هو محمد بن يزيد، من أهل حصن مسلمة، وهو من ولد مسلمة ابن عبد الملك بن مروان. حدثني عبد القدوس بن إبراهيم الشامي قال: حدثني ابن أبي فنن قال: لما قال عبد الله بن طاهر قصيدته التي يفتخر فيها بأبيه طاهر ويذكر شجاعته ويفتخر بأجداده مصعب ورزيق وغيرهما وهي التي يقول فيها:
وأبي من لا كفـاء لـه |
|
من يسامي مجده؟ قولوا |
طحن المخلوع كلكـلـه |
|
وحواليه الـمـقـاويل |
قطعت عنه تمـائمـه |
|
وهو مرهوب ومأمول |
قال أبو الأصبغ الحصني:
لا يرعك القال والقـيل |
|
كل ما بلغت تحـمـيل |
إن عددت العذل فيّ، إذن |
|
أنا فيك الدهر معـذول |
أيها البادي بنـسـبـتـه |
|
ما لما قد قلت تحصـيل |
قاتل المخلوع مقـتـول |
|
ودم القاتل مـطـلـول |
بأخي المخلوع طلت يدا |
|
لم يكن في باعها طول |
وبنعماه التي كـفـرت |
|
فعلت تلك الأفـاعـيل |
يا ابن بنت النار يوقدهـا |
|
ما لـحـاذيه سـراويل |
من حسين من أبوه ومن |
|
طاهر غالتهـم غـول |
من رزيق إذ تـعــدده |
|
نسب في الخلق مجهول |
تلك دعوى لا يناسبـهـا |
|
لك آبــــاء أراذيل |
ما جرى في عود أثلتهم |
|
ماء مجد فهو مدخـول |
قدحت منه أسـافـلـه |
|
وأعـالـيه مـهـازيل |
فبلغت القصيدة عبد الله بن طاهر، فلما خرج إلى الشام جعل طريقه على حصن مسلمة عمداً، ثم مضى مع نفر من إخوانه إلى أبي الأصبغ متنكراً من حيث لا يعرفه، فلما رآه قال له: أنت أبو الأصبغ؟ قال: نعم، قال: ما حملك على ما قلت في جواب عبد الله؟ قال: وما قلت؟ قال: عبد الله: قولك:
من حسين من أبوه ومن |
|
طاهر غالتهـم غـول |
من رزيق إذ تـعـدده |
|
نسب والله مجـهـول |
ففطن له الحصني وعلم أنه عبد الله فقال: أنت حملتني على ذلك يقول:
وأبي من لا كفـاء لـه |
|
من يسامي مجده؟ قولوا |
فلما قلت: قولوا. لم نجد بدا من أن نقول. فتبسم عبد الله وقال: صدقت، وقد عذرناك، وأمرنا لك بألف دينار، ولكن لا يغرك حلمي فتعاود هجو الأمراء، فإنك لا تدري كيف يقع، لعله يتفق لك من لا يحلم عليك. فأفرغ بعد ذلك الحصني شعره في مدح آل طاهر.