أخبار أبي الفضة البصري

حدثني محمد بن الأشعث قال: كان أبو الفضة من أولاد موالي زبيدة. وكان يبيع الخمر وكان نظيفاً ظريفاً. وكان يناضل ابن أبي خالد. وابن أبي خالد أشعر منه. وابن أبي خالد هو الذي يقول في يحيى بن أكثم:

قاض يرى الحد في الزناء ولا

 

يرى على من يلوط من باس

أميرنا يرتشي وحـاكـمـنـا

 

يلوط والراس شر مـا راس

لا أحسب الجور ينقضي وعلى

 

الأمة والٍ مـن آل عـبـاس

وكان أبو الفضة عفيفاً. حدثني أبو الأعمش قال: كان أبو الفضة في محلة كان تعرف في القديم بمحلة العتاة، وكان فيهم قوم مُجّان، يُكرِهون كل من يمر بهم على الفسق والفجور وشرب الخمر، فمر بهم أبو الفضة. فأخذوه وأدخلوه داراً، وجاءوا بامرأة وقالوا: لتباشرنها أو لنقتلنك. فقال لهم: يا قوم اتقوا الله، فهذا شيء لا أفعله ولا عهد لي به، فحلفوا لئن لم يفعل ليقتلنه فلما رأى ذلك دخل، فإذا صبية صبيحة الوجه مليحة، وأغلقوا عليهما الباب. فقال أبو الفضة للجارية: هل لك في خير؟ قالت: وما هو؟ قال: أنت والله مُنية المتمني. ولكني أكره أن أفتح على نفسي هذا الباب، فتقربي إلى الله بأن تخلصيني من هؤلاء القوم وتقولي: إنه قد فعل. فقالت الجارية: أيها الرجل، استحييت لك على قلة الدين، أتأمرني أن أكذب في يوم جمعة؟ ولأبي الفضة مرثية في جارية له جيدةٌ، قد أدخلوها في المراثي الطوال التي جمعوها وأولها هذا:

أجد بِخُلَّتك المُـبـكـرونَ

 

إلى دمنة المنزل الموحشِ

وهذه قصيدة مشهورة موجودة في أيدي الناس.