أخبار أبي الغول

حدثني حاتم بن مطرق قال: حدثني أبو الأبرد العبدي قال: دخل أبو الغول على الرشيد فأنشده مديحاً له، فقال الرشيد: يا أبا الغول. قال: لبيك يا مولانا أمير المؤمنين، قال إن في أنفسنا من شعرك شيئاً، فلو كشفته بشيء تقوله على البديهة؟ قال: والله ما أنصفتني يا أمير المؤمنين. قال: ولم؟ وإنما هذا امتحان. قال: لأنك جمعت هيبة الخلافة وجلالة الملك وحيرة الاقتضاب، على أني أرجو أن أبلغ من ذلك ما تريد، فالتقيت فإذا الأمين قائم عن يمنه، والمأمون عن يساره فأنشأ يقول:

بنـيت لـعـبـد الـلـه بـعـد محـمـد

 

ذرا قـبة الإسـلام فـاخـضــر عـودهـا

هما طنباها بارك الله فيهماوأنت أمير المؤمنين عمودها

 

 

قال الرشيد: وأنت بارك الله فيك، أحسنت وأجدت. فقال: يا أمير المؤمنين امتحني بما شئت ليزول ما بقلبك من الريبة والشك في شعري. فقال: لا حاجة بنا إلى ذلك، أنت شاعر مقتدر، والذي قيل فيك باطل. ثم وصله بعشرة آلاف درهم وخلع عليه.

ومما يستحسن له كلمته في داوود ين يزيد بن حاتم المهلبي التي يقول فيها:

وقد كان هذا البحر ليس يجـوزه

 

سوى مشفق من هوله أو مخاطر

فصار على مرتاد جودك هـينـاً

 

كأن عليه محكمات القـنـاطـر

وهذه القصيدة من أشرف ما قيل في داوود. وكان جواداً قد مدحه جماعة ومما يستحسن له قوله:

إذا الريح من نحو الحبيب تنسمت

 

بعيد صلاة العصر طاب نسيمها

وهبت بأحزان لنا، وتـذكـرت

 

بها النفس أشجاناً توالى همومها

وظل يدق القلب أن نسمت لـه

 

وفاض لها عين طويل سجومها

وحنت بنات القلب مني وأقبلـت

 

عليّ حديثات الهوى وقديمهـا

وله شعر كثير، وهو من المشهورين الذين يوجد شعرهم بكل مكان.