باب القاف والصاد، الضاد، الطاء

قصا

قَصا عنه قَصْواً وقُصُوّاً وقَصاً وقَصاء وقَصِيَ: بَعُدَ. وقَصا المَكانُ يَقْصُو قُصُوّاً: بَعُدَ. والقَصِيُّ والقاصي: العبد، والجمع أَقْصاء فيهما كشاهدٍ وأَشْهاد ونصِير وأَنصار؛ قال غَيْلان الرَّبَعِي:

كأَنَّما صَوْتَ حَفِيفِ المَعْـزاء

مَعْزُولِ شَذَّان حَصاها الأَقْصاء

صَوْتُ نَشِيشِ اللحمِ عند الغَلاَّء

وكلُّ شيء تَنَحَّى عن شيء فقد قَصا يَقْصُو قُصُوّاً، فهو قاصٍ، والأَرض قاصِيةٌ وقَصِيَّةٌ. وقَصَوْت عن القوم: تباعدت. ويقال: فلان بالمَكان الأَقْصَى والناحية القُصْوى والقُصْيا، بالضم فيهما. وفي الحديث: المسلمون تَتَكافَأُ دِماؤهم يَسْعَى بذِمَّتِهِم أَدْناهم ويُرَدُّ عليهم أقصاهم أَي أَبْعَدُهم، وذلك في الغَزْو إذا دخل العسكر أَرض الحرب فَوَجَّه الإِمامُ منه السرايا، فما غَنِمَتْ من شيء أَخذَت منه ما سَمَّى لها، ورَدَّ ما بقي على العسكر لأَنهم، وإِن لم يشهدوا الغنيمة، رِدْءٌ للسَّرايا وظهْرٌ يَرْجِعون إِليهم. والقُصْوَى والقُصْيا: الغاية البعيدة، قلبت فيه الواو ياء لأَن فُعْلَى إذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبدلت واوه ياء كما أُبدلت الواو مكان الياء في فَعْلى فأَدخلوها عليها في فُعْلى ليَتَكافآ في التغيير؛ قال ابن سيده: هذا قول سيبويه، قال: وزدته أَنا بياناً، قال: وقد قالوا القُصْوَى فأَجروها على الأَصل لأَنها قد تكون صفة بالأَلف واللام. وفي التنزيل: إِذ أَنتم بالعُدْوَة الدُّنيا وهم بالعُدوة القصوى؛ قال الفراء: الدنيا مما يَلي المدينة والقُصوى مما يَلي مكة.
قال ابن السكيت: ما كان من النعوت مثل العُلْيا والدُّنيا فإِنه يأْتي بضم أَوَّله وبالياء لأَنهم يستثقلون الواو مع ضمة أَوّله، فليس فيه اختلاف إِلا أَن أَهل الحجاز قالوا القُصْوَى، فأَظهروا الواو وهو نادر وأَخرجوه على القياس، إِذ سكن ما قبل الواو، وتميم وغيرهم يقولون القُصْيا؛ وقال ثعلب: القُصْوَى والقُصْيا طَرف الوادي، فالقُصْوَى على قول ثعلب من قوله تعالى بالعُدْوة القُصْوَى، بدل. والقاصِي والقاصِيةُ والقَصِيُّ والقَصِيَّةُ من الناس والمواضع: المُتَنَحِّي البعيدُ. والقُصْوَى والأَقْصَى كالأَكْبر والكُبرى. وفي الحديث: أَن الشيطان ذِئبُ الإِنسانِ يأْخُذُ القاصِيةَ والشَّاذَّةَ، القاصِيَةُ: المُنْفَرِدة عن القطيع البعيدة منه، يريد أَن الشيطان يتسلط على الخارج من الجماعة وأَهل السَّنة. وأَقْصى الرجلَ يُقْصِيه: باعَدَه. وهَلُمَّ أُقاصِكَ يعني أَيُّنا أَبْعَدُ من الشرّ. وقاصَيْتُه فقَصَوته وقاصاني فقَصَوْته.
والقَصا: فِناء الدار، يمد ويقصر. وحُطْني القَصا أَي تباعَدْ عني؛ قال بشر بن أَبي خازم:

فَحاطُونا القَصا، ولقَدْ رَأَوْنا

 

قريباً، حيث يُسْتَمَعُ السِّرارُ

والقَصا يمد ويقصر؛ ويروى:

فحاطُونا القَصاءَ وقد رأَوْنا

ومعنى حاطُونا القصاء أَي تباعَدوا عنا وهم حولنا،وما كنا بالبعد منهم لو أَرادوا أَن يَدْنُوا منَّا، وتوجيه ما ذكره ابن السكيت من كتاب النجو أَن يكون القَصاء بالمد مصدر قَصا يَقْصو قَصاءً مثل بَدا يَبْدُو بَداءً، وأَما القصا بالقصر فهو مصدر قصِيَ عن جِوارِنا قَصاً إذا بعد. ويقال أَيضاً: قَصِيَ الشيءُ قَصاً وقَصاءً. والقَصا: النسَبُ البعيد، مقصور.
والقَصا: الناحيةُ. والقَصاةُ: البُعْد والناحية، وكذلك القَصا. يقال: قَصِيَ فلان عن جوارنا، بالكسر، يَقْصى قَصاً، وأَقْصَيْته أَنا فهو مُقْصىً، ولا تقل مَقْصِيٌّ. وقال الكسائي: لأَحُوطَنَّك القَصا ولأَغْزُوَنَّك القَصا، كلاهما بالقصر، أَي أَدَعُك فلا أَقْرَبُك. التهذيب: يقال حاطَهم القَصا، مقصور، يعني كان في طُرَّتِهم لا يأْتِيهم. وحاطَهم القَصا أَي حاطَهم من بعيد وهو يَتَبَصَّرهم ويَتَحَرَّزُ منهم. ويقال: ذهبت قَصا فلان أَي ناحِيَته، وكنت منه في قاصِيَتِه أَي ناحِيته.ويقال: هَلُمَّ أُقاصِك أَيُّنا أَبعد من الشرّ. ويقال: نزلنا مَنزلاً لا تُقْصِيه الإِبل أَي لا تَبْلُغ أَقصاه. وتَقَصَّيت الأَمر واسْتَقْصَيتُه واسْتَقْصى فلان في المسأَلة وتَقَصَّى بمعنى. قال اللحياني: وحكى القَناني قَصَّيْت أَظفاري، بالتشديد، بمعنى قَصَصْت فقال الكسائي أَظنه أَراد أَخَذ من قاصيتها، ولم يحمله الكسائي على مُحوّل التضعيف كما حمله أَبو عبيد عن ابن قَنان، وقد ذكر في حرف الصاد أَنه من مُحوّل التضعيف، وقيل: يقال إِن وُلدَ لكِ ابن فقَصِّي أُذنيه أَي احْذفِي منهما. قال ابن بري: الأَمر من قَصَّى قَصٍّ، وللمؤنث قَصِّي، كما تقول خَلِّ عنها وخَلِّي. والقَصا: حَذْفٌ في طرَف أُذن الناقة والشاة، مقصور، يكتب بالأَلف وهو أَن يُقْطع منه شيء قليل، وقدقَصاها قَصْواً وقَصَّاها. يقال: قَصَوْت البعير فهو مَقْصُوّ إذا قطَعْت من طرف أُذنه، وكذلك الشاة؛ عن أَبي زيد. وناقة قَصْواء: مَقْصُوَّة، وكذلك الشاة، ورجل مَقْصُوّ وأَقْصى، وأَنكر بعضهم أَقصى. وقال اللحياني: بعير أَقْصى ومُقَصَّى ومَقْصُوّ. وناقة قَصْواء ومُقَصَّاةٌ ومَقْصُوَّةٌ: مقطوعة طرف الأُذن. وقال الأَحمر: المُقَصَّاة من الإِبل التي شُق من أُذنها شيء ثم ترك معلقاً. التهذيب: الليث وغيره القَصْوُ قطع أُذن البعير.يقال: ناقة قَصْواء وبعير مَقْصُوّ، هكذا يتكلمون به، قال: وكان القياس أَن يقولوا بعير أَقصى فلم يقولوا. قال الجوهري: ولا يقال جمل أَقصى وإِنما يقال مَقْصُوٌّ ومُقَصّّىً، تركوا فيه القياس، ولأَن أَفعل الذي أُنثاه على فَعْلاء إِنما يكون من باب فَعِلَ يَفْعَل، وهذا إِنما يقال فيه قصَوْت البعير، وقَصْواء بائنة عن بابه، ومثله امرأَة حَسناء، ولا يقال رجل أَحْسَن؛ قال ابن بري: قوله تركوا فيها القياس يعني قوله ناقة قَصْواء، وكان القياس مَقْصُوَّة، وقياس الناقة أَن يقال قَصَوْتها فهي مَقْصُوَّة. ويقال: قَصَوْت الجمل فهو مَقْصُوّ، وقياس الناقة أَن يقال قصوتها فهي مقصوَّة، وكان لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ناقة تسمى قَصْواء ولم تكن مقطوعة الأُذن.
وفي الحديث: أَنه خطب على ناقَتِه القَصْواء، وهو لقب ناقة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قال: والقَصْواء التي قُطِع طرَف أُذنها. وكل ما قُطع من الأُذن فهو جَدْعٌ، فإِذا بلغ الرُّبُع فهو قَصْوٌ، فإِذا جاوزه فهو غَضْبٌ، فإِذا استُؤصِلت فهو صَلْم، ولم تكن ناقة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قَصْواء وإِنما كان هذا لقباً لها، وقيل: كانت مقطوعة الأُذن. وقد جاء في الحديث: أَنه كان له ناقة تسمى العَضْباء وناقة تسمى الجَدْعاء، وفي حديث آخر: صلماءَ، وفي رواية أُخرى: مخَضْرَمةً؛ هذا كله في الأُذن، ويحتمل أَن تكون كل واحدة صفة ناقة مفردة، ويحتمل أَن يكون الجميع صفة ناقة واحدة فسماها كل منهم بما تخيّل فيها، ويؤيد ذلك ما روي في حديث علي، كرم الله وجهه، حين بعثه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يبلغ أَهل مكة سُورة براءة فرواه ابن عباس، رضي الله عنه، أَنه ركب ناقة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القَصْواء، وفي رواية جابر العَضْباء، وفي رواية غيرهما الجَدْعاء، فهذا يصرح أَن الثلاثة صفة ناقة واحدة لأَن القضية واحدة، وقد روي عن أَنس أَنه قال: خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ناقة جَدْعاء وليست بالعَضباء، وفي إِسناده مقال. وفي حديث الهجرة:أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، قال: إِن عندي ناقتين، فأَعْطَى رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، إِحداهما وهي الجَدْعاء. والقَصِيَّةُ من الإِبل: الكريمة المُوَدَّعة التي لا تُجْهَد في حَلَب ولا حَمْلٍ. والقَصايا: خِيارُ الإِبل، واحدتها قَصِيَّة ولا تُركب وهي مُتَّدِعة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

تَذُود القَصايا عن سَراة، كـأَنـهـا

 

جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِناتِ الهَواضِبِ

وإِذا حُمِدت إِبل الرجل قيل فيها قَصايا يثق بها أَي فيها بقية إذا اشتدّالدهر، وقيل: القَصِيَّة من الإِبل رُذالتها. وأَقْصى الرجلُ إذا اقتنى القَواصي من الإِبل، وهي النهاية في الغَزارة والنَّجابة، ومعناه أَن صاحب الإِبل إذا جاء المُصَدِّق أَقصاها ضِنّاً بها. وأَقْصى إذا حفظ قصا العسكر وقَصاءه، وهو ما حول العسكر.
وفي حديث وَحْشِيٍّ قاتل حَمْزة، عليه السلام: كنتُ إذا رأَيته في الطريق تَقَصَّيْتها أَي صرت في أَقْصاها وهو غايتها.
والقَصْوُ: البعد. والأَقْصى: الأَبعد؛ وقوله:

واخْتَلَس الفَحْلُ منها، وهي قاصِيةٌ

 

شيئاً فقد ضَمِنَتْه، وهو مَحْقُـورُ

فسره ابن الأَعرابي فقال: معنى قوله قاصية هو أَن يتبعها الفحل فيضربها فَتَلْقَح في أَوَّل كَوْمة فجعل الكَوْم للإِبل، وإِنما هو للفرس.
وقُصْوانُ: موضع؛ قال جرير:

نُبِّئْتُ غَسَّانَ بنَ واهِصَةِ الخُصَى

 

بِقُصْوانَ، في مُسْتَكْلِئِينَ بِطـانِ

ابن الأَعرابي: يقال للفحل هو يَحْبُو قَصا الإِبل إذا حَفِظها من الانتشار. ويقال: تَقَصّاهم أَي طَلَبهم واحداً واحداً. وقُصَيٌّ، مصغر: اسم رجل، والنسبة إِليه قُصَوي بحذف إِحدى الياءَين، وتقلب الأُخرى أَلفاً ثم تقلب واواً عما قلبت في عَدَوِيّ وأُمَوِيٍّ.

قصب

القَصَبُ: كلُّ نَباتٍ ذي أَنابيبَ، واحدتُها قَصَبةٌ؛ وكلُّ نباتٍ كان ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً، فهو قَصَبٌ. والقَصَبُ: الأَباء.
والقَصْباءُ: جماعةُ القَصَب، واحدتُها قَصَبة وقَصباءةٌ. قال سيبويه: الطَّرْفاءُ، والحَلْفاءُ، والقَصْباءُ، ونحوها اسم واحدٌ يقع على جميع، وفيه علامةُ التأْنيث، وواحدُه على بنائه ولفظه، وفيه علامة التأْنيث التي فيه، وذلك قولك للجميع حَلْفاء، وللواحدة حَلْفاء، لَمَّا كانت تقع للجميع، ولم تكن اسماً مُكَسَّراً عليه الواحدُ؛ أَرادوا أَن يكون الواحدُ من بناءٍ فيه علامةُ التأْنيث، كما كان ذلك في الأَكثر الذي ليس فيه علامة التأْنيث، ويقع مذكراً نحو التمر والبُسْر والبُرّ والشَّعيرِ، وأَشباه ذلك؛ ولم يُجاوِزوا البناء الذي يقع للجميع حيثُ أَرادوا واحداً، فيه علامة تأْنيث لأَنه فيه علامة التأْنيث، فاكتفوا بذلك، وبَيَّنُوا الواحدة بِأَن وصفوها بواحدة، ولم يَجِيئُوا بعَلامة سوى العلامة التي في الجمع، ليُفْرَقَ بين هذا وبين الاسم، الذي يقع للجميع، وليس فيه علامة التأْنيث نحو التمر والبُسْر.
وتقول: أَرْطى وأَرْطاةٌ، وعَلْقَى وعَلْقاة، لأَن الأَلِفات لم تُلْحَقْ للتأْنيث، فَمِن ثم دخلت الهاء؛ وسنذكر ذلك في ترجمة حلف، إِن شاء اللّه تعالى.
والقَصْباءُ: هو القَصَبُ النابت، الكثير في مَقْصَبته. ابن سيده: القَصْباءُ مَنْبِتُ القَصَب. وقد أَقصَبَ المكانُ، وأَرض مُقْصِبة وقَصِبةٌ: ذاتُ قَصَبٍ. وقَصَّبَ الزرعُ تَقْصيباً، وأَقْصَبَ: صار له قَصَبٌ، وذلك بعد التَّفْريخ.
والقَصَبة: كلُّ عظمٍ ذي مُخٍّ، على التشبيه بالقَصَبة، والجمع قَصَبٌ.
والقَصَبُ: كل عظمٍ مستدير أَجْوَفَ، وكلُّ ما اتُّخِذَ من فضة أَو غيرها، الواحدة قَصَبةٌ. والقَصَبُ: عظام الأَصابع من اليدين والرجلين؛ وقيل: هي ما بين كل مَفْصِلَيْن من الأَصابع، وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: سَبْطُ القَصَب. القَصَبُ من العظام: كلُّ عظم أَجوفَ فيه مُخٌّ، واحدتُه قَصَبة، وكلُّ عظمٍ عَريضٍ لَوْحٌ. والقَصْبُ: القَطْع.
وقَصَبَ الجزارُ الشاةَ يَقْصِبُها قَصْباً: فَصَل قَصَبَها، وقطعها عُضْواً عُضْواً.
ودِرَّة قاصبة إذا خرجت سَهْلة كأَنها قضِيبُ فِضَّةٍ. وقَصَبَ الشيءَ يَقْصِبُه قَصْباً، واقْتَصَبَه: قطَعه. والقاصِبُ والقَصَّابُ: الجَزَّارُ وحِرْفَته القِصَابةُ. فإِما أَن يكون من القَطْع، وإِما أَن يكون من أَنه يأْخذ الشاةَ بقَصَبَتِها أَي بساقِها؛ وسُمِّي القَصَّابُ قَصَّاباً لتَنْقيته أَقْصابَ البَطْن. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: لئن وَلِيتُ بني أُمَيَّةَ، لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ الوَذِمةَ؛ يريدُ اللُّحومَ التي تَعَفَّرَتْ بسقوطها في التُّراب؛ وقيل: أَراد بالقصَّاب السَّبُعَ. والتِّراب: أَصلُ ذراع الشاةِ، وقد تقدم ذلك في فصل التاءِ مبسوطاً.
ابن شميل: أَخَذ الرجُل الرجلَ فقَصَّبه؛ والتَّقْصِيبُ أَن يَشُدَّ يديه إِلى عُنُقه، ومنه سُمي القَصَّابُ قَصَّاباً. والقاصِبُ: الزامِرُ.
والقُصَّابة: المزمار والجمع قُصَّابٌ؛ قال الأَعشى:

وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِي

 

نُ والمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها

وقال الأَصمعي: أَراد الأَعشى بالقُصَّاب الأَوْتارَ التي سُوِّيَتْ مِنَ الأَمْعاءِ؛ وقال أَبو عمرو: هي المزامير، والقاصِبُ والقَصَّاب النافخُ في القَصَب؛ قال:

وقاصِبُونَ لنا فيها وسُمَّارُ

والقَصَّابُ، بالفتح: الزَّمَّارُ؛ وقال رؤبة يصف الحمار:

في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّاب

يعني عَيراً يَنْهَقُ.
والصنعة القِصابةُ والقُصَّابة والقَصْبة والقَصِيبة والتَّقْصِيبة والتَّقْصِبةُ: الخُصْلة المُلْتَوِيةُ من الشَّعَر؛ وقد قَصَّبه؛ قال بشر بن أَبي خازم:

رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَـهـا

 

سُخامٌ، كغِرْبانِ البريرِ، مُقَصَّبُ

والقَصائبُ: الذَّوائبُ المُقَصَّبةُ، تُلْوى لَيّاً حتى تَتَرَجَّلَ، ولا تُضْفَرُ ضَفْراً؛ وهي الأُنْبوبة أَيضاً. وشَعْر مُقَصَّبٌ أَي مُجَعَّدٌ. وقَصَّبَ شَعره أَي جَعَّدَه. ولها قُصَّابَتانِ أَي غَديرتانِ؛ وقال الليث: القَصْبة خُصْلة من الشعر تَلْتَوي، فإِنْ أَنتَ قَصَّبْتَها كانت تَقْصِيبة، والجمع التَّقاصِيبُ؛ وتَقْصِيبُك إِيّاها لَيُّك الخُصلة إِلى أَسْفلها، تَضُمُّها وتَشُدُّها، فتُصْبِحُ وقد صارت تَقاصِيبَ، كأَنها بلابِلُ جاريةٍ. أَبو زيد: القَصائبُ الشَّعَر المُقَصَّبُ، واحدتُها قَصِيبة. والقَصَبُ: مَجاري الماءِ من العيون، واحدتُها قَصَبة؛ قال أَبو ذؤيب:

أَقامتْ به، فابْتَنَتْ خَـيْمةً

 

على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهَرْ

وقال الأَصمعي: قَصَبُ البَطْحاءِ مِياهٌ تجري إِلى عُيونِ الرَّكايا؛ يقول: أَقامتْ بين قَصَبٍ أَي رَكايا وماءٍ عَذْبٍ. وكل ماءٍ عذبٍ: فراتٌ؛ وكلُّ كثيرٍ جَرى فقد نَهَرَ واسْتَنْهَرَ.
والقَصَبةُ: البئر الحديثةُ الحَفْرِ.
التهذيب، الأَصمعي: القَصَبُ مَجاري ماءِ البئر من العيون. والقَصَبُ: شُعَبُ الحَلْق. والقَصَبُ: عُروق الرِّئَة، وهي مَخارِجُ الأَنْفاس ومجاريها.
وقَصَبةُ الأَنْفِ: عَظْمُه.
والقُصْبُ: المِعَى، والجمع أَقْصابٌ. الجوهري: القُصْبُ، بالضم: المِعَى. وفي الحديث: أَنَّ عَمْرو ابنَ لُحَيٍّ أَوَّلُ من بَدَّل دينَ إِسمعيل، عليه السلام؛ قال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فرأَيتُه يَجُرُّ قُصْبَه في النار؛ قيل: القُصْبُ اسم للأَمْعاءِ كُلِّها؛ وقيل: هو ما كان أَسْفَلَ البَطْن من الأَمْعاءِ؛ ومنه الحديثُ: الذي يَتَخَطَّى رِقابَ الناسِ يومَ الجمعة، كالجارِّ قُصْبَهُ في النار؛ وقال الراعي:

تَكْسُو المَفارِقَ واللَّبَّـاتِ ذَا أَرَجٍ،

 

من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ

قال: وأَما قول امرئِ القيس:

والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحوبُ

فيريد به الخَصْرَ، وهو على الاستعارة، والجمع أَقْصابٌ؛ وأَنشد بيتَ الأَعشى:

والمُسْمِعاتُ بأَقْصابِها

وقال: أَي بأَوتارها، وهي تُتَّخَذُ من الأَمْعاءِ؛ قال ابن بري: زعم الجوهري أَنَّ قول الشاعر:

والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمتنُ مَلْحوبُ

لامرئِ القيس؛ قال: والبيت لإِبراهيم بن عمران الأَنصاري؛ وهو بكماله:

والماءُ مُنْهَمِرٌ، والشَّدُّ مُـنْـحَـدِرٌ،

 

والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ، والمَتْنُ مَلْحوبُ

وقبله:

قد أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعواءَ، تَحْمِلُنيجَرْداءُ مَعْروفَةُ اللَّحْيَيْن، سُرْحُوبُ

 

 

إِذا تَبَصَّرَها الرَّاؤُونَ مُقْبِلةً،

 

لاحَـتْ لَـهُـمْ، غُـرَّةٌ، مـنْـهــا، وتَــجْــبِــيبُ

رَقـاقُــهـــا ضَــرِمٌ، وجَـــرْيُهــا خَــذِمٌ،

 

ولَـحْـمـهـا زِيَمٌ، والـبَـطْــنُ مَـــقْــبُــوبُ

والــعَــينُ قـــادِحَةٌ، والـــيَدُّ ســابِـــحَةٌ،

 

والـرِّجْـلُ ضــارِحةٌ، والــلَّــوْنُ غِــرْبــيبُ

والقَصَبُ من الجَوْهر: ما كان مُسْتَطِيلاً أَجْوَفَ؛ وقيل: القَصَبُ أَنابِيبُ من جَوْهَرٍ. وفي الحديث: أَنَّ جبريلَ، عليه السلام، قال للنبي، صلى اللّه عليه وسلم: بَشِّرْ خديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ، لا صَخَب فيه ولا نَصَب؛ ابن الأَثير: القَصَبُ في هذا الحديث لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسعٌ، كالقَصْرِ المُنيف. والقَصَبُ من الجوهر: ما اسْتطالَ منه في تَجْويف. وسأَل أَبو العباس ابنَ الأَعرابي عن تفسيره؛ فقال: القَصَبُ، ههنا: الدُّرُّ الرَّطْبُ، والزَّبَرْجَدُ الرَّطْبُ المُرَصَّعُ بالياقوت؛ قال: والبَيتُ ههنا بمعنى القَصْر والدار، كقولك بيت المَلِك أَي قَصْرُه. والقَصَبةُ: جَوْفُ القَصْرِ؛ وقيل: القَصْرُ. وقَصَبةُ البَلد: مَدينَتُه؛ وقيل: مُعْظَمُه. وقَصَبة السَّوادِ: مَدينتُها. والقَصَبَةُ: جَوْفُ الحِصْن، يُبْنى فيه بناءٌ، هو أَوسَطُه. وقَصَبةُ البلاد: مَدينَتُها. والقَصَبة: القَرية. وقَصَبةُ القَرية: وسَطُها.
والقَصَبُ: ثيابٌ، تُتَّخَذ من كَتَّان، رِقاقٌ ناعمةٌ، واحدُها قَصَبيٌّ، مثل عَربيٍّ وعَرَبٍ.
وقَصَبَ البعيرُ الماءَ يَقْصِبُه قَصْباً: مَصَّه.
وبعير قَصِيبٌ، يَقصِبُ الماءَ، وقاصِبٌ: ممتنع من شُرْب الماءِ، رافعٌ رأْسه عنه؛ وكذلك الأُنثى، بغير هاء. وقد قَصَبَ يَقْصِبُ قَصْباً وقُصُوباً، وقَصَبَ شُرْبَه إذا امتنع منه قبل أَن يَرْوَى. الأَصمعي: قَصَبَ البعيرُ، فهو قاصِبٌ إذا أَبى أَن يَشْرَب. والقومُ مُقْصِبُونَ إذا لم تَشْرَب إِبِلُهم.
وأَقْصَبَ الراعي: عافَتْ إِبلُه الماءَ. وفي المثل: رَعَى فأَقْصَبَ، يُضْرَب للراعي، لأَنه إذا أَساءَ رَعْيَها لم تَشْرَبِ الماءَ، لأَنها إِنما تَشْرَبُ إذا شَبِعَتْ من الكَلإِ. ودَخَلَ رُؤْبة على سليمان بن علي، وهو والي البصرة؛ فقال: أَين أَنْتَ من النساءِ؟ فقال: أُطِيلُ الظِّمْءَ، ثم أَرِدُ فأُقْصِبُ.
وقيل: القُصُوبُ الرِّيُّ من وُرود الماءِ وغيره. وقَصَبَ الإِنسانَ والدَّابةَ والبعيرَ يَقْصِبُهُ قَصْباً: منعه شُرْبَه، وقَطَعه عليه، قبل أَن يَرْوَى. وبعيرٌ قاصِبٌ، وناقة قاصِبٌ أَيضاً؛ عن ابن السكيت.
وأَقْصَبَ الرجلُ إذا فَعَلَت إِبلُه ذلك.
وقَصَبَه يَقْصِبُه قَصْباً، وقَصَّبه: شَتَمَه وعابه، ووَقعَ فيه.
وأَقْصَبَهُ عِرْضَه: أَلْحَمَه إِياه؛ قال الكميت:

وكنتُ لهم، من هؤلاكَ وهؤُلا،

 

مُحِبّاً، على أَني أُذَمُّ وأُقْصَبُ

ورجلٌ قَصّابَةٌ للناس إذا كان يَقَعُ فيهم. وفي حديث عبد الملك، قال لعروة بن الزبير: هل سمعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نساءَنا؟ قال: لا.
والقِصابةُ: مُسَنَّاة تُبْنى في اللَّهْج كراهيةَ أَن يَسْتَجْمِعَ السيلُ فيُوبَلَ الحائطُ أَي يَذْهَبَ به الوَبْلُ، ويَنْهَدِمَ عِراقُه.
والقِصابُ: الدِّيارُ، واحِدَتُها قَصَبَة.
والقاصِبُ: المُصَوِّتُ من الرعد. الأَصمعي في باب السَّحاب الذي فيه رَعْدٌ وبَرْقٌ: منه المُجَلْجِلُ، والقاصِبُ، والمُدَوِّي، والمُرْتَجِسُ؛ الأَزهري: شَبَّه السَّحابَ ذا الرعد بالقاصبِ أَي الزامر. ويقال للمُراهِنِ إذا سَبَقَ: أَحْرَزَ قَصَبَة السَّبْق. وفرس مُقَصِّبٌ: سابقٌ؛ ومنه قوله:

ذِمارَ العَتِيك بالجَوادِ المُقَصِّبِ

وقيل للسابق: أَحْرَزَ القَصَبَ، لأَنَّ الغاية التي يسبق إِليها، تُذْرَعُ بالقَصَبِ، وتُرْكَزُ تلكَ القَصَبَةُ عند مُنْتَهى الغاية، فَمَنْ سَبَقَ إِليها زها واسْتَحَقَّ الخَطَر. ويقال: حازَ قَصَبَ السَّبْق أَي اسْتَولى على الأَمَد. وفي حديث سعيد بن العاص: أَنه سَبَقَ بين الخَيْل في الكوفة، فَجَعلها مائة قَصَبةٍ وجَعَل لأَخيرها قَصَبَةً أَلفَ درهم؛ أَراد: أَنه ذَرَع الغاية بالقَصَبِ، فجَعَلَها مائة قَصَبةٍ.
والقُصَيْبَة: اسم موضع؛ قال الشاعر:

وهَلْ لِيَ، إِنْ أَحْبَبْتُ أَرضَ عَشِيرتي

 

وأَحْبَبْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبة، من ذنْب؟

قصد

القصد: استقامة الطريق. قَصَد يَقْصِدُ قصداً، فهو قاصِد. وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السبيل؛ أَي على الله تبيين الطريق المستقيم والدعاءُ إِليه بالحجج والبراهين الواضحة، ومنها جائر أَي ومنها طريق غير قاصد. وطريقٌ قاصد: سهل مستقيم. وسَفَرٌ قاصدٌ: سهل قريب. وفي التنزيل العزيز: لو كان عَرَضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك؛ قال ابن عرفة: سفراً قاصداً أَي غيرَ شاقٍّ. والقَصْدُ: العَدْل؛ قال أَبو اللحام التغلبي، ويروى لعبد الرحمن بن الحكم، والأَول الصحيح:

على الحَكَمِ المأْتِيِّ، يوماً إذا قَضَى

 

قَضِيَّتَه، أَن لا يَجُورَ ويَقْـصِـدُ

قال الأَخفش: أَراد وينبغي أَن يقصد فلما حذفه وأَوقع يَقْصِدُ موقع ينبغي رفعه لوقوعه موقع المرفوع؛ وقال الفراء: رفعه للمخالفة لأَن معناه مخالف لما قبله فخولف بينهما في الإِعراب؛ قال ابن بري: معناه على الحكم المرْضِيِّ بحكمه المأْتِيِّ إِليه ليحكم أَن لا يجور في حكمه بل يقصد أَي يعدل، ولهذا رفعه ولم ينصبه عطفاً على قوله أَن لا يجور لفساد المعنى لأَنه يصير التقدير: عليه أَن لا يجور وعليه أَن لا يقصد، وليس المعنى على ذلك بل المعنى: وينبغي له أَن يقصد وهو خبر بمعنى الأَمر أَي وليقصد؛ وكذلك قوله تعالى: والوالداتُ يُرْضِعْنَ أَولادهُنَّ؛ أَي ليرضعن. وفي الحديث: القَصدَ القصدَ تبلغوا أي عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل، وهو الوسط بين الطرفين، وهو منصوب على المصدر المؤكد وتكراره للتأكيد. وفي الحديث: عليكم هَدْياً قاصداً أَي طريقاً معتدلاً. والقَصْدُ: الاعتمادُ والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ له وأَقْصَدَني إِليه الأَمرُ، وهو قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وكونه اسماً أَكثر في كلامهم.
والقَصْدُ: إِتيان الشيء. تقول: قصَدْتُه وقصدْتُ له وقصدْتُ إِليه بمعنى.
وقد قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وقال:

قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِناز

 

كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ

وقَصَدْتُ قَصْدَه: نحوت نحوه.
والقَصْد في الشيء: خلافُ الإِفراطِ وهو ما بين الإِسراف والتقتير.
والقصد في المعيشة: أَن لا يُسْرِفَ ولا يُقَتِّر. يقال: فلان مقتصد في النفقة وقد اقتصد. واقتصد فلان في أَمره أَي استقام. وقوله: ومنهم مُقْتَصِدٌ؛ بين الظالم والسابق. وفي الحديث: ما عالَ مقتصد ولا يَعِيلُ أَي ما افتقر من لا يُسْرِفُ في الانفاقِ ولا يُقَتِّرُ. وقوله تعالى: واقْصِدْ في مشيك واقصد بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ على نفسِك. وقصد فلان في مشيه إذا مشى مستوياً، ورجل قَصْد ومُقْتَصِد والمعروف مُقَصَّدٌ: ليس بالجسيم ولا الضئِيل.
وفي الحديث عن الجُرَيْرِيِّ قال: كنت أَطوف بالبيت مع أَبي الطفيل، فقال: ما بقي أَحد رأَى رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، غيري، قال: قلت له: ورأَيته؟ قال: نعم، قلت: فكيف كان صفته؟ قال: كان أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً؛ قال: أَراد بالمقصد أَنه كان رَبْعة بين الرجلين وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَصْد، وأَبو الطفيل هو واثلة بن الأَسقع.
قال ابن شميل: المُقَصَّدُ من الرجال يكون بمعنى القصد وهو الربعة. وقال الليث: المقصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير وقد يستعمل هذا النعت في غير الرجال أَيضاً؛ قال ابن الأَثير في تفسير المقصد في الحديث: هو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأَنَّ خَلْقه يجيءُ به القَصْدُ من الأُمور والمعتدِلُ الذي لا يميل إِلى أَحد طرفي التفريط والإِفراط.
والقَصْدَةُ من النساء: العظيمة الهامةِ التي لا يراها أَحد إِلاَّ أَعجبته. والمَقْصَدَةُ: التي إِلى القِصَر.
والقاصد: القريب؛ يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة أَي هينة السير لا تَعَب ولا بُطء. والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر أَبياته، وفي التهذيب: شطر ابنيته، سمي بذلك لكماله وصحة وزنه. وقال ابن جني: سمي قصيداً لأَنه قُصِدَ واعتُمِدَ وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب بناؤُه نحو الرمَل والرجَز شعراً مراداً مقصوداً، وذلك أَن ما تمَّ من الشِّعْر وتوفر آثرُ عندهم وأَشَدُّ تقدماً في أَنفسهم مما قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيداً أَي مُراداً مقصوداً، وإِن كان الرمل والرجز أَيضاً مرادين مقصودين، والجمع قصائد، وربما قالوا: قَصِيدَة. الجوهري: القَصِيدُ جمع القَصِيدة كسَفِين جمع سفينة، وقيل: الجمع قصائدُ وقصِيدٌ؛ قال ابن جني: فإِذا رأَيت القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على الواحد اسمُ جنس اتساعاً، كقولك: خرجت فإِذا السبع، وقتلت اليوم الذئب، وأَكلت الخبز وشربت الماء؛ وقيل: سمي قصيداً لأَن قائله احتفل له فنقحه باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القصيد وهو المخ السمين الذي يَتَقَصَّد أَي يتكسر لِسِمَنِه، وضده الرِّيرُ والرَّارُ وهو المخ السائل الذائب الذي يَمِيعُ كالماء ولا يتقصَّد، إذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛ وقيل: سمي الشِّعْرُ التامُّ قصيداً لأَن قائله جعله من باله فَقَصَدَ له قَصْداً ولم يَحْتَسِه حَسْياً على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل رَوَّى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتَضِبْه اقتضاباً فهو فعيل من القصد وهو الأَمُّ؛ ومنه قول النابغة:

وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لهـا؟

 

زيادُ بنُ عَمْروٍ أَمَّها واهْتَدَى لها

أَراد قصيدته التي يقول فيها:

يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ

ابن بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ من القصيد والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وواصل عمل القصائد؛ قال:

قد وَرَدَتْ مِثلَ اليماني الهَزْهاز،

تَدْفَعُ عن أَعْناقِها بالأَعْجاز،

أَعْيَتْ على مُقْصِدِنا والرَّجَّاز

فَمُفْعِلٌ إِنما يراد به ههنَا مُفَعِّل لتكثير الفعل، يدل على أَنه ليس بمنزلة مُحْسِن ومُجْمِل ونحوه مما لا يدل على تكثير لأَنه لا تكرير عين فيه أَنه قرنه بالرَّجَّاز وهو فعَّال، وفعَّال موضوع للكثرة. وقال أَبو الحسن الأَخفش: ومما لا يكاد يوجد في الشعر البيتان المُوطَآن ليس بينهما بيت والبيتان المُوطَآن، وليست القصيدة إِلا ثلاثة أَبيات فجعل القصيدة ما كان على ثلاثة أَبيات؛ قال ابن جني: وفي هذا القول من الأَخفش جواز، وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أَبيات قصيدة، قال: والذي في العادة أَن يسمى ما كان على ثلاثة أَبيات أَو عشرة أَو خمسة عشر قطعة، فأَما ما زاد على ذلك فإِنما تسميه العرب قصيدة. وقال الأَخفش: القصيد من الشعر هو الطويل والبسيط التامّ والكامل التامّ والمديد التامّ والوافر التامّ والرجز التامّ والخفيف التامّ، وهو كل ما تغنى به الركبان، قال: ولم نسمعهم يتغنون بالخفيف؛ ومعنى قوله المديد التامُّ والوافر التامّ يريد أَتم ما جاء منها في الاستعمال، أَعني الضربين الأَوّلين منها، فأَما أَن يجيئا على أَصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض مُطَّرَحٌ. قال ابن جني: أَصل ق ص د ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجه والنهودُ والنهوضُ نحو الشيء، على اعتدال كان ذلك أَو جَوْر، هذا أَصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل، أَلا ترى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ تارة كما تقصد العدل أُخرى؟ فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعاً.
والقَصْدُ: الكسر في أَيّ وجه كان، تقول: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه، وقيل: هو الكسر بالنصف قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثعلب:

إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ على ثَفِناتِـهـا

 

على قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ

شبه صوت الناقة بالمزامير؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة منه، والجمع قِصَد. يقال: القنا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مكسور. وتَقَصَّدَتِ الرماحُ: تكسرت. ورُمْحٌ أَقصادٌ وقد انْقَصَدَ الرمحُ: انكسر بنصفين حتى يبين، وكل قطعة قِصْدة، ورمح قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشتقوا له فِعْلاً قالوا انْقَصَدَ، وقلما يقولون قَصِدَ إِلا أَنَّ كل نعت على فَعِلٍ لا يمتنع صدوره من انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عبيد لقيس بن الخطيم:

تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنهـا

 

تَذَرُّعُ خُرْصانٍ بأَيدي الشَّواطِبِ

وقال آخر:

أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا

يريد أَمشي إِليهم على كِسَرِ الرِّماحِ. وفي الحديث: كانت المُداعَسَةُ بالرماح حتى تَقَصَّدَتْ أَي تَكسَّرَت وصارت قِصَداً أَي قطعاً.
والقِصْدَةُ، بالكسر: القِطْعة من الشيء إذا انكسر؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قال الأَخفش: هذا أَحد ما جاء على بناء الجمع. وقَصَدَ له قِصْدَةً من عَظْم وهي الثلث أَو الربُع من الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ.
وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وقد انقَصَدَتْ وتَقَصَّدَتْ.
والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، واحدته قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثعلب:

وهمْ تَرَكُوكمْ لا يُطَعَّمُ عَظْمُكُـم

 

هُزالاً، وكان العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا

أَي مُمِخّاً، وإِن شئت قلت: أَراد ذا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ: المُخَّةُ إذا خرجت من العظم، وإِذا انفصلت من موضعها أَو خرجت قيل: انقَصَدَتْ. أَبو عبيدة: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وهو دون السمين وفوق المهزول. الليث: القَصِيدُ اليابس من اللحم؛ وأَنشد قول أَبي زبيد:

وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللح

 

مَ قَصِيداً منه وغَيرَ قَصِيدِ

وقيل: القَصِيدُ السمين ههنا. وسنام البعير إذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قال المثقب:

سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا

ابن شميل: القَصُودُ من الإِبل الجامِسُ المُخِّ، واسم المُخِّ الجامِس قَصِيدٌ. وناقة قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سمينة ممتلئة جسيمة بها نِقْيٌ أَي مُخٌّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَـصِـيبَةً،

 

قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها

والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ اليابس؛ قال الأَخطل:

وسيرُوا إِلى الأَرضِ التي قَدْ عَلِمْتُمُ،

 

يَكُنْ زادُكُمْ فيها قَصِيدُ الإِبـاعِـرِ

والقَصَدَةُ: العُنُقُ، والجمع أَقْصادٌ؛ عن كراع: وهذا نادر؛ قال ابن سيده: أَعني أَن يكون أَفعالٌ جمع فَعَلَةٍ إِلا على طرح الزائد والمعروف القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة: كل ذلك مَشْرَةُ العِضاهِ وهي بَراعيمُها وما لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وقد أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قال أَبو حنيفة: القَصْدُ ينبت في الخريف إذا بَرَدَ الليل من غير مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:

ولا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِـيا

 

عليها ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها

الليث: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تخرج بعد القيظ الورق في العضاه أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فسمى كل واحدة منها قَصَدة.
وقال ابن الأَعرابي: القَصَدَةُ من كل شجرة ذات شوك أَن يظهر نباتها أَوَّلَ ما ينبت.
الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل على كل حال؛ وقال الليث: هو القتل على المكان، يقال: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مكانه. وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ مكانَه. وأَقْصَدَتْه حية: قتلته؛ قال الأَخطل:

فإِن كنْتِ قد أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِـي

 

بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ ولا يَدري

أَي ولا يخْتِلُ. وفي حديث عليّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها؛ أَقْصَدْتُ الرجلَ إذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بسهم فلم تُخْطئ مَقاتلَه فهو مُقْصَد؛ وفي شعر حميد ابن ثور:

أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا،

 

إِنْ خَطَأً منها وإِنْ تَـعَـمُّـدا

والمُقْصَدُ: الذي يَمْرَضُ ثم يموت سريعاً. وتَقَصَّدَ الكلبُ وغيره أَي مات؛ قال لبيد:

فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ وضُرِّجَتْ

 

بِدَمٍ، وغُودِرَ في المَكَرِّ سُحامُها

وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: العصا؛ قال حميد:

فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفـا

 

رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ.

سمي بذلك لأَنه بها يُقْصَدُ الإِنسانُ وهي تَهدِيهِ وتَو مُّه، كقول الأَعشى:

إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلا

 

دِ صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا

والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.

قصر

القَصْرُ والقِصَرُ في كل شيء: خلافُ الطُّولِ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

عادتْ مَحُورَتُه إِلى قَصْرِ

قال: معناه إِلى قِصَر، وهما لغتان. وقَصُرَ الشيءُ، بالضم، يَقْصُرُ قِصَراً: خلاف طال؛ وقَصَرْتُ من الصلاة أَقْصُر قَصْراً. والقَصِيرُ: خلاف الطويل. وفي حديث سُبَيْعَةَ: نزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى؛ القُصْرَى تأْنيث الأَقْصَر، يريد سورة الطلاق، والطُّولى سورة البقرة لأَن عِدَّة الوفاة في البقرة أَربعة أَشهر وعشر، وفي سورة الطلاق وَضْعُ الحمل، وهو قوله عز وجل: وأُولاتِ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهِنّ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً جاءه فقال: عَلِّمْني عملاً يُدْخِلُني الجنّة، فقال: لئن كنتَ أَقْصَرْتَ الخِطْبة لقد أَعْرَضْتَ المسأَلةَ؛ أَي جئت بالخِطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة عريضة يعني قَلَّلْتَ الخِطْبَةَ وأَعظمت المسأَلة. وفي حديث عَلْقَمة: كان إذا خَطَبَ في نكاح قَصَّرَ دون أَهله أَي خَطَبَ إِلى من هو دونه وأَمسك عمن هو فوقه، وقد قَصُرَ قِصَراً وقَصارَة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو قَصِير، والجمع قُصَراء وقِصارٌ، والأُنثى قصِيرة، والجمع قِصارٌ. وقَصَّرْتُه تَقْصِيراً إذا صَيَّرْته قَصِيراً. وقالوا: لا وفائتِ نَفَسِي القَصِيرِ؛ يَعْنُون النَّفَسَ لقِصَرِ وقته، الفائِتُ هنا هو الله عز وجل. والأَقاصِرُ: جمع أَقْصَر مثل أَصْغَر وأَصاغِر؛ وأَنشد الأَخفش:

إِليكِ ابنةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالةَ ال

 

رِّجالِ، وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ

ولا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ في كلِّ شَرْمَـحٍ

 

طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمـازِرُهْ

يقول لها: لا تعيبيني بالقِصَرِ فإِن أَصْلالَ الرجال ودُهاتَهم أَقاصِرُهم، وإِنما قال أَقاصره على حدّ قولهم هو أَحسنُ الفتيان وأَجْمَله، يريد: وأَجملهم، وكذا قوله فإِن الأَقصرين أَمازره يريد أَمازِرُهم، وواحدُ أَمازِرَ أَمْزَرُ، مثل أَقاصِرَ وأَقْصَر في البيت المتقدم، والأَمْزَرُ هو أَفعل، من قولك: مَزُرَ الرجلُ مَزارة، فهو مَزِيرٌ، وهو أَمْزَرُ منه، وهو الصُّلْبُ الشديد والشَّرْمَحُ الطويل. وأَما قولهم في المثل: لا يُطاعُ لقَصِيرٍ أَمرٌ، فهو قَصِيرُ بن سَعْد اللَّخْمِيّ صاحب جَذِيمَة الأَبْرَشِ. وفرس قَصِيرٌ أَي مُقْرَبَةٌ لا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ لنفاستها؛ قال مالك بن زُغْبة، وقال ابن بري: هو لزُغْبَةَ الباهليّ وكنيته أَبو شقيق، يصف فرسه وأَنها تُصانُ لكرامتها وتُبْذَلُ إذا نزلت شِدَّةٌ:

وذاتِ مَناسِبٍ جَرْداءَ بِكْرٍ

 

كأَنَّ سَراتَها كَرٌّ مَشـيِقُ

تُنِيفُ بصَلْهَبٍ للخيلِ عالٍ

 

كأَنَّ عَمُودَه جِذْعٌ سَحُوقُ

تَراها عند قُبَّتِنا قَصِـيراً،

 

ونَبْذُلُها إذا باقتْ بَـؤُوقُ

البَؤُوقُ: الداهيةُ. وباقَتْهم: أَهْلَكَتْهم ودهَتْهم. وقوله: وذاتُ مَناسب يريد فرساً منسوبة من قِبَلِ الأَب والأُم. وسَراتُها: أَعلاها.والكَرُّ، بفتح الكاف هنا: الحبل. والمَشِيقُ: المُداوَلُ. وتُنِيفُ: تُشْرِفُ. والصَّلْهَبُ: العُنُق الطويل. والسَّحُوقُ من النخل: ما طال. ويقال للمَحْبُوسة من الخيل: قَصِير؛ وقوله:

لو كنتُ حَبْلاً لَسَقَيْتُها بِيَهْ

 

أَو قاصِراً وَصَلْتُه بثَوْبِيَهْ

قال ابن سيده: أُراه على النَّسَب لا على الفعل، وجاء قوله ها بيه وهو منفصل مع قوله ثوبيه لأَن أَلفها حينئذ غير تأْسيس، وإِن كان الروي حرفاً مضمراً مفرداً، إِلا أَنه لما اتصل بالياء قوي فأَمكن فصله.
وتَقَاصَرَ: أَظْهَرَ القِصَرَ. وقَصَّرَ الشيءَ: جعله قَصِيراً. والقَصِيرُ من الشَّعَر: خلافُ الطويل. وقَصَرَ الشعرَ: كف منه وغَضَّ حتى قَصُرَ. وفي التنزيل العزيز: مُحَلِّقِين رُؤُوسَكم ومُقَصِّرينَ؛ والاسم منه القِصارُ؛ عن ثعلب. وقَصَّرَ من شعره تَقْصِيراً إذا حذف منه شيئاً ولم يستأْصله. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه مر برجل قد قَصَّر الشَّعَر في السوق فعاقَبه؛ قَصَّرَ الشعَرَ إذا جَزَّه، وإِنما عاقبه لأَن الريح تحمله فتلقيه في الأَطعمة.وقال الفراء: قلت لأَعرابي بمنى: آلْقِصارُ أَحَبُّ إِليك أَم الحَلْقُف يريد: التقصيرُ أَحَبُّ إِليك أَم حلق الرأْس.
وإِنه لقَصِير العِلْم على المَثَل.
والقَصْرُ: خلاف المَدِّ، والفعلُ كالفعل والمصدر كالمصدر. والمَقْصُور: من عروض المديد والرمل ما أُسْقِطَ آخِرُه وأُسْكِنَ نحو فاعلاتن حذفت نونه وأُسكنت تاؤه فبقي فاعلات فنقل إِلى فاعلان، نحو قوله: لا يَغُرَّنَّ امْرَأً عَيْشُه، كلُّ عَيْشٍ صائرٌ للزَّوالْ وقوله في الرمل:

أَبِلِغِ النُّعمانَ عَنِّي مَأْلُـكـاً:

 

انَّنِي قد طالَ حَبْسِي وانْتِظارْ

قال ابن سيده: هكذا أَنشده الخليل بتسكين الراء ولو أَطلقه لجاز، ما لم يمنع منه مخافةُ إِقواء؛ وقول ابن مقبل:

نازعتُ أَلبابَها لُبِّي بمُقْتَـصِـرٍ

 

من الأَحادِيثِ، حتى زِدْنَني لِينا

إِنما أَراد بقَصْر من الأَحاديث فزِدْنَني بذلك لِيناً. والقَصْرُ: الغاية؛ قاله أَبو زيد وغيره؛ وأَنشد:

عِشْ ما بدا لك، قَصْرُكَ المَوْتُ

 

لا مَعْقِـلٌ مـنـه ولا فَـوْتُ

بَيْنا غِنى بَـيْتٍ وبَـهْـجَـتِـه

 

زال الغِنى وتَقَوَّضَ الـبَـيْتُ

وفي الحديث: من شَهِدَ الجمعة فصَلى ولم يُؤذ أَحداً بقَصْرِه إِن لم يُغْفَرْ له جُمْعَتَه تلك ذُنوبُه كلُّها أَن تكون كفارتُه في الجمعة التي تليها أَي غايته. يقال: قَصْرُك أَن تفعل كذا أَي حسبك وكفايتك وغايتك، وكذلك قُصارُك وقُصارَاك، وهو من معنى القَصْرِ الحَبْسِ لأَنك إذا بلغت الغاية حَبَسَتْك، والباء زائدة دخلت على المبتدإِ دُخُولَها في قولهم: بحسبك قولُ السَّوْءِ، وجمعته منصوبة على الظرف. وفي حديث معاذ: فإِنَّ له ما قَصَرَ في بيته أَي ما حَبَسَه. وفي حديث أَسماء الأَشْهَلِيَّة: إِنا مَعْشَرَ النساء، محصوراتٌ مقصوراتٌ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِذا هم رَكْبٌ قد قَصَر بهم الليلُ أَي حبسهم. وفي حديث ابن عباس: قُصِرَ الرجالُ على أَربع من أَجل أَموال اليتامى أَي حُبِسُوا أَو منعوا عن نكاح أَكثر من أَربع. ابن سيده: يقال قَصْرُك وقُصارُك وقَصارُك وقُصَيْراكَ وقُصارَاكَ أَن تفعل كذا أَي جُهْدُك وغايتُك وآخرُ أَمرك وما اقْتَصَرْتَ عليه؛ قال الشاعر:

لها تَفِراتٌ تَحْتَها، وقُصارُهـا

 

إِلى مَشْرَةٍ لم تُعْتَلَقْ بالمَحاجِنِ

وقال الشاعر:

إِنما أَنْـفُـسُـنـا عـارِيَّةٌ

 

والعَوارِيُّ قُصارَى أَن تُرَدّ

ويقال: المُتَمَنِّي قُصاراه الخَيْبةُ. والقَصْرُ كَفُّك نَفْسَك عن أَمر وكفُّكها عن أَن تطمح بها غَرْبَ الطَّمَع. ويقال: قَصَرْتُ نفسي عن هذا أَقْصُرها قَصْراً. ابن السكيت: أَقْصَر عن الشيءِ إذا نَزَع عنه وهو يَقْدِر عليه، وقَصَر عنه إذا عجز عنه ولم يستطعه، وربما جاءَا بمعنى واحد إِلا أَن الأَغلب عليه الأَول؛ قال لبيد:

فلستُ، وإِن أَقْصَرْتُ عنه، بمُقْصِر

قال المازني: يقول لستُ وإِن لمتني حتى تُقْصِرَ بي بمُقْصِرٍ عما أُريد؛ وقال امرؤ القيس:

فتُقْصِرُ عنها خَطْوَة وتَبوصُ

ويقال: قَصَرْتُ بمعنى قَصَّرْت؛ قال حُمَيْد:

فلئن بَلَغْتُ لأَبْلُغَنْ مُتَـكَـلِّـفـاً

 

ولئن قَصَرْتُ لكارِهاً ما أَقْصُرُ

وأَقْصَر فلان عن الشيء يُقْصِرُ إِقصاراً إذا كفَّ عنه وانتهى.
والإِقْصار: الكف عن الشيء. وأَقْصَرْتُ عن الشيء: كففتُ ونَزَعْتُ مع القدرة عليه، فإِن عجزت عنه قلت: قَصَرْتُ، بلا أَلف. وقَصَرْتُ عن الشيء قصوراً: عجزت عنه ولم أَبْلُغْهُ. ابن سيده: قَصَرَ عن الأَمر يَقْصُر قُصُوراً وأَقْصَر وقَصَّرَ وتَقَاصَر، كله: انتهى؛ قال:

إِذا غَمَّ خِرْشاءُ الثُّمالَةِ أَنْفَـه

 

تَقاصَرَ منها للصَّرِيحَ فأَقْنَعا

وقيل: التَّقاصُر هنا من القِصَر أَي قَصُر عُنُقُه عنها؛ وقيل: قَصَرَ عنه تركه وهو لا يقدر عليه، وأَقْصَرَ تركه وكف عنه وهو يقدر عليه.
والتَّقْصِيرُ في الأَمر: التواني فيه. والاقْتصارُ على الشيء: الاكتفاء به. واسْتَقْصَره أَي عَدَّه مُقَصِّراً، وكذلك إذا عَدَّه قَصِيراً.
وقَصَّرَ فلانٌ في حاجتي إذا وَنى فيها؛ وقوله أَنشده ثعلب: يقولُ وقد نَكَّبْتُها عن بلادِها:

أَتَفْعَلُ هذا يا حُيَيُّ على عَمْدِ

فقلتُ له: قد كنتَ فيها مُقَصِّراً،

وقد ذهبتْ في غير أَجْرٍ ولا حَمْدِ

قال: هذا لِصٌّ؛ يقول صاحب الإِبل لهذا اللِّص: تأْخذ إِبلي وقد عرفتها، وقوله: فقلت له قد كنت فيها مقصِّراً، يقول كنت لا تَهَبُ ولا تَسْقي منها قال اللحياني: ويقال للرجل إذا أَرسلته في حاجة فَقَصَر دون الذي أَمرته به إِما لحَرّ وإِما لغيره: ما منعك أَن تدخل المكان الذي أَمرتك به إِلا أَنك أَحببت القَصْرَ والقَصَرَ والقُصْرَةَ أَي أَن تُقَصِّرَ.
وتَقاصَرتْ نَفْسُه: تضاءلت. وتَقَاصَر الظلُّ: دنا وقَلَصَ.
وقَصْرُ الظلام: اختلاطُه، وكذلك المَقْصَر، والجمع المَقاصر؛ عن أَبي عبيد؛ وأَنشد لابن مقبل يصف ناقته:

فَبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، وبعدما

 

كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَـنَـوِّرِ

قال خالد بن جَنْيَة: المقاصِرُ أُصولُ الشجر، الواحد مَقْصُور، وهذا البيت ذكره الأَزهري في ترجمة وقص شاهداً على وَقَصْتُ الشيء إذا كَسَرْتَه، تَقِصُ المقاصر أَي تَدُقُّ وتكسر. ورَضِيَ بمَقْصِرٍ، بكس الصاد مما كان يُحاوِلُ أي بدونِ ما كان يَطْلُب. ورضيت من فلان بمَقْصِرٍ ومَقْصَرٍ أَي أَمرٍ دُونٍ. وقَصَرَ سهمُه عن الهَدَف قُصُوراً: خَبا فلم ينته إِليه. وقَصَرَ عني الوجعُ والغَضَبُ يَقْصُر قُصُوراً وقَصَّر: سكن، وقَصَرْتُ أَنا عنه، وقَصَرْتُ له من قيده أَقْصُر قَصْراً: قاربت. وقَصَرْتُ الشيء على كذا إذا لن تجاوز به غيره. يقال: قَصَرْتُ اللِّقْحة على فرسي إذا جعلت دَرَّها له. وامرأَة قاصِرَةُ الطَّرْف: لا تَمُدُّه إِلى غير بعلها. وقال أَبو زيد: قَصَرَ فلانٌ على فرسه ثلاثاً أَو أَربعاً من حلائبه يَسْقِيه أَلبانها. وناقة مَقْصورة على العِيال: يشربون لبنها؛ قال أَبو ذؤيب:

قَصَر الصَّبوحَ لها فَشَرَّجَ لَحْمَها

 

بالتيِّ، فهي تَتُوخُ فيه الإِصْبَـعُ

قَصَره على الأَمر قَصْراً: رَدّه إِليه. وقَصَرْتُ السِّتْر: أَرخيته.
وفي حديث إِسلام ثُمامة: فأَبى أَن يُسْلِمَ قَصْراً فأَعتقه، يعني حَبساً عليه وإِجباراً. يقال: قَصَرْتُ نفسي على الشيء إذا حبستها عليه وأَلزمتها إِياه، وقيل: أَراد قهراً وغلبةً، من القسْر، فأَبدل السين صاداً، وهما يتبادلان في كثير من الكلام، ومن الأَول الحديث: ولتَقْصُرَنَّه على الحق قَصْراً. وقَصَرَ الشيءَ يَقْصُره قَصْراً: حبسه؛ ومنه مَقْصُورة الجامع؛ قال أَبو دُواد يصف فرساً:

فَقُصِرْنَ الشِّتاءَ بَعْدُ علـيه

 

وهْو للذَّوْدِ أَن يُقَسَّمْنَ جارُ

أَي حُبِسْنَ عليه يَشْرَبُ أَلبانها في شدة الشتاء. قال ابن جني: هذا جواب كم، كأَنه قال كم قُصِرْن عليه، وكم ظرف ومنصوبه الموضع، فكان قياسه أَن يقول ستة أَشهر لأَن كم سؤال عن قدرٍ من العدد محصور، فنكرة هذا كافية من معرفته، أَلا ترى أَن قولك عشرون والعشرون وعشروك فائدته في العدد واحدة لكن المعدود معرفة في جواب كم مرة، ونكرة أُخرى، فاستعمل الشتاء وهو معرفة في جواب كم، وهذا تطوّع بما لا يلزم وليس عيباً بل هو زائد على المراد، وإِنما العيب أَن يُقَصِّرَ في الجواب عن مقتضى السؤَال، فأَما إذا زاد عليه فالفضل له، وجاز أَن يكون الشتاء جوباً لكم من حيث كان عدداً في المعنى، أَلا تراه ستة أَشهر؟ قال: ووافقنا أَبو علي، رحمه الله تعالى، ونحن بحلب على هذا الموضع من الكتاب وفسره ونحن بحلب فقال: إِلا في هذا البلد فإِنه ثمانية أَشهر؛ ومعنى قوله:

وهو للذود أَن يقسَّمن جار

أَي أَنه يُجيرها من أَن يُغار عليها فَتُقْسَمَ، وموضع أَن نصبٌ كأَنه قال: لئلا يُقَسَّمْنَ ومن أَن يُقَسَّمْنَ، فَحذف وأَوصل. وامرأَة قَصُورَة وقَصيرة: مَصُونة محبوسة مقصورة في البيت لا تُتْرَكُ أَن تَخْرُج؛ قال كُثَيِّر:

وأَنتِ التي جَبَّبْتِ كـلَّ قَـصِـيرَة

 

إِليَّ، وما تدري بذاك القَـصـائِرُ

عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجالِ، ولـم أُرِد

 

قِصارَ الخُطَى، شَرُّ النساء البَحاتِرُ

وفي التهذيب: عَنَيتُ قَصُوراتِ الحجالِ، ويقال للجارية المَصونة التي لا بُروزَ لها: قَصِيرةٌ وقَصُورَة؛ وأَنشد الفراء:

وأَنتِ التي حببتِ كلَّ قَصُورة

وشَرُّ النساءِ البَهاتِرُ. التهذيب: القَصْرُ الحَبْسُ؛ قال الله تعالى: حُورٌ مقصورات في الخيام، أَي محبوسات في خيام من الدُّرِّ مُخَدَّرات على أَزواجهن في الجنات؛ وامرأَة مَقْصورة أَي مُخَدَّرة. وقال الفرّاء في تفسير مَقْصورات، قال: قُصِرْنَ على أَزواجهن أَي حُبِسْن فلا يُرِدْنَ غيرهم ولا يَطْمَحْنَ إِلى من سواهم. قال: والعرب تسمي الحَجَلَةَ المقصورةَ والقَصُورَةَ، وتسمي المقصورة من النساء القَصُورة، والجمع القَصائِرُ، فإِذا أَرادوا قِصَرَ القامة قالوا: امرأَة قَصِيرة، وتُجْمَعُ قِصاراً. وأَما قوله تعالى: وعندهم قاصراتُ الطَّرْفِ أَترابٌ؛ قال الفراء:قاصراتُ الطَّرْف حُورٌ قد قَصَرْنَ أَنفسهنَّ على أَزواجهن فلا يَطْمَحْنَ إِلى غيرهم؛ ومنه قول امرئ القيس:

من القاصراتِ الطَّرْفِ، لو دَبَّ مُحْوِلٌ

 

من الذَّرِّ فوقَ الإِتْبِ منـهـا لأَثَّـرا

وقال الفراء: امرأَة مَقْصُورة الخَطْوِ، شبهت بالمقيَّد الذي قَصَرَ القيدُ خَطوَه، ويقال لها: قَصِيرُ الخُطى؛ وأَنشد:

قَصِيرُ الخطى ما تَقْرُبُ الجِيرَةَ القُصَى

 

ولا الأَنَسَ الأَدْنَـيْنَ إِلا تَـجَـشُّـمـا

التهذيب: وقد تُجْمَعُ القَصِيرةُ من النساء قِصارَةً؛ ومنه قول الأَعشى:

لا ناقِصِي حَسَبٍ ولا

 

أَيْدٍ،إِذا مدَّتْ قِصارَه

قال الفراء: والعرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعالٍ، يقولون: الجِمالَةُ والحِبالَة والذِّكارَة والحِجارة، قال: جِمالاتٌ صُفْرٌ. ابن سيده: وأَما قول الشاعر:

وأَهْوى من النِّسْوانِ كلَّ قَصِيرةٍ

 

لها نَسَبٌ، في الصالحين، قَصِيرُ

فمعناه أَنه يَهْوى من النساء كل مقصورة يُغْنى بنسبها إِلى أَبيها عن نَسَبها إِلى جَدِّها. أَبو زيد: يقال أَبْلِغ هذا الكلامَ بني فلان قَصْرَةً ومَقْصُورةً أَي دون الناس، وقد سميت المَقْصورة مَقْصُورَةً لأَنها قُصِرَت على الإِمام دون الناس. وفلان قَصِيرُ النسب إذا كان أَبوه معروفاً إِذ ذِكْره للابن كفايةٌ عن الانتماء إِلى الجد الأَبعد؛ قال رؤبة:

قد رَفَعَ العَجَّاجُ ذِكْري فادْعُنـي

 

باسْمٍ، إذا الأَنْسابُ طالتْ، يَكفِني

ودخل رُؤْبةُ على النَّسَّابة البَكْريّ فقال: من أَنتف قال: رؤبة بن العجاج. قال: قُصِرْتَ وعُرِفْتَ. وسَيْلٌ قَصِير: لا يُسِيل وادِياً مُسَمّىً إِنما يُسِيلُ فُرُوعَ الأَوْدِية وأَفْناءَ الشِّعابِ وعَزَازَ الأَرضِ. والقَصْرُ من البناء: معروف، وقال اللحياني: هو المنزل، وقيل: كل بيت من حَجَر، قُرَشِيَّةٌ، سمي بذلك لأَنه تُقصَرُ فيه الحُرَمُ أَي تُحْبس، وجمعه قُصُور. وفي التنزيل العزيز: ويجْعَل لك قُصُوراً.
والمَقْصُورة: الدار الواسعة المُحَصَّنَة،وقيل: هي أَصغر من الدار، وهو من ذلك أَيضاً. والقَصُورَةُ والمَقْصورة: الحَجَلَةُ؛ عن اللحياني. الليث: المَقْصُورَة مقام الإِمام، وقال: إذا كانت دار واسعة مُحَصَّنة الحيطان فكل ناحية منها على حِيالِها مَقْصُورة، وجمعها مَقاصِرُ ومَقاصِيرُ؛ وأَنشد:

ومن دونِ لَيْلى مُصْمَتاتُ المَقاصِرِ

المُصْمَتُ: المُحْكَمُ. وقُصارَةُ الدار: مَقْصُورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار. قال أُسَيْدٌ: قُصارَةُ الأَرض طائفة منها قَصِيرَة قد علم صاحبها أَنها أَسْمَنُها أَرضاً وأَجودُها نبتاً قدر خمسين ذراعاً أَو أَكثر، وقُصارَةُ الدار: مَقْصورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار، قال: وكان أَبي وعمي على الحِمى فَقَصَرَا منها مقصورة لا يطؤها غيرهما. واقْتَصَرَ على الأَمر: لم يُجاوزه.
وماء قاصِرٌ أَي بارد. وماء قاصِرٌ: يَرْعى المالُ حولَه لا يجاوزه، وقيل: هو البعيد عن الكلإِ. ابن السكيت: ماء قاصِرٌ ومُقْصِرٌ إذا كان مَرْعاه قريباً؛ وأَنشد:

كانتْ مِياهِي نُزُعاً قَواصِرَا

 

ولم أَكنْ أُمارِسُ الجَرائرا

والنُّزُعُ: جمع النَّزُوعِ، وهي البئر التي يُنْزَعُ منها باليدين نَزْعاً، وبئر جَرُورٌ: يستقى منها على بعير؛ وقوله أَنشده ثعلب في صفة نخل:

فهُنَّ يَرْوَيْنَ بطَلٍّ قَاصِرِ

قال: عَنى أَنها تشرب بعروقها. وقال ابن الأَعرابي: الماء البعيد من الكلإِ قاصِرٌ باسِطٌ ثم مُطْلِبٌ. وكَلأ قاصِرٌ: بينه وبين الماء نَبْحَةُ كلب أَو نَظَرُك باسِطاً. وكَلأ باسِطٌ: قريب؛ وقوله أَنشده ثعلب:

إِليكِ ابْنَةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالَةَ الر

 

جالِ، وأَصْلالُ الرجالِ أَقاصِرُهْ

لم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه عنى حَبائسَ قَصائِرَ.
والقُصارَةُ والقِصْرِيُّ والقَصَرَة والِقُصْرى والقَصَرُ؛ الأَخيرة عن اللحياني: ما يَبْقى في المُنْخُلِ بعد الانتخال، وقيل: هو ما يَخْرُجُ من القَثِّ وما يبقى في السُّنْبُل من الحب بعد الدَّوْسَةِ الأُولي، وقيل: القِشْرتان اللتان على الحَبَّة سُفْلاهما الحَشَرَةُ وعُلْياهما القَصَرة. الليث: والقَصَرُ كَعابِرُ الزرع الذي يَخْلُص من البُرِّ وفيه بقية من الحب، يقال له القِصْرَى، على فِعْلى. الأَزهري: وروى أَبو عبيد حديثاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في المُزارَعة أَن أَحدهم كان يَشْتَرِطُ ثلاثة جَداوِلَ والقُصارَةَ؛ القُصارَةُ، بالضم: ما سَقى الربيعُ، فنه النبي،صلى الله عليه وسلم، عن ذلك. قال أَبو عبيد: والقُصارة ما بقي في السنبل من الحب مما لا يتخلص بعدما يداس، قال: وأَهل الشام يسمونه القِصْرِيَّ بوزن القِبْطِيِّ، قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنيه ابن هاجَك عن ابن جَبَلة عن أَبي عبيد، بكسر القاف وسكون الصاد وكسر الراء وتشديد الياء، قال: وقال عثمان ابن سعيد: سمعت أَحمد بن صالح يقول هي القُصَرَّى إذا دِيسَ الزرعُ فغُرْبِل، فالسنابل الغليظة هي القُصَرَّى، على فُعَلَّى.
وقال اللحياني: نُقِّيَتْ من قَصَره وقَصَلِه أَي من قُماشِه. وقال أَبو عمرو: القَصَلُ والقَصَرُ أَصل التبن. وقال ابن الأَعرابي: القَصَرةُ قِشْر الحبة إذا كانت في السنبلة، وهي القُصارَةُ. وذكر النضر عن أَبي الخطاب أَنه قال: الحبة عليها قشرتان: فالتي تلي الحبة الحَشَرَةُ، والتي فوق الحَشَرة القَصَرَةُ. والقَصَرُ: قِشْر الحنطة إذا يبست. والقُصَيْراة: ما يبقى في السنبل بعدما يداس. والقَصَرَة، بالتحريك: أَصل العنق. قال اللحياني: إِنما يقال لأَصل العنق قَصَرَة إذا غَلُظَت، والجمع قَصَرٌ؛ وبه فسر ابن عباس قوله عز وجل: إِنها تَرْمي بشَرَرٍ كالقَصَر، بالتحريك؛ وفسره قَصَرَ النخلِ يعني الأَعْناقَ. وفي حديث ابن عباس في وقوله تعالى: إِنها ترمي بشرر كالقصر؛ هو بالتحريك، قال: كنا نرفع الخشب للشتاء ثلاث أَذرع أَو أَقل ونسميه القَصَر، ونريد قَصَر النخل وهو ما غَلُظَ من أَسفلها أَو أَعناق الإِبل، واحدتها قَصَرة؛ وقيل في قوله بشرر كالقَصَر، قيل: أَقصارٌ جمعُ الجمع. وقال كراع: القَصَرة أَصل العنق، والجمع أَقصار، قال: وهذا نادر إِلا أَن يكون على حذف الزائد. وفي حديث سلْمانَ: قال لأَبي سفيان وقد مر به: لقد كان في قَصَرة هذا موضع لسيوف المسلمين، وذلك قبل أَن يسلم، فإِنهم كانوا حِراصاً على قتله، وقيل: كان بعد إِسلامه. وفي حديث أَبي رَيْحانة: إِني لأَجِدُ في بعض ما أُنْزِلَ من الكتب الأَقْبَلُ القَصِيرُ القَصَرةِ صاحبُ العِراقَيْنِ مُبَدِّلُ السُّنَّة يلعنه أَهلُ السماء وأَهل الأَرض، وَيْلٌ له ثم ويل له، وقيل: القَصَر أَعناق الرجال والإِبل؛ قال:

لا تَدْلُكُ الشمسُ إِلاَّ حذْوَ مَنْكِـبِـه

 

في حَوْمَةٍ تَحْتَها الهاماتُ والقَصَرُ

وقال الفراء في قوله تعالى: إِنها ترمي بشَرَرٍ كالقَصْر، قال: يريد القَصْر من قُصُورِ مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان. قال: ومثله: سَيُهْزَمُ الجمع ويُولُّون الدُّبُرَ، معناه الأَدبار، قال: ومن قرأَ كالقَصَر، فهو أَصل النخل، وقال الضحاك: القَصَرُ هي أُصول الشجر العظام. وفي الحديث: من كان له بالمدينة أَصلٌ فلْيَتَمَسَّك به، ومن لم يكن فليجعل له بها أَصلاً ولو قَصَرةً؛ القَصَرةُ، بالفتح والتحريك: أَصل الشجرة، وجمعها قَصَر؛ أَراد فليتخذ له بها ولو أَصل نخلة واحدة. والقَصَرة أَيضاً: العُنُق وأَصل الرقبة. قال: وقرأَ الحسن كالقَصْر، مخففاً، وفسره الجِذْل من الخشب، الواحدة قَصْرة مثل تمر وتمرة؛ وقال قتادة: كالقَصَرِ يعني أُصول النخل والشجر. النَّضِر: القِصارُ مِيْسَمٌ يُوسَمُ به قَصَرةُ العُنق.
يقال: قَصَرْتُ الجمل قَصْراً، فهو مَقْصورٌ. قال: ولا يقال إِبل مُقَصَّرة. ابن سيده: القِصارُ سِمَة على القَصَر وقد قَصَّرها. والقَصَرُ: أُصول النخل والشجر وسائر الخشب، وقيل: هي بقايا الشجر، وقيل: إِنها ترمي بشرر كالقَصْر، وكالقَصَر، فالقَصَر: أُصول النخل والشجر، والقَصْر من البناء، وقيل: القَصْر هنا الحطب الجَزْلُ؛ حكاه اللحياني عن الحسن. والقَصْرُ: المِجْدَلُ وهو الفَدَنُ الضخمُ، والقَصَرُ: داء يأْخذ في القَصَرة.
وقال أَبو معاذ النحوي: واحد قَصَر النخل قَصَرة، وذلك أَن النخلة تُقْطَعُ قَدْرَ ذراع يَسْتَوْقِدُون بها في الشتاء، وهو من قولك للرجل: إِنه لتَامُّ القَصَرَةِ إذا كان ضَخْمَ الرَّقَبة، والقَصَرُ يُبْسٌ في العنق؛ قَصِرَ، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً، فهو قَصِرٌ وأَقْصَرُ، والأُنثى قَصْراء؛ قال ابن السكيت: هو داء يأْخذ البعير في عنقه فيلتوي فَيُكْتَوَى في مفاصل عنقه فربما بَرَأَ. أَبو زيد: يقال قَصِرَ الفرسُ يَقْصَرُ قَصَراً إذا أَخذه وجع في عنقه، يقال: به قَصَرٌ. الجوهري: قَصِرَ الرجلُ إذا اشتكى ذلك. يقال: قَصِرَ البعير، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً.
والتِّقْصارُ والتِّقْصارَة، بكسر التاء: القِلادة للزومها قَصَرَةَ العُنق، وفي الصحاح: قلادة شبيهة بالمِخْنَقَة، والجمع التَّقاصِيرُ؛ قال عَدِيُّ بن زيد العِبَادي:

ولها ظَبْـيٌ يُؤَرِّثُـهـا

 

عاقِدٌ في الجِيدِ تِقْصارا

وقال أَبو وَجْزة السَّعْدِي:

وغَدا نوائحُ مُعْوِلات بالضَّحى

 

وُرْقٌ تَلُوحُ، فكُلُّهُنَّ قِصارُها

قالوا: قِصارُها أَطواقها. قال الأَزهري: كأَنه شبه بقِصارِ المِيْسَمِ، وهو العِلاطُ. وقال نُصَير: القَصَرَةُ أَصل العنق في مُرَكَّبِهِ في الكاهل وأَعلى اللِّيتَيْنِ، قال: ويقال لعُنُقِ الإِنسانِ كلِّه قَصَرَةٌ.
والقَصَرَةُ: زُبْرَةُ الحَدَّادِ؛ عن قُطْرُب. الأَزهري: أَبو زيد: قَصَرَ فلانٌ يَقْصُرُ قَصْراً إذا ضم شيئاً إِلى أَصله الأَوّل؛ وقَصَرَ قَيْدَ بعيره قَصْراً إذا ضيقه، وقَصَرَ فلانٌ صلاتَه يَقْصُرها قَصْراً في السفر. قال الله تعالى: ليس عليكم جُناحٌ أَن تَقْصُروا من الصلاة، وهو أَن تصلي الأُولى والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين، فأَما العشاءُ الأُولى وصلاة الصبح فلا قَصْرَ فيهما، وفيها لغات: يقال قَصَرَ الصلاةَ وأَقْصَرَها وقَصَّرَها، كل ذلك جائز، والتقصير من الصلاة ومن الشَّعَرِ مثلُ القَصْرِ. وقال ابن سيده: وقَصَرَ الصلاةَ، ومنها يَقْصُر قَصْراً وقَصَّرَ نَقَصَ ورَخُصَ، ضِدٌّ. وأَقْصَرْتُ من الصلاة: لغة في قَصَرْتُ. وفي حديث السهو: أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم نُسِيَت؛ يروى على ما لم يسم فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص. وفي الحديث: قلت لعمر إِقْصارَ الصلاةِ اليومَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية من أَقْصَرَ الصلاةَ، لغة شاذة في قَصَر. وأَقْصَرَتِ المرأَة: ولدت أَولاداً قِصاراً، وأَطالت إذا ولدت أَولاداً طِوالاً. وفي الحديث: إِن الطويلة قد تُقْصِرُ وإِن القَصيرة قد تُطِيل؛ وأَقْصَرتِ النعجةُ والمَعَزُ، فهي مُقْصِرٌ، إذا أَسَنَّتا حتى تَقْصُرَ أَطرافُ أَسنانهما؛ حكاها يعقوب. والقَصْرُ والمَقْصَرُ والمَقْصِرُ والمَقْصَرَةُ: العَشِيّ. قال سيبويه: ولا يُحَقَّرُ القُصَيْرَ، اسْتَغْنوا عن تَحْقيره بتحقير المَساء. والمَقاصِر والمَقاصِير: العشايا؛ الأَخيرة نادرة، قال ابن مقبل:

فبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، بعدما

 

كَرَبَتْ حَياةُ النارِ للمُتَـنَـوِّرِ

وقَصَرْنا وأَقْصَرْنا قَصْراً: دخلنا في قَصْرِ العَشِيِّ، كما تقول: أَمْسَيْنا من المَساء. وقَصَرَ العَشِيُّ يَقْصُر قُصوراً إذا أَمْسَيْتَ؛ قال العَجَّاجُ:

حتى إذا ما قَصَرَ العَشِيُّ

ويقال: أَتيته قَصْراً أَي عَشِيّاً؛ وقال كثير عزة:

كأَنهمُ قَصْراً مَصابيحُ راهِبٍ

 

بمَوْزَنَ، رَوَّى بالسَّلِيط ذُبالَها

همُ أَهلُ أَلواحِ السَّرِيرِ ويمْنِه

 

قَرابِينُ أَرْدافاً لها وشِمالَهـا

الأَردافُ: الملوك في الجاهلية، والاسم منه الرِّدافة، وكانت الرِّدافَةُ في الجاهلية لبني يَرْبوعٍ. والرِّدافَةُ: أَن يجلس الرِّدْف عن يمين الملك، فإِذا شَرِبَ المَلِكُ شَرِبَ الرِّدْفُ بعده قبل الناس، وإِذا غَزا المَلِكُ قعَدَ الرِّدْف مكانه فكان خليفة على الناس حتى يعود المَلِكُ، وله من الغنيمة المِرْباعُ. وقَرابينُ الملك: جُلَساؤه وخاصَّتُه، واحدهم قُرْبانٌ. وقوله: هم أَهل أَلواح السرير أَي يجلسون مع الملك على سريره لنفاستهم وجلالتهم. وجاء فلان مُقْصِراً حين قَصْرِ العِشاء أَي كاد يَدْنُو من الليل؛ وقال ابن حِلِّزَة:

آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَـهـا الـق

 

ناصُ قَصْراً، وقَدْ دنا الإِمْساءُ

ومَقاصِيرُ الطريق: نواحيها،واحدَتُها مَقْصَرة، على غير قياس.
والقُصْرَيانِ والقُصَيْرَيانِ ضِلَعانِ تَلِيانِ الطِّفْطِفَة، وقيل: هما اللتان تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ. والقُصَيرَى: أَسْفَلُ الأَضْلاعِ، وقيل هي الضِّلَعُ التي تلي الشاكلَةَ، وهي الواهِنةُ، وقيل: هي آخر ضِلَعٍ في الجنب. التهذيب: والقُصْرَى والقُصَيْرى الضِّلَعُ التي تلي الشاكلة بين الجنب والبطن؛ وأَنشد:

نَهْدُ القُصَيْرَى يزينُهُ خُصَلُه

وقال أَبو دُواد:

وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْسا

 

ءِ نَبَّاحٍ من الشَّعْب

أَبو الهيثم: القُصَرَى أَسفل الأَضلاع،والقُصَيرَى أَعلى الأَضلاع؛ وقال أَوس:

مُعاوِدُ تأْكالِ الـقَـنِـيصِ، شِـواؤُه

 

من اللحمِ قُصْرَى رَخْصَةٌ وطَفاطِف

قال: وقُصْرَى ههنا اسم، ولو كانت نعتاً لكانت بالأَلف واللام. قال: وفي كتاب أَبي عبيد: القُصَيْرَى هي التي تلي الشاكلة، وهي ضِلَعُ الخَلْفِ؛ فأَما قوله أَنشده اللحياني:

لا تَعْدِليني بظُـرُبٍّ جَـعْـدِ

 

كَزِّ القُصَيْرَى، مُقْرِفِ المَعَدِّ

قال ابن سيده: عندي أَن القُصَيْرَى أَحد هذه الأَشياء التي ذكرنا في القُصَيْرَى؛ قال: وأَما اللحياني فحكى أَن القُصَيْرَى هنا أَصلُ العُنُق، قال: وهذا غير معروف في اللغة إِلا أَن يريد القُصَيْرَة، وهو تصغير القَصَرة من العُنق، فأَبدل الهاء لاشتراكهما في أَنهما علما تأْنيث.
والقَصَرَةُ: الكَسَلُ؛ قال الأَزهري أَنشدني المُنْذرِيُّ رواية عن ابن الأَعرابي:

وصارِمٍ يَقْطَعُ أَغْلالَ القَصَرْ،

كأَنَّ في مَتْنَتِهِ مِلْـحـاً يُذَرّ،

أَوْ زَحْفَ ذَرٍّ دَبَّ في آثارِ ذَرّ

ويروى:

كأَنَّ فَوْقَ مَتْنِهِ ملْحاً يُذَرّ

ابن الأَعرابي: القَصَرُ والقَصارُ الكَسَلُ. وقال أَعرابي: أَردت أَن آتيك فمنعني القَصارُ، قل: والقَصارُ والقُصارُ والقُصْرَى والقَصْرُ، كله أُخْرَى الأُمور. وقَصْرُ المجْدِ: مَعْدِنهُ؛ وقال عَمْرُو ابن كُلْثُوم:

أَباحَ لَنا قُصُورُ المَجْدِ دينا

ويقال: ما رضيت من فلان بِمَقْصَرٍ ومَقْصِرٍ أَي بأَمر من دون أَي بأَمر يسير، ومن زائدة. ويقال: فلان جاري مُقاصِرِي أَي قَصْرُه بحذاء قَصْرِي؛ وأَنشد:

لِتَذْهَبْ إِلى أَقْصى مُباعَدةٍ جَسْرُ

 

فما بي إِليها من مُقاصَرةٍ فَقْرُ

يقول: لا حاجة لي في جوارهم. وجَسْرٌ: من محارب. والقُصَيْرَى والقُصْرَى: ضرب من الأَفاعي، يقال: قُصْرَى قِبالٍ وقُصَيْرَى قِبالٍ.
والقَصَرَةُ: القطعة من الخشب.
وقَصَرَ الثوبَ قِصارَةً؛ عن سيبويه، وقَصَّرَه، كلاهما: حَوَّرَه ودَقَّهُ؛ ومنه سُمِّي القَصَّارُ. وقَصَّرْتُ الثوب تَقْصِيرا مثله.
والقَصَّارُ والمُقَصِّرُ: المُحَوِّرُ للثياب لأَنه يَدُقُّها بالقَصَرَةِ التي هي القِطْعَة من الخشب، وحرفته القِصارَةُ. والمِقْصَرَة: خشبة القَصَّار. التهذيب: والقَصَّارُ يَقْصُر الثوبَ قَصْراً. والمُقَصِّرُ: الذي يُخسُّ العطاءَ ويقلِّله. والتَّقْصيرُ: إِخْساسُ العطية. وهو ابن عمي قُصْرَةً، بالضم، ومَقْصُورةً ابن عمي دِنْيا ودُنْيا أَي داني النسب وكان ابنَ عَمِّه لَحّاً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

رَهْطُ الثِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورةً

قال: مقصورةً، أَي خَلَصُوا فلم يخالطهم غيرهم من قومهم؛ وقال اللحياني: تقال هذه الأَحرف في ابن العمة وابن الخالة وابن الخال. وتَقَوْصَرَ الرجلُ: دخل بعضه في بعض. والقَوْصَرَة والقَوْصَرَّةُ، مخفف ومثقل: وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البَوارِي؛ قال: وينسب إِلى عليّ، كرم الله وجهه:

أَفْلَحَ من كانتْ له قَوْصَرَّه

 

يأْكلُ منا كلَّ يومٍ مَـرَّه

قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً. ابن الأَعرابي: العربُ تَكْنِي عن المرأَة بالقارُورةِ والقَوْصَرَّة. قال ابن بري: وهذا الرجز ينسب إِلى علي؛ عليه السلام، وقالوا: أَراد بالقَوْصَرَّة المرأَة وبالأَكل النكاح. قال ابن بري: وذكر الجوهري أَن القَوْصرَّة قد تخفف راؤها ولم يذكر عليه شاهداً. قال: وذكر بعضهم أَن شاهده قول أَبي يَعْلى المْهَلَّبِي:

وسَائِلِ الأَعْلَم ابـنَ قَـوْصَـرَةٍ

 

مَتَى رَأَى بي عن العُلى قَصْرا؟

قال: وقالوا ابن قَوْصَرة هنا المَنْبُوذ. قال: وقال ابن حمزة: أَهل البصرة يسمون المنبوذ ابن قَوْصَرة، وجد في قَوصَرة أَو في غيرها، قال: وهذا البيت شاهد عليه.
وقَيْصَرُ: اسم ملك يَلي الرُّومَ، وقيل: قَيْصَرُ ملك الروم.
والأُقَيْصِرُ: صنم كان يعبد في الجاهلية؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وأَنْصابُ الأُقَيْصِرِ حين أَضْحَتْ

 

تَسِيلُ، على مَناكِبِها، الدِّمـاءُ

وابن أُقَيْصِر: رجل بصير بالخيل.
وقاصِرُونَ وقاصِرِينَ: موضع، وفي النصب والخفض قاصِرِينَ.

قصص

قَصَّ الشعر والصوف والظفر يقُصُّه قَصّاً وقَصّصَه وقَصّاه على التحويل: قَطعَه. وقُصاصةُ الشعر: ما قُصّ منه؛ هذه عن اللحياني، وطائر مَقْصُوص الجناح. وقُصَاصُ الشعر، بالضم، وقَصَاصُه وقِصاصُه، والضم أَعلى: نهايةُ منبته ومُنْقَطعه على الرأْس في وسطه، وقيل: قُصاصُ الشعر حدُّ القفا، وقيل: هو حيث تنتهي نبْتتُه من مُقدَّمه ومؤخَّره، وقيل: قُصاص الشعر نهايةُ منبته من مُقدَّم الرأْس. ويقال: هو ما استدار به كله من خلف وأَمام وما حواليه، ويقال: قُصاصَة الشعر. قال الأَصمعي: يقال ضربَه على قُصاصِ شعره ومقَصّ ومقاصّ. وفي حديث جابر: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يسجد على قِصاص الشعر وهو، بالفتح والكسر، منتهى شعر الرأْس حيث يؤخذ بالمِقَصّ، وقد اقْتَصَّ وتَقَصّصَ وتقَصّى، والاسم القُصّةُ.
والقُصّة من الفرس: شعر الناصية، وقيل: ما أَقْبَلَ من الناصية على الوجه. والقُصّةُ، بالضم: شعرُ الناصية؛ قال عدي بن زيد يصف فرساً:

له قصّةٌ فَشَغَتْ حـاجِـبَـي

 

ه، والعيْنُ تُبْصِرُ ما في الظُّلَم

ْ وفي حديث سَلْمان: ورأَيته مُقَصَّصاً؛ هو الذي له جُمّة. وكل خُصْلة من الشعر قُصّة. وفي حديث أَنس: وأَنتَ يومئذ غُلامٌ ولك قَرْنانِ أَو قُصّتانِ؛ ومنه حديث معاوية: تنَاوَلَ قُصّةً من شعر كانت في يد حَرَسِيّ. والقُصّة: تتخذها المرأَة في مقدمِ رأْسها تقصُّ ناحيتَيْها عدا جَبِينها.والقَصُّ: أَخذ الشعر بالمِقَصّ، وأَصل القَصِّ القَطْعُ. يقال: قصَصْت ما بينهما أَي قطعت.
والمِقَصُّ: ما قصَصْت به أَي قطعت. قال أَبو منصور: القِصاص في الجِراح مأْخوذ من هذا إذا اقْتُصَّ له منه بِجِرحِه مثلَ جَرْحِه إِيّاه أَو قتْله به.
الليث: القَصُّ فعل القاصّ إذا قَصَّ القِصَصَ، والقصّة معروفة. ويقال: في رأْسه قِصّةٌ يعني الجملة من الكلام، ونحوُه قوله تعالى: نحن نَقُصُّ عليك أَحسنَ القصص؛ أَي نُبَيّن لك أَحسن البيان. والقاصّ: الذي يأْتي بالقِصّة من فَصِّها.
ويقال: قَصَصْت الشيء إذا تتبّعْت أَثره شيئاً بعد شيء؛ ومنه قوله تعالى: وقالت لأُخْته قُصّيه؛ أَي اتّبِعي أَثَرَه، ويجوز بالسين: قسَسْت قَسّاً.
والقُصّةُ: الخُصْلة من الشعر. وقُصَّة المرأَة: ناصيتها، والجمع من ذلك كله قُصَصٌ وقِصاصٌ. وقَصُّ الشاة وقَصَصُها: ما قُصَّ من صوفها. وشعرٌ قَصِيصٌ: مقصوصٌ. وقَصَّ النسّاجُ الثوبَ: قطَع هُدْبَه، وهو من ذلك.
والقُصاصَة: ما قُصَّ من الهُدْب والشعر. والمِقَصُّ: المِقْراض، وهما مِقَصَّانِ. والمِقَصَّان: ما يَقُصّ به الشعر ولا يفرد؛ هذا قول أَهل اللغة، قال ابن سيده: وقد حكاه سيبويه مفرداً في باب ما يُعْتَمل به. وقصَّه يقُصُّه: قطَعَ أَطراف أُذُنيه؛ عن ابن الأَعرابي. قال: وُلدَ لِمَرْأَةٍ مِقْلاتٍ فقيل لها: قُصِّيه فهو أَحْرى أَن يَعِيشَ لكِ أَي خُذي من أَطراف أُذنيه، ففعلَتْ فعاش. وفي الحديث: قَصَّ اللّهُ بها خطاياه أَي نقَصَ وأَخَذ.
والقَصُّ والقَصَصُ والقَصْقَصُ: الصدر من كل شيء، وقيل: هو وسطه، وقيل: هو عَظْمُه. وفي المثل: هو أَلْزَقُ بك من شعرات قَصِّك وقَصَصِك.
والقَصُّ: رأْسُ الصدر، يقال له بالفارسية سَرِسينه، يقال للشاة وغيرها.
الليث: القص هو المُشاشُ المغروزُ فيه أَطرافُ شراسِيف الأَضلاع في وسط الصدر؛ قال الأَصمعي: يقال في مثل: هو أَلْزَمُ لك من شُعَيْراتِ قَصِّك، وذلك أَنها كلما جُزَّتْ نبتت؛ وأَنشد هو وغيره:

كم تمَشَّشْتَ من قَصٍّ وانْفَـحَةٍ،

 

جاءت إِليك بذاك الأَضْؤُنُ السُّودُ

وفي حديث صَفْوانَ بن مُحْرز: أَنه كان إذا قرأَ: وسيَعْلَمُ الذين ظَلَموا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبون، بَكى حتى نقول: قد انْدَقَّ قَصَصُ زَوْرِه، وهو منبت شعره على صدره، ويقال له القصَصُ والقَصُّ. وفي حديث المبعث: أَتاني آت فقدَّ من قَصِّي إِلى شِعْرتي؛ القصُّ والقَصَصُ: عظْمُ الصدر المغروزُ فيه شَراسِيفُ الأَضلاع في وسطه. وفي حديث عطاء: كَرِه أَن تُذْبَحَ الشاةُ من قَصِّها، واللّه أَعلم. والقِصّة: الخبر وهو القَصَصُ. وقصّ عليّ خبَره يقُصُّه قَصّاً وقَصَصاً: أَوْرَدَه. والقَصَصُ: الخبرُ المَقْصوص، بالفتح، وضع موضع المصدر حتى صار أَغْلَبَ عليه. والقِصَص، بكسر القاف: جمع القِصّة التي تكتب. وفي حديث غَسْل دَمِ الحيض: فتقُصُّه بريقها أَي تعَضُّ موضعه من الثوب بأَسْنانها وريقها ليذهب أَثره كأَنه من القَصّ القطع أَو تتبُّع الأَثر؛ ومنه الحديث: فجاء واقْتصّ أَثَرَ الدم. وتقَصّصَ كلامَه: حَفِظَه. وتقَصّصَ الخبر: تتبّعه. والقِصّة: الأَمرُ والحديثُ. واقْتَصَصْت الحديث: رَوَيْته على وجهه، وقَصَّ عليه الخبَرَ قصصاً. وفي حديث الرؤيا: لا تقُصَّها إِلا على وادٍّ. يقال: قَصَصْت الرؤيا على فلان إذا أَخبرته بها، أَقُصُّها قَصّاً. والقَصُّ: البيان، والقَصَصُ، بالفتح: الاسم. والقاصُّ: الذي يأْتي بالقِصّة على وجهها كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها. وفي الحديث: لا يقصُّ إِلا أَميرٌ أَو مأْمورٌ أَو مُخْتال أَي لا ينبغي ذلك إِلا لأَمير يَعظُ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا، وأَما مأْمورٌ بذلك فيكون حكمُه حكمَ الأَمير ولا يَقُصّ مكتسباً، أَو يكون القاصّ مختالاً يفعل ذلك تكبراً على الناس أَو مُرائياً يُرائي الناس بقوله وعملِه لا يكون وعظُه وكلامه حقيقة، وقيل: أَراد الخطبة لأَن الأُمَراء كانوا يَلونها في الأَول ويَعظون الناس فيها ويَقُصّون عليهم أَخبار الأُمم السالفة. وفي الحديث: القاصُّ يَنْتظر المَقْتَ لما يَعْرِضُ في قِصَصِه من الزيادة والنقصان؛ ومنه الحديث: أَنّ بَني إِسرائيل لما قَصُّوا هَلَكوا، وفي رواية: لما هلكوا قَصُّوا أَي اتكَلوا على القول وتركوا العمل فكان ذلك سببَ هلاكهم، أَو العكس لما هلكوا بترك العمل أَخْلَدُوا إِلى القَصَص.
وقَصَّ آثارَهم يَقُصُّها قَصّاً وقَصَصاً وتَقَصّصَها: تتبّعها بالليل، وقيل: هو تتبع الأَثر أَيَّ وقت كان. قال تعالى: فارتدّا على آثارهما قَصصاً. وكذلك اقْتَصَّ أَثره وتَقَصّصَ، ومعنى فارتدّا على آثارهما قَصَصاً أَي رَجَعا من الطريق الذي سلكاه يَقُصّان الأَثر أَي يتّبعانه؛ وقال أُمية بن أَبي الصلت:

قالت لأُخْتٍ له: قُصِّيهِ عن جُنُبٍ،

 

وكيف يَقْفُو بلا سَهْلٍ ولا جَدَدِ؟

قال الأَزهري: القصُّ اتِّباع الأَثر. ويقال: خرج فلان قَصَصاً في أَثر فلان وقَصّاً، وذلك إذا اقْتَصَّ أَثره. وقيل: القاصُّ يَقُصُّ القَصَصَ لإِتْباعه خبراً بعد خبر وسَوْقِه الكلامَ سوقاً. وقال أَبو زيد: تقَصّصْت الكلامَ حَفِظته.
والقَصِيصَةُ: البعيرُ أَو الدابةُ يُتَّبع بها الأَثرُ. والقَصيصة: الزامِلةُ الضعيفة يحمل عليها المتاع والطعام لضعفها. والقَصيصةُ: شجرة تنبت في أَصلها الكَمأَةُ ويتخذ منها الغِسْل، والجمع قَصائِصُ وقَصِيصٌ؛ قال الأَعشى:

فقلت، ولم أَمْلِكْ: أَبَكْرُ بن وائلٍ،

 

متى كُنْتَ فَقْعاً نابتاً بقَصائِصا؟

وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:

تَصَيَّفَها، حتى إذا لم يَسُغ لها

 

حَلِيّ بأَعْلى حائلٍ وقَصِيص

وأَنشد لعدي بن زيد:

يَجْنِـي لـه الـكَـمْـأَةَ رِبْـعِـيّة،

 

بالخَبْءِ، تَنْدَى في أُصُولِ القَصِيص

وقال مُهاصِر النهشلي:

جَنَيْتُها من مُجْتَنـىً عَـوِيصِ،

 

من مُجْتَنى الإِجْرِدِ والقَصِيصِ

ويروى:

جنيتها من منبِـتٍ عَـوِيصِ،

 

من مَنبت الإِجرد والقصيص

وقد أَقَصَّت الأَرضُ أَي أَنْبَتَتْه. قال أَبو حنيفة: زعم بعض الناس أَنه إِنما سمي قَصيصاً لدلالته على الكمأَة كما يُقْتَصّ الأَثر، قال: ولم أَسمعه، يريد أَنه لم يسمعه من ثقة. الليث: القَصِيص نبت ينبت في أُصول الكمأَة وقد يجعل غِسْلاً للرأْس كالخِطْمِيّ، وقال: القَصِيصة نبت يخرج إِلى جانب الكمأَة.
وأَقَصّت الفرسُ، وهي مُقِصّ من خيل مَقاصَّ: عظُم ولدها في بطنها، وقيل: هي مُقِصّ حتى تَلْقَح، ثم مُعِقٌّ حتى يَبْدو حملها، ثم نَتُوج، وقيل: هي التي امتنعت ثم لَقِحت، وقيل: أَقَصّت الفرس، فهي مُقِصٌّ إذا حملت.
 والإِقْصاصُ من الحُمُر: في أَول حملها، والإِعْقاق آخره. وأَقَصّت الفرس والشاة، وهي مُقِصٌّ: استبان ولدُها أَو حملُها، قال الأَزهري: لم أَسمعه في الشاء لغير الليث. ابن الأَعرابي: لَقِحت الناقة وحملت الشاة وأَقَصّت الفرس والأَتان في أَول حملها، وأَعَقَّت في آخره إذا استبان حملها.
وضرَبه حتى أَقَصَّ على الموت أَي أَشْرف. وأَقْصَصْته على الموت أَي أَدْنَتْه. قال الفراء: قَصَّه من الموت وأَقَصَّه بمعنى أَي دنا منه، وكان يقول: ضربه حتى أَقَصَّه الموت. الأَصمعي: ضربه ضرباً أَقصَّه من الموت أَي أَدناه من الموت حتى أَشرف عليه؛ وقال:

فإِن يَفْخَرْ عليك بها أَمـيرٌ،

 

فقد أَقْصَصْت أُمَّك بالهُزال

أَي أَدنيتها من الموت. وأَقَصَّته شَعُوبٌ إِقْصاصاً: أَشرف عليها ثم نجا.
والقِصاصُ والقِصاصاءُ والقُصاصاءُ: القَوَدُ وهو القتل بالقتل أَو الجرح بالجرح.
والتَّقاصُّ: التناصفُ في القِصَاص؛ قال:

فَرُمْنا القِصَاصَ، وكان التـقـا

 

صُّ حُكماً وعَدْلاً على المُسْلِمينا

قال ابن سيده: قوله التقاص شاذ لأَنه جمع بين الساكنين في الشعر ولذلك رواه بعضهم: وكان القصاصُ؛ ولا نظير له إلا بيت واحد أَنشده الأَخفش:

ولـولا خِـداشٌ أَخَـذْتُ دوا

 

بَّ سَعْدٍ، ولم أُعْطِه ما عليها

قال أَبو إِسحق: أَحسَب هذا البيت إِن كان صحيحاً فهو:

ولولا خـداش أَخـذت دوابِ

 

بَ سعدٍ، ولم أُعْطِه ما عليها

لأَن إِظهار التضعيف جائز في الشعر، أَو: أَخذت رواحل سعد. وتقاصَّ القومُ إذا قاصَّ كل واحد منهم صاحبَه في حساب أَو غيره. والاقْتِصاصُ: أَخْذُ القِصاصِ. والإِقْصاصُ: أَن يُؤْخَذ لك القِصاصُ، وقد أَقَصَّه.
وأَقَصَّ الأَمير فُلاناً من فلان إذا اقْتَصَّ له منه فجرحه مثل جرحه أَو قتَلَه قوَداً. واسْتَقَصَّه: سأَله أَن يُقِصَّه منه. الليث: القِصاصُ والتَّقاصُّ في الجراحات شيءٌ بشيء، وقد اقْتَصَّ من فلان، وقد أَقْصَصْت فلاناً من فلان أَقِصّه إِقْصاصاً، وأَمْثَلْت منه إِمْثالاً فاقتَصَّ منه وامْتَثَل. والاسْتِقْصاص: أَن يَطْلُب أَن يُقَصَّ ممن جرحه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: رأَيت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يُقِصّ من نفسه. يقال: أَقَصَّه الحاكم يُقِصّه إذا مكَّنَه من أَخذ القِصاص، وهو أَن يفعل به مثل فعله من قتل أَو قطع أَو ضرب أَو جرح، والقِصَاصُ الاسم؛ ومنه حديث عمر: رأَيت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أُتِيَ بشَارِبٍ فقال لمُطيع بن الأَسود: اضرِبْه الحَدَّ، فرآه عمرُ وهو يَضْرِبُه ضرباً شديداً فقال: قتلت الرجل، كم ضَرَبْتَه؟ قال سِتِّينَ، فقال عُمر: أَقِصّ منه بِعِشْرِين أَي اجعل شدة الضرب الذي ضرَبْتَه قِصاصاً بالعشرين الباقية وعوضاً عنها.
وحكى بعضهم: قُوصَّ زيد ما عليه، ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه في معنى حوسِبَ بما عليه إِلا أَنه عُدِّيَ بغير حرف لأَن فيه معنى أُغْرِمَ ونحوه. والقَصّةُ والقِصّة والقَصُّ: الجَصُّ، لغة حجازية، وقيل: الحجارة من الجَصِّ، وقد قَصّصَ دارَه أَي جَصّصَها. ومدينة مُقَصَّصة: مَطْليّة بالقَصّ، وكذلك قبر مُقَصَّصٌ. وفي الحديث: نهى رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، عن تَقْصِيص القُبور، وهو بناؤها بالقَصّة. والتَّقْصِيصُ: هو التجْصِيص، وذلك أَن الجَصّ يقال له القَصّة. يقال: قصّصْت البيتَ وغيره أَي جَصّصْته. وفي حديث زينب: يا قَصّةً على مَلْحودَةٍ؛ شَبَّهت أَجسامَهم بالقبور المتخذة من الجَصّ، وأَنفُسَهم بجِيَف الموتى التي تشتمل عليها القبورُ. والقَصّة: القطنة أَو الخرقةُ البيضاء التي تحْتَشي بها المرأَة عند الحيض. وفي حديث الحائض: لا تَغْتَسِلِنَّ حتى تَرَيْنَ القَصّة البَيْضاءَ، يعني بها ما تقدم أَو حتى تخرج القطنة أَو الخرقة التي تحتشي بها المرأَة الحائض، كأَنها قَصّة بيضاء لا يُخالِطُها صُفْرة ولا تَرِيّةٌ، وقيل: إِن القَصّة كالخيط الأَبيض تخرج بعد انقطاع الدم كله، وأَما التَّريّة فهو الخَفِيّ، وهو أَقل من الصفرة، وقيل: هو الشيء الخفي اليسير من الصفرة والكُدْرة تراها المرأَة بعد الاغتسال من الحيض، فأَما ما كان من أَيام الحيض فهو حَيض وليس بِتَرِيّة، ووزنها تَفْعِلة، قال ابن سيده: والذي عندي أَنه إِنما أَراد ماء أَبيض من مَصَالة الحيض في آخره، شبّهَه بالجَصّ وأَنّتَ لأَنه ذهب إِلى الطائفة كما حكاه سيبويه من قولهم لبَنة وعَسَلة.
والقَصّاص: لغة في القَصّ اسم كالجيَّار. وما يَقِصُّ في يده شيء أَي ما يَبْرُدُ ولا يثبت؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

لأُمِّكَ وَيْلةٌ وعليك أُخْرى،

 

فلا شاةٌ تَقِصّ ولا بَعِيرُ

والقَصَاصُ: ضرب من الحمض. قال أَبو حنيفة: القَصاصُ شجر باليمن تَجْرُسُه النحل فيقال لعسلها عَسَلُ قَصَاصٍ، واحدته قَصَاصةٌ. وقَصْقَصَ الشيء: كَسَره.
والقُصْقُصُ والقُصْقُصة، بالضم، والقُصَاقِصُ من الرجال: الغليظُ الشديد مع قِصَر. وأَسد قُصْقُصٌ وقُصْقُصةٌ وقُصاقِصٌ: عظيم الخلق شديد؛ قال:

قُصْقُصة قُصاقِص مُصَدَّرُ،

 

له صَلاً وعَضَلٌ مُنَـقَّـرُ

وقال ابن الأَعرابي: هو من أَسمائه. الجوهري: وأَسد قَصْقاصٌ، بالفتح، وهو نعت له في صوته. والقَصْقاصُ: من أسماء الأَسد، وقيل: هو نعت له في صوته. الليث: القَصْقاصُ نعت من صوت الأَسد في لغة، والقَصْقاصُ أَيضاً: نَعْتُ الحية الخبيثة؛ قال: ولم يجئ بناء على وزن فَعْلال غيره إِنما حَدُّ أَبْنِيةِ المُضاعَفِ على وزن فُعْلُل أَو فُعْلول أَو فِعْلِل أَو فِعْلِيل مع كل مقصور ممدود منه، قال: وجاءت خمس كلمات شواذ وهي: ضُلَضِلة وزُلزِل وقَصْقاص والقلنقل والزِّلزال، وهو أَعمّها لأَن مصدر الرباعي يحتمل أَن يبنى كله على فِعْلال، وليس بمطرد؛ وكل نَعْتٍ رُباعِيٍّ فإِن الشُّعَراء يَبْنُونه على فُعالِل مثل قُصَاقِص كقول القائل في وصف بيت مُصَوَّرٍ بأَنواع التَّصاوير:

فيه الـغُـواةُ مُـصَـوَّرو

 

ن، فحاجِلٌ منهم وراقِـصْ

والفِـيلُ يرْتـكـبُ الـرِّدَا

 

ف عليه، والأَسد القُصاقِصْ

التهذيب: أَما ما قاله الليث في القُصَاقِص بمعنى صوت الأَسد ونعت الحيّة الخبيثة فإِني لم أَجِدْه لغير الليث، قال: وهو شاذٌ إِن صَحَّ. وروي عن أَبي مالك: أَسد قُصاقِصٌ ومُصَامِصٌ وفُرافِصٌ شديد. ورجل قُصَاقِصٌ فُرافِصٌ: يُشَبَّه بالأَسد. وجمل قُصاقِصٌ أَي عظيمٌ. وحيَّة قَصْقاصٌ: خبيث. والقَصْقاصُ: ضرْبٌ من الحمض؛ قال أَبو حنيفة: هو ضعيف دَقِيق أَصفر اللون. وقُصاقِصا الوَرِكَين: أَعلاهما.
وقُصاقِصَةُ: موضع. قال: وقال أَبو عمرو القَصقاص أُشْنان الشَّأْم. وفي حديث أَبي بكر: خَرَجَ زمَنَ الرِّدّة إِلى ذي القَصّةِ؛ هي، بالفتح، موضع قريب من المدينة كان به حصىً بَعَثَ إِليه رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، محمدَ بن مَسْلمة وله ذكر في حديث الردة.

قصع

القَصْعةُ: الضَّخْمةُ تشْبع العشرة، والجمع قِصاعٌ وقِصَعٌ.
والقَصْعُ: ابتلاع جُرَعِ الماء والجِرّة. وقَصَعَ الماءَ قَصْعاً: ابتلعه جَرْعاً. وقَصَعَ الماءُ عطشَه يَقْصَعُه قَصْعاً وقَصَّعَه: سكَّنه وقَتَلَه. وقَصَعَ العطْشانُ غُلَّتَه بالماء إذا سكَّنها؛ قال ذو الرمة يصف الوحش:

فانْصاعَتِ الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائرَها

 

وقد نَشَـحْـنَ فـلا رِيٌّ ولا هِـيمُ

وسيفٌ مِقْصَلٌ ومِقْصَعٌ: قَطّاعٌ. والقَصِيعُ: الرَّحَى. والقَصْعُ: قَتْل الصُّؤابِ والقَمْلةِ بين الظُّفُرَيْنِ. وفي الحديث: نهى أَن تُقْصَعَ القَمْلةُ بالنَّواةِ أَي تقتل. والقَصْعُ: الدلْكُ بالظُفر، وإِنما خصَّ النواة لأَنهم قد كانوا يأْكلونها عند الضرورة. وقَصَعَ الغلامَ قَصْعاً: ضربه بِبُسْطِ كفِّه على رأْسه، وقَصَعَ هامَتَه كذلك، قالوا: والذي يُفْعَلُ به ذلك لا يَشِبُّ ولا يَزْدادُ. وغلام مقصوعٌ وقَصِيعٌ: كادي الشّباب إذا كان قَمِيئاً لا يَشِبُّ ولا يَزْدادُ، وقد قَصُعَ وقَصِعَ قَصاعةً، وجاريةٌ قَصِيعةٌ، بالهاء؛ عن كراع كذلك، وقَصَعَ اللهُ شبابَه: أَكْداه. ويقال للصبي إذا كان بطيءَ الشباب: قَصِيعٌ، يريدون أَنه مُرَدَّدُ الخَلْقِ بعضه إِلى بعض فليس يَطُولُ. وقَصْعُ الجِرّةِ: شِدَّةُ المَضْغ وضمُّ الأَسنان بعضها على بعض. وقَصَعَ البعيرُ بِجِرّته والناقة بِجرّتها يَقْصَعُ قَصْعاً: مَضَغَها، وقيل: هو بعد الدَّسْعِ وقبْلَ المَضْغِ، والدَّسْعُ: أَن تَنْزِعَ الجِرّة من كَرِشِها ثم القَصْعُ بعد ذلك والمضْغُ والإِفاضةُ، وقيل: هو أَن يردّها إِلى جوفه، وقيل: هو أَن يخرجها ويملأَ بها فاه. وفي الحديث: أَنه خطبهم على راحلته وإِنها لتَقْصَعُ بجرّتها؛ قال أَبو عبيد: قَصْعُ الجِرّة شدّة المضْغِ وضمُّ بعض الأَسنان على بعض. أَبو سعيد الضرير: قَصْعُ الناقة الجِرّةَ استِقامة خُروجِها من الجوف إِلى الشِّدقِ غير متقطِّعة ولا نَزْرةٍ، ومتابَعةُ بعضِها بعضاً، وإِنما تفعل الناقةُ ذلك إذا كانت مطمئنة ساكنة لا تسير، فإِذا خافت شيئا قطعت الجِرة ولم تخرجها، قال: وأَصل هذا من تقصيع اليَرْبُوعِ، وهو إِخراجه تراب حجره وقاصِعائِه، فجعل هذه الجرة إذا دَسَعَتْ بها الناقة بمنزلة التراب الذي يخرجه اليربوع من قاصعائه، قال أَبو عبيد: القَصْعُ ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله أَو تَهْشِمَه، قال: ومنه قصعُ القملة. ابن الأَنباري: دسع البعيرُ بِجرّته وقصع بجرته وكَظَمَ بجرته إذا لم يَجْتَرَّ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ما كان لإِحدانا إِلا ثوب واحد تَحِيضُ فيه فإِذا أَصابه شيء من دم قالت بريقها فَقَصَعَتْه؛ قال ابن الأَثير أَي مَصَعَتْه ودلكته بظفرها، ويروى مصعته، بالميم.
وقَصَّعَ الجُرْحُ: شَرِقَ بالدّم.
وتَقَصَّعَ الدُّمَّلُ بالصَّدِيدِ إذا امتَلأَ منه، وقَصَّعَ مثله.
ويقال: قَصَعْتُه قَصْعاً وقَمَعْتُه قَمْعاً بمعنى واحد. وقَصَّعَ الرجلُ بيته إذا لزمه ولم يبرحه؛ قال ابن الرُّقَيّاتِ:

إِنِّي لأُخْلي لَها الـفِـراشَ، إذا

 

قَصَّعَ في حِضْن عِرْسِه الفَرِقُ

والقُصَعةُ والقُصَعاءُ والقاصِعاءُ: جُحْر يَحْفِره اليَرْبُوعُ، فإِذا فرغ ودخل فيه سدّ فمه لئلا يدخل عليه حية أَو دابة، وقيل: هي باب جُحْرِه يَنْقُبُه بعد الدامّاءِ في مواضع أُخر، وقيل: القاصِعاء والقُصَعةُ فم جحر اليربوع أَوّل ما يبتدئ في حفره، ومأْخذه من القَصْع وهو ضم الشيء على الشيء، وقيل: قاصِعاؤه تراب يسدّ به باب الجحر، والجمع قَواصِعُ، شبَّهوا فاعِلاءَ بفاعِلةٍ وجعلوا أَلفي التأْنيث بمنزلة الهاء. وقَصَّعَ الضبُّ: سدّ باب جحره، وقيل: كل سادٍّ مُقَصِّع. وقَصَّعَ الضبُّ أَيضاً: دخل في قاصعائه؛ واستعاره بعضهم للشيطان فقال:

إِذا الشَّيْطانُ قَصَّع في قَفاها

 

تَنَفَّقْناه بالحـبْـلِ الـتُّـؤامِ

قوله تنفقناه أي استخرجناه كاستخراج الضبِّ من نافِقائه. ابن الأَعرابي: قُصَعةُ اليَرْبُوعِ وقاصِعاؤه أَن يَحْفِرَ حَفِيرةً ثم يسد بابها؛ قال الفرزدق يهجو جريراً:

وإِذا أَخَذْتُ بقاصِعائِكَ، لم تَجِدْ

 

أَحَداً يُعِينُكَ غيرَ مَنْ يَتَقَصَّعُ

يقول: إِنما أَنت في ضعفك إذا قَصَدْتُ لكَ كبني يربوع لا يعينك إِلا ضعيف مثلك، وإِنما شبههم بهذا لأَنه عنى جريراً وهو من بني يربوع. وقَصَّعَ الزرْعُ تَقْصيعاً أَي خرج من الأَرض، قال: وإِذا صار له شُعَبٌ قيل: قد شعَّبَ. وقَصَّعَ أَوَّلُ القوم من نَقب الجبل إذا طلَعوا. وقَصَعْتُ الرجلَ قَصْعاً: صَغَّرْتُه وحَقَّرْتُه. وفي حديث مجاهد: كان نَفَسُ آدمَ، عليه السلام، قد آذى أَهلَ السماء فَقَصَعَه اللهُ قَصْعةً فاطمأَن أَي دفعه وكسره. وفي حديث الزبرقان: أَبغض صبياننا إِلينا الأُقَيْصِعُ الكَمرَةِ، وهو تصغير الأَقْصعِ، وهو القصير القُلْفةِ فيكون طرف كمرته بادياً، وروى الأُقَيْعِسُ الذكَرِ.

قصعل

القُصْعُل، مثل الفُرْزُل: اللئيم؛ وأَنشد ابن بري:

قامة القُصْعُلِ الضعيفِ، وكَفٌّ

 

خِنْصَراها كُذَيْنِقـا قَـصَّـار

والقُصْعُل: ولد العقرب، والفاء لغة، وقيل: القِصْعل، بكسر القاف، ولد العقرب والذئب.
واقْصَعَلَّت الشمس: تكبَّدت السماءَ.

قصف

القَصْف: الكسر، وفي التهذيب: كسر القَناة ونحوها نِصفين. قَصَفَ الشيءَ يَقْصِفه قصْفاً: كسره. وفي حديث عائشة تَصِف أَباها، رضي اللّه عنهما: ولا قصَفُوا له قَناة أَي كسروا. وقد قَصِف قصَفاً، فهو قَصِفٌ وقصِيفٌ وأَقْصَفُ. وانقَصَف وتَقَصَّفَ: انكسر، وقيل: قَصِفَ انكسر ولم يَبِن. وانقَصَف: بان؛ قال الشاعر:

وأَسْمَرٌ غيرُ مَجْلُوزٍ على قَصَفِ

وقَصَفتِ الرِّيحُ السفينة. والأَقْصَفُ: لغة في الأَقْصَم، وهو الذي انكسرت ثَنِيّته من النصف. وقصِفت ثنِيّتُه قَصَفاً، وهي قَصْفاء: انكسرت عَرْضاً؛ قال الأَزهري: الذي نعرفه في الذي انكسرت ثنيته من النصف الأَقصم. والقَصْفُ: مصدر قصَفْتُ العُود أَقْصِفُه قَصْفاً إذا كسرته. وقَصِفَ العودُ يَقْصَف قَصَفاً، وهو أَقْصَفُ وقَصِفٌ إذا كان خَوّاراً ضَعِيفاً، وكذلك الرجل رجل قَصِف سريع الانكسار عن النَّجْدةِ؛ قال ابن بري: شاهده قول قَيس بن رِفاعة:

أُولو أَناةٍ وأَحْلامٍ إذا غَضِبُـوا

 

لا قَصِفُونَ ولا سُودٌ رَعابيبُ

ويقال للقوم إذا خَلَوْا عن شيء فَترةً وخِذلاناً: انْقصَفوا عنه. ورجل قصِفُ البَطن عن الجوع: ضَعِيف عن احتماله؛ عن ابن الأعرابي.
وريح قاصِف وقاصِفة: شديدة تُكَسِّر ما مرَّت به من الشجر وغيره. وروي عن عبيد اللّه بن عمرو: الرِّياحُ ثمان: أَربعٌ عذاب وأَربع رحمة، فأَما الرَّحمة فالناشِراتُ والذَّارِياتُ والمُرْسَلاتُ والمُبَشِّرات، وأَما العذاب فالعاصِفُ والقاصِفُ وهما في البحر، والصَّرْصَر والعَقيمُ وهما في البرِّ. وقوله تعالى: أَو يُرسِلَ عليكم قاصفاً من الرِّيح؛ أَي ريحاً تَقْصِف الأَشياء تَكْسِرُها كما تُقْصَف العِيدان وغيرها. وثوب قَصِيف: لا عَرْض له.والقَصْفُ والقَصَفة: هدير البعير وهو شدّة رُغائه. قَصَف البعيرُ يَقْصِفُ قَصْفاً وقُصوفاً وقَصيفاً: صَرَفَ أَنيابه وهَدر في الشَّقْشِقة.
ورَعْدٌ قاصِفٌ: شديد الصوت. قال أَبو حنيفة: إذا بلَغ الرَّعد الغاية في الشدَّة فهو القاصف، وقد قصَف يقصِف قصْفاً وقَصيفاً. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وضَرْبه البحر: فانتَهى إليه وله قَصِيف مَخافة أَن يَضْرِبه بعَصاه، أَي صوت هائل يُشبه صوت الرَّعْد؛ ومنه قولهم:رَعْد قاصِف أَي شديد مُهْلك لصوته. والقَصْف: اللَّهْو واللَّعِب، ويقال: إنها مُولَّدة. والقَصْفُ: الجَلَبة والإعْلان باللهو. وقَصَفَ علينا بالطَّعام يَقْصِف قَصْفاً: تابَعَ. ابن الأَعرابي: القُصُوف الإقامة في الأَكل والشرب.
والقَصْفة: دَفْعة الخيل عند اللِّقاء. والقَصْفةُ: دَفْعة الناس وقَضَّتُهم وزَحْمتهم، وقد انْقَصَفوا، وربما قالوه في الماء. وقَصْفة القوم: تَدافُعُهم وازدحامهم. وفي الحديث يرويه نابغة بني جَعدةَ عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: أَنا والنبيون فُرَّاطٌّ لقاصِفينَ، وذلك على باب الجنة؛ قال ابن الأَثير: هم الذين يزدحمون حتى يَقْصِف بعضهم بعضاً، من القَصْف الكسرِ والدَّفْعِ الشديد، لفَرْط الزِّحام؛ يريد أَنهم يتقدَّمون الأُممَ إلى الجنة وهم على إثرهم بِداراً مُتدافعين ومُزْدَحِمين. وقال غيره: الانْقِصافُ الانْدِفاع. يقال: انْقَصَفوا عنه إذا تركوه ومرُّوا؛ معنى الحديث أَن النبيين يتقدمون أُممهم في الجنة والأُمم على أَثرهم يبادرون دخولها فيَقْصِفُ بعضُهم بعضاً أَي يَزْحَمُ بعضُهم بعضاً بِداراً إليها. وقال ابن الأَنباري: معناه أَنا والنبيون متقدمون في الشفاعة كثيرين متدافعين مُزْدَحِمين. ويقال: سمعت قَصْفة الناسِ أَي دَفْعَتهم وزَحْمتَهم؛ قال العجاج:

كقَصْفةِ الناسِ من المُحْرَنْجِمِ

وروي في حديث عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: لما يَهُمُّني من انْقِصافهم على باب الجنة أَهَمُّ عندي من تمام شفاعَتي؛ قال ابن الأَثير: أَي أَنّ اسْتِسْعادَهم بدخول الجنة وأَن يَتِمَّ لهم ذلك أَهمُّ عندي من أَن أَبلغ أَنا منزلة الشافعين المُشَفَّعين، لأَن قبول شفاعته كرامة له، فوصولهم إلى مبتغاهم آثَرُ عنده من نَيل هذه الكرامة لفَرْط شفَقته، صلى اللّه عليه وسلم، على أُمته. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: كان يصلي ويَقرأُ القرآن فتَتَقَصَّفُ عليه نساء المشركين وأَبناؤهم أَي يَزْدَحِمون.
وفي حديث اليهوديّ: لما قَدِمَ المدينة قال: تركت بني قَيْلة يَتَقاصَفون على رجل يزعم أَنه نبي. وفي الحديث: شَيَّبَتْني هُود وأَخواتُها قَصَّفْن عليَّ الأُمم أَي ذُكر لي فيها هلاك الأُمم وقُصّ عليَّ فيها أَخبارهم حتى تقاصَف بعضُها على بعض، كأَنَّها ازدحمت بِتتابُعها. ورجل صَلِفٌ قَصِفٌ:كأَنه يُدافع بالشرّ. وانْقَصفُوا عليه: تتابَعُوا.
والقَصْفةُ: رِقَّةٌ تخرج في الأَرْطى، وجمعها قَصْفٌ، وقد أَقْصَفَ، وقيل: القَصْفة قِطعة من رمل تَتَقَصَّف من مِعْظَمِه؛ حكاه ابن دريد، والجمع قَصْف وقُصْفانٌ مثل تَمْرة وتَمْر وتُمْران، والقَصْفة: مِرْقاة الدرجة مثل القَصْمة، وتسمى المرأَة الضَّخْمة القِصاف. وفي الحديث: خرج النبي، صلى اللّه عليه وسلم، على صَعْدةٍ يتبعها حُذاقيٌّ عليها قوْصَفٌ لم يَبق منه إلا قَرْقَرُها؛ قال: والصَّعْدة الأَتانُ، الحُذاقيُّ الجَحْش، والقَوصَفُ القَطِيفة، والقَرْقر ظهرها.
والقَصِيف: هَشيم الشجر. والتَّقَصُّف: التكسُّر. ويقال: قَصِف النبْتُ يَقْصَفُ قَصَفاً، فهو قَصِفٌ إذا طال حتى انحنى من طُوله؛ قال لبيد:

حتى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفـاخِـر

 

قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال عَميم

أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إذا طال يقال له القَصِيفُ.
وبنو قِصافٍ: بطن.

قصفل

في نوادر الأَعراب: قَصْفَل الطعامَ وقَصْمَله وقَصْبَله إذا أَكله أَجمع.

قصل

القَصْل: القَطْع، وقيل: القَصْل قطع الشيء من وسطه أَو أَسفل من ذلك قَطْعاً وَحِيّاً. قَصَل الشيء يَقْصِله قَصْلاً واقْتَصَله: قطعة.
وسيف قاصِلٌ ومِقْصَل وقَصَّال: قَطَّاع؛ وأَنشد:

مع اقْتِصالِ القَصَرِ العَرادِمِ

ومنه سمي القَصِيل. ولسان مِقْصَل: ماضٍ. وجمل مِقْصَل: يَحْطِم كل شيء بأَنيابه. والقَصِيلُ: ما اقتُصِل من الزرع أَخْضَرَ، والجمع قُصلان، والقَصْلة: الطائفة المُقْتَصَلة منه، وقَصَل الدابةَ يَقْصِلُها قَصْلاً وقَصَل عليها: علفها القَصِيل. والقُصالة من البُرِّ: ما عُزِل منه إذا نُقِّي، وقَصَلَها: داسَها. وقال اللحياني: قُصالة الطعام ما يخرج منه فيرمى به ثم يُداس الثانية، وذلك إذا كان أَجَلَّ من التراب والدِّقاق قليلاً. والقَصَل: ما يخرج من الطعام فيرمى به، والقَصْل لغة؛ عن اللحياني.
غيره: والقَصَل في الطعام مثل الزُّؤانِ؛ وقال:

يَحْمِلْنَ حَمْراءَ رَسوباً بالنَّـقَـلْ

 

قد غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ من القَصَلْ

وقال الفراء: في الطعام قَصَل وزُؤان وغَفىً، منقوص، وكل هذا مما يخرج منه فيرمى به.
والقَصْلة والقِصْلة: الجماعة من الإِبل نحو الصِّرْمة، وقيل هي من العشرة إِلى الأَربعين، فإِذا بلغت السنين فهي الكدحة والقِصْل، بالكسر: الفَسْل الضعيف الأَحمق، وقيل: هو الذي لا يَتَمالك حُمْقاً، والأُنثى قِصْلة؛ وأَنشد لمالك بن مرداس:

ليس بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ

 

عند البيوت، راشِنٍ مِقَمِّ

وإِنما سمي القَصِيل الذي تعلف به الدواب قَصِيلاً لسرعة اقْتِصاله من رَخَاصَتِه. قال أَبو الطيب: القِصْل في الناس، والقَصَل في الطعام. وقَصَل عنُقَه: ضرَبها؛ عن اللحياني. وقَصَل: اسم رجل. وفي حديث الشعبي: أُغْمِي على رجل من جهينة فلما أَفاق قال ما فعل القُصَل؛ هو بضم القاف وفتح الصاد اسم رجل.

قصلب

القُصْلُبُ: القَوِيُّ الشديدُ كالعُصلُبِ.

قصلم

التهذيب فَحل قِصْلامٌ عَضُوضٌ؛ وأَنشد شمر:

سوى زِجاجاتِ مُعِيدٍ قِصْلام

قال: والمُعِيد الفحل الذي أَعاد الضِّراب في الإِبل مرّة بعد أُخرى.

قصم

القَصْمُ: دَقُّ الشيء. يقال للظالم: قَصَمَ الله ظهره. ابن سيده: القَصْمُ كسر الشيء الشديد حتى يَبين. قَصمه يَقْصِمه قَصْماً فانْقَصَمَ وتقَصَّمَ: كسَره كسْراً فيه بَيْنونة. ورجل قَصِمٌ أَي سريع الانْقِصام هَيَّابٌ ضعيف. وقُصَمُ مثل قُثَم: يَحْطِم ما لقي؛ قال ابن بري: صوابه قُصَمٌ مثل قُثَمٍ تَصْرِفُهما لأَنهما صِفتانِ، وإِنما العدل يكون في الأَسماء لا غير. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه قال في أَهل الجنة يُرْفَعُ أَهلُ الغُرَفِ إِلى غُرَفِهم في دُرَّة بَيْضاء ليس فيها قَصْمٌ ولا فَصْمٌ؛ أَبو عبيدة: القَصْمُ، بالقاف، هو أَن ينكسر الشيء فيبَين، يقال منه: قَصَمْت الشيء إذا كسرتَه حتى يبين، ومنه قيل: فلان أَقْصَمُ الثَّنِيَّة إذا كان منكسرها، وأَما الفَصْمُ، بالفاء، فهو أَن يَنْصَدِعَ الشيء من غير أَن يَبِين. وفي الحديث: الفاجرُ كالأَرْزَةِ صمَّاءُ مُعْتدِلة حتى يَقْصِمها الله. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: ولا قَصَمُوا له قَناة، ويروى بالفاء. وفي حديث كعب: وجدت انْقِصاماً في ظهري، ويروى بالفاء، وقد تقدما. ورمح قَصِمٌ: منكسر، وقناة قَصِمةٌ كذلك، وقد قَصِمَ.وقَصِمَتْ سِنُّه قَصَماً وهي قَصْماء: انشقت عَرْضاً ورجل أَقصمُ الثنية إذا كان منكسرها من النصف بيّن القَصَمِ، والأَقْصَمُ أَعمُّ وأَعرف من الأَقصف، وهو الذي انقصمت ثنيته من النصف. يقال: جاءتكمُ القَصْماء، تذهب به إِلى تأْنيث الثنية. قال بعض الأَعراب لرجل أَقصَمِ الثنيةِ: جاءتكم القَصْماء، ذهب إِلى سِنِّه فأَنثها. والقَصْماء من المعز: التي انكسر قرناها من طرفيهما إِلى المُشاشة، وقال ابن دريد: القَصْماء، من المعز المكسورة القرنِ الخارجِ، والعَضْباء المكسورة القرن الداخل، وهو المُشاش.والقَصْمُ في عَروض الوافر: حذف الأَول وإِسكان الخامس، فيبقى الجزء فاعِيلٌ، فينقل في التقطيع إِلى مَفْعولن، وذلك على التشبيه بقَصْم السن أَو القَرْن. وقَصْمُ السواكِ وقَصْمَتُه وقِصْمَتُه الكسرة منه، وفي الحديث: اسْتَغْنُوا عن الناس ولو عن قِصْمةِ السواكِ. والقصمة، بكسر القاف، أَي الكسرة منه إذا استيك به، ويروى بالفاء. وقَصَمه يَقْصِمه قَصْماً:أَهلكه. وقال الزجاج في قوله تعالى: وكم قَصَمْنا من قرية؛ كم في موضع نصب بقَصَمنا، ومعنى قَصمنا أَهلكنا وأَذهبنا. ويقال: قَصَمَ الله عُمُر الكافر أَي أَذهبه.
والقاصِمةُ: اسم مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن سيده: أَرى ذلك لأَنها قَصَمت الكفر أَي أَذْهَبته.
والقَصْمة، بالفتح: مَرْقاة الدرجة مثل القَصْفة. وفي الحديث: إِن الشمس لتَطْلُعُ من جهنم بين قَرْنَيْ شيطان فما ترتفع في السماء من قَصْمة إِلا فُتحَ لها باب من النار، فإِذا اشتدَّت الظهيرة فُتحت الأَبواب كلها.
وسميت المرقاة قَصْمة لأَنها كسرة من القصم الكسر. وكلُّ شيء كَسَرْته فقد قَصَمْته. وأَقْصامُ المَرْعى: أُصُوله ولا يكون إِلا من الطَّريفة، الواحد قِصْمٌ. والقَصْمُ: العتيق من القطن؛ عن أَبي حنيفة. والقَصِيمة: ما سهل من الأَرض وكثر شجره.والقَصِيمةُ: مَنْبِت الغَضى والأَرْطَى والسَّلَم؛ وهي رملة؛ قال لبيد:

وكتِيبة الأَحْلافِ قد لاقَيْتُهـمْ،

 

حيثُ اسْتَفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ

وقال بشر في مفرده:

وباكَرَه عِندَ الشُّروقِ مُكَـلَّـبٌ

 

أَزَلُّ، كسِرْحانِ القَصِيمةِ، أَغْبَرُ

قال: وقال أُنَيْف بن جَبَلة:

ولقدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَحْمِلُ شِكَّتي

 

عَتِدٌ، كسِرْحانِ القَصِيمة، مُنْهِب

الليث: القَصِيمةُ من الرمل ما أَنبت الغَضَى وهي القَصائِمُ. أَبو عبيد: القصائمُ من الرمال ما أَنبت العِضاه. قال أَبو منصور: وقول الليث في القَصِيمة ما يُنبت الغضى هو الصواب. والقَصِيمُ: موضع معروف يَشُقُّه طَرِيقُ بَطْن فَلْجٍ؛ وأَنشد ابن السكيت:

يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ،

 

على مُبينٍ جَرِدِ القَصِيمِ

مُبِين: اسم بئر. والقَصِيم: نَبْت. والأَجارِدُ من الأَرض: ما لا يُنبت؛ وقال:

أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وعِشارٍ كُومِ

باتَتْ تُعَشَّى اللَّيلَ بالقَصِيم،

لبَابة من هَمِقٍ عَيْشُوم

الرياشي: أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم:

يَطْعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَـحْـمِ،

 

تحْتَ الذُّنابَى في مكانٍ سُخْنِ

قال: ويسمى هذا السناد. قال الفراء: سمي الدال والجيم الإِجادة، رواه عن الخليل؛ وقال الشاعر يصف صَيّاداً:

وأَشْعَثَ أَعْلى ماله كِفَفٌ له،

 

بفَرْشِ فَلاة، بَيْنَهُنَّ قَصِـيمُ

الفَرْش: مَنابت العُرْفُط. ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرفط، وقَصِيمةٌ من غَضىً، وأَيْكَةٌ من أَثْل، وغالٌّ من سَلَم، وسَلِيلٌ من سَمُرٍ للجماعة منها. وقال أَبو حنيفة: القَصِيمُ، بغير هاء، أَجَمة الغضى، وجمعها قَصائم وقُصْم.
والقَصِيمةُ: الغَيْضة.
والقَيْصوم: ما طال من العشب، وهو كالقَيْعُون؛ عن كراع. والقَيْصُوم: من نبات السهل؛ قال أَبو حنيفة: القَيْصُوم من الذكور ومن الأَمْرار، وهو طيب الرائحة من رَياحين البر، وورقه هَدَب، وله نَوْرَة صفراء وهي تَنْهض على ساق وتطول؛ قال جرير:

نَبتَتْ بمَنْبِتِه فطابَ لشمِّـهـا،

 

ونَأَتْ عن الجَثْجاثِ والقَيْصُوم

وقال الشاعر:

بلادٌ بها القَيْصُومُ والشِّيحُ والغَضَى

أَبو زيد: قَصَم راجعاً وكصَمَ راجعاً إذا رجع من حيث جاء ولم يُتِمَّ إلى حيث قصَد.

قصمل

قَصْمَل الشيءَ: قطعه وكسره، وقَصْمَل عنقَه: دَقَّه؛ عن اللحياني. قال الأَزهري: القَصْمَلة مأْخوذة من القَصْل، وهو القطع، والميم زائدة. والقَصْمَلة: شدة العَضِّ والأَكل، يقال: أَلقاه في فيه فالتقمه القَصْمَلى، مقصوراً؛ وأَنشد في وصف الدهر:

والدهر أَخْنَى يقْتُل المقاتِلا

 

جارحَة أَنيابُه قَصَامـلا

والمُقَصْمِل: الشديد العصا من الرعاء؛ قال أَبو النجم:

ليس بمُلْتَاثٍ ولا عَمَيْثَلِ

 

وليس بالفَيَّادَةِ المُقَصْمِلِ

لأَن الراعي إِنما يوصف بلين العصا. وفي نوادر الأَعراب: قَصْفَل الطعامَ وقَصْمَله وقَصْبَله إذا أَكله أَجمع. ابن الأَعرابي: رميت أَرْنَباً فَدَرْبَيْتها وقَصْمَلْتها وقَرْمَلْتُها إذا صَرَعْتها؛ وزَحْزَحْته مثلُه، ورميته بحجر فَتَدَرْبأَ. والقَصْمَلة: دُوَيْبَّة تقَع في الأَسنان والأَضراس فلا تلبث أَن تُقَصْمِلها فتَهْتِك الفَمَ. والقَصْمَلة من الماء ونحوه: مثل الصُّبَابة. والقُصَمِل، على مثال عُلَبِط، من الرجال: الشديد. وقَصْمَل الرجلُ إذا قارب الخُطَى في مشيه. والقِصْمِل: من أَسماء الأَسد.

قصنصع

الأَزهري: القَصَنْصَعُ القصيرُ.

قضأ

قَضِئ السِّقاءُ والقِرْبةُ يَقْضَأُ قَضَأً فهو قَضِئ: فَسَدَ فَعَفِنَ وتَهافَتَ، وذلك إذا طُوِيَ وهو رَطْبٌ. وقِرْبةٌ قَضِئَةٌ: فَسَدَتْ وعَفِنَتْ. وقَضِئَتْ عَيْنُه تَقْضَأُ قَضَأً، فهي قَضِئَةٌ: احْمَرَّت واسْتَرْخَت مآقِيها وقَرِحَتْ وفَسَدَت. والقُضْأَةُ: الاسم.
وفيها قَضْأَةٌ أَي فَسادٌ، وفي حديث المُلاعَنةِ: إن جاءَت به قَضِئ العينِ، فهو لِهِلال أَي فاسِدَ العين.
وقَضِئ الثوبُ والحَبْلُ: أَخْلَقَ وتَقَطَّعَ وعَفِنَ من طُول النَّدَى والطَّيّ. وقيل قَضِئ الحَبْلُ إذا طالَ دَفْنُه في الأَرض حتى يَتَهَتَّكَ. وقَضِئ حَسَبُه قَضَأً وقَضاءَةً، بالمد، وقُضُوءاً: عابَ وفَسَدَ.
وفيه قَضْأَةٌ وقُضْأَةٌ أَي عَيْبٌ وفَساد. قال الشاعر:

تُعَيِّرُني سَلْمَى، وليس بـقُـضْـأَةٍ،

 

ولو كنتُ من سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِما

 وسَلْمَى حَيٌ من دارِمٍ. وتقول: ما عليك في هذا الأَمر قُضْأَةٌ، مثل قُضْعَةٍ، بالضم، أَي عارٌ وضَعةٌ. ويقال للرجل إذا نَكَح في غير كَفاءَةٍ: نكح في قُضْأَةٍ.
ابن بُزُرْجَ يقال: إِنهم لَيتَقَضَّؤُون منه أَن يُزَوِّجُوه أَي يَسْتَخِسُّون حَسَبه، من القُضْأَةِ.
وَقَضِئ الشيءَ يَقْضَؤُه قَضْأً، ساكنة، عن كراع: أَكَلَه.
وأَقْضَأَ الرَّجُلَ: أَطْعَمَهُ. وقيل: إنما هي أَفْضَأَه، بالفاء.

قضب

القَضْبُ: القَطْعُ. قَضَبَه يَقْضِبه قَضْباً، واقْتَضَبَه، وقَضَّبه، فانْقَضَبَ وتَقَضَّب: انْقَطَعَ؛ قال الأَعشى:

ولَبُونِ مِعْزابٍ حَوَيْتُ، فأَصْبَحَتْ

 

نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقالَـهـا

قال ابن بري: صواب إِنشاده: قَضَبْتَ عِقالَها، بفتح التاءِ، لأَنه يُخاطِبُ الممدوحَ؛ والآزِلة: الناقَةُ الضامزَة التي لا تَجْتَرُّ؛ وكانوا يَحْبِسُون إِبلَهم مخافةَ الغارة، فلما صارت إِليك أَيها الممْدوحُ، اتَّسَعَت في المَرْعى، فكأَنها كانت مَعْقُولة، فقَضَبْتَ عِقالَها.
قَضَبْت عقالَها، واقْتَضَبْته: اقْتَطَعْته من الشيءِ؛ والقَضْبُ: قَضْبُك القَضِيبَ ونحوه. والقَضْبُ: اسم يقع على ما قَضَبْتَ من أَغصانٍ لتَتَّخِذَ منها سِهاماً أَو قِسِيّاً؛ قال رؤبة:

وفارِجاً من قَضْبِ ما تَقَضَّبا

وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إذا رأَى التَّصْلِيبَ في ثوبٍ، قَضَبَه؛ قال الأَصمعي: يعني قَطَع موضعَ التَّصْلِيب منه.
ومنه قيل: اقْتَضَبْتُ الحديثَ، إِنما هو انْتَزَعْتُه واقْتَطَعْتُه، وإِياه عنى ذو الرمة بقوله، يصف ثوراً وحشياً:

كأَنه كوكَبٌ في إِثرِ عِـفْـرِيَةٍ،

 

مُسَوَّمٌ، في سواد الليل، مُنْقَضِبُ

أَي مُنْقَضٌّ من مكانه. وانْقَضَبَ الكَوكبُ من مكانه؛ وقال القُطاميُّ يصف الثَّور:

فعَدا صَبيحةَ صَوْبها مُتَوَجِّساً،

 

شَئِزَ القِيام، يُقَضِّبُ الأَغْصانا

ويقال للمِنْجَلِ: مِقْضَبٌ ومِقْضابٌ.
وقُضابةُ الشيء: ما اقْتُضِبَ منه؛ وخَصَّ بعضُهم به ما سَقَط من أَعالي العِيدان المُقْتَضَبة. وقُضابةُ الشَّجر: ما يَتَساقَطُ من أَطراف عيدانها إذا قُضِبَت.
والقَضِيبُ: الغُصْنُ. والقَضِيبُ: كلُّ نَبْتٍ من الأَغصان يُقْضَبُ، والجمع قُضُبٌ وقُضْبٌ، وقُضْبانٌ وقِضْبانٌ. الأَخيرة اسم للجمع.
وقَضَبَه قَضْباً: ضَرَبه بالقضِيب.
والمُقْتَضَبُ من الشِّعْر: فاعلاتُ مُفْتعلن مرتين؛ وبيته:

أَقْبَلَتْ، فَلاحَ لها

 

عارِضانِ كالْبَرَدِ

وإِنما سُمِّي مُقْتَضَباً، لأَنه اقْتُضِبَ مفعولات، وهو الجزء الثالث من البيت، أَي قُطِعَ.
وقَضَّبَتِ الشمسُ وتَقَضَّبَتْ: امْتَدَّ شُعاعُها مثلَ القُضْبانِ، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

فصَبَّحَتْ، والشمسُ لم تُقَضِّبِ،

 

عيناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ المَشْرَبِ

ويُروى: لم تَقَضَّبِ؛ ويروى: ثَجُوجَ العُنْبَبِ. يقول: ورَدَتْ والشمسُ لم يَبْدُ لها شُعاعٌ، إِنما طَلَعَت كأَنها تُرْسٌ، لا شُعاعَ لها.
والعُنْبَبُ: كثرةُ الماء، قال: أَظنُّ ذلك. وغَضْيانُ: موضعٌ. وقَضَّبَ الكَرْمَ تَقْضِيباً: قَطَعَ أَغصانَه وقُضبانَه في أَيام الربيع.
وما في فمي قاضِبةٌ أَي سِنٌّ تَقْضِبُ شيئاً، فتُبِينُ أَحدَ نصفيه من الآخر.
ورجل قَضّابة: قَطَّاعٌ للأُمور، مُقْتَدِرٌ عليها. وسيفٌ قاضِبٌ، وقَضَّابٌ، وقَضَّابة، ومِقْضَبٌ، وقَضِيبٌ: قَطَّاع.
وقيل: القضيبُ من السيوف اللطيفُ. وفي مقتل الحسين، عليه السلام: فَجَعَلَ ابنُ زياد يَقْرَعُ فَمه بقَضيبٍ؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالقَضِيب السيفَ اللطيفَ الدقيقَ؛ وقيل: أَرادَ العود، والجمع قواضِبُ وقُضُبٌ وهو ضِدُّ الصفيحةِ.
والقَضيبُ من القِسِيِّ: التي عُمِلَتْ من غُصْنٍ غير مشْقوق. وقال أَبو حنيفة: القَضيبُ القَوْسُ المصنوعة من القَضيب بتمامه؛ وأَنشد للأَعشى:

سَلاجِمُ، كالنحلِ، أَنْحَى لها

 

قضيبَ سَراءٍ قَليلَ الأُبَنْ

قال: والقَضْبةُ كالقَضِيبِ؛ وأَنشد للطِّرِمَّاح:

يَلْحَسُ الرَّضْفَ، له قَضْـبةٌ

 

سَمحَجُ المَتْنِ هَتُوفُ الخِطامْ

والقَضْبةُ: قِدْحٌ من نَبْعَةٍ يُجْعَلُ منه سَهْمٌ، والجمع قَضباتٌ.
والقَضْبةُ والقَضْبُ: الرَّطْبةُ. الفراء في قوله تعالى: فأَنْبَتْنا فيها حَبّاً وعِنَباً وقَضْباً؛ القَضْبُ: الرَّطْبةُ؛ قال لبيد:

إِذا أَرْوَوْا بها زَرْعاً وقَضْباً،

 

أَمالوها على خُورٍ طِـوالِ

قال: وأَهل مكة يُسَمون القَتَّ القَضْبةَ.
وقال الليث: القَضْبُ من الشجر كلُّ شجر سَبِطَتْ أَغصانُه، وطالت.
والقَضْبُ: ما أُكِلَ من النبات المُقْتَضَبِ غَضّاً؛ وقيل هو الفُصافِصُ، واحدتُها قَضْبة، وهي الإِسْفِسْتُ، بالفارسية؛ والمَقْضَبةُ: موضعه الذي يَنبُتُ فيه. التهذيب: المَقْضَبة مَنْبِتُ القَضْبِ، ويُجْمَعُ مَقاضِبَ ومَقاضِيبَ؛ قال عروة بن الوَرْد:

لَسْتُ لِمُرَّةَ، إِنْ لم أُوفِ مَرْقَـبةً،

 

يَبْدو لِيَ الحَرْثُ منها، والمَقاضِيبُ

والمِقْضابُ: أَرضٌ تُنْبِتُ القَضْبة؛ قالت أُخْتُ مُفَصَّصٍ الباهليَّةُ:

فأَفَأْتُ أُدْماً، كالهِضابِ، وجامِلاً

 

قد عُدْنَ مِثلَ عَلائفِ المِقْضابِ

وقد أَقْضَبَتِ الأَرضُ.
وقال أَبو حنيفة: القَضْبُ شجر سُهْلِيٌّ ينبت في مَجامِع الشجر، له ورق كورقِ الكُمَّثْرَى إِلاَّ أَنه أَرَقُّ وأَنْعم، وشجرُه كشجره، وتَرْعى الإبلُ ورقَه وأَطرافَه، فإِذا شَبِعَ منه البعير، هجَره حيناً، وذلك أَنه يُضَرِّسُه، ويُخَشِّنُ صَدرَهُ، ويورِثُه السُّعال. النضر: القَضْبُ شَجر تُتَّخذ منه القِسِيُّ؛ قال أَبو دُواد:

رَذايا كالبَـلايا، أَو

 

كعيدانٍ من القَضْبِ

ويقال: إِنه من جنس النَّبْع؛ قال ذو الرمة:

مُعِدُّ زُرْقٍ هَدَتْ قَضْباً مُصَدَّرةً

الأَصمعي: القَضَبُ السِّهامُ واحدُها قَضِيبٌ، وأَراد قَضَباً فسكَّن الضاد، وجعل سبيله سبيل عَديم وعَدَم، وأَديم وأَدَم. وقال غيره: جمع قَضِيباً على قَضْب، لمَّا وجَد فَعْلاً في الجماعة مستمرّاً.
ابن شميل: القَضْبة شجرة يُسَوَّى منها السَّهمُ. يقال: سَهْمُ قَضْبٍ، وسهمُ نَبْع، وسهم شَوْحَطٍ. والقَضيبُ من الإِبل: التي رُكِبَتْ، ولم تُلَيَّنْ قَبْلَ ذلك. الجوهري: القَضِيبُ الناقةُ التي لم تُرَضْ؛ وقيل: هي التي لم تَمْهَرِ الرياضةَ، الذكرُ والأُنثى في ذلك سواء؛ وأَنشد ثعلب:

مُخَيَّسةٌ ذُلاًّ، وتَحْسِبُ أَنـهـا،

 

إِذا ما بَدَتْ للناظِرِينَ، قَضِيبُ

يقول: هي رَيِّضةٌ ذَليلةٌ، ولعِزَّةِ نفْسها يَحْسِبُها الناظرُ لم تُرَضْ؛ أَلا تراه يقول بعد هذا:

كمِثْلِ أَتانِ الوَحْشِ، أَما فؤادُها

 

فصَعْبٌ، وأَما ظَهْرُها فرَكُوبُ

وقَضَبْتُها واقْتَضَبْتُها: أَخذتُها من الإِبل قَضِيباً، فَرُضْتُها.
واقْتَضَبَ فلانٌ بَكْراً إذا ركبه ليُذِلَّه، قبل أَن يُراضَ. وناقةٌ قَضيبٌ وبَكْرٌ قَضِيبٌ، بغير هاء. وقَضَبْتُ الدابةَ واقْتَضَبْتُها إذا ركبتها قبل أَن تُراضَ، وكل من كلَّفته عَمَلاً قبل أَن يُحْسِنَه، فقد اقْتَضَبْتَه، وهو مُقْتَضَبٌ فيه.
واقْتِضابُ الكلام: ارْتجالُه؛ يقال: هذا شعرٌ مُقْتَضَبٌ، وكتاب مُقْتَضَبٌ.
واقْتَضَبْتُ الحديثَ والشِّعْرَ: تَكلمْتُ به من غير تهيئةٍ أَو إِعْدادٍ له.
وقَضِيبٌ: رجُلٌ، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

لأَنْتُم، يومَ جـاءَ الـقـومُ سَـيْراً

 

على المَخْزاةِ، أَصْبَرُ من قَضِيبِ

هذا رجل له حديثٌ ضَرَبه مثلاً في الإِقامة على الذُّلِّ أَي لم تَطْلُبوا بقَتْلاكم، فأَنتم في الذُّلِّ كهذا الرجل. وقَضِيبٌ: وادٍ معروفٌ بأَرض قَبْسٍ، فيه قَتَلَتْ مُرادُ عَمْرو بنَ أُمامة؛ وفي ذلك يقول طَرَفَةُ:

أَلا إِنَّ خير الناسِ، حَيّاً وهالِكاً،

 

ببَطْنِ قَضِيبٍ عارِفاً ومُناكِرا

وقَضِيبُ الحمارِ وغيره. أَبو حاتم: يقال لذَكَر الثَّوْر: قَضِيبٌ وقَيْصومٌ. التهذيب: ويكنى بالقَضيبِ عن ذَكَرِ الإِنسان وغيره من الحيوانات. والقُضَّابُ نبت، عن كراع.

قضض

قَضَّ عليهم الخيلَ يَقُضُّها قَضّاً: أَرْسَلها. وانْقَضَّتْ عليهم الخيلُ: انْتَشَرَتْ، وقَضَضْناها عليهم فانْقَضَّتْ عليهم؛ وأَنشد:

قَضُّوا غِضاباً عليكَ الخيلَ من كَثَب

وانْقَضَّ الطائرُ وتَقَضَّضَ وتَقَضَّى على التحويل: اخْتاتَ وهَوَى في طَيَرانه يريد الوقوع، وقيل: هو إذا هوَى من طيرانه ليَسْقُط على شيء.
ويقال: انْقَضَّ البازي على الصيْدِ وتَقَضَّضَ إذا أَسْرَعَ في طيرانه مُنْكَدِراً على الصيْدِ، قال: وربما قالوا تَقَضَّى يَتَقَضَّى، وكان في الأَصل تَقَضَّضَ، ولما اجتمعت ثلاثُ ضادات قلبت إِحداهن ياء كما قالوا تَمَطَّى وأَصله تَمَطَّط أَي تمدَّد. وفي التنزيل العزيز: ثم ذهَب إِلى أَهله يَتَمَطَّى؛ وفيه: وقد خابَ من دَسّاها؛ وقال العجاج:

إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَـدَرْ،

 

تَقَضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ

أَي كسَر جَناحَيْه لِشدَّة طَيرانِه.
وانْقَضَّ الجِدار: تَصَدَّعَ من غير أَن يسقط، وقيل: انْقَضَّ سقَط.
وفي التنزيل العزيز: فوجَدا فيها جِداراً يُريد أَن ينقضّ؛ هكذا عدَّه أَبو عبيد وغيره ثنائيّاً وجعله أَبو علي ثلاثياً من نقض فهو عنده افْعَلَّ.
وفي التهذيب في قوله تعالى: يُريد أَنْ يَنْقَضَّ؛ أَي يَنْكَسِرَ. يقال: قَضَضْتُ الشيءَ إذا دَقَقْتَه، ومنه قيل للحَصى الصِّغار قَضَضٌ.
وانْقَضَّ الجدارُ انْقِضاضاً وانْقاضَ انْقِياضاً إذا تَصَدَّعَ من غير أَن يَسْقُط، فإِذا سقَط قيل: تَقَيَّض تَقَيُّضاً.
وفي حديث ابن الزبير وهَدْم الكَعْبةِ: فأَخذَ ابنُ مُطِيعٍ العَتَلَةَ فَعَتَلَ ناحِيةً من الرُّبْضِ فأَقَضَّه أَي جعله قَضَضاً. والقَضَضُ: الحصَى الصِّغار جمع قضّة، بالكسر والفتح. وقَضَّ الشيءَ يَقُضُّه قَضّاً: كسره. وقَضَّ اللُّؤْلؤة يَقُضُّها، بالضم، قَضّاً: ثقَبها؛ ومنه قِضّةُ العَذْراء إذا فُرِغَ منها.
واقْتَضَّ المرأَة افْتَرَعَها وهو من ذلك، والاسم القِضَّةُ، بالكسر.
وأَخذ قِضَّتَها أَي عُذْرَتها؛ عن اللحياني. والقِضّةُ، بالكسر: عُذْرة الجارية. وفي حديث هوازن: فاقْتَضَّ الإِداوةَ أَي فتَح رأْسَها، من اقْتِضاضِ البِكْر، ويروى بالفاء، وقد تقدم؛ ومنه قولهم: انْقَضَّ الطائر أَي هَوَى انْقِضاضَ الكَواكِب، قال: ولم يستعملوا منه تَفَعَّلَ إِلا مُبْدَلاً، قالوا تَقَضَّى. وانْقَضَّ الحائِطُ: وقَع؛ وقال ذو الرمة:

جدا قضّة الآساد وارْتَجَزَتْ له،

 

بِنَوْءِ السّماكَينِ، الغُيُوثُ الرَّوائحُ

ويروى حدا قضة الآساد أَي تبع هذا الجداير الأَسد. ويقال: جئته عند قضّة النجم أَي عند نَوْئِه، ومُطِرْنا بقضّة الأَسَد. والقَضَضُ: الترابُ يَعْلُو الفِراشَ، قَضَّ يَقَضُّ قَضَضاً، فهو قَضٌّ وقَضِضٌ، وأَقَضَّ: صار فيه القَضَضُ. قال أَبو حنيفة: قيل لأَعرابي: كيف رأَيت المطر؟ قال: لو أَلْقَيْتَ بَضْعةً ما قَضَّتْ أَي لم تَتْرَبْ، يعني من كَثْرَةِ العُشْبِ. واسْتَقَضَّ المكانُ: أَقَضَّ عليه، ومكانٌ قَضٌّ وأَرض قَضَّةٌ: ذاتُ حَصىً؛ وأَنشد:

تُثِيرُ الدَّواجِنَ في قَضَّة

 

عِراقِيّة وسطها للفَدُورْ

وقضَّ الطعامُ يَقَضُّ قَضَضاً، فهو قَضِضٌ، وأَقَضَّ إذا كان فيه حَصىً أَو تراب فوَقع بين أَضراسِ الآكِل. ابن الأَعرابي: قَضَّ اللحمُ إذا كان فيه قَضَضٌ يَقَعُ في أَضْراسِ آكِلِه شِبْه الحصَى الصِّغار. ويقال: اتَّقِ القِضَّةَ والقَضَّةَ والقَضَضَ في طَعامِك؛ يريد الحصى والتراب.
وقد قَضِضْت الطعام قَضَضاً إذا أَكلْتَ منه فوقع بين أَضْراسِكَ حَصىً. وأَرض قِضّةٌ وقَضَّة: كثيرة الحجارة والتراب. وطعامٌ قَضٌّ ولحم قَضٌّ إذا وقع في حصى أَو تراب فوُجِد ذلك في طَعْمِه؛ قال:

وأَنتم أَكلتم لحمه تراباً قَضّا

والفعلُ كالفعل والمصدر كالمصدر. والقِضّة والقَضّةُ: الحصى الصغار:والقِضّة والقَضّة أَيضاً: أَرض ذاتُ حَصى؛ قال الراجز يصف دلواً:

قد وَقَعَتْ في قِضّةٍ مِن شَرْجِ،

 

ثم اسْتَقَلَّتْ مِثْلَ شِدْقِ العِلْـجِ

وأَقَضَّتِ البَضْعةُ بالتُّراب وقَضَّتْ: أَصابَها منه شيء. وقال أَعرابي يصف خِصْباً مَلأَ الأَرض عُشْباً: فالأَرضُ اليومَ لو تُقْذَفُ بها بَضْعةٌ لم تَقَضَّ بتُرْب أَي لم تَقَع إِلا على عشب. وكلُّ ما نالَه ترابٌ من طعام أَو ثوب أَو غيرهما قَضٌّ. ودِرْعٌ قَضَّاء: خَشِنةُ المَسّ من جِدَّتِها لم تَنْسَحِقْ بَعْدُ، مشتق من ذلك؛ وقال أَبو عمرو: هي التي فُرِغَ من عَمَلِها وأُحْكِمَ وقد قَضَيْتُها؛ قال النابغة:

ونَسْجُ سُلَيْمٍ كلّ قَضَّاء ذائل

قال بعضهم: هو مشتق من قَضَيْتُها أَي أَحكمتُها، قال ابن سيده: وهذا خطأٌ في التصريف لأَنه لو كان كذلك لقال قَضْياء؛ وأَنشد أَبو عمرو بيت الهذلي:

وتَعاوَرا مَسْرُودَتَيْن قَضاهُما

 

داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ

قال الأَزهري: جعل أَبو عمرو القَضَّاء فَعّالاً من قَضى أَي حكَمٍ وفَرغَ، قال: والقَضَّاء فَعْلاء غير منصرف. وقال شمر: القَضَّاء من الدُّرُوع الحَدِيثةُ العَهْدِ بالجِدّةِ الخَشِنةُ المَسِّ من قولك أَقَضَّ عليه الفِراشُ؛ وقال ابن السكيت في قوله:

كلّ قَضَّاء ذائل

كلُّ دِرْع حديثة العمل. قال: ويقال القضَّاء الصُّلْبةُ التي امْلاس في مَجَسَّتها قضة وقال ابن السكيت: القَضَّاء المَسْمُورةُ من قولهم قض الجَوْهرة إذا ثَقَبَها؛ وأَنشد:

كأَنَّ حصاناً، قَضَّها القَيْنُ، حُرَّةٌ،

 

لدى حيْثُ يُلْقى بالفِناء حَصِيرُها

شَبَّهها على حَصِيرها، وهو بِساطُها، بدُرّة في صَدَفٍ قَضَّها أَي قَضَّ القينُ عنها صدَفها فاستخرجها، ومنه قِضَّةُ العَذْراء. وقَضَّ عليه المَضْجَعُ وأَقَضَّ: نَبا؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:

أَمْ ما لِجَنْبِكَ لا يُلائِمُ مَضْجَعاً،

 

إِلا أَقَضَّ عليكَ ذَاكَ المَضْجَعُ

وأَقَضَّ عليه المَضْجَعُ أَي تَتَرَّبَ وخَشُنَ. وأَقضَّ اللّهُ عليه المضجعَ، يتعدَّى ولا يتعدَّى. واستَقَضَّ مضجَعُه أَي وجدَه خَشِناً.
ويقال: قَضَّ وأَقَضَّ إذا لم ينَمْ نَوْمةً وكان في مضجَعِه خُشْنةٌ.
وأَقَضَّ على فلان مضجَعُه إذا لم يَطْمَئِنَّ به النومُ. وأَقَضَّ الرجلُ: تَتَبَّع مَداقَّ الأُمور والمَطامعَ الدَّنِيئةَ وأَسَفَّ على خِساسِها؛ قال:

ما كُنْتَ مِنْ تَكَرُّمِ الأَعْـراضِ

 

والخُلُقِ العَفّ عن الإِقْضاضِ

وجاؤوا قَضَّهم بقَضِيضِهم أَي بأَجْمَعهم؛ وأَنشد سيبويه للشماخ:

أَتَتْني سُلَيْمٌ قَضَّها بِقَضِيضِها،

 

تُمَسِّحُ حَوْلي بالبَقِيعِ سِبالَها

وكذلك: جاؤوا قَضَّهم وقَضِيضَهم أَي بجمْعهم، لم يدَعُوا وراءهم شيئاً ولا أَحَداً، وهو اسم منصوب موضوع موضع المصدر كأَنه قال جاؤوا انْقِضاضاً؛ قال سيبويه: كأَنه يقول انْقَضَّ آخِرُهم على أَوَّلهم وهو من المَصادِر الموْضُوعةِ موضِع الأَحْوالِ، ومن العرب من يُعْرِبه ويُجريه على ما قبله، وفي الصحاح: ويُجْرِيه مُجْرى كلِّهم. وجاء القومُ بقَضِّهم وقَضِيضِهم؛ عن ثعلب وأَبي عبيد. وحكى أَبو عبيد في الحديث: يؤْتى بقَضِّها وقِضِّها وقَضِيضِها، وحكى كراع: أَتَوْني قَضُّهم بقَضِيضِهم ورأَيتهم قَضَّهم بقَضِيضِهم ومررت بهم قَضَّهم وقَضِيضِهم. أَبو طالب: قولهم جاء بالقَضِّ والقَضِيض، فالقَضُّ الحَصى، والقَضِيضُ ما تكسَّر منه ودَقَّ. وقال أَبو الهيثم: القَضُّ الحصى والقَضِيضُ جمع مثلُ كَلْب وكَليب؛ وقال الأَصمعي في قوله:

جاءتْ فَزارةُ قَضُّها بقَضِيضِها

لم أَسمعهم يُنْشدون قَضُّها إِلا بالرفع؛ قال ابن بري: شاهد قوله جاؤوا قضَّهم بقضيضهم أَي بأَجمعهم قولُ أَوْس بن حَجَر:

وجاءتْ جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها،

 

بأَكثَر ما كانوا عَدِيداً وأَوْكَعُـوا

 وفي الحديث: يُؤْتى بالدنيا بقَضَّها وقَضِيضِها أَي بكل ما فيها، من قولهم جاؤوا بقَضِّهم وقَضِيضِهم إذا جاؤوا مجتمعين يَنْقَضُّ آخِرُهم على أَوَّلهم من قولهم قَضَضْنا عليهم الخيلَ ونحن نقُضُّها قَضّاً. قال ابن الأَثير: وتلخيصه أَن القَضَّ وُضِع موضع القاضِّ كزَوْرٍ وصَوْمٍ بمعنى زائر وصائم، والقَضِيض موضعَ المَقْضُوضِ لأَن الأَوّل لتقدمه وحمله الآخِر على اللِّحاق به كأَنه يقُضُّه على نفسه، فحقيقتُه جاؤوا بمُسْتَلْحَقِهم ولاحقِهِم أَي بأَوّلِهم وآخِرهم. قال: وأَلْخَصُ من هذا كلّه قولُ ابن الأَعرابي إِنَّ القَضِّ الحصى الكِبارُ، والقَضِيض الحصى الصِّغارُ، أَي جاؤوا بالكبير والصغير. ومنه الحديث: دخلت الجنةَ أُمّةٌ بقَضِّها وقَضِيضِها. وفي حديث أَبي الدحداح: وارْتَحِلي بالقَضِّ والأَوْلادِ أَي بالأَتْباع ومَن يَتَّصِلُ بكِ. وفي حديث صَفْوانَ بن مُحْرِز: كان إذا قرأَ هذه الآية: وسَيعْلَمُ الذين ظلَموا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون، بكى حتى يُرى لقدِ انْقدّ قَضِيضُ زَوْرِه؛ هكذا رُوي، قال القتيبي: هو عندي خطأ من بعض النقَلةِ وأَراه قَصَص زَوْرِه، وهو وسَطُ صَدْرِه، وقد تقدم؛ قال: ويحتمل إنْ صحت الرواية أَن يُراد بالقَضِيضِ صِغارُ العِظام تشبيهاً بصِغارِ الحَصى.
وفي الحديث: لو أَنَّ أَحدَكم انْقَضَّ مما صُنِعَ بابن عَفَّانَ لَحَقَّ له أَن يَنْفَضَّ؛ قال شمر: أَي يتقطَّع، وقد روي بالقاف يكاد يَنْقَضُّ.
الليث: القضَّةُ أَرْضٌ مُنْخَفِضةٌ ترابها رَمْل وإِلى جانِبِها متن مُرْتَفِعٌ، وجمعها القِضُونَ وقول أَبي النجم:

بلْ مَنْهل نـاءٍ عـن الـغـياضِ،

 

هامي العَشِيّ، مُشْرِف القَضْقاض

قيل: القِضْقاضُ والقَضْقاضُ ما اسْتَوى من الأَرض؛ يقول: يسْتَبينُ القِضْقاضُ في رأْي العين مُشْرِفاً لبعده. والقَضِيضُ: صوت تسمعه من النِّسْعِ والوتَر عند الإِنْباضِ كأَنه قُطِعَ، وقد قَضَّ يَقِضُّ قَضِيضاً.
والقِضاضُ: صَخْر يركَب بعضُه بعضاً كالرِّضام؛ وقال شمر: القضّانةُ الجبل يكون أَطباقاً؛ وأَنشد:

كأَنَّما قَرْعُ أَلْحِيها، إذا وَجَفَتْ،

 

قَرْعُ المَعاوِلِ في قضَّانة قلَع

قال: القَلَعُ المُشْرِفُ منه كالقَلَعة، قال الأَزهري: كأَنه من قَضَضْتُ الشيءَ أَي دَقَقْتُه، وهو فُعْلانة منه. وفي نوادر الأَعراب: القِضّةُ الوَسْمُ؛ قال الراجز:

مَعْروفة قِضَّتها رُعْن الهامْ

والقَضّةُ، بفتح القاف: الفَضَّةُ وهي الحجارة المُجْتَمِعةُ المُتَشَقِّقةُ.
والقَضْقَضَة: كسْرُ العِظام والأَعْضاء. وقَضْقَضَ الشيءَ فَتَقَضْقَضَ: كسَّره فتكسَّر ودقَّه. والقَضْقَضَةُ: صوتُ كسْرِ العظام. وقَضَضْتُ السويقَ وأَقْضَضْتُه إذا أَلقيتَ فيه سكَّراً يابساً. وأَسد قَضْقاضٌ وقُضاقِضٌ: يحْطِم كلّ شيءٍ ويُقَضْقِضُ فَرِيسَتَه؛ قال رؤْبة بن العجاج:

كمْ جاوَزَتْ من حَيَّةٍ نَضْناضِ،

 

وأَسَدٍ في غِيلِه قَضْـقـاضِ

وفي حديث مانِع الزكاة: يُمَثَّلُ له كَنْزُه شُجاعاً فيُلْقِمُه يدَه فيُقَضْقِضُها أَي يُكَسِّرُها. وفي حديث صَفِيَّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلِب: فأَطَلَّ علينا يَهُودِيٌّ فقمت إِليه فضرَبْتُ رأْسَه بالسيف ثم رميت به عليهم فتَقَضْقَضُوا أَي انْكَسَرُوا وتفرَّقُوا. شمر: يقال قَضْقَضْتُ جنبه من صُلْبِه أَي قَطَعْتُه، والذئبُ يُقَضْقِضُ العِظام؛ قال أَبو زيد:

قَضْقَضَ بالتَّـأْبِـينِ قُـلَّةَ رأْسِـه،

 

ودَقَّ صَلِيفَ العُنْقِ، والعُنْقُ أَصْعَرُ

وفي الحديث: أَنَّ بعضهم قال: لو أَن رجلاً انْفَضَّ انْفِضاضاً مما صُنِعَ بابن عَفَّان لَحَقَّ له أَن يَنْفَضَّ؛ قال شمر: ينفض، بالفاء، يريد يَتَقَطَّع. وقد انْقَضَّتْ أَوْصالُه إذا تفرَّقَت وتقطَّعَت. قال: ويقال قَضَّ فا الأَبْعَدِ وفَضَّه؛ والفَضُّ: أَن يَكْسِر أَسنانَه؛ قال: ويُرْوى بيتُ الكُمَيْت:

أيَقُضُّ أُصولَ النخلِ من نَخَواتِه

بالفاء والقاف أَي يقْطَعُ ويرْمي به. والقَضَّاء من الإِبل: ما بين الثلاثين إِلى الأَربعين. والقَضَّاء من الناس: الجِلَّةُ وإِن كان لا حسَب لهم بعد أَن يكونوا جِلَّةً في أَبْدانٍ وأَسنان. ابن بري: والقَضَّاء من الإِبل ليس من هذا الباب لأَنها من قضى يَقْضي أَي يُقْضى بها الحُقوقُ. والقَضَّاء من الناس: الجِلَّةُ في أَسنانهم.
الأَزهري: القِضَةُ، بتخفيف الضاد، ليست من حدّ المُضاعَف وهي شجرة من شجر الحَمْضُ معروفة، وروي عن ابن السكيت قال: القضة نبت يُجْمع القِضِينَ والقِضُونَ، قال: وإِذا جمعته على مثل البُرى قلت القِضى؛ وأَنشد:

بِساقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضِينَ تَحُشُّه

 

بأَعْوادِ رَنْدٍ، أَو أَلاوِيةً شُقْـرا

قال: وأَما الأَرضُ التي ترابُها رمل فهي قِضَّةٌ، بتشديد الضاد، وجمعها قِضَّاتٌ.
قال: وأَما القَضْقاضُ فهو من شجر الحَمْضِ أَيضاً، ويقال: إِنه أُشْنانُ أَهل الشام.
ابن دريد: قِضَّةُ موضع معروف كانت فيه وَقْعة بين بَكْر وتَغْلِب سمي يوم قِضَّة، شَدَّد الضادَ فيه.
أَبو زيد: قِضْ، خفيفةً، حكايةُ صوتِ الرُّكْبة إذا صاتَتْ، يقال: قالت رُكْبَته قِضْ؛ وأَنشد: وقَوْل رُكْبَتِها قِضْ حين تَثْنِيها

قضع

القَضْعُ: القهر. قَضَعَه قَضْعاً. والقَضْعُ والقُضاعُ: تقطيع في البطن شديد. وفي بطنه تَقْضِيعٌ أَي تقطيع.
وانْقَضَعَ القومُ وتقضَّعوا: تفرّقوا. وتَقضَّع عن قومه: تباعَدَ.
وقُضاعةُ: اسم كلب الماء. وفي التهذيب والصحاح: القُضاعةُ اسم كَلْبةِ الماءِ. وقُضاعةُ: أَبو قبيلة، سمي بذلك لانْقِضاعِه مع أُمّه، وقيل: هو من القهر، وقيل: هو أَبو حَيّ من اليمن قُضاعةُ بن مالكِ بنِ حِمْيَر بن سَبَإٍ، وتزعم نُسّابُ مُضَرَ أَنه قُضاعةُ بن مَعَدِّ بن عَدْنانَ، قال: وكانوا أَشِدَّاءَ كَلِبِينَ في الحروب ونحو ذلك.

قضعم

القَضْعَم والقَعْضَم: هو الشيخ المسن الذاهب الأَسنان. ابن بري: القَضْعَم الأدْرد؛ قال خليد اليشكري:

دِرْحاية البطنِ يُناغي القَضْعَما

الأَزهري: قال للناقة الهرمة قِضْعم وجِلْعِم.

قضف

القَضافةُ: قِلَّة اللحم. والقَضَفُ: الدِّقة. والقَضِيفُ: الدَّقيق العظم القليل اللحم، والجمع قُضَفاء وقِضاف.وقد قَضُفَ، بالضم: يَقْضُفُ قَضافة وقَضَفاً، فهو قَضِيف أَي نَحِيف.
وقد جاء القَضَفُ في الشعر؛ قال قيس بن الخَطِيم:

بينَ شُكولِ النساء خِلْقَتُهـا

 

قَصْد، فلا جَبْلة ولا قَضَفُ

وجارية قَضِيفة إذا كانت مَمْشوقة، وجمعها قِضاف.
والقَضَفةُ: أَكمة كأَنها حجر واحد، والجمع قَضَفٌ وقِضاف وقِضْفان وقُضْفانٌ، كل ذلك على توهم طرح الزائد. قال: والقِضاف لا يخرج سيلها من بينها. الأَصمعي: القِضْفانُ والقُضْفان أَماكن مرتفعة بين الحجارة والطين، واحدتها قَضَفة. ابن شميل عن أَبي خَيْرة: القَضَفُ آكامٌ صِغار يَسيل الماء بينها وهي في مُطْمئن من الأَرض وعلى جِرَفة الوادي، الواحدة قَضَفةٌ؛ قال ذو الرمة:

وقد خَنَّقَ الآلُ الشِّعافَ، وغَرَّقَتْ

 

جَواريه جُذْعانَ القِضافِ البَراتِكِ

قال: الجُذْعانُ الصّغار والبَراتِك الصغار. وقال أَبو خَيرة: القَضَفة أَكمة صغيرة بيضاء كأَن حجارتها الجِرْجِسُ، وهي هَناة أَصغر من البَعُوض، والجِرْجِسُ يقال له الطير الأَبيض كأَنه الجَصُّ بياضاً؛ قال الأَزهري: حكى ذلك كله شمر فيما قرأَت بخطه، والقِضَفةُ: قِطعة من الرمل تنكسر من مُعْظمه. والقَضَفة: القَطاة في بعض اللغات؛ قال ابن بري: قاله أَبو مالك، قال: ولم يذكر ذلك أَحد سواه.

قضم

قَضِمَ الفرسُ يَقْضَم وخَضِمَ الإنسانُ يَخْضَم، وهو كقَضْم الفرس، والقَضْمُ بأَطراف الأَسنان والخَضْمُ بأَقصَى الأَضراس؛ وأَنشد لأَيمن بن خُرَيْم الأسدي يذكر أهل العراق حين ظهر عبد الملك على مصعب:

رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكْلَ خَضْماً، وقد رَضُواأَخيراً مِنَ اكْلِ الخَضْمِ أَن يأْكلوا القَضْما

ويدل على هذا قول أَبي ذر: اخْضَمُوا فإنا سنَقْضَمُ. ابن سيده: القَضْمُ أَكل بأَطراف الأَسنان والأَضراس، وقيل: هو أَكل الشيء اليابس، قَضِمَ يَقْضَم قَضْماً، والخَضْم: الأكل بجميع الفم، وقيل: هو أَكل الشيء الرَّطْب، والقَضْمُ دون ذلك. وقولهم: يُبْلَغُ الخَضْم بالقَضْم أَي أَن الشَّبْعة قد تُبْلَغ بالأَكل بأَطراف الفم، ومعناه أن الغايةَ قد تُدْرَك بالرِّفق؛ قال الشاعر:

تَبَلَّغْ بأَخْلاقِ الـثـياب جَـدِيدَهـا،

 

وبالقَضْمِ حتى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ

وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: ابْنُوا شَدِيداً وأَمِّلُوا بعيداً واخْضَمُوا فإنا سنَقْضَم؛ القَضْمُ: الأَكل بأطراف الأَسنان. وفي حديث أَبي ذرّ: تأْكلون خَضْماً ونأْكل قَضْماً. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: فأَخَذتِ السواكَ فقَضِمَتْه وطَيَّبَتْه أي مَضَغَتْه بأَسنانها ولَيَّنَتْه.
والقَضِيم: شعير الدابة. وقَضِمت الدابة شعيرها، بالكسر، تقضَمه قَضْماً: أكلته. وأَقْضَمْته أنا إياه أي علفتها القَضيم. وقال الليث: القَضْم أَكل دونٌ كما تَقْضَمُ الدابةُ الشعير، واسمه القضيم، وقد أقضَمْته قَضيماً. قال ابن بري: يقال قَضِم الرجل الدابةَ شعيرَها فيعدِّيه إلى مفعولين، كما تقول كسا زيد ثوباً وكسوته ثوباً؛ واستعار عديّ بن زيد القَضْمَ للنار فقال:

رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقهـا

 

تَقْضَمُ الهِنْدِيَّ والغارا

والقَضِيمُ: ما قَضِمتْه. وما للقوم قَضِيمٌ وقَضامٌ وقُضْمة ومَقْضَمٌ أي ما يُقْضَمُ عليه؛ ومنه قول بعض العرب وقد قدم عليه بان عم له بمكة فقال: إن هذه بلادَ مَقْضم وليست ببلاد مَخْضَم. وما ذقت قَضاماً أَي شيئاً. وأَتتهم قَضِيمة أي مِيرة قليلة.
والقِضْمُ: ما ادَّرَعَتْه الإبل والغنم من بقية الحلْي. والقَضَمُ: انصداع في السن، وقيل: تَثَلُّمٌ وتَكسُّر في أَطراف الأَسنان وتفَلُّلٌ واسوداد، قَضِمَ قَضَماً، فهو قَضِمٌ وأَقضَم، والأُنثى قَضْماء. وقد قَضِم فوه إذا انكسر، ونَقِدَ مثله. والقَضِم، بكسر الضاد: السيف الذي طال عليه الدهر فتكسر حدُّه، وفي المحكم: وسيف قَضِمٌ طال عليه الدهر فتكسر حَدُّه. وفي مضاربه قَضَم، بالتحريك، أي تكسر، والفعل كالفعل؛ قال راشد بن شهاب اليشكري:

فلا تُوعِدَنِّي، إنَّني إنْ تُلاقِـنـي

 

مَعِي مَشْرَفِيٌّ في مَضارِبهِ قَضَمْ

قال ابن بري: ورواه ابن قتيبة قَصَم، بصاد غير معجمة؛ ويروى صدره:

مَتى تَلْقَني تَلْقَ امْرأً ذا شَكِيمةٍ

والقَضِيم: الجلد الأَبيض يكتب فيه، وقيل: هي الصحيفة البيضاء، وقيل: النِّطع، وقيل: هو العَيبة، وقيل: هو الأَديم ما كان، وقيل: هو حصير منسوج خيوطه سيُور بلغة أهل الحجاز؛ قال النابغة:

كأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِساتِ ذُيولَها

 

عليه قَضِيمٌ، نَمَّقَتْه الصَّوانِعُ

والجمع من كل ذلك أَقضِمةٌ وقُضُم، فأَما القَضَمُ فاسم للجمع عند سيبويه. وفي حديث الزهري: قُبض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والقرآن في العُسُب والقُضُم؛ هي الجلود البيض، واحدها قَضِيم، ويجمع أَيضاً على قَضَم، بفتحتين، كأَدَمٍ وأَدِيمٍ؛ ومنه الحديث: أنه دخل على عائشة، رضي الله عنها، وهي تلعب ببنت مُقَضِّمة؛ هي لُعبة تتخذ من جلود بيض، ويقال لها بنت قُضّامة، بالضم والتشديد؛ قال ابن بري: ولعبة أهل المدينة اسمها بنت قُضّامة، بضم القاف غير مصروف، تعمل من جلود بيض. والقَضيم: النطع الأَبيض، وقيل: من صحف بيض من القَضيمة وهي الصحيفة البيضاء. ابن سيده: والقَضيمة الصحيفة البيضاء كالقَضِيم؛ عن اللحياني، قال: وجمعها قُضُم كصحيفة وصحف، وقَضَمٌ أَيضاً، قال: وعندي أَن قَضَماً اسم لجمع قَضِيمة كما كان اسماً لجمع قضيم؛ وقال أَبو عبيد في القَضيم بمعنى الجلد الأَبيض:

كأَنَّ ما أبْقَتِ الرَّوامِسُ منه،

 

والسِّنُونَ الذَّواهِـبُ الأُوَلُ،

قَرْعُ قَضِيمٍ غَلا صَوانِعُـه،

 

في يَمَنِيِّ العَيَّاب، أَو كِلَـلُ

غلا أي تأَنَّق في صنعه. الليث: والقَضيم الفضة؛ وأَنشد:

وثُدِيٌّ ناهِـداتٌ،

 

وبَياضٌ كالقَضِيمِ

قال الأَزهري: القَضِيم ههنا الرَّق الأَبيض الذي يكتب فيه، قال: ولا أَعرف القضيم بمعنى الافضة فلا أَدري ما قول الليث هذا.
والقُضامُ والقَضاضِيمُ: النخل التي تطول حتى يَخِفّ ثمرها، واحدتها قُضّامة وقُضامةٌ.
والقُضّام: من نجيل السباخ؛ قال أَبو حنيفة: هو من الحمض، وقال مرة: هو نبت يشبه الخِذْراف، فإذا جفّ أَبيضَّ، وله وريقة صغيرة. وفي حديث علي: كانت قريش إذا رأَته قالت احذروا الحُطَمَ احذروا القُضَمَ أي الذي يَقْضَمُ الناس فيُهْلِكُهم.

قضي

القَضاء: الحُكْم، وأَصله قَضايٌ لأَنه من قَضَيْت، إِلا أَنَّ الياء لما جاءت بعد الأَلف همزت؛ قال ابن بري: صوابه بعد الأَلف الزائدة طرفاً همزت، والجمع الأَقْضِيةُ، والقَضِيَّةُ مثله، والجمع القَضايا على فَعالَى وأَصله فَعائل. وقَضَى عليه يَقْضي قَضاء وقَضِيَّةً، الأَخيرة مصدر كالأُولى، والاسم القَضِيَّة فقط؛ قال أَبو بكر: قال أَهل الحجاز القاضي معناه في اللغة القاطِع للأُمور المُحِكم لها. واسْتُقْضِي فلان أَي جُعِل قاضِياً يحكم بين الناس. وقَضَّى الأَميرُ قاضِياً: كما تقول أَمرَ أَميراً. وتقول: قَضى بينهم قَضِيَّة وقَضايا. والقَضايا: الأَحكام، واحدتها قَضِيَّةٌ. وفي صلح الحُدَيْبِيةِ: هذا ما قاضى عليه محمد، هو فاعَلَ من القَضاء الفَصْلِ والحُكْم لأَنه كان بينه وبين أَهل مكة، وقد تكرر في الحديث ذكر القَضاء، وأَصله القَطْع والفصل. يقال: قَضَى يَقْضِي قَضاء فهو قاضٍ إذا حَكَم وفَصَلَ. وقَضاء الشيء: إِحْكامُه وإِمْضاؤُه والفراغ منه فيكون بمعنى الخَلْق. وقال الزهري: القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إِلى انقطاع الشيء وتمامه. وكلُّ ما أُحْكِم عمله أَو أُتِمَّ أَو خُتِمَ أَو أُدِّيَ أَداء أَو أُوجِبَ أَو أُعْلِمَ أَو أُنْفِذَ أَو أُمْضِيَ فقد قُضِيَ. قال: وقد جاءت هذه الوجوه كلها في الحديث، ومنه القَضاء المقرون بالقَدَر، والمراد بالقَدَر التقدير، وبالقَضاء الخَلق كقوله تعالى: فقَضاهن سبع سموات؛ أَي خلقهن، فالقَضاء والقَدَرُ أَمران مُتَلازمان لا يَنْفك أَحدهما عن الآخر، لأَن أَحدهما بمنزلة الأَساس وهو القَدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القَضاء، فمن رام الفَصْل بينهما فقد رام هَدْمَ البناء ونَقْضه. وقَضَى الشيءَ قَضاء: صنَعه وقَدَّره؛ ومنه قوله تعالى: فقَضاهن سبع سموات في يومين؛ أَي فخلقهن وعَمِلهن وصنعهن وقطَعَهن وأَحكم خلقهن، والقضاء بمعنى العمل، ويكون بمعنى الصنع والتقدير. وقوله تعالى: فاقْضِ ما أَنتَ قاضٍ؛ معناه فاعمل ما أَنت عامل؛ قال أَبو ذؤيب:

وعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما

 

داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ

قال ابن السيرافي: قَضاهما فَرغ من عملهما. والقضاء: الحَتْم والأَمْرُ.
وقَضَى أَي حَكَمَ، ومنه القضاء والقَدر. وقوله تعالى: وقَضَى ربُّك أَن لا تعبدوا إِلاَّ إِياه؛ أَي أَمَر ربك وحَتم، وهو أَمر قاطع حَتْم.
وقال تعالى: فلما قَضَينا عليه الموت؛ وقد يكون بمعنى الفراغ، تقول: قَضَيت حاجتي. وقَضى عليه عَهْداً: أَوصاه وأَنفذه، ومعناه الوصية، وبه يفسر قوله عز وجل: وقَضَينا إلى بني إسرائيل في الكتاب؛ أَي عَهِدْنا وهو بمعنى الأَداء والإنْهاء. تقول: قَضَيْتُ دَيْني، وهو أَيضاً من قوله تعالى:وقَضَينا إلي بني إسرائيل في الكتاب، وقوله: وقَضَيْنا إليه ذلك الأمر: أَي أَنْهَيْناه إليه وأَبْلَغْناه ذلك، وقَضى أَي حكم. وقوله تعالى: ولا تَعْجَلْ بالقُرآن من قبل أَن يُقْضَى إليك وَحْيُه؛ أَي من قبل أَن يُبَيَّن لك بيانه. الليث في قوله: فلما قَضَيْنا عليه الموت؛ أَي أَتْمَمْنا عليه الموت. وقَضَى فلان صلاته أَي فَرَغَ منها. وقَضَى عَبْرَتَه أَي أَخرج كل ما في رأْسِه؛ قال أَوس:

أَمْ هَل كَثِيرُ بُكىً لم يَقْضِ عَبْرَتَه

 

إثرَ الأَحبَّةِ يومَ البَيْنِ، مَعْـذُور؟

أي لم يُخْرِج كلَّ ما في رأْسه.
والقاضِيةُ: المَنِيَّة التي تَقْضِي وَحِيّاً. والقاضيةُ: المَوت، وقد قَضَى قَضاء وقُضِيَ عليه؛ وقوله:

تَحنُّ فَتُبْدِي ما بها من صَـبـابةٍ

 

وأُخِفي الذي لولا الأَسا لقَضاني

معناه قَضَى عَليَّ؛ وقوله أَنشده ابن الأعرابي:

سَمَّ ذَرارِيحَ جَهِيزاً بالقَضِي

فسره فقال: القَضِي الموت القاضي، فإما أَن يكون أَراد القَضي، بالتخفيف، وإما أَن يكون أَراد القَضِيّ فحذف إحدى الياءين كما قال:

أَلم تَكُنْ تَحْلِف باللهِ الـعَـلـي

 

إنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطِي؟

وقَضَى نَحْبَه قَضاء: مات؛ وقوله أَنشده يعقوب للكميت:

وذا رَمَقٍ منها يُقَضِّي وطافِسا

إما أَن يكون في معنى يَقْضِي، وإما أَن يكون أَن الموت اقتضاه فقضاه دينه؛ وعليه قول القطامي:

في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ صاحبُه

 

إذا الصَّراريُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَمـا

أَي يَقْضِي الموتَ ما جاءه يَطْلُب منه وهو نفْسُه. وضَرَبَه فَقَضى عليه أَي قتله كأَنه فَرَغَ منه. وسَمٌّ قاضٍ أَي قاتل. ابن بري: يقال قَضَى الرجلُ وقَضَّى إذا مات؛ قال ذو الرمة:

إذا الشَّخْصُ فيها هَزَّه الآلُ أَغْمَضَت

 

عليهِ، كإغْماضِ المُقَضِّي هُجُولُهـا

ويقال: قَضَى عَليَّ وقَضاني، بإِسقاط حرف الجر؛ قال الكلابي:

فَمَنْ يَكُ لم يَغْرَضْ فإني وناقَتـي

 

بِحَجْرٍ إلى أَهلِ الحِمَى، غَرِضان

تَحِنُّ فَتُبْدِي ما بها من صَـبـابَة

 

وأُخْفِي الذي لولا الأَسا لقَضاني

وقوله تعالى: ولو أَنزلنا مَلَكاً لقُضِيَ الأمر ثم لا يُنْظَرون؛ قال أَبو إسحق: معنى قُضِيَ الأمر أُتِم إهْلاكُهم. قال: وقَضى في اللغة على ضُروب كلُّها ترجع إلى معنى انْقِطاعِ الشيء وتَمامِه؛ ومنه قوله تعالى: ثم قَضَى أَجَلاً؛ معناه حَتَم بذلك وأَتَمَّه، ومنه الإعْلام؛ ومنه قوله تعالى: وقَضَينا إلى بني إسرائيل في الكتاب؛ أَي أَعْلَمْناهم إعلاماً قاطعاً، ومنه القَضاء للفَصْل في الحُكْم وهو قوله: ولَوْلا أَجَلٌ مُسَمّىً لقُضِيَ بينهم؛ أَي لفُصِلَ الحُكْم بينهم، ومثل ذلك قولهم: قد قَضَى القاضِي بين الخُصومِ أَي قد قَطَع بينهم في الحكم، ومن ذلك: قد قَضَى فلان دَيْنه، تأْويله أَنه قد قَطَع ما لغَريمه عليه وأَدَّاه إليه وقَطَعَ ما بينه وبينه. واقْتَضَى دَيْنه وتَقاضاه بمعنى. وكلُّ ما أُحْكِمَ فقد قُضِيَ. تقول: قد قَضَيْتُ هذا الثوبَ، وقد قَضَيْتُ هذه الدار إذا عَمِلْتها وأَحْكَمْتَ عَمَلَها، وأَما قوله: قم اقْضوا إليَّ ولا تنظرونِ، فإن أَبا إسحق قال: ثم افْعلُوا ما تُريدون، وقال الفراء:معناه ثم امْضُوا إليَّ كما يقال قد قَضىَ فلان، يريد قد مات ومَضى؛ وقال أَبو إسحق: هذا مثل قوله في هود: فكِيدُوني جميعاً ثم لا تُنْظِرُونِ؛ يقول: اجْهَدُوا جَهْدَكم في مُكايَدَتي والتَّأَلُّب عليَّ، ولا تُنْظِرُونِ أَي ولا تُمْهِلوني؛ قال: وهذا من أَقوى آيات النبوة أن يقول النبي لقومه وهم مُتعاوِنون عليه افعلوا بي ما شئتم.
ويقال: اقتتل القوم فقَضَّوْا بينهم قَواضِيَ وهي المَنايا؛ قال زهير:

فقَضَّوا مَنايا بينَهم ثم أَصْدَرُوا

الجوهري: قَضَّوا بينهم منايا، بالتشديد، أَي أَنْفَذوها. وقَضَّى اللُّبانةَ أَيضاً، بالتشديد، وقَضاها، بالتخفيف بمعنى.
وقَضى الغَريمَ دَيْنَه قَضاء: أَدَّاه إليه. واستَقْضاه: طلَب إليه أن يَقْضِيَه. وتَقاضاه الدَّيْنَ: قَبَضَه منه؛ قال:

إذا ما تَقاضى المَرْءَ يومٌ ولَيلةٌ

 

تَقاضاه شيءٌ لا يَمَلُّ التَّقاضِيا

أَراد: إذا تَقاضى المرءَ نَفْسَه يومٌ وليلة. ويقال: تَقَاضَيْته حَقِّي فَقضانِيه أَي تَجازَيْتُه فجَزانِيه.ويقال: اقْتَضَيْتُ ما لي عليه أَي قَبَضْته وأَخذْته. والقاضِيةُ من الإبل: ما يكون جائزاً في الدَّية والفَريضةِ التي تَجِب في الصَّدقة؛ قال ابن أَحمر:

لَعَمْرُكَ ما أَعانَ أَبو حَكِيمٍ

 

بِقاضِيةٍ، ولا بَكْرٍ نَجِيب

ورجل قَضِيٌّ: سريع القَضاء، يكون من قَضاء الحكومة ومن قَضَاء الدَّين. وقَضى وطَرَه: أَتمَّه وبلَغه. وقَضَّاه: كَقَضاه؛ وقوله أَنشده أَبو زيد:

لقَدْ طالَ ما لَبَّثْتَني عن صَحابَتي

 

وعَن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها من شِفائِيا

قال ابن سيده: هو عندي من قَضَّى ككِذّابٍ من كَذَّبَ، قال: ويحتمل أَن يريد اقتضاؤها فيكون من باب قِتَّالٍ كما حكاه سيبويه في اقْتِتالِ. والانْقِضاء: ذَهاب الشيء وفَناؤه، وكذلك التَّقَضِّى. وانقضى الشيء وتَقَضَّى بمعنى. وانْقِضاء الشيء وتَقَضِّيه: فَناؤه وانْصِرامُه؛ قال:

وقَرَّبُوا للْبَيْن والتَّقَضِّي

من كلِّ عَجَّاجٍ تَرى للغَرْضِ

خَلْفَ رَحى حَيْزُومِه كالغَمْضِ

أَي كالغمض الذي هو بطن الوادي؛ فيقول ترى للغَرْضِ في جَنْبِه أَثراً عظيماً كبطن الوادي.
والقَضاة: الجِلدة الرَّقيقةُ التي تكون على وجه الصبيّ حين يولد.
والقِضَةُ، مخففةً: نِبْتةٌ سُهْلِيَّةٌ وهي منقوصة، وهي من الحَمْض، والهاء عوض، وجمعها قِضىً؛ قال ابن سيده: وهي من معتلّ الياء، وإنما قَضَيْنا بأَن لامها ياء لعدم ق ض و ووجود ق ض ي الأصمعي: من نبات السهل الرِّمْثُ والقِضةُ، ويقال في جمعه قِضاتٌ وقِضُون. ابن السكيت: تجمع القِضةُ قِضِينَ؛ وأَنشد أَبو الحجاج:

بِساقَيْنِ ساقَيْ ذي قِضِينَ تَحُشُّه

 

بأَعْوادِ رَنْدٍ، أَو أَلاوِيةً شُقْـرا

وقال أُمية بن أَبي الصَّلْت:

عَرَفْتُ الدَّارَ قد أَقْوَتْ سِنينا

 

لِزَيْنَبَ، إذْ تَحُلُّ بذي قِضِينا

وقِضةُ أَيضاً: موضع كانت به وقعة تحْلاق اللِّمَمِ، وتَجمع على قِضاة وقِضين، وفي هذا اليوم أَرسلت بنو حنيفة الفِنْد الزَّمَّانيِّ إلى أَولاد ثعلبة حين طلبوا نصرهم على بني تَغْلِب، فقال بنو حنيفة: قد بعثنا إليكم بأَلف فارس، وكان يقال له عَدِيد الأَلف، فلما قدم على بني ثعلبة قالوا له: أَين الألف؟ قال أَنا، أَما تَرضَوْن أَني أَكون لكم فِنْداً؟ فلما كان من الغد وبرزوا للقِتال حمل على فارس كان مُرْدِفاً لآخر فانتظمهما وقال:

أَيا طَعْنَةَ ما شَيْخٍ

 

كبِيرٍ يَفَنٍ بالي

أَبو عمرو: قَضَّى الرجل إذا أَكل القَضا وهو عَجَم الزبيب، قال ثعلب: وهو بالقاف؛ قاله ابن الأعرابي. أَبو عبيد: والقَضَّاء من الدُّروع التي قد فُرغ من عملها وأُحْكمت، ويقال الصُّلْبة؛ قال النابغة:

وكلُّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّـعِـيَّةٍ

 

ونَسْجُ سُلَيْمٍ كلَّ قَضاءَ ذائِل

قال: والفعل من القَضَّاء قَضَيْتها؛ قال أَبو منصور: جعل القَضَّاء فَعَّالاً من قَضى أَي أَتَمَّ، وغيره يجعل القَضّاء فَعْلاء من قَضَّ يَقَضُّ، وهي الجَديدُ الخَشِنةُ، من إقْضاضِ المَضْجَع. وتَقَضَّى البازي أَي انْقَضَّ، وأَصله تَقَضَّضَ، فلما كثرت الضادات أُبدلت من إحداهن ياء؛ قال العجاج:

إذا الكرامُ ابْتَدَرُوا البـاعَ بَـدَرْ

 

تَقَضِّى البازي إذا البازي كَسَرْ

وفي الحديث ذكر دار القَضاء في المدينة، قيل: هي دارُ الإمارة، قال بعضهم: هو خطأٌ وإنما هي دار كانت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بيعت بعد وفاته في دَينه ثم صارت لمَرْوان، وكان أَميراً بالمدينة، ومن ههنا دخل الوهم على من جعلها دار الإمارة.

قطا

قَطا يَقْطو: ثَقُل مشيه.
والقَطا: طائر معروف، سمي بذلك لثِقَل مَشيْه، واحدته قَطاة، والجمع قَطَوات وقَطَياتٌ، ومشيها الاقْطِيطاء. تقول: اقْطَوْطَتِ القَطاةُ تَقْطَوْطي، وأَما قَطت تَقْطُو فبعض يقول من مشيها، وبعض يقول من صوتها، وبعض يقول صوتها القَطْقَطةُ. والقَطْوُ: تَقَارُب الخَطْو من النَّشاط.
والرجل يَقْطَوْطي في مشيه إذا اسْتَدارَ وتَجَمَّع؛ وأَنشد:

يَمْشِي مَعاً مُقْطَوْطِياً إذا مَشَى

وقَطَت القَطاةُ: صوّتت وحدها فقالت قَطاقَطا؛ قال الكسائي: وربما قالوا في جمعه قَطَياتٍ، ولَهَياتٍ في جمع لَهاة الإنسان، لأن فَعَلْت منهما ليس بكثير فيجعلون الألف التي أَصلها واو ياء لقلتها في الفعل، قال: ولا يقولون في غَزَواتٍ غَزَيات لأن غَزَوْتُ أَغْزُو كثير معروف في الكلام. وفي المثل: إنه لأَصْدَقُ من قَطاة؛ وذلك لأنها تقول قَطا قَطا. وفي المثل أَيضاً: لو تُرِكَ القَطا لَنامَ؛ يضرب مثلاً لمن يَهِيجُ إذا تُهُيِّج. التهذيب: دل بيت النابغة أَن القَطاة سميت قَطاة بصوتها؛ قال النابغة:

تَدْعُو قَطا، وبه تُدْعى إذا نُسِبَتْ

 

يا صِدْقَها حِينَ تَدْعُوها فتَنْتَسِبُ

وقال أَبو وَجْزة يصف حميراً وردت ليلاً ماء فمرت بِقَطاً وأَثارَتْها:  

ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صادِقةٍ

 

باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً غَيْرَ أَزْواجِ

يعني أَنها تمرُّ بالقَطا فتُثِيرها فتَصِيح قَطا قطا، وذلك انتسابها.
الفراء: ويقال في المثل إنه لأدَلُّ من قَطاة، لأنها تَرد الماء ليلاً من الفَلاة البعيدة.
والقَطَوانُ والقَطَوْطَى: الذي يُقارِبُ المشي من كل شيء. وقال شمر: وهو عندي قَطْوان، بسكون الطاء، والأُنثى قَطَوانة وقَطَوطاة، وقد قَطا يَقْطُو قَطْواً وقُطُوّاً واقْطَوْطى.
والقَطَوطى: الطويل الرجلين إلا أَنه لا يقارب خَطْوه كمشي القطا.
والقَطاةُ: العَجُز، وقيل: هو ما بين الوَرِكين، وقيل: هو مَقعَد الرِّدف أَو موضع الردف من الدابة خلف الفارس، ويقال: هي لكل خَلْق؛ قال الشاعر:

وكَسَتِ المِرْطَ قَطاةً رَجْزجا

وثلاث قَطَوات. والقَطا: مَقْعَد الرِّدف وهو الرِّديف؛ قال امرؤ القيس:

وصُمٌّ صِلابٌ ما يَقِينَ من الوَجى

 

كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منه على رالِ

يصفه بإشرافِ القَطاة. والرَّأْلُ: فرخ النَّعامِ؛ ومنه قول الراجز:

وأَبوكَ لم يَكُ عارِفاً بلَطاتِه

 

لا فَرْقَ بينَ قَطاتِه ولَطاتِه

وتقول العرب في مثل: ليس قَطاً مثلَ قُطَيٍّ أَي ليس النَّبِيلُ كالدَّنيءِ؛ وأَنشد:

ليس قَطاً مِثْلَ قُـطَـيٍّ، ولا ال

 

مَرْعِيُّ، وفي الأَقْوامِ، كالرّاعِي

أَي ليس الأَكابر كالأَصاغر.
وتَقَطَّى عني بوجهه: صدَف لأنه إذا صدَف بوجهه فكأَنه أَراه عَجُزَه؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:

أَلِكْني إلى المَوْلى الذي كُلَّما رَأى

 

غَنِياًّ تَقَطَّى، وهو للطَّرف قاطِعُ

ويقال: فلان من رَطاتِه لا يعرف قَطاتَه من لَطاتِه؛ يضرب مثلاً للرجل الأَحمق لا يعرف قُبُله من دُبُرِه من حَماقَته.
وقال أَبو تراب: سمعت الحُصَيْبي يقول تَقَطَّيْتُ على القوم وتَلَطَّيْتُ عليهم إذا كانت لي طَلِبةٌ فأَخذت من مالهم شيئاً فسبقت به.والقَطْوُ: مُقاربة الخَطْو مع النَّشاط، يقال منه: قطا في مِشْيته يَقْطُو، واقْطَوطى مثله، فهو قَطَوان، بالتحريك، وقَطَوطَى أَيضاً، على فَعَوْعَلٍ، لأَنه ليس في الكلام فعَوَّل، وفيه فَعَوْعَل مثل عَثَوثَل، وذكر سيبويه فيما يلزم فيه الواو أَن تبدل ياء نحو أَغْزَيْت واسْتَغْزَيت أَن قَطَوْطى فَعَلْعَلٌ مثل صَمَحْمحٍ، قال: ولا تجعله فَعَوْعَلاً لأَن فعَلْعَلاً أَكثر من فَعَوْعَلٍ، قال: وذكر في موضع آخر أَنه فَعَوْعَل، قال السيرافي: هذا هو الصحيح لأَنه يقال اقْطَوْطَى واقْطَوْطى افعَوْعَل لا غير. قال: والقَطَوطى أَيضاً القصير الرجلين، وقال ابن ولاّد: الطويل الرجلين، وغلطه فيه علي بن حمزة. وقال ثعلب: المُقْطَوْطي الذي يَخْتِل؛ وأَنشد للزِّبرقان:

مُقْطَوْطِياً يَشْتِمُ الأَقْوامَ ظالِمَهُـمْ

 

كالعِفْوِ سافَ رَقِيقَي أُمِّه الجَذَعُ

مقطوطياً أَي يختل جاره أَو صديقه، والعِفْوُ: الجَحْش، والرقيقان: مَراقُّ البطن أَي يريد أَن ينزو على أُمه.
والقَطْيُ: داء يأْخذ في العجز؛ عن كراع.
وتَقَطَّت الدلو: خرجت من البئر قليلاً قليلاً؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:

قد أَنْزِعُ الدلْوَ تَقَطَّى في المَرَسْ

 

تُوزِغُ من مَلْءٍ كإيزاغِ الفَرَسْ

والقَطَياتُ: لغة في القَطَوات. وقُطَيَّات: موضع. وكساء قَطَوانيٌّ، وقَطَوانُ: موضع بالكوفة. وقُطَيَّاتٌ: موضع، وكذلك قَطاتانِ موضع، ورَوْض القَطا؛ قال:

أَصابَ قُطَيّاتٍ فَسالَ لِواهُما

ويروى: أَصاب قَطاتَيْنِ؛ وقال أَيضاً:

دَعَتْها التَّناهِي برَوْضِ القَطا

 

إلى وحْفَتَيْنِ إلى جُلْـجُـل

ورياض القطا: موضع؛ وقال:

فما رَوْضةٌ من رِياضِ القَطا

 

أَلَثَّ بها عارِضٌ مُمْـطِـرُ

وقُطَيَّةُ بنت بشر: امرأَة مَرْوان بن الحكم.
وفي الحديث: كأني أَنظر إلى موسى بن عمران في هذا الوادي مُحْرماً بين قَطَوانِيَّتَيْن؛ القَطَوانِيَّةُ: عباءة بيضاء قصيرة الخَمْلِ، والنون زائدة، كذا ذكره الجوهري في المعتل، وقال: كساء قَطَوانيٌّ؛ ومنه حديث أُمّ الدرداء: قالت أَتاني سَلْمانُ الفارسيُّ فسلم علي وعليه عَباءة قَطَوانِيّة، والله أَعلم. قطب

قَطَبَ الشيءَ يَقْطِبُهُ قَطْباً: جَمَعه. وقَطَبَ يَقْطِبُ قَطْباً وقُطوباً، فهو قاطِبٌ وقَطُوبٌ.
والقُطوبُ: تَزَوِّي ما بين العينين، عند العُبوس؛ يقال: رأَيتُه غَضْبانَ قاطِباً، وهو يَقْطِبُ ما بين عينيه قَطْباً وقُطوباً، ويُقَطِّبُ ما بين عينيه تقطيباً. وقَطَبَ يَقْطِبُ: زَوَى ما بين عينيه، وعَبَس، وكَلَح من شَرابٍ وغيره، وامرأَة قَطُوبٌ. وقَطَّبَ ما بين عينيه أَي جَمعَ كذلك. والمُقَطَّبُ والمُقَطِّبُ والمُقْطِبُ ما بين الحاجبين.
وقَطَّبَ وجهَه تَقْطيباً أَي عَبَسَ وغَضِبَ. وقَطَّب بين عينيه أَي جَمعَ الغُضُونَ. أَبو زيد في الجَبِينِ: المُقَطِّبُ وهو ما بين الحاجبين. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بنَبيذٍ فشَمَّه فقَطَّبَ أَي قَبَضَ ما بين عينيه، كما يفعله العَبُوسُ، ويخفف ويثقل. وفي حديث العباس: ما بالُ قريش يَلْقَوْننا بوُجُوهٍ قاطبةٍ؟ أَي مُقَطَّبة.
قال: وقد يجيءُ فاعل بمعنى مفعول، كعيشة راضية؛ قال: والأَحسن أَن يكون فاعل، على بابه، مِنْ قَطَبَ، المخففة. وفي حديث المغيرة: دائمةُ القُطوب أَي العُبُوس.
يقال: قَطَبَ يَقْطِبُ قُطوباً، وقَطَبَ الشرابَ يَقْطِبُه قَطْباً وقَطَّبه وأَقْطَبه: كلُّه مَزَجه؛ قال ابن مُقْبِل:

أَناةٌ، كأَنَّ المِسْكَ تحت ثيابِها،

 

يُقَطِّبُه، بالعَنْبَرِ الوَرْدِ، مُقْطِبُ

وشَرابٌ قَطِيبٌ: مَقْطُوبٌ.
والقِطابُ: المِزاجُ، وكل ذلك من الجمع.
التهذيب: القَطْبُ المَزْجُ، وذلك الخَلْطُ، وكذلك إذا اجتمع القومُ وكانوا أَضيافاً، فاختلَطوا، قيل: قَطبوا، فهم قاطِبون؛ ومن هذا يقال: جاءَ القومُ قاطِبَةً أَي جميعاً، مُخْتَلِطٌ بعضُهم ببعض.
الليث: القِطابُ المِزاجُ فيما يُشْرَبُ ولا يُشْرَبُ، كقول الطائفية في صَنْعَةِ غِسْلَة؛ قال أَبو فَرْوة: قَدِمَ فَرِيغُونُ بجارية، قد اشتراها من الطائف، فصيحةٍ، قال: فدخلتُ عليها وهي تُعالِجُ شيئاً، فقلتُ: ما هذا؟ فقالت: هذه غِسْلة. فقلتُ: وما أَخلاطُها؟ فقالت: آخُذُ الزبيبَ الجَيِّدَ، فأُلْقِي لَزَجَه، وأُلَجِّنُه وأُعَبِّيه بالوَخِيف، وأَقْطِبه؛ وأَنشد غيره:

يَشرَبُ الطِّرْمَ والصَّريفَ قِطابا

قال: الطِّرْم العَسل، والصَّريفُ اللَّبن الحارُّ، قِطاباً: مِزاجاً.
والقَطْبُ: القَطْع، ومنه قِطابُ الجَيب؛ وقِطابُ الجَيْب: مَجمَعُه؛ قال طرفة:

رَحِيبُ قِطابِ الجَيبِ منها، رَقيقَةٌ

 

بجَسِّ النَّدامى، بَضَّةُ المُتَجَـرَّدِ

يعني ما يَتَضامُّ من جانبي الجَيب، وهي استعارة؛ وكلُّ ذلك من القَطْبِ الذي هو الجمع بين الشيئين؛ قال الفارسي: قِطابُ الجَيبِ أَسفلُه.
والقَطِيبَةُ: لَبَنُ المِعْزى والضأْن يُقْطَبانِ أَي يُخلَطانِ، وهي النَّخِيسَةُ؛ وقيل: لبنُ الناقة والشاة يُخلَطان ويُجمَعان؛ وقيل اللبنُ الحليب أَو الحَقِينُ، يُخلَطُ بالإِهالة. وقد قَطَبْتُ له قَطِيبةً فشَرِبَها؛ وكلُّ مَمْزوج قَطِيبَةٌ. والقَطِيبة: الرَّثِيئَةُ. وجاءَ القومُ بقَطِيبِهم أَي بجَماعَتهم. وجاؤُوا قاطِبةً أَي جميعاً؛ قال سيبويه: لا يُستعمل إِلاَّ حالاً، وهو اسم يَدُلُّ على العموم.
الليث: قاطبة اسم يجمع كلَّ جِيل من الناس، كقولك: جاءَت العربُ قاطبةً. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: لما قُبِضَ سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، ارْتَدَّتِ العَرَبُ قاطبةً أَي جميعُهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في الحديث، نكرة منصوبة، غير مضافة، ونصبها على المصدر أَو الحال.
والقَطْبُ أَن تُدْخَلَ إِحْدى عُرْوَتي الجُوالِقِ في الأُخرى عند العَكْم، ثم تُثْنى، ثم يُجمَع بينهما، فإِن لم تُثْنَ، فهو السَّلْقُ؛ قال جَنْدَلٌ الطُّهَويّ:

وحَوْقَلٍ ساعِدُه قد انْمَلَـقْ،

 

يقول: قَطْباً ونِعِمّا، إِنْ سَلَقْ

ومنه يقال: قَطَبَ الرجلُ إذا ثَنَى جِلْدةَ ما بين عينيه. وقَطَبَ الشيءَ يَقْطِبُه قَطْباً: قَطَعه. والقُطَابة: القِطْعة من اللحم، عن كُراع.
وقِرْبة مَقْطُوبة أَي مملوءَة، عن اللحياني. والقُطْبُ والقَطْبُ والقِطْبُ والقُطُبُ: الحديدة القائمة التي تدور عليها الرَّحَى. وفي التهذيب: القُطْبُ القائم الذي تَدُور عليه الرَّحَى، فلم يذكر الحديدة. وفي الصحاح: قُطْبُ الرَّحى التي تَدُورُ حَوْلَها العُلْيا. وفي حديث فاطمة، عليها السلام: وفي يدها أَثَرُ قُطْبِ الرَّحَى؛ قال ابن الأَثير: هي الحديدة المركبة في وسط حجَر الرَّحَى السُّفْلى، والجمع أَقْطابٌ وقُطُوبٌ. قال ابن سيده: وأُرَى أَنَّ أَقْطاباً جمع قُطْبٍ وقُطُبٍ وقِطْبٍ، وأَنَّ قُطُوباً جمعُ قَطْبٍ.
والقَطْبة: لُغة في القُطْب، حكاها ثعلب.
وقُطْبُ الفَلَك وقَطْبُه وقِطْبُه: مَدَاره؛ وقيل القُطْبُ: كوكبٌ بين الجَدْيِ والفَرْقَدَيْن يَدُورُ عليه الفَلَكُ، صغير أَبيضُ، لا يَبْرَحُ مكانه أَبداً، وإِنما شُبِّه بقُطْبِ الرَّحَى، وهي الحديدة التي في الطَّبَقِ الأَسْفَل من الرَّحَيَيْنِ، يدور عليها الطَّبَقُ الأَعْلى، وتَدُور الكواكبُ على هذا الكوكب الذي يقال له: القُطْبُ. أَبو عَدْنان: والقُطْب أَبداً وَسَطُ الأَربع من بَنَات نَعْش، وهو كوكب صغير لا يزول الدَّهْرَ، والجَدْيُ والفَرْقدانِ تَدُور عليه. ورأَيت حاشية في نسخة الشيخ ابن الصلاح المحدّث، رحمه اللّه، قال: القَطْبُ ليس كوكباً، وإِنما هو بقعة من السماءِ قريبة من الجَدْي. والجَدْيُ: الكوكب الذي يُعْرَفُ به القِبلة في البلاد الشَّمالية. ابن سيده: القُطْبُ الذي تُبْنَى عليه القِبْلَة. وقُطْبُ كل شيء: مِلاكُه. وصاحبُ الجيش قُطْبُ رَحَى الحَرْب.
وقُطْبُ القوم: سيدُهم. وفلان قُطْبُ بني فلان أَي سيدُهم الذي يدور عليه أَمرهم. والقُطْبُ: من نِصالِ الأَهْداف.
والقُطْبةُ: نَصْلُ الهَدَفِ. ابن سيده: القُطْبةُ نَصْلٌ صغير، قصير،مُرَبَّع في طَرَف سهم، يُغْلى به في الأَهْداف؛ قال أَبو حنيفة: وهو من المَرامي. قال ثعلب: هو طَرَفُ السهم الذي يُرْمى به في الغَرَض. النضر: القُطْبةُ لا تُعَدُّ سَهْماً. وفي الحديث: أَنه قال لرافع بن خَديج، ورُمِيَ بسهم في ثَنْدُوَتِه: إِن شِئْتَ نَزَعْتُ السهم، وتركتُ القُطْبة، وشَهِدْتُ لك يوم القيامة أَنك شهيدُ القُطْبة.
والقُطْبُ: نصلُ السهم؛ ومنه الحديث: فيأْخذ سهمَه، فينظر إِلى قُطْبه، فلا يَرَى عليه دَماً.
والقُطْبة والقُطْبُ: ضربان من النبات؛ قيل: هي عُشْبة، لها ثمرة وحَبٌّ مثل حَبِّ الهَراسِ. وقال اللحياني: هو ضربٌ من الشَّوْك يَتَشَعَّبُ منها ثلاثُ شَوْكات، كأَنها حَسَكٌ. وقال أَبو حنيفة: القُطْبُ يذهب حِبالاً على الأَرض طولاً، وله زهرة صفراء وشَوْكةٌ إذا أَحْصَدَ ويَبِسَ، يَشُقُّ على الناس أَن يطؤُوها مُدَحْرَجة، كأَنها حَصاةٌ؛ وأَنشد:

أَنْشَيْتُ بالدَّلْوِ أَمْشِي نحـوَ آجـنةٍ،

 

من دونِ أَرْجائِها، العُلاَّمُ والقُطَبُ

واحدتُه قُطْبةٌ، وجمعها قُطَبٌ، وورَقُ أَصلِها يشبه ورق النَّفَل والذُّرَقِ؛ والقُطْبُ ثَمرُها. وأَرض قَطِبةٌ: يَنْبُتُ فيها ذلك النَّوْعُ من النبات. والقِطِبَّى: ضَرْبٌ من النبات يُصْنَعُ منه حَبْل كحبل النارَجيلِ، فَيَنْتَهي ثمنُه مائةَ دينار عَيْناً، وهو أَفضل من الكِنْبارِ. والقَطَبُ المنهيُّ عنه: هو أَن يأْخذَ الرجلُ الشيء، ثم يأْخذ ما بقي من المتاع، على حسب ذلك بغير وزن، يُعْتَبر فيه بالأَول؛ عن كراع.
والقَطِيبُ: فرس معروف لبعض العرب.
والقُطَيبُ: فرسُ سابقِ بن صُرَدَ.
وقُطْبَة وقُطَيْبة: اسمان.
والقُطَيْبِيَّةُ: ماءٌ بعينه؛ فأَما قول عَبيدٍ في الشعر الذي كَسَّرَ بعضَه:

أَقْفَرَ، من أَهْلِه، مَلْحُوبُ،

 

فالقُطَبِيَّاتُ، فالـذَّنُـوبُ

إِنما أَراد القُطَبِيَّة هذا الماءَ، فجمعه بما حَوْلَه.
وهَرمُ بنُ قُطْبَةَ الفَزاريّ: الذي نافَرَ إِليه عامِرُ ابنُ الطُّفيل وعَلْقَمةُ بنُ عُلاثَةَ.

قطج

أَبو عمرو: القَطْجُ إِحْكام فتل القَطاجِ، وهو قَلْسُ السَّفِينةِ.
ويقال: قَطَجَ إذا اسْتَقَى من البئر بالقَطاج، والله أَعلم.

قطر

قَطَرَ الماءُ والدَّمْعُ وغيرهما من السَّيَّالِ يَقْطُر قَطْراً وقُطُوراً وقَطَراناً وأَقْطَر؛ الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة، وتَقاطَرَ؛ أَنشد ابن جني:  

كأَنه تَهْتانُ يومٍ مـاطـرِ

 

من الربِيعِ، دائمُ التَّقاطُر

وأَنشده دائب بالباء، وهو في معنى دائم، وأَراد من أَيام الربيع؛ وقَطَره اللهُ وأَقْطَره وقَطَّره وقد قَطَرَ الماءُ وقَطَرْتُه أَنا، يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى؛ وقَطَرانُ الماء، بالتحريك، وتَقْطِيرُ الشيء: إِسالته قَطْرَةً قَطْرَةً.
والقَطْرُ: المَطَرُ. والقِطارُ: جمع قَطْرٍ وهو المطر. والقَطْرُ: ما قَطَرَ من الماء وغيره، واحدته قَطْرة، والجمع قِطار. وسحابٌ قَطُورٌ ومِقْطار: كثير القَطْرِ؛ حكاهما الفارسي عن ثعلب. وأَرض مَقْطورة: أَصابها القَطْر. واسْتَقْطَر الشيءَ: رامَ قَطَرَانَه. وأَقْطَرَ الشيءُ: حان أَن يَقْطُرَ. وغيث قُطارٌ: عظيم القَطْر. وقَطَرَ الصَّمْغُ من الشجرة يَقْطُر قَطْراً: خرج. وقُطَارةُ الشيء: ما قَطَرَ منه؛ وخص اللحياني به قُطارةَ الحَبِّ، قال: القُطارة، بالضم، ما قَطَر من الحَبِّ ونحوه.
وقَطَرَتِ اسْتُه: مَصَلَتْ، وفي الإِناء قُطارَة من ماء أَي قليلٌ؛ عن اللحياني. والقَطْرانُ والقَطِرانُ: عُصارَة الأَبْهَلِ والأَرْزِ ونحوهما يُطْبَخ فيُتحلب منه ثم تُهْنَأُ به الإِبِل. قال أَبو حنيفة: زعم بعض من ينظر في كلام العرب أَن القَطِرانَ هو عَصير ثمر الصَّنَوْبَر، وأَن الصَّنَوْبَر إِنما هو اسم لَوْزَةِ ذاك، وأَن شجرته به سميت صَنَوْبراً؛ وسمع قول الشماخ في وصف ناقته وقد رَشَحَتْ ذِفْراها فشبه ذفراها لما رشحت فاسْوَدَّت بمناديلِ عُصارة الصَّنَوْبَر فقال:

كأَن بذِفْراها مَنـادِيلَ فـارقـتْ

 

أَكُفَّ رِجالٍ، يَعْصِرُونَ الصَّنَوْبَرا

فظن أَن ثمره يعصر، وفي التنزيل العزيز: سَرابيلُهم من قَطِرانٍ؛ قيل، وا أَعلم: إِنها جعلت من القطران لأَنه يُبالِغُ في اشْتِعالِ النار في الجلود، وقرأَها ابن عباس: من قِطْرٍ آنٍ.
والقِطْرُ: النُّحاسُ والآني الذي قد انتهى حَرُّه. والقَطِرانُ: اسم رجل سمي به لقوله:

أَنا القَطِرانُ والشُّعَراءُ جَرْبى

 

وفي القَطِرانِ للجَرْبى هِناءُ

وبعير مَقْطُورٌ ومُقَطْرَنٌ، بالنون كأَنه رَدُّوه إِلى أَصله: مَطْليٌّ بالقَطِرانِ؛ قال لبيد:

بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُـورَةٌ

 

تَرْوِي المَحاجِرَ بازلٌ عُلْكُومُ

وقَطَرْتُ البعير: طَلَيْتُه بالقَطِرانِ؛ قال امرؤ القيس:

أَتَقْتُلني، وقد شَغَـفْـت فـؤادهـا

 

كما قَطَرَ المَهْنُوءةَ الرَّجُلُ الطالي؟

قوله: شغفت فؤادها أَي بلغ حبي منها شِغافَ قلبها كما بلغ القَطِرانُ شِغافَ الناقة المهنوءة؛ يقول: كيف تقتلني وقد بلغ من حبها لي ما ذكرته، إِذ لو أَقدمت على قتله لفسد ما بينه وبينها، وكان ذلك داعياً إِلى الفرقة والقطيعة منها.
والقِطْرُ، بالكسر: النحاس الذائب، وقيل: ضرب منه؛ ومنه قوله تعالى: من قِطْرٍ آنٍ. والقِطْرُ، بالكسر، والقِطْرِيَّة: ضرب من البُرود. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، كان مُتَوَشِّحاً بثوبٍ قِطْرِيّ. وفي حديث عائشة: قال أَيْمَنُ دَخَلْتُ على عائشة وعليها دِرْعٌ قِطْرِيٌّ تَمَنُهُ خمسة دراهم؛ أَبو عمرو: القِطْرُ نوع من البُرود؛ وأَنشد:

كَساكَ الحَنْظَليُّ كساءَ صُوفٍ

 

وقِطْرِيّاً، فأَنتَ بـه تَـفِـيدُ

شمر عن البَكْراوِيّ قال: البُرُود والقِطْرِيّة حُمْرٌ لها أَعلام فيها بعض الخشونة، وقال خالد بن جَنْبَةَ: هي حُلَلٌ تُعْمَلُ بمكان لا أَدري أَين هو. قال: وهي جِيادٌ وقد رأَيتها وهي حُمْرٌ تأْتي من قِبَلِ البحرين. قال أَبو منصور: وبالبحرين على سِيف وعُمان مدينة يقال لها قَطَرٌ، قال: وأَحسبهم نسبوا هذه الثياب إِليها فخففوا وكسروا القاف للنسبة، وقالوا: قِطْرِيٌّ، والأَصل قَطَرِيٌّ كما قالوا فِخْذٌ لِلفَخِذِ؛ قال جرير:

لَدَى قَطَرِيَّاتٍ، إذا ما تَغَوَّلَـتْ

 

بها البِيدُ غاولنَ الحُزُومَ الفَيافِيا

أَراد بالقَطَرِيَّاتِ نَجائبَ نسبها إِلى قَطَر وما والاها من البَرِّ؛ قال الراعي وجعل النعام قَطَرِيَّةً:

الأَوْبُ أَوْبُ نَعائِمٍ قَطَريَّةٍ

 

والآلُ آلُ نَحائِصٍ حُقْبِ

نسب النعائم إِلى قَطَرٍ لاتصالها بالبَرِّ ومحاذاتها رِمالَ يَبْرِينَ. والقُطْر، بالضم: الناحية والجانب، والجمع أَقْطار. وقومُك أَقْطارَ البلادِ: على الظرف وهي من الحروف التي عزلها سيبويه ليفسر معانيها ولأَنها غرائب. وفي التنزيل العزيز: من أَقطار السموات والأَرض؛ أَقطارُها: نواحيها، واحدها قُطْر، وكذلك أَقتارُها، واحدها قُتْرٌ. قال ابن مسعود: لا يعجبنك ما ترى من المرء حتى تنظر على أَيِّ قُطْرَيْه يقع أَي على أَي شِقَّيه يقع في خاتمة عمله، أَعلى شق الإِسلام أَو غيره. وأَقطارُ الفَرَس: ما أَشرف منه وهو كاثِبَتُه وعَجُزُه، وكذلك أَقطار الخيل والجمل ما أَشْرَفَ من أَعاليه. وأَقطارُ الفَرس والبعير: نواحيه. والتَّقاطُرُ: تقابُلُ الأَقطارِ. وطَعَنه فَقَطَّرَه أَي أَلقاه على قُطْرِه أَي جانبه، فَتَقَطَّر أَي سقط، قال الهُذَليُّ المُتَنَخِّلُ:

التَّارِك القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُـه

 

كأَنه من عُقارِ قَهْوَةٍ ثَـمِـلُ

مُجَدَّلاً يتَسَقَّى جِـلْـدُه دَمَـهُ

 

كما يُقَطَّرُ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ

ويروى: يتَكَسَّى جِلْدُه. والقُطُلُ: المقطوعُ. وقول: مُصْفَرّاً أَنامِلُه يريد أَنه نُزِفَ دَمُه فاصْفَرَّتْ أَنامِلُه. والعُقار: الخَمْر التي لازَمَتِ الدَّنَّ وعاقَرَتْه. والثَّمِلُ: الذي أَخذ منه الشَّرابُ.
والمُجَدَّلُ: الذي سقط بالجَدالَةِ وهي الأَرض. والدَّوْمَةُ: واحدةُ الدَّوْمِ وهو شجر المُقْل. الليث: إذا صَرَعْتَ الرجلَ صَرْعَةً شديدة قلت قَطَّرْتُه؛ وأَنشد:

قد عَلِمَتْ سَلْمَى وجاراتُها

 

ما قَطَّرَ الفارِسَ إِلاَّ أَنـا

وفي الحديث: فَنَفَرَتْ نَقَدَةٌ فَقَطَّرَتِ الرجلَ في الفُراتِ فغَرِقَ أَي أَلقته في الفُرات على أَحد قُطْرَيْه أَي شِقَّيْهِ. والنَّقَدُ: صِغارُ الغَنَم. وفي الحديث: أَن رجلاً رمى امرأَةً يوم الطائف فما أَخطأَ أَن قَطَّرَها. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: قد جمع حاشِيَتَيْه وضَمَّ قُطْرَيْه أَي جمع جانبيه عن الإنتشارِ والتَّبَدُّدِ والتَّفَرُّقِ، والله أَعلم. وقَطَرَه فَرَسُه وأَقْطَرَه وتَقَطَّر به: أَلقاه على تلك الهيئة. وتَقَطَّرَ هو: رَمى بنَفْسه من عُلْوٍ. وتَقَطَّر الجِذْعُ: قُطِعَ أَو انْجَعَبَ كَتَقَطَّلَ. والبعيرُ القاطِرُ: الذي لا يزال يَقْطُرُ بولُه. الفراء: القُطارِيُّ الحَيّةُ مأْخوذ من القُطارِ وهو سَمُّه الذي يَقْطُرُ من كثرته. أَبو عمرو: القُطارِيَّةُ الحية.
وحيةٌ قُطارِيَّةٌ: تأْوي إِلى قُطْرِ الجبل، بَنى فُعالاً منه وليست بنسبة على القُطْرِ وإِنما مَخْرَجُه مَخْرَجُ أُيارِيّ وفُخاذِيّ؛ قال تأَبَّطَ شرّاً:

أَصَمُّ قُـطـارِيٌّ يكـونُ خـروجُـه

 

بُعَيْدَ غُروبِ الشمسِ، مُخْتَلِفَ الرَّمْسِ

وتَقَطَّر للقتال تَقَطُّراً: تَهَيَّأَ وتحَرَّقَ له. قال: والتَقَطُّر لغة في التَّقَتُّر وهو التَّهَيُّؤُ للقتال. والقُطْرُ والقُطُرُ، مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به؛ وقد قَطَّر ثوبَه وتَقَطَّرَتِ المرأَةُ، قال امرؤ القيس:

كأَنَّ المُدامَ وصَوْبَ الغَـمـامْ

 

ورِيحَ الخُزامى ونَشرَ القُطُرْ

يُعَلُّ بهـا بَـرْد أَنْـيابِـهـا

 

إِذا طَرّبَ الطائرُ المُسْتَحِـرْ

شَبَّهَ ماءَ فيها في طيبه عند السَّحَر بالمُدم وهي الخمر، وصَوْب الغَمام: الذي يُمْزَجُ به الخمر، وريح الخُزامى: وهو خِيْرِيُّ البَرِّ.
ونَشْر القُطُر: وهو رائحة العود، والطائر المُسْتَحِرُ: هو المُصَوِّتُ عند السَّحَر.
والمِقْطَرُ والمِقْطَرَة: المِجْمَر؛ وأَنشد أَبو عُبيد للمُرَقِّشِ الأَصْغَر:

في كلِّ يومٍ لها مِقْطَرَةٌ

 

فيها كِباءٌ مُعَدٌّ وحَمِيمْ

أَي ماء حارٌّ تُحَمُّ به. الأَصمعي: إذا تَهَيَّأَ النبتُ لليُبْسِ قيل: اقْطارَّ اقْطِيراراً، وهو الذي يَنْثَني ويَعْوَجُّ ثم يَهِيجُ، يعني النبات. وأَقْطَرَ النبتُ واقْطارَّ: وَلَّى وأَخذ يَجِفُّ وتَهَيَّأَ لليُبْسِ؛ قال سيبويه: ولا يستعمل إِلا مزيداً. وأَسْوَدُ قُطارِيٌّ: ضَخْمٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَتَرْجُو الحَياةَ يا ابنَ بِشْرِ بنِ مُسْهِرٍ

 

وقد عَلِقَتْ رِجْلاكَ من نابِ أَسْوَدا

أَصَمَّ قُطارِيٍّ، إذا عَضَّ عَضَّةً

 

تَزَيَّلَ أَعْلى جِلْدِه فتَـرَبَّـدا؟

وناقة مِقْطار على النسب، وهي الخَلِفةُ. وقد اقْطارَّتْ: تَكَسَّرَتْ.
والقِطارُ: أَن تَقْطُر الإِبل بعضها إِلى بعض على نَسَقٍ واحد.
وتَقْطِيرُ الإِبل: من القِطارِ.
وفي حديث ابن سيرين: أَنه كان يكره القَطَرَ؛ قال ابن الأَثير:هو بفتحتين أَن يَزِنَ جُلَّةً من تمر أَو عِدْلاً من متاع أَو حَبٍّ ونحوهما ويأْخُذَ ما بقي على حساب ذلك ولا يزنه، وهو المُقاطَرة؛ وقيل: هو أَن يأْتي الرجل إِلى آخر فيقول له: بعني ما لك في هذا البيت من التمر جُزافاً بلا كيل ولا وزن، فيبيعه، وكأَنه من قِطارِ الإِبل لاتِّباع بعضه بعضاً. وقال أَبو معاذ: القَطَرُ هو البيع نفسه؛ ومنه حديث عُمارة: أَنه مَرَّتْ به قِطارةُ جمال؛ القِطارَةُ والقِطارُ أَن تُشَدَّ الإِبلُ على نَسَقٍ واحداً خَلفَ واحد. وقَطَرَ الإِبلَ يَقْطُرها قَطْراً وقَطَّرها: قَرَّب بعضَها إِلى بعض على نَسَقٍ. وفي المثل: النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ؛ معناه أَن القوم إذا أَنْفَضُوا ونَفِدَتْ أَموالهُم قَطَروا إِبلهم فساقوها للبيع قِطاراً قِطاراً. والقطارُ: قِطارُ الإِبل؛ قال أَبو النجم:

وانْحَتَّ من حَرْشاءِ فَلْجٍ حَرْدَلُه

 

وأَقْبَلَ النملُ قِطاراً تَنْقُـلُـه

والجمع قُطُرٌ وقُطُراتٌ.
وتَقَاطَرَ القومُ: جاؤوا أَرسالاً، وهو مأْخوذ من قِطارِ الإِبل: وجاءت الإِبل قطاراً أَي مَقْطورة. الرِّياشِيُّ: يقال أَكْرَيْتُهُ مُقاطَرَةً إِذاأَكراه ذاهباً وجائياً، وأَكريته وضعة وتوضعة إذا أَكراه دَفْعةً. ويقال: اقْطَرَّتِ الناقة اقْطِراراً، فهي مُقْطَرَّةٌ، وذلك إذا لَقِحتْ فشالتْ بذنبها وشَمَختْ برأْسها.
قال الأَزهري: وأَكثر ما سمعت العرب تقول في هذا المعنى: اقْمَطَرَّت، فهي مُقْمَطِرَّة، وكأَن الميم زائدة فيها.
والقُطَيْرة: تصغير القُطْرَة وهو الشيء التافه الخسيس. والمِقْطَرَةُ: الفَلَقُ، وهي خشبة فيها خروق، كل خرق على قدرِ سَعَةِ الساق، يُدْخَلُ فيها أَرجل المحبوسين، مشتق من قِطار الإِبل لأَن المحبوسين فيها على قِطارٍ واحد مضموم بعضهم إِلى بعض، أَرجلهم في خروق خشبة مفلوقة على قَدْرِ سَعَةِ سُوقِهم. وقَطَرَ في الأَرض قُطوراً ومَطَر مُطُوراً: ذهب فأَسرع.
وذهب ثوبي وبعيري فما أَدري من قَطَره ومن قَطَرَ به أَي أَخذه، لا يستعمل إِلا في الجَحْدِ. ويقال: تَقَطَّرَ عني أَي تَخَلَّفَ عني، وأَنشد:

إِنِّي على ما كانَ من تَقَطُّـري

 

عنكَ، وما بي عنكَ من تأَسُّري

ولمُقطَئِرُّ: الغضبانُ المُنْتَشِرُ من الناس.
وقَطُوراءُ، مدودٌ: نبات، وهي سَوادِيَّة. والقَطْراء، ممدود: موضع؛ عن الفارسي. وقَطَرٌ: موضع بالبحرين؛ قال عَبْدَةُ بن الطبيب:

تَذَكَّرَ ساداتُنـا أَهْـلَـهُـمْ

 

وخافوا عُمانَ وخافوا قَطَرْ

والقَطَّارُ: ماء معروف. وقَطَرِيُّ بنُ فُجاءةَ المازنيُّ زعم بعضهم أَن أَصل الاسم مأْخوذ من قَطَريّ النِّعالِ.

قطرب

القُطْرُبُ: دويبة كانتْ في الجاهلية، يزعمون أَنها ليس لها قَرارٌ البتة؛ وقيل: لا تَسْتَريح نهارَها سَعْياً؛ وفي حديث ابن مسعود: لا أَعْرِفَنَّ أَحدكم جيفَةَ لَيْل، قُطْرُبَ نَهارٍ. قال أَبو عبيد: يقال إِن القُطْرُبَ لا تستريح نهارها سَعْياً؛ فشَبَّه عبدُاللّه الرجلَ يَسْعى نَهارَه في حوائج دُنْياه، فإِذا أَمْسَى أَمْسَى كالأً تَعِباً، فينامُ ليلَتَه حتى يُصْبِح كالجِيفة لا يَتحرك، فهذا جِيفةُ ليلٍ، قُطْرُبُ نَهار. والقُطْرُبُ: الجاهل الذي يَظْهَرُ بجَهْله. والقُطْرُب: السفيه. والقَطارِيبُ: السُّفَهاء، حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

عادٌ حُلُوماً، إذا طاشَ القَطارِيبُ

ولم يذكر له واحداً؛ قال ابن سيده: وخَلِيقٌ أَن يكون واحدُه قُطْرُوباً، إِلاَّ أَن يكون ابنُ الأَعرابي أَخَذ القَطارِيبَ مِن هذا البيت، فإِن كان ذلك، فقد يكون واحدُه قُطْرُوباً، وغير ذلك مما تثبت الياءُ في جَمْعِه رابعة مِن هذا الضرب، وقد يكون جمعَ قُطْرُب، إِلاَّ أَن الشاعر احتاج فأَثبت الياء في الجمع؛ كقوله:

نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّياريفِ

وحكى ثعلب أَن القُطْرُبَ: الخفيف، وقال على إِثْر ذلك: إِنه لَقُطْرُبُ لَيْلٍ؛ فهذا يدل على أَنها دويبة، وليس بصفة كما زعم.
وقُطْرُبٌ: لقبُ محمد بن المُسْتَنِير النَّحْوِيّ، وكان يُبَكِّر إِلى سيبويه، فيَفْتَحُ سيبويه بابه فيَجِدُه هنالك، فيقول له: ما أَنتَ إِلاَّ قُطْرُبُ ليل، فلُقِّبَ قُطْرُباً لذلك.
وتَقَطْرَبَ الرجلُ: حَرَّك رأْسَه؛ حكاه ثعلب وأَنشد:

إِذا ذَاقَها ذو الحِلْمِ منهمْ تَقَطْرَبا

وقيل تَقَطْرَب، ههنا: صار كالقُطْرُب الذي هو أَحدُ ما تقدم ذكره.
والقُطْرُبُ: ذَكَرُ الغِيلانِ. الليث: القُطْرُبُ والقُطْرُوبُ الذَّكَرُ من السَّعالي. والقُطْرُبُ: الصغيرُ من الكِلاب. والقُطْرُبُ: اللِّصُّ الفارِهُ في اللُّصُوصِيَّة. والقُطْرُبُ: طائر. والقُطْرُبُ: الذئبُ الأَمْعَط. والقُطْرُبُ: الجَبانُ، وإِن كان عاقلاً. والقُطْرُبُ: المَصْرُوعُ من لَمَمٍ أَو مِرارٍ، وجمعُها كلها قَطارِيبُ، واللّه أَعلم.

قطربس

التهذيب في الخُماسي: أَنشد أَبو زيد:

فَقَرَّبوا لي قَطْرَبُوساً ضارِباً

 

عَقْرَبَةً تُناهِزُ العَقـارِبـا

قال: والقَطْرَبُوس من العقارب الشديد اللَّسْع؛ وقال المازني: القَطْرَبُوس الناقة السريعة.

قطربل

قُطْرُبُّلٌ، بالضم والتشديد والباء: موضع بالعراق.

قطش

ابن الأَعرابي: القُطاشُ غُثاءُ السيل؛ قال الأَزهري: لا أَعرف القُطاشَ لغيره.

قطط

القَطُّ: القطْعُ عامَّة، وقيل: هو قَطعُ الشيء الصُّلب كالحُقَّة ونحوها تَقُطُّها على حَذْو مَسْبُورٍ كما يَقُطُّ الإِنسان قَصَبة على عظم، وقيل: هو القطْعُ عَرْضاً، قَطَّه يقُطُّه قَطّاً: قَطَعه عَرْضاً، واقْتَطَّه فانْقَطَّ واقْتَطَّ ومنه قَطُّ القلم. والمِقَطَّةُ والمِقَطُّ: ما يُقَطُّ عليه القلم. وفي التهذيب: المِقطةُ عُظَيم يكون مع الورّاقِين يقطون عليه أَطراف الأَقلام. وروي عن علي، رضوان اللّه عليه: أَنه كان إذا عَلا قَدَّ وإِذا توسّط قَطَّ؛ يقول إذا علا قِرْنَه بالسيف قَدَّه بنِصْفَين طُولاً كما يُقَدّ السير، وإِذا أَصاب وسَطه قَطعَه عرضاً نصفين وأَبانه. ومَقَطُّ الفرس: مُنْقَطَعُ أَضْلاعه. ابن سيده: والمَقط من الفرس منقطع الشَّراسِيفِ؛ قال النابغة الجَعْديّ:

كأَنَّ مَـقَـطَّ شَـراسِـيفـهِ،

 

إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَـبِ،

لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الـصِّـفـا

 

قِ، مِن خَشَبِ الجَوْزِ، لم يُثْقَبِ

والقِطاطُ: حرْف الجبل والصخرة كأَنما قُطَّ قَطَّاً، والجمع أَقِطَّةٌ؛ وقال أبُو زيد: هو أَعلى حافة الكهف وهي ثلاثة أَقطَّة. أَبو زيد: القَطِيطةُ حافةُ أَعلى الكهفِ، والقِطاطُ: المِثالُ الذي يَحْذُو عليه الحاذِي ويَقْطعُ النعل؛ قال رؤبة:

يا أَيُّها الحاذِي على القِطاطِ

والقِطاطُ: مَدار حافر الدابَّةِ لأَنه كأَنه قُطَّ أَي قُطِعَ وسُوِّيَ؛ قال:

يَرْدي بِسُمْرٍ صُلْبةِ القِطاطِ

والقَطَطُ: شعر الزّنْجِيّ. يقال: رَجل قَطَطٌ وشعر قَطَطٌ وامرأَة قَطَطٌ، والجمع قَطَطُونَ وقَطَطاتٌ، وشعر قَطٌّ وقطَطٌ: جَعْد قصير، قَطَّ يَقَطُّ قَطَطاً وقَطاطةً وقَطِطَ، بإِظهار التضعيف، قَطّاً، وهو طَرِيفٌ.
وجَعْدٌ قَطَطٌ أَي شدِيدُ الجُعودةِ. وقد قَطِطَ شعره، بالكسر، وهو أَحد ما جاء على الأَصل بإِظهار التضعيف، ورَجل قَطُّ الشعر وقَطَطُه بمعنى، والجمع قَطُّون وقَطَطُون وأَقْطاطٌ وقِطاطٌ؛ قال الهذلي:

يُمشَّى بَيْننا حـانـوتُ خَـمْـرٍ،

 

من الخُرْس الصَّراصِرةِ القِطاطِ

والأُنثى قطّةٌ وقَطَطٌ، بغير هاء. وفي حديث المُلاعَنة: إِن جاءتْ به جَعْداً قَطَطاً فهو لفلان؛ والقَطَطُ: الشديدُ الجعُودةِ، وقيل: الحسَنُ الجعُودةِ. الفراء: الأَقَطُّ الذي انْسَحَقت أَسنانه حتى ظهرت دَرادِرُها، وقيل: الأَقطُّ الذي سقطت أَسنانه. ابن سيده: ورجل أَقَطُّ وامرأَة قَطَّاء إذا أَكلا على أَسْنانِهما حتى تَنْسحِقَ؛ حكاه ثعلب.
والقَطَّاطُ: الخَرَّاطُ الذي يعمل الحُقَق؛ وأَنشد ابن بَري لرؤبة يصف أُتُناً وحماراً:

سَوَّى، مَساحِيهنَّ، تَقطِيطَ الحُقَقْ،

 

تَقْلِيلُ ما قارَعْنَ مِن سُمِّ الطُّرَق

أَراد بالمساحِي حَوافرَهن لأَنها تَسْحِي الأَرض أَي تَقْشُرها، ونصَب تقطيطَ الحقق على المصدر المشبه به لأَن معنى سَوّى وقطَّط واحد، والتقْطِيطُ: قطع الشيء، وأَراد تقطيع حُقَق الطِّيب وتَسْويتَها، وتقْليلُ فاعل سَوّى أَي سَوّى مَساحِيَهنَّ تكسيرُ ما قارَعَتْ من سُمّ الطُّرَق، والطُّرَقُ جمع طُرْقَة وهي حجارة بعضها فوق بعض.
وحديث قتل ابن أَبي الحُقَيْق: فتحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أَنْفَذَه فجعل يقول: قَطْني قَطْني. وقَطَّ السِّعْرُ يَقِطُّ، بالكسر، قَطّاً وقُطُوطاً، فهو قاطٌّ ومَقْطُوطٌ بمعنى فاعِل: غَلا. ويقال: وردْنا أَرضاً قَطّاً سِعْرُها؛ قال أَبو وجْزَة السَّعْدِيّ:

أَشْكُو إِلى اللّهِ العَزِيز الجَبّارْ،

ثُمَّ إِلَيْكَ اليَوْمَ بُعْدَ المُسْتارْ،

وحاجةَ الحَيِّ وقَطَّ الأَسْعارْ

وقال شمر: قَطَّ السِّعْرُ، إذا غَلا، خَطأ عندي إِنما هو بمعنى فَتَر، وقال الأَزهري: وَهِمَ شمر فيما قال. وروي عن الفراء أَنه قال: حَطَّ السِّعْرُ حُطُوطاً وانْحَطَّ انْحِطاطاً وكسَر وانكسر إذا فَتَر، وقال: سِعْرٌ مَقْطُوطٌ وقد قَطَّ إذا غَلا، وقد قَطَّه اللّه. ابن الأَعرابي:القاطِطُ السِّعْر الغالي.
الليث: قَطْ خفِيفة بمعنى حَسْب، تقول: قَطْكَ الشيء أَي حَسْبُك، قال: ومثله قد، قال وهما لم يتمكنا في التصريف، فإِذا أَضفتهما إِلى نفسك قُوّيَتا بالنون قلت: قَطْني وقَدْني كما قَوَّوا عنِّي ومني ولَدُنِّي بنون أُخرى، قال: وقال أَهل الكوفة معنى قطني كفاني فالنون في موضع نصب مثل نون كفاني، لأَنك تقول قَطْ عبدَ اللّهِ دِرهمٌ، وقال أَهل البصرة: الصواب فيه الخفض على معنى حَسْبُ زيدٍ وكَفْيُ زيدٍ درهمٌ، وهذه النون عماد، ومَنَعَهم أَن يقولوا حَسْبُني أَن الباء متحركة والطاء من قط ساكنة فكرهوا تغييرها عن الإِسكان، وجعلوا النون الثانية من لدنّي عماداً للياء. وفي الحديث في ذكر النار: إِنَّ النارَ تقول لربها إِنك وعَدْتَنِي مِلْئي، فيَضَع فيها قدَمَه، وفي رواية: حتى يضع الجبَّارُ فيها قَدَمه فتقول: قَطْ قَطْ بمعنى حَسْب، وتكرارها للتأْكيد، وهي ساكنة الطاء، ورواه بعضهم قَطْني أَي حَسْبِي. قال الليث: وأَما قَطُّ فإِنه هو الأَبَدُ الماضي، تقول: ما رأَيت مثله قَطُّ، وهو رفع لأَنه مثل قبلُ وبعدُ، قال: وأَما القَطُّ الذي في موضع ما أَعطيته إِلا عشرين قَطِّ فإِنه مجرور فرقاً بين الزمان والعَددِ، وقَطُّ معناها الزمان؛ قال ابن سيده: ما رأَيته قَطُّ وقُطُّ وقُطُ، مرفوعة خفيفة محذوفة منها، إذا كانت بمعنى الدهر ففيها ثلاث لغات وإِذا كانت في معنى حَسْب فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء، قال بعض النحويين: أَمّا قولهم قَطُّ، بالتشديد، فإِنما كانت قَطُطُ وكان ينبغي لها أَن تسكن، فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخِر متحركاً إِلى إِعرابه، ولو قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجهاً في العربية، وأَما الذين رفعوا أَوَّله وآخره فهو كقولك مُدُّ يا هذا، وأَما الذين خففوه فإِنهم جعلوه أَداة ثم بَنَوْه على أَصله فأَثبتوا الرَّفْعة التي كانت تكون في قط وهي مشددة، وكان أَجود من ذلك أَن يجزموا فيقولوا ما رأَيته قُطْ، مجزومة ساكنة الطاء، وجهة رفعه كقولهم لم أَره مُذُ يومان، وهي قليلة، كله تعليل كوفي ولذلك لفظ الإِعراب موضع لفظ البناء هذا إذا كانت بمعنى الدهْر، وأَما إذا كانت بمعنى حسب، وهو الاكتفاء، قال سيبويه: قط ساكنة الطاء معناها الاكتفاء، وقد يقال قَطٍ وقَطِي، وقال: قَطُ معناها الانتهاء وبنيت على الضم كحَسْبُ. وحكى ابن الأَعرابي: ما رأَيته قَطِّ، مكسورة مشددة، وقال بعضهم: قَطْ زيداً دِرْهَمٌ أَي كفاه، وزادوا النون في قَطْ فقالوا قَطْني، لم يريدوا أَن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأَسماء المتمكنة نحو يَدِي وهَنِي. وقال بعضهم: قطني كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبي؛ قال الراجز:

امتَلأَ الحوْضُ وقال: قَطْنِي،

 

سَلا رُوَيْداً، قد ملأْتَ بَطْنِي

وإِنما دخلت النون ليسلم السكون الذي يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا تدخل الأَسماء، وإِنما تدخل الفعل الماضي إذا دخلته ياء المتكلم كقولك ضربني وكلمني لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من الجرّ، وإِنما أَدخلوها في أَسماء مخصوصة قليلة نحو قَطْنِي وقَدْني وعَنِّي ومنِّي ولَدُنِّي لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أَصل الكلمة لقالوا قَطْنُكَ وهذا غير معلوم. وقال ابن بري: عني ومني وقطني ولدني على القياس لأَن نون الوقاية تدخل الأَفعال لِتقيَها الجرّ وتبقي على فتحها، وكذلك هذه التي تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجرّ فتبقي على سكونها، وقد يُنصب بقَطْ، ومنهم من يخفض بقط مجزومة، ومنهم من يبنيها على الضم ويخفض بها ما بعدها، وكلُّ هذا إذا سمي به ثم حقّر قيل قطيط لأَنه إذا ثُقِّل فقد كُفِيت، وإِذا خفف فأَصله التثقيل لأَنه من القَطّ الذي هو القَطْعُ.
وحكى اللحياني: ما زال هذا مذ قُطُّ يا فتى، بضم القاف والتثقيل،قال: وقد يقال ما لَه إِلا عشرة قَطْ يا فتى، بالتخفيف والجزم، وقَطِّ يا فتى، بالتثقيل والخفض.
وقَطاطِ: مبنية مثل قَطام أَي حسبي؛ قال عمرو بن مَعْدِيكَرِب:

أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إذا ما

 

قَتلْتُ سَراتَهمْ قالتْ: قَطاطِ

أَي قطْني وحسْبي؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده أَطلت فِراطَكم وقتلت سَراتَكم بكاف الخطاب، والفِراطُ: التقَدُّم؛ يقول: أَطلت التقدُّم بوَعِيدي لكم لتخرجوا من حقِّي فلم تفعلوا.
والقِطُّ: النَّصِيبُ. والقِطُّ: الصَّكُّ بالجائزةِ. والقِطُّ: الكتاب، وقيل: هو كتاب المُحاسَبةِ؛ وأَنشد ابن بري لأُمَيَّةَ بن أَبي الصلت:

قَوْم لهم ساحةُ الـعِـرا

 

قِ جَميعاً، والقِطُّ والقَلَمُ

وفي التنزيل العزيز: عَجِّلْ لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب، والجمع قُطوطٌ؛ قال الأَعشى:

ولا المَلِكُ النُّعْمانُ، يوم لَقِيتُـه

 

بغِبْطَته، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ

قوله: يأْفِقُ يُفَضِّلُ، قال أَهل التفسير مجاهد وقتادة والحسن قالوا: عجِّل لنا قِطَّنا، أَي نَصِيبنا من العذاب. وقال سعيد بن جبير: ذُكرت الجنة فاشْتَهوْا ما فيها فقالوا: ربنا عجِّل لنا قطنا، أَي نصيبنا. وقال الفراء: القِطّ الصحيفة المكتوبة، وإِنما قالوا ذلك حين نزل: فأَمَّا مَن أُوتيَ كتابه بيمينه، فاستهزؤُوا بذلك وقالوا: عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحِساب. والقِطُّ في كلام العرب: الصَّكُّ وهو الحظ. والقِطُّ:النصيب، وأَصله الصحيفة للإِنسان بصلة يوصل بها، قال: وأَصل القِطّ من قطَطْتُ.
وروي عن زيد ابن ثابت وابن عمر أَنَّهما كانا لا يَريانِ ببيع القُطوطِ إذا خرجت بأْساً، ولكن لا يحل لمن ابتاعَها أَن يبيعها حتى يَقْبِضَها.
قال الأَزهري: القُطوطُ ههنا جمع قِطّ وهو الكتاب. والقِطُّ: النصيب، وأَراد بها الجوائز والأَرْزاقَ، سميت قُطوطاً لأَنها كانت تخرج مكتوبة في رِقاع وصِكاكٍ مقطوعة، وبيعُها عند الفقهاء غير جائز ما لم يَتحصَّل ما فيها في مِلْك من كُتِبت له معلومة مقبوضة.
الليث: القِطَّةُ السِّنَّوْرُ، نعت لها دون الذكر. ابن سيده: القِطُّ السنور، والجمع قِطاطٌ وقِطَطة، والأُنثى قِطَّة، وقال كراع: لا يقال قِطَّة؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية؛ قال الأَخطل:

أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْـنَـيْتَـهـا،

 

فهل في الخَنانِيصِ من مَغْمَزِ؟

ومضَى قِطٌّ من الليل أَي ساعة؛ حكي عن ثعلب.
والقِطْقِطُ، بالكسر: المطَر الصِّغار الذي كأَنه شَذْر، وقيل: هو صغار البَرَدِ، وقد قَطْقَطت السماء فهي مُقَطْقِطةٌ، ثم الرَّذاذُ وهو فوق القِطْقِط، ثم الطَّشُّ وهو فوق الرّذاذِ، ثم البَغْشُ وهو فوق الطشّ، ثم الغَبْيةُ وهو فوق البَغْشةِ، وكذلك الحَلْبةُ والشَّجْذةُ والخَفْشةُ والحَكْشةُ مثل الغَبْيةِ. وقال الليث: القِطْقِطُ المطر المتفرّق المُتتابِعُ المُتحاتِنُ. أَبو زيد: أَصغر المطر القِطْقِطُ.
ويقال: جاءت الخيلُ قَطائطَ، قَطيعاً قَطِيعاً؛ قال هِمْيانُ:

بالخيْلِ تَتْرَى زِيَماً قَطائطا

وقال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:

ونحنُ جَلَبْنا مِن ضَرِيّةَ خَيْلَنا،

 

نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائطـا

قال أَبو عمرو: أَي نُكَلِّفُها أَن تقْطَع حدّ الإِكامِ فتقْطَعَها بحوافرها؛ قال: وواحد القَطائطِ قَطُوطٌ مثل جَدُودٍ وجَدائدَ، وقال غيره: قَطائطاً رِعالاً وجَماعاتٍ في تَفْرِقة.
ويقال: تَقَطْقَطَت الدَّلْو إِلى البئر أَي انْحَدَرَت؛ قال ذو الرمة يصف سُفْرةً دَلاَّها في البئر:

بمَعْقُودة في نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ

 

إِلى الماء، حتى انْقَدَّ عنها طَحالِبُهْ

ابن شميل: في بطن الفرس مَقاطُّه ومَخِيطُه، فأَما مِقَطُّه فطرفه في القَصِّ وطرفه في العانة.
وفي حدجيث أُبَيّ وسأَل زِرَّ بن حُبَيْش عن عدد سورة الأَحزاب فقال: إِمّا ثلاثاً وسبعين أَو أَربعاً وسبعين، فقال: أَقَطْ؟ بأَلف الاستفهام أَي أَحَسْبُ؟ وفي حديث حَيْوةَ بن شُرَيْح: لقِيتُ عُقْبةَ بن مُسْلِم فقلت له: بلَغني أَنك حدَّثْتَ عن عبدِ اللّه بن عمرو بن العاص أَن رسول اللّه، صلّى اللّ عليه وسلّم، كان يقول إذا دخل المسجد: أَعوذ باللّه العظيم وبوجهه الكريم وسُلْطانه القديم من الشيطان الرجيم، قال: أَقَطْ؟ قلت: نعم.
وقَطْقَطَتِ القَطاةُ والحَجلة: صَوَّتت وحدها.
وتَقَطْقَطَ الرجلُ: رَكِبَ رأْسَه.
ودَلَجٌ قَطْقاطٌ: سَريع؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:

يَسِيحُ بعد الدَّلَجِ القَطْقاطِ،

 

وهو مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْياطِ

وقُطَيْطِ: اسم أَرض، وقيل: موضع؛ قال القُطامِي:

أَبَتِ الخُرُوجَ من العِراقِ، ولَيْتَها

 

رَفَعَت لنا بقُطَيْقِط أَظْـعـانـا

ودارةُ قُطْقُطٍ؛ عن كراع. والقُطْقُطانةُ، بالضم: موضع، وقيل: موضع بقُرب الكوفة؛ قال الشاعر:

مَن كان يَسأَلُ عَنّا أَيْنَ مَنْزِلُنا؟

 

فالقُطْقُطانةُ مِنّا مَنْزِلٌ قَمِـن

قطع

القَطْعُ: إِبانةُ بعض أَجزاء الجِرْمِ من بعضٍ فَضْلاً. قَطَعَه يَقْطَعُه قَطْعاً وقَطِيعةً وقُطوعاً؛ قال:

فما بَرِحَتْ، حتى اسْتبانَ سقابهـا

 

قُطُوعاً لِمَحْبُوكٍ من اللِّيفِ حادِرِ

والقَطْعُ: مصدر قَطَعْتُ الحبْلَ قَطْعاً فانْقَطَع. والمِقْطَعُ، بالكسر: ما يُقْطَعُ به الشيء. وقطَعه واقتطَعه فانقطَع وتقطَّع، شدد للكثرة.
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبُراً أَي تقَسَّمُوه. قال الأَزهري: وأَما قوله: وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبراً فإِنه واقع كقولك قَطَّعُوا أَمرهم؛ قال لبيد في الوجه اللازم:

وتَقَطَّعَتْ أَسْبابُها ورِمامُها

أَي انْقَطَعَتْ حِبالُ مَوَدَّتِها، ويجوز أَن يكون معنى قوله: وتقطَّعوا أَمرهم بينهم؛ أَي تفرقوا في أَمرهم، نصب أَمرهم بنزع في منه؛ قال الأَزهري: وهذا القول عندي أَصوب. وقوله تعالى: وقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنّ؛ أَي قَطَعْنَها قَطْعاً بعد قَطْعٍ وخَدَشْنَها خدشاً كثيراً ولذلك شدد، وقوله تعالى: وقطَّعْناهم في الأَرض أُمَماً؛ أَي فرّقْناهم فِرَقاً، وقال: وتَقَطَّعَتْ بهم الأَسبابُ؛ أَي انْقَطَعَتْ أَسْبابُهم ووُصَلُهُم؛ قول أَبي ذؤَيب:

كأَنّ ابْنةَ السَّهْمِيّ دُرَّةُ قامِـسٍ

 

لها، بعدَ تَقْطِيعِ النُّبُوح، وَهِيجُ

أَراد بعد انْقِطاعِ النُّبُوحِ، والنُّبُوحُ: الجماعات، أَراد بعد الهُدُوِّ والسكون بالليل، قال: وأَحْسَبُ الأَصل فيه القِطْع وهو طائفة من الليل. وشيءٌ قَطِيعٌ: مقطوعٌ.
والعرب تقول: اتَّقُوا القُطَيْعاءَ أَي اتقوا أَن يَتَقَطَّعَ بعضُكم من بعض في الحرب.
والقُطْعةُ والقُطاعةُ: ما قُطِعَ من الحُوّارَى من النُّخالةِ.
والقُطاعةُ، بالضم: ما سقَط عن القَطْعِ. وقَطَعَ النخالةَ من الحُوّارَى: فَصَلَها منه؛ عن اللحياني.
وتَقاطَعَ الشيءُ: بانَ بعضُه من بعض، وأَقْطَعَه إِياه: أَذن له في قطعه. وقَطَعاتُ الشجرِ: أُبَنُها التي تَخْرُجُ منها إذا قُطِعَت، الواحدة قَطَعَةٌ. وأَقْطَعْتُه قُضْباناً من الكَرْمِ أَي أَذِنْتُ له في قَطْعِها. والقَطِيع: الغُصْنُ تَقْطَعُه من الشجرة، والجمع أَقْطِعةٌ وقُطُعٌ وقُطُعاتٌ وأَقاطِيعُ كحديثٍ وأَحاديثَ. والقِطْعُ من الشجر: كالقَطِيعِ، والجمع أَقطاعٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:

عَفا غيرُ نُؤْيِ الدارِ ما إِنْ تُبِـينُـه

 

وأَقْطاعُ طُفْيٍ قد عَفَتْ في المَعاقِلِ

والقِطْعُ أَيضاً: السهم يعمل من القَطِيعِ والقِطْعِ اللذين هما المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو السهم العَرِيضُ، وقيل: القِطْعُ نصل قَصِيرٌ عَرِيضُ السهم، وقيل: القِطْعُ النصل القصير، والجمع أَقْطُعٌ وأَقْطاعٌ وقُطُوعٌ وقِطاعٌ ومَقاطِيعُ، جاء على غير واحده نادراً كأَنه إِنما جمع مِقْطاعاً، ولم يسمع، كما قالوا مَلامِحَ ومَشابِهَ ولم يقولوا مَلْمَحَةً ولا مَشْبَهةً؛ قال بعض الأَغفالِ يصف دِرْعاً:

لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً

 

وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ

وقال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:

وشَقَّتْ مَقاطِيعُ الرُّمـاةِ فُـؤَادَه

 

إذا يَسْمَعُ الصوتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ

والمِقْطَعُ والمِقْطاعُ: ما قَطَعْتَه به.
قال الليث: القِطْعُ القضيبُ الذي يُقْطَعُ لبَرْيِ السِّهامِ، وجمعه قُطْعانٌ وأَقْطُعٌ؛ وأَنشد لأَبي ذؤَيب:

ونَمِيمَةً من قانِصٍ مُتَلَـبِّـبٍ

 

في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ

قال: أَراد السِّهامَ، قال الأَزهري: وهذا غلط، قال الأَصمعي: القِطْعُ من النِّصالِ القصير العريضُ، وكذلك قال غيره، سواء كان النصل مركباً في السهم أَو لم يكن مركباً، سُمِّيَ قِطْعاً لأَنه مقطوعٌ من الحديث، وربما سَمَّوْه مقطوعاً، والمَقاطِيعُ جمعه؛ وسيف قاطِعٌ وقَطَّاعٌ ومِقْطَعٌ.
وحبل أَقْطاعٌ: مقطوعٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه قِطْعاً، وإِن لم يتكلم به، وكذلك ثوب أَقْطاعٌ وقِطْعٌ؛ عن اللحياني. والمَقْطُوعُ من المديد والكامل والرَّجَزِ: الذي حذف منه حرفان نحو فاعلاتن ذهب منه تن فصار محذوفاً فبقي فاعلن ثم ذهب من فاعِلن النون ثم أُسكنت اللام فنقل في التقطيع إِلى فعْلن، كقوله في المديد:

إِنما الـذَّلْـفـاءُ ياقُـوتةٌ

 

أُخْرِجَتْ من كِيسِ دِهْقانِ

فقوله قاني فعْلن، وكقوله في الكامل:

وإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ، فإِنَّـه

 

نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا

فقوله نَخَبالا فعلاتن وهو مقطوع؛ وكقوله في الرجز:

دار لِسَلْمَى، إِذ سُلَيْمَى جارةٌ

 

قَفْرٌ تُرى آياتها مِثْلَ الزُّبُرْ

وكقوله في الرجز:

القَلْبُ منها مُسْتَرِيحٌ سالِـمٌ

 

والقلبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ

فقوله مَجْهُود مَفْعُولُنْ.
وتَقْطِيعُ الشعر: وَزْنه بأَجزاء العَرُوضِ وتَجْزئته بالأَفعالِ.
وقاطَعَ الرجُلانِ بسيفيهما إذا نظرا أَيُّهما أَقْطَعُ؛ وقاطَعَ فلان فلاناً بسيفيهما كذلك. ورجل لَطّاع قَطّاعٌ: يَقْطَعُ نصف اللُّقْمةِ ويردّ الثاني، واللَّطّاعُ مذكور في موضعه. وكلامٌ قاطِعٌ على المَثَلِ: كقولهم نافِذٌ. والأَقْطَعُ: المقطوعُ اليَدِ، والجمع قُطْعٌ وقُطْعانٌ مثل أَسْوَدَ وسُودانٍ. ويَدٌ قَطعاءُ: مقطوعةٌ، وقد قَطَعَ وقطِعَ قَطعاً. والقَطَعَةُ والقُطْعةُ، بالضم، مثل الصَّلَعةِ والصُّلْعةِ: موضع القَطْعِ من اليد، وقيل: بقيّةُ اليدِ المقطوعةِ، وضربَه بقَطَعَتِه. وفي الحديث: أَنَّ سارِقاً سَرَقَ فَقُطِعَ فكان يَسْرِقُ بقَطَعَتِه، بفتحتين؛ هي الموضعُ المقطوعُ من اليد، قال: وقد تضم القاف وتسكن الطاء فيقال: بقُطْعَتِه، قال الليث: يقولون قُطِعَ الرجلُ ولا يقولون قُطِعَ الأَقْطَعُ لأَنَّ الأَقْطَعَ لا يكون أَقْطَعَ حتى يَقْطَعَه غيره، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل قَطِعَ أَو قَطُعَ، وقَطَعَ الله عُمُرَه على المَثَلِ. وفي التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظَلَموا؛ قال ثعلب: معناه استُؤْصِلُوا من آخرهم.ومَقْطَعُ كل شيءٍ ومُنْقَطَعُه: آخره حيث يَنْقَطِعُ كمَقاطِعِ الرِّمالِ والأَوْدِيةِ والحَرَّةِ وما أَشبهها. ومَقاطِيعُ الأَوديةِ: مآخيرُها. ومُنْقَطَعُ كلِّ شيءٍ: حيث يَنْتَهي إِليه طَرَفُه. والمُنْقَطِعُ: الشيءُ نفسُه. وشرابٌ لذيذُ المَقْطَعِ أَي الآخِر والخاتِمَةِ. وقَطَعَ الماءَ قَطْعاً: شَقَّه وجازَه. وقطَعَ به النهرَ وأَقْطَعَه إِياه وأَقطَعَه به: جاوَزَه، وهو من الفصل بين الأَجزاء. وقَطَعْتُ النهر قَطْعاً وقُطُوعاً: عَبَرْتُ. ومَقاطِعُ الأَنهار: حيث يُعْبَرُ فيه. والمَقْطَعُ: غايةُ ما قُطِعَ. يقال: مَقْطَعُ الثوبِ ومَقْطَعُ الرمْلِ للذي لا رَمْلَ وراءه. والمَقْطَعُ: الموضع الذي يُقْطَعُ فيه النهر من المَعابرِ.
ومَقاطِعُ القرآنِ: مواضعُ الوقوفِ، ومَبادِئُه: مواضعُ الابتداءِ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، حين ذَكَر أَبا بكر، رضي الله عنه: ليس فيكم مَنْ تَقَطَّعُ عليه الأَعْناقُ مثلَ أَبي بكر؛ أَراد أَن السابِقَ منكم الذي لا يَلْحَقُ شَأْوَه في الفضل أَحدٌ لا يكون مِثْلاً لأَبي بكر لأَنه أَسْبَقُ السابقين؛ وفي النهاية: أَي ليس فيكم أَحدٌ سابقٌ إِلى الخيراتِ تَقَطَّعُ أَعْناقُ مُسابقِيه حتى لا يَلْحَقَه أَحدٌ مِثْلَ أَبي بكر، رضي الله عنه. يقال للفرَس الجَوادِ: تَقَطَّعَت أَعناقُ الخيْلِ عليه فلم تَلْحَقْه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للبَعِيثِ:

طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّـمـا

 

تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِّجالِ المَطامِـعُ

وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاءِ، ولم يَكُنْ

 

شُهُودي على لَيْلى عُدُولٌ مَقانِعُ

ومنه حديث أَبي ذر: فإِذا هي يُقَطَّعُ دونَها السَّرابُ أَي تُسْرِعُ إِسْراعاً كثيراً تقدمت به وفاتت حتى إن السراب يظهر دونها أَي من ورائها لبعدها في البر.
ومُقَطَّعاتُ الشيء: طرائقُه التي يتحلَّلُ إِليها ويَتَرَكَّبُ عنها كَمُقَطَّعاتِ الكلامِ، ومُقَطَّعاتُ الشعْرِ ومَقاطِيعُه: ما تَحَلَّل إِليه وترَكَّبَ عنه من أَجْزائِه التي يسميها عَرُوضِيُّو العرب الأَسْبابَ والأَوْتادَ.
والقِطاعُ والقَطاعُ: صِرامُ النخْلِ مِثْلُ الصِّرامِ والصَّرامِ.
وقَطَعَ النخلَ يَقْطَعُه قَطْعاً وقِطاعاً وقَطاعاً؛ عن اللحياني: صرَمه.
قال سيبويه: قَطَعْتُه أَوْصَلْتُ إِليه القَطْعَ واستعملته فيه. وأَقْطَعَ النخلُ إِقْطاعاً إذا أَصرَمَ وحانَ قِطاعُه. وأَقْطَعْتُه: أَذِنْتُ له في قِطاعه.
وانْقَطَعَ الشيءُ: ذهَب وقْتُه؛ ومنه قولهم: انْقَطَعَ البَرْدُ والحرُّ. وانْقَطَع الكلامُ: وَقَفَ فلم يَمْضِ.
وقَطَعَ لسانه: أَسْكَتَه بإِحسانِه إِليه. وانْقَطَعَ لسانه: ذهبت سَلاطَتُه. وامرأَة قَطِيعُ الكلامِ إذا لم تكن سَلِيطةً. وفي الحديث لما أَنشده العباس ابن مِرْداسٍ أَبياته العينية: اقْطَعُوا عني لِسانه أَي أَعْطُوه وأَرْضُوه حتى يسكت، فكنى باللسانِ عن الكلامِ. ومنه الحديث: أَتاه رجل فقال: إِني شاعر، فقال: يا بلال، اقْطَعْ لسانه، فأَعطاه أَربعين درهماً. قال الخطابي: يشبه أَن يكون هذا ممن له حق في بيت المال كابن السبيل وغيره فتعرّض له بالشعر فأَعطاه لحقه أَو لحاجته لا لشعره. وأَقْطَعَ الرجلُ إذا انْقَطَعَت حُجَّتُه وبَكَّتُوه بالحق فلم يُجِبْ، فهو مُقْطِعٌ. وقَطَعَه قَطْعاً أَيضاً: بَكَّتَه، وهو قَطِيعُ القولِ وأَقْطَعُه، وقد قَطَعَ وقَطِعَ قَطاعةً. واقْطَعَ الشاعِرُ: انْقَطَعَ شِعْرُه. وأَقْطَعَت الدجاجةُ مثل أَقَفَّت: انْقَطَعَ بيضُها، قال الفارسيّ: وهذا كما عادلوا بينهما بأَصْفَى. وقُطِعَ به وانْقُطِعَ وأُقْطِعَ وأَقْطَعَ: ضَعُفَ عن النكاح. وأُقْطِعَ به إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ إذا لم يُرِدِ النساءَ ولم يَنْهَض عُجارِمُه. وانْقُطِعَ بالرجل والبعيرِ: كَلاَّ. وقفطِعَ بفلان، فهو مَقْطُوعٌ به، وانْقُطِعَ به، فهو مُنْقَطَعٌ به إذا عجز عن سفره من نَفَقَةٍ ذهبت، أَو قامَت عليه راحِلَتُه، أَو أَتاه أَمر لا يقدر على أَن يتحرك معه، وقيل: هو إذا كان مسافراً فأُبْدِعَ به وعَطِبَت راحلته وذَهَبَ زادُه وماله. وقُطِعَ به إذا انْقَطَعَ رَجاؤُهُ. وقُطِعَ به قَطْعاً إذا قُطِعَ به الطريقُ. وفي الحديث: فَخَشِينا أَن يُقْتَطَعَ دُونَنا أَي يُؤْخَذَ ويُنْفَرَدَ به. وفي الحديث: ولو شئنا لاقْتَطَعْناهم. وفي الحديث: كان إذا أَراد أَن يَقْطَعَ بَعْثاً أَي يُفْرِدَ قوماً يبعثُهم في الغَزْوِ ويُعَيِّنَهُم من غيرهم. ويقال للغريب بالبلد: أُقْطِعَ عن أَهله إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ عنهم ومُنْقَطِعٌ، وكذلك الذي يُفْرَضُ لنظرائه ويترك هو. وأَقْطَعْتُ الشيء إذا انْقَطَعَ عنك يقال: قد أَقْطَعْتُ الغَيْثَ. وعَوْدٌ مُقْطَعٌ إذا انْقَطَعَ عن الضِّراب. والمُقْطَعُ، بفتح الطاءِ: البعير إذا جَفَرَ عن الصواب؛ قال النمر بن تَوْلَبٍ يصف امرأَته:

قامَت تَباكَى أَن سَبَأْتُ لِفِتْيةٍ

 

زِقّاً وخابِيَةً بِعَوْدٍ مُقْطَـعِ

وقد أُقْطِعَ إذا جَفَرَ. وناقةٌ قَطُوعٌ: يَنْقَطِعُ لبنها سريعاً.
والقَطْعُ والقَطِيعةُ: الهِجْرانُ ضِدُّ الوصل، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر، وهو على المثل. ورجل قَطُوعٌ لإِخْوانه ومِقْطاعٌ: لا يثبت على مُؤاخاةٍ. وتَقَاطَعَ القومُ: تَصارَمُوا. وتَقَاطَعَتْ أَرْحامُهُمْ: تَحاصَّتْ. وقَطَعَ رَحِمَه قَطْعاً وقَطِيعةً وقَطَّعَها: عَقَّها ولم يَصِلْها، والاسم القَطِيعةُ. ورجل قُطَعَةٌ وقُطَعٌ ومِقْطَعٌ وقَطَّاعٌ: يَقْطَعُ رَحِمَه. وفي الحديث: من زَوَّجَ كَرِيمَةً من فاسِقٍ فقد قَطَعَ رَحمها، وذلك أَن الفاسِقَ يطلقها ثم لا يبالي أَن يضاجعها. وفي حديث صِلَةِ الرَّحِمِ: هذا مقام العائذ بك من القَطِيعَةِ؛ القَطِيعَةُ: الهِجْرانُ والصَّدُّ، وهيَ فَعِيلَةٌ من القَطْعِ، ويريد به ترك البر والإِحسان إِلى الأَهل والأَقارب، وهي ضِدّ صِلَة الرَّحمِ. وقوله تعالى: أَن تفسدوا في الأَرض وتُقَطِّعُوا أَرحامَكم؛ أَي تعُودوا إِلى أَمر الجاهلية فتفسدوا في الأَرض وتَئِدُوا البناتِ، وقيل: تقطعوا أَرحامكم تقتل قريش بني هاشم وبنو هاشم قريشاً. ورَحِمٌ قَطعاءُ بيني وبينك إذا لم توصل. ويقال: مَدّ فلان إِلى فلان بِثَدْيٍ غير أَقْطَعَ ومَتَّ، بالتاء، أَي تَوَسَّلَ إِليه بقرابة قريبة؛ وقال:

دَعاني فلم أُورَأْ بِه، فأَجَبْتُه

 

فَمَدّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا

والأُقْطوعةُ: ما تبعثه المرأَة إِلى صاحبتها علامة للمُصارَمةِ والهِجْرانِ، وفي التهذيب: تبعث به الجارية إِلى صاحبها؛ وأَنشد:

وقالَتْ لِجارِيَتَيْها: اذْهَبا

 

إِليه بأُقْطُوعةٍ إِذْ هَجَرْ

والقُطْعُ: البُهْرُ لقَطْعِه الأَنفاسَ. ورجل قَطِيعٌ: مَبْهُورٌ بَيّنُ القَطاعةِ، وكذلك الأُنثى بغير هاء. ورجل قَطِيعُ القيام إذا وصف بالضعف أَو السِّمَنِ. وامرأَة قَطُوعٌ وقَطِيعٌ: فاتِرةُ القِيامِ. وقد قَطُعَتِ المرأَةُ إذا صارت قَطِيعاً. والقُطْعُ والقُطُعُ في الفرس وغيره: البُهْرُ وانْقِطاعُ بعض عُرُوقِه. وأَصابه قُطْعٌ أَو بُهْر: وهو النفَس العالي من السمن وغيره. وفي حديث ابن عمر: أَنه أَصابه قُطْعٌ أَو بهر فكان يُطْبَخُ له الثُّومُ في الحَسا فيأْكله؛ قال الكسائي: القُطْعُ الدَّبَرُ. وأَنشد أَبو عبيد لأَبي جندب الهذلي:

وإِنِّي إذا ما آنسٌ... مُقْبَلاً

 

يُعاوِدُني قُطْعٌ جَواه طَوِيلُ

يقول: إذا رأَيت إِنساناً ذكرته. وقال ابن الأَثير: القُطْعُ انْقِطاعُ النَّفَسِ وضيقُه. والقُطْعُ: البُهْرُ يأْخذ الفرس وغيره. يقال: قُطِعَ الرجلُ، فهو مقطوعٌ، ويقال للفرس إذا انْقَطَعَ عِرْقٌ في بطنه أَو شَحْمٌ: مقطوعٌ، وقد قُطِعَ.
واقْتَطَعْتُ من الشيء قِطْعةً، يقال: اقتَطَعْتُ قَطِيعاً من غنم فلان.
والقِطْعةُ من الشيء: الطائفةُ منه. واقْتَطَعَ طائفة من الشيء: أَخذها.
والقَطِيعةُ: ما اقْتَطَعْتَه منه. وأَقْطَعَني إِياها: أَذِنَ لي في اقْتِطاعِها. واسْتَقْطَعَه إِياها: سأَلَه أَن يُقْطِعَه إِياها.
وأَقْطَعْتُه قَطِيعةً أَي طائفة من أَرض الخراج. وأَقْطَعَه نهراً: أَباحَه له.
وفي حديث أَبْيَضَ بن حَمّالٍ: أَنه اسْتَقْطَعَه المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ فأَقْطَعَه إِياه؛ قال ابن الأَثير: سأَله أَن يجعله له إِقطاعاً يتملَّكُه ويسْتَبِدُّ به وينفرد، والإِقطاعُ يكون تمليكاً وغير تمليك. يقال: اسْتَقْطَعَ فلان الإِمامَ قَطيعةً فأَقْطَعَه إِيّاها إذا سأَلَه أَن يُقْطِعَها له ويبنيها مِلْكاً له فأَعطاه إِياها، والقَطائِعُ إِنما تجوز في عَفْوِ البلاد التي لا ملك لأَحد عليها ولا عِمارةَ فيها لأَحد فيُقْطِعُ الإِمامُ المُسْتَقْطِعَ منها قَدْرَ ما يتهيَّأْ له عِمارَتُه بإِجراء الماء إِليه، أَو باستخراج عين منه، أَو بتحجر عليه للبناء فيه. قال الشافعي: ومن الإِقْطاعِ إِقْطاعُ إِرْفاقِ لا تمليكٍ، كالمُقاعَدةِ بالأسواق التي هي طُرُقُ المسلمين، فمن قعد في موضع منها كان له بقدر ما يَصْلُحُ له ما كان مقيماً فيه، فإِذا فارقه لم يكن له منع غيره منه كأَبنية العرب وفساطِيطِهمْ، فإِذا انْتَجَعُوا لم يَمْلِكُوا بها حيث نزلوا، ومنها إِقْطاعُ السكنى. وفي الحديث عن أُمّ العلاءِ الأَنصارية قالت: لما قَدِمَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، المدينةَ أَقْطَع الناسَ الدُّورَ فطار سَهْمُ عثمانَ ابن مَظْعُونٍ علَيّ؛ ومعناه أَنزلهم في دُورِ الأَنصارِ يسكنونها معهم ثم يتحوّلون عنها؛ ومنه الحديث: أَنه أَقْطَعَ الزبير نخلاً، يشبه أَنه إِنما أَعطاه ذلك من الخُمُسِ الذي هو سَهْمُه لأَنَّ النخل مالٌ ظاهِرُ العين حاضِرُ النفْعِ فلا يجوز إِقْطاعُه، وكان بعضهم يتأَوّل إِقْطاعَ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، المهاجرين الدُّورَ على معنى العارِيّةِ، وأَما إِقْطاعُ المَواتِ فهو تمليك. وفي الحديث في اليمين: أَو يَقْتَطِعَ بها مالَ امرئ مُسْلِمٍ أَي يأْخذه لنفسه متملكاً، وهو يَفْتَعِلُ من القَطْعِ. ورجل مُقْطَعٌ: لا دِيوانَ له. وفي الحديث: كانوا أَهلَ دِيوانٍ أَو مُقْطَعِينَ، بفتح الطاء، ويروى مُقْتَطِعينَ لأَن الجند لا يَخْلُونَ من هذين الوجهين.

وقَطَعَ الرجلُ بحبل يَقْطَعُ قَطْعاً: اخْتَنَقَ به. وفي التنزيل: فَلْيَمْدُدْ بسبب إِلى السماء ثم ليَقْطَعْ فلينظر؛ قالوا: لِيَقْطَعْ أَي لِيَخْتَنِقْ لأَن المُخْتَنِقَ يَمُدّ السبب إِلى السقف ثم يَقْطَعُ نفسَه من الأَرض حتى يختنق، قال الأَزهري: وهذا يحتاج إِلى شرح يزيد في إِيضاحه، والمعنى، والله أَعلم، من كان يظن أَن لن ينصر الله محمداً حتى يظهره على الدين كله فليمت غيظاً، وهو تفسير قوله فليمدد بسَبَبٍ إِلى السماء، والسببُ الحبل يشدّه المختنق إِلى سَقْفِ بيته، وسماءُ كل شيء سقفه، ثم ليقطع أَي ليمد الحبل مشدُوداً في عنقه مدّاً شديداً يُوَتِّرُه حتى ينقطع فيموت مختنقاً؛ وقال الفراء: أَراد ليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنق به، فذلك قوله ثم ليقطع اختناقاً. وفي قراءة عبد الله: ثم ليقطعه، يعني السبب وهو الحبل، وقيل: معناه ليمد الحبل المشدود في عنقه حتى ينقطعَ نفَسُه فيموتَ.وثوبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ ويُقَطِّعُ لك تَقْطِيعاً: يَصْلُح عليك قميصاً ونحوَه. وقال الأَزهري: إذا صلح أَن يُقْطَعَ قميصاً، قال الأَصمعي: لا أَعرف هذا ثوب يَقْطَعُ ولا يُقَطِّعُ ولا يُقَطِّعُني ولا يَقْطَعُني، هذا كله من كلام المولّدين؛ قال أَبو حاتم: وقد حكاه أَبو عبيدة عن العرب.
والقُطْعُ: وجَعٌ في البطن ومَغَسٌ. والتقطِيعُ مَغَسٌ يجده الإِنسان في بطنه وأَمْعائِه. يقال: قُطِّعَ فلان في بطنه تَقْطِيعاً. والقَطِيعُ: الطائفة من الغنم والنعم ونحوه، والغالب عليه أَنه من عشر إِلى أَربعين، وقيل: ما بين خمس عشرة إِلى خمس وعشرين، والجمع أَقْطاعٌ وأَقْطِعةٌ وقُطْعانٌ وقِطاعٌ وأَقاطِيعُ؛قال سيبويه: وهو مما جمع على غير بناء واحده، ونظيره عندهم حديثٌ وأَحاديثُ. والقِطْعةُ: كالقَطِيع.
والقَطِيعُ: السوط يُقْطَعُ من جلد سير ويعمل منه، وقيل: هو مشتق من القَطِيعِ الذي هو المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو المُنْقَطِعُ الطرَف، وعَمَّ أَبو عبيد بالقَطِيعِ، وحكى الفارسي: قَطَعْتُه بالقَطِيع أَي ضربته به كما قالوا سُطْتُه بالسوط؛ قال الأَعشى:

تَرى عَينَها صَغْواءَ في جَنْبِ مُوقِها

 

تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَـرَّمـا

قال ابن بري: السوط المُحَرَّمُ الذي لم يُليَّن بَعْد. الليث: القَطِيعُ السوط المُنْقَطِعُ. قال الأَزهري: سمي السوط قَطِيعاً لأَنهم يأْخذون القِدّ المُحَرَّمَ فيَقْطَعونه أَربعة سُيُور، ثم يَفْتِلونه ويَلْوُونه ويتركونه حتى يَيْبَسَ فيقومَ قِياماً كأَنه عَصاً، سمي قَطِيعاً لأَنه يُقْطَعُ أَربع طاقات ثم يُلْوى.
والقُطَّعُ والقُطَّاعُ: اللُّصوص يَقْطَعون الأَرض. وقُطَّاعُ الطريق: الذين يُعارِضون أَبناءَ السبيل فيَقْطَعون بهم السبيلَ.
ورجل مُقَطَّعٌ: مُجَرَّبٌ. وإِنه لحسَنُ التقْطِيع أَي القَدِّ. وشيء حسن التقْطِيعِ إذا كان حسن القَدِّ. ويقال: فلان قَطِيعُ فلان أَي شَبيهُه في قَدِّه وخَلْقِه، وجمعه أَقْطِعاءُ.
ومَقْطَعُ الحقِّ: ما يُقْطَعُ به الباطل، وهو أَيضاً موضع التِقاءِ الحُكْمِ، وقيل: هو حيث يُفْصَلُ بين الخُصومِ بنص الحكم؛ قال زهير:

وإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ:

 

يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَـلاءُ

ويقال: الصوْمُ مَقْطَعةٌ للنكاح.
والقِطْعُ والقِطْعةُ والقَطِيعُ والقِطَعُ والقِطاعُ: طائفة من الليل تكون من أَوّله إِلى ثلثه، وقيل للفزاريِّ: ما القِطْعُ من الليل؟ فقال: حُزْمةٌ تَهُورُها أَي قِطْعةٌ تَحْزُرُها ولا تَدْرِي كمْ هِيَ.
والقِطْعُ: ظلمة آخر الليل؛ ومنه قوله تعالى: فأَسْرِ بأَهلك بقِطْعٍ من الليل؛ قال الأَخفش: بسواد من الليل؛ قال الشاعر:

افْتَحي الباب، فانْظُري في النُّجومِ

 

كَمْ عَلَيْنا مِنْ قِطْعِ لَـيْلٍ بَـهِـيمِ

وفي التنزيل: قِطَعاً من الليل مظلماً، وقرئ: قِطْعاً، والقِطْعُ: اسم ما قُطِعَ. يقال: قَطَعْتُ الشيءَ قَطْعاً، واسم ما قُطِعَ فسقط قِطْعٌ.
قال ثعلب: من قرأَ قِطْعاً، جعل المظلم من نعته، ومن قرأَ قِطَعاً جعل المظلم قِطَعاً من الليل، وهو الذي يقول له البصريون الحال. وفي الحديث: إِنَّ بين يَدَيِ الساعة فِتَناً كقِطْعِ الليل المُظْلِمِ؛ قِطْعُ الليلِ طلئفةٌ منه وقِطْعةٌ، وجمع القِطْعةِ قِطَعٌ، أَراد فتنة مظلمة سوْداءَ تعظيماً لشأْنها.
والمُقَطَّعاتُ من الثيابِ: شِبْه الجِبابِ ونحوها من الخَزِّ وغيره. وفي التنزيل: قُطِّعَتْ لهم ثيابٌ من نار؛ أَي خِيطَتْ وسُوِّيَتْ وجُعِلَتْ لبَوساً لهم. وفي حديث ابن عباس في صفة نخل الجنة قال: نخل الجنة سَعَفُها كِسْوةٌ لأَهل الجنة منها مُقَطَّعاتُهم وحُلَلُهم؛ قال ابن الأَثير: لم يكن يَصِفُها بالقِصَر لأَنه عيب. وقال ابن الأَعرابي: لا يقال للثياب القِصار مُقَطَّعاتٌ، قال شمر: ومما يقوِّي قوله حديث ابن عباس في وصف سَعَفِ الجنة لأَنه لا يصف ثياب أَهل الجنة بالقَصَرِ لأَنه عيب، وقيل: المقطَّعات لا واحد لها فلا يقال لجملة للجُبّةِ القصيرة مُقَطَّعةٌ، ولا للقَمِيصِ مُقَطَّعٌ، وإِنما يقال الثياب القصار مُقَطَّعات، وللواحد ثوب. وفي الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه مُقَطَّعاتٌ له؛ قال ابن الأَثير: أَي ثياب قصار لأَنها قُطِعَتْ عن بلوغ التمام، وقيل: المُقَطَّع من الثياب كلُّ ما يُفَصَّلُ ويُخاطُ من قميصٍ وجِبابٍ وسَراوِيلاتٍ وغيرها، وما لا يقطع منها كالأَردية والأُزُر والمَطارِفِ والرِّياطِ التي لم تقطع، وإِنما يُتَعَطَّفُ بها مرَّة ويُتَلَفَّعُ بها أُخرى؛ وأَنشد شمر لرؤبة يصف ثوراً وحشيّاً:

كأَنَّ نِصْعاً فَوْقَه مُقَطَّعـا

 

مُخالِطَ التَّقْلِيصِ، إِذْ تَدَرَّعا

قال ابن الأَعرابي: يقول كأَنَّ عليه نِصْعاً مُقَلَّصاً عنه، يقول: تخال أَنه أُلْبِسَ ثوباً أَبيض مقلصاً عنه لم يبلغ كُراعَه لأَنها سُود لست على لونه؛ وقول الراعي:

فَقُودُوا الجِيادَ المُسْنِفاتِ، وأَحْقِبوا

 

على الأَرْحَبِيّاتِ الحَديدَ المُقَطَّعا

يعني الدروع. والحديدُ المُقَطَّعُ: هو المتخذ سلاحاً. يقال: قطعنا الحديد أَي صنعناه دُروعاً وغيره من السِّلاح. وقال أَبو عمرو: مُقَطَّعاتُ الثياب والشِّعرْ قِصارُها. والمقطَّعات: الثياب القصار، والأَبياتُ القِصارُ، وكل قصيرٍ مُقَطَّعٌ ومُتَقَطِّعٌ؛ ومنه حديث ابن عباس:وقتُ صلاةِ الضُّحى إذا تقَطَّعتِ الظِّلالُ، يعين قَصُرَتْ لأَنها تكون ممتدة في أَول النهار، فكلما ارتفعت الشمسُ تَقَطَّعَتِ الظِّلالُ وقصرت، وسميت الأَراجيز مُقَطِّعاتِ لقصرها، ويروى أَن جرير بن الخَطَفى كان بينه وبين رؤبة اختلاف في شيء فقال: أَما والله لئن سَهِرْتُ له ليلة لأَدَعَنَّه وقلَّما تغني عنه مقطَّعاته، يعني أَبيات الرجز. ويقال للرجُل القصير: إِنه لَمُقَطَّعٌ مُجَذَّرٌ.
والمِقْطَعُ: مثالٌ يُقْطَعُ عليه الأَديم والثوب وغيره. والقاطِعُ: كالمِقْطَعِ اسم كالكاهل والغارِبِ. وقال أَبو الهيثم: إِنما هو القِطاعُ لا القاطِعُ، قال: وهو مثل لِحافٍ ومِلْحَفٍ وقِرامٍ ومِقْرَمٍ وسِرادٍ ومِسْرَدٍ.
والقِطْعُ: ضرب من الثياب المُوَشَّاةِ، والجمع قُطوعٌ. والمُقَطَّعاتُ: بُرود عليها وشْيٌ مُقَطَّعٌ. والقِطْعُ: النُّمْرُقةُ أَيضاً.
والقِطْعُ: الطِّنْفِسةُ تكون تحت الرَّحْلِ على كَتِفَيِ البعير، والجمع كالجمع؛ قال الأَعشى:

أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها

 

تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطوعُ

قال ابن بري: الشعر لعبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاص يمدح معاوية ويقال لِزيادٍ الأَعْجَمِ؛ وبعده:

بأَبيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ

 

كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِـيعُ

وفي حديث ابن الزبير والجِنِّيِّ: فجاء وهو على القِطع فنَفَضَه، وفُسِّرَ القِطْعُ بالطِّنْفِسةِ تحت الرَّحْلِ على كتفي البعير.
وقاطَعَه على كذا وكذا من الأَجْرِ والعَمَلِ ونحوه مُقاطعةً.
قال الليث: ومُقَطَّعةُ الشعَر هناتٌ صِغار مثل شعَرِ الأَرانِبِ؛ قال الأَزهري: هذا ليس بشيء وأُراه إِنما أَراد ما يقال للأَرْنَبِ السريعة؛ ويقال للأَرنب السريعة: مُقَطِّعةُ الأَسْحارِ ومقطِّعةُ النِّياطِ ومقطِّعةُ السحورِ كأَنها تَقْطَعُ عِرْقاً في بطن طالبها من شدّةِ العَدْوِ، أَو رِئاتِ من يَعْدُو على أَثرها ليصيدها، وهذا كقولهم فيها مُحَشِّئةُ الكِلاب، ومن قال النِّياطُ بُعْدُ المَفازةِ فهي تَقْطَعُه أَيضاً أَي تُجاوِزُه؛ قال يصف الأَرنب:

كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ خَيْري

 

مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ النِّياطِ

وقال الشاعر:

مَرَطى مُقَطِّمةٍ سُحُورَ بُغاتِهـا

 

مِنْ سُوسِها التَّوْتِيرُ، مهما تُطْلَبِ

ويقال لها أَيضاً: مُقَطِّعةُ القلوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ فَضْلي

 

مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ القُلُوبِ

أُرَيْنِبِ خُلّةٍ، باتَتْ تَغَـشَّـى

 

أَبارِقَ، كلُّها وَخِمٌ جَـدِيب

ويقال: هذا فرس يُقَطِّعُ الجَرْيَ أَي يجري ضُرُوباً من الجَرْيِ لِمَرحِه ونشاطِه. وقَطَّعَ الجَوادُ الخيلَ تَقْطِيعاً: خَلَّفَها ومضى؛ قال أَبو الخَشْناءِ، ونسبه الأَزهري إِلى الجعدي:

يُقَطِّعُهُنَّ بِـتَـقْـرِيبـه

 

ويَأْوي إِلى حُضُرٍ مُلْهِبِ

ويقال: جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ أَي سِراعاً بعضها في إِثر بعض. وفلان مُنْقَطِعُ القَرِينِ في الكرم والسّخاء إذا لم يكن له مِثْلٌ، وكذلك مُنْقَطِعُ العِقالِ في الشرّ والخُبْثِ؛ قال الشماخ:

رأَيْتُ عَرابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُـو

 

إِلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرِينِ

أَبو عبيدة في الشِّياتِ: ومن الغُرَرِ المُتَقَطِّعةُ وهي التي ارْتَفَعَ بياضُها من المَنْخَرَيْنِ حتى تبلغ الغُرَّةُ عينيه دون جَبْهته. وقال غيره: المُقَطَّعُ من الحَلْي هو الشيء اليسيرُ منه القليلُ، والمُقَطَّعُ من الذَّهَبِ اليسِيرِ كالحَلْقةِ والقُرْطِ والشَّنْفِ والشَّذْرةِ وما أَشبهها؛ ومنه الحديث: أَنه نَهى عن لُبْسِ الذهب إِلا مُقَطَّعاً؛ أَراد الشيء اليسير وكره الكثير الذي هو عادة أَهل السَّرَفِ والخُيَلاء والكِبْر، واليسيرُ هو ما لا تجب فيه الزكاة؛ قال ابن الأَثير: ويشبه أَن يكون إِنما كره استعمال الكثير منه لأَن صاحبه ربما بَخِلَ بإِخراج زكاته فيأْثم بذلك عند منْ أَوْجَب فيه الزكاةَ. وقَطَّعَ عليه العذابَ: لوَّنَه وجَزَّأَه ولَوَّنَ عليه ضُرُوباً من العذاب. والمُقَطَّعاتُ: الدِّيارُ. والقَطِيعُ: شبيه بالنظير. وأَرض قَطِيعةٌ: لا يُدْرى أَخُضْرَتُها أَكثر أَم بياضُها الذي لا نبات به، وقيل: التي بها نِقاطٌ من الكَلإِ.
والقُطْعةُ: قِطْعةٌ من الأَرض إذا كانت مَفْروزةً، وحكي عن أَعرابي أَنه قال: ورثت من أَبي قُطْعةً. قال ابن السكيت: ما كان من شيء قُطِعَ من شيء، فإِن كان المقطوعُ قد يَبْقى منه الشيء ويُقْطَعُ قلت: أَعطِني قِطْعةً، ومثله الخِرْقةُ، وإِذا أَردت أَن تجمع الشيء بأَسره حتى تسمي به قلت: أَعْطِني قُطْعةً، وأَما المرة من الفِعْل فبالفتح قَطَعْتُ قَطْعةً، وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول غَلَبَني فلان على قُطْعةٍ من الأَرض، يريد أَرضاً مَفْروزةً مثل القِطْعةِ، فإِن أَردت بها قِطْعةً من شيء قُطِعَ منه قلت قِطْعةٍ. وكل شيء يُقْطَعُ منه، فهو مَقْطَع. والمَقْطَعُ: موضع القَطْعِ. والمَقْطعُ: مصدر كالقَطْعِ. وقَطَّعْتُ الخمر بالماء إذا مَزَجْتَه، وقد تَقَطَّعَ فيه الماءُ؛ وقال ذو الرمة:

يُقَطِّعُ مَوْضُوعَ الحَدِيثِ ابْتِسامُهـا

 

تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ في نُزَفِ الخَمْر

موضوعُ الحديثِ: مَحْفُوظُه وهو أَن تخْلِطَه بالابْتِسام كما يُخْلَطُ الماءُ بالخَمْرِ إذا مُزِجَ. وأَقْقَعَ القومُ إذا انْقَطَعَتْ مِياهُ السماء فرجَعوا إِلى أَعدادِ المياهِ؛ قال أَبو وَجْزةَ:

تَزُورُ بيَ القومَ الحَوارِيّ، إِنهم

 

مَناهلُ أَعدادٌ، إذا الناسُ أَقْطَعوا

وفي الحديث: كانت يهودُ قوماً لهم ثِمارٌ لا تُصِيبها قُطْعةٌ أَي عَطَشٌ بانْقِطاعِ الماءِ عنها. ويقال: أَصابت الناسَ قُطْعةٌ أَي ذَهَبَتْ مِياهُ رَكاياهُم. ويقال للقوم إذا جَفَّتْ مِياهُهم قُطْعةٌ مُنْكَرةٌ.
وقد قَطَعَ ماءُ قَلِيبِكُم إذا ذهَب أَو قلّ ماؤه. وقَطَعَ الماءُ قُطُوعاً وأَقْطَعَ؛ عن ابن الأَعرابي: قلَّ وذهب فانْقَطَعَ، والاسم القُطْعةُ. يقال: أَصابَ الناسَ قُطْعٌ وقُطْعةٌ إذا انْقَطَعَ ماءُ بئرهم في القيظ. وبئر مِقْطاعٌ: يَنْقَطِعُ ماؤها سريعاً. ويقال: قَطَعْتُ الحوْضَ قَطْعاً إذا مَلأْتَه إِلى نصْفِه أَو ثُلثه ثم قَطَعْتُ الماء؛ ومنه قول ابن مقبل يذكر الإِبل:

قَطَعْنا لَهُنَّ الحوْضَ فابْتَلَّ شَطْـرُه

 

بِشِرْبٍ غشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ

أَي باقِيه. وأَقْطَعَت السماء بموضع كذا إذا انْقَطعَ المطر هناك وأَقْلَعَتْ. يقال: مَطَرَتِ السماءُ ببلد كذا وأَقْطَعَتْ ببلد كذا.
وقَطَعَتِ الطَّيْرُ قَطاعاً وقِطاعاً وقُطوعاً واقْطوطعَت: انْحَدَرَت من بلاد البرد إِلى بلاد الحر. والطير تَقْطَعُ قُطُوعاً إذا جاءت من بلد إِلى بلد في وقت حر أَو برد،وهي قَواطِعُ. ابن السكيت: كان ذلك عند قَطاعِ الطير وقَطاعِ الماءِ، وبعضهم يقول قُطُوعِ الطير وقُطوعِ الماء، وقَطاعُ الطير: أَن يجيء من بلد إِلى بلد، وقَطاعُ الماء: أَن يَنْقَطِعَ. أَبو زيد: قطَعَتِ الغِرْبانُ إِلينا في الشتاء قُطُوعاً ورجعت في الصيف رُجُوعاً، والطير التي تقيم ببلد شِتاءَها وصَيْفها هي الأَوابدُ، ويقال: جاءَت الطير مُقْطَوْطِعاتٍ وقَواطِعَ بمعنى واحد. والقُطَيْعاءُ، ممدود مثال الغُبَيْراءِ: التمر الشِّهْرِيزُ، وقال كراع: هو صِنْفٌ من التمر فلم يُحَلِّه؛ قال:

باتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ جارَهُمْ

 

وعِنْدَهُمُ البَرْنيُّ في جُلَلٍ دُسْمِ

وفي حديث وفد عبد القيس: تَقْذِفُونَ فيه من القُطَيْعاءِ، قال: هو نوع من التمر، وقيل: هو البُسْرُ قبل أَن يُدْرِكَ. ويقال: لأَقْطَعَنَّ عُنُقَ دابتي أَي لأَبيعنها؛ وأَنشد لأَعرابي تزوج امرأَة وساق إِليها مَهْرَها إِبلاً:

أَقُولُ، والعَيْساءُ تَمْشي والفُصُلْ

في جِلّةٍ منها عَرامِيسٌ عُطُلْ:

قَطَّعَتِ الأَحْراجُ أَعناقَ الإِبلْ

ابن الأَعرابي: الأَقْطَعُ الأَصم؛ قال وأَنشدني أَبو المكارم:

إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حين أَرْجُو رِفْدَه

 

عُمُراً، لأَقْطَعُ سَيِّءُ الإِصْرانِ

قال: الإِصْرانُ جمع إِصْرٍ وهو الخِنَّابةُ، وهو شَمُّ الأَنْفِ.
والخِنَّابَتانِ: مَجْرَيا النفَسِ من المَنْخَرَيْنِ. والقُطْعَةُ في طَيِّءٍ كالعَنْعَنة في تَميمٍ، وهو أَن يقول: يا أَبا الحَكا، يريد يا أَبا الحَكَمِ، فيَقْطَعُ كلامه. ولبن قاطِعٌ أَي حامِضٌ.
وبنو قُطَيْعةَ: قبيلة حيٌّ من العرب، والنسبة إِليهم قُطَعِيٌّ. وبنو قُطْعةَ: بطن أَيضاً. قال الأَزهري: في آخر هذه الترجمة: كلّ ما مر في هذا الباب من هذه الأَلفاظ فالأَصل واحد والمعاني مُتَقارِبةٌ وإِن اختلفت الأَلفاظ، وكلام العرب يأْخذ بعضه برقاب بعض، وهذا دليل على أَنه أَوسع الأَلسنة.

قطعر

اقْطَعَرَّ الرجل: انقطع نَفَسُه من بُهْر، وكذلك اقْعَطَرَّ.

قطف

قطَف الشيءَ يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطفاناً وقَطافاً وقِطافاً؛ عن اللحياني: قَطعه. والقِطْف: ما قُطِف من الثمر، وهو أَيضاً العُنْقود ساعة يُقْطَف. والقِطْف: اسم الثمار المقطوفة، والجمع قُطوف، والقِطف، بالكسر: العُنْقود، وبجمعه جاء في القرآن العزيز قال سبحانه: قُطوفُها دانِية؛ أَي ثمارها قريبة التناول يَقْطِفها القاعد والقائم. وفي الحديث: يجتمع النفَر على القِطف فيُشبِعهم؛ القِطف، بالكسر: العنقود، وهو اسم لكل ما يُقْطَف كالذِّبْح والطِّحْن ويجمع على قِطاف وقُطوف، وأَكثر المحدثين يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر.
والقَطاف والقِطاف: أَوانُ قَطْفِ الثمر، التهذيب: القِطافُ اسم وقت القَطْف. قال الحجاج على المنبر: أَرى رؤوساً قد أَينعت وحان قِطافها؛ قال الأَزهري: القِطاف اسم وقت القَطف، قال: والقَطاف، بالفتح، جائز عند الكسائي أَيضاً، وقال: ويجوز أَن يكون القِطاف مصدراً.
وأَقْطَفَ العِنْبُ: حان أَن يُقْطَف. وأَقطفَ القوم: آن قِطافُ كُرومهم، وأَجْززوا من الجَزاز في النخل إذا أَصْرَمُوا. وأَقْطَفَ الكَرْمُ: دَنا قِطافه. التهذيب: القَطْف قَطعُك العِنب، وكلُّ شيء تَقطعه عن شيء، فقد قطَفْته حتى الجراد تقطِف رؤوسها.والمِقْطَف: المِنْجَل الذي يُقْطف به. والمِقْطفُ: أَصل العُنقود.
وقُطافة الشجر: ما قُطِفَ منه: والقُطافة، بالضم: ما يسقط من العنب إذا قُطِف كالجُرامة من التمر. ابن الأَثير: وفي الحديث: يَقْذِفون فيه من القَطيف، وفي رواية: يَديفون القَطيف: المَقطوف من الثمر، فعيل بمعنى مفعول.والقَطفُ في الوافر: حذف حرفين من آخر الجُزْء وتسكين ما قبلها كحذفك تُن من مفاعلتن وتسكين اللام فيبقى مفاعل فينقل في التقطيع إلى فعولن، ولا يكون إلا في عروض أَو ضرب، وليس هذا بحادث للزّحاف، إنما هو المستعمل في عروض الوافر وضربه، وإنما سمي مقطوفاً لأَنك قطفت الحرفين ومعهما حركة قبلهما، فصار نحو الثمرة التي تقطعها فيَعْلق بها شيء من الشجرة.
والقَطِيفةُ: القَرْطفةُ، وجمعها القطائفُ، والقراطِف فُرش مُخْمَلَة.
والقَطيفة: دِثار مُخْمل، وقيل: كساء له خَمْل، والجمع القَطائفُ، وقُطُف مثل صَحيفة وصُحف كأَنها جمع قَطيف وصَحِيف. وفي الحديث: تَعِس عبد القَطيفة؛ هي كساء له خَمْل، أَي الذي يَعمل لها ويَهْتَمّ بتحصيلها؛ ومنه القَطائف التي تؤكل. التهذيب: القَطائف طعام يُسَوَّى من الدقيق المُرَقِّ بالماء، شبهت بخَمْل القطائف التي تُفْترش.
والقَطوف من الدَّواب: البطيء. وقال أَبو زيد: هو الضّيِّق المشْي.
وقَطَفَت الدابة تَقْطِف قَطْفاً وتقطُف قِطافاً وقُطوفاً وقَطُفَتْ، وهي قَطوف: أَساءَتِ السَّيرَ وأَبطأَت، والجمع قُطُفٌ، والاسم القِطاف؛ ومنه قول زهير:

بآرِزَةِ الفَقارةِ لـم يَخُـنْـهـا

 

قِطافٌ في الرّكاب، ولا خِلاء

التهذيب: والقِطافُ مصدر القَطوف من الدوابّ، وهو المتقارِب الخَطو البطِيء. وفَرس قَطوف: يَقْطِف في عَدْوه، وقد يستعمل في الإنسان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

أَمْسَى غُلامْي كَسِلاً قَطوفا

 

مُوَصَّباً تَحْسَبُه مَجُـوفـا

وأَقْطَفَ الرجل والقوم إذا كانت دابَّته أَو دوابُّهم قُطُفاً؛ قال ذو الرمة يصف جراداً:

كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ

 

إذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَر نِـيمُ

برداه: جَناحاه؛ يقول: تضرب رِجْلاه جناحَيه فيسمع لهما صويت كأَنه تَرْنيم. والقَطْفُ: ضرب من مشي الخيل، وفرس قَطوف. وفي حديث جابر: فبينا أَنا على جملي أَسِير وكان جملي فيه قِطاف، وفي رواية: على جمل لي قَطُوفٍ؛ القِطافُ: تقارُب الخَطْو في سُرْعة من القَطف وهو القَطع؛ ومنه الحديث: رَكِب على فرس لأَبي طَلحَة تَقْطُف، وفي رواية: قطوف؛ ومنه الحديث: أَقْطَفُ القومِ دابةً أَمِيرُهم أَي أَنهم يسيرون بسَيْر دابَّته فيَتَّبعُونه كما يُتَّبع الأَمير. والقَطْف: الخَدْشُ، وجمعه قُطوفٌ. قطَفَه يَقْطِفه قَطْفاً وقطَّفه: خدَشه؛ قال حاتم:

سِلاحُك مرقى فما أَنت ضـائر

 

عَدُوّاً، ولكنْ وَجْه مولاك تَقطِفُ

وأَنشد الأَزهري:

وهنَّ إذا أَبْصَرْنه مُـتَـبَـذِّلاً

 

خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لم تُقَطَّفِ

أَي لم تُخَدَّش. وقطَّفَ الماءَ في الخَمْر: قطَّره؛ قال جرانُ العَوْد:

ونِلنا سُقاطاً مِـن حَـدِيثٍ كـأَنـه

 

جَنَى النحلِ، في أَبْكارِ عُودٍ تُقَطَّفُ

والقِطفةُ، بكسر القاف وإسكان الطاء، من السُّطَّاح: وهي بقلة رِبْعِية تسْلَنْطِح وتَطولُ ولها شوك كالحَسَك، وجَوْفُه أَحْمر وورقه أَغْبر.
والقَطَفُ: بقْلة، واحدتها قَطَفةٌ. والقَطْفُ: نبات رَخْص عَرِيض الورَق يطبخ، الواحدة قَطفة، يقال له بالفارسية سَرْنك، كذا ذكر الجوهري القَطْف، بالتسكين؛ قال ابن بري: وصوابه القَطْف، بفتح الطاء، الواحدة قَطَفَة، وبه سمي الرجل قَطَفَة. والقَطَفُ: ضَرب من العِضاه. وقال أَبو حنيفة: القطَف من شجر الجبل وهو مثل شجر الإجّاص في القَدْر، ورقته خَضْراء مُعْرَضَّة حمراء الأَطراف خَشْناء، وخشبه صُلب متين.
وقَطِيفٌ والقَطِيف جميعاً: قرية بالبحرين، وفي الصحاح: القَطِيفُ اسم موضع.

قطل

القَطْل: القطع. قَطَله يَقْطِله ويَقْطُله: قَطَعَه؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، قَطْلاً، فهو مَقْطُول وقَطِيل؛ وكان أَبو ذؤيب الهذلي يلقَّب القَطِيل لأَنه القائل يصف قَبْراً:

إِذا ما زارَ مُجْنَـأَةً عـلـيهـا

 

ثِقالُ الصخر، والخشب القَطِيل

أَراد بالقَطِيل المَقْطول وهو المقطوع، وبهذا البيت سمي القَطِيل. قال ابن سيده: هذا قول ابن دريد وإِنما هو في رواية السكري لساعدة.
وقَطَّله: كَقَطله؛ عن أَبي حنيفة. وقال اللحياني: قَطَل عنقه وقَصَلها أَي ضرب عنقه. ونخلة قَطِيل: قُطِعت من أَصلها فسقطت. وجذع قَطِيل وقُطُل، بالضم: مقطوع، وقد تقَطَّل. الأَصمعي: القُطُل المقطوع من الشجر؛ قال المتنخل الهذلي يصف قتيلاً:

مُجَدَّلاً يَتَكَسَّى جـلْـدُه دَمَـه

 

كما تقطَّر جِذْعُ الدُّومة القُطُل

ويروى: يَتسَقَّى. والمِقْطَلة: حديدة يقطع بها، والجمع مَقاطِل.
وقَطَّله: أَلقاه على جنبين كقَطَّره، وقيل: صرعه ولم يُحَدَّ أَعَلى جنْب واحد أَم على جنين. ابن الأَعرابي: القَطَل الطُّول، والقَطَل القِصَر، والقَطَل اللِّين، والقَطَل الخَشْنُ.
والقَطِيلة: قطعة كِساء أَو ثوب ينشَّف بها الماء. والقاطول: موضع على دِجْلة.

قطم

القَطَمُ، بالتحريك: شهوة اللحم والضِّراب والنكاح قَطِمَ يَقْطَم قَطَماً فهو قَطِمٌ بيِّن القَطَم أي اهتاجَ وأَراد الضراب وهو شدة اغتلامه، ورجل قَطِم: شَهْوان للحم. وقَطِمَ الصقْر إلى اللحم: اشتهاه، وقيل: كل مُشتهٍ شيئاً قَطِمٌ، والجمع قُطُمٌ. والقَطِمُ: الغضبان. وفحل قَطِمٌ وقِطَمٌّ وقِطْيَمٌّ: ضَؤُولٌ؛ وأَنشد:

يَسوقُ قَرْماً قَطِماً قِطْيَمّا

والقُطامِيُّ: الصِّقْر، ويفتح. وصَقر قَطام وقَطامِيٌّ وقُطامِيٌّ: لَحِمٌ، قيس يفتحون وسائر العرب يضمون وقد غلب عليه اسماً، وهو مأْخوذ من القَطِم وهو المشتهي اللحْم وغيره. الليث: القطامي من أَسماء الشاهين؛ وقوله أَنشده ثعلب:

تأَمَّلُ ما تقولُ، وكُنتَ قِدْماً

 

قَطامِيّاً تَأَمُّلُـه قَـلِـيلُ

فسره فقال: معناه كنت مرّة تركب رأْس في الأُمور في حداثتك، فاليوم قد كَبِرت وشِخت وتركت ذلك؛ وقول أُم خالد الخثعمية في جَحْوش العُقَيلي:

فَلَيْتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبـابُـه،

 

يُقادُ إلى أَهلِ الغَضى بزِمامِ

لِيَشْرَبَ منه جَحْوشٌ، ويَشيمُه

 

بِعَيْنَيْ قَطامِيٍّ أَغَرَّ شآمِـي

إنما أَرادت بعيني رجل كأَنهما عينا قطامي، وإنما وجهناه على هذا لأَن الرجل نوع والقطامي نوع آخر سواه، فمحال أن ينظر نوع بعين نوع، ألا ترى أَن الرجل لا ينظر بعيني حمار وكذلك الحمار لا ينظر بعيني رجل؟ هذا ممتنع في الأَنواع، فافهم.
ومِقْطَمُ البازي: مِخْلبه. وقَطَم الشيء يَقطِمُه قَطْماً: عَضَّه بأَطراف أَسنانه أو ذاقه. الفراء: قَطَمْتُ الشيء بأَطراف أَسناني أَقطِمه إذا تناولته. وقال غيره: قطَمَ يَقطِم إذا عضَّ بمقدَّم الأَسنان؛ قال أَبو وجزة:

وخائفٍ لَحِمٍ شاكاً بَراثنُـه،

 

كأَنه قاطِمٌ وَقْفَينِ مِن عاجِ

ابن السكيت: القَطْم العض بأَطراف الأَسنان. يقال: اقْطِمْ هذا العود فانظر ما طعمه. والخمر قُطاميّ، بالضم لا غير، أي طريّ وقطم الشيء يقطمه قطماً: عضه بأطراف أسنانه أو ذاقه؛ قال أَبو وجزة:

وإذا قَطَمْتَهمُ قَطَمْتَ عَلاقِماً

 

وقَواضِيَ الذِّيفانِ فيما تَقْطِمُ

والذِّيفان: السم، بكسر الذال: والقَطْمُ: تناول الحشيش بأَدنى الفم.
والقُطامة: ما قُطم بالفم ثم أُلقي. وقَطَمَ الفَصِيلُ النبتَ: أخذه بمقدّم فيه قبل أن يستحكم أكله. وقَطَم الشيءَ قطماً: قطَعَه. وقَطَّمَ الشاربُ: ذاق الشراب فكَرِهه وزَوَى وجهَه وقَطَّبَ.
والقُطامي، بالضم: من شعرائهم من تَغْلِب واسمه عُمير بن شُيَيْم.
وقطام: من أسماء النساء. ابن سيده: وقَطامِ وقَطامُ اسم امرأة، وأَهل الحجاز يبنونه على الكسر في كل حال، وأَهل نجد يُجرونه مُجرى ما لا ينصرف، وقد ذكرناه في رَقاشِ أَيضاً. وابن أُمّ قَطامِ: من ملوك كندة. وقُطامةُ: اسم.
والقُطَمِيّاتُ: مواضع؛ قال عبيد:

أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ،

 

فالقُطَمِيَّاتُ فالذَّنُـوبُ

وقُطْان: اسم جبل؛ قال المخبل السعدي:

ولَما رأَتْ قُطْمانَ منْ عَن شِمالِهـا،

 

رأَت بَعْضَ ما تَهْوَى وقَرَّتْ عُيونُها

والمُقَطَّم: جبل بمصر، صانها الله تعالى.

قطمر

القِطْمِيرُ والقِطْمارُ: شَقُّ النواة، وفي الصحاح: القِطْمِيرُ الفُوفة التي في النواة، وهي القِشْرة الدقيقة التي على النواة بين النواة والتمر، ويقال: هي النُّكْتة البيضاء التي في ظهر النواة التي تنبت منها النخلة. وما أَصبتُ منه قِطْميراً أَي شيئاً.

قطن

القُطُون: الإِقامة. قَطَنَ بالمكان يَقْطُنُ قُطُوناً: أَقام به وتَوَطَّنَ، فهو قاطنٌ؛ وقال العجاج:

ورَبِّ هذا البلدِ الـمُـحَـرَّمِ

والقَاطِناتِ البَيْتَ غير الرُّيَّمِ،

قَواطِناً مكةَ من وُرْقِ الحَمِي

والقُطَّانُ: المقيمون. والقَطِينُ: جماعة القُطَّان، اسم للجمع، وكذلك القَاطِنَةُ، وقيل: القَطِينُ الساكن في الدار، والجمع قُطُنٌ؛ عن كراع.
والقَطِينُ: المقيمون في الموضع لا يكادون يَبْرَحُونه. والقَطِينُ: السُّكَّان في الدار، ومُجاوِرُو مكة قُطَّانُها. وفي حديث الإِفاضة: نحن قَطِينُ الله أَي سُكَّانُ حَرَمه. والقَطِينُ: جمع قاطن كالقُطَّان، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره: نحن قَطين بيت الله وحَرَمِه، قال: وقد يجيء القَطِينُ بمعنى القاطِنِ للمبالغة؛ ومنه حديث زيد بن حارثة:

فإِني قَطِينُ البيت عند المَشاعِر

وحَمامُ مكة يقال لها: قَواطِنُ مكة؛ قال رؤبة:

فلا وَرَبِّ القاطِناتِ القُطَّنِ

والقَطِينُ: كالخَليط لفظ الواحد والجمع فيه سواء. والقَطِينُ: تبَّاع المَلِك ومَماليكه. والقَطِينُ: أَهل الدار. والقَطِينُ: الخَدَمُ والأتْباع والحَشَمُ؛ وفي التهذيب: الحَشَمُ الأَحْرَارُ. والقَطِينُ: المَماليك. والقَطِينُ: الإِماءُ. والقاطِنُ: المقيم بالمكان. والقَطِين: تُبَّعُ الرجل ومَماليكه وخَدَمُه، وجمعها القُطَّان. قال ابن دريد: قَطِينُ الرجل حَشَمُه وخَدَمه، قال: وإِذا قال الشاعر خَفّ القَطِينُ فهم القوم القَاطِنُون أَي المقيمون.
وروي عن سلمان أَنه قال: كنت رجلاً من المجوس فاجتهدت حتى كنتُ قَطِنَ النار الذي يوقدها؛ قال شمر: قَطِنُ النار خازِنُها وخادِمُها ويجوز أَنه كان مقيماً عليها، رواه بكسر الطاء. وقَطَنَ يَقْطُنُ إذا خَدَم. قال ابن الأَثير: أَراد أَنه كان لازماً لها لا يفارقها من قَطَنَ في المكان إذا لزمه، قال: ويروى بفتح الطاء، جمع قاطن كخَدَم وخادِمٍ، قال: ويجوز أَن يكون بمعنى قاطِنٍ كفَرَطٍ وفارطٍ. وقَطَنُ الطائر: زِمِكَّاه وأَصلُ ذنبه. وفي الحديث أَن آمنة لما حملت بالنبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: ما وَجَدْتُه في القَطَنه والثُّنَّةِ ولكني كنتُ أَجِدُه في كبدي؛ القَطَنُ: أَسفل الظهر، والثُّنَّة: أَسفل البطن. والقَطَن، بالتحريك: ما بين الوركين إِلى عَجْبِ الذَّنَبِ؛ قال ابن بري: ومنه قوله:

مُعَوَّدٌ ضَرْبَ أَقْطانِ البَهازِير

والقَطَنُ: ما عَرُضَ من الثَّبَجهِ. وقال الليث: القَطَنُ الموضع العريض بين الثَّبَج والعَجُز، والقَطِينة سَكَنُ الدار. ويقال: جاء القومُ بِقَطِينهم؛ قال زهير:

رأَيتُ ذَوِي الحاجاتِ، حول بُيوتِهم،

 

قَطِيناً لهم، حتى إذا أَنبتَ البَقْـلُ

وقال جرير:

هذا ابنُ عَمِّي في دِمَشْقَ خَلِيفَةً،

 

لو شِئْتُ ساقَكُمُ إِليَّ قَـطِـينَـا

والقَطِنَة والقِطْنَة، مثْلِ المَعِدَةِ والمِعْدَة: مِثل الرُّمَّانة تكون على كرش البعير، وهي ذاتُ الأَطبْاق، والعامة تسميها الرُّمَّانة، وكسر الطاء فيها أَجود. التهذيب: والقَطِنَة هي ذات الأَطبْاق التي تكون مع الكرش، وهي الفَحِثُ أَيضاً؛ الحَرَّاني عن ابن السكيت: هي القَطِنة التي تكون مع الكرش، وهي ذات الأَطباق، وهي النَّقِمْة. والمَعْدة والكَلْمة والسَّفْلة والوَسْمة التي يختضب بها؛ قال أَبو العباس: هي القَطْنة وهي الرُّمانة في جوف البقرة؛ وفي حديث سطيح:

حتى أَتى عارِي الجَآجي والقَطَنْ

وقيل: الصواب قَطِنٌ، بكسر الطاء، جمع قطِنة وهي ما بين الفخذين.
والقَطِنة: اللحمة بين الوركين. والقُطْنُ والقُطُنُ والقُطُنُّ: معروف، واحدته قُطْنةٌ وقُطُنة وقُطُنَّة، وقد يضعف في الشعر. قال: يقال قُطْنٌ وقُطُنٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال قارب بن سالم المُرِّي، ويقال دَهلب بن قُرَيع:

كأَنَّ مَجْرى دَمْعِها المُسْتَنِّ

 

قُطُنَّةٌ من أَجْوَد القُطْنُـنِّ

ورواه بعضهم: من أَجود القُطُنِّ؛ قال: شدِّد للضرورة ولا يجوز مثله في الكلام. وقال أَبو حنيفة: القُطْنُ يَعْظُم عندهم شجرة حتى يكون مثل شجر المِشْمِش، ويبقى عشرين سنة، وأَجودُه الحديثُ؛ وقول لبيد:

شاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ، يوم تحَمَّلوا،

 

فتَكنَّسوا قُطُناً تَصِرُّ خِيامُـهـا

أَراد به ثياب القُطْن. والمَقْطَنة: التي تزرع فيها الأَقطان. وقد عَطَّبَ الكرمُ وقَطَّنَ الكرمُ تَقْطيناً: بَدَتْ زَمَعاته. وبزْرُ قَطُونا: حَبَّة يُسْتَشْقَى بها، والمدُّ فيها أَكثر؛ التهذيب: وحَبَّة يستشفى بها يسميها أَهل العراق بزْرَ قَطُونا؛ قال الأَزهري: وسأَلت عنها البَحْرانيين فقالوا: نحن نسميها حَبَّ الذُّرَقة، وهي الأَسْفِيوس، معرب.
وبزْرُ قَطوناء. على وزن جَلولاء وحَرُوراء ودَبوقاء وكَشُوثاء. والقِطانُ: شِجار الهودج، وجمعه قُطُنٌ؛ وأَنشد بيت لبيد:

فتكنسوا قطناً تصر خيامها

وقَطْني من كذا أَي حسبي؛ وقال بعضهم: إِنما هو قَطِي، ودخلت النون على حال دخولها في قَدْني، وقد تقدم. ابن السكيت: القَطْنُ في معنى حَسْبُ.
يقال: قَطْني كذا وكذا؛ وأَنشد:

امْتَلأَ الحوضُ وقال: قَطْني،

 

سعلاًّ رُوَيداً، قد مَلأْتَ بَطْني

قال ابن الأَنباري: من العرب من يقول قَطْنَ عبدَ الله درهمٌ، وقَطْنَ عبدِ الله درهمٌ، فيزيد نوناً على قَطْ وينصب بها ويخفض ويضيف إِلى نفسه فيقول قَطْني، قال: ولم يحك ذلك في قد، والقياس فيهما واحد؛ قال: وقولهم لا تقل إِلا كذا وكذا قَطْ؛ معناه حَسْبُ، فطاؤُها ساكنة لأَنها بمنزلة بل وهل وأَجَلْ، وكذلك قد يقال قد عبدَ الله درهمٌ، ومعنى قَطْ عبدَ الله درهمٌ أَي يكفي عبدَ الله درهم.
والقِطْنِيَة، بالكسر؛ حكاه ابن قتيبة بالتخفيف وأَبو حنيفة بالتشديد: واحدة القَطانيّ، وهي الحبوب التي تُدَّخَرُ كالحِمَّص والعَدَس والباقِلَّى والتُّرْمُس والدُّخْن والأُرْز والجُلْبان. التهذيب: القِطْنِيَّة الثياب، والقِطْنيَّة الحبوب التي تخرج من الأَرض، ويقال لها قُطْنيَّة مثل لُجِّيٍّ ولِجِّيّ، قال: وإِنما سميت الحبوب قِطْنيَّة لأَن مخارجها من الأَرض مثل مخارج الثياب القِطْنيَّة، ويقال: لأَنها تزرع كلها في الصيف وتُدْرِك في آخر وقت الحر، وقال أَبو معاذ: القَطانِيُّ الخِلَفُ وخُضَر الصيف. شمر: القُطْنِيَّة ما كان سوى الحنطة والشعير والزبيب والتمر، وقال غيره: القِطْنِيَّةُ اسم جامع لهذه الحبوب التي تطبخ؛ قال الأَزهري: هي مثل العَدس والخُلَّر، وهو الماشُ، والفول والدُّجْر، وهو اللوبياء، والحِمَّص وما شاكلها مما يُقْتات، سماها الشافعي كلها قِطْنيَّة فيما روى عنه الربيع، وهو قول مالك بن أَنس. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان يأْخذ من القِطنيَّة العُشْرَ؛ هي بالكسر والتشديد واحدة القَطاني كالعدس والحمص واللوبياء.
والقَيْطونُ: المُخْدَع، أَعجمي، وقيل: بلغة أَهل مصر وبَرْبَر. قال ابن بري: القَيْطون بيت في بيت؛ قال عبد الرحمن بن حسان:

قُبَّة من مَراجِلٍ ضَرَبَتْهـا،

 

عند بَرْدِ الشتاءِ، في قَيْطونِ

وقَطَنٌ: اسم رجل. وقَطَنُ بن نَهْشَل: معروف. وقَطَنٌ: جبل بنجد في بلاد بني أَسد، وفي الصحاح: جبل لبني أَسد. وقُطَانُ: جبل؛ قال النابغة:

غَيرَ أَن الحُدوجَ يرْفَعْنَ غِزْلا

 

نَ قُطانٍ على ظُهورِ الجِمالِ

واليَقْطِين: كل شجر لا يقوم على ساق نحو الدُّبَّاء والقَرْع والبطيخ والحنظل. ويَقْطِينُ: اسم رجل منه. واليَقْطِينة: القَرْعة الرَّطبة.
التهذيب: اليَقطين شجر القرْع. قال الله عز وجل: وأَنبَتْنا عليه شجرةً من يَقْطِين؛ قال الفراء: قيل عند ابن عباس هو ورق القرْع، فقال: وما جعَلَ القَرْعَ من بين الشجر يَقْطِيناً، كل ورقة اتسعتْ وسترتْ فهي يَقْطينٌ.
قال الفراء: وقال مجاهد كل شيء ذهب بَسْطاً في الأَرض يَقْطينٌ، ونحو ذلك قال الكلبي، قال: ومنه القَرْع والبطيخ والقِثَّاء والشِّرْيان، وقال سعيد بن جبير: كل شيء ينبت ثم يموت من عامه فهو يَقْطِينٌ.
وقُطْنةُ: لقب رجل، وهو ثابتُ قُطْنةَ العَتَكيّ، والأَسماء المعارف تضاف إِلى أَلقابها، وتكون الأَلقاب معارف وتتعرَّف بها الأَسماء كما قيل قيس قُفَّةَ وزيد بَطَّةَ وسَعيد كُرْز؛ قال ابن بري: قال أَبو القاسم الزجاجي قال ابن دريد سمعت أَبا حاتم يقول أُصِيبتْ عَينُ ثابتِ قُطْنةَ بخُراسان فكان يحشوها قُطْناً، فسمي ثابتَ قُطْنة؛ وفيه يقول حاجب الفيل:

لا يَعْرفُ الناسُ منه غيرَ قُطْنَتِه،

 

وما سواها من الإِنسان مَجْهولُ