وقد أحتج الجاحظ بشعره. حدثني أبو حاتم الأسدي قال: حدثني أبو حاتم الأحول قال: كان درست المعلم أقصر من رأيت وأضعفه بدنا، وكان مع ذلك يقول: لولا أنني معلم، والمعلم عند الناس أحمق، وأنا مولى. وليس بالمولى كالصريح، لما دعا الناس إلى بغض هذه الدولة- يعني دولة بني العباس-، أو حي يقال له: درست. وكان يرى رأى الخوارج ويرى الدار دار كفر، ويقول: قد عطلوا الأحكام وغيروها. وقد قال الله:" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وكان مع هذا أرقع خلق الله، إلا أنه كان فصيحاً جيداً لقول الشعر.
حدثنا أبو نزار الخارجي قال: حدثني من رأى درست المعلم يناظر في مسجد البصرة صنوف أهل العلم فيغلبهم، لأنه كان عمل في الكلام وجود، وكان ذا بيان وشدة عارضة.
ومما رويناه له في جيرانه:
لي جيران ثـقـال كـلـهـم |
|
وخفـيف فيهـم مـثـل الـرصاص |
قلت لما قيل لي: قد غضبوا: |
|
غضب الخيل على اللجم الدلاص |
ومما سار له في الدنيا لجودة معناه قوله:
لنا صاحب مولع بـالـخـلاف |
|
كثير الخطا وقليل الـصـوابْ |
ألجُّ لجاجاً من الخـنـفـسـاء |
|
وأزهى إذا ما مشى من غراب |
ومما يستملح من غزله قوله:
أما والخال في الخد الأصـيل |
|
وطرف فاتر غنج كـحـيلِ |
وقد مائل يحـكـيه غـصـن |
|
على دعص من الردف الثقيلِ |
أنا المقتول من بين الأسـاري |
|
فهل ترثى لمحزون نـحـيل |
لقد أبدى هواك لنـا سـيوفـاً |
|
فكم بسيوف حبك من قـتـيلِ |
ألا يا عين قبل البـين جـودي |
|
بدمع وَاكِفٍ هَمِلٍ هَـطُـولِ |
على جسم براه هجـر حـب |
|
أراه سوف يؤدي عن قلـيل |