أخبار إسماعيل الفتاك

حدثني السدوسي البصري قال: كان إسماعيل الفتاك صديقاً لأبي الهيذام، بينهما من الأمر ما ليس بين اثنين، وكانا لا يفترقان وقتاً من الأوقات، فتوفي أبو الهيذام، فكان أهل مودته يزورون قبره، وكان إسماعيل لا يقربه. فقلت له يوماً: قد ظننت تلك الثقة التي كنت تظهرها أيام حياته نفاقاً. فقال: كلا، إنه ليس كما ظننت، ولكن ليس في ذلك نفع عاجل ولا آجل، ولا هو يحسه ولا يعلمه، وإنما خلق من أخلاق العامة ولقد أحسن القائل:

لألفينَّك بعد الموت تندبـنـي

 

وفي حياتي ما زودتني زادي

وإن مذهبي فيه ما يقول أخو بني أسد:

وإني لأستحييك والترب بيننـا

 

كما كنت أستحيي وأنت تراني

ومما روينا للفتاك قوله:

يشكي فهل أنت له راحمإليك أم أنت به عالمُ

 

متى يُعرَّ الثوبُ عن جسمه

 

فليس إلا شـبـح قـائم

أحـلـف بالـله وآلائه

 

أنك لي يا قاتـلي ظالـم

أفـواه أكمامك محصـورة

 

والجيب فـيه سـعة لازم

وله:

ويحبس جعسه في البطن شهراً

 

مخافة أن يجـوع إذا خـريه

ويبكي إذ خرى أيضا عـلـيه

 

كما يبكي اليتيم عـلـى أبـيه