أخبار مخلد بن بكار الموصلي

حدثني أبو الأزهر الخرزي العوفي قال: قدم مخلد على أبي تمام فقال له: هلك لك في دخول الحمام- وكان في داره حمام، وكان بيتاً واحداً طوله أربعة أذرع، وكان يوقد بسرقين حمار مريسي كان عنده، فلا يحتاج إلى غيره- فدخل فلم يلبث شيئاً أن خرج، فقال له أبو تمام: لم تلبث حتى تعرق؟ فقال مخلد: يا بن البظراء، القعود في الشتاء في السرداب يورث البواسير.

ومما رويناه له قوله:

سائلي عن كنه أمـري لا تـسـل

 

أنا عن تفسير شأني فـي شـغـل

كنت موصولا بأسبـاب الـقـلـى

 

يدريني الهجر عن قوس المـلـل

فجرت تـفـاحة مـعـضـوضة

 

بين من أهوى وبينـي فـوصـل

لطفت لي حمرة في جـنـبـهـا

 

حين أومى لوصالي بالـخـجـل

جاد لي بـعـد جـمـاح فـبـدت

 

لي فـي خـديه آثـار الـقـبـل

يا رسولا أوصـل الـصـب بـه

 

عش نضير الغصن يا مولى الرسل

وكان مخلد خرج إلى العراق، وبها شعراء الناس، فاجتمعوا بباب المعتصم، فأذن لهم، فجعلوا ينشدون فيعطي كل واحد منهم ما بين الألف والألفين، ولم يزد واحداً منهم، وفيهم مخلد، وكان قد قدم تلك السنة، ولم يعرفه أحد من الشعراء، فأنشد المعتصم في ذلك اليوم شعراً. استحسنه، فقال له: من أنت؟ قال: أنا مخلد. قال: الموصلي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين قال قد أثبتنا كلمتك قبل خروجك إلينا. وأمر له بثلاثة آلاف درهم.