المجلد الثاني - الأحداث في السنة الخامسة من الهجرة

فيها تزوج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زينب بنت جحش وهي ابنة عمته كان زوجها مولاه زيد بن حارثة وكان يقال له زيد بن محمد‏.‏

فخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريده وعلى الباب ستر من شعر فرفعته الريح فرآها وهي حاسرة فأعجبته وكرهت إلى زيد فلم يستطع أن يقربها فجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره فقال‏:‏ أرابك فيها شيء قال‏:‏ لا والله‏.‏

فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏{‏أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 37‏]‏‏.‏

ففارقها زيد وحلت وأنزل الوحي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ من يبشر زينب أن الله قد زوجنيها وقرأ عليهم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ‏}‏ الآية فكانت زينب تفخر على نسائه وتقول‏:‏ زوجكن أهلوكن وزوجني الله من السماء‏.‏

وفيها كانت غزوة دومة الجندل في ربيع الأول وسببها أنه بلغ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن بها جمعًا من المشركين فغزاهم فلم يلق كيدًا وخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وغنم المسلمون إبلًا وغنمًا وجدت لهم‏.‏

ومات أم سعد بن عبادة وسعد مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الغزاة‏.‏

وفيها وادع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عيينة بن حصن الفزاري أن يرعى بتغلمين وما والاها‏.‏

عيينة بضم العين تصغير عين‏.‏

ذكر غزوة الخندق وهي غزوة الأحزاب

وكانت في شوال وكان سببها أن نفرًا من يهود من بني النضير منهم‏:‏ سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وكنانة ابن الربيع بن أبي الحقيق وغيرهم حزبوا الأحزاب على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقدموا على قريش بمكة فدعوهم إلى حرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا‏:‏ نكون معكم حتى نستأصله فأجابوهم إلى ذلك ثم أتوا على غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخبروه أن قريشًا معهم على ذلك فأجابوهم فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن في بني فزارة والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في مرة ومسعر بن رخيلة الأشجعي في الأشجع‏.‏

فلما سمع بهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بحفر الخندق وأشار به سلمان الفارسي وكان أول مشهد شهده مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يومئذ حر فعمل فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغبة في الأجر وحثًا للمسمين وتسلل عنه جماعة من المنافقين بغير علم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأنزل الله في ذلك‏:‏ ‏{‏قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 63‏]‏‏.‏ الآية‏.‏

وكان الرجل من المسلمين إذا نابته نائبة لحاجة لا بد منها يستأذن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقضي حاجته ثم يعود فأنزل الله تعالى‏:‏ إنَّمَا وقسم الخندق بين المسلمين‏.‏

فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان كل يدعيه أنه منهم فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ سلمان منا سلمان من أهل البيت‏.‏

وجعل لكل عشرة أربعين ذراعًا فكان سلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن وعمرو بن عوف وستة من الأنصار يعملون فخرجت عليهم صخرة كسرت المعول فأعلموا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهبط إليها ومعه سلمان فأخذ المعول وضرب الصخرة ضربة صدعها وبرقت منها برقة أضاءت ما ين لابتي المدينة فكبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمون ثم الثانية كذلك ثم الثالثة كذلك ثم خرج وقد صدعها فسأله سلمان عما رأى من البرق فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ أضاءت الحيرة وقصور كسرى في البرقة الأولى وأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة عليها وأضاء لي في الثانية القصور الحمر من أرض الشام والروم وأخبرني أن أمتي ظاهرة عيها وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء وأخبرني أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا فاستبشر المسلمون‏.‏

وقال المنافقون‏:‏ ألا تعجبون يعدكم الباطل ويخبركم أنه ينظر من يثرب الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم لا تستطيعون أن تبرزوا فأنزل الله‏:‏ ‏{‏وَإذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إلاّ غُرُورًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 12‏]‏‏.‏ فأقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من كنانة وتهامة وأقبلت غطفان ومن تابعهم حتى نزلوا إلى جنب أحد وخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمون فجعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف فنزل هناك ورفع الذراري والنساء في الآطام‏.‏

وخرج حيي بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد سيد قريظة وكان قد وادع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قومه فأغلق كعب حصنه ولم يأذن له وقال‏:‏ إنك امرؤ مشؤوم وقد عاهدت محمدًا ولم أر منه إلا الوفاء‏.‏

قال حيي‏:‏ يا كعب قد جئتك بعز الدهر وببحر طامٍ جئتك بقريش وقادتها وسادتها وغطفان بقادتها وقد عاهدوني أنهم لا يبرحون حتى يستأصلوا محمدًا وأصحابه‏.‏

قال كعب‏:‏ جئتني بذل الدهر وبجهام قد هراق ماءه يرعد ويبرق وليس فيه شيء ويحك يا حيي‏!‏ دعني ومحمدًا‏.‏

ولم يزل معه يفتله في الذروة والغارب حتى حمله على الغدر بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففعل ونكث العهد وعاهده حيي إن عادت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدًا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك‏.‏

فعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم ونجم النفاق من بعض المنافقين وأقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمشركون عليه بضعًا وعشرين ليلة فلما اشتد البلاء بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري قائدي غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأجابا إلى ذلك فاستشار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقالا‏:‏ يا رسول الله شيء تحب أن تصنعه أم شيء أمرك الله به أو شيء تصنعه لنا قال‏:‏ بل لكم رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم‏.‏

فقال سعد بن معاذ‏:‏ قد كنا نحن وهم على الشرك ولا يطمعون أن يأكلوا منا تمرة إلا قرىً أو بيعًا فحين أكرمنا الله بالإسلام نعطيهم أموالنا‏!‏ ما نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم‏.‏

فترك ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم إن فوارس من قريش منهم‏:‏ عمرو بن عبد ود أحد بني عامر بن لؤي وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبد الله وضرار بن الخطاب الفهري خرجوا على خيولهم واجتازوا ببني كنانة وقالوا‏:‏ تجهزوا للحرب وستعلمون من الفرسان‏.‏

وكان عمرو بن عبد ود قد شهد بدرًا كافرًا وقاتل حتى كثرت الجراح فيه فلم يشهد أحدًا وشهد الخندق معلمًا حتى يعرف مكانه وأقبل هو وأصحابه حتى وقفوا على الخندق ثم تيمموا مكانًا ضيقًا فاقتحموه فجالت بهم خيولهم في السبخة بين الخندق وسلع وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين فأخذوا عليهم الثغرة وكان عمرو قد خرج معلمًا فقال له علي‏:‏ يا عمرو إنك عاهدت أن لا يدعوك رجل من قريش إلى خصلتين إلا أخذت إحداهما قال‏:‏ أجل‏.‏

قال له عليك فإني أدعوك إلى الله والإسلام‏.‏

قال‏:‏ لا حاجة لي بذلك‏.‏

قال‏:‏ فإني أدعوك إلى النزال‏.‏

قال‏:‏ والله ما أحب أن أقتلك‏.‏

قال علي‏:‏ ولكني أحب أن أقتلك‏.‏

فحمي عمرو عند ذلك فنزل عن فرسه وعقره ثم أقبل على علي فتجاولا وقتله علي وخرجت خيلهم منهمة وقتل مع عمرو رجلان قتل علي أحدهما وأصاب آخر سهم فمات منه بمكة‏.‏

ورمي سعد بن معاذ بسهم قطع أكحله رماه حبان بن قيس بن العرقة بن عبد مناف من بني معيص من عامر بن لؤي والعرقة أمه وإنما قيل لها العرقة لطيب ريح عرقها وهي قلابة بنت سعد بن سهم وهي جدة خديجة أم أبيها أو هي أم عبد مناف بن الحارث‏.‏

فلما رمى سعدًا قال‏:‏ خذها وأنا ابن العرقة‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ عرق الله وجهك في النار ولم يقطع الأكحل من أحد إلا مات‏.‏

فقال سعد‏:‏ اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أقاتلهم من قوم آذوا نبيك وكذبوه اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة‏.‏

وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية‏.‏وقيل‏:‏ إن الذي رمى سعدًا هو أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم‏.‏

فلما قال سعد ما قال انقطع الدم‏.‏

وكانت صفية عمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في فارع حصن حسان ابن ثابت وكان حسان فيه مع النساء لأنه كان جبانًا قالت‏:‏ فأتانا آتٍ من اليهود فقلت لحسان‏:‏ هذا اليهودي يطوف بنا ولا نأمنه أن يدل على عوراتنا فانزل إليه فاقتله‏.‏

فقال‏:‏ والله ما أنا بصاحب هذا‏.‏

قالت‏:‏ فأخذت عمودًا ونزلت إليه فقتلته ثم رجعت فقلت لحسان‏:‏ انزل إليه فخذ سلبه فإنني يمنعني منه أنه رجل‏.‏

فقال‏:‏ والله ما لي بسلبه من حاجة‏.‏

ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يعلم قومين فمرني بما شئت‏.‏

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما أنت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة‏)‏‏.‏

فخرج حتى أتى بني قريظة وكان نديمًا لهم في الجاهلية فقال لهم‏:‏ قد عرفتم ودي إياكم‏.‏

فقالوا‏:‏ لست عندنا بمتهم‏.‏

قال‏:‏ قد ظاهرتم قريشًا وغطفان على حرب محمد وليسوا كأنتم البلد بلدكم به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تتحولوا منه وإن قريشًا وغطفان إن رأوا نهزة وغنيمة أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين محمد ولا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا حتى تأخذوا منهم رهنًا من أشرافهم ثقةً لكم حتى تناجزوا محمدًا‏.‏

قالوا‏:‏ أشرت بالنصح‏.‏

ثم خرج حتى أتى قريشًا فقال لأبي سفيان ومن معه‏:‏ قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمدًا وقد بلغني أن قريظة ندموا وقد أرسلوا إلى محمد‏:‏ هل يرضيك عنا أن نأخذ من قريش وغطفان رجالًا من أشرافهم فنعطيكم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم فأجابهم‏:‏ أن نعم فإن طلبت قريظة منكم رهنًا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم رجلًا واحدًا‏.‏

ثم خرج حتى أتى غطفان فقال‏:‏ أنتم أهلي وعشيرتي‏.‏

وقال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم‏.‏

فلما كان ليلة السبت من شوال سنة خمسٍ كان مما صنع الله لرسوله أن أرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان وقالوا لهم‏:‏ إنا لسنا بدار مقامٍ قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدًا‏.‏

فأرسلوا إليهم‏:‏ إن اليوم السبت لا نعمل فيه شيئًا ولسنا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنًا ثقةً لنا فإنا نخشى أن ترجعوا إلى بلادكم وتتركونا والرجل ونحن ببلاده‏.‏

فلما أبلغتهم الرسل هذا الكلام قالت قريش وغطفان‏:‏ والله لقد صدق نعيم بن مسعود فأرسلوا إلى قريظة‏:‏ إنا والله لا ندفع إليكم رجلًا واحدًا‏.‏

فقالت قريظة عند ذلك‏:‏ إن الذي ذكر نعيم بن مسعود لحقٌ‏.‏

وخذل الله بينهم وبعث الله عليهم فلما انتهى إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اختلاف أمرهم دعا حذيفة بن اليمان ليلًا فقال‏:‏ انطلق إليهم وانظر حالهم ولا تحدثن شيئًا حتى تأتينا‏.‏

قال حذيفة‏:‏ فذهبت فدخلت فيهم والريح وجنود الله تفعل فيهم ما تفعل لا يقر لهم قدر ولا بناء ولا نار‏.‏

فقام أبو سفيان فقال‏:‏ يا معشر قريش لينظر الرجل أمر جليسه قال‏:‏ فأخذت بيد الرجل الذي بجانبي فقلت‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا فلان ثم قال أبو سفيان‏:‏ والله لقد هلك الخف والحافر وأخلفتنا قريظة ولقينا من هذه الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل‏.‏

ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاث قوائم ولولا عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إي أن لا أحدث شيئًا لقتلته‏.‏

قال حذيفة‏:‏ فرجعت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه فأدخلني بين رجله وطرح علي طرف المرط فلما سلم خبرته الخبر‏.‏

وسمعت غطفان بما فعلت قريش فعادوا راجعين إلى بلادهم فلما عادوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الآن نغزوهم ولا يغزوننا‏)‏‏.‏

فكان كذلك حتى فتح الله مكة‏.‏

ذكر غزوة بني قريظة

لما أصبح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عاد إلى المدينة ووضع المسلمون السلاح وضرب على سعد بن معاذ قبة في المسجد ليعوده من قريب فلما كان الظهر أتى جبرائيل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ أقد وضعت السلاح قال‏:‏ نعم‏.‏

قال جبرائيل‏:‏ ما وضعت الملائكة السلاح إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم‏.‏

فأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مناديًا فنادى‏:‏ من كان سامعًا مطيعًا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة‏.‏

وقدم عليًا إليهم برايته وتلاحق الناس ونزل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتاه رجال بعد العشاء الأخيرة فصلوا العصر بها وما عابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وحاصر بني قريظة شهرًا أو خمسًا وعشرين ليلة فما اشتد عليهم الحصار أرسلوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تبعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر وهو أنصاريٌ من الأوس نستشيره فأرسله فلما رأوه قام إليه الرجال وبكى النساء والصبيان فرق لهم فقالوا‏:‏ ننزل على حكم رسول الله‏.‏

فقال‏:‏ نعم وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح‏.‏

فال أبو لبابة‏:‏ فما زالت قدماي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله وقلت‏:‏ والله لا أقمت بمكان عصيت الله فيه‏.‏

وانطلق على وجهه حتى ارتبط في المسجد وقال‏:‏ لا أبرح حتى يتوب الله علي‏.‏

فتاب الله عليه وأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم نزلوا على حكم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال الأوس‏:‏ يا رسول الله افعل في موالينا مثل ما فعلت في موالي الخزرج يعني بني قينقاع وقد تقدم ذكرهم‏.‏

فقال‏:‏ ألا ترضون أن يحكم فيهم سعد بن معاذ قالوا‏:‏ بلى‏.‏

فأتاه قومه فاحتملوه على حمار ثم أقبلوا معه إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم يقولون‏:‏ يا أبا عمرو أحسن إلى مواليك‏.‏

فلما كثروا عليه قال‏:‏ قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم فعلم كثير منهم أنه يقتلهم فلما انتهى سعد إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ قوموا إلى سيدكم أو قال‏:‏ خيركم فقاموا إليه وأنزلوه وقالوا‏:‏ يا أبا عمرو أحسن إلى مواليك فقد رد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحكم فيهم إليك‏.‏

فقال سعد‏:‏ عليكم عهد الله وميثاقه إن الحكم فيهم إلي قالوا‏:‏ نعم فالتفت إلى الناحية الأخرى التي فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغض بصره عن رسول الله إجلالًا وقال‏:‏ وعلى من ههنا العهد أيضًا فقالوا‏:‏ نعم‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ فإني أحكم أن تقتل المقاتلة وتسبى الذرية والنساء وتقسم الأموال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة‏.‏

ثم استنزلوا فحبسوا في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار‏.‏

ثم خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم فيها وفيهم حيي بن أخطب وكعب بن أسد سيدهم وكانوا ستمائة أو سبعمائة وقيل‏:‏ ما بين سبعمائة وثمانمائة وأتي بحيي بن أخطب وهو مكتوف فلما رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكن من يخذل الله يخذل‏.‏

ثم قال للناس‏:‏ إنه لا بأس بأمر الله كتابٌ وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل‏.‏

فأجلس وضربت عنقه‏.‏

ولم تقتل منهم إلا امرأة واحدة قتلت بحدث أحدثته وقتلت أرفة بنت عارضة منهم‏.‏

وأسلم منهم ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد‏.‏

ثم قسم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أموالهم فكان للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولفارسه سهم وللراجل ممن ليس له فرس سهم وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسًا وأخرج منها الخمس وكان أول فيء وقع فيه السهمان والخمس‏.‏

واصطفى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنفسه ريحانة بنت عمرو بنخنافة من بني قريظة فأراد أن يتزوجها فقالت‏:‏ اتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك‏.‏

فلما انقضى أمر قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ واستجاب الله دعاءه وكان في خيمته التي في المسد فحضره رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر وعمر وقالت عائشة‏:‏ سمعت بكاء أبي بكر وعمر عليه وأنا في حجرتي وأما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكان لا يبكي على أحد كان إذا اشتد وجده أخذ بلحيته‏.‏

وكان فتح قريظة في ذي القعدة وصدر ذي الحجة وقتل من المسلمين في الخندق ستة نفر وفي ودخلت سنة ست من الهجرة ذكر غزوة بني لحيان في جمادى الأولى منها خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى بني لحيان يطلب بأصحاب الرجيع خبيب بن عدي وأصحابه وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرةً وأغذ السير حتى نزل على غران منازل بني لحيان وهي بين أمج وعسفان فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال فلما أخطأه ما أراد منهم خرج في مائتي راكب حتى نزل بعسفان تخويفًا لأهل مكة وأرسل فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ثم عاد قافلًا‏.‏

غران بفتح الغين المعجمة وفتح الراء وبعد الألف نون‏.‏

وأمج بفتح الهمزة والميم وآخره جيم‏.‏

ذكر غزوة ذي قرد

ثم قدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فلم يقم إلا أيامًا قلائل حتى أغار عيينة بن حصن الفزاري في خيل غطفان على لقاح النبي وأول من نذر بهم سلمة بن الأكوع الأسلمي هكذا ذكرها أبو جعفر بعد غزوة بني لحيان عن ابن إسحاق والرواية الصحيحة عن سلمة‏:‏ أنها قال سلمة بن الأكوع‏:‏ أقبلنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة بعد صلح الحديبية فبعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بظهره مع رباح غلامه وخرجت معه بفرس طلحة بن عبيد الله فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن ابن عيينة بن حصن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاستاقه أجمع وقتل راعيه قلت‏:‏ يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن المشركين قد أغاروا على سرحه ثم استقبلت الأكمة فناديت ثلاثة أصوات‏:‏ يا صباحاه‏!‏ ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز وأقول‏:‏ خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضّع قال‏:‏ فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا خرج إلي فارس قعدت في اصل شجرة فرميته فعقرت به وإذا دخلوا في مضايق الجبل رميتهم بالحجارة من فوقهم فما زلت كذلك حتى ما تركت من ظهر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعيرًا إلا جعلته وراء ظهري وخلوا بيني وبينه وألقوا أكثر من ثلاثين رمحًا وثلاثين بردة يستخفون بها لا يلقون شيئًا إلا جعلت عليه أمارة أي علامة حتى يعرفه أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى إذا انتهوا إلى متضايق من ثنية أتاهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ممدًا فقعدوا يتضحون فلما رآني قال‏:‏ ما هذا قالوا‏:‏ لقينا منه البرح وقد استنفذ كلما بأيدينا فما برحت مكاني حتى أبصرت فوارس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتخللون الشجر أولهم الأخرم الأسدي واسمه محرز بن نضلة من أسد بن خزيمة وعلى أثره أبو قتادة وعلى أثرهما المقداد بن عمرو الكندي فأخذت بعنان الأخرم وقلت‏:‏ احذر القوم لا يقتطعوك حتى تلحق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه فقال‏:‏ يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تحل بيني وبين الشهادة‏.‏

قال‏:‏ فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن بن عيينة فعقر الأخرم بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم ولحق أبو تقادة فارس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعبد الرحمن فطعنه فانطلقوا هاربين قال سلمة‏:‏ فوالذي كرم وجه محمد لأتبعنهم أعدو على رجلي حتى ما أرى من أصحاب محمد ولا غبارهم شيئًا‏.‏

وعدلوا قبل غروب الشمس إلى غار فيه ماء يقال له ذو قرد يشربون منه وهم عطاش فنظروا إلي أعدو في آثارهم فحليتهم فما ذاقوا منه قطرة قال‏:‏ واشتدوا في ثنية ذي أبهر فأرشق بعضهم بسهم فيقع في نغض كتفه فقلت‏:‏ خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع‏.‏

وإذا فرسان على الثنية فجئت بهما أقودهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

ولحقني عمي عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء فتوضأت وصليت وشربت ثم جئت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو على الماء الذي أجليتهم عنه بذي قرد وإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أخذ تلك الإبل التي استنقذت من العدو وكل رمح وكل بردة وإذا بلال قد نحر لهم ناقة من الإبل وه يشوي منها فقلت‏:‏ يا رسول الله خلني أنتخب مائة رجل فلا يبقى منه عين تطرف‏.‏

فضحك وقال‏:‏ إنهم ليقرون بأرض غطفان‏.‏

فجاء رجل من غطفان فقال‏:‏ نحر لهم فلان جزورًا فلما كشطوا عنها جلدها رأوا غبارًا فقالوا‏:‏ أتيتم فخرجوا هاربين‏.‏

فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالنا سلمة بن الأكوع ثم أعطاني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سهم الفارس وسهم الراجل ثم أردفني وراءه على العضباء‏.‏

فبينما نحن نسير وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدًا فقال‏:‏ ألا من مسابق مرارًا فقلت‏:‏ يا رسول الله بأبي أنت وأمي إيذن لي فلأسابق الرجل‏.‏

قال‏:‏ إن شئت‏.‏

قال‏:‏ فطفرت وربطت شرفًا أو شرفين فألحقه فقلت‏:‏ سبقتك والله‏!‏ فسبقته إلى المدينة فلم نمكث بها إلا ثلاثًا حتى خرجنا إلى خيبر‏.‏

وفي هذه الغزوة نودي‏:‏ يا خيل الله اركبي ولم يكن يقال قبلها‏.‏

قرد بفتح القاف والراء‏.‏ ذكرت هذه الغزوة بعد غزوة ذي قرد وكانت في شعبان من السنة سنة ست وكان بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن بني المصطلق تجمعوا له وكان قائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما سمع بهم خرج إليهم فلقيهم بماء لهم يقال له المريسيع بنحية قديد فاقتتلوا فانهزم المشركون وقتل من قتل منهم وأصيب رجل من المسلمين من بني ليث بن بكر اسمه هشام بن صبابة أخو مقيس بن صبابة أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت بسهم وهو يرى أنه من العدو فقتله خطأ وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا كثيرة فقسمها في المسلمين وفيهم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له فكاتبته عن نفسها فأتت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاستعانته في كتابتها فقال لها‏:‏ هل لك في خير من ذلك قالت‏:‏ وما هو يا رسول الله قال‏:‏ أقضي كتابتك وأتزوجك‏.‏

قالت‏:‏ نعم يا رسول الله‏.‏

ففعل وسمع الناس الخبر فقالوا‏:‏ أصهار رسول الله فأعتقوا أكثر من مائة بيت من أهل بني المصطلق فما كانت امرأة أعظم بركة على قومها منها‏.‏

وبينما الناس على ذلك الماء وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجيرٌ له من بني غفار يقال له جهجاه فازدحم هو وسنان الجهني حليف بني عوف من الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني‏:‏ يا معشر الأنصار‏!‏ وصرخ جهجاه‏:‏ يا معشر المهاجرين‏!‏ فغضبت عبد الله بن أبي بن سلول وعند رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حديث السن‏.‏

فقال‏:‏ أقد فعلوها ‏!‏ قد كاثرونا في بلادنا‏!‏ أما والله ‏{‏لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الأعزُّ مِنْهَا الأذَلَّ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ 8‏]‏‏.‏ ثم أقبل على من حضره من قومه فقال‏:‏ هذا ما فعلتم بأنفسكم‏!‏ أحللتموهم ببلادكم وقاسمتموهم أموالكم‏!‏ والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم‏.‏

فسمع ذلك زيد فمشى به إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك عند فراغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غزوه فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال‏:‏ يا رسول الله مر به عباد بن بشر فليقتله‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كيف إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه‏!‏ ولكن أذن بالرحيل‏.‏

فارتحل في ساعة لم يكن يرتحل فيها ليقطع ما الناس فيه‏.‏

فلقيه أسيد بن حضير فسلم عليه وقال‏:‏ يا رسول الله لقد رحت في ساعة لم تكن تروح فيها‏.‏

فقال‏:‏ أوما بلغك ما قال عبد الله بن أبي قال‏:‏ وماذا قال‏:‏ زعم إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل‏.‏

قال أسيد‏:‏ فأنت والله تخرجه إن شئت فإنك العزيز وهو الذليل ثم قال‏:‏ يا رسول الله ارفق به فوالله لقد من الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكًا‏.‏ وسمع عبد الله بن أبي زيدًا أعلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله فمشى إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به‏.‏

وكان عبد الله في قومه شريفًا فقالوا‏:‏ يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أخطأ وأنزل الله‏:‏ ‏{‏إذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ 1‏]‏‏.‏ تصديقًا لزيد فلما نزلت أخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأذن زيد وقال‏:‏ هذا الذي أوفى الله بأذنه‏.‏

وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ما كان من أمر أبيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبي فإن كنت فاعلًا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه وأخشى أن تأمر غيري بقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمنًا بكافر فأدخل النار‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا‏.‏

فكان بعد ذلك إذا أحدث حدثًا عاتبه قومه وعنفوه وتوعدوه فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك عنهم‏:‏ كيف ترى ذلك يا عمر أما والله لو قتلته يوم أمرتني بقتله لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته‏.‏

فقال عمر‏:‏ أمر رسول الله أعظم بركة من أمري‏.‏

وفيها قدم مقيس بن صبابة مسلمًا فيما يظهر فقال‏:‏ يا رسول الله جئت مسلمًا وجئت أطلب دية أخي وكان قتل خطًا فأمر له بدية أخيه هشام بن صبابة وقد تقدم ذكر قتله آنفًا فأقام عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير كثير ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ثم خرج إلى مكة مرتدًا فقال‏:‏ شفى النفس أن قد بات في القاع مسندًا تضرّج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النّفس من قبل قتله تلمّ فتحميني وطاء المضاجع حللت به نذري وأدركت ثؤرتي وكنت إلى الأصنام أوّل راجع مقيس بكسر الميم وسكون القاف وفتح الياء تحتها نقطتان‏.‏

وصبابة بصاد مهملة وببائين موحدتين بينهما ألف‏.‏

وأسيد بهمزة مضمومة‏.‏

وحضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد‏.‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏  ‏ ‏