أخبار ابن شادة المعروف بالمخنث

تذاكرنا يوما الطبائع الأربع وتكلمنا فيها، وابن شادة حاضر، فقال: أكثرتم القول في الطبائع، وما حقيقتها عندي إلا أن تأكل وتشرب وتنيك. فقلنا: هذه ثلاث، والطبائع أربع، قال: صدقتم، والغلط كان مني، الطبائع أن تأكل وتشرب وتنيك وتناك. ومما روينا: حدثني عمر بن عبد الرحمن قال: حدثني باذنجانة وهو أحد أولاد الفضل بن ربيع قال:

بالله يا مُـنـية حـتـى مـتـى

 

يرتـفـع الـحـب وينـحــط

وكيف منجاتي إذا صـرت فـي

 

بحـر هـوى لـيس لـه شـطُّ

يا أقدر الناس عـلـى عـلـتـي

 

ما إن أتى الـنـاس بـهـا قـط

قد صرت نصواً فوق فرش الهوى

 

كأنـنـي مـن دقـتـي خــط

وهو صاحب بديع رفيق. ومما استملحنا له قوله:

ها أنا ذا يسقطني للبـلـى

 

عن فرشي أنفاس عوادي

لو حسد الساك علـى دقة

 

خلقاً لأمسى بعض حسادي

وله أيضاً:

قل لـلـغـزال أقـمـت يا

 

سكني على قلبي الـقـيامة

لمـا رأيتــك لا عـــدم

 

تُ رؤاك تخطر في العمامة

كالشمس يزهـو نـورهـا

 

إما تبدت مـن غـمـامـه

نظري إلـيك بـمـا لـكـم

 

في القلب يعطيك ألوَلامـه

والجـسـم فـيه شـواهـد

 

بالحب يشهد لي قـسـامـه

وحلـفـت أنـك قـاتـلـي

 

والفتك يعقبـك الـنـدامـه

بجمال وجـهـك شـج لـي

 

كأس الهوان من الكرامـه

فلـقـد أمـيل إلـى هـوا

 

ك وقد أغصص بالملامـه

ولـقـد شـربـت مـدامة

 

فذكرت ريقك بالـمـدامـه

ولقد يئسـت مـن الـحـيا

 

ة كما يئست من السـلامـه

ولم يكن ابن شادة مخنثاً، إنما كان لا يهجو أحداً ولا يعرض له، فسمي بذلك مخنثاً على التلقيب، وكان آدب الناس.