حدثني محمد بن إسرائيل. قال: حدثني جعفر بن غياث الموصلي قال: قال أيوب بن أبي سفيان: كنت أنا ومحمد بن أبي محمد اليزيدي نتحدث على شراب لنا في بعض المتنزهات. غذ أقبل قنفذ أبيض يدب مكانه فظنناه جائعاً، فألقينا له كسرة، فأكلها، ثم قلنا: لو سقيناه. فوضعنا له نبيذاً في قدح واسع، فقلت لمحمد: هل لك أن تقول فيه شيئاً نُغالط به سعيد بن مسلم غداً؟ قال: نعم. ثم أنشد:
وطارق ليلٍ جاءنا بعد هـجـعة |
|
من الليل إلا ما تحدث سـامـر |
قريناه صفو الراح إذ جاء صارقاً |
|
على الزاد لم يشعر بنا وهو سادر |
جميل المحيا في الرضا.فإذا أبـى |
|
حمته من الضيم الرماح الشواجر |
ولست تراه واضعاً لـسـلاحـه |
|
من الدهر موتوراً ولا هو واتـر |
ثم لقينا سعيداً فأنشدناه الأبيات فاستحسنها، وقال: هكذا والله أحب الفتى متيقظاً. فضحكنا. فقال: لكما والله قصة، لا تفارقاني أو تخبراني. فأخبرناه، فضحك ثم قال: لا يعلم الغيب إلا الله فكنا بعد ذلك لا نأتيه إلا تبسم في وجوهنا.
ومما يستحسن له قوله:
أتظن والذي تهوى مـقـيمُ |
|
لعمرك إن ذا خطر عظيمُ |
إذا ما كنت للحدثان عونـاً |
|
عليك مع الزمان فمن تلومُ |
شقيت به فما أنا عنه سـال |
|
ولا هو إذ شقيت به رحيم |
وله:
يا قمر الكرخ إن عبدكـم |
|
غريق شوق صريع أسقامِ |
لم يخط سهمُ الفراق مهجته |
|
شلت يمين الفراق من رام |
وهمّنيك اشتياق ذي فكـر |
|
مثلكم في اعتراض أوهام |
ومحمد هذا من المشهورين، وشعره موجود كثير.