حدثني حامد بن محمد العدوي عن أبي علي المكي قال: اجتمع أبو السفاح الأنصاري وعبد اله ب رضا وإسماعيل بن يوسف، وكانوا خلعاءَ مجاناً فقالوا: نتفق على أن نقول في صفة الخمر لا نتعدى ذلك إلى غيره، فبقوا على ذلك إلى أن ماتوا.
فمما رويناه لإسماعيل قوله:
يا رُبَّ خمّارة بالقفـص حـانـتـهـا |
|
عادية ذات أطـمـارٍ مـهـــاريتِ |
نبهتها سحراً والـنـجـم مـنـكـدرٌ |
|
والديك يمزج تصفيقـاً بـتـصـويت |
فأوجست خيفة مني ومـا عـلـمـت |
|
أني طريق لـربـات الـحـوانـيت |
فقلت: عندك خمر تمـتـعـين بـهـا |
|
صحبي؟ وحظك عندي كل مـاشـيت |
قالت: أصبت المنى من عانس عُصرت |
|
في العهد من صاحب اليقطين والحوت |
وقتل لمـا رأيت الـكـأس سـاطـعة |
|
تجلو الظـلام: ألا يا خـمـر حُـييت |
فقلت ما نالها غيري فـكـيف بـهـا |
|
قالت فأنت لها قـلـنـا لـهـا إيتـي |
ولم أزل أتـحـسـاهـا مـصـفـقةً |
|
مع كل مدرعٍ بالـحـكـم سـكـيت |
ترى وجوههم منهـا إذا خـضـعـوا |
|
للسكر تلمع كالبيض الـمـصـالـيت |
ينقضّ منها شرار كلـمـا مُـزجـت |
|
كالشهب تنقض في إثر العـفـاريت |
ترى لها في أعالي كأسـهـا حـدقـاً |
|
من الحباب كأحـداق الـمـبـاهـيت |
كأنها حين حـل الـمـاء يرثـمـهـا |
|
شيبت بمسك ذكي الريح مفـتـوت1 |
فكم لها من صـريع فـارس بـطـل |
|
قد كان يُرهب يوم الروع مسـبـوت |
ومما يستحسن له قوله:
نور تحدر من فـم الإبـريقِ |
|
في ريح كافورٍ ولون خلـوق |
صبغ الظلام شعاعها لما رمت |
|
أقطاره بصواعـق وبـروق |
فكأنه سبـج زهـا بـسـواده |
|
ثم ارتدى منها بثوب عقـيق |
وكأنها وشرارها مـتـطـايرٌ |
|
والماء يخمدها ضرام حريق |