مقدمة الحكواتي

كتاب طبقات الشعراء

 عبد الله بن محمد المعتز بالله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد العباسي

المولود في بغداد عام 861 م والمتوفي عام 909 م

 

ابـن المـعتز
861 – 909 م

هو عبد الله بن محمد المعتز بالله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد العباسي، أبو العباس. ولي الخلافة يوماً وليلة ثم مات خنقاً.

ولد في بغداد وكان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم. من اساتذته المبرّد (285هـ) وثعلب (291هـ).

عبد الله بن المعتز أديب وشاعر وناقد عالم. يجيد فني النظم والشعر، واسع الثقافة بصير بصنعة الألحان.

من كتب ابن المعتز: البديع، أشعار الملوك، طبقات الشعراء وله ديوان شعر.

تدور موضوعات شعره على الحكمة والفخر والمدح والهجاء والوصف والنسيب والطرد والزهد. يتناول في وصله وجوه الحياة المترفة في القصور، وهو يكثر من وصف الخمر ووصف الحلي والجواهر. وله في الهلال والنجوم أوصاف بارعة.


بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله الذي أقحم مصاقع الفصحاء بمعجز كلامه، وأخرس شقاشق البلغاء بترتيبه ونظامه، وبهر العرب العرباء باختراع مفتحه وختامه، الذي لا يرتقي نز الأوهام إلى زلازل كنه جبروته، ولا يستحوذ لهام الأفهام على سبر نقطة من مساحة بيداء ملكوته، ولا تؤمل أفكار الحكماء الراسخين، إدراك لمعة من أثيريات لاهوته.

ميز نوع الإنسان عن جنسه بفصل الكلام، وفضلّ منه صنف الملوك فعظمت فضائلهم المشتركة بين الخاص والعام. واختص من خلقه نبينا محمداً عليه أفضل الصلاة والسلام.

أحمده حمد معترف بالقصور عن أداء ما يجب منه عليه، وأشكره شكر مغترف من بحور فضله منيباً بكليته إليه. والصلاة والسلام على من اهتزت بأرواح نصرة أعطاف دولة العرب، فماج بها خضم دول الأكاسرة والقياصرة فاضطرب، وخضع من إعمال حسامه ربّ التاج والسرير لصاحب الشاة والبعير، فعطست العرب فرحاً بأنف العز الشامخ، وجرت مرحاً ذيل الشرف الباذخ الذي أبكى بمولده عيون الكفرة فخمدت نار فارس، وضعضع دعائم الفجرة فأصبح إيوان كسرى وهو طلل دارس، محمد المبعوث لامتطاء العباد جادة الرشاد، المبلغ عن الخالق إلى الخلائق قوانين الصواب والقواعد السداد، وعلى آله الذين شيدوا من بيوت الدين قواعد، وشرفوا بأقدامهم أعواد المنابر وساحات المساجد، وأصحابه أئمة الدين ورؤساء أهل اليقين بدور التمام ومصابيح الظلام، ما لمع البرق وغنّى الحمام، وأضحك الروض بكاء الغمام وبعد: فيقول أفقر العباد إلى الله عبد الله بن المعتز بالله بن المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله بن الرشيد بن هارون بن المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه: عقد الفكر طرفي ليلة بالنجوم، لوارد ورد عليّ من الهموم ، نفض عن عيني كحل الرقاد، وألبس مقلتي حلل السهاد، فتأملت فخطر على الخاطر في بعض الأفكار، أن أذكر في نسخة ما وضعته الشعراء من الأشعار، في مدح الخلفاء والوزراء والأمراء من بني العباس، ليكون مذكوراً عند الناس، متابعاً لما ألفه ابن نجيم قبلي بكتابه المسمى طبقات الشعراء الثقات، مستعيناً بالله المسهل الحاجات، وسميته طبقات الشعراء المتكلمين، من الأدباء المتقدمين.

فكان أول ترجمة ابن نجيم بشار بن برد وما له من الأشعار والآثار فنظرت في ذلك أن أجمعهم في هذا الكتاب، فرأيت الاختصار لأشعارهم عين الصواب، ولو اقتصيت جميع ما لهم من الأشعار لطال الكتاب، وخرج عن حد القصد، فاختصرت ذلك وذكرت ما كان شاذاً من دواوينهم، وما لم يذكر في الكتب من أشعارهم، واقتصرت على ما كان من مطولات قصائدهم، وبالله الاستعانة والتوفيق، وإليه المرجع والمآب، وما توفيقي إلا بالله، وعليه فليتوكل المتوكلون، ومنه يطلب الطالبون، وهو حسبي ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.