حدثني ابن أبي فنن قال: كان المعلى الطائي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكان من أقنع الناس. وقال يوماً: يكفيني في كل سنة خمسون درهماً فضة، فتعجب من ذلك بنوه. وكان لا يغتاب أحداً ولا يتكلم فيه، وكان أعف الناس فرجا وأصدقهم لساناً، وكان من قبل هذه الحال يتعاطى الفتوة والشطارة، ويطلب ويعبث ويفسد ويقطع ويشرب الخمر، ثم تاب وصار بالصفة التي وصفناها. ومما رويناه له قبل التوبة ولكن كان كف عن الفساد الفاحش قوله في مدح المطلب بن عبد الله الخزاعي:
يا شاهر السيف إلى فتنـه |
|
يؤوب مسعاها إلى فـوتِ |
اخطُبْ إلى مطلبٍ ضـربةً |
|
إن كنت مشتاقاً إلى الموتِ |
ترى فتى يروي القنا من دمٍ |
|
يكسوك منها خلعة الفـوت |
إذا انتضى أسيافه سخـطة |
|
عجّلن عن سوف وعن ليت |
وله أيضاً:
لقد سعدت عيني بـوجـه كـريمةٍ |
|
وإن كان في غب السرور بها حتفي |
|
فإن مت من شوق إلى عودِ نظـرة |
|
فحسبي من دنياي ما ناله طـرفـي |
|
إذا سمعت أذناي منطـق عـودهـا |
|
وأفصحت الأوتار عنها بما تخـفـي |
|
وغنت كصوت الصنج تحت لهاتـهـا |
|
تجاوبه النايات فـي نـغـم الأنـف |
|
فيجمع بين الرجز والشج حـذقـهـا |
|
وتسكت من غنجٍ على مقطع الحرف |
|
موردة الخدين مهضومة الـحـشـى |
|
معقربة الصدغين فاترة الـطـرف |
|
تقمَّص أثـواب الـرجـال تـمـرداً |
|
وتأنف من لبس القلادة والـشـنـف |
|
وهو حسن الشعر مليحه، ولما تاب ترك الشعر،وكان يقال له: لم لا تقوله وأنت نسيج وحدك؟ فيقول: قد أبدلني الله تلاوة كتابه. وما قال بعد ذلك شعراً حتى مات.