أخبار أبي سلهب

حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد القُمي قال: قدم بعض تجار البصرة فصار إلى أبى حاتم السجستاني فقال له: من أي بلد آنت؟ قال: من أهل فارس، فقال له: ما فعل شاعر عندكم، لو كان بالبصرة ما قيل: إن بها شاعراً غيره؟ قال له الرجل: ومن هو أصلحك الله؟ قال: الذي يكنى أبا سلهب. قال الرجل: ما هو عندنا بهذا المحل. قال: لعمري ذلك مبلغهم من العلم، والله لقد أنشدوني من شعره ما لم أسمعه لأحد من أهل عصره، فإذا لقيته فاقرأ عليه السلام عني وقل له: هل لك في أن تنحدر إلى ناحيتنا حتى أردك إلى بلدك بألف دينار؟ فقال: أفعل ذلك . قال الرجل: فلما قدمت أتيته فقصصت عليه الخبر، فما مكث إلا قليلا حتى لحق بأبي حاتم، وانصرف إلينا بعد مدة وقد أفاد ضعف ما قال، وكان يحدث عن غزارة أبي حاتم وسعة علمه، وعن حسن قيامه له حتى أفاد ذلك المال، ثم لم يزل صديقاً له يتكاتبان إلى أن توفي أبو حاتم السجستاني.

ومما روينا لأبي سلهب في الحسن بن علي بن أبي سويد يهجوه:

يا دار دار أبي سـويد حـاولـتْ

 

طير الأشائم فيك مـا يتـحـذرُ

ورميت عن قوس الزمان بمحنة

 

نكباتها تبـقـى ولا تـتـغـيرُ

دار أبيحت للخنـا تـبـاً لـهـا

 

والنازلون بها أتـب وأخـسـر

بتر المناسب ليس بعـد أبـيهـم

 

حسـب يعـد ولا قـديم يذكـر

دنست من اللؤم القديم جلـودهـم

 

فثيابهم بجلـودهـم تـتـقـذر

يا فارساً لا تصطلـى شـداتـه

 

عند اللقاء إذا الحروب تسـعـرُ

قد سد ثغراً ما حمـى مـاسـده

 

عمرو ولا أسد الفوارس عنتـرُ

والرستمان ولا المـعـادي ربـه

 

شوبين إذ يفصي الكماة ويهصر

وحمى كليب يوم يحمى ما حمى

 

وبعزة فينـا ربـيعة تـفـخـر

ما كان يحمي ما حميت له الحمى

 

عند الطعام إذا رغيفك يحضُـر