أخبار الحمدوني باعث الطيلسان

حدثني إسحاق بن إبراهيم النصيبي قال: قال الحمدوني: مررت ببعض الأسواق ببغداد يوماً والزحام كثير، وإذا ببغاء، قد لزق بي في الزحمة يمس متاعي ويؤذيني، وإذا بلوطي خلفي قد ظنني أمرد، فهو يتعرض فقحتي ويسدد متاعه على جحري، فما رأيت أني قد ضُغطت من خلفي ومن قدامي أخذت يد البغاء فوضعتها على متاع اللوطي وخرجت من بينهما في عافية.

وكان الحمدوني من أملح الناس شعراً وأقدرهم على الوصف، وكان عامة شعره في طيلسان ابن حرب وهو القائل فيه:

يا ابن حرب كسوتني طيلساناً

 

مل من صحبة الزمان وصدا

فحسبنا نسج العناكب لو قِـي

 

س إلى ضعف طيلسانك سداً

إن تنفست فيه ينشق شـقـاً

 

أو تنحنحت فيه ينـقـدُّ قـدا

طال ترداده إلى الرفو حتـى

 

لو بعثناه وحـده لـتـهـدى

وله:

يا ابن حرب أطلت فقري برفـوي

 

طيلساناً قد كنت عـنـه غـنـياً

فهو في الرفو آل فرعون في العر

 

ض على النار بكـرة وعـشـيا

وله:

فيما كسانيه ابن حرب معتـبـر

 

فأنظر إليه فإنه إحدى أنكـبـر

قد كان أبيض ثم ما زلـنـا بـه

 

نرفوه حتى اسود من صدإ الإبر

وله فيه قريب من مائتي بيت في خمسين قطعة تفتن معانيها.

وله في ابن أبي خزرة:

ألم تر في ابن أبي خـزرة

يحب عجاباً كما قد زعـمْ

وليس بكافيه من حـبـهـا

سوى أن يدلك أو يحتـلـم

إذا بات سكران من حبهـا

وأصبح من جوعه متخـم

فيالك من عاشق مفـلـس

أخي صبوة موسر من عدم

ونـبـئتـه زارهـا لـيلة

تُبيل الحمار من القُـرّ دَمْ

عليه قـميص له واحـد

 يقص عليك حديث الأمم

فغـنت فـآثرها بالقـميص

 وغودر عُريان كـالمستـحم

وغنى وقد ضربته الشمال

 وأصبح من بردها قد صُدم

أخذت بريدي فأعريتني

 وأورثـتِ جسمي طول السـقم