حدثني جعفر بن جندب. قال: حدثني أبو زرعة الرقي قال: كان أبو الأسد الشاعر يشبه الأخطل في أيامه لجودة شعره، وكان دعبل هجا الحسن بن مرة فغضب أبو الأسد للحسن بن مرة فكتب إلى دعبل هذه الأبيات:
يا دعبل بن علي أنت في حسـن |
|
كالكلب ينبح من بعد على الأسد |
فاكفف لسانك عما قلت في حسن |
|
فقد رأيت له مثلي من الـعـدد |
فكتب إليه دعبل: لا أعود. واتصل الخبر بالحسن فبعث بخمسين ثوباً إلى أبي الأسد.
ومما رويناه واخترناه:
روحي مقيم بـين أثـوابـــي |
|
مستوفـز عن جسـدي نــابِ |
نَحُـفتُ حـتى مـا بقي مسـلك |
|
في جسـدي مجــرى لأوصـاب |
لم يبـق إلا حـركات الـهـوى |
|
منـي وعـين ذات تــســكاب |
من يرني يحسبني لم أمت |
|
أرده في شك مرتاب |
أي سقام وهوى فادحٍ |
|
وأي ضر حل أثوابي |
لو لمسوني ملء أيديهم |
|
لم يجـدوا غـير أسـلابــي |
حدثني أحمد بن مروان الخزري قال: حدثني عبد الوارث بن عمرو من أهل الجزيرة قال: كان أبو الأسد الثعلبي حين ترعرع أخذ في قول الشعر، وكان أصحابنا يقولون: يخرج والله أبو الأسد خروجاً يتحدث به، لأنه كان غواصاً، وما زال كذلك حتى سمي الأخطل الصغير. ثم لم يبق إلا يسيراً حتى لحق بالعسكر، ومدح الملوك، وأجزلوا له. فكان يقدم القدمة ومعه من الورق الكثير، والحملان والطرف ما يعلمه الله، حتى اعتقد ضياعاً بالجزيرة، وكان من أيسر أهلها.