُغَذْرَم ومَغْثُوم أَي مُخَلَّط ليس بجيد. ابن السكيت: طعام مُغَثْمَرٌ إذا كان بقشره لم يُنَقَّ ولم يُنْخَل. وقال الليث: المُغَثْمِر الذي يَحْطِم الحقوقَ ويتهَضَّمها؛ وأَنشد:

ومُغَثْمِر لحقُوقِها هضّامها

ورواه أَبو عبيد ومُغَذْمِر.