حدثني يقظان بن محمد الخزري قال: قال جحشويه: دخلت يوماً إلى داري فإذا غلام ينيك حماراً، فلما رآني استحيا وحار وذهب يهرب، فحلت بينه وبين ذلك وقلت: يا ابن الفاعلة ما حملك على هذا؟ قال: يا سيدي، الله الله، فإن متاعي كان قائماً، فلما رأيتك قعد- وكان أعجمياً- فأعجبتني كلمته وتركته.
وحدثني أبو نصر مولى البجليين قال: كان جحشويه من ألوط الناس وأبعدهم مما يرمى به نفسه، وكان ينسب نفسه إلى البغا، وله في هذا تملح على غير حقيقة. من ذلك قوله:
أحسنُ من جارية دعجاء |
|
معدودة خمصانة فرعاءِ |
ذات وشاح طفلة بيضاء |
|
ومن عُقارٍ مُزجت بماءٍ |
ومن وقوف الرجل البَكّاء |
|
في منزل أقفر من قباء |
أير الغلام الأمرد السَّقَّاء |
|
ذي القربة الحلوة والقباء |
يختال في قطيفة حمراء |
|
بفيشة كالهامة الصلعاء |
كأنها جمرة من الجماء |
|
|
ومما يستحسن له في ابن الجهم قوله:
تماري ندى ابن الجهم يوماً وبأسه |
|
وقالا رضينا في المحاكمة الفخرا |
فقال الندى: يا فخر، أنهبت مالـه |
|
ولكنني عوضته الحمد والأجـرا |
فقال له البأس: انتضيت سـيوفـه |
|
فأوردتها بيضاً وأصدرتها حمـرا |
فقال مجيباً: شدتما قـبة الـعـلا |
|
وأوطنها فلتعمراها، به الدهـرا |
ومما يستحسن له قوله:
لو مضى ابن الـجـهـم قِــيس يد |
|
مضـت الـدنـيا لـه تــبـــعـــا |
غير أنــي لا أرى أحـــــداً |
|
دون راجـي عُـرفـه انـتـفــعـــا |
لا أرى من دون راحته |
|
لامرئٍ وافاه مُنتجعا |
لو يرد الطرف لحظته |
|
في صـفـاة مـاؤهـا نـبـــعـــا |
وجحشويه من المجيدين المشهورين.