القَحْوُ: تأْسيس الأُقْحُوان، وهي في التقدير أُفْعُلان من نبات الرَّبيع مُفَرَّضُ الورق دقيق العِيدان له نَور أَبيض كأَنه ثغر جارية حدَثةِ السن. الأَزهري: الأُقحُوانُ هو القُرَّاصُ عند العرب، وهو البابُونج والبابونك عند الفرس. وفي حديث قس بن ساعدة: بَواسِق أُقْحوان؛ الأُقحوان: نبت تشبه به الأَسنان، ووزنه أُفْعُلان، والهمزة والنون زائدتان. ابن سيده: الأُقْحُوان البابونج أَو القُرَّاص، واحدته أُقْحوانة، ويجمع على أَقاحٍ، وقد حكي قُحْوانٌ ولم يو إِلاَّ في شعر، ولعله على الضرورة كقولهم في حد الاضطرار سامةَ في أُسامةَ. قال الجوهري: وهو نبت طيب الريح حواليه ورق أَبيض ووسطه أَصفر، ويصغر على أقَيْحِيٍّ لأَنه يجمع على أَقاحِيَّ بحذف الأَلف والنون، وإِن شئت قلت أَقاح بلا تشديد. قال ابن بري عند قول الجوهري ويصغر على أُقَيْحِيٍّ، قال: هذا غلط منه وصوابه أُقَيْحِيانٌ، والواحدة أُقَيْحِيانةٌ، لقولهم أَقاحِيَّ كما قالوا ظُرَيْبانٌ في تصغير ظَرِبانٍ، لقولهم ظَرابيَّ. والمَقْحُوُّ من الأَدْوية: الذي فيه الأُقْحوان. ودَواءٌ مَقْحُوٌّ ومُقَحّىً: جعل فيه الأُقحوان. الأَزهري: والعرب تقول: رأَيتُ أَقاحِيَّ أَمْرِه كقولك رأَيت تَباشيرَ أَمره.
وفي النوادر: اقْتَحَيْتُ المالَ وقَحَوْتُه واجْتَفَفْته وازْدَفَفْتُه أَي أَخذته.
الأَزهري: أُقْحوانةُ موضع معروف في دِيار بني تَميم، قال: وقد نزلت بها. ابن سيده: والأُقْحوانةُ موضع بالابدية؛ قال:
مَنْ كانَ يَسْأَلُ عَنَّا أَيْنَ مَنْزِلُنا |
|
فالأُقْحوانةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِـنُ |
قَحَبَ يَقْحُبُ قُحاباً وقَحْباً إذا سَعَلَ؛ ويقال: أَخذه سُعالٌ قاحِبٌ.
والقَحْبُ: سُعالُ الشَّيخ، وسُعال الكلب ومن أَمراض الإِبل القُحابُ: وهو السُّعالُ؛ قال الجوهري: القُحابُ سُعال الخيل والإِبل، وربما جُعِل للناس. الأَزهري: القُحابُ السُّعال، فعَمَّ ولم يخصص.
ابن سيده: قَحَبَ البعيرُ يَقْحُبُ قَحْباً وقُحاباً: سَعَلَ؛ ولا يَقْحُبُ منها إِلاَّ الناحِزُ أَو المُغِدُّ. وقَحَبَ الرجلُ والكلبُ، وقَحَّبَ: سَعَل.
ورجل قَحْبٌ، وامرأَة قَحْبة: كثيرة السُّعال مع الهَرَم؛ وقيل: هما الكثيرا السُّعال مع هَرَم أَو غير هَرَم؛ وقيل: أَصل القُحاب في الإِبل، وهو فيما سوى ذلك مستعار. وبالدابة قَحْبة أَي سُعال. وسُعال قاحبٌ: شديد. والقُحابُ: فساد الجَوْف. الأَزهري: أَهل اليمن يُسَمّون المرأَةَ المُسِنَّة قَحْبةٌ. ويُقال للعجوز: القَحْبةُ والقَحْمَةُ؛ قال: وكذلك يقال لكل كبيرة من الغنم مُسِنَّةٍ؛ قال ابن سيده: القَحْبةُ المُسنة من الغنم وغيرها؛ والقحْبةُ كلمة مولدة. قال الأَزهري: قيل للبَغِيِّ قَحْبة، لأَنها كانت في الجاهلية تُؤْذِن طُلاَّبَها بقُحابها، وهو سُعالها. ابن سيده: القَحْبة الفاجرة، وأَصلُها من السُّعال، أَرادوا أَنها تَسْعُلُ، أَو تَتَنَحْنَحُ تَرمُزُ به؛ قال أَبو زيد: عجوز قَحْبةٌ، وشيخ قَحْبٌ، وهو الذي يأْخذه السُّعال؛ وأَنشد غيره:
شَيَّبني قبلَ إِنَى وَقْتِ الهَرَمْ، |
|
كلُّ عجوز قَحْبةٍ فيها صَمَمْ |
ويقال: أَتَينَ نساءٌ يَقْحُبنَ أَي يَسْعُلن؛ ويقال للشابّ إذا سَعَل: عُمْراً وشَباباً، وللشيخ: وَرْياً وقُحاباً. وفي التهذيب: يقال للبغيضِ إذا سَعَلَ وَرْياً وقُحاباً؛ وللحَبِيبِ إذا سَعَل: عُمْراً وشَباباً.
قَحَثَ الشيءَ، يَقْحَثُه قَحْثاً: أَخذه كُلَّه.
الأَزهري: قَحْثَرْتُ الشيءَ من يدي إذا رَدَدْته.
القُحُّ: الخالص من اللُّؤْم والكَرَم ومن كل شيء؛ يقال: لَئيم قُحٌّ إذا كان مُعْرِقاً في اللؤم، وأَعرابي قُحٌّ وقُحاحٌ أَي مَحْضُ خالص؛ وقيل: هو الذي لم يدخل الأَمصار ولم يختلط بأَهلها، وقد ورد في الحديث: وعَرَبيَّةٌ قُحَّةٌ، وقال ابن دريد: قُحٌّ مَحْضٌ فلم يخص أَعرابيّاً من غيره؛ وأَعراب أَقْحاحٌ، والأُنثى قُحَّةٌ، وعبد قُحٌّ: محض خالص بَيِّنُ القَحاحة والقُحُوحةِ خالص العُبودة؛ وقالوا: عربيّ كُحٌّ وعربية كُحَّة، الكاف في كُحٍّ بدل من القاف في قُحٍّ لقولهم أَقْحاح ولم يقولوا أَكحاح. يقال: فلان من قُحّ العرب وكُحِّهم أَي من صِميمهم؛ قال ذلك ابن السكيت وغيره.
وصار إِلى قُحاحِ الأَمر أَي أَصله وخالصه. والقُحاح أَيضاً، بالضم: الأَصل؛ عن كراع؛ وأَنشد:
وأَنتَ في المَأْرُوكِ من قُحاحِها |
ولأَضْطَرَّنَّك إِلى قُحاحِك أَي إِلى جُهْدِك؛ وحكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي: لأَضْطَرَّنَّك إِلى تُرِّك وقُحاحِك أَي إِلى أَصلك. قال: وقال ابن بزرج: والله لقد وَقعْتُ بقُحَاحِ قُرِّك ووَقَعْتُ بقُرِّك؛ وهو أَن يعلم علمه كله ولا يخفى عليه شيء منه.
والقُحُّ: الجافي من الناس كأَنه خالص فيه؛ قال:
لا أَبْتَغِي سَيْبَ اللئيمِ القُحِّ، |
يَكادُ من نَحْنَحةٍ وأُحِّ، |
يَحْكي سُعالَ الشَّرِقِ الأَبَحِّ |
الليث: والقُحُّ أَيضاً الجافي من الأَشياء حتى إِنهم يقولون للبِطِّيخة التي لم تَنْضَجْ: قُحٌّ، قيل: القُحُّ البطيخ آخِرَ ما يكون؛ وقد قَحَّ يَقُحُّ قُحوحةً؛ قال الأَزهري: أَخطأَ الليث في تفسير القُحِّ، وفي قوله للبطيخة التي لم تَنْضَجْ إِنها لَقُحٌّ وهذا تصحيف، قال: وصوابه الفِجُّ، بالفاء والجيم. يقال ذلك لكل ثمر لم يَنْضَجْ، وأَما القُحُّ، فهو أَصل الشيء وخالصه، يقال: عربيّ قُحّ وعربيّ مَحْضٌ وقَلْبٌ إذا كان خالصاً لا هُجْنة فيه.
والقَحِيحُ: فوقَ الجَرْعِ.
القَحَدَةُ، بالتحريك: أَصل السنام، والجمع قِحادٌ مثل ثَمَرةٍ وثِمارٍ، وقيل: هي ما بين المَأْنَتَيْنِ من شحْمِ السَّنامِ، وقيل: هي السنام. وقَحَدَتِ الناقَةُ وأَقْحَدَتْ: صارت مِقْحاداً؛ وقال ابن سيده: صارت لها قَحَدَة، وقيل: الإِقْحادُ أَن لا يزالَ لها قَحَدَةٌ وإِن هُزِلَتْ، وقيل: هو أَن تعظم قَحَدَتُها بعد الصغر وكل ذلك قريب بعضه من بعض.
وناقة مِقْحاد: ضَخْمة القَحَدَة؛ قال:
المُطْعِم القومِ الخِفافِ الأَزْواد، |
|
مِن كلِّ كَوْماءَ شَطُوطٍ مِقْحاد |
. الجوهري: بكرة قَحْدَةٌ وأَصله قَحِدَةٌ فسكنت؛ مثل عَشْرَة وعَشِرة. وقال الأَزهري في تفسير البيت: المِقْحادُ الناقة العظيمةُ السنام، ويقال للسنام القَحَدَة. والشَّطُوطُ: العظيمة جَنَبَتَي السنام؛ وفي حديث أَبي سفيان: فقمت إِلى بَكْرَةٍ قَحِدَةٍ أُريد أَن أُعَرْقِبها؛ القَحِدَةُ: العَظيمة السنام. ويقال: بكرة قَحِدَة، بكسر الحاء، ثم تسكن تخفيفاً كفَخِذ وفَخْذ. وذكر ابن الأَعرابي: المَحْفِدُ أَصل السنام، بالفاء؛ وعن أَبي نصر مثله.
ابن الأَعرابي: المَحْتِدُ والمَحْقِدُ والمَحْفِدُ والمَحْكِدُ كلُّه الأَصل، قال الأَزهري: وليس في كتاب أَبي تراب المحقد مع المحتد. شمر عن ابن الأَعرابي: والقَحَّادُ الرجلُ الفَرْدُ الذي لا أَخ له ولا ولد.
يقال: واحد قاحِدٌ وصاخِدٌ وهو الصُّنْبُورُ. قال الأَزهري: روى أَبو عمرو عن أَبي العباس هذا الحرف بالفاء فقال: واحد فاحد؛ قال: والصواب ما رواه شمر عن ابن الأَعرابي. قال ابن سيده: وواحدٌ قاحِدٌ إِتباع.
وبنو قُحَادَة: بطن، منهم أُم يزيدَ بنِ القُحادِيَّةِ أَحد فرسان بني يربوعٍ.
والقَمَحْدُوَةُ، بزيادة الميم: ما خَلْفَ الرأْسِ، والجمع قَماحِدُ.
القَحْدَمةُ والقَمَحْدُوةُ والقَحْدُوةُ الهَنةُ الناشزة فوق القفا، وهي بين الذُّؤابة والقفا مُنحدة عن الهامة، إذا استلقى الرجل أَصابت الأَرض من رأْسه؛ قال:
فإن يُقْبِلُوا نَطْعُنْ ثُغُورَ نُحـورِهـم، |
|
وإنْي يُدْبِرُوا نَضْرِبْ أَعالي القَماحِدِ |
الأَزهري: أَبو عمرو تقَحْدَمَ الرجلُ في أَمره تقَحْدُماً إذا تشدد، فهو مُتَقَحْدِمٌ؛ وقَحْدَم: اسم رجل مأْخوذ منه.
تقَحْذَم الرجل: وقع مُنْصَرِعاً. وتقَحْذَم البيتَ: دخَله.
والقَحْذَمةُ والتَّقَحْذُم: الهُوِيّ على الرأْس؛ قال:
كَمْ مِن عدوّ زالَ أو تَدَحْلَما، |
|
كأَنَّه في هُوَّةٍ تقَـحْـذَمـا |
تَدَحْلَم إذا تَدَهْوَرَ في بئر أَو من جبَلٍ.
القَحْر: المُسِنُّ وفيه بقية وجَلَدٌ، وقيل: إذا ارتفع فوق المُسِن وهَرِمَ، فهو قَحْرٌ وإِنْقَحْرٌ فهو ثانٍ لإِنْقَحْلٍ الذي قد نَفى سيبويه أَن يكون له نظيرٌ، وكذلك جمل قَحْر، والجمع أَقْحُرٌ وقُحُورٌ، وإِنْقَحْرٌ كَقَحْرٍ، والأُنثى بالهاءْ، والاسم القَحارةُ والقُحُورة.
أَبو عمرو: شيخ قَحْرٌ وقَهْبٌ إذا أَسنّ وكَبِرَ، وإِذا ارتفع الجمل عن العَوْد فهو قَحْر، والأُنثى قَحْرة في أَسنان الإِبل؛ وقال غيره: هو قُحارِيَةٌ. ابن سيده: القُحارِيَةُ من الإِبل كالقَحْرِ، وقيل: القُحارِيَةُ منها العَظيم الخَلْق، وقال بعضهم: لا يقال في الرجل إِلاَّ قَحْرٌ؛ فأَما قول رؤبة:
تَهْوي رُؤوس القاحِراتِ القُحَّرِ |
|
إِذا هَوَتْ بين اللُّهَى والحَنْجَرِ |
فعلى التشنيع ولا فِعْلَ له. قال الجوهري: القَحْرُ الشيخ الكبير الهَرِمُ والبعير المُسِنُّ، ويقال للأُنثى نابٌ وشارِفٌ، ولا يقال قَحْرَةٌ، وبعضهم يقوله. وفي حديث أُمّ زَرْعٍ: زَوْجي لَحْمُ جَمَل قَحْر؛ القَحْرُ: البعير الهَرِمُ القليل اللحم، أَرادت أَن زوجها هزيل قليل المال.
الأَزهري في الرباعي، يقال للعصا: الغِرْزَحْلة، والقَحْرَبةُ والقِشْبارة، والقِسْبارةُ، واللّه أَعلم.
القَحْزُ: الوَثْبُ والقَلَقُ. قَحَزَ يَقْحَزُ قَحْزاً: قَلِقَ ووَثَب واضطرب؛ قال رؤبة:
إِذا تَنَزَّى قاحِزاتِ القَحْزِ |
يعني شدائد الأُمور. وفي حديث أَبي وائل: أَن الحجاج دعاه فقال له: أَحْسِبُنا قد رَوَّعْناك، فقال أَبو وائل: أَما إِني بِتُّ أُقَحَّزُ البارِحَةَ أَي أُنَزَّى وأَقْلَقُ من الخوف. وفي حديث الحسن وقد بلغه عن الحجاج شيء فقال: ما زلت الليلة أَقْحَزُ كأَني على الجمر،وهو رجل قاحِزٌ.
وقَحَزَ الرجلُ، فهو قاحِزٌ إذا سَقَط شِبْهَ الميتِ. وقَحَزَ الرجلُ عن ظهر البعير يَقْحَزُ قُحوزاً: سَقَط. وقَحَزَ السهمُ يَقْحَزُ قَحْزاً: وقع بين يدي الرامي. والقاحِزُ: السهم الطَّامِحُ عن كبد القوس ذاهباً في السماء. يقال: لَشَدَّ ما قَحَزَ سهمُك أَي شَخَصَ. وقَحَزَ الكلبُ ببوله يَقْحَزُ قَحْزاً: كقَزَحَ. وقَحَزَ الرجلَ يَقْحَزُه قَحْزاً وقُحوزاً وقَحَزاناً: أَهلكه. والتَّقْحِيزُ: الوعيدُ والشَّرُّ، وهو من ذلك. والقُحازُ: داء يصيب الغنم. وتقول: ضربته فَقَحَزَ؛ قال أَبو كبير يصف الطَّعْنَةَ:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الغُـلُـوّ مُـرِشَّة |
|
تَنْفي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ |
يعني خروج الدم باسْتِنانٍ. والمُعْرَوْرِفُ: الذي له عُرْفٌ من ارتفاعه. وقَحَّزَه غيرُه تَقْحِيزاً أَي نَزَّاه.
قَحْزَمَ الرجلَ: صرَفَه عن الشيء.
ضربه فقَحْزَنه، بالزاي، أَي صَرَعه. ابن الأَعرابي: قَحْزَنه وقَحْزَله وضربه حتى تَقَحْزَنَ وتَقَحْزَل أَي حتى وقع.
الأَزهري: القَحْزَنَة العصا. غيره: القَحْزَنة ضَرْبٌ من الخَشَبِ طولها ذراع أَو شِبْرٌ نحو العصا. حكى اللحياني: ضَرَبْناهم بقَحازِننا فارْجَعَنُّوا أَي بِعِصِيِّنا فاضْطَجَعُوا. والقَحْزَنَة: الهراوَةُ؛ وأَنشد:
جَلَدْتُ جَعارِ، عندَ باب وِجارِها، |
|
بقَحْزَنَتي عن جَنْبِها جَـلَـداتِ |
القَحْط: احتِباس المطر. وقد قَحَط وقَحِطَ، والفتح أَعلى، قَحْطاً وقَحَطاً وقُحوطاً. وقُحِطَ الناس، بالكسر، على ما لم يسم فاعله لا غير قَحْطاً وأُقْحِطوا، وكرهها بعضهم. وقال ابن سيده: لا يقال قُحِطوا ولا أُقْحِطوا. والقَحْطُ: الجدب لأَنه من أَثره. وحكى أَبو حنيفة: قُحِطَ المطر، على صيغة ما لم يسم فاعله، وأَقْحَطَ، على فعل الفاعل، وقُحِطت الأَرض، على صيغة ما لم يسم فاعله، فهي مَقْحوطة. قال ابن بري: قال بعضهم قَحَط المطر، بالفتح، وقَحِط المكان، بالكسر، هو الصواب، قال: ويقال أَيضاً قُحِط القَطر؛ قال الأَعشى:
وهُمُ يُطْعِمون، إِنْ قُحِط القَطْ |
|
رُ، وهَبَّتْ بشَمْأَلٍ وضَرِيبِ |
وقال شمر: قُحوط المطر أَن يَحْتَبس وهو محتاج إِليه. ويقال: زمان قاحِط وعام قاحِط وسنة قَحِيط وأَزمُن قَواحِطُ. وعام قَحِط وقَحِيط: ذو قَحْط. وفي حديث الاستسقاء برسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم: قَحَط المطر واحمرَّ الشجر هو من ذلك. وأَقْحَط الناس إذا لم يُمْطَروا. وقال ابن الفرَج: كان ذلك في إِقْحاط الزمان وإِكْحاط الزمان أَي في شدَّته. قال ابن سيده: وقد يُشتقُّ القَحْط لكل ما قلَّ خيره والأَصل للمطر، وقيل: القَحْط في كل شيءٍ قلة خيره، أَصل غير مشتقّ. وفي الحديث: إذا أَتى الرجلُ القوم فقالوا قَحْطاً فَقَحْطاً له يوم يَلْقَى ربه أَي أَنه إذا كان ممن يقال له عند قدومه على الناس هذا القول فإِنه يقال له مثل ذلك يوم القيامة، وقَحْطاً منصوب على المصدر أَي قُحِطت قَحْطاً وهو دعاءٌ بالجدْب، فاستعاره لانقطاع الخير عنه وجدْبه من الأَعمال الصالحة. وفي الحديث: مَن جامع فأَقْحَط فلا غسل عليه، ومعناه أَن يَنتَشِر فيُولج ثم يَفْتُر ذكَرُه قبل أَن يُنزِل، وهو من أَقْحَط الناس إذا لم يمطروا، والإِقْحاط مثل الإِكْسال، وهذا مثل الحديث الآخر: الماءُ من الماء، وكان هذا في أَوَّل الإِسلام ثم نُسِخَ وأُمِرَ بالاغتسال بعد الإِيلاج.
والقَحْطِيّ من الرجال: الأَكُول الذي لا يُبقي من الطعام شيئاً، وهذا من كلام أَهل العِراق؛ وقال الأَزهري: هو من كلام الحاضرة دون أَهل البادية، وأَظنه نُسِب إِلى القَحْط لكثرة الأَكل كأَنه نجا من القَحْط فلذلك كثُر أَكله.
وضرْب قَحيط: شديد.
والتَّقْحيط: في لغة بني عامر: التَّلْقيح؛ حكاه أَبو حنيفة.
والقَحْط: ضرْب من النبْت، وليس بثبت.
وقَحْطانُ: أَبو اليمن، وهو في قول نسّابتهم قَحْطان ابن هُود، وبعض يقول قَحْطان بن ارْفَخْشذ بن سام ابن نوح، والنسب إِليه على القياس قَحْطانيّ، وعلى غير القياس أَقْحاطِيّ، وكلاهما عربي فصيح.
قَحْطَبَه بالسيف عَلاه وضربه وطَعَنه فقَرْطَبَه، وقَحْطَبَه إذا صَرَعَه. وقَحْطَبَه: صَرَعَه. وقَحْطَبة: اسم رجل.
القِحْف: العظم الذي فوق الدِّماغ من الجُمجمة، والجمجمة التي فيها الدماغ، وقيل: قِحْفُ الرجل ما انفلق من جُمْجُمته فبانَ ولا يُدْعى قِحْفاً حتى يبين، ولا يقولون لجميع الجمجمة قِحْفاً إلا أَن يتكسر منه شيء، فيقال للمتكسر قِحْفٌ، وإن قُطِعَت منه قَطْعة فهو قِحْفٌ أَيضاً. والقَحْفُ: قَطْعُ القِحْف أَو كَسْره. وقَحَفَه قَحْفاً: ضَرَبَ قِحْفَه وأَصاب قِحْفه، وقيل: القِحْف القبيلة من قبائل الرأْس، وهي كل قطعة منها، وجمع كل ذلك أقحاف وقُحُوفٌ وقِحَفَةٌ. والقِحْف: ما ضُرِب من الرأْس فَطاحَ؛ وأَنشد لجرير:
تَهْوَى بذي العَقْرِ أَقْحافاً جَماجِمُهُمْ |
|
كأَنها حَنْظَلُ الخُطْبانِ يُنْتَـقَـفُ |
وضَرَبه فاقْتَحَف قِحْفاً من رأْسه أَي أَبان قطعة من الجمجمة، والجمجمة كلها تسمى قِحْفاً وأَقْحافاً. أَبو الهيثم: المُقاحفة شدة المُشاربةِ بالقِحف، وذلك أَن أَحدهم إذا قَتَل ثأْرَه شَرب بقِحْف رأْسه يَتَشَفَّى به. وفي حديث سُلافَة بنتِ سَعدٍ: كانت نَذَرَت لَتَشرَبَنَّ في قِحف رأْس عاصم بن ثابتٍ الخَمْرَ، وكان قد قَتَل ابْنَيْها نافِعاً وخِلاباً.
وفي حديث يأْجوج ومأْجوج: يأْكل العِصابةُ يَوْمئذٍ من الرُّمانة ويَسْتظلُّون بقِحْفِها؛ أَراد قشرها تشبيهاً بقِحف الرأْس، وهو الذي فوق الدماغ، وقيل: هو ما انْطبَق من جمجمته وانفصل. ومنه حديث أَبي هريرة في يوم اليَرْمُوك: فما رُئيَ مَوْطِنٌ أَكثرَ قِحْفاً ساقطاً أَي رأَساً فَكَنى عنه ببعضه أَو أَراد القِحْف نفسه. ورماه بأَقحاف رأْسه إذا رماه بالأُمور العظام، مَثَلٌ بذلك. ومن أَمثالهم في رَمْي الرجل صاحِبَه بالمعضِلاتِ أَو بما يُسْكِتُه: رماه بأَقحاف رأْسه؛ قيل إذا أَسْكَتَه بداهية يُوردها عليه، وقَحَفَه يَقْحَفُه قَحْفاً: قَطع قِحْفه؛ قال:
يَدَعْنَ هامَ الجُمْجُمِ المَقـحُـوف |
|
صُمَّ الصَّدى كالحَنظَلِ المَنْقُوفِ |
ورجل مَقْحُوفٌ: مقطوع القِحْفِ. والقِحْفُ: القَدَح. والقِحف: الكِسْرة من القَدَح، والجمع كالجمع. قال الأَزهري: القِحف عند العرب الفِلْقَة من فِلَق القَصْعة أَو القدح إذا انْثَلَمَتْ، قال: ورأَيت أَهل النَّعَم إذا جَرِبَتْ إبلُهُم يجعلون الخَضْخاض في قِحْفٍ ويَطْلون الأجرب بالهِناء الذي جعلوه فيه؛ قال الأَزهري: وأَظنهم شبّهوه بِقِحْف الرأْس فسَمَّوه به. الجوهري: القِحْف إناء من خشب على مثال القِحْف كأَنه نصف قَدَح.
يقال: ما له قِدٌّ ولا قِحْفٌ، فالقِدٌّ قَدَح من جلد والقِحْف من خشب.
وقَحَفَ ما في الإناء يَقْحَفُه قَحْفاً واقتَحَفَه: شربه جميعه. ويقال: شربت بالقِحْف. والاقْتِحافُ: الشُّرْب الشديد. قال ابن بري: قال محمد بن جعفر القزاز في كتابه الجامع: القَحْفُ جَرْفك ما في الإناء من ثَريد وغيره. ويقال: قَحَفْتُه أَقْحَفُه قَحْفاً، والقُحافة ما جَرَفْتَه منه، وقيل لأبي هريرة، رضي اللّه عنه: أَتُقَبِّل وأَنت صائم؟ قال: نعم وأَقْحَفُها، يعني أَشْرَبُ ريقَها وأَتَرشَّفُه، وهو من الاقتِحاف الشرب الشديد. والقَحْفُ والقِحافُ: شدة الشُّرْب. وقال امرؤ القيس على الشراب حين قيل له قتل أَبوك قال: اليَوْم قِحافٌ وغَداً نِقافٌ. وقحاف الشيء ومُقاحَفَته واقْتِحافُه: أَخْذُه والذهاب به.
والقاحِف من المطر: المطر الشديد كالقاعِف إذا جاء مفاجأَة، واقْتَحَفَ سَيْلُه كلَّ شيء، ومنه قيل: سَيْل قُحافٌ وقُعافٌ وجُحاف كَثِيرٌ يَذْهَب بكلّ شيء. وكلُّ ما اقْتُحِفَ من شيء واستُخرج قُحافةٌ، وبه سُمّي الرجل. وعَجاجَة قَحْفاء: وهي التي تَقْحَف الشيء وتَذْهَب به. والقُحوف: المَغارِف.
قال ابن سيده: والمُقْحفَة الخَشَبة التي يُقْحَفُ بها الحَبُّ. وقَحَف يَقْحف قُحافاً: سَعَل؛ عن ابن الأَعرابي.
وبنو قُحافة: بطن. وقُحَيْفٌ العامريّ: أَحد الشعراء، وقيل: هو قُحَيْفٌ العُقَيْليّ كذلك نَسبَه أَبو عبيد في مُصَنَّفه.
قَحْلَف ما في الإِناءِ وقَحْفَلَه: أَكَله أَجمع.
القَحْقَحةُ: تَرَدُّدُ الصوت في الحَلْق، وهو شبيه بالبُحَّةِ، ويقال لضَحِك القِرْدِ: القَحْقَحة، ولصوته: الخَنْخَنة. والقُحْقُح، بالضم: العظم المحيط بالدُّبر؛ وقيل: هو ما أَحاط بالخَوْرانِ؛ وقيل: هو مُلْتَقَى الوركين من باطن؛ وقيل: هو داخل بين الوركين، وهو مُطِيف بالخَوْرانِ، والخَوْرانُ بين القُحْقُح والعُصْعُصِ؛ وقيل: هو أَسفل العَجْبِ في طِباقِ الوركين؛ وقيل: هو العظم الذي عليه مَغْرِزُ الذكر مما يلي أَسفلَ الرَّكَبِ؛ وقيل: هو فوق القَبِّ شيئاً؛ الأَزهري: القُحْقُحُ ليس من طرف الصلب في شيء وملتقاه من ظاهر العُصْعُص، قال: وأَعلى العُصْعُصِ العَجْبُ وأَسفلُه الذنَبُ؛ وقيل: القُحْقُحُ مُجْتَمَعُ الوركين، والعُصْعُصُ طرفُ الصُّلْبِ الباطنُ، وطرفه الظاهرُ العَجْبُ، والخَوْرانُ هو الدبر. ابن الأَعرابي: هو القُحْقُح والفَنِيك والعِضْرِطُ والحراه والبَوْصُ والنَّاقُ والعُكْوَةُ والعُزَيزى والعُصْعُصُ.
القاحِل: اليابس من الجلود. وسِقاءٌ قاحِل وشيخ قاحِل وشيخ قَحْل، بالسكون، وقد قَحَل، بالفتح، يَقْحَل قُحُولاً، فهو قاحِل؛ وفي حديث وَقْعة الجمل:
كيف نردُّ شَيْخَكم وقد قَحَل؟ |
أَي مات وجف جلده؛ قال ابن الأَثير: أَخرجه الهروي في يومِ صِفِّين، والخبر إِنما هو في يوم الجمل؛ والشِّعرُ:
نحنُ بنو ضَبَّة أَصحاب الجملْ، |
الموتُ أَحْلى عندنا من العَسَلْ، |
رُدُّوا علينا شيخَنا ثم بَجَلْ |
فأُجيب:
كيف نردُّ شيخَكم وقد قَحَلْ؟ |
ابن سيده: قَحَل الشيءُ يَقْحَل قُحولاً وقُحِل قُحُولاً كلاهما يَبِس، فهو قاحِل. وقال الجوهري: قَحِل، بالكسر، قَحْلاً مثله، فهو قَحِلٌ.
وقَحِل جلده وتَقَحَّل وتَقَهَّل على البدل: يَبِسَ من العبادة خاصة؛ عن يعقوب. وقال أَبو عبيد: قَحِل الرجل وقَفَل قُحُولاً وقُفُولاً إذا يَبِس وقَبَّ قُبُوباً وقَفَّ قُفُوفاً؛ وقال الراجز في صفة الذئب:
صبَّ عليها، في الظلام الغَيْطَلِ |
|
كلَّ رَحِيب شِدْقُه مُسْتَـقْـبَـلِ |
يَدُقُّ أَوساطَ العِظام الـقُـحَّـلِ |
|
لا يَدْخَرُ العامَ لعامٍ مُـقْـبِـلِ |
ويقال: تقحَّل الشيخ تقحُّلاً وتقهَّل تقهُّلاً إذا يَبس جلده على عظمه من البُؤْس والكِبَر. وقال ابن الأَعرابي: لا أَقول قَحِل ولكن قَحَل وفي الحديث: قَحَل الناس على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي يَبِسوا من شدة القَحْط. وقد قَحِل يَقْحل قَحَلاً إذا التزق جلده بعظمه من الهزال والبِلَى، وأَقْحَلْته أَنا؛ ومنه حديث استسقاء عبدِ المطلب: تتابعتْ على قريش سِنُو جدْب قد أَقْحَلَت الظِّلْف أَي أَهزلت الماشية وأَلصقت جلودَها بعِظامها، وأَراد ذات الظِّلفِ؛ ومنه حديث أُمِّ ليلى: أَمرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن لا نُقْحِل أَيديَنا من خِضاب. وفي حديث: لأَنْ يَعْصُبه أَحدُكم بقِدٍّ حتى يَقْحَل خيرٌ من أَن يسأَل الناس في نكاح، يعني الذكر أَي حتى يَيْبَس.
والقُحَال: داء يصيب الغنم فتجفّ جلودها فتموت. ورجل قَحْل وامرأَة قَحْلة: مُسِنَّان. ورجل إِنْقَحْل وامرأَة إِنْقَحْلة، بكسر الهمزة: مُخْلَقان من الكِبَر والهَرَم؛ أَنشد الأَصمعي:
لمَّا رأَتْني خَلَقاً انْقَحْلا |
وقد يقال الإِنْقَحْل في البعير؛ قال ابن جني: ينبغي أَن تكون الهمزة في إِنْقَحْل للإِلحاق بما اقْترن بها من النون من باب جِرْدَحْل، ومثله ما روي عنهم من قولهم إِنْزَهْوٌ، وامرأَة إِنْزَهْوَة إذا كانا ذوَي زَهْوٍ، ولم يَحْك سيبويه من هذا الوزن إِلاّ إِنْقَحْلاً وحده. الجوهري: المُتَقَحِّل الرجل اليابس الجِلْد السيّء الحال. وأَقْحَلْت الشيء: أَيْبَسْته.
قَحْلَفَ ما في الإناء وقَحْفَله: أَكَله أَجْمع.
القَحْم: الكبير المُسنّ، وقيل: القَحْم فوق المسنّ مثل القَحْر؛ قال رؤبة:
رأَينَ قَحْماً شابَ واقْلَحَمّا، |
|
طالَ عليه الدَّهْرُ فاسْلَهَمّا |
والأُنثى قَحْمة، وزعم يعقوب أن ميمها بدل من باء قَحْبٍ. والقَحومُ: كالقَحْم. والقَحْمة: المسنة من الغنم وغيرها كالقَحْبة، والاسم القَحامة والقُحومة، وهي من المصادر التي ليست لها أَفعال. قال أبو عمرو: القَحْم الكبير من الإبل ولو شبه به الرجل كان جائزاً؛ والقَحْرُ مثله. وقال أبو العميثل: القَحْمُ الذي قد أَقحَمَتْه السِّنُّ، تراه قد هَرِمَ من غير أوان الهَرَم؛ قال الراجز:
إني، وإنْ قالوا كَبيرٌ قَحْمُ، |
|
عِندي حُداءٌ زَجَلٌ ونَهْـمُ |
والنَّهْم: زَجر الإبل. الجوهري: شيخ قَحْمٌ أي هِمٌّ مثل قَحْل. وفي حديث ابن عُمر: ابْغِني خادماً لا يكون قَحْماً فانِياً ولا صغيراً ضَرَعاً؛ القَحْم: الشيخُ الهِمُّ الكبير. وقَحَمَ الرَّجُلُ في الأَمرِ يَقْحُم قُحوماً واقتَحَمَ وانْقَحَم، وهما أَفصح: رَمَى بنفسه فيه من غير رَوِيَّةٍ، وقيل: رَمى بنفسه في نهر أو وَهْدةٍ أو في أَمر من غير دُرْبةٍ، وقيل: إنما جاءت قَحَمَ في الشِّعر وحده. وفي الحديث: أَقْحِمْ يا ابنَ سيفِ الله. قال الأزهري: وفي الكلام العام اقْتَحَم.
وتَقْحِيمُ النفْسِ في الشيء: إدخالها فيه من غير رَويَّة. وفي حديث عائشة: أَقبلت زَيْنبُ تَقَحَّمُ لها أي تَتَعرَّضُ لشتمها وتدخل عليها فيه كأنها أَقبلت تشتُمها من غير رويّة ولا تثَبُّت. وفي الحديث: أنا آخِذٌ بحُجَزِكم عن النار وأَنتم تقْتَحِمُون فيها أي تقَعُونَ فيها. يقال: اقْتَحَم الإنسانُ الأمرَ العظيم وتقَحَّمَه؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: مَنْ سَرَّه أن يتَقَحَّم جرَاثِيمَ جهنم فلْيَقْضِ في الجَدِّ أي يرمي بنفسه في مَعاظِم عذابها. وفي حديث ابن مسعود: مَنْ لَقِيَ الله لا يُشرك به شيئاً غَفر له المُقْحِماتِ أي الذنوبَ العِظامِ التي تُقْحِمُ أَصحابها في النار أي تُلقيهم فيها. وفي التنزيل: فلا اقْتَحَم العقبةَ؛ ثم فسر اقْتِحامَها فقال: فَكَّ رقَبةً أَو أَطْعَمَ، وقرئ: فَكُّ رقبةٍ أَو إطْعامٌ، ومعنى فلا اقتحمَ العقبة أي فلا هو اقتحم العقبة، والعرب إذا نفت بلا فِعْلاً كررتها كقوله: فلا صَدَّق ولا صَلَّى، ولم يكررها ههنا لأَنه أَضمر لها فعلاً دل عليه سياق الكلام كأَنه قال: فلا أَمن ولا اقْتَحَمَ العقبة، والدليل عليه قوله: ثم كان من الذين آمنوا. واقتحمَ النجمُ إذا غاب وسَقط؛ قال ابن أَحمر:
أُراقِبُ النجمَ كأَني مُـولَـع، |
|
بحيْثُ يَجْري النجمُ حتى يقْتَحِم |
أي يسقط؛ وقال جرير في التقدم:
همُ الحامِلونَ الخَيلَ حتى تقَحَّمَت |
|
قَرابِيسُها، وازدادَ مَوجاً لُبُودها |
والقُحَمُ: الأُمور العِظام التي لا يَركبها كل أَحد. وللخصومة قُحَم أَي أَنها تَقْحَمُ بصاحبها على ما لا يريده. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: أَنه وكَّلَ عبدَالله بن جعفر بالخُصومة، وقال: إن للخُصومةِ قُحَماً، وهي الأُمور العظام الشاقة، واحدتها قُحْمةٌ، قال أَبو زيد الكلابي: القُحَم المَهالك؛ قال أَبو عبيد: وأَصله من التَّقَحُّم، ومنه قُحْمة الأَعْراب، وهو كله مذكور في هذا الفصل؛ وقال ذو الرمة يصف الإبل وشدة ما تلقى من السير حتى تُجْهِض أَولادها:
يُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَو يَلْتَزمْنها، |
|
على قُحَمٍ، بينَ الفَلا والمَناهِل |
وقال شمر: كل شاقّ صَعْب من الأُمور المُعضِلة والحروب والديون فهي قُحَم؛ وأَنشد لرؤْبة:
مِنْ قُحَمِ الدَّيْنِ وزُهْدِ الأَرْفاد |
قال: قُحَمُ الدين كثرته ومَشقَّته؛ قال ساعدة بن جؤية:
والشَّيْبُ داءٌ نَحِيسٌ، لا دواءَ لـه |
|
للمَرءِ كان صَحيحاً صائِبَ القُحَمِ |
يقول: إذا تقَحَّمَ في أَمر لم يَطِش ولم يُخْطِئ؛ قال: وقال ابن الأَعرابي في قوله:
قومٌ إذا حارَبوا، في حَرْبِهم قُحَمُ |
قال: إقدام وجُرأَة وتقَحُّم، وقال في قوله: مَن سرَّه أَن يتَقَحَّم جَراثِيمَ جهنم؛ قال شمر: التَّقحُّم التقدُّم والوُقوعُ في أُهْوِيّة وشدّة بغير روية ولا تثبت؛ وقال العجاج:
إذا كُلِي واقْتُحِمَ المَكْلِيُّ |
يقول: صُرِعَ الذي أُصِيبت كُلْيَتُه. وقُحَمُ الطريق: ما صَعُبَ منها. واقْتَحَم المنزل: هَجَمه. واقْتَحم الفَحْلُ الشَّوْلَ: اهْتَجَمها من غير أَن يُرْسَلَ فيها. الأَزهري: المَقاحِيمُ من الإبل التي تَقْتَحِم فتَضْرب الشول من غير إرسال فيها، والواحد مِقْحام؛ قال الأزهري: هذا من نعت الفُحول. والإقْحامُ: الإرْسال في عجلة. وبعير مُقْحَم: يذهب في المفازة من غير مُسِيم ولا سائق؛ قال ذو الرمة:
أو مُقْحَم أَضْعفَ الإبْطانَ حادِجُه، |
|
بالأَمْسِ، فاسْتَأْخَرَ العِدْلان والقتَبُ |
قال: شبَّه به جَناحَي الظليم. وأَعْرابي مُقْحَم: نشأَ في البَدْو والفَلوَات لم يُزايِلها. وقَحَم المنازل: طَواها؛ وقول عائذ بن منقذ العَنْبري أَنشده ابن الأَعرابي:
تُقَحِّم الرَّاعي إذا الراعي أَكَبُّ |
فسره فقال: تُقَحِّمُ لا تَنزِل المَنازل ولكن تَطوي فتُقَحِّمُه منزلاً منزلاً يصف إبلاً؛ وقوله:
مُقَحِّم الرَّاعي ظَنُونَ الشِّرْبِ |
يعني أَنه يقتحم منزلاً بعد منزل يَطْوِيه فلا ينزل فيه، وقوله ظَنونَ الشِّرب أي لا يدري أَبه ماء أم لا.
والقُحْمة: الانْقِحام في السير؛ قال:
لمَّا رأَيتُ العامَ عاماً أَسْحَما، |
|
كَلَّفْتُ نفْسي وصِحابي قُحَما |
والمُقْحَم، بفتح الحاء: البعير الذي يُرْبِعُ ويُثْني في سنة واحدة فيَقتحِم سناً على سن قبل وقتها، ولا يكون ذلك إلا لابن الهَرِمَيْن أَو السَّيِّءِ الغذاء. الأَزهري: البعير إذا أَلقَى سِنَّيْه في عام واحد فهو مُقْحَم، قال: وذلك لا يكون إلاَّ لابن الهَرِمَين؛ وأَنشد ابن بري لعمرو بن لجإٍ:
وكنتُ قد أَعْدَدْتُ، قَبْلَ مَقْدَمي، |
|
كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَـمِ |
وعنى بالكَبداء مَحالة عظيمة الوَسَط. وأُقْحِمَ البعير: قُدِّم إلى سن لم يبلغها كأَن يكون في جِرْم رَباعٍ وهو ثَنِيٌّ فيقال رَباعٌ لعِظَمِه، أَو يكون في جرم ثنيّ وهو جَذَعٌ فيقال ثني لذلك أَيضاً، وقيل: المُقْحَم الحِقُّ وفوق الحِقِّ مما لم يَبْزُل. وقُحْمة الأَعراب: أن تصيبهم السنة فتُهْلِكَهم، فذلك تقَحُّمها عليهم أو تقَحُّمُهم بلاد الريف.
وقَحَمَتهم سنة جدبة تقْتحِم عليهم وقد أَقْحَموا وأُقْحِموا؛ الأُولى عن ثعلب، وقُحِّموا فانْقَحَمُوا: أُدْخِلوا بلاد الريف هرباً من الجدب.
وأَقْحَمَتْهم السنةُ الحَضَرَ وفي الحَضر: أَدْخَلَتْهم إياه. وكلُّ ما أَدْخلتَه شيئاً فقد أَقْحَمْتَه إياه وأَقْحَمْتَه فيه؛ قال:
في كلِّ حَمْدٍ أَفادَ الحَمْد يُقْحِمُها، |
|
ما يُشْتَرَى الحَمْدُ إلا دُونَه قُحَمُ |
الجوهري: القُحْمة السنة الشديدة. يقال: أَصابت الأَعرابَ القُحْمةُ إذا أَصابهم قَحْط. وفي الحديث: أَقحَمَتِ السنةُ نابِغةَ بني جَعْدة أي أَخرجَته من البادية وأَدخَلتْه الحضَر. والقُحمة: ركوب الإثْم؛ عن ثعلب.
والقُحمة، بالضم: المهلكة.
وأَسودُ قاحِمٌ: شديد السواد كفاحم.
والتَّقْحِيمُ: رَميُ الفرسِ فارسَه على وجهه؛ قال:
يُقَحِّمُ الفارِسَ لولا قَبْقَبُهْ |
ويقال: تقَحَّمَتْ بفلان دابته، وذلك إذا ندَّت به فلم يَضْبِطْ رأْسَها وربما طَوَّحت به في وَهْدة أَو وَقَصَتْ به؛ قال الراجز:
أَقولُ، والناقةُ بي تـقَـحَّـمُ، |
وأَنا منها مُكْلَئِزُّ مُـعْـصِـمُ: |
ويْحَكِ، ما اسْمُ أُمِّها، يا عَلْكَمُ؟ |
يقال: إن الناقة إذا تقَحَّمت براكبها نادَّةً لا يَضْبِطُ رأْسها إنها إذا سَمَّى أُمِّها وقفت. وعَلْكَم: اسم ناقة. وأَقْحَمَ فرسَه النهرَ فانْقَحَم، واقْتَحم النهر أَيضاً: دخَله. وفي حديث عمر: أَنه دخلَ عليه وعنده غُلَيِّمٌ أَسْودُ يَغْمِزُ ظَهرَه فقال: ما هذا الغلام؟ قال: إنه تقَحَّمَتْ بي الناقةُ الليلةَ أَي أَلَقَتْني. والقُحْمةُ: الوَرْطةُ والمَهْلكة. وقَحَمَ إليه يَقْحَم: دَنا.
والقُحَمُ: ثلاث ليال من آخر الشهر لأَن القمر قحَمَ في دُنُوِّه إلى الشمس.
واقْتَحمَتْه عيني: ازْدَرَتْه، قال: وقد يكون الذي تَقْحَمُه عينُك فترفعه فوق سنِّه لعِظَمه وحُسنه نحو أَن يكون ابن لَبُون فتظنه حِقّاً أو جَذَعاً. وفي حديث أُم معبد في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تَقْتَحِمهُ عَين من قِصَر أي لا تتجاوَزُه إلى غيره احتقاراً له. وكل شيء ازْذَرَيْتَه فقد اقتحَمْتَه؛ أَراد الواصفُ أَنه لا تَسْتَصْغِرُه العينُ ولا تَزْدَرِيه لقِصَرِه. وفلان مُقْحَمٌ أي ضعيف. وكلُّ شيء نُسِبَ إلى الضعف فهو مُقْحَم؛ ومنه قول النابغة الجَعْدي:
عَلَوْنا وسُدنا سُودَداً غيرَ مُقْحَمِ |
قال: وأَصل هذا وشبهه من المُقحم الذي يتحوَّل من سنّ إلى سنّ في سنة واحدة؛ وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
من الناسِ أَقْوامٌ، إذا صادَفوا الغِنى |
|
توَلَّوْا، وقالوا للصَّديقِ وقَحَّمُـوا |
فسره فقال: أَغْلَظُوا عليه وجَفَوه.
قَخا جوفُ الإِنسان قَخْواً: فسد من داء به. وقَخَّى: تَنَخَّم تَنَخُّماً قبيحاً. الليث: إذا كان الرجل قبيح التَّنَخُّع قال قخَّى يُقَخِّي تَقْخِيةً، وهي حكاية تَنَخُّعِه.
القَخْرُ: الضرب بالشيء اليابس على اليابس؛ قَخَره يَقْخَرُه قَخْراً.
القَيْخَمُ: الضِّخم العظيم؛ قال العجاج:
وشَرَفاً ضَخْماً وعِزّاً قَيْخَما |
والقَيْخمان: كبير القَرية ورأْسُها؛ قال العجاج:
أَو قَيْخَمانِ القَرْيةِ الكبير |
ذكره بعضهم في الرُّباعيِّ. القِنْدَأُ والقِنْدَأْوةُ: السَّيِّءُ الخُلُقِ والغِذاءِ، وقيل الخَفِيفُ.
والقِنْدَأْو: القَصِير من الرجال، وهم قِنْدَأْوُون. وناقة قِنْدَأْوةٌ: جريئةٌ. قال شمر يهمز ولا يهمز. وقال أَبو الهيثم: قِنْدَاوَةٌ: فِنْعالةٌ. قال الأَزهري: النون فيها ليست بأَصلية. وقال الليث: اشتقاقها من قدأَ، والنون زائدة، والواو فيها صلة، وهي الناقة الصُّلْبة الشديدة. والقِنْدَأْو: الصغير العُنُق الشدِيدُ الرأسِ، وقيل: العَظِيمُ الرأْسِ، وجمل قِنْدَأْوٌ: صُلْبٌ. وقد همز الليث جملٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ. واحتج بأَنه لم يجئ بناءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إلاَّ وثانيه نون، فلما لم يجئ على هذا البناءِ بغير نون علمنا أَن النون زائدة فيها.
والقِنْدَأْوُ: الجَرِيءُ المُقْدِمُ، التمثيل لسيبويه، والتفسير للسيرافي.
القَدْوُ: أَصل البناء الذي يَتَشَعَّبُ منه تصريف الاقتداء، يقال: قِدْوةٌ وقُدْوةٌ لما يُقْتَدى به. ابن سيده: القُدْوة والقِدْوة ما تَسَنَّنْتَ به، قلبت الواو فيه ياء للكسرة القريبة منه وضَعْف الحاجز.
والقِدَى: جمع قِدْوة يكتب بالياء.
والقِدَة: كالقِدْوة. يقال: لي بك قِدْوةٌ وقُدْوة وقِدةٌ، ومثله حَظِيَ فلانٌ حِظْوةً وحُظْوةً وحِظة، وداري حِذْوةَ دارِك وحُذْوةَ دارك وحِذةَ دارك، وقد اقتدى به. والقُدوة والقِدوة: الأُسْوة. يقال: فلان قدوة يقتدى به. ابن الأَعرابي: القَدْوةُ التقَدُّمُ. يقال فلان لا يُقاديه أَحد ولا يُماديه أَحد ولا يُباريه أَحد ولا يُجاريه أَح، وذلك إذا بَرَّز في الخِلال كلها. والقِدْيةُ: الهِدْيةُ، يقال: خُذْ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي فيما كنت فيه. وتَقَدَّت به دابَّته: لَزِمَتْ سَنَنَ الطريق، وتَقَدَّى هو عليها، ومن جعله من الياء أَخذه من القَدَيان، ويجوز في الشعر جاء تَقْدُو به دابته. وقَدى الفرسُ يَقْدي قَدَياناً: أَسرع، ومر فلان تَقْدُو به فرسُه. يقال: مرَّ بي يَتَقَدَّى فرسُه أَي يلزَم به سَنَنَ السِّيرة. وتَقدَّيْتُ على فرسي، وتَقدَّى به بعيرُه: أَسرع. أَبو عبيد: من عَنَقِ الفرس التَّقَدِّي، وتَقَدِّي الفرسِ اسْتِعانَتُه بهاديه في مشيه برَفْع يديه وقَبْض رجليه شِبْه الخَبَب.وقَدا اللحمُ والطعامُ يَقْدُو قَدْواً وقَدى يَقْدي قَدْياً وقَدِيَ، بالكسر، يَقْدى قَدىً كله بمعنى إذا شَمِمْت له رائحة طيبة. يقال: شمِمت قَداةَ القِدْر، وهي قَدِيةٌ على فَعِلة أَي طيبة الريح؛ وأَنشد ابن بري لمبشر بن هذيل الشَّمْخِي:
يقاتُ زاداً طَيِّباً قَداتُه |
ويقال: هذا طعام له قَداةٌ وقَداوة؛ عن أَبي زيد، قال: وهذا يدل أَن لام القَدا واو. وما أَقْدى طعامَ فلانٍ أَي ما أَطيَبَ طَعْمه ورائحته. ابن سيده: وطعام قَدِيٌّ وقَدٍ طيب الطَّعم والرائحة، يكون ذلك في الشِّواء والطبيخ، قَدِيَ قَدىً وقَداوةً وقَدُوَ قَدْواً وقَداةً وقَداوةً. وحكى كراع: إِني لاأَجد لهذا الطعام قَداً أَي طيباً، قال: فلا أَدري أَطِيبَ طَعْمٍ عَنى أَم طِيب رائحة. قال أَبو زيد: إذا كان الطبيخ طَيِّب الريح قلت قَدِيَ يَقْدى وذَمِيَ يَذْمى.
أَبو زيد: يقال: أَتَتْنا قادِيةٌ من الناس أَي جماعة قليلة، وقيل: القادِيةُ من الناس أَول ما يطرأُ عليك، وجمعها قَوادٍ. وقَدْ قَدَت، فهي تَقْدي قَدْياً، وقيل: قَدَتْ قادية إذا أَتى قوم قد أَنْجَمُوا من البادية، وقال أَبو عمرو: قاذِيةٌ، بالذال المعجمة، والمحفوظ ما قال أَبو زيد. أَبو زيد: قَدىً وأَقْداء وهم الناس يتساقطون بالبلد فيقيمون به ويَهْدؤون. ابن الأَعرابي: القَدْر القُدوم من السفر، والقَدْوُ القُرْب. وأَقْدى إذا استوى في طريق الدين، وأَقْدى أَيضاً إذا أَسَنَّ وبلغ الموت. أَبو عمرو: وأَقْدى إذا قَدِمَ من سَفَر، وأَقْدى إذا استقام في الخير.
وهو مني قِدى رُمْحٍ، بكسر القاف، أَي قَدْرَه، كأَنه مقلوب من قِيدَ.
الأَصمعي: بيني وبينه قِدى قَوْسٍ، بكسر القاف. وقِيد قوس وقادَ قوس؛ وأَنشد:
ولكنَّ إِقْدامي إذا الخـيلُ أَحْـجَـمَـتْ |
|
وصَبْري إذا ما الموتُ كان قِدى الشِّبْرِ |
وقال هُدبة بن الخَشْرم:
وإِني، إذا ما الموتُ لـم يَكُ دُونَـه |
|
قِدَى الشِّبْرِ، أَحْمِي الأَنْفَ أَن أَتأَخرا |
قال الأَزهري: قِدى وقادَ وقِيدَ كله بمعنى قدر الشيء. أَبو عبيد: سمعت الكسائي يقول سِنْدَأْوةٌ وقِنْدَأْوةٌ، وهو الخفيف؛ قال الفراء: وهي من النوق الجريئة. قال شمر: قِنْداوة يهمز ولا يهمز. ابن سيده: وقِدةُ هو هذا الموضع الذي يقال له الكُلاب، قال: وإِنما حمل على الواو لأَن ق د و أَكثر من ق د ي.
القَدَحُ من الآنية، بالتحريك: واد الأَقداحِ التي للشرب، معروف؛ قال أَبو عبيد: يُرْوِي الرجلين وليس لذلك وقت؛ وقيل: هو اسم يَجْمَعُ صغارها وكبارها، والجمع أَقْداح، ومُتَّخِذُها: قَدَّاحٌ، وصِناعَتُه:القِداحةُ.
وقَدَحَ بالزَّنْدِ يَقْدَحُ قَدْحاً واقْتَدَح: رام الإِيراءَ به.
والمِقْدَحُ والمِقْداحُ والمِقْدَحَةُ والقَدَّاحُ، كله: الحديدة التي يُقْدَحُ بها؛ وقيل: القَدَّاحُ والقَدَّاحة الحجر الذي يُقْدَحُ به النار؛ وقَدَحْتُ النارَ. الأَزهري: القَدَّاحُ الحجر الذي يُورى منه النار؛ قال رؤبة:
والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ |
والقَدْحُ: قَدْحُك بالزَّنْد وبالقَدَّاح لتُورِيَ؛ الأَصمعي: يقال للذي يُضْرَبُ فتخرج منه النار قَدَّاحة. وقَدَحْتُ في نسبه إذا طعنت؛ ومنه قول الجُلَيْح يهجو الشَّمَّاخَ:
أَشَمَّاخُ، لا تَمْدَحْ بِعِرْضِكَ واقْتَصِدْ |
|
فأَنتَ امْرُؤٌ زَنْداكَ للمُـتَـقـادِحِ |
أَي لا حَسَبَ لك ولا نَسَب يصح؛ معناه: فأَنت مثل زَنْدٍ من شجر مُتَقادِح أَي رِخْوِ العيدان ضعيفها، إذا حركته الريح حك بعضه بعضاً فالتهب ناراً، فإِذا قُدِحَ به لمنفعة لم يُورِ شيئاً.
قال أَبو زيد: ومن أَمثالهم: اقْدَحْ بِدِفْلى في مَرْخٍ؛ مَثَلٌ يضرب للرجل الأَريبِ الأَديب؛ قال الأَزهري: وزِنادُ الدِّفْلى والمَرْخِ كثيرة النار لا تَصْلِدُ.
وقَدَحَ الشيءُ في صدري: أَثَّر، من ذلك؛ وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضةٍ من شُبْهةٍ؛ وهو من ذلك.
واقْتَدَحَ الأَمرَ: دَبَّره ونظر فيه، والاسم القِدْحة؛ قال عمرو بن العاص:
يا قاتَلَ اللهُ وَرْداناً وقِدْحَـتَـه |
|
أَبْدى، لَعَمْرُكَ، ما في النَّفْسِ، |
وَرْدانُ وَرْدانُ: غلام كان لعمرو بن العاص وكان حَصِيفاً، فاستشاره عمرو في أَمر علي، رضي الله عنه، وأَمر معاوية إِلى أَيهما يذهب، فأَجابه وَرْدانُ بما كان في نفسه، وقال له: الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية وما أُراك تختار على الدنيا، فقال عمرو هذا البيت؛ ومَن رواه: وقَدْحَتَه؛ أَراد به مرة واحدة؛ وكذلك جاء في حديث عمرو بن العاص، وقال ابن الأَثير في شرحه ما قلناه، وقال: القِدْحةُ اسم الضرب بالمِقْدَحَةِ، والقَدْحةُ المَرَّة، ضربها مثلاً لاستخراجه بالنظر حقيقةَ الأَمرِ. وفي حديث حذيفة: يكون عليكم أَمير لو قَدَحْتُموه بشعرةٍ أَوْرَيْتُموه أَي لو استخرجتم ما عنده لظهر لضعفه كما يَستخرِجُ القادحُ النار من الزَّند فيُوري؛ فأَما قوله في الحديث: لو شاء الله لجعل للناسِ قِدْحةَ ظُلْمة كما جعل لهم قِدْحةَ نُورٍ، فمشتقٌّ من اقتداح النار؛ وقال الليث في تفسيره: القِدْحةُ اسم مشتق من اقتداح النار بالزَّنْد؛ قال الأَزهري وأَما قول الشاعر:
ولأَنْتَ أَطْيَشُ، حين تَغْدُو سـادِراً |
|
رَعِشَ الجَنانِ، من القَدُوحِ الأَقْدَحِ |
فإِنه أَراد قول العرب: هو أَطيش من ذُباب؛ وكل ذُباب أَقْدَحُ، ولا تراه إِلا وكأَنه يَقْدَحُ بيديه؛ كما قال عنترة:
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَه بِـذراعِـه |
|
قَدْحَ المُكِبِّ على الزِّنادِ الأَجْذَمِ |
والقَدْحُ والقادحُ: أَكالٌ يَقَعُ في الشجر والأَسنان. والقادحُ: العَفَنُ، وكلاهما صفة غالبة. والقادحةُ: الدودة التي تأْكل السِّنّ والشجر؛ تقول: قد أَسرعت في أَسنانه القَوادحُ؛ الأَصمعي: يقال وقع القادحُ في خشبة بيته، يعني الآكِلَ؛ وقد قُدِحَ في السنّ والشجرة، وقُدِحتا قَدْحاً، وقَدَح الدودُ في الأَسنان والشجر قَدْحاً، وهو تَأَكُّل يقع فيه.
والقادحُ: الصَّدْعُ في العُود، والسَّوادُ الذي يظهر في الأَسنان؛ قال جَمِيلٌ:
رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى |
|
وفي الغُرِّ من أَنيابها بالقَوادِحِ |
ويقال: عُود قد قُدِحَ فيه إذا وَقَعَ فيه القادحُ؛ ويقال في مَثَل: صَدَقَني وَسْمُ قِدْحِه أَي قال الحَقَّ؛ قاله أَبو زيد. ويقولون: أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي اعرِف نَفْسَك؛ وأَنشد:
ولكنْ رَهْطُ أُمِّكَ مـن شُـيَيْمٍ |
|
فأَبْصِرْ وَسْم قِدْحِكَ في القِداحِ |
وقَدَحَ في عِرْض أَخيه يَقْدَحُ قَدْحاً: عابه. وقَدَحَ في ساقِ أَخيه: غَشَّه وعَمِلَ في شيء يكرهه. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: تقول فلان يَفُتُّ في عَضُدِ فلان ويَقْدَحُ في ساقِه؛ قال: والعَضُدُ أَهل بيته، وساقُه: نفسه.
والقَديحُ: ما يبقَى في أَسفل القِدْرِ فيُغْرَفُ بجَهْد؛ وفي حديث أُم زرع: تَقْدَحُ قِدْراً وتَنْصِبُ أُخرى أَي تَغْرِفُ؛ يقال: قَدَحَ القِدْرَ إذا غرف ما فيها؛ وفي حديث جابر: ثم قال ادْعِي خابِزَةً فلْتَخْبِزْ معك واقْدَحِي في بُرْمَتِكِ أَي اغْرِفي. وقَدَحَ ما في أَسفل القِدْرِ يَقْدَحُه قَدْحاً، فهو مَقْدُوحٌ وقَديحٌ، إذا غَرَفَه بجَهْدٍ؛ قال النابغة الذُّبْيانيّ:
يَظَلُّ الإِماءُ يَبْتَدِرْنَ قَديحَهـا |
|
كما ابْتَدَرَتْ كلبٌ مِياهَ قَراقِرِ |
وهذا البيت أَورده الجوهري: فظَلَّ الإِماءُ، قال ابن بري: وصوابه يظل، بالياء كما أَوردناه؛ وقبله:
بَقِيَّة قِدْرٍ من قُدُورٍ تُوُورِثَتْ |
|
لآلِ الجُلاحِ، كابِراً بعدَ كابِرِ |
أَي يَبْتَدِرُ الإِماءُ إِلى قَديح هذه القِدْر كأَنها ملكهم، كما يبتدر كلبٌ إِلى مياه قَراقِر لأَنه ماؤهم؛ ورواه أَبو عبيدة: كما ابْتَدَرَتْ سَعْدٌ، قال: وقَراقِرُ هو لسعدِ هُذَيْمٍ وليس لكلب. واقتِداحُ المَرَقِ: غَرْفُه. وفي الإِناء قَدْحةٌ وقُدْحة أَي غُرْفةٌ؛ وقيل: القَدْحة المرّة الواحدة من الفعل. والقُدْحَةُ: ما اقْتُدِحَ. يقال: أَعطني قُدْحَةً من مَرَقَتِكَ أَي غُرْفةً. ويقال: يَبْذُلُ قَديحَ قِدْرِه يعني ما غَرَفَ منها؛ والقَديحُ: المَرَقُ.
والمِقْدَحُ والمِقْدَحة: المِغْرَفَة؛ وقال جرير:
إِذا قِدْرُنا يوماً عن النارِ أُنْزِلَتْ |
|
لنا مِقْدَحٌ منها، وللجارِ مِقْدَحُ |
ورَكِيٌّ قَدُوحٌ: تُغْتَرَفُ باليد. والقِدْحُ، بالكسر: السهمُ قبل أَن يُنَصَّلَ ويُراشَ؛ وقال أَبو حنيفة: القِدْحُ العُودُ إذا بلغ فَشُذِّبَ عنه الغُصْنُ وقُطِعَ على مقدار النَّبْل الذي يراد من الطُّول والقِصَر؛ قال الأَزهري: القِدْحُ قِدْحُ السهم، وجمعه قِداح، وصانعه قَدَّاحٌ أَيضاً. ويقال: قَدَحَ في القِدْحِ يَقْدَحُ وذلك إذا خَرَق في السهم بسِنْخِ النَّصْل. وفي الحديث: أَن عمر كان يُقَوِّمُهم في الصف كما يُقَوِّمُ القَدَّاحُ القِدْحَ؛ قال: وأَوّل ما يُقْطَع ويُقْضَبُ يسمى قِطْعاً، والجمع القُطُوعُ، ثم يُبْرَى فيُسَمَّى بَرِيّاً وذلك قبل أَن يُقَوَّمَ، فإِذا قُوِّمَ وأَنَى له أَن يُراشَ ويُنْصَلَ، فهو القِدْحُ، فإِذا رِيشَ ورُكِّبَ نَصْلُه فيه صار نَصْلاً؛ وقِدْحُ المَيْسِر، والجمع أَقْدُحٌ وقِداحٌ وأَقاديحُ، الأَخيرة جمع الجمع؛ قال أَبو ذؤيب يصف إِبلاً:
أَمَّا أُولاتُ الذُّرَى منها فعاصِبَةٌ |
|
تَجُولُ، بين مَناقِيها، الأَقـادِيحُ |
والكثير قِداحٌ. وقوله فعاصبة أَي مجتمعة. والذُّرى: الأَسْنِمة.
وقُدُوحُ الرحْلِ: عِيدانُه، لا واحد لها؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
لها قَرَدٌ، كجَثْوِ النَّمْل، جَعْـدٌ |
|
تَعَضُّ بها العَراقِي والقُدُوحُ |
وحديث أَبي رافع: كنت أَعْمَلُ الأَقْداحَ، هو جمع قَدَحٍ، وهو الذي يؤْكل فيه، وقيل: جمع قِدْحٍ، وهو السهم الذي كانوا يَسْتَقْسِمون أَو الذي يُرْمى به عن القوس. وفي الحديث: إِنه كان يُسَوِّي الصفوف حتى يَدَعها مثل القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ أَي مثل السهم أَو سَطْرِ الكتابة. وحديث أَبي هريرة: فَشَرِبْتُ حتى استوى بطني فصار كالقِدْح أَي انتصبَ بما حصل فيه من اللبن وصار كالسهم، بعد أَن كان لَصِقَ بظهره من الخُلُوِّ. وحديث عمر: أَنه كان يُطْعِمُ الناس عام الرَّمادة، فاتخذ قِدْحاً فيه فَرْضٌ، أَي أَخذ سهماً وحَزَّ فيه حَزّاً عَلَّمَهُ به، فكان يَغْمِزُ القِدْحَ في الثريد، فإِن لم يَبْلُغْ موضعَ الحَزِّ لامَ صاحبَ الطعام وعَنَّفَه.
وفي الحديث: لا تَجْعَلوني كَقَدَح الراكب أَي لا تُؤَخِّرُوني في الذِّكْرِ، لأَن الراكب يُعَلِّقُ قَدَحَه في آخر رَحْلِه عند فراغه من تَرْحاله ويجعله خلفه؛ قال حَسَّان:
كما نِيطَ، خَلْفَ الراكبِ، القَدَحُ الفَرْدُ |
وقَدَحْتُ العينَ إذا أَخرجتَ منها الماءَ الفاسِدَ. وقَدَحَتْ عينُه وقَدَّحتْ: غارت، فهي مُقَدِّحةٌ، وخيل مُقَدِّحةٌ: غائرة العيون، ومُقَدَّحةٌ، على صيغة المفعول: ضامرة كأَنها ضُمِّرَتْ، فُعِلَ ذلك بها.
وقَدَّحَ فرسَه تَقْدِيحاً: ضَمَّره، فهو مُقَدَّحٌ. وقَدَحَ خِتامَ الخابية قَدْحاً: فَضَّه؛ قال لبيد:
أَغْلِي السِّبـاءَ أَدْكَـنَ عـاتِـقٍ |
|
أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وفُضَّ خِتامُها |
والقَدَّاحُ: نَوْرُ النبات قبل أَن يَتَفَتَّح، اسم كالقَذَّاف.
والقَدَّاحُ: الفِصْفِصَةُ الرَّطْبةُ، عِراقِيَّةٌ، الواحدة قَدَّاحة؛ وقيل: هي أَطراف النبات من الورق الغَضِّ؛ الأَزهري: القَدَّاحُ أَرْآدٌ رَخْصَةٌ من الفِصْفِصة. ودارَةُ القَدَّاح: موضع؛ عن كراع.
الأَزهري، حكى اللحياني في نوادره: ذهب القوم بقِنْدَحْبَةَ، وقِنْدَحْرَة، وقِدَّحْرَةَ: كل ذلك إذا تَفَرَّقوا.
اقْدَحَرَّ للشر: تهيأَ، وقيل: تهيأَ للسِّباب والقتال، وهو القِنْدَحْرُ. والقَنْدَحورُ: السيء الخُلُق. وذهبوا شَعالِيلَ بقِدَّحْرَةٍ وقِنْدَحْرةٍ أَي بحيث لا يُقْدَرُ عليهم؛ عن اللحياني، وقيل: إذا تفرّقوا.
القُداحِس: الشجاع الجَريء، وقيل: السَّيِّءُ الخلُق. أَبو عمرو: الحُمارِس والرُّماحِس والقداحس كل ذلك من نعت الجَريء الشجاع، قال: وهي كلها صحيحة.
القد: القطع المستأصل والشق طولا . والانقداد: الانشقاق. وقال ابن دريد: هو القطع المستطيل، قده قدا. والقد: مصدره قددت السير وغيره أقده قدا. والقد: قطع الجلد وشق الثوب ونحو ذلك، وضربه بالسيف فقده بنصفين.
وفي الحديث: أن عليا، عليه السلام،كان إذا أعتلى قد وذا اعترض قط، وفي رواية: كان إذا تطاول قد واذا تقاصر قط أي قطع طولا وقطع عرضا. واقتده وقدده، كذلك، وقد انقد وتقدد. والقد: الشيء المقدوقد بعينه. والقدة: القطعة من الشيء. والقدة: الفرقة والطريقة من الناس مشتق من ذلك إذا كان هوى كل واحد على حده. وفي التنزيل: كنا طرائق قددا وتقطعوا .
قال الفراء يقول حكاية عن الجن: كنا فرقا مختلفة أهواؤنا. وقال الزجاج في قوله: ولنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا، قال: قددا متفرقين أي كنا جماعات متفرقين مسلمين وغير مسلمين. قال: وقوله: وانا منا المسلمون ومنا القاسطون، هذا تفسير قولهم: كنا طرائق قددا، وقال غيره: قددا جمع قدة مثل قطع وقطعة . وصار القوم قددا: تفرقف حالاتهم وأهوائهم.
والقديد: اللحم المقدد. والقديد: ما قطع من اللحم وشرر،وقيل: هو ما قطع منه طولا. وفي حديث عروة: كان يتزود قديد الظباء وهو محرم، القديد: اللحم المملوح المجفف في الشمس، فعيل بمعنى مفعول. والقديد: الثوب الخلق أيضا. والتقديد: فعل القديد.
والقد: السير الذي يقد من الجلد. والقد، بالكسر: سير يقد من جلد غير مدبوغ، وقال يزيد بن الصعق:
فرغتم لتمرين السياط، وكنتم |
|
يصب عليكم بالقنا كل مربع |
فأجابه بعض بني أسد:
أعبتم علينا أن نمرنقدنـا؟ |
|
ومن لم يمرن قده يتقطع |
والجمع أقد. والقد: الجلد أيضا تخصف به النعال.
والقد: سيور تقد من جلد فطير غير مدبوغ، فتشد بها الأقتاب والمحامل، القدة أخص منه.
وفي الحديث: لقاب قوس أحدكم وموضع قده في الجنة خير من الدنيا وما فيها.
والمقدة: الحديدة التي يقد بها. وقال بعضهم: يجوز أن يكون القد النعل سميت قدا لأنها تقد من الجلد، قال وروى ابن الأعرابي
كسبت اليمانيقده لم يجرد |
بالجيم وقده بالقاف، وقال: القد النعل لم تجرد من الشعر فتكون ألين له، ومن روى قده لم يحرد، أراد مثاله لم يعوج، والتحريد: أن تجعل بعض السير عريضا وبعضه دقيقا.
وقد الكلام قدا: قطعه وشقفه. وفي حديث سمرة: نهى أن يقد السير بين اصبعين أي يقطع ويشق لئلا يعقر الحديد يده، وهو شبيه نهيه أن يتعاطى السيف مسلولا. والقد: القطع طولا كالشق. وفي حديث أبي بكر، رضي الله عنه، يوم السقيفة: الأمر بيننا وبينكم كقد الأبلمة أي كشق الخوصة نصفين. واقتد الأمور: اشتقها وميزها زتدبرها، وكلاهما على المثل. وقد المسافر المفازة و قد الفلاة والليل قدا: خرقهما وقطعهما.
وقدته الطريق تقده قدا: قطعته.
والمقد: بالفتح: القاع وهو المكان المستوي.
والمقد: مشتق القبل.
والقد: القامة. والقد: قدر الشيء وتقطيعه، والجمع أقد قدود، وفي حديث جابر: أتي بالعباس يوم بدر أسيرا ولم يكن عليه ثوب فنظر له النبي، صلى الله عليه وسلم، قميصا فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدد عليه فكساه اياه أي كان الثوب على قدره وطوله. وغلام حسن القد أي الاعتدال والجسم . وشيء حسن القد أي حسن التقطيع. يقال قد فلان قد السيف أي جعل حسن التقطيع، وقول النابغة:
ولرهط حراب وقـد سـوره |
|
في المجد، ليس غرابها بمطار |
قال أبو عبيد: هما رجلان من أسد. والقد: جلد السخلة، وقيل: السخلة الماعزة، وقال ابن دريد: هو المسك الصغير فلم يعين السخلة، والجمع القليل أقد، والكثير قداد وأقدة، الأخيرة النادرة.
وفي الحديث أن امرأة أرسلت الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بجديين مرضوفين وقد، أراد سقاء صغيرا متخذا من جلد السخلة في الجدب.
وفي المثل: ما يجعل قدك الى أديمك أي ما يجعل الشيء الصغير عظيما، يضرب للرجل يتعدى طوره أي ما يجعل مسك السخلة الى الأديم وهو الجلد الكامل، وقال ثعلب: القد ههنا الجلد الصغير أي ما يجعل الكبير مثل الصغير.
وفي حديث أحد: كان أبو طلحة شديد القد، ان روي بالكسر فيريد به وتر القوس، وان روي بالفتج فهو المد والنزع في القوس، وما له قد ولا قحف، القد الجلد والقحف الكسرة من القدح، وقيل: القد اناء من جلود، والقحف اناء من خشب.
والقداد: الحبن، ومنه قول عمر، رضي الله عنه،انا لنعرف الصلاة بالصناب والفلائق والأفلاذ والشهاد بالقداد، والقداد: وجع في البطن، وقد قد. وفي حديث ابن الزبير: قال لمعاوية في جواب:
رب آكل عبيط سيقد عليه وشـارب صـفـو |
سيغص به، هو من المقداد وهو داء في البطن |
ويدعو الرجل على صاحبه فيقول:حبنا قـدادا |
والحبن: مصدره الأحبن وهو الذي به السقي. وفي الحديث: فجعله الله حبنا وقدادا، والحبن: الاستسقاء ابن شيل: ناقة متقددة إذا كانت بين السمن والهزال،وهي التي كانت سمينة فخفت، أو كانت مهزولة، فابتدأت في السمن، يقال: كانت مهزولة فتقددت أي هزلت بعض الهزال.
وروي عن الأوزاعي في الحديث أنه قال: لا يقسم من الغنيمة للعبد ولا للأجير ولا للقديديين، فالقديديون هم تباع العسكر والصناع كالحداد والبيطار، معروف في كلام أهل الشام، صانه الله تعالى، قال ابن الأثير: هكذا يروى بالقاف وكسر الدال، وقيل: هو بضم القاف وفتح الدال، وكأنهم لخستهم يكتسون القديد وهو مسح صغير، وقيل: هو من التقدد والتفرق لأنهم يتفرقون في البلاد للحاجة وتمزق ثيابهم وتصغيرهم تحقير لشانهم. ويشتم الرجل فيقال له: يا قديدي.
والمقد: المكان المستوي.
والقديد: مسيح صغير. والقديد: رجل.
والمقداد: اسم رجل من الصحابة، واما قول جرير:
ان الفرزدق، يا مقداد، زائركم |
|
يا ويل قد على من تغلق الدار! |
أراد بقوله يا ويل قد: ياويل مقداد فاقتصر على بعض حروفه كما قال الحطيئة" من صنع الكلام" وانما أراد سليمان، وقال أبو سعيد في قول الأعشى:
الا كخارجة المكلف نفسه |
أراد: كخيرجان ملك الفرس، فسماه خارجة.
والقديداسم ماء بعينه. وفي الصحاح: وقديد ماء بالحجاز، وهو مصغر وورد ذكره في الحديث. قال ابن الأثير:هو موضع بين مكة والمدينة. ابن سيده: وقديد موضع وبعضهم لا يصرفه يجعله اسما للبقعة، ومنه قول عيسى بن جهمة الليثي وذكر قيس بن ذريح فقال: كان رجلا منا وكان ظريفا شاعرا، وكان يكون بمكة وذويها من قديد وسرف وحول مكة في بواديها كلها. وقديد: فرس عبس بن جدان.
وقدقداء: موضع، عن الفارسي، قال:
على منهل من قدقداء ومورد |
وقد تفتح. وذهبت الخيل بقدان، قال ابن سيده: حكاه يعقوب ولم يفسره.
والقيدود: الناقة الطويلة الظهر يقال اشتقاقه من القود مثل الكينونة من الكون،كأنها في ميزان فيعول وهي في اللفظ فعلول، واحدى الدالين من القيدود زائدة، قال وقال بعض أصحاب التصريف انما أراد تثقيل فيعول بمنزلة حيد وحيدود، وقال آخرون: بل ترك على لفظ كونونة فلما قبح دخول الواوين والضمات حولوا الواو الأولى ياء ليشبهوها بفيعول، لأنه ليس في كلام العرب بناء على فوعول حتى انهم قالوا في اعراب نوروز نيروز فرارا من الواو، وذكر الزهري في هذه الترجمة عن أبي عمرو: المقدي، بتخفيف الدال، ضرب من الشراب، وسنذكره في موضعه كما ذكره هو وغيره. قال شمر: وسمعت رجاء بن سلمة يقول: المقدي طلاء منصف يشبه بما قد بنصفين.
وورد في الحديث في ذكر الأشربة: المقدي هو طلاء منصف طبخ حتى ذهب نصفه تشبيها بشيء، قد بنصفين، وقد تخفف داله.
وقد، مخفف: كلمة معناها التوقع. قال الجوهري: قد حرف لا يدخل الا على الأفعال، قال الخليل: هي جواب لقوم ينتظرون الخبر أو لقوم ينتظرون شيئا تقول: قد مات فلان، ولو أخبره وهو لا ينتظره لم يقل قد مات ولكن يقول مات فلان، وقيل: هي جواب قولك لما يفعل فيقول قد فعل، قال النابغة:
أفد القوم الترحل، غير أن ركابنا |
|
لما نزل برحالنـا، وكـأن قـد |
أي و:ان قد زالت فحذف الجملة. التهذيب: وقد حرف يوجب به الشيء كقولك قد كان كذا كذا، والخبر أن تقول كان كذا وكذا فأدخل قد توكيدا لتصديق ذلك، قال: وتكون قد في موضعتشبه ربما وعندها تميل قد الى الشك، وذلك إذا كانت مع الياء والتاء والنون والألف في الفعل كقولك: قد يكون الذي تقول. وقال النحويون: الفعل الماضي لا يكون حالا الا بقد مظهرا أو مضمرا، وذلك مثل قوله تعالى: أو جاؤوكم حصرت صدوركم، لا تكون حصرت حالا الا باضمار قد . وقال الفراء في قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا، المعنى وقد كنتم أمواتا ولولا اضمار قد لم يجز مثله في الكلام، ألا ترى أن قوله عز وجل في سورة يوسف "ان كان قميصهقد من دبر فكذبت" المعنى فقد كذبت، قال الأزهري: وأما الحال في المضارع فهو سائغ دون قد ظاهرا أو مضمرا، قال ابن سيده: فأما قوله:
اذا قيل: مهلا، قال حاجزه: قد |
فيكون جوابا كما قدمناه في بيت النابغة وكأن قد، والمعنى أي قد قطع، ويجوز أن يكون معناه قدك أي حسبك لأنه قد فرغ مما أريد منه فلا معنى لردعك وزجرك، وتكون قد مع الأفعال الآتية بمنزلة ربما، قال الهذلي:
قد أترك القرن مصفرا أنامله، |
|
كأن أثوابه مجت بفـرصـاد |
قال ابن بري: البيت لعبيد بن الأبرص. وتكون قد مثل قط بمنزلة حسب، يقولون: ما لك عندي الا هذا فقد أي فقط، حكاه يعقوب وزعم أنه بدل فتقول قدي وقدني، وأنشد:
الى حمامتنا ونصفه فقد |
والقول في قدني كالقول في قطني، قال حميد الأرقط:
قدني من نصر الخبيبين قدي |
قال الجوهري:وأما قولهم قدك بمعنى حسبك فهو اسم، تقول قدي وقدني أيضا، بالنون على غير قياس لأن هذه النون انما تزاد في الأفعال وقاية لها، مثل ضربني وشتمني، قال ابن بري: وهم الجوهري في قوله ان النون في قوله قدني زيدت على غير قياس وجعل نو الوقاية مخصوصة بالفعل لا غير، وليس كذلك وانما تزاد وقاية لحركة أو سكون في فعل أو حرف كقولك في من وعن إذا أضفتهما الى نفسك مني وعني فزدت نون الوقاية لتبقى نون من وعن على سكونها، وكذلك في قد وقط تقول قدني وقطني فتزيد نون الوقاية لتبقى الدال والطاء على سكونها، قال: وكذلك زادوها في ليت فقالوا ليتني لتبقى حركة التاء على حالها، وذكلك قالوا في ضرب ضربني لتبقى حركة الباء على فتحتها، وكذلك قالوا في اضرب اضربني أيضا أدخلوا نون الوقاية عليه لتبقى الباء على سكونها، واراد حميد بالخبيبين عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبا، قال ابن بري: والشاهد في البيت أنه يقال قدني وقدني بمعنى، وأما الأصل قدي بغير نون، وقدني بالنون شاذ ألحقت النون فيه لضرورة الوزن، قال: فالأمر فيه بعكس ما قال وأن قدني هو الأصل وقدي حذفت النون منه للضرورة. وفي صفة جهنم، نعوذ بالله منها، فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ حتى إذا أوعبوا فيها قالت وهو بمعناه. ومنه حديث التلبية: فيقول قد قد بمعنى حسب، وتكرارها لتأكيد الأمر، ويقول المتكلم: قدي أي حسبي، والمخاطب: قدك أي حسبك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أنه قال لأبي بكر، رضي الله عنه: قدك يا أبا بكر. قال: وتكون قد بمنزلة ما فينفى بها، سمع بعض الفصحاء يقول:
قد كنت في خير فتعرفه |
وان جعلت قد اسما شددته فتقول: كتبت قدا حسنة وكذلك كي وهو ولو لأن هذه الحروف لا دليل ما ما نقص منها، فيجب أن يزاد في أواخرها ما هو من جنسها ويدعم، الا في الألف فانك تهمزها ولو سميت رجلا بلا أوما ثم زدت في آخره ألفا همزت لأنك تحرك الثانية والألف إذا تحركت صارت همزة. قال ابن بري: قال الجوهري: لو سميت بقد رجلا لقلت: هذا قد، بالتشديد قال: هذا غلط منه انما يكون التضعيف في المعتل كقولك في هو اسم رجل: هذا هو، وفي لو: هذا لو، وفي في: هذا في، وأما الصحيح فلا يصعف فتقول في قد، هذا قد ورأيت قدا ومررت بقد، كما تقول: هذه يد ورأيت يدا ومررت بيد.
القَدِيرُ والقادِرُ: من صفات الله عز وجل يكونان من القُدْرَة ويكونان من التقدير. وقوله تعالى: إِن الله على كل شيء قدير؛ من القُدْرة، فالله عز وجل على كل شيء قدير، والله سبحانه مُقَدِّرُ كُلِّ شيء وقاضيه. ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى القادِرُ والمُقْتَدِرُ والقَدِيرُ، فالقادر اسم فاعل من قَدَرَ يَقْدِرُ، والقَدِير فعيل منه، وهو للمبالغة، والمقتدر مُفْتَعِلٌ من اقْتَدَرَ، وهو أَبلغ.
التهذيب: الليث: القَدَرُ القَضاء المُوَفَّقُ. يقال: قَدَّرَ الإِله كذا تقديراً، وإِذا وافق الشيءُ الشيءَ قلت: جاءه قَدَرُه. ابن سيده: القَدْرُ والقَدَرُ القضاء والحُكْم، وهو ما يُقَدِّره الله عز وجل من القضاء ويحكم به من الأُمور. قال الله عز وجل: إِنا أَنزلناه في ليلة القَدْرِ؛ أَي الحُكْمِ، كما قال تعالى: فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمر حكيم؛ وأَنشد الأَخفش لهُدْبَة بنِ خَشْرَمٍ:
أَلا يا لَقَوْمـي لـلـنـوائبِ والـقَـدْرِ |
|
وللأَمْرِ يأْتي المَرءَ من حيثُ لا يَدْري، |
||
وللأَرْض كم من صالـح قـد تَـوَدَّأَتْ |
|
عليه، فَوَارَتْـهُ بـلَـمَّـاعَةٍ قَـفْـر |
||
فلا ذَا جَلالٍ هِبْنَهُ لـجَـلالِـه |
|
ولا ذا ضَياعٍ هُنَّ يَتْرُكْنَ للفَقْرِ |
|
|
تودّأَت عليه أَي استوت عليه. واللماعة: الأَرض التي يَلْمع فيها السَّرابُ. وقوله: فلا ذا جَلال انتصب ذا بإِضمار فعل يفسره ما بعده أَي فلا هِبْنَ ذا جَلال، وقوله: ولا ذا ضَياع منصوب بقوله يتركن. والضَّياعُ، بفتح الضاد: الضَّيْعَةُ، والمعنى أَن المنايا لا تَغْفُلُ عن أَحد، غنيّاً كان أَو فقيراً، جَليلَ القَدْر كان أَو وضيعاً. وقوله تعالى: ليلةُ القدر خير من أَلف شهر؛ أَي أَلف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ وقال الفرزدق:
وما صَبَّ رِجْلي في حديدِ مُجاشِعٍ |
|
مَعَ القَدْرِ، إِلا حاجَةٌ لي أُرِيدُهـا |
والقَدَرُ: كالقَدْرِ، وجَمْعُهما جميعاً أَقْدار. وقال اللحياني: القَدَرُ الاسم، والقَدْرُ المصدر؛ وأَنشد
كُلُّ شيء حتى أَخِيكَ مَتاعُ |
|
وبِقَدْرٍ تَفَرُّقٌ واجْتِمـاعُ |
وأَنشد في المفتوح:
قَدَرٌ أَحَلَّكَ ذا النخيلِ، وقد أَرى |
|
وأَبيكَ، ما لَكَ، ذُو النَّخيلِ بدارِ |
قال ابن سيده: هكذا أَنشده بالفتح والوزن يقبل الحركة والسكون. وفي الحديث ذكر ليلة القدر، وهي الليلة التي تُقَدَّر فيها الأَرزاقُ وتُقْضى.
والقَدَرِيَّةُ: قوم يَجْحَدُون القَدَرَ، مُوَلَّدةٌ. التهذيب: والقَدَرِيَّة قوم ينسبون إِلى التكذيب بما قَدَّرَ اللهُ من الأَشياء، وقال بعض متكلميهم: لا يلزمنا هذا اللَّقَبُ لأَنا ننفي القَدَرَ عن الله عز وجل ومن أَثبته فهو أَولى به، قال: وهذا تمويه منهم لأَنهم يثبتون القَدَرَ لأَنفسهم ولذلك سموا؛ وقول أَهل السنَّة إِن علم الله سبق في البشر فَعَلِم كفْرَ مَن كَفَر منهم كما عَلِم إِيمان مَن آمن، فأَثبت علمه السابق في الخلق وكتبه، وكلُّ ميسر لما خلق له وكتب عليه. قال أَبو منصور: وتقدير الله الخلق تيسيره كلاًّ منهم لما علم أَنهم صائرون إِليه من السعادة والشقاء، وذلك أَنه علم منهم قبل خلقه إِياهم، فكتب علمه الأَزليّ السابق فيهم وقَدَّره تقديراً؛ وقَدَرَ الله عليه ذلك يَقْدُرُه ويَقْدِرُه قَدْراً وقَدَراً، وقَدَّره عليه وله؛ وقوله:
من أَيّ يَوْمَيَّ من الموتِ أَفِرّ |
|
أَيَومَ لم يُقْدَرَ أَمْ يومَ قُـدِرْ؟ |
فإِنه أَراد النون الخفيفة ثم حذفها ضرورة فبقيت الراء مفتوحة كأَنه أَراد: يُقْدَرَنْ، وأَنكر بعضهم هذا فقال: هذه النون لا تحذف إِلا لسكون ما بعدها ولا سكون ههنا بعدها؛ قال ابن جني: والذي أَراه أَنا في هذا وما علمت أَن أَحداً من أَصحابنا ولا غيرهم ذكره، ويشبه أَن يكونوا لم يذكروه للُطْفِه، هو أَنْ يكون أَصله أَيوم لم يُقْدَرْ أَم بسكون الراء للجزم، ثم أَنها جاوَرَتِ الهمزة المفتوحة وهي ساكنة، وقد أَجرت العرب الحرف الساكن إذا جاور الحرف المتحرّك مجرى المتحرك، وذلك قولهم فيما حكاه سيبويه من قول بعض العرب: الكَماةُ والمَراة، يريدون الكَمْأَةَ والمَرْأَةَ ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين، والهمزتان بعدهما مفتوحتان، صارت الفتحتان اللتان في الهمزتين كأَنهما في الراء والميم، وصارت الميم والراء كأَنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدّرت حركاتهما في غيرهما كأَنهما ساكنتان، فصار التقدير فيهما مَرَأْةٌ وكَمَأْةٌ، ثم خففتا فأُبدلت الهمزتان أَلفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مَرَاةٌ وكَماةٌ، كما قالوا في رأْس وفأْس لما خففتا: راس وفاس، وعلى هذا حمل أَبو علي قول عبد يَغُوثَ:
وتَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ |
|
كَأَنْ لم تَرَا قَبْلي أَسيراً يمَانِيا |
قال: جاء به على أَن تقديره مخففاً كأَن لم تَرْأَ، ثم إِن الراء الساكنة لما جاورت الهمزة والهمزة متحرّكة صارت الحركة كأَنها في التقدير قبل الهمزة واللفظُ بها لم تَرَأْ، ثم أَبدل الهمزة أَلفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت تَرا، فالأَلف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين الفعل، واللام محذوفة للجزم على مذهب التحقيق، وقَوْلِ من قال: رَأَى يَرْأَى، وقد قيل: إِن قوله ترا، على الخفيف السائغ، إِلا أَنه أَثبت الأَلف في موضع الجزم تشبيهاً بالياء في قول الآخر:
أَلم يأْتيك، والأَنباءُ تَنْمِـي |
|
بما لاقَتْ لَبُونُ بني زِيادِ؟ |
ورواه بعضهم أَلم يأْتك على ظاهر الجزْم؛ وأَنشده أَبو العباس عن أَبي عثمان عن الأَصمعي:
أَلا هلَ تاكَ والأَنباءُ تَنْمِي |
وقوله تعالى: إِلا امرأَته قَدَّرْنا أَنها لمن الغابرين؛ قال الزجاج: المعنى علمنا أَنها لمن الغابرين، وقيل: دَبَّرنا أنها لمن الغابرين أَي الباقين في العذاب. ويقال: اسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً، واسْتَقْدَرَ اللهَ خَيْراً سأَله أَن يَقْدُرَ له به؛ قال:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً وارضَيَنَّ به |
|
فبَيْنَما العُسْرُ إِذ دارتْ مَياسِيرُ |
وفي حديث الاستخارة: اللهم إِني أَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتك أَي أَطلب منك أَن تجعل لي عليه قُدْرَةً.
وقَدَرَ الرزقَ يَقْدِرُهُ: قَسَمه. والقَدْرُ والقُدْرَةُ والمِقْدارُ: القُوَّةُ؛ وقَدَرَ عليه يَقْدِرُ ويَقْدُرُ وقَدِرَ، بالكسر، قُدْرَةً وقَدارَةً وقُدُورَةً وقُدُوراً وقِدْراناً وقِداراً؛ هذه عن اللحياني، وفي التهذيب: قَدَراناً، واقْتَدَرَ وهو قادِرٌ وقَدِيرٌ وأَقْدَرَه اللهُ عليه، والاسم من كل ذلك المَقْدَرَة والمَقْدُرَة والمَقْدِرَةُ. ويقال: ما لي عليك مَقْدُرَة ومَقْدَرَة ومَقْدِرَة أَي قُدْرَة. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: إِنَّ الذَّكاة في الحَلْقِ واللَّبَّة لمن قَدَرَ أَي لمن أَمكنه الذبْحُ فيهما، فأَما النَّادُّ والمُتَرَدِّي فأَيْنَ اتَّفَقَ من جسمهما؛ ومنه قولهم: المَقْدِرَةُ تُذْهِبُ الحَفِيظَةَ. والاقتدارُ على الشيء: القُدْرَةُ عليه، والقُدْرَةُ مصدر قولك قَدَرَ على الشيء قُدْرَة أَي مَلَكه، فهو قادِرٌ وقَدِيرٌ. واقْتَدَرَ الشيءَ: جعله قَدْراً. وقوله: عند مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ؛ أَي قادِرٍ. والقَدْرُ: الغِنى واليَسارُ، وهو من ذلك لأَنه كُلَّه قُوَّةٌ.
وبنو قَدْراء: المَياسيرُ. ورجل ذو قُدْرَةٍ أَي ذو يَسارٍ. ورجل ذو مَقْدِرَة أَي ذو يسار أَيضاً؛ وأَما من القَضاء والقَدَرِ فالمَقدَرَةُ، بالفتح، لا غير؛ قال الهُذَليّ:
وما يَبْقَى على الأَيّامِ شَيءٌ |
|
فيا عَجَباً لمَقْدَرَةِ الكتابِ، |
وقدْرُ كل شيء ومِقْدارُه: مِقْياسُه. وقَدَرَ الشيءَ بالشيء يَقْدُرُه قَدْراً وقَدَّرَه: قاسَه. وقادَرْتُ الرجل مُقادَرَةً إذا قايسته وفعلت مثل فعله. التهذيب: والتقدير على وجوه من المعاني: أَحدها التروية والتفكير في تسوية أَمر وتهيئته، والثاني تقديره بعلامات يقطعه عليها، والثالث أَن تَنْوِيَ أَمراً بِعَقْدِك تقول: قَدَّرْتُ أَمر كذا وكذا أَي نويتُه وعَقَدْتُ عليه. ويقال: قَدَرْتُ لأَمْرِ كذا أَقْدِرُ له وأَقْدُرُ قَدْراً إذا نظرت فيه ودَبَّرْتَه وقايسته؛ ومنه قول عائشة، رضوان الله عليها: فاقْدُرُوا قَدْرَ الجاريةِ الحديثة السِّنِّ المستهيئة للنظر أَي قَدِّرُوا وقايسوا وانظروه وافْكِرُوا فيه. شمر: يقال قَدَرْتُ أَي هيأْت وقَدَرْتُ أَي أَطَقْتُ وقَدَرْتُ أَي مَلَكْتُ وقَدَرْتُ أَي وَقَّتُّ؛ قال لبيد:
فَقَدَرْتُ للوِرْدِ المُغَلِّسَ غُدْوَةً |
|
فَوَرَدْتُ قبل تَبَيُّنِ الأَلْـوانِ |
وقال الأَعشى:
فاقْدُرْ بذَرْعِكَ ببنَـنـا |
|
إِن كنتَ بَوَّأْتَ القَدارَهْ |
بَوَّأْتَ: هَيَّأْتَ. قال أَبو عبيدة: اقْدُر بذَرْعِك بيننا أَي أَبْصِرْ واعْرِفْ قَدْرَك. وقوله عز وجل: ثم جئتَ على قَدَرٍ يا موسى؛ قيل في التفسير: على مَوْعدٍ، وقيل: على قَدَرٍ من تكليمي إِياك؛ هذا عن الزجاج. وقَدَرَ الشيءَ: دَنا له؛ قال لبيد:
قلتُ: هَجِّدْنا، فقد طال السُّرَى، |
|
وقَدَرْنا إِنْ خَنى الليل غَـفَـلْ |
وقَدَر القومُ أَمرهم يَقْدِرُونه قَدْراً: دَبَّروه وقَدَرْتُ عليه الثوبَ قدراً فانْقَدَر أَي جاءَ على المِقْدار. ويقال: بين أَرضك وأَرض فلان ليلة قادرة إذا كانت لينة السير مثل قاصدةٍ ورافِهةٍ؛ عن يعقوب. وقَدَرَ عليه الشيءَ يَقْدِرُه ويَقْدُره قَدْراً وقَدَراً وقَدَّرَه: ضَيَّقه؛ عن اللحياني. وفي التنزيل العزيز: على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه؛ قال الفراء: قرئ قَدَرُه وقَدْرُه، قال: ولو نصب كان صواباً على تكرر الفعل في النية، أَي ليُعْطِ المُوسِعُ قَدْرَه والمُقْتِرُ قَدْرَه؛ وقال الأخفش: على الموسع قدره أَي طاقته؛ قال الأَزهري: وأَخبرني المنذري عن أَبي العباس في وقوله على المُقْتِر قَدَرُه وقَدْرُه، قال: التثقيل أَعلى اللغتين وأَكثر، ولذلك اختير؛ قال: واختار الأَخفش التسكين، قال: وإِنما اخترنا التثقيل لأَنه اسم، وقال الكسائي: يقرأُ بالتخفيف والتثقيل وكلٌّ صواب، وقال: قَدَرَ وهو يَقْدِر مَقْدِرة ومَقْدُرة ومَقْدَرَة وقِدْراناً وقَدَاراً وقُدْرةً، قال: كل هذا سمعناه من العرب، قال: ويَقْدُر لغة أُخرى لقوم يضمون الدال فيها، قال: وأَما قَدَرْتُ الشيء فأَنا أَقْدِرُه، خفيف، فلم أَسمعه إِلا مكسوراً، قال: وقوله: وما قَدَروا اللهَ حَقَّ قَدْرِه؛ خفيفٌ ولو ثُقِّلَ كان صواباً، وقوله: إِنَّا كلَّ شيء خلقناه بِقَدَرٍ، مُثَقَّلٌ، وقوله: فسالتْ أَوديةٌ بقدَرها؛ مُثَقَّلٌ ولو خفف كان صواباً؛ وأَنشد بيت الفرزدق أَيضاً: وما صَبَّ رِجْلِي في حَدِيدِ مُجاشِعٍ، مع القَدْر، إِلا حاجةٌ لي أُرِيدُها وقوله تعالى: فَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ عليه؛ يفسر بالقُدرة ويفسر بالضِّيق، قال الفراء في قوله عز وجل: وذا النُّون إِذ ذهب مُغاضِباً فظنَّ أَن لن نَقْدِرَ عليه؛ قال الفراء: المعنى فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه من العقوبة ما قَدَرْنا. وقال أَبو الهيثم: روي أَنه ذهب مغاضباً لقومه، وروي أَنه ذهب مغاضباً لربه، فأَما من اعتقد أَن يونس، عليه السلام، ظن أَن لن يقدر الله عليه فهو كافر لأَن من ظن ذلك غير مؤمن، ويونس، عليه السلام، رسول لا يجوز ذلك الظن عليه. فآل المعنى: فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه العقوبة، قال: ويحتمل أَن يكون تفسيره: فظن أَن لن نُضَيِّقَ عليه، من قوله تعالى: ومن قُدِرَ عليه رزقَه؛ أَي ضُيِّقَ عليه، قال: وكذلك قوله: وأَما إذا ما ابتلاه فَقَدَر عليه رزقه؛ معنى فَقَدَر عليه فَضَيَّقَ عليه، وقد ضيق الله على يونس، عليه السلام، أَشدَّ تَضْيِيق ضَيَّقَه على مُعَذَّب في الدنيا لأَنه سجنه في بطن حوت فصار مَكْظُوماً أُخِذَ في بَطْنِه بكَظَمِهِ؛ وقال الزجاج في قوله: فظن أَن لن نُقْدِرَ عليه؛ أَي لن نُقَدِّرَ عليه ما قَدَّرنا من كونه في بطن الحوت، قال: ونَقْدِرُ بمعنى نُقَدِّرُ، قال: وقد جاء هذا في التفسير؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق صحيح، والمعنى ما قَدَّرَه الله عليه من التضييق في بطن الحوت، ويجوز أَن يكون المعنى لن نُضَيِّق عليه؛ قال: وكل ذلك شائع في اللغة، والله أَعلم بما أَراد. فأَما أَن يكون قوله أَن لن نَقْدِرَ عليه من القدرة فلا يجوز، لأَن من ظن هذا كفر، والظن شك والشك في قدرة الله تعالى كفر، وقد عصم الله أَنبياءه عن مثل ما ذهب إِليه هذا المُتَأَوِّلُ، ولا يَتَأَوَّلُ مثلَه إِلا الجاهلُ بكلام العرب ولغاتها؛ قال الأَزهري: سمعت المُنْذِرِيَّ يقول: أَفادني ابن اليَزيديّ عن أَبي حاتم في قوله تعالى: فظن أَن لن نقدر عليه؛ أَي لن نضيق عليه، قال: ولم يدر الأَخفش ما معنى نَقْدِر وذهب إِلى موضع القدرة إِلى معنى فظن أَن يَفُوتَنَا ولم يعلم كلام العرب حتى قال: إِن بعض المفسرين قال أَراد الاستفهام، أَفَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ عليه، ولو علم أَن معنى نَقْدِر نُضَيِّق لم يخبط هذا الخبط، قال: ولم يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو؛ قال: وقوله: من قُدِرَ عليه رِزْقُه؛ أَي ضُيِّقَ عليه عِلْمُه، وكذلك قوله: وأَما إذا ما ابتلاه فَقَدَرَ عليه رِزْقَه؛ أَي ضَيَّقَ. وأَما قوله تعالى: فَقَدَرْنا فنِعْمَ القادِرُون، فإِن الفراء قال: قرأَها عليّ، كرم الله وجهه، فَقَدَّرْنا، وخففها عاصم، قال: ولا يبعد أَن يكون المعنى في التخفيف والتشديد واحداً لأَن العرب تقول: قُدِّرَ عليه الموتُ وقُدِرَ عليه الموتُ، وقُدِّر عليه وقُدِرَ، واحتج الذين خففوا فقالوا: لو كانت كذلك لقال: فنعم المُقَدِّرون، وقد تجمع العربُ بين اللغتين. قال الله تعالى: فَمَهِّلِ الكافرينأَمْهِلْهُم رُوَيْداً. وقَدَرَ على عياله قَدْراً: مثل قَتَرَ.
وقُدِرَ على الإِنسان رِزْقُه قَدْراً: مثل قُتِرَ؛ وقَدَّرْتُ الشيء تَقْدِيراً وقَدَرْتُ الشيء أَقْدُرُه وأَقْدِرُه قَدْراً من التقدير. وفي الحديث في رؤية الهلال: صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإِن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له، وفي حديث آخر: فإِن غم عليكم فأَكملوا لعِدَّة؛ قوله: فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له عَدَدَ الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوماً، واللفظان وإن اختلفا يرجعان إِلى معنى واحد؛ وروي عن ابن شريح أَنه فسر قوله فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له منازلَ القمر فإِنها تدلكم وتبين لكم أَن الشهر تسع وعشرون أَو ثلاثون، قال: وهذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم؛ قال: وقوله فأَكْمِلُوا العِدَّة خطاب العامَّة التي لا تحسن تقدير المنازل، وهذا نظير النازلة تنزل بالعالِمِ الذي أَمر بالاجتهاد فيها وأَن لا يُقَلِّدَ العلماء أَشكال النازلة به حتى يتبين له الصوب كما بان لهم، وأَما العامة التي لا اجتهاد لها فلها تقليد أَهل العلم؛ قال: والقول الأَول أَصح؛ وقال الشاعر إِياس بن مالك بن عبد الله المُعَنَّى:
كِلا ثَقَلَيْنا طـامـعٌ بـغـنِـيمةٍ، |
|
وقد قَدَر الرحمنُ ما هو قـادِرُ |
فلم أَرَ يوماً كانَ أَكثَرَ سـالِـبـاً |
|
ومُسْتَلَباً سِرْبـالَـه لا يُنـاكِـرُ |
وأَكثَرَ مِنَّا يافِعاً يَبْتَغِي الـعُـلـى |
|
يُضارِبُ قِرْناً دارِعاً، وهو حاسِرُ |
قوله: ما هو قادرُ أَي مُقَدِّرٌ، وثَقَلُ الرجل، بالثاء: حَشَمه ومتاع بيته، وأَراد بالثَّقَل ههنا النساء أَي نساؤنا ونساؤهم طامعات في ظهور كل واحد من الحَيَّيْنِ على صاحبه والأَمر في ذلك جار على قدر الرحمن.
وقوله: ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ أَي يُسْتَلَبُ سِرْبالَه وهو لا يُنْكِرُ ذلك لأَنه مصروع قد قتل، وانتصب سرباله بأَنه مفعول ثان لمُسْتَلَب، وفي مُسْتَلَب ضمير مرفوع به، ومن رفع سرباله جعله مرتفعاً به ولم يجعل فيه ضميراً. واليافع: المُتَرَعْرِعُ الداخلُ في عَصْرِ شبابه.
والدارع: اللابس الدرع. والحاسر: الذي لا درع عليه.
وتَقَدَّر له الشيءُ أَي تهيأَ. وفي حديث الاستخارة: فاقْدُرْه لي ويَسِّرْه عليّ أَي اقض لي به وهيئه. وقَدَرْتُ الشيء أَي هيأْته.
وقَدْرُ كل شيء ومِقْداره: مَبْلَغُه. وقوله تعالى: وما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِه؛ أَي ما عظموا الله حق تعظيمه، وقال الليث: ما وَصَفوه حق صِفَتِه، والقَدَرُ والقَدْرُ ههنا بمعنى واحد، وقَدَرُ الله وقَدْرُه بمعنىً، وهو في الأَصل مصدر.
والمِقْدارُ: الموتُ. قال الليث: المِقْدارُ اسم القَدْر إذا بلغ العبدُ المِقْدارَ مات؛ وأَنشد:
لو كان خَلْفَك أَو أَمامَك هائِبا |
|
بَشَراً سِواكَ، لَهابَك المِقْدارُ |
يعني الموت. ويقال: إِنما الأَشياء مقاديرُ لكل شيء مِقْدارٌ داخل.
والمِقْدار أَيضاً: هو الهِنْداز، تقول: ينزل المطر بمِقْدار أَي بقَدَرٍ وقَدْرٍ، وهو مبلغ الشيء. وكل شيء مُقْتَدِرٌ، فهو الوَسَطُ. ابن سيده: والمُقْتَدِر الوسط من كل شيء. ورجل مُقْتَدِرُ الخَلْق أَي وَسَطُه ليس بالطويل والقصير، وكذلك الوَعِلُ والظبي ونحوهما. والقَدْرُ: الوسط من الرحال والسروج ونحوهما؛ تقول: هذا سرجٌ قَدْرٌ، يخفف ويثقل. التهذيب: سَرْجٌ قادرٌ قاترٌ، وهو الواقي الذي لا يَعْقِرُ، وقيل: هو بين الصغير والكبير.
والقَدَرُ: قِصَرُ العُنُق، قَدِرَ قَدَراً، وهو أَقدرُ؛ والأَقْدَر: القصير من الرجال؛ قال صَخْرُ الغَيّ يصف صائداً ويذكر وُعُولاً قد وردت لتشرب الماء:
أَرَى الأَيامَ لا تُبْقِي كريمـاً، |
|
ولا الوَحْشَ الأَوابِدَ والنَّعامـا |
ولا عُصْماً أَوابِدَ في صُخُورٍ، |
|
كُسِينَ على فَراسِنِها خِدامـا |
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَـشِـيفٍ |
|
إِذا سامتْ على المَلَقاتِ ساما |
معنى أُتيح: قُدّر، والضمير في لها يعود على العُصْم. والأُقَيْدِرُ: أَراد به الصائد. والحَشيف: الثوب الخَلَقُ. وسامت: مَرَّتْ ومضت. والمُلَقات: جمع مَلَقَةٍ، وهي الصخرة الملساء. والأَوابد: الوحوش التي تأَبَّدَتْ أَي توحشت. والعُصْمُ: جمع أَعْصَمَ وعَصْماء: الوَعِلُ يكون بذراعيه بياض. والخِدَام: الخَلاخِيلُ، وأَراد الخطوطَ السُّودَ التي في يديه؛ وقال الشاعر:
رأَوْكَ أُقَيْدِرَ حِنْزَقْرَةً |
وقيل: الأَقْدَر من الرجال القصير العنق. والقُدَارُ: الرَّبْعَةُ من الناس. أَبو عمرو: الأَقْدَرُ من الخَيل الذي إذا سار وقعت رجلاه مواقع يديه؛ قال رجل من الأَنصار، وقال ابن بري: هو عَدِيُّ بن خَرَشَةَ الخَطْمِيُّ:
ويَكْشِفُ نَخْوَةَ المُخْتالِ عَنِّـي |
|
جُرَازٌ، كالعَقِيقَةِ، إِن لَقِـيتُ |
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ |
|
كُمَيْتٌ، لا أَحَـقُّ ولا شَـئِيتُ |
النخوة: الكبر. والمختال: ذو الخيلاء. والجراز: السيف الماضي في الضَّرِيبة؛ شبهه بالعقيقة من البرق في لَمَعانه. والصهوات: جمع صَهْوَة، وهو موضع اللِّبْدِ من ظهر الفرس. والشئيب: الذي يَقْصُرُ حافرا رجليه عن حافِرَي يديه بخلاف الأَقْدَرِ. والأَحَقُّ: الذي يُطَبِّقُ حافِرا رجليه حافِرَيْ يديه، وذكر أَبو عبيد أَن الأَحَقَّ الذي لا يَعْرَقُ، والشَّئيتُ العَثُور، وقيل: الأَقدر الذي يُجاوِزُ حافرا رجليه مَواقعَ حافِرَيْ يديه؛ ذكره أَبو عبيد، وقيل: الأَقْدَرُ الذي يضع رجليه حيث ينبغي.
والقِدْرُ: معروفة أُنْثَى وتصغيرها قُدَيْرٌ، بلا هاء على غير قياس.
الأَزهري: القِدْرُ مؤنثة عند جميع العرب، بلا هاء، فإِذا صغرت قلت لها قُدَيرة وقُدَيْر، بالهاء وغير الهاء، وأَما ما حكاه ثعلب من قول العرب ما رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ منها فإِنه ليس على تذكير القِدْرِ ولكنهم أَرادوا ما رأَيت شيئاً غلا؛ قال: ونظيره قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لك النساء من بَعْدُ؛ قال: ذكر الفعل لأَن معناه معنى شيء، كأَنه قال: لا يحل لك شيء من النساء. قال ابن سيده: فأَما قراءة من قرأَ: فناداه الملائكة، فإِنما بناه على الواحد عندي كقول العرب ما رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ منها، ولا كقوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد، لأَن قوله تعالى: فناداه الملائكة، ليس بجحد فيكون شيء مُقَدَّر فيه كما قُدِّرَ في ما رأَيت قِدْراً غَلا أَسْرَعَ، وفي قوله: لا يحل لك النساء، وإِنما استعمل تقدير شيء في النفي دون الإِيجاب لأَن قولنا شيء عام لجميع المعلومات، وكذلك النفي في مثل هذا أَعم من الإِيجاب، أَلا ترى أَن قولك: ضربت كل رجل، كذب لا محالة وقولك: ما ضربت رجلاً قد يجوز أَن يكون صدقاً وكذباً، فعلى هذا ونحوه يوجد النفي أَعم من الإِيجاب، ومن النفي قوله تعالى: لن يَنالَ اللهَ لحومُها ولا دِماؤها، إِنما أَراد لن ينالَ اللهَ شيءٌ من لحومها ولا شيء من دمائها؛ وجَمْعُ القِدْرِ قُدورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وقَدَرَ القِدْرَ يَقْدِرُها ويَقْدُرُها قَدْراً: طَبَخَها، واقْتَدَر أَيضاً بمعنى قَدَرَ مثل طَبَخَ واطَّبَخَ. ومَرَقٌ مَقْدُور وقَدِيرُ أَي مطبوخ. والقَدِيرُ: ما يطبخ في القِدْرِ، والاقتدارُ: الطَّبْخُ فيها، ويقال: أَتَقْتَدِرُون أَم تَشْتَوُون. الليث: القديرُ ما طُبِخَ من اللحم بتَوابِلَ، فإِن لم يكن ذا تَوابِلَ فهو طبيخ. واقْتَدَرَ القومُ: طَبَخوا في قِدْرٍ. والقُدارُ: الطَّبَّاخُ، وقيل: الجَزَّارُ، وقيل الجَزَّار هو الذي يلي جَزْرَ الجَزُور وطَبْخَها؛ قال مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لنَضْرِبُ بالصَّوارِم هامَها |
|
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ |
القُدَّام: جمع قادم، وقيل هو المَلِكُ. وفي حديث عُمَيْر مولى آبي اللحم: أَمرني مولاي أَن أَقْدُرَ لحماً أَي أَطْبُخَ قِدْراً من لحم.
والقُدارُ: الغلام الخفيف الروح الثَّقِفُ اللَّقِفُ. والقُدارُ: الحية، كل ذلك بتخفيف الدال. والقُدارُ: الثعبان العظيم.
وفي الحديث: كان يَتَقَدَّرُ في مرضه أَين أَنا اليومَ؛ أَي يُقَدِّرُ أَيامَ أَزواجه في الدَّوْرِ علهن.
والقَدَرةُ: القارورةُ الصغيرة. وقُدارُ بن سالِفٍ: الذي يقال له أَحْمَرُ ثمود عاقر ناقة صالح، عليه السلام؛ قال الأَزهري: وقالت العرب للجَزَّارِ قُدارٌ تشبيهاً به؛ ومنه قول مُهَلْهِل: ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ اللحياني: يقال أَقمت عنده قَدْرَ أَن يفعل ذلك، قال: ولم أَسمعهم يطرحون أَن في المواقيت إِلا حرفاً حكاه هو والأَصمعي، وهو قولهم: ما قعدت عنده الاَّ رَيْثَ أَعْقِد شِسْعي. وقَيْدارٌ: اسم.
التَّقْدِيسُ: تنزيه اللَّه عز وجل. وفي التهذيب: القُدْسُ تنزيه اللَّه تعالى، وهو المتَقَدَّس القُدُّوس المُقَدَّس. ويقال: القُدُّوس فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس، بفتح أَوائلهما؛ قال اللحياني: المجتمع عليه في شُبُّوح وقُدُّوس الضم، قال: وإِن فتحته جاز، قال: ولا أَدري كيف ذلك؛ قال ثعلب: كل اسم على فَعُّول، فهو مفتوح الأَول مثل سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضم فيهما الأَكثر، وقد يفتحان، وكذلك الذُّرُّوح، بالضم، وقد يفتح. قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من أَبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير.
وفي حديث بلال بن الحرث: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح للزرع من قُدْس ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ؛ هو، بضم القاف وسكون الدال، جبل معروف، وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزِّراعة. وفي كتاب الأَمكنة أَنه قَرِيس؛ قيل: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب المدينة والمشهورُ المَرْوِيّ في الحديث الأَوّل، وأَما قَدَس، بفتح القاف والدال، فموضع بالشام من فتوح شُرَحْبيل بن حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بضم الدال وسكونها، اسم ومصدر، ومنه قيل للجنَّة: حَضِيرة القُدْس.
والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وفي التنزيل: ونحن نُسَبِّحُ بحمدك ونُقَدِّس لك؛ الزجاج: معنى نُقدس لك أَي نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا قيل للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس منه أَي يُتَطَّهر. والقَدَس، بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يتطهر فيه. قال: ومن هذا بيت المَقْدِس أَي البيت المُطَّهَّر أَي المكان الذي يُتطهَّر به من الذنوب. ابن الكلبي: القُدُّوس الطاهر، وقوله تعالى: الملك القُدُّوس الطَّاهِر في صفة اللَّه عز وجل، وقيل قَدُّوس، بفتح القاف، قال: وجاءَ في التفسير أَنه المبارك. والقُدُّوس: هو اللَّه عز وجل. والقُدْسُ: البركة. والأَرض المُقَدَّسة: الشام، منه، وبيت المَقْدِس من ذلك أَيضاً، فإِمّا أَن يكون على حذف الزائد، وإِمّا أَن يكون اسماً ليس على الفِعْل كما ذهب إِليه سيبويه في المَنْكِب، وهو يُخفَّف ويُثقَّل، والنسبة إِليه مَقْدِسِيّ مثال مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قال امرؤ القيس:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّـسـا |
|
كما شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدِّسِي |
والهاء في أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، والنون في أَدركنه ضمير الكلاب، أَي أَدركتِ الكلاب الثورَ فأَخذن بساقه ونَساه وشَبْرَقَتْ جلده كما شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدِّسِي، وهو الذي جاء من بيت المَقْدِس فقطَّعوا ثيابه تبرُّكاً بها؛ والشَّبْرَقة: تقطيعُ الثوب وغيره، وقيل: يعني بهذا البيت يهوديّاً.
ويقال للراهب مُقَدَّسٌ، وأَراد في هذا البيت بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ، وصبيانُ النصارى يتبرَّكون به وبِمَسْحِ مِسْحِه الذي هو لابِسُه، وأَخذ خُيُوطِه منه حتى يَتَمَزَّقَ عنه ثوبه. والمُقَدِّس: الحَبْرُ؛ وحكى ابن الأَعرابي: لا قَدَّسه اللَّه أَي لا بارك عليه. قال: والمُقَدَّس المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وقال الفرَّاء: الأَرض المقدَّسة الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ. ويقال: أَرض مقدَّسة أَي مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي؛ وقول العجاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ، |
أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلـى نَـفْـسِ |
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِـرْسِ |
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة.ورُوحُ القُدُس: جبريل، عليه السلام. وفي الحديث: إِن رُوحَ القُدُس نَفَث في رُوعِي، يعني جبريل، عليه السلام، لأَنه خُلِق من طهارة. وقال اللَّه عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وأَيَّدْناه بِرُوحِ القُدُسِ؛ هو جبريل معناه رُوحُ الطهارة أَي خُلِق من طهارة؛ وقول الشاعر:
لا نَومَ حتى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ |
|
وتَشْرَبي من خير ماءٍ بِـقُـدُسْ |
أَراد الأَرض المقدَّسة. وفي الحديث: لا قُدِّستْ أُمَّة لا يُؤْخَذ لضَعِيفها من قَوِيِّها أَي لا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حصاة توضع في الماء قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وهي نحو المُقْلَة للإِنسان، وقيل: هي حَصاة يُقْسَمُ بها الماء في المفاوز اسم كالحَبَّان. غيره: القُدَاس الحجر الذي يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماء في الحَوْض وغيره. والقَدَّاس: الحجر يُنْصَب في وسَط الحوض إذا غَمَره الماء رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو عمرو:
لا رِيَّ حتى يَتَوارى قَـدَّاسُ |
|
ذاك الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ |
وقال:
نَئِفَتْ به، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه |
|
ما إِنْ يُوارى ثم جاء الهَيْثَمُ |
نَئِفَ إذا ارْتَوى. والقُداس، بالضم: شيء يعمل كالجُمان من فِضَّة؛ قال يصف الدُّمُوع:
تَجَدَّرَ دمعُ العَيْنِ منها، فَخِلْتُه |
|
كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ |
شبَّه تَحَدُّرَ دمعه بنظم القُداس إذا انقطع سِلْكُه. والقَديسُ: الدُّرُّ؛ يمانية.
والقادِس: السفينة، وقيل: السفينة العظيمة، وقيل: هو صِنْف من المراكب معروف، وقيل: لَوْحٌ من أَلواحها؛ قال الهذلي:
وتَهْفُو بِهادٍ لَـهـا مَـيْلَـعٍ |
|
كما أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا |
وفي المحكم:كما حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا يعني المَلاَّحين. وتَهْفُو: تَمِيل يعني الناقةَ. والمَيْلَعُ: الذي يتحرك هكذا وهكذا. والأَرْدَمُ: المَلاَّح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن الكِبار.
والقادس: البيتُ الحرام. وقادِسُ: بلدة بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة: من بلاد العرب؛ قيل إِنما سميت بذلك لأَنها نزل بها قوم من أَهل قادس من أَهل خُراسان، ويقال: إِن القادسيَّة دَعا لها إِبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، بالقُدْسِ وأَن تكون مَحَلَّة الحاجِّ، وقيل:القادسيَّة قرية بين الكوفة وعُذَيب. وقُدْس، بالتسكين: جبل، وقيل: جبل عظيم في نَجْدٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإَنك حقّاً أَيَّ نَظْرة عاشِـقٍ |
|
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونها وَوَقيرُ |
وقُدْسُ أَوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غيره: قُدْس وآرةُ جبَلان في بلاد مُزَيْنة معروفان بِحِذاء سُقْيا مزينة.
القَدْعُ: الكَفُّ والمَنْعُ. قَدَعَه يَقْدَعُه قَدْعاً وأَقْدَعَه فانْقَدَعَ وقَدِعَ إذا كَفَّه عنه؛ ومنه حديث الحسن: اقْدَعُوا هذه النُّفُوسَ فإِنها طُلَعةٌ. وفي حديث الحَجَّاج: اقْدَعُوا هذه الأَنْفُسَ فإنها أَسْأَلُ شيءٍ إذا أُعْطِيَتْ وأَمْنَعُ شيءٍ إذا سُئِلَتْ، أَي كُفُّوها عما تَتَطَلَّعُ إِليه من الشهوات. وقَدَعْتُ فَرَسي أَقْدَعُه قَدْعاً: كَبَحْتُه وكَفَفْتُه. وهو فرس قَدُوعٌ: يحتاج إِلى القَدْع ليَكُفَّ بعض جريه. وفي حديث أَبي ذر: فذهبت أُقبل بين عينيه فَقَدَعَني بعض أَصحابه أَي كفني. قال ابن الأَثير: يقال قَدَعْتُه وأَقْدَعْتُه قَدْعاً وإِقْداعاً، ومنه حديث ابن عباس: فجعلت أَجِدُ بي قَدَعاً من مَسْأَلَتِه أَي جُبْناً وانكِساراً، وفي رواية: أَجِدُني قَدِعْتُ عن مسأَلته.
والقَدُوعُ: القادِعُ والمَقْدُوعُ جميعاً: ضد، فَعُولٌ بمعنى مفعول. والقَدُوعُ: الفَحْل الذي إذا قرب من الناقةِ ليَقْعُوَ عليها قُدِعَ وضُرِبَ أَنفه بالرمح أَو غيره وحُمِلَ عليها غيره؛ قال الشماخ: إِذا ما اسْتافَهُنَّ ضَرَبْنَ منه مكانَ الرُّمْحِ من أَنْفِ القَدُوعِ وفلان لا يَقْدَعُ أَي لا يَرْتَدِعُ. وهذا فَحْلٌ لا يُقْدَعُ أَي لا يُضْرَبُ أَنفه وذلك إذا كان كريماً. وفي حديث زواجِه خديجةَ: قال ورَقةُ بن نَوْفَلٍ: محمد يخطب خديجة، هو الفَحْلُ لا يُقْدَعُ أَنفُه؛ قال ابن الأَثير: يقال قَدَعْتُ الفحل وهو أَن يكون غير كريم فإِذا أَراد ركوب الناقة الكريمة ضُرِبَ أَنفه بالرمح أَو غيره حتى يرتدع ويَنْكَفَّ، ويروى بالراء، ومنه الحديث أَيضاً: فإِن شاء الله أَن يَقْدَعَه بها قَدَعَه.
وفرس قَدُوعٌ: يَكُفُّ بعض جريه. أَبو مالك: يقال مَرَّ به فَرَسُه يَقْدَعُ أَي يَعْدُو. وفرسٌ قَدِعٌ أَي هَيُوبٌ. ويقال: اقْدَعْ من هذا الشراب أَي اقْطَع منه أَي اشْرَبْه قِطَعاً قِطَعاً.
والمِقْدَعةُ: عَصاً يَقْدعُ بها ويَدْفَعُ بها الإِنسانُ عن نفسه.
ورجل قَدِعٌ، على النسب: يَنْقَدِعُ لكل شيء؛ قال عامر بن الطفيل:
وإِنِّي سَوْفَ أَحْكُم غيرَ عـادٍ |
|
ولا قَدِعٍ، إذا التُمِسَ الجَوابُ |
والقِدْعةُ من الثياب: دُرَّاعةٌ قصيرة؛ قال مُلَيْحٌ الهُذَليُّ:
بِتِلْكَ عَلِقْت الشوْقَ، أَيامَ بِكْـرُهـا |
|
قَصِيرُ الخُطى، في قِدْعةٍ يَتَعَطَّفُ |
وامرأَة قَدِعةٌ وقَدُوعٌ: كثيرةُ الحَياءِ قليلةُ الكلامِ. وامرأَة قَدُوعٌ: تأْنَفُ كل شيء؛ قال الطرماح:
وإِلاَّ فَمَدْخُولُ الفِناءِ قَدُوعُ |
قَدُوعٌ معنى المَقْدُوعِ ههنا. وانْقَدَع فلان عن الشيء إذا استَحْيا منه. وتَقَادَعَ الذُّبابُ في المَرَقِ إذا تَهافَتَ. والتَّقادُعُ: التَّتابُع والتهافت في الشر، وفي الصحاح: في الشيء: وتَقادَعَ الفَراشُ في النار: تَساقَط كأَنّ كل واحد يَدْفَعُ صاحبَه أَن يَسْبِقَه. وأقْدَعَ الرجلَ: شَتَمه. والمَقادِعُ: عِوارُ الكلامِ.
وتَقَادَعَ القومُ بالرّماحِ: تَطاعَنُوا. وفي الحديث: يُحْمَلُ الناسُ على الصراط يوم القيامة فَتَتقادَعُ بهم جَنَبَتا الصراط تَقادُعَ الفَراشِ في النار أَي تُسقِطُهم فيها بعضهم فوق بعض. وتَقادَعَ القومُ: هلك بعضُهم في إِثْرِ بعض في شهر واحد أَو عام واحد، وقيل: تَقادَعَ القومُ تَقادُعاً وتَعادَوْا تَعادِياً مات بعضهم في إِثر بعض فلم يُخَصَّ يومٌ ولا شهر.
والتَّقادُعُ: التراجع؛ عن ثعلب.
ابن الأَعرابي: القَدَعُ انْسِلاقُ العين من كثرة البكاء. وفي الحديث: كان عبد االله بن عمر قَدِعاً. وقد قَدِعَ، فهو قَدِعٌ، وقَدِعَتْ عينُه تَقْدَعُ قَدَعاً: ضَعُفَتْ من طول النظر إِلى الشيء؛ قال الشاعر:
كَمْ فيهمُ مِن هَجِـينٍ أُمُّـه أَمَةٌ |
|
في عَيْنِها قَدَعٌ، في رِجْلِها فَدَع |
وقَدَعَ الخمسين: جاوَزها، بفتح الدال؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري: قَدَعَ الستين جازَها، قال: فاحتمَلَ أَن تُقْدَعَ فَتَقْدَعَ كما تقول قَدَعْتُ الرجل عن الأَمر فَقَدِعَ أَي كَفَفْتُه فكَفَّ وارْتَدَعَ.
وقَدِعَتْ له الخمسون: دنت؛ قال المَرّارُ الفَقْعَسِيّ:
ما يسْأَلُ الناسُ عن سِنِّي، وقد قَدِعَتْ |
|
لي الأَرْبَعُونَ، وطالَ الوِرْدُ والصَّدَرُ |
قل ابن بري: قال الجرمي رواه ثعلب قُدِعَتْ عن ابن الأَعرابي، بضم القاف؛ وقال أَبو الطيب: الأَكثر في الرواية قَدِعَتْ، قال ابن الأَعرابي: قُدِعَتْ لي أَربعون أَي أُمْضِيَتْ.يقال: قَدَعَها أَي أَمضاها كما يَقْدَعُ الرجلُ الشيء. قال ابن الأَعرابي: وقِدْعةُ اسم عَنْزٍ؛ وأَنشد:
فَتَنازَعا شَطْراً لِقِدْعةَ واحِداً |
|
فَتَدارآ فيه، فكانَ لِـطـامُ |
قال أَبو العباس: المِجْوَلُ الصُّدْرةُ وهي الصِّدارُ والقِدْعةُ والعِدْقةُ.
القَدْف: غَرْف الماء من الحوض أَو من شيءٍ تَصُبُّه بكفك، عُمانيّة، والقُداف: الغُرْفة منه. وقالت العُمانية بنت جُلَنْدى حيث أَلْبَسَت السُّلَحْفاةَ حليها فغاصت فأَقبلت تَغْتَرِفُ من البحر بكفها وتَصبّه على الساحل وهي تنادي: يا لقومي، نَزافِ نَزافِ، لم يَبق في البحر غيرُ قُداف أَي غير حَفْنَة. ابن دريد وذكر قصة هذه الحمقاء ثم قال: والقُداف جَرَّةٌ من فَخّار. والقَدْف: الكَرَبُ الذي يقال له الرَّفُوج من جريد النخل وهو أَصل العِذْق. والقَدْفُ: الصبّ. والقَدْفُ: النَّزْح. والقَدْف:أَن يَثْبُت للكَرَب أَطراف طِوال بعد أَن تقطع عنه الجريد، أَزْدِيّةٌ.
وذو القداف: موضع؛ قال:
كأَنه بذي القدافِ سِيدُ |
|
وبالرِّشاء مُسْبِل وَرودُ |
في أسماء الله تعالى المقدم: هو الذي يقدم الأشياء ويضعها في مواضعها، فمن استحق التقديم قدمه. والقديم على الإطلاق: الله عزوجل. والقدم: العتيق مصدر القديم. والقدم: نقيض الحدوث، قدم يقدم قدما وقدامة تقادم، وهو قديم، والجمع قدماء وقدامى. وشيء قدام: كقديم. وفي حديث ابن مسعود: فسلم عليه وهو يصلي فلم يرد عليه، قال: فأخذني ما قدم وما حدث أي الحزن والكآبة، يريد أنه عاودته أحزانه القديمة واتصلت بالحديثة، وقيل: معناه غلب علي التفكر في أحوالي القديمة والحديثة، أيها كان سببا لترك رده السلام علي.
والقدم والقدمة: السابقة في الأمر. يقال: لفلان قدم صدق أي أثره حسنة. قال ابن بري: القدم التقدم، قال الشاعر:
وإن يك قزك قد أصيبوا فإنهم |
|
بنوا لكم خير البنية والقـدم |
وقال أمية بن أبي الصلت:
عرفت أن لا يفوت الله ذو قدم |
|
وأنه من أمير السوء منتقـم |
وقال عبد الله بن همام السلولي:
ونستعين إذا اصطكت حدودهم |
|
عند اللقاء بحد ثابت الـقـدم |
وقال جرير:
أبني أسيد قد وجدت لمازن |
|
قدما وليس لكم قديم يعلم |
وفي حديث عمر: إنا على منازلنا من كتاب الله وقسمة رسوله والرجل وقدمه والرجل وبلاؤه أي أفعاله وتقدمه في الإسلام وسبقه. وفي التنزيل العزيز: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم أي سابق خير وأثرا حسنا، قال الأخفش: هو التقديم كأنه قدم خيرا وكان له فيه تقديم، وكذلك القدمة، بالضم والتسكين، قال سيبويه: رجل قدم وامرأة قدمة يعني أن لهما قدم صدق في الخير، قيل: وقدم الصدق المنزلة الرفيعة والسابقة، والمعنى أنه قد سبق لهم عند الله خير، قال: وللكافر قدم شر، قال ذو الرمة:
وأنت امرؤ من أهل بيت ذؤابة |
|
لهم قدم معروفة ومفـاخـر |
قالوا: القدم والسابقة ما تقدموا فيه غيرهم. وروي عن أحمد بن يحيى: قدم صدق عند ربهم، القدم كل ما قدمت من خير. وتقدمت فيه لفلان قدم أي تقدم في الخير. ابن قتيبة: أن لهم قدم صدق يعني عملا صالحا قدموه. أبو زيد: رجل قدم وامرأة قدم من رجال ونساء قدم، وهم ذوو القدم. وجاء في تفسير قدم صدق: شفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم القيامة.
وقدام: نقيض وراء، وهما يؤنثان ويصغران بالهاء: قديدمة و قديديمة ووريئة، وهما شاذان لأن الهاء لا تلحق الرباعي في التصغير، قال القطامي:
قديدمة التجريب والحلـم أنـنـي |
|
أرى غفلات العيش قبل التجارب |
قال ابن بري: من كسر أن استأنف، ومن فتح فعلى المفعول له. وتقول: لقيته قديديمة ذلك ووريئة وإن ذكرت جاز، وقد قيل في تصغيره قديديم، وهذا يقوي ما حكاه الكسائي من تذكيرها، وهي أيضا القدام والقيدام والقيدوم، عن كراع.
والقدم: المضي أمام أمام، وهو يمشي القدم والقدمية واليقدمية والتقدمية إذا مضى في الحرب. ومضى القوم التقدمية إذا تقدموا، قال سيبويه: التاء الزائدة، وقال:
ماذا ببدر فالـعـقـنـا |
|
قل من مرازبة جحاجح |
الضاربين التـقـدمـي |
|
ية بالمهندة الصـفـائح |
التهذيب: يقال مشى فلان القدمية والتقدمية إذا تقدم في الشرف والفضل ولم يتأخر عن غيره في الإفضال على الناس. وروي عن ابن عباس أنه قال: إن ابن أبي العاص مشى القدمية وإن ابن الزبير لوى ذنبه، أراد أن احدهما سما إلى معالي الأمور فحازها، وأن الآخر قصر عما سما له منها، قال أبو عبيد في قوله مشى القدمية: قال أبو عمرو معناه التبختر، قال أبو عبيد: إنما هو مثل ولم يرد المشي بعينه، ولكنه أراد به ركب معالي الأمور، قال ابن الأثير: وفي رواية اليقدمية، قال: والذي جاء في رواية البخاري القدمية، ومعناها أنه تقدم في الشرف والفضل على أصحابه، قال: والذي جاء في كتب الغريب اليقدمية والتقدمية، بالياء والتاء، وهما زائدتان ومعناهما التقدم، ورواه الأزهري بالياء المعجة من تحت، والجوهري بالتاء المعجمة من فوق، قال: وقيل إن التقدمية بالياء من تحت هو التقدم بهمته وأفعاله. والتقدمية والتقدمية: أول تقدم الخيل، عن السيرافي.
وقدمهم يقدمهم قدما وقدوما وقدمهم، كلاهما: صار أمامهم. وأقدمه وقدمه بمعنى، قال لبيد:
فمضى وقدمها وكانت عادة |
|
منه إذا هي عردت إقدامها |
أي يقدمها، قالوا: أنث الإقدام لأنه في معنى التقدمة، وقيل: لأنه في معنى العادة وهي خبر كان، خبر كان هو اسمها في المعنى، ومثله قولهم: ما جاءت، حاجتك، فأنت ما حيث كانت في المعنى الحاجة. وتقدم: كقدم. وقدم واستقدم: تقدم. التهذيب: ويقال قدم فلان فلانا إذا تقدمه. الجوهري: قدم، بالفتح، يقدم قدوما أي تقدم، ومنه قوله تعالى: يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار، أي يتقدمهم إلى النار ومصدره القدم. يقال: قدم يقدم وتقدم يتقدم وأقدم يقدم واستقدم يستقدم بمعنى واحد. وفي التنزيل العزيز: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله، وقرئ لا تقدموا، قال الزجاج: معناه إذا أمرتم بأمر فلا تفعلوه قبل الوقت الذي أمرتم أن تفعلوه فيه، وجاء في التفسير: أن رجلا ذبح يوم النحر قبل الصلاة، فتقدم قبل الوقت فأنزل الله الآية وأعلم أن ذلك غير جائز. وقال الزجاج في قوله ولقد علمنا المستقدمين منكم: في طاعة الله، والمستأخرين: فيها.
والقدمة من الغنم: التي تكون أمام الغنم في الرعي. وقوله تعالى: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين، يعني من يتقدم من الناس على صاحبه في الموت ومن يتأخر منهم فيه، وقيل: علمنا المستقدمين من الأمم وعلمنا المستأخرين، وقال ثعلب: معناه من يأتي منكم أولا إلى المسجد ومن يأتي متأخرا. وقدم بين يديه أي تقدم. وقوله عز وجل: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله، ولا تقدموا، فسره ثعلب فقال: من قرأ تقدموا فمعناه لا تقدموا كلاما قبل كلامه، ومن قرأ لا تقدموا فمعناه لا تقدموا قبله، وقال الزجاج: تقدموا وتقدموا بمعنى.
وأقدم وأقدم: زجر للفرس وأمر له بالتقدم. وفي حديث بدر: إقدم حيزوم، بالكسر، والصواب فتح الهمزة، كأنه يؤمر بالإقدام وهو التقدم في الحرب. والإقدام: الشجاعة. قال: وقد تكسر الهمزة من إقدم، ويكون أمرا بالتقدم لا غير، والصحيح الفتح من أقدم.
وقيدوم كل شيء وقيدامه: أوله، قال تميم بن مقبل:
مسامية خوصاء ذات نثيلة |
|
إذا كان قيدام المجرة أقودا |
وقيدوم الجبل وقديديمته: أنف يتقدم منه، قال الشاعر:
بمستهطع رسل كأن جديلـه |
|
بقيدوم رعن من صوام ممنع |
وصوام: اسم جبل، وقول رؤبة بن العجاج:
أحقب يحذو رهقى قيدوما |
أي أتانا قدما. وقيدوم كل شيء: مقدمه وصدره. وقيدوم كل شيء: ما تقدم منه، قال أبو حية:
تحدر الطير من قيدومها البرد |
أي من قيدوم هذه السحابة. وقدوم كل شيء: مقدمه وصدره. وقدم: نقيض أخر، بمنزلة قبل ودبر. ورجل قدم: يقتحم الأمور والأشياء يتقدم الناس ويمشي في الحروب قدما. ورجل قدم وقدم: شجاع، والأنثى قدمة. ابن شميل: رجل قدم وامرأة قدم إذا كانا جريئين. وفي حديث علي، رضي الله عنه: غير نكل في قدم ولا واهنا في عزم أي في تقدم، وقد يكون القدم بمعنى التقدم. وفي الحديث: طوبى لعبد مغبر قدم في سبيل الله! رجل قدم، بضمتين، أي شجاع، ومعنى قدم أي لم يعرج ولم ينثن، وقد تسكن الدال. يقال: قدم، بالفتح، يقدم قدما أي تقدم. وفي حديث شية بن عثمان: فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: قدما ها أي تقدموا، وها تنبيه، يحرضهم على القتال.
والقدم: الشرف القديم، على مثال فعل. ابن شميل: لفلان عند فلان قدم أي يد ومعروف وصنيعة، وقد قدم وقدم وأقدم وتقدم واستقدم بمعنى كما يقال استجاب وأجاب. ورجل مقدام ومقدامة: مقدم كثير الإقدام على العدو جريء في الحرب، الأخيرة عن اللحياني. ورجال مقاديم والاسم منه القدمة، أنشد ابن الأعرابي:
تراه على الخيل ذا قدمة |
|
إذا سربل الدم أكفالهـا |
ورجل قدم، بكسر الدال، أي متقدم، وأنشد أبو عمرو لجرير:
أسراق قد علمت معد أننـي |
|
قدم إذا كره الخياض جسور |
ويقال: ضرب فركب مقاديمه إذا وقع على وجهه، واحدها مقدم. وفي المثل: استقدمت رحالتك، يعني سرجك أي سبق ما كان غيره أحق به.
ويقال: هو جريء المقدم، بضم الميم وفتح الدال، أي هو جريء عند الإقدام. والقدم: المضي وهو الإقدام. يقال: أقدم فلان على قرنه إقداما وقدما ومقدما إذا تقدم عليه بجراءة صدره. وأقدم على الأمر إقداما، والإقدام: ضد الإحجام. ومقدمة العسكر وقادمتهم وقداماهم: متقدموهم. التهذيب: مقدمة الجيش، بكسر الدال، أوله الذين يتقدمون الجيش، وأنشد ابن بري للأعشى:
هم ضربوا بالحنو حنو قراقر |
|
مقدمة الهامرز حتى تولت |
وقيل: إنه يجوز مقدمة بفتح الدال. ومقدمة الجيش: هي من قدم بمعنى تقدم، ومنه قولهم: المقدمة والنتيجة، قال البطليوسي: ولو فتحت الدال لم يكن لحنا لأن غيره قدمه، وقال لبيد في قدم بمعنى تقدم:
قدموا إذ قيل: قـيس قـدمـوا |
|
وارفعوا المجد بأطراف الأسل! |
أراد: يا قيس، ويروى:
قدموا إذا قال قيس قدموا |
وقال آخر:
إن نطق القوم فأنت صياب |
أو سكت القوم فأنت قبقاب |
أو قدموا يوما فأنت وجاب |
وقال الأحوص:
فلو مات إنسان من الحب مقدما |
|
لمت ولكني سأمضي مقدمـا |
وفي كتاب معاوية إلى ملك الروم: لأكونن مقدمته إليك إي الجماعة التي تتقدم الجيش، من قدم بمعنى تقدم، وقد استعير لكل شيء فقيل: مقدمة الكتاب ومقدمة الكلام، بكسر الدال، قال: وقد تفتح. ومقدمة الإبل والخيل ومقدمتهما، الأخيرة عن ثعلب: أول ما ينتج منهما ويلقح، وقيل: مقدمة كل شيء أوله، ومقدم كل شيء نقيض مؤخره. ويقال: ضرب مقدم وجهه.
ومقدم العين: ما ولي الأنف، بكسر الدال، كمؤخرها ما يلي الصدغ، وقال أبو عبيد: هو مقدم العين، وقال بعض المحررين: لم يسمع المقدم إلا في مقدم العين، وكذلك لم يسمع في نقيضه المؤخر إلا مؤخر العين، وهو ما يلي الصدغ. ويقال: ضرب مقدم رأسه ومؤخره. والمقدمة: ما استقبلك من الجبهة والجبين. والمقدمة: الناصية والجبهة. ومقاديم وجهه: ما استقبلت منه، واحدها مقدم ومقدم، الأخيرة عن اللحياني. قال ابن سيده: فإذا كان مقاديم جمع مقدم فهو شاذ، وإذا كان جمع مقدم فالياء عوض. وامتشطت المرأة المقدمة، بكسر الدال لا غير: وهو ضرب من الأمتشاط، قال: أراه من قدام رأسها.
وقادمة الرجل وقادمه ومقدمه ومقدمته، بكسر الدال مخففة، ومقدمه ومقدمته، بفتح الدال المشددة: أمام الواسط، وكذلك هذه اللغات كلها في آخرة الرحل، وقال:
كأن من آخرها الـقـادم |
|
مخرم فخذ فارغ المخارم |
أراد من آخرها إلى القادم فحذف إحدى اللامين الأولى. قال أبو منصور: العرب تقول آخرة الرحل وواسطه ولا تقول قادمته. وفي الحديث: إن ذفراها لتكاد تصيب قادمة الرحل، هي الخشبة التي في مقدمة كور البعير بمنزلة بوس السرج. وقيدوم الرحل: قادمته. وقادم الإنسان: رأسه، والجمع القوادم، وهي المقادم، وأكثر ما يتكلم به جمعا، وقيل: لا يكاد يتكلم بالواحد منه. والقادمتان والقادمان: الخلفان المتقدمان من أخلاف الناقة. وقادم الأطباء والضروع: الخلفان المتقدمان من أخلاف البقرة والناقة، وإنما يقال قادمان لكل ما كان له آخران، إلا أن طرفة استعاره للشاة فقال:
من الزمرات أسبل قادماها |
|
وضرتها مركـنة درور |
وليس لهما آخران، وللناقة قادمان وآخران، الواحد قادم وآخر، وكذلك البقرة وقادماها خلفاها اللذان يليان السرة، وآخراها الخلفان اللذان يليان مؤخرها. وقوادم ريش الطائر: ضد خوافيها، الواحدة قادمة وخافية. ابن سيده: والقوادم أربع ريشات في مقدم الجناح، الواحدة قادمة، وهي القدامى، والمناكب اللواتي بعدهن إلى أسفل الجناح، والخوافي ما بعد المناكب، والأباهر من بعد الخوافي، وقيل: قوادم الطير مقاديم ريشه، وهي عشر في كل جناح. ابن الأنباري: قدامى الريش المقدم، قال رؤبة:
خلقت من جناحك الغدافـي |
|
من القدامى لا من الخوافي |
ومن أمثالهم: ما جعل القوادم كالخوافي، قال ابن بري: القدامى تكون واحدا كشكاعى وتكون جمعا كسكارى، قال القطامي:
وقد علمت شيوخهم القدامى |
وهذا البيت أورده الأزهري مستشهدا به على القدامى بمعنى القدماء، وسيأتي.
والمقدام: ضرب من النخل، قال أبو حنيفة: هو أبكر نخل عمان، سميت بذلك لتقدمها النخل بالبلوغ. والقدم: الرجل، أنثى، والجمع أقدام لم يجاوزوا به هذا البناء. ابن السكيت: القدم والرجل أنثيان، وتصغيرهما قديمة ورجيلة، ويجمعان أرجلا وأقداما.
الليث: القدم من لدن الرسغ ما يطأ عليه الإنسان، قال ابن بري: وقد يجمع قدم على قدام، قال جرير:
وأماتكم فتخ القدام وخيضف |
وخيضف: فعل من الخضف وهو الضراط. وقوله تعالى: ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس تجعلهما تحت أقدامنا، جاء في التفسير: أنه يعني ابن آدم قابيل، الذي قتل أخاه، وإبليس، ومعنى نجعلهما تحت أقدامنا أي يكونان في الدرك الأسفل من النار. وقوله، صلى الله عليه وسلم: كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية فهي تحت قدمي هاتين، أراد أني قد اهدرت ذلك كله، قال ابن الأثير: أراد إخفاءها وإعدامها وإذلال أمر الجاهلية ونقض سنتها، ومنه الحديث: ثلاثة في المنسى تحت قدم الرحمن أي أنهم منسيون متروكون غير مذكورين بخير. وفي أسمائه، صلى الله عليه وسلم: أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي أي على أثري. وفي حديث مواقيت الصلاة: كان قدر صلاته الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، قال ابن الأثير: أقدام الظل التي تعرف بها أوقات الصلاة هي قدم كل إنسان على قدر قامته، وهذا أمر يختلف باختلاف الأقاليم والبلاد، لأي سبب طول الظل وقصره هو انحطاط الشمس وارتفاعها إلى سمت الرؤوس، فكلما كانت أعلى وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب كان الظل أقصر، وينعكس الأمر بالعكس، ولذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أبدا أطول من ظل الصيف في كل موضع منها، وكانت صلاته، صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة وهما من الإقليم الثاني، ويذكر أن الظل فيهما عند الاعتدال في آذار وأيلول ثلاثة أقدام وبعض قدم، فيشبه أن تكون صلاته إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله إلى أن يصير الظل خمسة أقدام وآخره سبعة أو سبعة وشيئا. فينزل هذا الحديث على هذا التقدير في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم.قال ابن سيده: واما ما جاء في حديث صفة النار من أنه، صلى الله عليه وسلم، قال: لا تسكن جهنم حتى يضع الله فيها قدمه، فإنه روي عن الحسن وأصحابه أنه قال: حتى يجعل الله فيها الذين قدمهم لها من شرار خلقه، فهم قدم الله للنار كما أن المسلمين قدمه إلى جنة. والقدم: كل ما قدمت من خير أو شر، وتقدمت لفلان فيه قدم أي تقدم من خير أو شر، وقيل: وضع القدم على الشيء مثل للردع والقمع، فكأنه قال يأتيها أمر الله فيكفها عن الطلب المزيد، وقيل: أراد به تسكين فورتها كما يقال حتى يضع الله فيها قدمه، إنه متروك على ظاهره ويؤمن به ولا يفسر ولا يكيف. ابن بري: يقال هو يضع قدما على قدم إذا تتبع السهل من الأرضن قال الراجز:
قد كان عهدي ببني قيس وهم |
لا يضعون قدما على قدم |
ولا يحلون بإل في الحرم |
يقول: عهدي بهم أعزاء لا يتوقون ولا يطلبون السهل، وقيل: لا يكونون تباعا لقوم، قال: وهذا أحسن القولين، وقوله: ولا يحلون بإل أي لا ينزلون بجوار أحد يأخذون منه إلا وذمة.
والقدوم: الرجوع من السفر، قدم من سفره يقدم قدوما ومقدما، بفتح الدال، فهو قادم: آب، والجمع قدم وقدام، تقول: وردت مقدم الحاج تجعله ظرفا، وهو مصدر، أي وقت مقدم الحاج. ويقال: قدم فلان منسفره يقدم قدوما. وقدم فلان على الأمر إذا أقدم عليه، ومنه قول الأعشى:
فكم ما ترين امرءا راشدا |
|
تبين ثم انتهـى إذ قـدم |
وقدم فلان إلى أمر من سفره يقدم قدوما. وقدم فلان على الأمر إذا أقدم عليه، ومنه قول الأعشى:
فكم ما ترين امرءا راشدا |
|
تبين ثم انتهـى إذ قـدم |
وقدم فلان إلى أمر كذا وكذا أي قصد له، ومنه قوله تعالى: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل، قال الزجاج والفراء: معنى قدمنا عمدنا وقصدنا، كما تقول قام فلان يفعل كذا، تريد قصد إلى كذا ولا تريد قام من القيام على الرجلين.
والقدائم: القديم من الأشياء، همزته زائدة. ويقال: قدما كان كذا وكذا، وهو اسم من القدم، جعل اسما من اسماء الزمان. والقدامى: القدماء، قال القطامي:
وقد علمت شيوخهم القدامى |
|
إذا قعدوا كأنهم النـسـار |
جمع النسر. ومضى قدما، بضم الدال: لم يعرج ولم ينثن، وقال يصف امرأة فاجرة:
تمضي إذا زجرت عن سوأة قدما |
|
كأنها هدم في الجفر منـقـاض |
يقول: إذا زجرت عن قبيح أسرعت إليه ووقعت فيه كما يقع الهدم في البئر بإسراع، وهذا البيت أنشده ابن السيرافي عن ابن دريد مع أبيات وهي:
قد رابني منك يا أسماء إعراض |
|
فدام منا لكم مقت وإبـغـاض |
إن تبغضيني فما أحببت غـانـية |
|
يروضها من لئام الناس رواض |
تمضي إذا زجرت عن سوأة قدما |
|
كأنها هدم في الجفر منـقـاض |
قل للغواني أما فيكـن فـاتـكة |
|
تعلو اللئيم بضر فيه إمحـاض؟ |
والقدام: القادمون من سفر. والقدام: الملك، قال المهلهل:
إنا لنضرب بالصوارم هامهم |
|
ضرب القدار نقيعة القـدام |
وقيل: القدام ههنا جمع قادم من سفر. وقال ابن القطاع: القديم الملك، وفي حديث الطفيل بن عمرو:
ففينا الشعر والملك القدام. |
أي القديم المتقدم مثل طويل وطوال. أبو عمرو: القدام والقديم الذي يتقدم الناس بشرف. ويقال: القدام رئيس الجيش.
والقدوم: التي ينحت بها، مخفف أنثى، قال ابن السكيت: ولا تقل قدوم، بالتشديد، قال مرقش:
يا بنت عجلان ما أصبرني |
|
على خطوب كنحت بالقدوم |
وأنشد الفراء:
فقلت أعيراني القدوم لعلني |
|
أخط بها قبرا لأبيض ماجد |
والجمع قدائم وقدم قال الأعشى:
أقام به شاهبور الجـنـو |
|
د حولين تضرب فيه القدم |
وقيل: قدائم جمع القدم مثل قلص وقلائص، قال ابن بري: من نصب الجنود جعله مفعولا لأقام أي أقام الجنود بهذا البلد حولين، ومن خفضه فعلى الإضافة على معنى ملك الجنود وقائد الجنود، قال: وقدائم جمع قدوم لا قدم، قال: وكذلك قلائص جمع قلوص لا قلص، قال: وهذا مذهب سيبويه وجميع النحويين.
وقدوم: ثنية بالسراة، وقيل: قدوم قرية بالشام، قال: وقد يقال بالألف واللام. وقوله: اختتن إبراهيم بقدوم أي هنالك. ابن شميل في قوله، صلى الله عليه وسلم: أول من اختتن إبراهيم بالقدوم، قال: قطعه بها، فقيل له: يقولون قدوم قرية بالشام، فلم يعرفه وبثت على قوله، ويروى بغير ألف ولام، وقيل: القدوم، بالتخفيف والتشديد، قدوم النجار. وفي الحديث: أن زوج فريعة قتل بطرف القدوم، هو بالتخفيف وبالتشديد موضع على ستة أميال من المدينة. الصحاح: القدوم اسم موضع. وفي حديث أبي هريرة: قال له أبان بن سعيد وبر تدلى من قدوم ضأن، قيل: هي ثنية أو جبل بالسراة من أرض دوس، وقيل: القدوم ما تقدم من الشاة وهو رأسها، وإنما أراد احتقاره وصغر قدره. قال ابن بري: وفي هذا الفصل أبو قدامة، وهو جبل يشرف على المعرف.
ابن سيده وقدومى مقصور، موضع بالجزيرة أو ببابل. وبنو قدم: حي. وقدم: حي منهم. وقدم: موضع باليمن، سمي باسم أبي هذه القبيلة، والثياب القدمية منسوبة إليه. شمر عن ابن الأعرابي: القدم، بالقاف، ضرب من الثياب حمر، قال: وأقراني بيت عنترة:
وبكل مرهفة لها نـفـث |
|
تحت الضلوع كطرة القدم |
لا يرويه إلا القدم، قال: والفدم، بالفاء، هذا على ما جاء وذاك على ما جاء. وقادم وقدامة ومقدم ومقدام ومقدم: أسماء. وقدم: اسم امرأة. وقدام: اسم فرس عروة بن سنان. وقدام: اسم كلبة، وقال:
وترمـلـت بـدم قـدام وقـد |
|
أوفى اللحاق وحان ممصرعه |
ويقدم، بالياء: اسم رجل، وهو يقدم بن عنزة ابن أسد بن ربيعة بن نزار. ابن شميل: ويقال قدمة من الحرة وقدم وصدمة وصدم ما غلظ من الحرة، والله أعلم.
القُدْمُوس والقُدْمُوسة: الصخرة العظيمة؛ قال الشاعر:
بْنا نِزارٍ أَحلاَّني بِمـنـزلةٍ |
|
رأس أَرْعَنَ عادِيِّ القَداميسِ |
وجيش قُدْمُوس: عظيم. والقُدْمُوس: الملك الضخْم، وقيل: هو السيد.
والقُدْمُوس: القَديم؛ قال عُبَيْدُ بن الأَبرص:
لنا دارٌ ورِثْنـاهـا عـن الْ |
|
اقدمِ القُدْمُوس، من عَمٍّ وخال |
وعِزٌّ قُدْمُوس وقِدْماسٌ: قديم. يقال: حَسَب قُدْمُوس أَي قديم.
والقُدْمُوس: المتقدِّم. وقُدْمُوس أَي قديم. والقُدْمُوس: المتقدِّم.
وقُدْموسُ العسكَر: مُقَدَّمُه؛ قال:
بذي قَدامِيسَ لُهامٍ لَوْ دَسَرْ |
والقُدْموس والقُدامِس: الشديد.
التهذيب: ثعلب عن ابن الأَعرابي القَدْنُ الكفاية والحَسْبُ؛ قال الأَزهري: جعل القَدْنَ اسماً واحداً من قولهم قَدْنِي كذا وكذا أَي حَسْبي، وربما حذفوا النون فقالوا قَدِي، وكذلك قَطْني، والله أَعلم.
الأَزهري خاصة: قال ابن الفَرَج سمعت خليفةَ الحُصَيْنيَّ قال: يقال المُقاذَحةُ المُقاذَعة المُشاتَمة. وقاذَحَني فلانٌ وقابَحَني أَي شاتمني.
أَبو عمرو: الاقْذِحْررُ سوء الخُلُق؛ وأَنشد: في غيرِ تَعْتَعةٍ ولا اقْذِحْرارِ وقال آخر:
ما لَكَ، لا جُزِيتَ غيرَ شَرِّ |
|
من قاعدٍ في البيت مُقْذَحِرِّ |
الأَصمعي: ذهبوا قِذَّحْرَةً، بالذال، إذا تفرّقوا من كل وجه. النضر: ذهبوا قِذَّحْرَةً وقِذَّحْمَةً، بالراء والميم، إذا ذهبوا في كل وجه.
والمُقْذَحِرُّ: المتهيِّءُ للسِّباب والشر تراه الدَّهْرَ مُنْتَفخاً شِبْهَ الغضبان، وهو بالدال والذال جميعاً؛ قال الأَصمعي: سأَلت خَلَفاً الأَحْمَرَ عنه فلم يتهيأْ له أَن يُخْرِجَ تفسيره بلفظ واحد، وقال: أَما رأَيت سِنَّوْراً مُتَوَحِّشاً في أَصلِ راقُود؟ وأَنشد الأَصمعي لعمرو بن جَمِيل:
مثل الشُّيَيْخِ المُقْذَحِرِّ الباذي |
|
أَوفى على رُباوَةٍ يُبـاذِي |
ابن سيده: القِنْذَحْرُ والمُقْذَحِرّ المتهيء للسباب المُعِدُّ للشر، وقيل المُقْذَحِرُّ العابسُ الوجه؛ عن ابن الأَعرابي.
وذهبوا شَعاليلَ بقِذَّحْرَةٍ وقِنْذَحْرةٍ أَي بحيث لا يُقْدَرُ عليهم؛ عن اللحياني، وهو بالدال أَيضاً.
النضر: ذهبوا قِذَّحْرةً وقِذَّحْمةً، بالراء والميم، إذا ذهبوا في كل وجه.
القُذَّةُ: ريشُ السهم، وجمعها قُذَذٌ وقِذَاذ. وقَذَذْتُ السهم أَقُذُّه قذّاً وأَقذذته: جعلت عليه القُذَذ؛ وللسهم ثلاث فُذَذ وهي آذانه؛ وأَنشد:
ما ذو ثــلاث آذان |
|
يسبق الخيل بالردَيان |
وسهم أَقذُّ: عليه القُذَذُ، وقيل: هو المستوي البَرْي الذي لا زيغ فيه ولا ميل. وقال اللحياني: الأَقَذُّ السهم حين يُبْرى قبل أَن يُرَاشَ، والجمع قُذٌّ وجمع القُذِّ قِذاذٌ؛ قال الراجز:
مِن يَثْرِبيَّات قِذاذٍ خُشُن |
والأَقَذُّ أَيضاً: الذي لا ريش عليه. وما لَهُ أَقَذُّ ولا مَرِيشٌ أَي ما له شيء؛ وقال اللحياني: ما لَهُ مالٌ ولا قَوْمٌ. والأَقَذُّ: السهم الذي قد تمرَّطَتْ قُذَذُه وهي آذانه، وكل أُذن قُذَّةٌ. ويقال: ما أَصبت منه أَقَذَّ ولا مريشاً، بالقاف، أَي لم أُصب منه شيئاً؛ فالمريش: السهم الذي عليه ريش. والأَقذ: الذي لا ريش عليه. وفي التهذيب: الأَقذ السهم الذي لم يُرش. ويقال: سهم أَفْوَقُ إذا لم يكن له فُوقٌ فهذا والأَقذ من المقلوب لأَن القُذَّةَ الريش كما يقال للملسوع سليم. وروى ابن هانئ عن أَبي مالك: ما أَصبت منه أَفذَّ ولا مريشاً، بالفاء، من الفَذِّ الفَرْدِ.
وقَذُّ الرِّيش: قطعُ أَطرافه وحَذْفُه على نحو الحذو والتدوير والتسوية، والقَذُّ: قطع أَطراف الريش على مثال الحذو والتحريف، وكذلك كل قطع كنحو قُذَّةِ الريش.
والقُذاذاتُ: ما سقط من قَذِّ الريش ونحوه. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: أَنتم، يعني أُمته، أَشبه الأُمم ببني إِسرائيل تتبعون آثارهم حُذْوَ القُذَّة بالقُذَّة؛ يعني كما تقدّر كل واحدة منهن على صاحبتها وتقطع. وفي حديث آخر: لتركَبُنَّ سنن من كان قبلكم حذو القُذَّة بالقُذَّة؛ قال ابن الأَثير: يضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان، وقد تكرر ذكرها في الحديث مفردة ومجموعة.
والمِقَذُّ والمِقَذَّةُ، بكسر الميم: ما قُذُّ به الريش كالسكين ونحوه، والقُذَاذَةُ ما قُذَّ منه؛ وقيل: القُذاذَةُ من كل شيء ما قطع منه؛ وإِن لي قُذاذاتٍ وخُذاذاتٍ؛ فالقُذاذات القطع الصغار تقطع من أَطراف الذهب، والحذاذات القِطَع من الفضة. ورجل مُقَذَّذُ الشعر ومقذوذ: مُزَيَّنٌ. وقيل: كل ما زين، فقد قُذِّذ تقذيذاً. ورجل مقذوذ: مقصص شعره حوالي قُصاصه كله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر الخوارج فقال: يمرقون من الدين كما يمرُقُ السهمُ من الرَّمِيَّةِ، ثم نظر في قُذَذِ سهمه فتمارى أَيَرى شيئاً أم لا. قال أَبو عبيد: القُذَذُ ريش السهم، كل واحدة منها قُذَّة؛ أَراد أَنه أَنْفَذَ سهمه في الرميّة حتى خرج منها ولم يعلق من دمها بشيء لسرعة مروقه. والمُقَذَّذُ من الرجال: المُزَلَّم الخفيف الهيئة، وكذلك المرأَة إذا لم تكن بالطويلة، وامرأَة مُقَذَّذَة وامرأَة مُزَلَّمَةٌ. ورجل مِقَذَّذٌ إذا كان ثوبه نظيفاً يشبه بعضه بعضاً كل شيء منه حسن. وأُذُنٌ مُقَذَّذَةٌ ومقذوذة: مدوَّرة كأَنها بُرِيَتْ بَرْياً. وكل ما سوِّي وأُلْطِفَ، فقذ قُذَّ. والقُذَّتان: الأُذنان من الإِنسان والفرس. وقُذَّتا الحياء: جانباه اللذان يقال لهما الإِسْكَتَان. والمَقَذُّ: أَصل الأُذن، والمقَذُّ، بالفتح: ما بين الأُذنين من خلف. يقال: إِنه للئيم المَقَذَّين إذا كان هَجِينَ ذلك الموضع. ويقال: إِنه لَحَسَنُ المقذَّينِ، وليس للإِنسان إِلا مَقَذٌّ واحد، ولكنهم ثنوا على نحو تثنيتهم رَامَتَين وصاحَتَينِ، وهو القُصاص أَيضاً. والمَقَذُّ: منتهى مَنْبت الشعر من مؤَخر الرأْس، وقيل: هو مَجَزُّ الجَلَمِ من مؤَخر الرأْس؛ تقول: هو مقذوذ القفا.
ورجل مُقَذَّذ الشعر إذا كان مزيناً. والمَقَذُّ: مَقصُّ شعرك من خلفك وأَمامك؛ وقال ابن لجإٍ يصف جملاً:
كأَنَّ رُبّاً سائلاَ أَو دِبْسـا، |
|
بحيث يَحْتافُ المَقَذُّ الرأْسا |
ويقال: قَذَّه يَقُذه إذا ضرب مَقَذَّه في قفاه؛ وقال أَبو وجزه:
قام إِليها رجل فيه عُنُفْ، |
|
فَقَذَّها بينَ قفاها والكَتِفْ |
والقُذَّةُ: كلمة يقولها صبيان الأَعراب؛ يقال: لعبنا شعاريرَ قُذَّة وتقذذ القوم: تفرقوا. والقِذَّانُ: المتفرق. وذهبوا شعاريرَ قَذَّان وقذَّانَ، وذهبوا شعاريرَ نَقْذَانَ وقُذَّانَ أَي متفرقين.
والقِذَّانُ: البراغيث، واحدتها قُذَّة وقُذَذٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
أَسْهَرَ ليلي قُـذَذٌ أَسَـكُّ، |
|
أَحُكُّ، حتى مرفقي مُنْفَكُّ |
وقال آخر:
يؤَرقني قِذَّانُها وبَعُوضُها |
والقَذُّ: الرمي بالحجارة، وبكل شيء غليظ قَذَذْتُ به أَقُذُّ قذّاٌ.
وما يدع شاذّاً ولا قاذّاً، وذلك في القتال إذا كان شجاعاً لا يلقاه أَحد إِلاَّ قتله.
والتقذفذ: ركوب الرجل رأْسه في الأَرض وحده أَو يقع في الركِيَّة؛ يقال: تقذفذ في مَهْواةٍ فهلك، وتقطقط مثله. ابن الأَعرابي: تقذقذ في الجبل إذا صَعِدَ فيه، والله أَعلم.
القَذَرُ: ضدّ النظافة؛ وشيء قَذِرٌ بَيِّنُ القَذارةِ. قَذِرَ الشيءُ قَذَراً وقَذَر وقَذُرَ يقْذُرُ قَذارةً، فهو قَذِرٌ وقَذُرٌ وقَذَرٌ وقَذْرٌ، وقد قَذِرَه قَذَراً وتَقَذَّره واسْتَقْذره. الليث: يقال قَذِرتُ الشيء، بالكسر، إذا استقذرته وتَقَذَّرْت منه، وقد يقال للشيء القَذِرِ قَذْرٌ أَيضاً، فمن قال قَذِرٌ جعله على بناء فَعِل من قَذِرَ يَقْذَرُ، فهو قَذِرٌ، ومن جزم قال قَذُرَ يَقْذُر قَذارةً، فهو قَذْرٌ.
وفي الحديث: اتقوا هذه القاذُورةَ التي نهى الله عنها؛ قال خالد بن جَنْبَةَ: القاذورة التي نهى الله عنها الفعل القبيح واللفظ السيء؛ ورجل قَذِرٌ وقَذْرٌ. ويقال: أَقْذَرْتَنا يا فلان أَي أَضْجَرْتَنا. ورجل مَقْذَرٌ: مُتَقذِّرٌ. والقَذُورُ من النساء: المتنحية من الرجال؛ قال:
لقد زادني حُبّاً لسَمْراء أَنهـا |
|
عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ، قَذُورُ |
والقَذُورُ من النساء: التي تتنزه عن الأَقذار. ورجل مَقْذَرٌ: تجتنبه الناس، وهو في شعر الهذلي. ورجل قَذُورٌ وقاذُورٌ وقاذُورَةٌ: لا يخالط الناس. وفي الحديث: ويبقى في الأَرض شِرارُ أَهله تَلْفِظُهم أَرَضُوهم وتَقْذَرُهم نَفْسُ الله عز وجل؛ أَي يكره خروجهم إِلى الشام ومَقامَهم بها فلا يوفقهم لذلك، كقوله تعالى: كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم. يقال: قَذِرْتُ الشيء أَقْذَرُه إذا كَرِهْته واجتنبته. والقَذُورُ من الإِبل: المتنحي. والقذورُ والقاذورةُ من الإِبل: التي تَبْرُك ناحية منها وتَستبعِدُ وتُنافِرُها عند الحلب، قال: والكَنُوفُ مثلها إِلا أَنها لا تستبعد؛ قال الحُطَيْئة يصف إِبلاً عازبة لا تسمع أَصوات الناس:
إِذا بَرَكَتْ لم يُؤْذِها صـوتُ سـامِـرٍ |
|
ولم يَقْصُ عن أَدنى المَخاض قَذُورُها |
أَبو عبيد: القاذورة من الرجال الفاحش السيء الخُلُق. الليث: القاذورة الغَيُورُ من الرجال. ابن سيده: والقاذورة السيء الخلق الغيور، وقيل: هو المُتَقَزِّزُ. وذو قاذورة: لا يُخالُّ الناسَ لسوء خُلُقه ولا ينازلهم؛ قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَة يرثي أَخاه:
فإِن تَلْقَه في الشَّرْب، لا تَلْقَ فاحِشاً |
|
على الكاسِ، ذا قاذُورَةٍ متَرَيِّعـا |
والقاذورة من الرجال: الذي لا يبالي ما قال وما صنع؛ وأَنشد:
أَصْغَتْ إِليه نَظَرَ الحَيِيّ |
|
مَخافَةً من قَذِرٍ حَمِيِّ |
قال: والقَذِرُ القاذُورَة، عنى ناقةً وفَحْلاً. وقال عبد الوهاب الكلابي: القاذُورة المُتَطَرِّسُ، وهو الذي يَتَقَذَّرُ كلِّ شيء ليس بنَظيف.
أَبو عبيدة: القاذورة الذي يتقذر الشيء فلا يأْكله. وروي أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان قاذُورةً لا يأْكل الدجاج حتى تُعْلَفَ. القاذورة ههنا: الذي يَقْذُرُ الأَشياءَ، وأَراد بعَلْفِها أَن تُطْعَم الشيءَ الطاهر، والهاء للمبالغة. وفي حديث أَبي موسى في الدجاج: رأَيته يأْكل شيئاً فَقَذِرْتُه أَي كرهتُ أَكله كأَنه رآه يأْكل القَذَر. أَبو الهيثم: يقال قَذِرْتُ الشيء أَقْذَرُه قَذْراً، فهو مَقْذور؛ قال العجاج:
وقَذَري ما ليس بالمَقْذُورِ |
يقول: صِرْتُ أَقْذَرُ ما لم أَكن أَقْذَره في الشباب من الطعام. ولما رَجَمَ النبي، صلى الله عليه وسلم، ماعِزَ بن مالك قال: اجتنبوا هذه القاذورة يعني الزنا؛ وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَصاب من هذه القاذورة شيئاً فلْيَسْتَتِرْ بسِتْرِ الله؛ قال ابن سيده: أُراه عنى به الزنا وسماه قاذورةً كما سماه الله عز وجل فقال: إِنه كان فاحشة ومقتاً. وقال ابن الأَثير في تفسيره: أَراد به ما فيه حدّ كالزنا والشُّرْب. ورجل قاذُورَة: وهو الذي يَتَبَرَّمُ بالناس ويجلس وحده. وفي الحديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها. قال ابن الأَثير: القاذورة ههنا الفعل القبيح والقول السيء. وفي الحديث: هلك المُقَذِّرُونَ يعني الذين يأْتون القاذورات.ورجل قُذَرَة، مثال هُمَزة: يتنزه عن المَلائِم ملائم الأَخلاق ويكرهها.وقَذُورُ: اسم امرأَة؛ أَنشد أَبو زياد:
وإِني لأَكْني عن قَذُورٍ بغيرها |
|
وأُعْرِبُ أَحياناً بها فأُصارِحُ |
وقَيْذَر بن إِسمعيل: وهو أَبو العرب، وفي التهذيب: قَيْذار، وهو جَدُّ العرب، يقال: بنو بنت ابن إِسمعيل. وفي حديث كعب: قال الله تعالى لرومِيَّةَ: إِني أُقْسِمُ بعِزَّتي لأَهَبَنَّ سَبيَكِ لبني قاذِرٍ أَي بني إِسمعيل بن إِبراهيم، عليهما السلام، يريد العرب. وقاذِرُ: اسم ابن إِسمعيل، ويقال له قَيْذَر وقَيْذار.
القَذَعُ: الخَنى والفُحْشُ. قَذَعَه يَقْذَعُه قَذْعاً وأَقْذَعَه وأَقْذَعَ له إِقْذاعاً: رماه بالفُحْشِ وأَساء القولَ فيه. قال الأَزهري: لم أَسمع قَذَعْتُ بغير أَلف لغير الليث: وأَقْذَعَ القولَ: أَساءه.
وفي الحديث: من قال في الإِسلام شعراً مُقْذِعاً فلسانه هَدَرٌ. والقَذَعُ: الفُحْشُ من الكلام الذي يَقْبُحُ ذِكْرُه. وفي الحديث: من روى هِجاءً مُقْذِعاً فهو أَحد الشاتِمَيْنِ؛ الهِجاءُ المُقْذِعُ: الذي فيه فُحْش وقَذْفٌ وسَبّ يَقْبُحُ نَشْرُه أَي أَنَّ إِثمه كإِثم قائله الأَول.
وأَقْذَعَ له: أَفْحَشَ في شَتْمِه. والقَناذِعُ: الكلام القبيح؛ قال أَدهم بن أَبي الزعراء:
بَني خَيْبَرِيٍّ نهْنِهُوا مِنْ قَناذِعٍأَتَتْ مِنْ لَدَيْكُمْ، وانْظُرُوا ما شُؤُونُها |
ومَنْطِقٌ قَذَعٌ وقَذِيعٌ وقَذِعٌ وأَقْذَعُ: فاحِشٌ؛ قال زهير:
لَيَأْتِيَنَّكَ مِنِّي مَنْـطِـقٌ قَـذَعٌ |
|
باقٍ كما دَنَّسَ القُبْطِيَّةَ الوَدَكُ |
وقال العجاج:
يا أَيُّها القائِلُ قَوْلاً أَقْذَعا |
قيل: أَقْذَعَ نعت للقول كأَنه قال قولاً ذا قَذَع، وقيل: إِنه أَراد أَنه أَقْذَعَ في القول. وأَقْذَعَه بلسانه إِقْذاعاً: قهره بلسانه.
وقَذَعَه بالعصا يَقْذَعُه قَذْعاً: ضرَبه، وقيل: هو بالدال غير معجمة، وكذلك قال الأَزهري، وقال: صوابهما بالدال المهملة. قال أَبو عمرو: قَذَعْته عن الأَمر إذا كففته، وأَقْذَعْته إذا شتمته، قال: وهذا هو الصحيح.
قال الأَزهري: وقرأَت في نوادر الأَعراب تَقَذَّعَ له بالشرّ وتقدّع، بالذال والدال، وتقذَّع وتقدَّع إذا استعدّ له بالشر. وفي حديث الحسن: أَنه سئل عن الرجل يعطي غيره الزكاة أَيُخْبِرُه بها؟ فقال: يريد أَن يُقْذِعَه به أَي يُسْمِعَه ما يَشُقّ عليه، فسماه قَذعاً وأَجْراه مُجْرى يَشْتُمُه ويؤذيه، ولذلك عدَّاه بغير لام.
وما عليه قِذاعٌ أَي شيء؛ عن ابن الأَعرابي، والأَعرف قِزاعٌ، بالزاي.
المُقْذَعِرُّ مثل المُقْذَحِرِّ: المتعرّض للقوم ليدخل في أَمرهم وحديثهم. واقْذَعَرَّ نحوهم يَقْذَعِرّ: رمى بالكلمة بعد الكلمة وتَزَحَّفَ إِليهم.
القِذَعْلُ، مِثال سِبَحْل: اللئيم الخسيس الهيِّن.
والمُقْذَعِلُّ: الذي يتعرَّض للقوم ليدخل في أَمرهم وحديثهم ويتزحف إِليهم ويرمي الكلمة بعد الكلمة، وهو كالمُقْذَعِرِّ. والمُقْذَعِلُّ من كل شيء: السريع؛ وأَنشد:
إِذا كُفِيت أَكْتفي، وإِلا |
|
وجَدْتني أَرْمُلُ مُقْذَعِلاَّ |
واقْذَعَلَّ: عسُر. الأَزهري في الخماسي: رجل قِنْذَعْل إذا كان أَحمق، وقيل: هو بالدال وبالذال معاً.
القُذَعْمِل والقُذَعْمِلة: القصير الضخم من الإِبل، مرخَّم بترك الياءين. والقُذَعْمِلة: الناقة القصيرة. وما في السماء قُذَعْمِلة أَي شيء من السحاب، وهو الشيء اليسير مما كان. وما أَصبت منه قُذَعْمِيلاً أَي ما أَصبت منه شيئاً. والقُذَعْمِلة: المرأَة القصيرة الخسيسة، وتصغيرها قُذَيْعِمٌ. الأَزهري: ما عنده قُذَعْمِلة ولا قِرْطَعْبة أَي ليس له شيء. وشيخ قُذَعْمِيل: كبير.
قذَفَ بالشيء يَقْذِف قَذْفاً فانْقَذَف: رمى. والتَّقاذُفُ: الترامي؛ أَنشد اللحياني:
فقَذَفْتُها فأَبَتْ لا تَنْقذِفْ |
وقوله تعالى: قل إن ربي يَقْذِفُ بالحق علاَّمُ الغُيوب؛ قال الزجاج: معناه يأْتي بالحق ويرْمي بالحق كما قال تعالى: بل نَقْذِف بالحق على الباطل فيَدْمَغُه. وقوله تعالى: ويقْذِفون بالغَيْب من مكان بعيد؛ قال الزجاج: كانوا يَرْجُمون الظُّنون أَنهم يُبْعَثون. وقَذَفَه به: أَصابه، وقَذَفَه بالكذب كذلك. وقَذَفَ الرَّجُل أَي قاء. وقَذَفَ المُحْصَنَةَ أَي سَبَّها. وفي حديث هلال بن أَميّة: أَنه قَذَفَ امرأَته بِشَريكٍ؛ القَذْف ههنا رَمْيُ المرأَة بالزنا أَو ما كان في معناه، وأَصله الرّمْيُ ثم استُعْمل في هذا المعنى حتى غَلب عليه. وفي حديث عائشة: وعندها قَيْنَتان تغَنِّيان بما تَقاذَفَتْ به الأَنْصارُ يوْمَ بُعاثَ أَي تَشاتَمتْ في أَشعارها وأَراجيزها التي قالتْها في تلك الحَرْب. والقَذْف: السَّبُّ وهي القَذيفة. والقَذْفُ بالحجارة: الرَّمْيُ بها. يقال: هم بين حاذِفٍ وقاذِفٍ وحاذٍ وقاذٍ على الترخيم، فالحاذفُ بالحصى، والقاذف بالحجارة. ابن الأعرابي: القَذْف بالحجر والحَذْف بالحصى. الليث: القذْف الرَّمْيُ بالسَّهْم والحَصى والكلام وكلّ شيء. ابن شميل: القِذافُ ما قَبَضْتَ بيَدك مما يَمْلأُ الكفّ فرَمَيْتَ به. قال: ويقال نِعْم جُلْمود القِذاف هذا. قال:ولا يقال للحجر نفسِه نِعْم القِذاف. أَبو خَيْرة: القِذافُ ما أَطَقْتَ حَمْلَهُ بَيَدك ورمَيْته؛ قال رؤبة:
وهو لأَعْدائِك ذُو قِرافِ |
|
قَذّافة بِحَجَر القِـذافِ |
والقَذَّافة والقَذَّاف جمع: هو الذي يُرْمى به الشيءُ فَيَبْعُدُ؛ قال الشاعر:
لما أَتاني الثَّقَفِيُّ الفَتَّانْ |
|
فنَصَبوا قَذَّافةً بلْ ثِنْتانْ |
والقَذَّاف: المَنْجَنِيقُ وهو الميزان؛ عن ثعلب. والقَذيفة: شيء يُرْمى به؛ قال المُزَرِّد:
قَذيفةُ شَيْطانٍ رَجيمٍ رَمـى بـهـا |
|
فصارَتْ ضَواةً في لهَازِمِ ضِرْزم |
وفي الحديث: إني خَشِيتُ أَن يَقْذِفَ في قلوبكما شَرّاً أَي يلقيَ ويُوقعَ. والقَذْفُ: الرَّمْيُ بقُوَّة. وفي حديث الهجرة: فتَنْقَذِفُ عليه نِساء المشركين، وفي رواية: فتَتَقَصَّفُ، وسيأْتي ذكره؛ وقول النابغة:
مَقْذوفةٍ بدَخِيسِ النَّحْض بازلُهـا |
|
له صَريف صَريفَ القَعْو بالمَسَد |
أَي مَرْميّة باللحم. ورجل مُقَذَّفُ أَي كثير اللحم كأَنه قُذِف باللحم قَذْفاً. يقال: قُذِفَت الناقةُ باللحم قَذْفاً ولُدِسَتْ به لَدْساً كأَنها رُمِيَتْ به رَمْياً فأَكْثَرَتْ منه؛ والمُقَذَّف: المُلَعَّن في بيت زهير وهو:
لَدى أَسَدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفِ |
|
له لِبَدٌ، أَظْفارُه لم تُـقَـلَّـمِ |
وقيل: المُقَذَّف الذي قد رُمِيَ باللحم رَمْياً فصار أَغْلَبَ. ويقال: بينهم قِذِّيفى أَي سِبابٌ ورَمْيٌ بالحجارة أَيضاً. ومفازة قَذَفٌ وقُذُفٌ وقَذوفٌ: بعيدة. وبلدة قَذُوفٌ أَي طَروحٌ لبُعْدها، وسَبْسَبٌ كذلك.
ومنزل قَذَفٌ وقَذيفٌ أَي بعيد؛ وأَنشد أَبو عبيد:
وشَطَّ وَلْيُ النَّوى، إنَّ النَّوى قَذَفٌ |
|
تَيَّاحةٌ غَرْبَةٌ بـالـدار أَحْـيانـا |
أَبو عمرو: المِقْذَفُ والمِقذاف مِجْذاف السفينة، والقَذَّاف المَرْكَب. والقُذْفُ والقُذْفةُ: الناحية، والجمع قِذافٌ. الليث: القُذَف النواحي، واحدتها قُذْفَةٌ. غيره: قَذَفا الوادي والنهر جانباه؛ قال الجعدي:
طَلِيعَةُ قَومٍ أَو خَميسٌ عَرَمْرَمٌ |
|
كَسَيْلِ الأَتيّ ضَمَّه القَذَفـانِ |
الجوهري: القُذْفةُ واحدة القُذَف والقُذُفاتِ، وهي الشُّرَف؛ قال ابن بري: شاهد القُذَف قول ابن مُقْبل:
عَوْداً أَحَمَّ القَرَا أُزْمُولةً وقِلاً |
|
على تُراثِ أَبيه يَتْبَعُ القُذَفا |
قال: ويروى القَذَفا، وقد ضعَّفه الأَعلم. ابن سيده وغيره: وقُذُفاتُ الجبال وقُذَفها ما أَشْرَفَ منها، واحدتها قُذْفةٌ، وهي الشُّرَف؛ قال امرؤ القيس:
وكُنْتُ إذا ما خِفْتُ يوماً ظُلامَةً |
|
فإنَّ لها شِعْباً بِبُلْـطَةِ زَيْمَـرَا |
مُنِيفاً تَزِلُّ الطَّيْرُ عن قُذُفاتِـه |
|
يَظَلُّ الضَبابُ فَوْقَه قد تَعَصَّرا |
ويروى نِيافاً تَزِلُّ الطَّيرُ. والنِّياف: الطويل؛ قال ابن بري: ومثله لبِشر بن أَبي خازم:
وصَعْب تَزِلُّ الطيرُ عن قُذُفاتِه |
|
لِحافاتِه بانٌ طوالٌ وعَرْعَـر |
وكلُّ ما أَشرف من رؤوس الجبال، فهي القُذُفات. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، صلى في مسجد فيه قُذُفات. والأَقْذاف: كالقُذُفات. قال أَبو عبيد في الحديث: إن عمر، رضي اللّه عنه، كان لا يصلي في مسجد فيه قُذُفاتٌ؛ هكذا يُحَدِّثونه؛ قال ابن بري: قُذُفاتٌ صحيح لأَنه جمع سلامة كغُرْفة وغُرُفات، وجمع التكسير قُذَفٌ كغُرَف، وكِلاهما قد رُوِي، ورُوِي: في مسجد فيه قِذاف؛ قال ابن الأَثير: وهي جمع قُذْفة، وهي الشُّرْفَة كبُرْمَةٍ وبِرام وبُرْقة وبِراقٍ، وقال الأَصمعي: إنما هي قُذَفٌ وأَصلها قُذْفة، وهي الشُّرَف، قال: والأَول الوجه لصحة الرواية ووجود النظير.
وناقة قِذافٌ وقَذُوفٌ وقُذُوفٌ: وهي التي تَتقدَّم من سُرْعتها وتَرمي بنفسها أَمام الإبل في سيرها؛ قال الكميت:
جَعَلْتُ القِذافَ لِلَيْلِ التَّمام |
|
إلى ابن الوَليد أبانٍ سِبارا |
قال: جعلتُ ناقتي هذه لهذا الليل حشواً. وناقة قِذافٌ ومُتَقاذِفةٌ: سريعة، وكذلك الفرس. وفرسٌ مُتَقاذِفٌ: سَريع العَدْوِ. وسَير مُتَقاذفٌ: سريع؛ قال النابغة الجعدي:
بِحَيَّ هلاً يُزْجونَ كلَّ مَطِـيَّةٍ |
|
أَمام المَطايا سَيرُها المُتَقاذِفُ |
والقِذافُ: سُرعة السَّير. والقَذُوف والقَذَّاف من القِسِيّ، كلاهما: المبعد السهمَ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ قال عمرو بن بَراء:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَـرَّافِ |
|
وعاصِماً عن مَنْعَةٍ قَذَّافِ |
ونِيَّةٌ قَذَفٌ، بالتحريك، وفلاة قَذَفٌ وقُذُفٌ أَيضاً مثل صَدَفٍ وصُدُف وطَنَفٍ وطُنُفٍ أَي بعيدة تَقاذَفُ بمَنْ يَسْلُكها؛ قال الجوهري: نِيَّة قَذَفٌ، بالتحريك، ووقع في أُخرى نِيَّةٌ قَذَفٌ، بالنون والياء. ورَوْضُ القِذافِ: موضع. ابن بري: والقَذاف الماء القليل. وفي المثل: نَزافِ نزافِ لم يَبْقَ غيرُ قَذاف وذلك لأَن امرأَة كانت تُحمَّق فأَنت على شاطئ نهر فرأَت غَيْلَمةً فأَلْبَسَتها حليّها، فانْسابَتِ الغَيْلمة في البحر، فقالت لجواريها: نزافِ نزافِ أَي انْزِفْنَ البحر لم يَبق غيرُ قَذافٍ أَي قليل.
القَذَال: جِماع مُؤَخَّر الرأْس من الإِنسان والفرسِ فوق فَأْس القَفا، والجمع أَقْذِلة وقُذُل. ابن الأَعرابي: والقَذال ما دون القَمَحْدُوَة إِلى قِصاص الشعر؛ الأَزهري: القَمَحْدُوة ما أَشرف على القَفا من عظم الرأْس والهامة فوقها، والقَذال دونها مما يلي المَقَذَّ.
والمَقْذولُ: المَشْجوج في قَذاله. ويقال: القَذال مَعْقد العِذار من رأْس الفرس خلْف الناصية. ويقال: القَذالان ما اكتنف فَأْس القَفا من عن يمين وشمال.
وقَذال الفرس: موضع ملتَقى العذار من فوق القَوْنَسِ؛ قال زهير:
ومَلْجَمُنا، ما إِنْ يُنال قَـذالُـه |
|
ولا قَدَماه الأَرض، إِلا أَنامِلُه |
وقَذَلْت فلاناً أَقْذُله قَذْلاً إذا تَبِعْته. الفراء: القَذَل والوَكَف والنَّطَف والوَحَرُ العيبُ. يقال: قَذَله يَقْذُله قَذْلاً إذا عابه، وقَذَله أَصاب قَذاله، وهو مؤخَّر رأْسه.
والقاذِل: الحجَّام لأَنه يَشْرِط ما تحت القَذال. وجاء فلان يَقْذُل فلاناً أَي يَتْبعه. والقَذْل: المَيْل والجَوْر.
قَذِمَ من الماء قُذْمةً أَي جَرِعَ جُرْعة؛ قال أَبو النجم:
يَقْذَمْنَ جَرْعاً يَقْصَعُ الغَلائِلا |
وقَذَمَ له من العطاء يَقْذِمُ قَذْماً: أَكثر مثل قَثَم وغَذَمَ وغَثَمَ إذا أَكثر.
ورجل قُذَمٌ، مثل قُثَمٍ، ومُنْقَذِم: كثير العطاء؛ حكاه ابن الأَعرابي.
ورجل قِذَمٌّ، مثل خِضَمٍّ، إذا كان سيِّداً يعطي الكثير من المال ويأْخذ الكثير. النضر: القِذَمُّ السيد الرغيب الخُلُق الواسع البلدة.
والقُذُم والقُثُم: الأَسخِياءُ. والقَذِيمةُ: قِطعة من المال يعطيها الرجل، وجمعها قَذائم. والقِذَمُّ، على وزن الهِجَفِّ: الرجل الشديد، وقيل: الشديد السريع. وقد انقَذَم أَي أَسرع. وبئر قِذَمٌّ؛ عن كراع، وقُذامٌ وقَذُوم: كثيرة الماء؛ قال:
قد صَبَّحَتْ قَلَيْذَماً قَذُوما |
وكذلك فرج المرأَة؛ قال ابن خالويه: القُذام هَنُ المرأَة؛ قال جرير:
إِذا ما الفَعْلُ نادَمَهُنَّ يوماً، |
|
على الفِعِّيل، وانفَتَحَ القُذامُ |
ويروى: وافتخَّ القُذام. ويقال: القُذام الواسع. يقال: جَفْر قُذام أَي واسع الفم كثير الماء يَقْذِم بالماء أَي يدفعه. وقالوا: امرأَة قُذُم فوصفوا به الجملة؛ قال جرير:
وأَنتُم بنو الخَوَّارِ يُعرفُ ضَربُكم، |
|
وأُمُّكُمُ فُجٌّ قُـذامٌ وخَـيْضَـفُ |
ابن الأَعرابي: القُذُم الآبار الخُسُف، واحدها قَذوم.
القُذْمُورُ: الخِوان من الفِضَّةِ.
القَذى: ما يقع في العين وما تَرمي به، وجمعه أَقذاء وقُذِيٌّ؛ قال أَبو نخيلة:
مِثْلُ القَذى يَيَّبعُ القُذِيّا |
والقَذاة: كالقذى، وقد يجوز أَن تكون القَذاة الطائفة من القَذى.
وقَذِيت عينُه تَقْذى قَذىً وقَذْياً وقَذَياناً: وقع فيها القذَى أَو صار فيها. وقَذَتْ قَذْياً وقَذَياناً وقُذِيّاً وقَذّى: أَلقت قَذاها وقَذَفت بالغَمَصِ والرَّمَصِ؛ هذا قول اللحياني، وقَذَّى عينَه وأَقْذاها: أَلقى فيها القَذى، وقَذَّاها مشدد لا غير: أَخرجه منها. وقال أَبو زيد: أَقْذَيْتها إذا أَخرجت منها القَذى، ومنه يقال: عين مُقَذَّاة. ورجل قَذِيُ العين، على فَعِل، إذا سقطت في عينه قذاة. وقال اللحياني: قَذَّيْتُ عينَه أُقَذِّيها تَقْذِية أَخرجت ما فيها من قذىً أَو كحل، فلم يقصره على القذى. والأَصمعي: لا يصيبك مني ما يَقْذي عينَك، بفتح الياء، وقال: قَذِيَت عينُه تَقْذى إذا صار فيها القَذَى. الليث: قَذِيت عينه تَقْذى، فهي قَذِيَة مخففة، ويقال قَذِيّة مشددة الياء؛ قال الأَزهري: وأَنكر غيره التشديد. ويقال: قَذاةٌ واحدة، وجمعها قَذىً وأَقْذاء. الأَصمعي: قَذَت عينُه تَقْذي قَذْياً رمت بالقَذى. وعين مَقْذِيَّةٌ: خالَطها القَذى. واقْتِذاء الطير: فَتْحُها عُيونَها وتَغْمِيضُها كأَنها تُجَلِّي بذاك قَذاها ليكون أَبْصَرَ لها، يقال: اقْتَذى الطائرُ إذا فتح عينه ثم أَغمضَ إِغماضة، وقد أَكثرت العرب تشبيه لَمْع البرقِ به فقال شاعرهم محمد بن سَلَمة:
أَلا يا سَنى بَرْقٍ على قُلَل الحِمى |
|
لَهِنَّكَ مِنْ بَرْقٍ عَـلـيَّ كَـريمُ |
لَمَعْتَ اقْتِذاءَ الطيرِ، والقومُ هُجَّعٌ |
|
فَهَيَّجْتَ أَحْزاناً، وأَنت سَـلِـيمُ |
وقال حميد بن ثور:
خَفَى كاقْتِذاء الطير وَهْناً كـأَنَّـه |
|
سِراجٌ، إذا ما يَكْشِفُ الليلُ أَظْلما |
والقَذى: ما علا الشراب من شيءٍ يسقط فيه، التهذيب: وقال حميد يصف برقاً:
خَفَى كاقتذاء الطير، والليلُ واضِع |
|
بأَوْراقِه، والصُّبْحُ قد كادَ يَلْمَـعُ |
قال الأَصمعي: لا أَدري ما معنى قوله كاقتذاء الطير، وقال غيره: يريد كما غَمَّضَ الطير عينه من قَذاة وقعت فيها. ابن الأَعرابي: الاقْتِذاء نظر الطير ثم إِغْماضُها تنظر نظرة ثم تُغْمِض، وأَنشد بيت حميد. ابن سيده: القَذى ما يَسْقُط في الشراب من ذباب أَو غيره. وقال أَبو حنيفة: القَذى ما يَلْجأُ إِلى نواحي الإِناء فيتعلق به، وقد قَذَي الشراب قَذىً؛ قال الأَخطل:
وليس القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ فـي الإِنـا |
|
ولا بذُبـابٍ قَـذْفُـه أَيْسَـرُ الأَمْـرِ |
ولكـنْ قَـذاهـا زائِرٌ لا نُـحِـبُّـه |
|
تَرامَتْ به الغِيطانُ من حيثُ لا نَدْري |
والقَذى: ما هَراقت الناقةُ والشاةُ من ماء ودم قبل الولد وبعده؛ وقال اللحياني: هو شيء يخرج من رَحمها بعد الولادة، وقد قَذَت. وحكى اللحياني: أَن الشاة تَقْذي عشراً بعد الولادة ثم تَطْهُر، فاستعمل الطُّهْر للشاة.
وقَذَت الأُنثى تَقْذي إذا أَرادت الفحل فأَلْقت من مائها. يقال: كل فَحل يَمْذي، وكل أُنثى تَقْذي. قال اللحياني: ويقال أَيضاً كل فحل يَمْني وكل أُنثى تَقْذي. ويقال: قَذَت الشاة فهي تَقْذي قَذْياً إذا أَلقت بياضاً من رحمها، وقيل: إذا أَلقت بياضاً من رحمها حين تريد الفحل.
وقاذَيْتهُ: جازَيْته؛ قال الشاعر:
فسَوفَ أُقاذي الناسَ، إِن عِشْتُ سالِماً |
|
مُقاذاةَ حُرٍّ لا يَقِـرُّ عـلـى الـذُّلِّ |
والقاذِيةُ: أَول ما يَطْرأُ عليك من الناس، وقيل: هم القليل، وقد قَذَت قَذْياً، وقيل: قَذَتْ قاذِيةٌ إذا أَتى قوم من أَهل البادية قد أَنْجَمُوا وهذا يقال بالذال والدال، وذكر أَبو عمرو أَنها بالذال المعجمة. قال ابن بري: وهذا الذي يختاره علي بن حمزة الأَصبهاني، قال: وقد حكاها أَبو زيد بالدال المهملة، والأَول أَشهر. أَبو عمرو: أَتتنا قاذِيَةٌ من الناس، بالذال المعجمة، وهم القليل، وجمعها قَواذٍ؛ قال أَبو عبيد: والمحفوظ بالدال. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم، في فتنة ذكرها: هُدْنةٌ على دَخَنٍ وجماعةٌ على أَقْذاء؛ الأَقذاء: جمع قَذىً والقَذى جمع قَذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أَو تبن أو وسخ أَو غير ذلك، أَراد أَن اجتماعهم يكون على فساد من قلوبهم فشبهه بقذى العين والماء والشراب. قال أَبو عبيد: هذا مثل، يقول اجتماع على فساد في القلوب شُبِّه بأَقْذاءِ العين. ويقال: فلان يُغْضي على القَذَى إذا سكت على الذلِّ والضيم وفَساد القلب. وفي الحديث: يُبصِرُ أَحدُكم القَذى في عين أَخيه ويَعْمى عن الجِذْع في عينه؛ ضربه مثلاً لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويُعَيِّرُهم به وفيه من العيوب ما نسبته إِليه كنسبة الجذع إِلى القذاة، والله أَعلم.