أخبارابن أبي فنن

حدثني عبد الله بن صالح المقرئ قال: كان ابن آبى فنن وكنيته أبو عبد الله أحمد، شاعراً مفلقاً مطبوعاً، وكانت له ضيعة في قطيعة لمحمد بن عبد الله بن طاهر فكان الحاشر يصير له كثيراً فيؤذيه، وربما أشخصه، فكتب إلى محمد يذكر له ذلك:  

أبـنـي حـسـين إنـنــي

 

أصبحت في كنـف الأمـيرِ

ولنا معـاش فـي قـطـي

 

عته على الماء الـنـمـير

وبـنـيت بـيتـاً عـنــده

 

سميتـه بـيت الـسـرور

وإذا حـضـرت فـنــاءه

 

وشرت من حلب العصـير

فكأننـي فـي نـعـمـتـي

 

رب الخورنـق والـسـدير

لولا تـردد حـــاشـــرٍ

 

كالكلب في اليوم المـطـير

غادٍ عـــلــــي ورائح

 

يصل الرواح إلى البـكـور

فإذا بـدا لـي وجـهـــه

 

أُخرجت صغراً من سروري

فهل الأمـير بـفـضـلـه

 

من قبح طلعتـه مـجـيري

فلما قرأ محمد بن عبد الله الأبيات وقع تحتها: قد أجرناك يا أبا عبد الله. وأمرنا لك باحتمال خراجك- وكان في كل سنة ستة آلاف درهم- وحمل إليه صلة. وحلف ليقضين الخراج عنه، وإنما حلف لأنه رجل لا يمدح أحداً ولا يستميح ولا يضع نفسه موضعاً يقبل فيه براً لأحد. قال أبو عبد الله فلما أتاني التوقيع مع الصلة، وقد حلف عليها بالغموس لأقبلنها، لم أجد بداً من ذلك، فأنا اشكر له بالشعر ما صنع، واحتجت إلى أن أمدحه في كل عام بقصيدة، فصرت بذلك السبب شاعراً.