أخبار ماني المجنون

أخبرني أحمد بن عاصم بن قدامة الضميري قال: رأيت ماني المجنون يوماً بباب الكرخ ببغداد وهو عريان بيده قصبة، وهو كأنه ملهوف. وهو يقول ولا يزيد عليه شيئاً:

تخرج من زقـاقِ

 

لها إلـى زقـاقِ

كأنهـا عـروس

 

فرت من الطلاق

فقلت له: من تعني؟ قال: الناقة. وإذا هو قاعد، فإذا أقبلت الجمال النقالة قام في أثرها يتبعها ساعة، ثم يرجع إلى موضعه، ولا يزال ذلك دأبه عامة نهاره.

حدثني أبو شجرة قال: كان ماني المجنون من أشعر الناس وهو القائل:

نُجْل العيون قواصد النبلِ

 

قتَّلنا بعيونها الـنُّـجْـلِ

كَحَلَ الجمال جفون أعينها

 

تفتر عن كحلٍ بلا كُحلِ

وكأنهن إذا أردن خـطـاً

 

يقلعن أرجلهن من وحل

وهو القائل:

عدمت جهالتي وفقدت حمقـي

 

لقد أخطأت وجه طريق عشقي

كذبت على لساني فـي مـزاح

 

فقلت له ولم أنطـق بـحـق

أنا الصب المسهد في هـواكـم

 

وجنبت المقالة محض صـدق

فبادر حين ملتُ إلى اعتنـاقـي

 

بوجه عظاية ونهـاح سِـلْـق

وساقي صعوةٍ وبخطـم قـرد

 

وريح كنائف وبنـتـن شـدق

ترى ما أخفتا شفتـاه نـحـوي

 

كأن لثاتـه عُـلـت بـدبـق