حدثني ابن دعامة قال: كان أبو علي البصير واقفاً بباب الجوسق، وكانت المواكب تمر فيسأل عن أصحابها فيقال: هذا فلان التركي وهذا فلان الخزري، وهذا فلان الفرغاني وهذا فلان الديلمي، ولا يذكر له أحد من العرب المذكورين، ولا من أبناء المهاجرين والأنصار، فيقول: يا بني النعمة اصبروا لهم كما صبروا لكم.
وكان أبو علي كاتباً رسالياً. ليس له في زمانه ثان، شاعراً جيد الشعر، وقد قلنا في أخبار العتابي: إن هذا قلما يتفق للرجل الواحد، لأن الشعر الذي للكتاب ضعيف جداً، وكتابة الشعراء ضعيفة جداً، فإذا اجتمعا في الواحد فهو المنقطع القرين وهو القائل:
رائدات الهوى سلبـن فـؤادي |
|
فتبدلت تـرحةً بـاغـتـبـاطِ |
ملكت نظرتي فصـار فـؤادي |
|
غرض كف لشـادن قـبـاط |
فثنته طـوعـاً إلـيه ومـدت |
|
منه كف الهوى لشـد ربـاط |
أهيف أوطـف أغـر غـرير |
|
مازجٌ لي سقامه بـاخـتـلاط |
لا وصول ولا هجور ولـكـن |
|
ذو انقباض وتارة ذو انبسـاط |
ربما قلت: وصله ليس عـنـه |
|
مدفع من قلىً فيحيا نشاطـي |
فأنا الدهر فـي رجـاء ويأس |
|
من حبيبي وفي رضاً أو سخاط |
فإذا رمته فـلـمـس الـثـريا |
|
دونه أو لقاؤه في الـصـراط |
وكساني هواه من خلع السـق |
|
مِ رياطاً فأنحلتـنـي رياطـي |
ورسائله وشعره كثير مشهور معروف