أخبار حماد عجرد

قال أبو العباس المبرد: حدثني أبو يعقوب الباهلي قال:

هجا حماد عجرد محمد بن سليمان الهاشمي بقصيدته التي يقول فيها:

 

له جسم برغوث وعقل مكاتب

 

وغلمه سنـور يبـيت.يولـول

فأهدر محمد بن سليمان دمه، فعلم حماد عجرد أنه لا مقام له بالبصرة، فمضى إلى قبر أبيه سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس مستجيراً به وقال في ذلك:

لم أجد لي من الأنـام مـجـيراً

 

فاستجرت القبور والأحـجـارا

غير أني جعلت قبـر أبـي أي

 

وب لي من حوادث الدهر جارا

وحقيق لـمـن يجـاور ذاك ال

 

قبر أن يأمن الرّدى والعـثـارا

حدثني المهدي الشاعر قال: قيل لبشار الأعمى: ما أقبح ما هجاك به حماد عجرد؟ فقال قوله:

ويا أقبح من قـرد

 

إذا ما عمى القرد

وقد قيل: لم يشتد عليه من هجائه إياه شيءٍ كما اشتد عليه هذان البيتان:

لو طليت جلدته عنبـرا

 

لنتنت جلدته العنـبـرا

أو طليت مسكاً ذكياً إذن

 

لحول المسك عليه خرا

ومما يستسحن لحماد عجرد كلمته التي يقول فيها:

كم مـن أخ لـك لـسـت تــنـــكـــره

 

ما دمـت مـن دنـــياك فـــي يســـر

متـصـنـع لـــك فـــي مـــودتـــه

 

يلـقـاك بـالـتـرحـيب والـبـــشـــر

يطـــري الــــــوفـــــــاء ويل

 

حى الـغـدر مـجـتـهـداً وذا الــغـــدر

فإذا عدا والدهر ذو غير

 

 دهر عليك عدا مع الدهر

فارفض بإهمال أخوة من

 

يقـلـي الـمـقـل ويعـشـق الـمـثــري

وعــلـــيك مـــن حـــالاه واحـــدة

 

في الـعـسـر إمـا كـنـت والــيســـر

فلـقـد خـبـرت ومـا اسـتــوى رجـــلٌ

 

خبـر وآخـــر غـــير ذي خـــبـــر

فوجـدت مـن أحـبـبـت مـتـهـــمـــاً

 

متـصـرفـاً لـتـصــرف الـــدهـــر

إلا الـقـــلـــيل قـــد وجـــدت ذوي

 

عهـد وشـكـــر أيمـــا شـــكـــر

ومما يستحسن لحماد من الشعر ويختار له قوله:

ألست بودي واثـقـاً لـك إنـنـي

 

بودك مني واثق بي فـاعـلـمـا

أما والذي نادى من الطور عـبـده

 

وكرم بالإنجيل عيسى ابن مريمـا

وخص بآيات القـران مـحـمـداً

 

نبي الهدى صلى عليه وسـلـمـا

لقد حزت من قلبي مكاناً ممنـعـاً

 

أرى لك فيه أن أريق لك الـدمـا

أرى ذاك من غنمٍ، ولست أرى الذي

 

يرى الناس من غنم المكاسب مغنما

سأشرب كأسيك اللتين سقـيتـنـي

 

وإن كانتا والله صابا وعـلـقـمـا

وأدخل كفي إثر كفك فـي الـذي

 

عراك ولو أدخلتها ثقب أرقـمـا