أخبار أحمد بن عبد السلام

حدثني الخصيب بن محمد الأسدي قال: قال لي أحمد بن عبد السلام: مررت يوماً بباب الطاق ومعي بني لي صغير، فاستقبلتنا جنازة يتبعها خلق كثير من الرجال، ونسوة يبكين ويندبن، وواحدة تقول: إلى أين يُذهب بك يا أبتاه؟ إلى دار البلى وبيت الوحشة والظلمة، إلى حيث لا سرور ولا ضياء ولا أكل ولا شرب ولا فرح. قال: فالتفت إلى ابني ذلك الطفل فقال: يا أبي هذا الميت يذهب به إلى بيتنا. قلت: لم ذاك يا بني؟ قال: لأن هذا الذي تقول هذه، كله في بيتنا موجود.

وحدثنا محمد بن عبد الله الطرسوسي قال: رأيت أحمد بن عبد السلام وما له ثان بمدينة السلام في قول الشعر، ولم يكن له فيه أمل، ما زال فقيراً إلى أن مات، ووسوس في آخر عمره، فرأيته والصبيان يصيحون به: يا كاتب الشريطي. فيخرق ثيابه، ويحلف ألا يخرج من داره. وهو القائل:

ديباج وجهك لا ديباج تختـكـم

 

أهدي إلي مع الأسقام أحزانَـا

أبكي عليك وما أنفك من حرق

 

يا لابساً حسنا للقلب فـتـانـا

تفاح خدك محمر علـى يقـق

 

ترعى العيون به دراً ومرجانا

فما نظرت إلى شيء أُسر بـه

 

غلا وجدد لي ذكراك أشجانـا

بدر يلوح على غصن يجاذبـه

 

ردف يمور إذا ما اهتز ريانا

لم يخلق الله من وجه يعـادلـه

 

أستغفر الله إذ أغفلت حمدانـا

إني أعوذ بطرف منك يسحرني

 

من أن تجرعني صداً وهجرانا