أخبار أبي الشبل

حدثني أبو الأزهر الكوفي قال: قال أبو الشبل الكوفي: صرت أنا ومحمود الوراق إلى قُرطبل، فدعونا الخمار وقلنا: هات لنا من عين الراح العتيق التي قد أنضجها الهجير، فجاء بها، فقلنا: اجلس اشرب واسقنا. فنظر إلينا شزراً وقال: أنا مسلم- وكان يهودياً واسلم- أتأمرونني أن اشرب الخمر؟ قال أبو الشبل: فنظر إلي محمود الوراق وقال: قوم، منهم الخمار مسلم متحرج، أترى لله فيهم حاجة؟ قلت: لا لعمر الله.

وحدثني أبو الأغر الأسدي قال: مدح أبو الشبل مالك بن طوق بقصيدة عجيبة وأمل بها ألف درهم، فأعطاه مائة دينار في صرة، فلم يفتحها وردها مع رقعة فيها هذان البيتان:

ألا ليت ما جادت به كف مـالـكٍ

 

ومالك مدسوسان في است أم مالك

ويُترك مدسوساً إلى يوم حـشـره

 

فأهون مفقـود وأيسـر هـالـك

وكان مالك يومئذ أميراً على الأهواز، فلما قرأ البيتين أمر بإحضاره فأُحضر، فقال: يا هذا، بم استحققنا منك هذا؟ فقال: إني مدحتك بقصيدة أملت فيها ألف درهم فوصلتني بمائة. فقال: افتح الصرة ففتحها، فإذا فيها مائة دينار. فاستحيا وقال، أقلني أيها الأمير، قال: قد أقلتك.

وحدثني عبد الرحمن بن محمد الخزري قال: حدثني أبو محرز قال: قال أبو الشبل: كان فينا رجل فقيه حسن الدين، وكان له ابن شاب لا يزال يحبل الجارية الظريفة من جواري الناس، فإذا ولدت سأله أن يشتري الولد، فإذا رأى الشيخ شبه ابنه فيه رق قلبه له، فيشتريه ويربيه ويحسن إليه، فلما طال هذا على الشيخ قال له يوماً: يا بني. إني أعظك وأزجرك وما ينجع فيك ولا ينفع، فإن كنت لا بد فاعلاً فاعزل: قال: يا أبت بلغني أن العزل يُكره. قال له أبوه: يا قرة عين الشامتين، تركت الزنا وتتحرج في العزل.