الباب الثامن: في معالجة الأمور وذكر أشياء من صفاتها وأحوالها

فصل في العزم على الأمر والانثناء عنه

يقال عزم على الامر، وعزمه، واعتزمه، واعتزم عليه، وأزمعه، وأزمع عليه، وأجمعه، وأجمع عليه، ونواه، وانتواه، وهم به، وتوجه اليه، ووجه اليه عزيمته، وقطع عليه عزمه، وأمضى عليه نيته، وبتها، وجزمها، وعقد نيته على إمضائه، وعقد عليه قلبه، وطوى عليه كشحه. ويقال جاء فلان وفي رأسه خطة أي حاجة قد عزم عليها، وقد طوى فؤاده على صريمة حذاء أي عزيمة ماضية لا يلوي صاحبها على شيء، وقد صمم على الامر، وصمم فيه، وأصر عليه، ووطن نفسه عليه، وضرب عليه أطنابه، وألقى عليه جرانه، وأضرب له جأشا، إذا عزم عليه عزما لا رجوع فيه، وانه لرجل زميع، وانه لذو زماع في الامور، أي إذا أزمع امرا لم يثنه شيء، وهو في هذا الامر صادق العزم، ثابت العقد، ماضي الصريمة، وانه لذو عزم وطيد، وعزم راسخ، ونية جازمة. وتقول هذا امر لابد لي منه، ولا محالة منه، ولا سبيل لي عنه، ولا مرجع، ولا محيد، ولا محرف، ولا مصرف، ولا معدل، ولا معدى، ولا مراغ، ولا متحول، ولا منصرف، وامر لا سبيل الا اليه، والا به، وليس لي عنه مذهب، ولا سعة، ولا متسع، ولا ندحة، ولا مندوحة، ولا مسمح، ولا متزحزح، وليس لي عنه متقدم ولا متأخر. وتقول انت في نفس من امرك أي في سعة. ويقال في ضد ذلك رجع الرجل عن عزمه، وانثنى عنه، وارتد، ونكص، وانقلب، وتحول، وانكفأ، وكف، وأقلع، ونزع، وأمسك، وأوقف، وأقصر، وعدل، وعدى، وصد، وصدف، وأعرض، وانقبض، وأضرب، وصفح، وضرب عنه صفحا، وضرب عنه جأشا، وطوى عنه كشحا. ويقال اراد فلان كذا ثم بدا له، وقد بدا له في الأمر بداء، وبدت له فيه بداة، وهو ذو بدوات، وقد حل عرى عزمه، وقوض أطناب عزمه، وعاد ناكثا ما أمر، وفلان يسف، ولا يقع، ويحومولا يقع، ويخلق ولا يفري، ويومئولا يحقق، إذا كان يدنو من الامر ثم لا يفعله. وأقدم فلان على الامر ثم انخزل عنه أي ارتد وضعف، وقد تثاقل عن الامر، وفشلت عزائمه، وخنستهممه، وسحلت مريرته، وانقبض ذرعه. ونوى كذا فعرض له ما أفكهعن عزمه، واستنزله عن رأيه، وصدفهعن مبتغاه، وصرفه عن نيته، وثناه عن مراده، وقلبه عن وجهته، وأحاله عن قصده، وقطعه عن عزمه، وكسر من ذرعه، وعقلهعن حاجته، وحبسه عن لبانته، وثبطهعن عزمه، واعتاقه، ورده على عقبيه، ورده في حافرته، واعترضته في هذا الامر ربيثة، وعقلة، وعدواء، وفي المثل قد علقت دلوك دلو أخرى يضرب للحاجة يحول دونها حائل. وقد ضرب فلان على يده، وأخذ على يده، وقبض عنانه، وحبس عنانه، وغض من عنانه، وأخذ عليه متوجهه، واعترض في سبيله، ووقف من دونه سدا.

فصل في مزاولة الأمر

يقال زاول الامر، وعالجه، ومارسه، وداوره، وحاوله، وتطلبه، وتلمسه، وعني به، واهتم بطلبه. وفلان يحتال في بلوغ مآربه، ويتلطف لها، ويتأتى لها، ويلتمس اليها الوسائل، ويتطلب الذرائع، ويحتال الحيل، وهو يلتمس وصلة، الى حاجته، ويلتمس اليها مساغا، وبلاغا، وسبيلا، ويبتغي لها الأسباب، ويقلب لها وجوه الرأي، ويصرف فيها أعنة الفكر، ويقتدح لها زنادالرأي، ينفضاليها سبل الطلب، ويرتادلها نواحي الظفر، ويتوخى لها وجوه النجح، ويلتمسها من مظانها، ويبتغيها من معالمها، ويأتيها من مأتاها، ويتطلبها من مبتغاها. وقد استفرغ فيها وسعه، واستنفد طاقته، وجهد جهده، وبذل طوقه، وبذل مجهوده، واستقصى فيها الذرائع، واستنفد الوسائل، وأنضى اليها ركائب الطلب، وسلك اليها كل سبيل، وركب فيها كل صعب وذلول، ولم يدخر دونها سعيا، ولم يدخر وسعا، ولم يأل جهدا. ويقال فلان يداور الأمور، ويلاوصها، ويريغها، أي يطلب مأتاها. وتقول ما برح فلان يداورني على الامر، ويديرني عليه، ويريغني، ويريدني، ويراوغني، ويراودني، ويلاوصني، أي يعالجني عليه، وقد رافعني وخافضني فلم أفعل أي داورني كل مداورة. ويقال تطاوع فلان للأمر، وتطوع له، أي تكلف استطاعته حتى يستطيعه.

فصل في صعوبة الأمر وسهولته

يقال فلان يزاول من هذا الأمر مطلبا صعبا، ويحاول أمراً بعيداً، ويطلب خطة، منيعة، ويروم أمرا معضلاً، وقد ركب من هذا الامر قحمة منيعة، وركب مركباً وعراً، ومركباً جموحاً. وإنه لأمر صعب الممارسة، شديد المطلب، كؤود المطلب، وعر الملتمس، وعر المرتقى، وعث المبتغى، معجز المؤونة، بعيد المرام، عزيز المنال، منيع الدرك. وقد صعب الامر عليه، وتصعب، واستصعب، وتعسر، وتعذر، وتوعر، والتوى، والتاث، واعتاص، وأعضل. وتقول قد عالجت في هذا الامر شدة، وعانيت فيه صعدا، ولقيت منه برحا بارحا، وقاسيت فيه نصبا ناصبا، وارهقني امرا صعبا، وكلفني خطة شديدة، وبلغ مني الجهد، وبلغ مني المشقة، ووقعت منه في كبد، وكابدت منه عقبة كؤودا، وقاسيت فيه كؤودا باهرا، وقد عناني طلبه، وبرح بي، وشق علي، واشتد علي، وجهدني، وبهرني، وتكاءدني، وتصاعدني، وتصعدني، وأعنتني. وهذا امر قد خضت اليه غمراتالحوادث، وركبت فيه اكتاف الشدائد، واقتعدتظهور المكاره، وانه لأمر لا يبلغ الا بشق الأنفس، ولا ينال الا بعرق القربة، وأمر دونه خرط القتاد.

وتقول فيما وراء ذلك فلان يطلب من هذا الامر مطلبا محالا، ويروم مراما مستحيلا، وقد حدثته نفسه بما لا يكون، وأطمعته فيما لا مطمع فيه، ولا سبيل اليه، ولا يقع في الإمكان، ولا تصل اليه مقدرة، ولا يبلغ اليه مرتقى همة، ولا تبلغ اليه وسيلة، ولا يعلق به سبب، ولا تظفر به أمنية، ولا يقع في حبالة أمل، ولا تناله حيلة محتال. وقد امتنع عليه الامر، واستحال عليه، وأعجزه، وأعياه، وأعيا عليه، وهو امر من وراء الطاقة، ومن فوق الإمكان، وانه لأمر يسم طالبه بالعجز، ويرميه بالفشل، وانما هو جسر لا يعبر، وكنفلا يوطأ، وعقبة لا ترتقى. وتقول مالي بهذا الامر يدان، ولا يد لك في هذا الامر، ولا قبللك به، ولا يسعه طوقك، وهو امر يقصر عنه باعك، ويفوت مبلغ ذرعك، وان لأمر من دونه شيب الغراب، ومخ النعام، ومخ البعوض، ولبن الطير. ويقال في ضد ذلك تأتي له الامر، وتيسر، واستيسر، وتسهل، وتسنى، وتهيأ، وانقاد، واستقاد، وقد لانت له أعطافالأمور، وعنتله رقابها، وأمكنته من قيادها، واستسلمتاليه بأعنتها، وألقت اليه مقاليدها. وقد طلب من هذا الامر مطلبا سهلا، ورام شيئا أمما، وهذا امر يسير، وميسور، سهل الملتمس، سلسالمطلب، سلس المقادة، دانيالمنال، مبذول المنال، قريب النجعة، قريب المنزع، مذلل الأغصان، داني القطوف. وهذا امر لا كلفة فيه عليك، ولا مشقة، ولا عسر، ولا صعوبة، ولا عناء، ولا مؤونة، وهو على حبل ذراعك، وعلى طرف الثمام. ويقال شارف الامر إذا دنا منه وقارب ان يظفر به، وقد كثبه الامر، وأكثبه، وطف له، وأطف، واستطف، وسنح، وأعرض، وأشرف، إذا دنا منه وأمكنه. وفي الأمثال كثبك الصيد فارمه، وأعرض لك الصيد فارمه. ويقال اتاه هذا الامر غنيمة باردة، ومغنما باردا، وأتاه على اغتماض، وهذا امر اتاك هنيئا، ونال فلان الملك وادعا، وأدرك فلان هذا الامر عفوا صفوا، وأتيته به رهوا سهوا، كل ذلك لما ينال على غير كلفة. ويقال افعل ذلك في سراح ورواح أي في سهولة واستراحة.

فصل في تقسيم الصعوبة والامتناع على ما يوصف بهما

يقال لصب السيف في الغمد، ولحج بالكسر فيهما، إذا نشب في الغمد فلم يخرج، وكذلك الخاتم في الإصبع إذا ضاق فتعذر إخراجه، وسيف ملصاب إذا كان كذلك. واستلحج الباب والقفل إذا لم ينفتح، وقد غلق الباب بالكسر، واستغلق، إذا عسر فتحه، وقفل عض بالكسر أي لا يكاد ينفتح. ويقال بكرة صائمة إذا كانت لا تدور. ومرس الحبل مرسا من حد نصر إذا نشب بين البكرة والقعوفلم يجر، وأمرسه هو إمراسا فعل به ذلك، وأمرسه ايضا أعاده الى مجراه، ويقال مرست البكرة من باب تعب إذا كان من عادتها ان يمرس حبلها وهي بكرة مروس. وحرد الحبل والوتر إذا اشتدت إغارتهاو كان بعض قواهأطول من بعض فتقعد وتراكب، وهو حبل محرد، وفيه حرود. وتغسر الغزل إذا التوى والتبس فلم يقدر على تخليصه. وعضلت المرأة بولدها تعضيلا، وأعضلت إعضالا، إذا نشب الولد في جوفها فخرج بعضه ولم يخرج بعض فبقى معترضا، وكذلك الدجاجة ببيضها، وامرأة ودجاجة معضل، ومعضل. ويقال جوز مرصق، ومرتصق، إذا تعذر خروج لبه. وقوس كزة إذا كان في عودها يبس عن الانعطاف. وشجرة عصلة، وعصلاء، أي عوجاء لا يقدر على تقويمها لصلابتها، وكذلك رمح وعود عصل، وأعصل. ويقال صل المسمار يصل صليلا إذا أكره على الدخول في الشيء فسمع له صوت. وبكرة كزة أي ضيقة شديدة الصرير.

فصل في التباس الأمر ووضوحه

يقال قد التبس الامر، وأشكل، واشتبه، واختلط، والتبك، والتاث، وارتجن، ومرج، وأخال، واستبهم، واستعجم، واستغلق، وغمض، وغم، وعمي. وقد استبهمت وجوه الامر، وخفيت أعلامه، وضلت صواه، وتنكرت معالمه، واستعجمت مذاهبه، وعميت مسالكه، واستسرتآثاره، وغام أفقه، وأدجنت سماؤه. وهذا امر لبك، غامض، مبهم، مريج، وفيه لبس، ولبسة، وغمة، وغموض، وشبهة. وهو من متشابهاتالأمور، ومشتبهات الأمور، ومشبهاتها، وأحنائها، وهذه أمور أشكال. ويقال هذا امر محلف أي ملتبس يحلف احد الرجلين إنه كذا والآخر إنه كذا، يقال كميت محلف إذا كان بين الأحوى والأحم، وغلام محلف إذا شك في بلوغه، ويقال ايضا أمر محنث أي محلف لحنثاحد الحالفين فيه. وتقول ما لهذا الأمر مطلع أي مأتى ووجه، ومن أين مطلع هذا الامر، وهذا أمر ليس له قبلة ولا دبرة أي لا يعرف وجهه. وتقول فلان على لبس من أمره، وعلى حيرة منه، وعلى غمة، وانه لفي غمة من امره، وفي شبهة منه، وهو في عشواء من امره، وانهم لفي غمآء من الامر، أي في امر ملتبس. وقد ربك الرجل في امره، وارتبك، وحار يحار، وتحير، وسدر، وعمه، وتاه، وتعسف، والتبست عليه وجهته، وضل وجهة امره، واختلطت عليه أموره، وفشت، وانتشرت. ويقال فشت عليه الضيعة أي انتشرت عليه أموره فلا يدري بأيها يأخذه. وانثال عليه القول إذا تتابع وكثر فلا يدري بأيه يبدأ. ويقال راب الرجل في أمره يروب إذا اختلط عقله ورأيه، وهو في هذا الامر خابط ليل، وحاطب ليل، وراكب عشواء، وعشوة، وراكب عمياء، وقد اصبح أحير من ضب، واصح لا يعلم قبيلا من دبير. ويقال إذا التبس الامر قد اختلط المرعي بالهمل، واختلط الليل بالتراب، واختلط الحابل بالنابل، واختلط الخاثر بالزباد. ويقال لبس عليه أمره، ولبسه، وشبهه، وأبهمه، ووراه، وعمى عليه الامر والكلام، وعمى وجهه، إذا لم يبينه. وعاياه معاياة إذا ألقى عليه كلاما او عملا لا يهتدي لوجهه. ويقال استحكم عليه كلامه أي التبس. وكتاب فلان أعجم إذا لم يفهم ما كتب. ونظرت في الكتاب فعجمته أي لم أقف على حروفه حق الوقوف. وفلان إذا تكلم جمجم واذا كتب مجمج أي لم يبين كلامه وخطه.

ويقال في ضد ذلك هذا امر واضح، ووضاح، ناصع، أبلج، ظاهر، بين، ومبين، صريح، جلي، وانه لواضح المعالم، ظاهر الرسوم، لا يتخالطه شبهة، ولا تلابسه غمة، ولا تعتريه لبسة. وقد وضح الامر، واتضح، وظهر، وبان، وأبان، وبين، وتبين، واستبان، ونصع، وأسفر، وأشرق، وانجلى، وانكشف، وانصرح، وصرح. وتقول قد آذنالامر بالجلاء، وانجلت عنه الشبهات، ونفض عنه غبار اللبس، وبرز عن ظل الإشكال، وخرج من ظلمات الغموض، وانحسرتعنه ظلال الإبهام، وانزاح عنه حجاب الريب، وانجلت عنه سدفة الشك، وخلص الى نور البيان، وسطعت عليه أشعة الظهور. وقد أوضحت الامر، ووضحته، وأظهرته، وأبنته، وبينته وصرحته، وجلوته، وجليته، وكشفت عنه، وأعربت عنه، وأفصحت عن مضمونه، وأظهرت مكنونه، وأبديت سره، وابرزت دخلته، وحللت رموزه، وجلوت غامضه، وفككت مشكله، وأوضحت منهاجه، وأمطتحجابه، وكشفت عنه القناع، وحسرت عنه اللثام، ونفيت عنه معتلجالريب. وقد اندفع الإشكال، واندرأتالشبهة، وبرحالخفاء، وانكشف المورى، واتضح المعمى، وصرح الحق عن محضه، وأبدت الرغوة عن الصريح، وبينالصبح لذي عينين. وهذا امر لا يختلف فيه اثنان، ولا يتمارى فيه اثنان، وهو أوضح من أن يوضح، وأبين من أن يبين، وهو أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح، ومن عمود الصبح، وهو كالشمس في ريعان الضحى. وتقول قد أسفر الامر عن كذا، وافتر عن كذا.

وفعلت كذا عن بيان، وعن بينة، وفعلته غب صادقة أي بعد ما تبين لي الامر. وقد استبنت الامر، وتوضحته، وتبينته، وبدت لي شواكلالامر، واستبنت الرشد من امري.

ويقال فرق لي الطريق فروقا إذا اتجه لك طريقان واستبنت ما ينبغي سلوكه منهما. وقد استبصر الطريق إذا وضح واستبان.

فصل في الشك واليقين

يقال شككت في الامر، وارتبت فيه، واستربت، وتريبت، وامتريت، وتماريت، وخامرني فيك شك، وداخلني فيه ريب، وتنازعتني فيه الشكوك، وتجاذبتني فيه الظنون، وحك في صدري منه شيء، واحتك، وتخالج في صدري منه اشياء. ويقال تخالج هذا الشيء في صدري، واختلج، إذا نازعك فيه شك، وقد رابني الامر، وأرابني، ورابني فيه شك، وهو امر مريب، وفلان من هذا الامر في شك مريب، وهو في ليل من الشك مظلم. وفي المثل كفى بالشك جهلا. وتقول قد ترددت في صحة هذا الامر، وتوقفت، وتثبت، وهذا امر لست منه على يقين، وامر لا أثبته، ولا أحقه، ولا أوقنه، ولا أقطع به، ولا أجزم بوقوعه، ولم يثبت عندي، ولم تتحقق لي صحته، وقد شككت فيه بعض الشك، وعندي في هذا كل الشك، وهذا امر لا يطمأن اليه بثقة، ولا تناطبه ثقة، ولا يخلد اليهبيقين، واني لعلى مرية منه، وعلى غير بينة منه، وعلى غير يقين. ويقال فلان يؤامر نفسيه، إذا اتجه له في الامر رأيان. ورأيت فلانا فجعلت عيني تعجمه، إذا شككت في معرفته كأنك تعرفه ولا تثبته.

ويقال في ضد ذلك قد ايقنت الامر، وتيقنته، واستيقنته، وحققته، وتحققته، وأثبته، وعلمته، يقينا، وعلمته علم اليقين، وهو امر لا شك فيه، ولا مرية، ولا امتراء، ولا يعتريني فيه شك، ولا تعترضني فيه شبهة، وأمر لا ظل عليه للريب، ولا غبار عليه للشك، وهو امر بعيد عن معترك الظنون، وهو بنجوة عن الشك، وبمعزل عن الشك، وقد تجافى عن مواطن الريب، وخرج من سترة الريب الى صحناليقين. وتقول قد انجلى الشك، وانتفى الريب، ونسخ اليقين آية الشك، وانجلت ظلمات الشكوك، وانحسر لثام الشبهات، وأسفر وجه اليقين، وأشرق نور اليقين، ولاحت غرة اليقين، وظهر صبح اليقين. وقد وقفت على جلية الامر، واطلعت على حقيقته، وانا على بينة من هذا الامر، وانا منه على يقين جازم، وقد علمته عن يقين عيان. وهذا امر لا يعقل ان يكون الا كذا، وقد ثبت بالبينات الواضحة، والحجج الدامغة، وثبت بالدليل المقنع، وشهدت بصحته التجربة، وقامت عليه أدلة الوجدان، وأيده شاهد العقل والنقل، وتناصرت عليه أدلة الطبع والسمع.

فصل في الظن

يقال اظن الامر كذا، وأحسبه، وأعده، وإخاله، وأحجوه، وهو كذا في ظني، وفي حسباني، وفي حدسي، وفي تخميني، وفي تقديري، وفيما أظن، وفيما أرى، وفيما يظهر لي، وفيم يلوح لي. وأنا أتخيل في الامر كذا، وأتوسم فيه كذا، ويخيل لي انه كذا، ويخيل الي، وقد صور لي أنه كذا، وتراءى لي انه كذا، وتمثل في نفسي انه كذا، وقام في نفسي، وفي اعتقادي، وفي ذهني، ووقع في خلدي، وسبق الى ظني، والى وهمي، والى نفسي، وأشرب حسيأنه كذا، ونبأني حدسي أنه كذا، وأقرب في نفسي أن يكون الامر كذا، وأوقع في ظني ان يكون كذا. وهذا هو المتبادرمن الامر، والغالب في الظن، والراجح في الرأي، وهذا أظهر الوجهين في هذا الامر، وأمثلهما، وأشبههما، وأشكلهما، وهذا أقوى القولين، وأرجحهما، وأدناهما من الصواب، وأبعدهما من الريب، وأسلمهما من القدح. وتقول فلان يقول في الأمور بالظن، ويقول بالحدس، ويقذف بالغيب، ويرجم بالظنون، وقال ذلك رجما بالظن، وانما هو يتخرص، ويتكهن، وقد تظنى فلان في الامر، وأخذ فيه بالظن، وضرب، في أودية الحدس، وأخذ في شعابالرجم. وهذا امر لا يخرج عن حد المظنونات، وانما هو من الظنيات، ومن الحدسيات، وانما هذا حديث مرجم. وتقول كأني بزيد فاعل كذا، وظني أنه يفعل كذا، واكبر ظني، وأقرب الظن أنه يفعل كذا، ولعل الامر كذا، ولا يبعد ان يكون الامر كذا، وأحر بهان يكون كذا، وأحج به، وأخلق به، وما أحراه ان يكون كذا. ويقال افعل ذلك على ما خيلت أي على ما أرتك نفسك وشبهت وأوهمت. وفلان يمضي على المخيل أي على ما خيلت. وسرت في طريق كذا بالسمت أي بالحدس والظن. ويقال حزر الامر، وخرصه، إذا قدره بالحدس، وخرص الخارص النخل والكرم إذا قدركم عليه من الرطب او العنب، والاسم من ذلك الخرص بالكسر يقال كم خرص ارضك أي مقدار ما خرص فيها. وأمته مثل حزره يقال ائمت لي هذا كم هو أي احزره كم هو، وتقول كم أمت ما بينك وبين بلد كذا أي قدر ما بينك وبينه. وتقول فلان صادق الظن، وصادق الحدس، صادق الفراسة، صادق القسم، وانه ليصيب بظنه شاكلة اليقين، ويرمي بسهم الظن في كبد اليقين، وانه ليظن الظن فلا يخطئ مقاتل اليقين، وانه لرجل محدث أي صادق الفراسة كأنه قد حدث بما يظنه، وفلان كأنما ينطق عن تلقين الغيب، وكأنما يناجيههاتف الغيب، ويملي عليه لسان الغيب. ويقال فلان جاسوس القلوب إذا كان حاذق الفراسة، وان له نظرة تهتك حجب الضمير، وتصيب مقاتل الغيب، وتنكشف لها مغيبات الصدور، ويقال هذه فراسة ذات بصيرة أي صادقة. وتقول لمن أخبر بما في ضميرك قد أصبت ما في نفسي، ووافقت ما في نفسي، ولم تعدما في نفسي، وكأنك كنت نجيضمائري، وكأنك قد خضت بين جوانحي، وكأنما شق لك عن قلبي.

وتقول فلان فاسد الظنون، كاذب الحدس، كثير التخيلات، وقد كذب ظنه في هذا الامر، وأخطأت فراسته، وكذبته ظنونه، وطاشسهم ظنونه، وقد أبعد المرمى، ورمى المرمى القصي، وهذا وهم باطل، وخيال كاذب، وهذا امر لا أتوهمه، وأمر يبعد من الظن، ويبعد في نفسيان يكون الامر كذا، وهذا ضرب من الخرص، ومن التخرص، وهذا من فاسد الأوهام، ومن بعيد المزاعم.

فصل في العلم بالشيء والجهل به

يقال انا عالم بهذا الامر، وعليم به، وخبير، وبصير، وعارف، وطب، وطبن، وعندي علمه، وهو في معلومي، ولي به خبر، وخبرة، ومخبرة. وقد عرفته، وعلمته، ودربته، وخبرته، وبلوته، واختبرته، وابتليته، وبطنته، واستبطنته، وعلمت علمه، واطلعت طلعه، وعلمته حق علمه، وعرفته حق معرفته، ووسعته علما، وأحطت به خبرا، وقتلته علما، ونحرته علما، وقتلته خبرا، وخبرت سره، وسبرت غوره، واستبطنت كنهه، وعرفت ظاهره وباطنه، وباديه وخافيه، وجليه وخفيه، ووقفت على جله ودقه، وجلائله ودقائقه، وأحطت بجملته وتفاصيله، وعرفت جملته وتفاريقه. ويقال قد عجمتفلانا ولفظتهاذا عرفته حق معرفته، وانا به أعلى عينا أي أبصر به وأعلم بحاله، وأنا أعرف الناس به، وأعلمهم بموضعه، وأبطنهم به خبرة، وقد أثبته، وثابته، وأثبت معرفته، وعرفانه. وفي المثل أتعلمني بضب انا حرشته، يضرب لمن هو أعلم بالشيء من غيره. والعوان لا تعلم الخمرة، يضرب للمجرب العارف. ويقال انا أعرف الأرنب وأذنيها إذا أثبت معرفة الشخص بعلامة لا تتخلف. وفلان ان جهلته لم أعرف غيره. ويقال قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها. ومن امثالهم الخيل أعلم بفرسانها، وكل قوم أعلم بصناعتهم، وعرف النخل أهله، وفلان يعلم من أين تؤكل الكتف، والصبي اعلم بمصغى خده. ويقال فلان سر هذا الامر أي عالم به. وتقول للمستفهم على الخبير سقطت، ولا ينبئك مثل خبير.

ويقال في ضد ذلك هذا امر لا معرفة لي به، ولم يسبق لي به علم، ولم تقع لي به خبرة، ولم أعلم علمه، ولم أطلع طلعه، وقد غابت عني معرفته، وخفيت علي معرفته، وأنا أجنبي من هذا الامر، وهو أمر لم ألابسه، ولم أمارسه، ولم يسبق لي به عهد، ولا أدري ما هو، ولا أقطع بشيء من أمره. وفلان جاهل بهذا الامر، وجاهل منه، وهذا امر لم يدخل في علمه، ولا يصل اليه علمه، ولا تبلغ اليه مداركه، وهو من وراء علمه، ومن فوق طور إدراكه. ويقال فلان يعتنف الأمور إذا أتاها بغير علم. وتقول رأيت فلانا فأنكرته أي لم أعرفه، وقد غمت علي معرفته، واستسرت علي معرفته، أي خفيت علي. وتقول للرجل إذا خفيت معرفتك عليه لبعد عهدونحوه توهمني هل تعرفني. ويقول من عرض عليه شخص يجهله هذا وجه لا أعرفه. ويقال قتل فلان عميا إذا لم يدر من قتله. وأصابه سهم غرب إذا لم يعرف راميه.

فصل في الفحص والاختبار

تقول فحصت الشيء، وبحثته، وبحثت فيه، وبحثت عن حاله، وفحصت عن دختله، ونقبت عن سره، ونقرت عن وليجته، وتصفحته، وتأملته، وتدبرته، وروأت فيه، وفكرت فيه، وتبصرت فيه، واقتدحته، وترسمته، وتوسمته، وتفرسته، وفررت عنه، وفليته، واستشففته، واستوضحته، وأعملت فيه النظر، وأنعمت فيه النظر، وقلبت فيه طرفي، وقلبت فيه نظري، وصعدت فيه نظري وصوبته، وأعدت فيه النظر، وأسففتالنظر، ودققته، ونظرت فيه مليا، وتأملته تأملا مليا، وقلبت فيه خواطري، وأدرت فيه رأيي، وأعملت فيه الروية. وقد بالغت في الفحص، وأغرقت في البحث، وأمعنت في التنقيب، واستقصيت في التنقير، وتقصيت في التفتيش، وقلبت الامر ظهرا لبطن، وتطلبت دخلته، وتعرفت مخبره، ونظرت في أعطافه، وأثنائه، وأحنائه، ومطاويه، ومكاسره، ومغابنه. وقد خبرت الامر والرجل، واختبرته، وجربته، وامتحنته، وبلوته، وابتليته، وبلوت سره، واختبرت كنهه، وعجمت عوده، وغمزت قناته، وسبرت غوره، وربعت حجره. وتقول بلوت ما عند فلان، وسبرت ما عنده، واحتسبت ما عنده، واسبر لي ما عند فلان، واخبر لي ما عنده، وستحمد مخبر فلان، ومسبره. وفلان محمود النقيبة أي محمود المختبر.

وتقول عجمت العود إذا تناولته بمقدم أسنانك لتعرف صلابته، وكذلك عجمت السيف إذا هززته لتختبره. ورزت الشيء، ورزنته، وثقلته، إذا رفعته لتعرف ثقله. ورككت الشيء إذا غمزته بيدك لتعرف حجمه. وربعت الحجر إذا رفعته تمتحن به قوتك وهو الربيعة. وسبرت الجرح، وحججته، إذا قسته بالمسبار وهو كالميل تقاس به الجراح، وكذلك سبرت البئر وغيرها إذا امتحنت غورها لتعرف مقداره. ونقدت الدرهم، وانتقدته، إذا ميزت جيده من رديئه، ونقدت الجوزة إذا نقرتها بإصبعك لتختبرها بصوتها. ونفزت السهم تنفيزا، وأنفزته، إذا أدرته على ظفرك بيدك الاخرى ليبين لك اعوجاجه من استقامته. ورممت السهم بعيني إذا نظرت فيه حتى تسويه. ولاوصت الشجرة إذا أردت قطعها بالفأس فنظرت يمنة ويسرة كيف تأتيها. واستشففت الثوب إذا نشرته في الضوء وفتشته لتطلب عيبا ان كان فيه. وتمخرت الريح إذا نظرت من أين مجراها. واستحلت الشخص إذا نظرت اليه هل يتحرك. وتبصرت الشيء إذا نظرت اليه هل تبصره. وغبطت الكبش، وغمزته، إذا جسسته لتعرف سمنه من هزاله. وفررت الدابة فرا وفرارا إذا كشفت عن أسنانه لتنظر ما سنه. وفي المثل ان الجواد عينه فراره، وان الخبيث عينه فراراه، يضرب لمن يدل ظاهره على باطنه فيغني عن اختباره. وشرت الدابة إذا ركبته عند العرض على البيع لتختبر ما عنده، وهذا مشوار الدواب لمكان عرضها. وتصفحت القوم إذا تأملت وجوههم تنظر الى حلاهموصورهم وتتعرف امرهم. ويقال تصفحت القوم أيضا إذا نظرت في خلالهم هل ترى فلانا، وقد فليت القوم وفلوتهم حتى لقيت فلانا أي تخللتهم. ونفضت المكان، واستنفضته، إذا نظرت جميع ما فيه حتى تعرفه، وهم النفضة بالتحريك للجماعة يرسلها القوم لنفض الطريق، وقد استنفض القوم إذا أرسلوا النفضة. وفرعت الأرض، وأفرعتها، وفرعت فيها، إذا جولت فيها وعلمت علمها وعرفت خبرها. وتجسست أخبار القوم، وتحسستها، أي بحثت عنها وتعرفتها. وأتيت قومي فطالعتهم أي نظرت ما عندهم واطلعت عليه. وعرضت الجند إذا أمررت نظرك عليه لتختبر أحواله او لتعرف من غاب ومن حضر. واستبرأت الشيء إذا طلبت آخره لتقطع عنك الشبهة.

فصل في العلامات والدلائل

يقال تعرفت الشيء بعلاماته، وأماراته، وسماته، وآثاره، ورسومه، وآياته، وشياته، وأشراطه، ومناسمه، ورواسمه، ولوائحه، وطرره. وأثبت الامر بدلائله، وأدلته، وبراهينه، وشواهده، وبيناته، وقرائنه. وعرفت الرجل بحليته، وسيماه، وسيمآئه، وسيميآئه، وسبره، وسحنته، وملامحه، وشكله، وزيه، وهيئته، وشارته. وهذا عنوان الامر، وسيمآؤه، وتباشيره، ومخايله، وأشراطه، وأعلامه، ومناره. وهذه على الامر علامات واضحة، وأمارات جلية، وسمات بينة، وآيات ظاهرة، وشواهد صادقة، ودلائل ناطقة، وبينات سافرة، وبراهين ساطعة. وتقول رأيت على وجهه علامات البشر، وفلان تلوح على محياه سمات الخير، وتتخيل فيه لوائح الكرم، وتظهر عليه سيمآء الصلاح، وتتوسم فيه مخايل النجابة. ويقال على وجه فلان رأوة الحمق وهو أن تتبين فيه الحمق قبل أن تخبره. وتقول قد بدت علامات اليمن، وظهرت مخايل الخير، ولمعت بوارقالنجح، ولاحت أشراط الفوز، وهبت رياح النصر، وأسفرت تباشير الظفر، ووضحت أعلام الحق.

ويقال بدت تباشير الصبح، ومصاديقه، وهي أوائله ودلائله. وهذه معالم الطريق وهي آثارها المستدل عليها بها. وتبينت نسم الطريق، ونيسمها، ونيسبها، وهو أثرها بعد الدروس. ونصبت في المفازة أعلاما، وآراما، وصوى، ومنارا، وهي ما يدل به على الطريق من حجارة ونحوها. وجعلت بين الأرضين علما، ومنارا، وحدا، وتخما، وأرفة، وهي العلامة تدل على الفصل بينهما. ومرت الريح بأرض كذا فتركت فيها تباشير وهي الطرائق والآثار. ويقال اتسم الرجل إذا جعل لنفسه سمة يعرف بها. وأعلم المقاتل نفسه إذا وسعها بسيمآء الحرب ليعلم مكانه فيها، وفلان كميمعلم. وأشرط نفسه للأمر أعلمها له وأعدها، ويقال أشرط الشجاع نفسه أي أعلمها للموت. وسوم فرسه أي جعل عليه سيمة وهي أن يعلم عليه بحريرة او بشيء يعرف به. ووسم دابته إذا أثر فيها بكية، او قطع أذن ونحو ذلك وهي السمة، والوسام، والميسم. ورقم الثوب، وأعلمه، وطرزه، إذا كتب ثمنه على طرف من أطرافه، وهذا رقم الثوب، وعلمه، وطرازه. والطراز أيضا ما يرسم على ثياب الملوك بالذهب او غيره من أسمائهم او علامات تختص بهم. وناط بثوبه بطاقة وهي ورقة او رقعة فيها رقم ثمنه او بيان ذرعه، وكذا ما يبين فيه العدد والوزن من غير ذلك. وختم إناءه بالروشم، والروسم، وهو خشبة مكتوبة بالنقر يطبع بها في طين ونحوه فينتقش فيه رسمها. ويقال بين القوم أعلومة، وشعار، وهو لفظ يتواضعونعليه يعرف به بعضهم بعضا في الحرب والسفر وغيرهما.

ويقال درهم مسيح أي لا نقش عليه. وسهمغفل أي لا علامة له، وكتاب غفل لم يسم واضعه، وكذلك كل ما لم يوسم بعلامة. والأغفال من الأراضي، والأعمآء، والمعامي، التي لا أثر بها للعمارة. وارض مجهل، وهوجل، وبهمآء، وهيمآء، لا أعلام فيها. وطريق ظلف أي غليظ لا يؤدي أثرا، وكذلك ارض ظلفة، ويقال ظلفت أثري أي اخفيته.

وتقول هذا امر قد درست آثاره، وعفت رسومه، وطمست معالمه، وهدم مناره، وخفيت أشراطه، وتنكرت معارفه.

فصل في توقع الأمر ومفاجأته

يقال قد كان ذلك مما أتوقعه، وأترقبه، وأترصده، وأنتظره، وأقدره، وأظنه، وأحتسبه، وأتوهمه، وأتخيله. ولم يعد الامر ما كان في حسباني، وفي تقديري، وما كان يصوره لي الظن، وتمثله لي الفراسة، وتحدثني به الظنون. وهذا ما أسفرت عنه الدلائل، وشفتعنه القرائن، واومأت اليه المقدمات، ونطقت به شواهد الحال، وقد كان ذلك يخيل الي، ويتمثل لحسي، ويخطر ببالي، ويجري في خلدي، ويهجس في صدري، ويتخالجفي صدري، ويحكفي صدري. وقد وقع في نفسي منه كذا، وأوقع في نفسي، وألقي في خلدي، وألقي في روعي، ونفثفي روعي. وهذا امر كنت أتوقع ان يكون كذا، وأحاذر، وأشفق، وقد أوجستمنه خيفة، وتوجست منه شرا، وكنت أضمر حذاره، وأستشعرخشيته، وكأنما كنت أستشفه من وراء حجب الغيب، وكأنما كنت أنظر اليه بلحظ الغيب. وتقول في ضده فجئة الامر، وبغته، وبدهه، ودهمه، وجاءه الامر بغتة، وفجأة، وفجاءة، وفاجأه على غفلة، وعلى حين غرة، وباغته من حيث لا يحتسبه، وداهمه من حيث لا يتوقعه. وهذا امر لم يكن في الحسبان، ولم يجر في خاطر، ولم يخطر في بال، ولم يهجس في ضمير، ولم يحك في صدر، ولم يضطرب به جنان، ولم تختلج به حاسة، ولم يتحرك به خاطر، ولم يعلق به ظن، ولم يسبق به حدس، ولم يسنح في فكر، ولم يتصور في وهم، ولم يتمثل في خيال، ولم يرتسم في مخيلة، ولم يظهر له في سماء الوهم سحاب. وتقول ما شعرت الا بكذا، وما راعني الا مجيء فلان، وقد أظلنيامر كذا على غير حسبان، وعلى غير انتظار، وما قدرت ان يكون الامر كذا، ولا خلته، ولا ظننته، ولا حسبته، ولم يكن الامر على ما رجمته، وما توهمته، وهذا امر ما ربأت ربأه أي ما شعرت به ولا تهيأت له. ويقال اغتره الامر إذا أتاه على غرة، وما زال فلان يتوقع غرة فلان حتى أصابها أي يترصد غفلته، وقد اهتبل غرته، واهتبل غفلته، وافترصها، وانتهزها، أي اغتنمها، ويقال اهتبل الصيد أي اغتره، وتغفل فلانا، واستغفله، أي تحين غفلتهليختله. ويقال طرأ عليه امر كذا، ودرأ عليه، إذا أتاه فجأة او أتاه من غير أن يعلم، وطرأ على القوم، ودرأ عليهم، إذا طلع عليهم من حيث لا يدرون. وانبثق عليهم الامر هجم من غير أن يشعروا به، وانفجرت عليهم الدواهي إذا أتتهم من كل وجه بغتة، وكذلك انبثق عليهم القوم، وانفجروا، وقد صبحوهموهم غارون أي غافلون. ومن أمثالهم من مأمنه يؤتى الحذر. ويقال هجم على القوم، ودمر عليهم، ودمق عليهم، واندمق، إذا دخل عليهم بغير إذن. ووغل على القوم في شرابهم إذا دخل عليهم من غير أن يدعى، وورش عليهم في طعامهم كذلك، وهو واغل، ووارش.

فصل في مراقبة الأمر واغفاله

يقال رقبت الامر، وراقبته، وارتقبته، وترقبته، ورصدته، وترصدته، ورعيته، وراعيته، ولاحظته، وقد تعهدتهبنظري، وأتبعته نظري، وتعقبتهبنظري، وما زال هذا الامر مرمى بصري، وقيد عياني، وقد أيقظت له رأيي، وأسهرت له قلبي، وهذا امر لم أغفلهطرفة عين، وما زلت أرقبه بعين لا تغفل. وتقول راقبت الرجل، ورامقته، ورابأته، وقد أتبعته رسل النظر، ولم أبرح أتتبع آثاره، وأتعقب خطواته، وأستقريأطواره، وأتعرف أحواله، وأراقب حركاته وسكناته، وأتفقد مداخله ومخارجه، وأحصي عليه أنفاسه، وأسأل عنه كل وارد وصادر، وقد بثثتعليه العيون، والأرصاد، والجواسيس، وأقمت عليه رقباء، ومراقبين. ويقال فلان رجل نظور أي لا يغفل عن النظر فيما أهمه، وانه لرجل شاهد اللب، يقظ الفؤاد، كلوء العين، شديد الحفاظ، ضابط لأموره، حارس لحوزته. ويقال فلان يرابئ فلانا أي يراقبه ويحذر ناحيته. وما زال فلان يتسقط فلانا أي يتتبع عثرته وأن يندرمنه ما يؤخذ عليه. ويقال ارتبأت الشمس متى تغرب أي رقبتها، ورعيت النجوم، وراعيتها، كذلك، ورقبت الهلال إذا رصدت ظهوره بعد المحاق، ورصد المنجم الكوكب إذا تتبع حركته في فلكه، وهو من أهل الرصد، والرصد. ويقال أتيت فلانا فلم أجده فرمضته ترميضا أي انتظرته ساعة ثم مضيت. ووعدني فلان بكذا فلبثت أنتظر وعده، وأترقب إنجازه، وأنتظر ما يكون منه، وقد طال انتظاري له، وطال وقوفي ببابه. ويقال تربص بفلان إذا انتظر به خيرا أو شرا يحل به، وهو يتربص به الدوائر، ويتربص به ريب المنون. ويقال فلان يتربص بسلعته الغلاء، ولي في هذه السلعة بصة بالضم أي تربص، وقد استأنيت بها كذا شهرا أي انتظرت وتربصت. وفلان يتحين كذا أي ينتظر حينه، والوارش يتحين طعام الناس أي ينتظر حينه ليدخل. ويقال امرأة رقوب أي تراقب موت بعلها لترثه.

وتقول في خلاف ذلك قد غفلت عن الشيء، وأغفلته، وسهوت عنه، وتشاغلت عنه، وشدهتعنه، وتركت تعهده، وأهملت مراقبته. وقد عرض لي ما شغلني عنه، وشعبني عنه، وخلجني عنه، وقد شغلتني عنه الشواغل، وخلجتني عنه الخوالج، وعرضت لي من دونه مشاغل، ومشاده، وعوادٍ، وعدواء. وفلان نائم عن أموره، وقد تغافل عنها، وتغاضى، وتغابى، ولها عنها، وتلهى، وذهلها، وتناساها، وسرفها، وقد وكل بها الحوادث، وتركها رهن الطوارق، وألقى أزمتها الى أيدي المقادير. ويقال ترك فلان أموره بمضيعة كمكيدة، وبمضيعة كمرحلة، أي تركها مهملة معرضة للضياع، وهو رجل مضياع لأموره إذا كان يضيعها بالإهمال.

فصل في الاستعداد للأمر

يقال استعد للامر، وتأهب له، وتهيأ، وتجهز، وشمر، وتشمر، وتحزم، وتلبب، وشد له حيازيمه، وجمع ذيله، وقام على ساقه، وحسرعن ساقه، وعن يده، وشحذللامر عزيمته، وأرهف له غرار عزمه، وأخذ له عدته، وعتاده، وتجهز له بجهازه، وتآدى له بأداته، وتذرع له بذرائعه، وهيأ له أسبابه، واستعان بآلاته، وجمع له أهبته، وأرصدله الأهبة، والأهب. ويقال آدى فلان للسفر إيداء إذا تهيأ له، وقد أب للمسير يؤب أبا، وائتب، أي تهيأله وتجهز، وهو في أبابه، وأبابته، واي في جهازه. وجاء فلان حافلا حاشدا، ومحتفلا محتشدا، أي مستعدا متأهبا. ويقال أعددت الامر، وهيأته، وأرصدته، ومهدته، ووطأته، ودمثته، وفي المثل دمث لجنبك قبل النوم مضطجعا. ويقال قبل الرماء تملأ الكنائن، وقبل الرمي يراش السهم.