ناقة كَهاةٌ: سَمِينة، وقيل: الكَهاةُ الناقة العظيمة؛ قال الشاعر:
إِذا عَرَضَتْ منها كَهاةٌ سَمِـينةٌ |
|
فَلا تُهْدِ مِنها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ |
وقيل: الكَهاةُ الناقة الضَّخْمة التي كادت تدخل في السِّنّ؛ قال طرفة:
فَمَرَّتْ كَهاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالة |
|
عَقِيلةُ شَيْخٍ، كالوبيل، يَلَنْـدَدِ |
وقيل: هي الواسعة جلد الأَخْلاف لا جمع لها من لفظها، وقيل: ناقة كَهاة عظيمة السنام جليلة عند أَهلها. وفي الحديث: جاءت امرأَة إِلى ابن عباس، رضي الله عنهما، فقالت في نفسي مسأَلة وأَنا أَكْتَهِيكَ أَن أُشافِهَك بها أَي أُجِلُّك وأُعَظمك وأَحتشِمك، قال: فاكتبيها في بِطاقة أَي في رُقعة، ويقال في نِطاقة، والباء تبدل من النون في حروف كثيرة، قال: وهذا من قولهم للجبان أَكْهَى، وقد كَهِيَ يَكْهَى واكْتَهى، لأَن المحتشم تمنعه الهيبة عن الكلام. ورجل أَكْهَى أَي جَبان ضعيف، وقد كَهِيَ كَهىً؛ وقال الشَّنْفَرَى:
ولا حبَّاءٍ أَكْهَى مُرِبٍّ بِعِرْسِه |
|
يُطالِعُها في شأْنِه: كيف يَفْعَلُ |
والأَكْهاء: النبَلاء من الرجال، قال: ويقال كاهاهُ إذا فاخَرَه أَيهما أَعظمُ بَدناً، وهاكاهُ إذا استصغر عَقْلَه.وصَخْرةُ أَكْهَى: اسم جبل. وأَكْهَى: هَضْبة؛ قال ابن هَرمة:
كما أَعْيَتْ على الراقين أَكْهَى |
|
تَعَيَّتْ، لا مِياهَ ولا فِـراغـا |
وقضى ابن سيده أَن أَلف كَهاة ياء، لأَن الأَلف ياء أَكثر منها واواً.
أَبو عمرو: أَكْهَى الرجلُ إذا سَخَّن أَطراف أَصابعه بنَفَسه، وكان في الأَصل أَكَهَّ فقُلبت إِحدى الهاءين ياء؛ وقول الشاعر:
وإِنْ يَكُ إِنْساً ما كَها الإِنسُ يَفْعَل |
يريد: ما هكذا الإِنس تَفعل، فترك ذا وقدم الكاف.
الكُهْبَةُ: غُبرة مُشْرَبةٌ سواداً في أَلوان الإِبل، زاد الأَزهري: خاصة.
بعير أَكْهَبُ: بَيِّن الكَهَب، وناقة كَهْباء. الجوهري: الكُهْبة لونٌ مثل القُهبة. قال أَبو عمرو: الكُهبة لون ليس بخالصٍ في الحُمرة، وهو في الحُمْرة خاصَّةً. وقال يعقوب: الكُهْبة لونٌ إِلى الغُرة ما هو، فلم يَخُصَّ شيئاً دون شيء. قال الأَزهري: لم أَسمع الكُهْبة في أَلوان الإِبل، لغير الليث؛ قال: ولعله يُسْتَعْمَلُ في أَلوان الثيابِ. الأَزهري: قال ابن الأَعرابي: وقيل الكَهَبُ لونُ الجاموسِ، والكُهْبةُ: الدُّهْمة؛ والفعل من كل ذلك كَهِبَ وكَهُبَ كَهَباً وكُهْبةً، فهو أَكْهَبُ، وقد قيل: كاهِبٌ؛ وروى بيت ذي الرُّمَّة:
جَنُوحٌ على باقٍ سَحِـيقٍ، كـأَنـهُ |
|
إِهابُ ابنِ آوى كاهِبُ اللَّوْنِ أَطْحَلُهْ |
ويروى: أَكْهَبُ.
رجل كَهْبَلٌ: قصير. والكَنَهْبَل، بفتح الباء وضمِّها: شجر عِظام وهو من العِضاه؛ قال سيبويه: أَما كَنَهْبُل فالنون فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام على مثال سَفَرْجُل، فهذا بمنزلة ما يشتقُّ مما ليس فيه نون، فكَنهْبُل بمنزلة عَرَنْتُنٍ، بنَوْهُ بِناءَه حين زادوا النون، ولو كانت من نفس الحرف لم يفعلوا ذلك؛ قال امرؤ القيس يصِف مطراً وسَيلاً:
فأَضْحَى يَسُحُّ الماءَ من كُلِّ فِيقةٍ |
|
يَكُبُّ على الأَذْقانِ دَوْحَ الكَنْهْبُلِ |
والكَنَهْبَل: لغة فيه. قال أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي من أَهل السَّراة قال: الكَنَهْبَلُ صِنْف من الطَّلْح جفر قِصار الشوك. الأَزهري في الخماسي: الكَنَهْبَل واحدتها كَنَهْبَلة؛ قال ابن الأَعرابي: هي شجر عِظام معروفة، وأَنشد بيت امرئ القيس، قال: ولا أَعرف في الأَسماء مثل كَنَهْبُل، وقال فيه: الكَنَهْبُل من الشَّعِير أَضْخَمُه سُنْبُلةً، قال: وهي شعيرة يمانية حمراء السنبلة صغيرة الحَبِّ.
كَهَدَ في المشي كَهْداً: أَسْرَع. وشيخ كَوْهَدٌ: يُرْعَشُ من الكِبَر، وقد اكْوَهَدَّ الشيخ والفَرْخُ إذا ارْتَعَد. الجوهري: كَهَدَ الحِمارُ كَهَداناً أَي عدا،؛ وأَكْهَدْتُه أَنا. واكْوَهَدَّ الفرخُ اكْوِهْداداً، وهو ارتِعادُه إِلى أُمِّهِ لِتَزُقَّه. وكَهَدَ إذا أَلَحَّ في الطلب. وأَكْهَدَ صاحبَه إذا أَتعبه؛ وهو في بيت الفرزدق:
مُوَقَّعَة بِبَيَاضِ الرُّكُود، |
|
كَهُود اليَدَيْنِ مع المُكْهِدِ |
أَراد بِكَهُودِ اليدين الأَتانَ، وبالمُكْهِد العَيْرَ.
كَهُودُ اليدين: سريعة. والمُكْهِدُ: المُتْعِبُ.
ويقال: أَصابه جَهْد وكَهْد. ولقيني كاهِداً قد أَعيا ومُكْهِداً؛ وقد كَهَدَ وأَكْهَدَ وَكَدَه وأَكْدَه كل ذلك إذا أَجْهَدَه الدُّو وب.
كَهْدَبٌ: ثَقِيلٌ وَخْمٌ.
الكَهْدَل: العنكبوت، وقيل: العَجوز، وقال عمرو بن العاص لمعاوية حين أَراد عَزْله عن مصر: إِني أَتيتك من العِراق وإِنَّ أَمْرَك كحُقِّ الكَهْوَلِ، ويروى: كحُقِّ الكَهْدَلِ بالدالِ عِوَض الواو، قال القتيني: أَما حُقُّ الكَهْدَل فإِني لم أَسمع شيئاً ممن يُوثَق بعلمه بمعنى أَنه بيت العنكبوت، ويقال: إِنه ثَدْيُ العجوز، وقيل: العجوز نفسُها، وحُقُّها ثديها، وقيل غير ذلك. والكَهْدَل: الجارية السمينة الناعمة. قال أَبو حاتم فيما روى عنه القتيبي: الكَهْدَل العاتِقُ من الجَواري؛ وأَنشد:
إِذا ما الكَهْدَلُ الـعـارِ |
|
كُ ماسَتْ في جَوارِيها |
حَسِبْتَ القَمَـرَ الـبـاهِ |
|
رَ، في الحُسْن، يُباهِيها |
وكَهْدَل: اسم راجز؛ قال يعني نفسه:
قد طَرَدَتْ أُمُّ الحَدِيدِ كَهْدَلا |
أُم الحديد: امرأَته، والأَبيات بكمالها مذكورة في حرف الحاء من باب الدال. كَهْدَل: من أَسمائهم.
كَهَرَ الضُّحى: ارتفع؛ قال عَدِيُّ بن زيد العَبَّادي:
مُسْتَخِفِّـينَ بـلا أَزْوادِنـا |
|
ثقةً بالمُهْرِ من غيرِ عَـدَمْ |
فإِذا العانَةُ في كَهْرِ الضُّحى |
|
دُونها أَحْقَبُ ذو لَحْـمٍ زِيَمْ |
يصف أَنه لا يحمل معه زاداً في طريقه ثقة بما يصيده بمُهرِه. والعانة: القطيع من الوحش. والأَحقب: الحمار الذي في حِقْوَيْهِ بياض. ولحم زِيَمٌ: لحم متفرق ليس بمجتمع في مكان. وكَهَرَ النهارُ يَكْهَرُ كَهْراً: ارتفع واشتدّ حَرُّه. الأَزهري: كَهْرُ النهارِ ارتفاعُه في شدة الحر.
والكَهْرُ: الضحك واللهو. وكَهَرَه يَكْهَرُه كَهْراً: زَبَرَهُ واستقبله بوجه عابسٍ وانْتَهره تَهاوناً به. والكَهْرُ: الانْتِهارُ؛ قال ابنُ دارة الثَّعْلَبيّ:
فقامَ لايَحْفِلُ ثَمَّ كَـهْـرا |
|
ولا يُبالي لو يُلاقي عَهْرا |
قال: الكَهْرُ الانْتِهارُ، وكَهَرَه وقَهَره بمعنى. وفي قراءة عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه: فأَما اليتيم فلا تَكْهَرْ؛ وزعم يعقوب أَن كافه بدل من قاف تَقْهَرْ. وفي حديث مُعَاوية بن الحَكَمِ السّلَمِيّ أَنه قال: ما رأَيت مُعَلِّماً أَحْسَنَ تعليماً من النبي، صلى الله عليه وسلم، فبأَبي هو وأُمي ما كَهَرني ولا شَتَمَني ولا ضَرَبني. وفي حديث المَسْعى: أَنهم كانوا لا يُدَعُّون عنه ولا يُكْهَرون؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى في كتب الغريب وبعض طرق مسلم، قال: والذي جاء في الأَكثر يُكْرَهُون بتقديم الراء من الإِكراه.
ورجل كُهْرُورَةٌ: عابس، وقيل قبيح الوجه، وقيل: ضحَّاك لعَّاب. وفي فلان كُهْرُورةٌ أَي انْتِهارٌ لمن خاطبه وتعبيس للوجه؛ قال زَبْدُ الخيل:
ولستُ بذِي كُهْرورَةٍ غيرَ أَنَّنـي |
|
إِذا طَلَعَتْ أُولى المُغِيرَةِ، أَعْبَسُ |
والكَهْرُ: القَهْرُ. والكَهْرُ: عُبُوسُ الوجه. والكَهْرُ: الشَّتْمُ؛ الأَزهري: الكَهْرُ المُصاهَرة؛ وأَنشد:
يُرَحَّبُ بـي عـنـد بـابِ الأَمِـير |
|
وتُكْهَرُ سَعْدٌ ويُقْضى لها أَي تُصاهَرُ. |
الكَهْف: كالمَغارة في الجبل إلا أَنه أَوسع منها، فإذا صغر فهو غار، وفي الصحاح: الكهف كالبيت المنقور في الجبل، وجمعه كُهوف.
وتكهَّف الجبلُ: صارت فيه كُهوف، وتكهَّفتِ البئر: صار فيها مثل ذلك.
ويقال: فلان كَهْف فلان أَي ملجأ. الأَزهري: يقال فلان كهف أَهل الرِّيَبِ إذا كانوا يَلُوذون به فيكون وزَراً ومَلْجأ لهم. وأُكَيْهِفٌ: موضع.
وكَهْفةُ: اسم امرأَة، وهي كهفة بنت مَصاد أَحد بني نَبهان.
التهذيب في ترجمة كَهْكَمَ: ابن الأَعرابي: الكَهْكَمُ والكَهْكَبُ الباذِنجانُ.
الكَهَّةُ: الناقةُ الضخمةُ المُسِنَّة. الأَزهري: ناقة كَهَّةٌ وكَهَاةٌ، لغتان، وهي الضخمة المُسنَّة الثقيلة. والكَهَّةُ: العجوزُ أَو النابُ، مهزولةً كانت أَو سمينةً. وقد كَهَّت الناقةُ تَكِهُّ كُهوهاً إذا هَرِمَت. ابن الأَعرابي: جارية كَهْكاهةٌ وهَكْهاكةٌ إذا كانت سمينةً. وكَهَّ الرجلُ: اسْتُنْكِهَ؛ عن اللحياني. الجوهري: وكَهَّ السَّكْرانُ إذا اسْتَنْكَهْتَه فكَهَّ في وَجْهِك. أَبو عمرو: يقال كَهَّ في وجْهِي أَي تنفَّسَ، والأَمْرُ منه كَهَّ وكِهَّ، وقد كَهِهْتُ أَكَهُّ وكَهَهْتُ أكِهُّ. وفي الحديث: أَن ملَكَ الموتِ قال لموسى، عليهما السلام، وهو يريدُ قبْضَ رُوحِه: كُهَّ في وجهي، ففَعل، فقبَضَ رُوحَه، أَي افْتَحْ فاكَ وتنفَّسْ. يقال: كَهَّ يَكُهُّ وكُهَّ يا فلان أَي أَخْرِجْ نفَسَك، ويروى كَهْ، بهاء واحدة مُسكَّنة بوزن خَفْ، وهو من كاهَ يَكاهُ بهذا المعنى. والكَهْكَهةُ: ترديدُ البعيرِ هَدِيرَه، وكَهْكَهَ الأَسدُ في زئيرِه كذلك، وفي التهذيب: كأَنه حكايةُ صوْتِه، والأَسدُ يُكَهْكِه في زئيره؛ وأَنشد:
سامٍ على الزَّأْآرةِ المُكَهْكِه |
والكَهْكَهةُ: حكاية صوتِ الزَّمْرِ؛ قال:
يا حَبَّذا كَهْكَهةُ الغَواني، |
وحَبَّذا تَهانُفُ الرَّوانـي |
إلىَّ يومَ رِحْلةِ الأَظْعانِ |
والكَهْكَهةُ في الضحك أَيضاً، وهو في الزَّمْرِ أَعْرَفُ منه في الضحك.
وكَهْ كَهْ: حكايةُ الضحِك. وفي التهذيب: وكَهْ حكايةُ الكُهَكِه. ورجلٌ كُهاكِهٌ: الذي تراه إذا نظرتَ إليه كأَنه ضاحكٌ وليس بضاحك. وفي الحديث: كان الحجاجُ قصيراً أَصفرَ كُهاكِهةً، التفسير لشمر حكاه الهروي في الغريبين. وقال ابن الأَثير: هو من الكَهْكهةِ القهقهةِ، وهذا الحديث في النهاية: أَصعرَ كُهاكِهاً، وفسره كذلك. وكَهْكَهَ المَقْرُورُ: تنفَّسَ في يدِه ليُسخِّنَها بنفَسه من شدة البرْد فقال كَهْ كَهْ؛ قال الكميت:
وكهْكَهَ الصَّرِدُ المَقْـرُورُ فـي يدِه، |
|
واستَدْفأَ الكلْبُ في المأْسورِ ذي الذِّئَبِ |
وهو أَن يتنفَّس في يده إذا خَصِرَت. وشيخ كَهْكَمٌ: وهو الذي يُكَهْكِهُ في يده؛ قال:
يا رُبَّ شَيْخٍ، من لُكَيْزٍ كَهْكَمِ، |
|
قَلَّصَ عن ذاتِ شَبابٍ حَذْلَمِ |
والكَهْكاهةُ من الرجال: المُتَهيِّبُ؛ قال أَبو العيال الهذلي يَرْثي ابنَ عمه عبد بن زُهْرة:
ولا كهْكـاهةٌ بَـرِمٌ، |
|
إذا ما اشتَدَّتِ الحِقَبُ |
والحِقَبُ: السِّنونَ، واحدَتُها حِقْبةٌ. وفي الصحاح: ولا كهكاءة. الأَزهري: عن شمر: وكَهْكامةٌ، بالميم، مثلُ كَهْكاهةٍ للمُتَهيِّب، قال: وكذلك كَهْكَم، وأَصلُه كَهامٌ فزيدت الكاف. والكَهْكاهُ: الضعيفُ. وتَكَهْكَه عنه: ضَعُف.
الكَهْلُ: الرجل إذا وَخَطه الشيب ورأَيت له بَجالةً، وفي الصحاح: الكَهْلُ من الرجال الذي جاوَز الثلاثين ووَخَطَه الشيبُ. وفي فضل أَبي بكر وعمر، رضي الله عنهما: هذان سيِّدا كُهول الجنة، وفي رواية: كُهولِ الأَوَّلين والآخِرين؛ قال ابن الأَثير: الكَهْلُ من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إِلى الأَربعين، وقيل: هو من ثلاث وثلاثين إِلى تمام الخمسين؛ وقد اكْتَهَلَ الرجلُ وكاهَلَ إذا بلغ الكُهولة فصار كَهْلاً، وقيل: أَراد بالكَهْلِ ههنا الحليمَ العاقلَ أَي أَن الله يدخِل أَهلَ الجنةِ الجنةَ حُلماءَ عُقَلاءَ، وفي المحكم: وقيل هو من أَربع وثلاثين إِلى إِحدى وخمسين. قال الله تعالى في قصة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ويُكَلِّم الناسَ في المهدِ وكَهْلاً؛ قال الفراء: أَراد ومُكَلِّماً الناس في المهد وكَهْلاً؛ والعرب تَضَع يفعل في موضع الفاعل إذا كانا في معطوفين مجتمعين في الكلام كقول الشاعر:
بِتُّ أُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِـرِ |
|
يَقْصِدُ في أَسْوُقِها، وجائِرِ |
أَراد قاصِدٍ في أَسوُقها وجائرٍ، وقد قيل: إِنه عطف الكَهْل على الصفة، أَراد بقوله في المَهْد صبيّاً وكَهْلاً، فردَّ الكَهْلَ على الصفة كما قال دَعانا لِجَنْبِه أَو قاعِداً؛ روى المنذري عن أَحمد بن يحيى أَنه قال: ذكر الله عز وجل لعيسى آيتين: تكليمه الناس في المَهْد فهذه معجزة، والأُخْرى نزوله إِلى الأَرض عند اقتراب الساعة كَهْلاً ابن ثلاثين سنة يكلِّم أُمة محمد فهذه الآية الثانية. قال أَبو منصور: وإِذا بلغ الخمسين فإِنه يقال له كَهْل؛ ومنه قوله:
هل كَهْل خَمْسين، إِنْ شاقَتْه مَنْزِلةٌ |
|
مُسَفَّه رأَيُه فيها، ومَسْـبـوبُ؟ |
فجعله كَهْلاً وقد بلغ الخمسين. ابن الأَعرابي: يقال للغُلام مُراهِق ثم مُحْتَلم، ثم يقال تخرَّج وجهُه ثم اتَّصلت لحيته، ثم مُجْتَمِعٌ ثم كَهْلٌ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة؛ قال الأَزهري: وقيل له كَهْل حينئد لانتهاء شَبابه وكمال قوَّته، والجمع كَهْلُونَ وكُهُولٌ وكِهال وكُهْلانٌ؛ قال ابن مَيَّادة:
وكيف تُرَجِّيها، وقد حال دُونها |
|
بَنُو أَسَدٍ، كُهْلانُها وشَبابُهـا؟ |
وكُهَّل؛ قال: وأَراها على توهُّم كاهِل، والأُنثى كَهْلة من نسوة كَهْلاتٍ، وهو القياس لأَنه صفة، وقد حكي فيه عن أَبي حاتم تحريك الهاء ولم يذكره النحويون فيما شذَّ من هذا الضرب. قال بعضهم: قلما يقال للمرأَة كهلة مفردة حتى يُزَوِّجُوها بشَهْلة، يقولون شَهْلةٌ كَهْلةٌ. غيره: رجل كَهْل وامرأَة كَهْلة إذا انتهى شبابُهما، وذلك عند استكمالهما ثلاثاً وثلاثين سنة، قال: وقد يقال امرأَة كَهْلة ولم يذكر معها شَهْلة؛ قال ذلك الأَصمعي وأَبو عبيدة وابن الأَعرابي؛ قال الشاعر:
ولا أَعُودُ بعدها كَـرِيّاً، |
أُمارِسُ الكَهْلَة والصَّبِيَّا، |
والعَزَب المُنَفَّهَ الأُمِّـيَّا |
واكْتَهَل أَي صار كَهْلاً، ولم يقولوا كَهَلَ إِلاَّ أَنه قد جاء في الحديث: هل في أَهْلِكَ من كاهِلٍ؟ ويروى: مَنْ كاهَلَ أَي مَنْ دخل حدَّ الكُهُولة وقد تزوَّج، وقد حكى أَبو زيد: كاهَلَ الرجلُ تزوَّج. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه سأَل رجلاً أَراد الجهادَ معه فقال: هل في أَهلِك من كاهِلٍ؟ يروى بكسر الهاء على أَنه اسم، ويروى مَنْ كاهَلَ بفتح الهاء على أَنه فِعْل، بوزن ضارِبٍ وضارَبَ، وهما من الكُهُولة؛ يقول: هل فيهم مَنْ أَسَنَّ وصار كَهْلاً؟ وذكر عن أَبي سعيد الضرير أَنه ردَّ على أَبي عبيد هذا التفسير وزعم أَنه خطأٌ، قد يخلُف الرجلُ الرجلَ في أَهله كَهْلاً وغير كَهْلٍ، قال: والذي سمعناه من العرب من غير مسأَلة أَن الرجل الذي يخلُف الرجلَ في أَهله يقال له الكاهِن، وقد كَهَنَ يَكْهَن كُهُوناً، قال: ولا يخلو هذا الحرف من شيئين، أَحدهما أَن يكون المحدَّث ساءَ سمعُه فظَنَّ أَنه كاهِلٌ وإِنما هو كاهِنٌ، أَو يكون الحرف تعاقب فيه بين اللام والنون كما يقال هَتَنَتِ السماءُ وهَتَلَتْ، والغِرْيَنُ والغِرْيَلُ وهو ما يَرْسُب أَسفل قارورة الدُّهْن من ثُفْلِه، ويرسُب من الطين أَسفل الغَدير وفي أَسفل القِدْر من مَرَقه؛ عن الأَصمعي، قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو سعيد له وجه غير أَنه بعيد، ومعنى قوله، صلى الله عليه وسلم: هل في أَهلِك من كاهِلٍ أَي في أَهلك مَنْ تعْتَمِده للقيام بشأْن عيالك الصغار ومن تُخلِّفه مِمَّن يلزمك عَوْلُه، فلما قال له: ما هُمْ إِلاَّ أُصَيْبِيَةٌ صِغار، أَجابه فقال: تَخَلَّف وجاهِد فيهم ولا تضيِّعهم. والعرب تقول: مُضَر كاهِلُ العرب وسَعْد كاهِل تميم، وفي النهاية: وتَمِيم كاهِلُ مُضَر، وهو مأْخوذ من كاهل البعير وهو مقدَّم ظهره وهو الذي يكون عليه المَحْمِل، قال: وإِنما أَراد بقوله هل في أَهلك من تعتمد عليه في القيام بأَمر مَنْ تُخَلِّف من صِغار ولدك لئلا يضيعوا، أَلا تراه قال له: ما هم إِلاَّ أُصَيْبِية صغار، فأَجابه وقال: ففيهم فجاهِد، قال: وأَنكر أَبو سعيد الكاهِل وقال: هو كاهِن كما تقدم؛ وقول أَبي خِراش الهذلي:
فلو كان سَلْمى جارَهُ أَو أَجـارَهُ |
|
رِماحُ ابنِ سعد، رَدَّه طائر كَهْلُ |
قال ابن سيده: لم يفسره أَحد، قال: وقد يمكن أَن يكون جعله كَهْلاً مبالغة به في الشدة. الأَزهري: يقال طار لفلان طائر كَهْلٌ إذا كان له جَدّ وحَظّ في الدنيا. ونَبْت كَهْل: مُتناهٍ.
واكْتَهَلَ النبتُ: طال وانتهى منتهاه، وفي الصحاح: تَمَّ طولُه وظهر نَوْرُه؛ قال الأَعشى:
يُضاحِكُ الشمسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ |
|
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْت مُـكْـتَـهِـل |
وليس بعد اكْتِهال النَّبْت إِلاَّ التَّوَلِّي؛ وقول الأَعشى يُضاحِك الشمسَ معناه يدُور معها، ومُضاحَكَتُه إِياها حُسْن له ونُضْرة، والكَوْكب: مُعْظَم النبات، والشَّرِقُ: الرَّيَّان المُمْتلئ ماءً، والمُؤَزَّر: الذي صار النبت كالإِزار له، والعَمِيمُ: النبتُ الكثيف الحسَن، وهو أَكثر من الجَمِيم؛ يقال نَبْت عَمِيم ومُعْتَمٌّ وعَمَمٌ. واكْتَهَلَت الروضة إذا عَمَّها نبتُها، وفي التهذيب: نَوْرُها. ونعجة مُكْتَهِلةٌ إذا انتهى سِنُّها. المحكم: ونعجة مُكْتَهِلةٌ مُخْتَمِرةُ الرأْس بالبياض، وأَنكر بعضهم ذلك.
والكاهِلُ: مقَدَّم أَعلى الظهر مما يَلي العنُق وهو الثُلث الأَعلى فيه سِتُّ فِقَر؛ قال امرؤ القيس يصف فرساً:
له حارِكٌ كالدِّعْصِ لَبَّدهُ الثـرى |
|
إِلى كاهِل، مثل الرِّتاجِ المُضَبَّبِ |
وقال النضر: الكاهِلُ ما ظهر من الزَّوْر، والزَّوْرُ ما بَطَن من الكاهِل؛ وقال غيره: الكاهِل من الفرس ما ارتفع من فُروعِ كَتِفَيْه؛ وأَنشد:
وكاهِل أَفْرعَ فيه، مع ال |
|
إِفْراعِ، إِشْرافٌ وتَقْبِيبُ |
وقال أَبو عبيدة: الحارِك فُروعُ الكَتِفَيْن، وهو أَيضاً الكاهِلُ؛ قال: والمِنْسَجُ أَسفل من ذلك، والكائبة مقدَّم المِنْسَج؛ وقيل: الكاهِلُ من الإِنسان ما بين كتفيه، وقيل: هو مَوْصِل العنُق في الصُّلْب، وقيل: هو في الفرس خلْف المِنْسَج، وقيل: هو ما شَخَص من فُروعِ كتفيه إِلى مُسْتَوى ظهره. ويقال للشديد الغَضَب والهائِجِ من الفحول: إِنه لذو كاهِل، حكاه ابن السكيت في كتابه المَوْسُوم بالأَلفاظ، وفي بعض النسخ: إِنه لذو صاهِل، بالصاد؛ وقوله:
طَوِيل مِتَلِّ العُنْقِ أَشْرَف كاهِـلاً |
|
أَشَقّ رَحِيب الجَوْف مُعْتَدِل الجِرْم |
وضع الاسم فيه موضع الظرف كأَنه قال: ذهب صُعُداً. وإِنه لشديد الكاهل أَي منيع الجانب؛ قال الأَزهري: سمعت غير واحد من العرب يقول فلان كاهل بني فلان أَي مُعْتمَدهم في المُلِمَّات وسَنَدُهم في المهمات، وهو مأْخوذ من كاهل الظهر لأَن عُنُق الفرس يَتَسانَدُ إِليه إذا أَحْضَر، وهو مَحْمِل مُقَدَّم قَرَبُوس السَّرْج ومُعْتَمَد الفارس عليه؛ ومن هذا قول رؤبة يمدح مَعَدّاً:
إِذا مَعَـدٌّ عَـدَتِ الأَوائِلا |
|
فابْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا |
حِصْنَيْنِ كانا لِمَعَدٍّ كاهِلا |
|
ومَنْكِبَينِ اعْتَلَيا التَّلاتِـلا |
أَي كانا، يعني ربيعة ومُضَر، عُمْدة أَولادِ مَعَدّ كُلِّهم. وفي كتابه إِلى أَهل اليمن في أَوقات الصلاة والعِشاء: إذا غاب الشَّفَقُ إِلى أَن تَذْهب كَواهِلُ الليلِ أَي أَوائله إِلى أَوساطه تشبيهاً لليْل بالإِبل السائرة التي تتقدَّم أَعناقُها وهَوادِيها وتتبعُها أَعجازُها وتَوالِيها. والكَواهِل: جمع كاهِل وهو مقدَّم أَعلى الظهْر؛ ومنه حديث عائشة: وقَرَّر الرُّؤُوسَ على كَواهِلها أَي أَثْبَتها في أَماكنها كأَنها كانت مشْفِية على الذهاب والهلاك. الجوهري: الكاهِلُ الحارِكُ وهو ما بين الكَتِفين. قال النبي،صلى الله عليه وسلم: تميمٌ كاهِلٌ مُضَر وعليها المَحْمل. قال ابن بري: الحارِكُ فرع الكاهل؛ هكذا قال أَبو عبيدة، قال: وهو عظم مُشْرِف اكْتَنَفَه فَرْعا الكَتِفَين، قال: وقال بعضهم هو منبت أَدنى العُرْف إِلى الظهر، وهو الذي يأْخذ به الفارس إذا رَكِب. أَبو عمرو: يقال للرجل إِنه لذو شاهِقٍ وكاهِلٍ وكاهِنٍ، بالنون واللام، إذا اشتدَّ غضبُه، ويقال ذلك للفحل عند صِيالِه حين تسمَع له صَوْتاً يخرج من جَوْفه.والكُهْلُولُ: الضحَّاكُ، وقيل: الكَريم، عاقبت اللامُ الراءَ في كهرور.
ابن السكيت: الكُهْلُولُ والرُّهْشُوشُ والبُهْلُول كله السخيُّ الكريم.
والكَهْوَلُ: العَنْكَبُوت، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُه. وقال عمرو بن العاص لمعاوية حين أَراد عَزْلَه عن مِصْر: إِني أَتيتُك من العِراق وإِنَّ أَمْرَك كَحُق الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةَ أَو كالكُعْدُبةِ، فما زلت أُسْدِي وأُلْحِمُ حتى صار أَمْرُك كفَلْكَةِ الدَّرَّارةِ وكالطِّرَافِ المُمَدَّدِ؛ قال ابن الأَثير: هذه اللفظة قد اختُلِف فيها، فَرَواها الأَزهري بفتح الكاف وضم الهاء وقال: هي العَنْكَبُوت، ورواها الخطابيُّ والزمخشري بسكون الهاء وفتح الكاف والواو وقالا: هي العنكبوت، ولم يقيِّدها القتيبي، ويروى: كَحُقِّ الكَهْدَل، بالدال بدل الواو، وقال القتيبي: أَما حُقُّ الكَهْدَل فلم أَسمع شيئاً ممن يوثق بعلمه بمعنى أَنه بيت العنكبوت؛ ويقال: إِنه ثَدْيُ العَجوز، وقيل: العجوز نفسها، وحُقُّها ثديُها، وقيل غير ذلك؛ والجُعْدُبةُ: النُّفَّاخاتُ التي تكون من ماء المطر، والكُعْدُبةُ: بيت العنكبوت، وكل ذلك مذكور في موضعه.
وكاهِلٌ وكَهْل وكُهَيْلٌ: أَسماء يجوز أَن يكون تصغير كَهْل وأَن يكون تصغير كاهلٍ تصغيرَ الترخيم، قال ابن سيده: وأَن يكون تصغير كَهْلٍ أَولى لأَن تصغير الترخيم ليس بكثير في كلامهم. وكُهَيْلة: موضع رمل؛ قال:
عُمَيْرِيَّة حَلَّتْ بِرَمْلِ كُـهَـيْلةٍ |
|
فبَيْنُونَةٍ، تَلْقى لها الدهرَ مَرْتَعا |
الجوهري: كاهِل أَبو قبيلة من الأَسد، وهو كاهِل بن أَسد بن خُزيمة، وهم قَتَلَةُ أَبي امرئ القيس. وكِنْهِل، بالكسر: اسم موضع أَو ماء.
كَهُمَ الرجل وكَهَمَ يَكْهَم كَهامةً، فهو كَهامٌ وكَهِيمٌ، وتكَهَّمَ: بَطُؤَ عن النُّصرة والحرب؛ قال مِلْحة الجرمي:
إِذا ما رَمى أَصْحابَه بِجَنيبِـه، |
|
سُرى اللَّيلةِ الظلماء، لم يَتَكَهَّمِ |
وفَرَس كَهام: بِطيء عن الغاية. ورجل كَهام وكَهِيم: ثقيل مُسِنٌّ دَثور لا غَناء عنده، وقوم كَهامٌ أَيضاً. وسيف كَهام وكَهِيم: لا يقطع، كَلِيل عن الضربة. وفي مَقتل أَبي جهل: إِن سيفك كَهامٌ أَي كَليل لا يقطع.
ولسان كَهيمٌ: كَليل عن البلاغة، وفي التهذيب: لسان كَهامٌ. الجوهري: لسان كَهام عَيِيٌّ. ويقال: أَكْهَمَ بَصَرُه إذا كَلَّ ورَقَّ.
وكهَّمَتْه الشدائدُ: نكَّصَتْه عن الإِقدام وجبَّنَتْه. وكَيْهمٌ: اسم.
وقوله في حديث أُسامة: فجعل يتَكهَّمُ بهم؛ التَّكَهُّم: التعرُّض للشر والاقتحام به، وربما يَجْري مِجرى السُّخرية، ولعله إِن كان محفوظاً مقلوب من التَّهَكُّم، وهو الاستهزاء.
الأَزهري في ترجمة كهكه: الكَهْكاهةُ المُتَهَيِّب، قال: وكَهْكامة، بالميم، مثل كَهْكاهةٍ المُتَهيِّبُ، وكذلك كَهْكَمٌ، قال: وأَصله كَهامٌ فزيدت الكاف؛ وأَنشد:
يا رُبَّ شَيْخٍ مِن عَدِيٍّ كَهْكَمِ |
وأَنشد الليث قول أَبي العيال الهذلي:
ولا كَهْكـامةٌ بَـرَمٌ، |
|
إِذا ما اشتَدَّتِ الحِقَبُ |
ورواه أَبو عبيد:
ولا كَهكاهةٌ برم |
بالهاء، وسيأْتي ذكره. ابن الأَعرابي: الكَهْكمُ والكَهْكَبُ الباذِنجان.
الكَهْمَسُ: القصير، وقيل: القصير من الرجال. والكَهْمَسُ: الأَسد. وقال ابن الأَعرابي: هو الذئب. وكَهْمَس: من أَسماء الأَسد. وناقة كَهْمَس: عظيمة السنام. وكَهْمَس: اسم، وهو أَبو حيّ من العرب؛ أَنشد سيبويه لمَوْدُودٍ العنبريّ، وقيل هو لأَبي حُزابة الوليد بن حَنِيفة:
فلِلّه عَيْنا مَـنْ رَأَى مـن فَـوارِسٍ |
|
أَكَرَّ على المَكْرُوه منهم وأَصْبَـرا |
فما بَرِحُوا حتى أَعَضُّوا سُيُوفَـهُـمْ |
|
ذُرى الهامِ مِنْهُم، والحديدَ المُسَمَّرا |
وكُنَّا حَسِبناهم فَوارِسَ كَـهْـمَـسٍ |
|
حَيُوا بَعْدَما ماتوا من الدَّهْرِ أَعْصُرا |
وكَهْمَسٌ هذا: هو كَهْمَسُ بن طَلْق الصَّريمي، وكان من جملة الخوارِج مع بِلال بن مِرْداس، وكانت الخوارج وقعت بأَسلم بن زرعة الكلابي، وهم في أَربعين رجلاً، وهو في أَلْفَي رجل، فقتلت قطعة من أَصحابه وانهزم إِلى البَصرة فقال مَوْدُود هذا الشعر في قوم من بني تميم فيهم شدة، وكانت لهم وقعة بِسِجِسْتان، فَشَبَّهَهُم في شدَّتهم بالخَوارج الذين كان فيهم كَهْمَسُ بن طَلْق، وحَيُوا يعني الخوارج أَصحاب كَهْمَس، أَي كأَنَّ هؤلاء القوم أَصحاب كَهْمَس في قُوَّتهم وشدّتهم ونُصْرتهم.
كَهْمَل: ثقيلٌ وَخِمٌ. وأَخذ الأَمرَ مُكَهْمَلاً أَي بأَجمعه.
الكاهنُ: معروف. كَهَنَ له يَكْهَنُ ويكهُنُ وكَهُنَ كَهانةً وتكَهَّنَ تكَهُّناً وتَكْهِيناً، الأَخير نادر: قَضى له بالغيب. الأَزهري: قَلَّما يقال إِلا تكَهَّنَ الرجلُ. غيره: كَهَن كِهانةً مثل كَتَب يكتُب كِتابة إذا تكَهَّنَ، وكَهُن كَهانة إذا صار كاهِناً. ورجل كاهِنٌ من قوم كَهَنةٍ وكُهَّان، وحِرْفتُه الكِهانةُ. وفي الحديث: نهى عن حُلْوان الكاهن؛ قال: الكاهِنُ الذي يَتعاطي الخبرَ عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدَّعي معرفة الأَسرار، وقد كان في العرب كَهَنةٌ كشِقٍّ وسطيح وغيرهما، فمنهم من كان يَزْعُم أَن له تابعاً من الجن ورَئِيّاً يُلقي إِليه الأَخبار، ومنهم من كان يزعم أَنه يعرف الأُمور بمُقدِّمات أَسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأَله أَو فعله أَو حاله، وهذا يخُصُّونه باسم العَرَّاف كالذي يدَّعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما. وما كان فلانٌ كاهِناً ولقد كَهُنَ. وفي الحديث: من أَتى كاهِناً أَو عَرَّافاً فقد كَفَر بما أُنزِل على محمد أَي من صَدَّقهم. ويقال: كَهَن لهم إذا قال لهم قولَ الكَهَنة. قال الأَزهري: وكانت الكَهانةُ في العرب قبل مبعث سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما بُعث نَبِيّاً وحُرِسَت السماء بالشُّهُب ومُنِعت الجنُّ والشياطينُ من استراق السمع وإِلقائه إِلى الكَهَنةِ بطل علم الكَهانة، وأَزهق الله أَباطيلَ الكُهَّان بالفُرْقان الذي فَرَقَ الله، عز وجل، به بين الحق والباطل، وأَطلع الله سبحانه نبيه، صلى الله عليه وسلم، بالوَحْيِ على ما شاءَ من علم الغُيوب التي عَجَزت الكَهنةُ عن الإِحاطة به، فلا كَهانةَ اليوم بحمد الله ومَنِّه وإِغنائه بالتنزيل عنها. قال ابن الأَثير: وقوله في الحديث من أَتى كاهناً، يشتمل على إِتيان الكاهن والعرَّاف والمُنَجِّم. وفي حديث الجَنين: إِنما هذا من إِخوان الكُهَّان؛ إِنما قال له ذلك من أَجل سَجْعِه الذي سَجَع، ولم يَعِبْه بمجرّد السَّجْع دون ما تضمَّن سَجْعُه من الباطل، فإِنه قال: كيف نَدِيَ من لا أَكَلَ ولا شَرِب ولا اسْتَهلَّ ومثل ذلك يُطَلّ، وإِنما ضرَب المثل بالكُهَّان لأَنهم كانوا يُرَوِّجون أَقاويلهم الباطلة بأَسجاع تروق السامعين، ويسْتَمِيلون بها القلوب، ويَستصغون إِليها الأَسْماع، فأَما إذا وَضَع السَّجع في مواضعه من الكلام فلا ذمَّ فيه، وكيف يُذَمُّ وقد جاءَ في كلام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كثيراً، وقد تكرر ذكره في الحديث مفرداً وجمعاً واسماً وفعلاً. وفي الحديث: إِن الشياطين كانت تَسْترِقُ السمعَ في الجاهلية وتُلقيه إِلى الكَهَنة، فتَزيدُ فيه ما تزيدُ وتَقْبلُه الكُفَّار منهم. والكاهِنُ أَيضاً في كلام العرب: الذي يقوم بأَمر الرجل ويَسْعى في حاجته والقيام بأَسبابه وأَمر حُزانته.
والكاهِنان: حَيَّان. الأَزهري: يقال لقُرَيْظة والنَّضير الكاهِنانِ، وهما قَبِيلا اليهود بالمدينة، وهم أَهل كتاب وفَهْمٍ وعلم. وفي حديثٍ مرفوع: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: يخرج من الكاهِنَين رجلٌ قرأُ القرآن قراءة لا يقرأُ أَحد قراءته؛ قيل: إِنه محمد بن كعب القُرَظِيّ وكان من أَولادهم، والعرب تسمي كل من تعاطى علماً دقيقاً كاهِناً، ومنهم من كان يسمي المنجم والطبيبَ كاهناً.
كُؤْتُ عن الأَمر كَأْواً: نَكَلْتُ، المصدر مقلوب مُغَيَّر.
الكُوبُ: الكُوزُ الذي لا عُرْوَةَ له؛ قال عديّ بن زيد:
مُتَّكِئاً تَصْفِـقُ أَبـوابُـه، |
|
يَسْعَى عليه العَبْدُ بالكُوبِ |
والجمع أَكْوابٌ. وفي التنزيل العزيز: وأَكْوابٌ موْضوعة. وفيه: ويُطافُ عليهم بِصِحافٍ من ذهَبٍ وأَكْوابٍ. قال الفراء: الكُوبُ الكوزُ المستديرُ الرأْسِ الذي لا أُذُن له؛ وقال يصف مَنْجَنوناً:
يَصُبُّ أَكْواباً على أَكوابِ، |
|
تَدَفَّقَتْ من مائها الجَوابي |
ابن الأَعرابي: كابَ يَكُوب إذا شَرِبَ والكَوَبُ: دِقَّة العُنق وعِظَمُ الرأْس. والكُوبة: الشَّطْرَنْجَةُ. والكُوبَةُ: الطَّبْل والنَّرْدُ، وفي الصحاح: الطَّبْلُ الصَّغير المُخَصَّرُ. قال أَبو عبيد: أَما الكُوبة، فإِن محمد بن كثير أَخبرني أَن الكُوبةَ النَّرْدُ في كلام أَهل اليمن؛ وقال غيره، الكُوبَةُ: الطَّبْلُ. وفي الحديث: إِنَّ اللّه حَرَّم الخَمْرَ والكُوبةَ؛ قال ابن الأَثير: هي النَّرْدُ؛ وقيل: الطَّبْل؛ وقيل: البَرْبَطُ، ومنه حديث عليّ: أُمِرْنا بكَسْرِ الكُوبةِ، والكِنَّارَة، والشِّياع.
الكُوتِيُّ: القصير.
كُوثى من أسماء مَكة؛ عن كراع. التهذيب: الكُوثى القصير، والكُوثِيُّ مثله. النَّضْرُ: كَوَّثَ الزرعُ تكويثاً إذا صار أَربَعَ وَرَقاتٍ، وخمسَ ورقاتٍ، وهو الكَوْثُ. وقال أَبو منصور: وكأَنَّ المقطوعَ الذي يُلْبَسُ الرِّجْلَ، سمي كَوْثاً، تشبيهاً بكَوْثِ الزَّرْع، ويقال له: القَفْشُ، وكأَنه مُعَرَّبٌ. قال: وأَما كُوثى التي بالسَّوَاد، فما أُراها عربية، ولقد قال محمد بن سيرين: سمعت عبيدة يقول سمعت عليّاً، عليه السلام، يقول: من كان سائِلاً عن نِسْبَتِنا، فإِنا نَبَطٌ من كُوثى. وروي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: سأَل رجلٌ عليّاً، عليه السلام، فقال: أَخبرني، يا أَمير المؤْمنين، عن أَصلكم، معاشرَ قُرَيْشٍ، فقال: نحن قومٌ من كُوثى. واختلف الناسُ في قوله: نحن قوم من كُوثى، فقالت طائفة: أَراد كُوثى العِراق، وهي سُرَّةُ السَّوادِ التي ولد بها إِبراهيم، عليه السلام؛ وقال آخرون: أَراد كُوثى مَكَّةَ، وذلك أَن مَحلَّةَ بني عبد الدَّار لها كُوثى، فأَراد عليٌّ: انّا مَكِّيُّونَ أُمِّيُّون، من أُمِّ القُرَى؛ وأَنشد حسان:
لَعَنَ اللهُ مَنزِلاً بَطْنَ كُـوثـى، |
|
ورماه بالفَـقْـرِ والإِمْـعـارِ |
ليس كُوثى العِراقِ أَعني، ولكِنْ |
|
كُنْثَةَ الدارِ، دارِ عَبْـد الـدارِ |
أَمْعَرَ الرجلُ إذا افْتَقَر. قال أَبو منصور: والقولُ الأَوَّل هو الأَدلُّ لقول عليّ عليه السلام: فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثى، ولو أَراد كُوثى مكة، لَما قال نَبَطٌ، وكُوثى العِراقِ هي سُرَّةُ السَّوادِ من مَحالِّ النَّبَطِ، وإِنما أَراد عليه السلام، أَن أَبانا إِبراهيمَ كان من نَبَطِ كُوثى وأَنَّ نسبنا انتَهى إِليه، ونحْوَ ذلك؛ قال ابنُ عباس: نحنُ معاشِرَ قُرَيش حَيٌّ من النَّبَط، مِن أَهل كُوثى، والنَّبَطُ من أَهل العِراق. قال أَبومنصور: وهذا من عليٍّ وابن عباس، عليهم السلام، تَبرُّؤٌ من الفَخْرِ بالأَنْساب، ورَدْعٌ عن الطَّعْن فيها، وتحْقيقٌ لقوله عز وجل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ.
الأَزهري: كاوَحْتُ فلاناً مكاوَحةً إذا قاتلته فغلبته؛ ورأَيتهما يَتَكاوَحانِ، والمُكاوَحة أَيضاً في الخصومة وغيرها.
ابن الأَعرابي: أَكاحَ زيداً وكَوَّحه إذا غلبه، وأَكاح زيداً إذا أَهلكه. ابن سيده: كاوَحه فكاحَه كَوْحاً: قاتله فغلبه.
وكاحَه كَوْحاً: غَطَّه في ماء أَو تراب.
وكَوَّحَ الرجلَ: أَذَلَّه. وكَوَّحه: رَدَّه.
الأَزهري: التكويحُ التغليب؛ وأَنشد أَبو عمرو:
أَعْدَدْته للخَصْمِ ذي التَّعَدِّي |
|
كَوَّحْته منك بدونِ الجَهْدِ |
وكَوَّحَ الزِّمامُ البعيرَ إذا ذَلَّله؛ وقال الشاعر:
إِذا رامَ بَغْياً أَو مِراحاً أَقامَه |
|
زِمامٌ، بمَثْناه خِشاشٌ مُكَوِّحُ |
ورجع إِلى كُوحه إذا فعل شيئاً من المعروف ثم رجع عنه. والأَكْواحُ: نواحي الجبال؛ قال ابن سيده: وسنذكره في كيح وإِنما ذكرته ههنا لظهور الواو في التكسير.
الجوهري: كاوَحْتُه إذا شاتمته وجاهرته.
وتَكاوَحَ الرجلان إذا تَمارَسا وتَعالَجا الشَّرَّ بينهما.
ليلةٌ كاخٌ: مظلمة.
ويقال للبيت المسنَّم: كُوخٌ، وهو فارسيٌّ معرّب.
والكُوخ، بالضم: بيت من قصب بلا كوة، والجمع الأَكْواخ. الأَزهري: الكُوخ والكاخ دخيلان في العربية. والكُوخ: كل موضع يتخذه الزارع على زرعه ويكون فيه يحفظ زروعه، وكذلك الناطور يتخذه يحفظ ما في البستان، وأَهل مرو يقولون كاخٌ للقصر الذي يتخذ في البستان والمواضع.
كادَ: وُضِعَتْ لمقاربة الشيء، فُعِلَ أَو لم يُفْعَلْ، فمجرْدَةً تنبيء عن نفي الفعل، ومقرونةً بالجحْد تنبئ عن وقوع الفعل. قال بعضهم في قوله تعالى: أَكاد أُخفيها؛ أُريد أُخفيها. قال: فكما جاز أَن توضع أُريد موضع أَكاد في قوله تعالى: جداراً يريد أَن يَنْقَضَّ، فكذلك أَكاد؛ وأَنشد الأَخفش:
كادَتْ وكِدْتُ وتِلْـكَ خـيرُ إِرادَةٍ، |
|
لو عادَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابَةِ ما مَضَى |
وسنذكرها في كيد بعد هذه. قال ابن سيده في ترجمة كود: كادَ كَوْداً ومَكاداً ومَكادَةً: هَمَّ وقارَبَ ولم يَفْعَل، وهو بالياء أَيضاً وسنذكره. ولا كَوْداً ولا همّاً أَي لا يَثْقُلَنَّ عليك، وهو بالياء أَيضاً.
الليث: الكَوْد مصدر كاد يكودُ كَوْداً ومَكاداً ومَكادَة. تقول لمن يطلب إِليك شيئاً ولا تريد أَن تعطيه، تقول: لا ولا مَكادَةً ولا مَهَمَّةً ولا كَوْداً ولا هَمّاً ولا مَكاداً ولا مَهَمّاً. ويقال: ولا مَهَمَّة لي ولا مَكادة أَي لا أَهُمُّ ولا أَكادُ، ولغة بني عديّ: كُدْتُ أَفْعَل كذا، بضم الكاف، وحكاه سيبويه عن بعض العرب. أَبو حاتم: يقال: لا ولا كيداً لك ولا همّاً، وبعض العرب يقول: لا أَفعل ذلك ولا كَوْداً، بالواو. قال وقال ابن العوَّام: كادَ زيدٌ أَن يموتَ؛ وأَن لا تَدْخل مع كاد ولا مع ما تصرَّف منها. قال الله تعالى: وكادُوا يَقْتُلُونَني؛ وكذلك جميع ما في القرآن. قال: وقد يُدْخلون عليها أَنْ تشبيهاً بعَسَى؛ قال رؤبة:
قد كادَ من طُولِ البِلَى أَنْ يَمْصَحا |
وقولهم: عرف فلان ما يُكادُ منه أَي ما يرادُ منه. وحكى أَبو الخطاب: أَنَّ ناساً من العرب يقولون كِيدَ زيد يَفْعل كذا وما زِيلَ يفعل كذا؛ يريدون كاد وزال فنقلوا الكسر إِلى الكاف كما نقلوا في فَعِلْت. ابن بُزُرج: يقال كم كاد يكاد: هما يَتَكايدان، وأَصحاب النحو يقولون: يَتَكاوَدَان وهو خطأٌ. والكَوْد: كلُّ ما جَمَعْتَه وجعلته كُثَباً من طعام وترابٍ ونحوه، والجمع أَكوادٌ. وكوَّدَ الترابَ: جَمَعَه وجعله كُثْبَةً، يمانيةٌ.
وكُوَادٌ وكوَيْدٌ: اسمان.
الكاذة: ما حول الحياء من ظاهر الفخذين، وقيل: هو لحم مؤخر الفخذين، وقيل: هو من الفخذين موضع الكي من جاعرة الحمار يكون ذلك من الإِنسان وغيره، والجمع كَاذَاتٌ وكاذٌ.
وشَمْلة مُكَوَّذة: تبلغ الكاذة إذا اشتمل بها. قال أَعرابي: أَتمنى حُلة رَبُوضاً وصيصة سَلُوكاً وشمْلَةً مُكَوَّذة؛ يعني شملة تبلغ الكاذَتين إذا اتَّزَرَ. ويقال للإِزار الذي لا يبلغ إِلاَّ الكاذة: مُكَوّذ؛ وقد كَوَّذ تكويذاً.
والكاذي: شجر طيب الريح يطيب الدهن ونباته ببلاد عُمَان، وهو نخلة في كل شيء من حليتها؛ كل ذلك عن أَبي حنيفة، وأَلفه واو. وفي الحديث: أَنه ادّهن بالكاذي؛ قيل: هو شجر طيب الريح يطيب به الدهن.
التهذيب: الكاذتان من فخذي الحمار في أَعلاهما وهما موضع الكيِّ من جاعِرَتي الحمار لحمتان هناك مكتنزتان بين الفخذ والورك. الأَصمعي: الكاذتان لحمتا الفخذ من باطنهما، والواحدة كاذة. وقال أَبو الهيثم: الرَّبَلَة لحم باطن الفخذ، والكاذة لحم ظاهر الفخذ؛ والكاذ لحم باطن الفخذ؛ وأَنشد:فاسْتَكْمَشَتْ وانْتَهَزْنَ الكاذتين معا قال: هما أَسفل من الجاعرتين؛ قال: وهذا القول هو الصواب. الجوهري: الكاذتان ما نتأَ من اللحم في أَعالي الفخذ؛ قال الكميت يصف ثوراً وكلاباً:
فَلما دنت للكاذتين، وأَحْرَجَتْ |
|
به حَلْبَساً عند اللقاء حُلابِسا |
أَحرجت، بالحاء، من الحَرَج؛ يقول: لما دنت الكلاب من الثور أَلجأَته إِلى الرجوع للطعن، والضمير في دنت يعود على الكلاب، والهاء في قوله أَحرجت به ضمير الثور؛ أَحرجت من الحرج أَي أَحرجته الكلاب إِلى أَن رجع فطعن فيها. والحلابس: الشجاع، وكذلك الحلبس.
الكُورُ، بالضم: الرحل، وقيل: الرحل بأَداته، والجمع أَكْوار وأَكْوُرٌ؛ قال:
أَناخَ بِرَمْلِ الكَوْمَحَيْن إِنـاخَةَ الْ |
|
يَماني قِلاصاً، حَطَّ عنهنّ أَكْوُرا |
والكثير كُورانٌ وكُؤُور؛ قال كُثَيِّر عَزَّة:
على جِلَّةٍ كالهَضْبِ تَخْتالُ في البُرى |
|
فأَحْمالُها مَقْصـورَةٌ وكُـؤُورُهـا |
قال ابن سيده: وهذا نادر في المعتل من هذا البناء وإِنما بابه الصحيح منه كبُنُودٍ وجُنُودٍ. وفي حديث طَهْفَة: بأَكْوارِ المَيسِ تَرْتَمِي بنا العِيسُ؛ الأَكْوارُ جمع كُورٍ، بالضم،وهو رَحْل الناقة بأَداته، وهو كالسَّرْج وآلتِه للفرس، وقد تكرّر في الحديث مفرداً ومجموعاً؛ قال ابن الأَثير: وكثير من الناس يفتح الكاف، وهو خطأ؛ وقول خالد بن زهير الهذلي
نَشَأْتُ عَسِيراً لم تُدَيَّثْ عَرِيكَتي |
|
ولم يَسْتَقِرَّ فوقَ ظَهْرِيَ كُورُها |
استعار الكُورَ لتذليل نفسه إِذ كان الكُورُ مما يذلل به البعير ويُوَطَّأُ ولا كُورَ هنالك. ويقال للكُورِ، وهو الرحل: المَكْوَرُ، وهو المُكْوَرُّ، إذا فتحت الميم خففت الراء، وإِذا ثقلت الراء ضممت الميم؛ وأَنشد قول الشاعر:
قِلاص يَمانٍ حَطَّ عنهن مَكْوَرا |
فخفف، وأَنشد الأَصمعي:
كأَنّ في الحَبْلَيْنِ من مُكْوَرِّه |
|
مِسْحَلَ عُونٍ قَصَدَتْ لضَرِّهِ |
وكُورُ الحَدَّاد: الذي فيه الجَمْر وتُوقَدُ فيه النار وهو مبنيّ من طين، ويقال: هو الزِّقُّ أَيضاً. والكَوْرُ: الإِبل الكثيرة العظيمة.
ويقال: على فلان كَوْرٌ من الإِبل، والكَوْرُ من الإِبل: العَطيِعُ الضَّخْم، وقيل: هي مائة وخمسون، وقيل: مائتان وأَكثر. والكَوْرُ: القطيع من البقر؛ قال ذؤيب:
ولا شَبُوبَ من الـثِّـيرانِ أَفْـرَدَه |
|
من كَوْرِه، كَثْرَةُ الإِغْراءِ والطَّرَدُ |
والجمع منهما أَكْوار؛ قال ابن بري هذا البيت أَورده الجوهري:
ولا مُشِبَّ من الـثِّـيرانِ أَفْـرَده |
|
عن كَوْرِه، كَثْرَةُ الإِغراءِ والطَّرَدِ |
بكسر الدال، قال: وصوابه: والطردُ، برفع الدال؛ وأَول القصيدة:
تالله يَبْقى على الأَيَّامِ مُبْتَقِـلٌ |
|
جَوْنُ السَّراةِ رَباعٌ، سِنُّه غَرِدُ |
يقول: تالله لا يبقى على الأَيَّام مُبْتَقِلٌ أَي الذي يَرْعى البقل.
والجَوْنُ: الأَسْوَدُ. والسَّراةُ: الظَّهْر. وغَرِدٌ: مُصَوِّتٌ. ولا مُشِبَّ من الثيران: وهو المُسِنّ أَفرده عن جماعته إِغراءُ الكلب به وطَرَدُه. والكَوْرُ: الزيادة. الليث: الكَوْرُ لَوْثُ العمامة يعني إِدارتها على الرأْس، وقد كَوَّرْتُها تَكْوِيراً. وقال النضر: كل دارة من العمامة كَوْرٌ، وكل دَوْرٍ كَوْرٌ. وتكْوِيرُ العمامة: كَوْرُها. وكارَ العِمامَةَ على الرأْس يَكُورُها كَوْراً: لاثَها عليه وأَدارها؛ قال أَبو ذؤيب:
وصُرَّادِ غَيْمٍ لا يزالُ، كأَنـه |
|
مُلاءٌ بأَشْرافِ الجِبالِ مَكُورُ |
وكذلك كَوَّرَها. والمِكْوَرُ والمِكْوَرَةُ والكِوارَةُ: العمامةُ.
وقولهم: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ، قيل: الحَوْرُ النقصان والرجوع، والكَوْرُ: الزيادة، أُخذ من كَوْرِ العمامة؛ يقول: قد تغيرت حاله وانتقضت كما ينتقض كَوْرُ العمامة بعد الشدّ، وكل هذا قريب بعضه من بعض، وقيل: الكَوْرُ تَكْوِيرُ العمامة والحَوْرُ نَقْضُها، وقيل: معناه نعوذ بالله من الرجوع بعد الاستقامة والنقصان بعد الزيادة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يتعوّذ من الحَوْر بعد الكَوْرِ أَي من النقصان بعد الزيادة، وهو من تَكْوِير العمامة، وهو لفها وجمعها، قال: ويروى بالنون.
وفي صفة زرع الجنة: فيبادِرُ الطَّرْفَ نَباتُه واستحصادُه وتَكْوِيرُه أَي جَمْعُه وإِلقاؤه.
والكِوارَة: خرقة تجعلها المرأَة على رأْسها. ابن سيده: والكِوارَةُ لوث تَلْتاثه المرأَة على رأْسها بخمارها، وهو ضَرْبٌ من الخِمْرَةِ؛ وأَنشد:
عَسْراءُ حينَ تَرَدَّى من تَفَحُّشِها |
|
وفي كِوارَتِها من بَغْيِها مَـيَلُ |
وقوله أَنشده الأَصْمَعِيُّ لبعض الأَغْفال:
جافِيَة مَعْوى ملاث الكَوْر |
قال ابن سيده: يجوز أَن يعني موضع كَوْرِ العمامة: والكِوارُ والكِوارَة: شيء يتخذ للنحل من القُضْبان، وهو ضيق الرأْس. وتَكْوِيرُ الليل والنهار: أَن يُلْحَقَ أَحدُهما بالآخر، وقيل: تَكْوِيرُ الليل والنهار تَغْشِيَةُ كل واحد منهما صاحبه، وقيل: إِدخال كل واحد منهما في صاحبه، والمعاني متقاربة؛ وفي الصحاح: وتَكْوِيرُ الليل على النهار تَغْشيته إِياه، ويقال زيادته في هذا من ذلك. وفي التنزيل العزيز: يُكَوِّرُ الليلَ على النهار ويُكَوِّرُ النهارَ على الليل؛ أَي يُدْخِلُ هذا على هذا، وأَصله من تَكْوِيرِ العمامة، وهو لفها وجمعها. وكُوِّرَتِ الشمسُ: جُمِعَ ضوءُها ولُفَّ كما تُلَفُّ العمامة، وقيل: معنى كُوِّرَتْ غُوِّرَتْ، وهو بالفارسية كُورْبِكِرْ وقال مجاهد: كُوِّرَت اضمحلت وذهبت. ويقال: كُرْتُ العمامةَ على رأْسي أَكُورُها وكَوَّرْتُها أُكَوِّرُها إذا لففتها؛ وقال الأَخفش: تُلَفُّ فَتُمْحَى؛ وقال أَبو عبيدة: كُوِّرَتْ مثل تَكْوِير العمامة تُلَفُّ فَتُمْحَى، وقال قتادة: كُوِّرَتْ ذهب ضوءُها، وهو قول الفراء، وقال عكرمة: نُزِعَ ضوءُها، وقال مجاهد: كُوِّرَتْ دُهْوِرَتْ، وقال الرَّبيعُ بن خَيثَمٍ: كُوِّرَتْ رُميَ بها، ويقال: دَهْوَرْتُ الحائطَ إذا طرحته حتى يَسْقُطَ، وحكى الجوهري عن ابن عباس: كُوِّرَتْ غُوِّرَتْ، وفي الحديث: يُجاءُ بالشمس والقمر ثَوْرَيْنِ يُكَوَّرانِ في النار يوم القيامة أَي يُلَفَّانِ ويُجْمَعانِ ويُلْقَيانِ فيها، والرواية ثورين، بالثاء، كأَنهما يُمْسَخانِ؛ قال ابن الأَثير: وقد روي بالنون، وهو تصحيف.
الجوهري: الكُورَةُ المدينة والصُّقْعُ، والجمع كُوَرٌ. ابن سيده: والكُورَةُ من البلاد المِخْلافُ، وهي القرية من قُرَى اليمن؛ قال ابن دريد: لا أَحْسِبُه عربيّاً.
والكارَةُ: الحالُ الذي يحمله الرجل على ظهره، وقد كارها كَوْراً واسْتَكارَها. والكارَةُ: عِكْمُ الثِّياب، وهو منه، وكارةُ القَصَّار من ذلك، سميت به لأَنه يُكَوِّر ثيابه في ثوب واحد ويحمِلها فيكون بعضُها على بعض. وكوّر المتاعَ: أَلقى بعضه على بعض. الجوهري: الكارةُ ما يُحمل على الظهر من الثِّياب، وتَكْوِيرُ المتاع: جمعُه وشدّه.
والكارُ: سُفُن مُنحدِرة فيها طعام في موضع واحد. وضربه فكَوَّره أَي صرَعه، وكذلك طعنه فكَوّرَه أَي أَلقاه مجتمعاً؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
ضَرَبْناه أُمَّ الرَّأْسِ، والنَّقْعُ ساطِعٌ |
|
فَخَرَّ صَرِيعاً لليَدَيْنِ مُـكَـوَّرَا |
وكَوَّرْته فتكَوَّر أَي سقَط، وقد تكَوَّر هو؛ قال أَبو كبير الهذلي:
مُتَكَوِّرِينَ على المَعارِي، بينهم |
|
ضرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ |
وقيل: التَّكْوِير الصَّرْع، ضرَبه أَو لم يضربْه. والاكتيارُ: صرعُ الشيءِ بعضُه على بعضٍ. والاكْتِيار في الصِّراع: أَن يُصرَع بعضه على بعض.
والتَّكَوُّر: التَّقَطُّر والتَّشَمُّر. وكارَ الرجلُ في مشْيته كَوْراً، واسْتَكار: أَسْرع. والكِيار: رَفْع الفَرس ذنبه في حُضْره؛ والكَيِّر: الفرس إذا فعل ذلك. ابن بزرج: أَكارَ عليه يضربه، وهما يَتَكايرانِ، بالياء. وفي حديث المُنافق: يَكِير في هذه مرّة وفي هذه مرّة أَي يجري.
يقال: كارَ الفرسُ يَكِيرُ إذا جرى رافعاً ذنبه، ويروى يَكْبِنُ. واكْتار الفرسُ: رفع ذنَبه في عَدْوِه. واكْتارَتِ الناقة: شالت بذنَبها عند اللِّقاح. قال ابن سيده: وإِنما حملنا ما جُهل من تصرّفه من باب الواو لأَن الأَلف فيه عين، وانقلاب الأَلف عن العين واواً أَكثر من انقلابها عن الياء. ويقال: جاء الفرس مُكْتاراً إذا جاء مادّاً ذنبه تحت عَجُزِه؛ قال الكميت يصف ثوراً:
كأَنه، من يَدَيْ قِبْطِيَّة، لَهِقاً |
|
بالأَتْحَمِيّة مُكْتارٌ ومُنْتَقِبُ |
قالوا: هو من اكْتار الرجلُ اكْتِياراً إذا تعمَّم. وقال الأَصمعي: اكْتارَتِ الناقة اكْتِياراً إذا شالت بذنَبها بعد اللِّقاح. واكْتار الرجل للرجل اكْتِياراً إذا تهيأَ لِسبابه. وقال أَبو زيد: أَكَرْت على الرجل أُكِيرُ كيارةً إذا استذللته واستضعفته وأَحَلْت عليه إِحالة نحو مائةٍ.والكُورُ: بناء الزَّنابير؛ وفي الصحاح: موضِع الزَّنابير. والكُوَّارات: الخَلايا الأَهْلِيَّة؛ عن أَبي حنيفة، قال: وهي الكَوائر أَيضاً على مثال الكَواعِر؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الكَوائر ليس جمع كُوَّارة إِنما هو جمع كُوَارة، فافهم، والكِوَار والكِوارة: بيت يُتَّخذ من قُضبانٍ ضيِّقُ الرأْس للنحل تُعَسِّلُ فيه. الجوهري: وكُوَّارة النحل عسلها في الشمَع. وفي حديث عليّ، عليه السلام: ليس فيما تُخْرِج أَكْوارُ النَّحْل صدَقة، واحدها كُور، بالضم، وهو بيت النحل والزَّنابير؛ أَراد أَنه ليس في العسل صدقة.
وكُرْت الأَرض كَوْراً: حفرتُها.
وكُور وكُوَيْرٌ والكَوْر: جبال معروفة؛ قال الراعي:
وفي يَدُومَ، إذا اغْبَرَّتْ مَناكِـبُـه |
|
وذِرْوَةِ الكَوْرِ عن مَرْوانَ مُعْتَزَلُ |
ودارَةُ الكَوْر، بفتح الكاف: موضع؛ عن كُراع. والمِكْوَرَّى: القصير العريض. ورجل مِكْوَرَّى أَي لئيم. والمَكْوَرَّى: الرَّوْثة العظيمة، وجعلها سيبويه صفة، فسرها السيرافي بأَنه العظيم رَوثَةِ الأَنف، وكسر الميم فيه لغة، مأْخوذ من كَوَّره إذا جَمعه، قال: وهو مَفْعَلَّى، بتشديد اللام، لأَن فَعْلَلَّى لم يَجِئ، وقد يحذف الأَلف فيقال مِكْوَرٌّ، والأُنثى في كل ذلك بالهاء؛ قال كراع: ولا نظير له. ورجل مَكْوَرٌّ: فاحش مكثار؛ عنه، قال: ولا نظير له أَيضاً. ابن حبيب: كَوْرٌ أَرض باليمامة.
كازَ الشيءَ كَوْزاً: جمعه، وكُزْتُه أَكُوزُه كَوْزاً: جمعته.
والكُوزُ: من الأَواني، معروف، وهو مشتق من ذلك، والجمع أَكْوازٌ وكِيزانٌ وكِوَزَةٌ؛ حكاها سيبويه مثل عُودٍ وعِيدانٍ وأَعْوادٍ وعِوَدَةٍ، وقال أَبو حنيفة: الكُوزُ فارسي؛ قال ابن سيده: وهذا قول لا يُعَرَّج عليه، بل الكُوزُ عربي صحيح.
ويقال: كازَ يَكُوزُ واكْتازَ يَكْتازُ إذا شرب بالكُوزِ. قال ابن الأَعرابي: كابَي يَكُوبُ إذا شرب بالكُوب، وهو الكُوزُ بلا عُرْوَة، فإِذا كان بعروة فهو كُوز، يقال: رأَيته يَكُوزُ ويَكْتازُ ويَكُوبُ ويَكْتاب.
واكتازَ الماءَ: اغْتَرَفَهُ، وهو افْتَعَلَ من الكُوزِ. وفي حديث الحسن: كان مَلِكٌ من ملوك هذه القرية يرى الغلامَ من غلمانه يأْتي الحُبَّ يَكْتازُ منه ثم يُجَرْجِر قائماً فيقول: يا ليتني مِثْلُك، يا لها نِعْمة، تأْكل لَذَّةً وتُخْرجُ سَرْحاً، يَكْتازُ أَي يَغْتَرِفُ بالكُوز، وكان بهذا الملك أُسْرٌ، وهو احتباس بوله، فتمنى حال غلامه.
وبنو كُوزٍ: بَطْنٌ من بني أَسَدٍ. التهذيب: وبنو الكُوز بطن من العرب، وفي بني ضَبَّة كُوز بن كعب. كُوَيْز ومَكْوَزَة: اسمان، شذَّ مَكْوَزَةُ عن حدّ ما تحتمله الأَسماءُ الأَعلام من الشذوذ نحو قولهم مَحْبَبٌ ورجاء بن حَيْوَةَ، وسمَّت العرب مَكْوَزَة ومِكْوازاً؛ وقول الشاعر:
وضَعْنَ على المِيزانِ كُوزاً وهاجِراً |
|
فمالتْ بنو كُوزٍ بأَبنـاءِ هـاجِـرِ |
ولو مَلأَتْ أَعْفاجَهـا مـن رثِـيئَةٍ |
|
بنو هاجِرٍ، مالتْ بهَضْبِ الأَكـادِرِ |
ولكِنَّما اغْتَرُّوا، وقد كان عنـدَهـم |
|
قَطِيبانِ شَتَّى من حَلِـيبٍ وحـازِرِ |
كوز: اسم رجل من ضبة؛ وقال ابن بري: الشعر لشَعْمَلَة بن الأَخْضر؛ كوز وهاجر قبيلتان من ضبة ابن أُدٍّ، فيقول: وزنَّا إِحداهما بالأُخرى فمالت كوز بهاجر أَي كانت أَثقل منها؛ يصف كوزاً برَجاحَةِ العقول وأَبناءَ هاجر بخفتها. والأَعْفاج: جمع عَفْجٍ لما يجري فيه الطعام، وهي من الإِنسان كالمصارين من البهائم. يقول: لو ملأَت بنو هاجر أَعفاجها من رثيئة لمالت بهضب الأَكادر. والهضب: جمع هضبة وهي جبل ينفرش على الأَرض، والأَكادر: جبال معروفة، والرثيئة: اللبن الحامض يحلب عليه الحليب؛ يريد بذلك عظم بطونهم وكثرة أَكلهم وعظم خلقهم، يَهْزَأُ بهم على أَن بني هاجر اغتروا ولو أَنهم تأَهبوا لموازنتهم حتى يشربوا الرثيئة فتمتلئَ بطونهم لوازنوا الهِضابَ ورَجَحوا بها وكانوا أَثقل منهم، وهذا كله هزء بهم، والقطيبان: الخليطان من حليب وحازر، والحازر: الحامض، والله تعالى أَعلم.
الكَوْسُ: المَشي على رجل واحدة، ومن ذوات الأَربع على ثلاث قَوائم، وقيل: الكَوْسُ أَن يَرْفع إِحدى قوائمه ويَنْزُوَ على ما بقي، وقد كاسَتْ تَكُوسُ كَوْساً؛ قال الأَعور النَّبْهانيُّ:
ولو عند غَسَّان السَّلِيطيِّ عَرَّسَتْ |
|
رَغا فَرِقٌ منها، وكاسَ عَقِـيرُ |
وقال حاتم الطائي:
وإِبْلِيَ رَهْنٌ أَن يَكُوسَ كَريمُها |
|
عَقِيراً، أَمامَ البيت، حِينَ أُثِيرُها |
أَي تعقر إِحدى قوائم البعير فيَكُوس على ثلاث؛ وقالت عمرة أُخت العباس بن مِرْداس وأُمُّها الخَنْساء تَرْثي أَخاها وتذكر أَنه كان يُعَرْقِبُ الإِبل:
فَظَلَّتْ تَكُوسُ عـلـى أَكْـرُعٍ |
|
ثَلاثٍ، وغادَرَتْ أُخْرى خَضِيبا |
تعني القائمة التي عَرْقَبَها فهي مُخَضَّبَة بالدم. وكاس البعير إذا مشى على ثلاث قوائم وهو مُعَرْقَبٌ. والتَّكاوُس: التَّراكُمُ والتزاحم.
وتَكاوَسَ النخل والشجر والعُشْب: كَثُرَ والتفَّ؛ قال عُطارِد ابنُ قُرَّان:
ودُونيَ من نَجْران رُكْنٌ عَمَرَّدٌ |
|
ومُعْتَلِجٌ من نَخْلِهِ مُتَكـاوِسُ |
وتَكاوَسَ النَّبْتُ: التفَّ وسقط بعضه على بعض، فهو مُتَكاوِس. وفي حديث قتادة ذكر أَصحاب الأَيْكة فقال: كانوا أَصحاب شجر مُتَكاوِس أَي مُلْتَف متراكب، ويروى مُتَكادِس، وهو بمعناه. وفي النوادر: اكْتاسَني فلان عن حاجتي وارْتَكَسَني أَي حبسني.
والكُوسُ، بالضم: الطَّبْل، ويقال: هو معرَّب. ومَكْوَسٌ على مَفْعَل: اسم حمار ولُمْعَةٌ كَوْساء: متراكمة ملتفَّة.والمُتَكاوِسُ في القوافي: نوع منها وهو ما توالى فيه أَربع متحركات بين ساكنين، شبّه بذلك لكثرة الحركات فيه كأَنها التفَّت.وكاسَ الرجُلُ كَوْساً وكَوَّسَهُ: أَخذَ برأْسه فَنَصاه إِلى الأَرض، وقيل: كَبَّه على رأْسه. وكاسَ هُوَ يَكُوسُ: انقلب. وفي حديث عبد اللَّه بن عمر: أَنه كان عند الحجاج فقال: ما نَدِمْتُ على شيء نَدَمي أَن لا أَكون قَتَلْتُ ابن عمر، فقال عبد اللَّه: أَما واللَّه لو فعلتَ ذلك لَكَوَّسَك اللَّه في النار أَعلاك أَسفلك؛ قال أَبو عبيد: قوله لَكَوَّسَك اللَّه يعني لَكَبَّك اللَّه فيها وجعل أَعلاك أَسْفَلك، وهو كقولهم: كلَّمته فاهُ إِلى فيَّ، في وقوعه موقع الحال. ويقال. كَوَّسْتُهُ على رأْسه تَكْويساً، وقد كاسَ يَكوسُ إذا فعل ذلك.
والكُوس: خَشَبة مُثلَّثة تكون مع النَّجَّار يَقِيس بها تَرْبيعً الخشَب، وهي كلمة فارسية، والكَوْسُ أَيضاً كأَنها أَعجمية والعرب تكلَّمت بها، وذلك إذا أَصاب الناس خَبٌّ في البحر فخافوا الغَرَق، قيل: خافوا الكَوْسَ. ابن سيده: والكَوْسُ هَيْجُ البحر وخَبُّه ومُقارَبة الغرق فيه، وقيل: هو الغرَق، وهو دَخِيل.والكُوسِيُّ من الخيل: القصير الدَّوارِج فلا تراه إِلا مُنَكَّساً إذا جَرَى، والأُنثى كُوسِيَّة، وقال غيره: هو القصير اليدَيْنِ. وكاسَتِ الحيَّة إذا تَحَوَّتْ في مَكاسِها، وفي نسخة في مَساكِها. وكَوْساءُ:موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
إِذا ذَكَرتْ قَتْلي بِكَوْساء، أَشْعَلَتْ |
|
كوَاهِيَةِ الأَخْراتِ رَثّ صُنُوعُها |
الكَوْشُ: رأْسُ الفَيْشلةِ. وكاشَ جاريتَه أَو المرأَةَ يَكُوشُها كَوْشاً: نَكَحَها، وكذلك الحمار. وفي التهذيب: كاشَ جارِيتَه يَكُوشُها كَوْشاً إذا مسَحَها، وكاشَ الفحلُ طَرُوقَتَه كَوْشاً طرَقَها. ابن الأَعرابي: كاشَ يَكُوشُ كَوْشاً إذا فَزِعَ فَزَعاً شديداً.
الكاعُ والكُوعُ: طرَفُ الزند الذي يلي أَصلَ الإِبْهامِ، وقيل: هو من أَصل الإِبهام إِلى الزَّنْدِ، وقيل: هما طرفا الزندين في الذراع الكوع الذي يلي الإِبهام، والكاعُ: طرَفُ الزند الذي يلي الخِنْصِر، وهو الكُرْسُوعُ، وجمعها أَكْواعٌ. قال الأصمعي: يقال كاعٌ وكُوعٌ في اليد. ورجل أَكْوَعُ: عظيمُ الكُوعِ، وقيل مُعْوَجُّه؛ قال الشاعر:
دَواحِسٌ في رُسْغِ عَيْرٍ أَكْوَعا |
والمصدر الكَوَعُ، وامرأَة كَوْعاءُ بَيّنةُ الكَوعِ. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: بعث به أبوه إِلى خيبرَ وقاسمهم الثمرةَ فَسَحَرُوه فتَكَوَّعَتْ أَصابِعُه؛ الكَوَعُ، بالتحريك: أَن تَعْوَجَّ اليدُ من قِبَلِ الكُوعِ، وهو رأْس اليد مما يلي الإِبهام، والكُرْسُوعُ رأْسه مما يلي الخنصر. وقد كَوِعَ كَوَعاً وكَوَّعه: ضربه فصيره مُعَوَّجَ الأَكْواعِ. ويقال: أَحْمَقُ يَمْتَخِطُ بكُوعِه. وفي حديث سَلَمةَ بن الأَكْوعِ: يا ثَكِلَتْه أُمُّه، أَكْوَعُه بُكْرَةَ، يعني أَنت الأَكْوَعُ الذي كان قد تبعنا بُكْرة اليوم لأَنه كان أوَّل ما لحِقَهم صاحَ بهم: أَنا ابن الأَكوع، واليومُ يومُ الرُّضَّع، فلما عاد قال لهم هذا القول آخر النهار، قالوا: أَنت الذي كنت معنا بُكْرةَفقال: نعم أَنا أَكْوَعُك بكرة؛ قال ابن الأَثير: ورأَيت الزمخشري قد ذكر الحديث هكذا: قال له المشركون بِكْرَةَ أَكْوَعِه، يعنون أَن سلمةَ بِكْرُ الأَكوع أَبيه، قال: والمروي في الصحيح ما ذكرناه أَولاً، وتصغير الكاعِ كُوَيْعٌ. والكَوَعُ في الناس: أَن تَعْوَجَّ الكفّ من قِبَلِ الكُوعِ، وقد تَكَوَّعَتْ يده.
وكاعَ الكلبُ يَكُوعُ:مشَى في الرمل وتَمايَلَ على كُوعِه من شدّة الحر.
وكاعَ كَوْعاً: عُقِرَ فمشى على كوعه لأَنه لا يقدر على القيام، وقيل: مشى في شِقّ.
والكَوَعُ: يُبْسٌ في الرسْغَيْنِ وإِقْبالُ إِحْدى اليدين على الأُخرى.
بعير أَكْوَعُ وناقة كَوْعاءُ: يابِسا الرسْغَيْنِ. أَبو زيد: الأَكْوَعُ اليابِسُ اليدِ من الرسغ الذي أَقبلت يده نحو بطن الذراع، والأَكْوَعُ من الإِبل: الذي قد أَقبل خفه نحو الوظيف فهو يمشي على رسغه، ولا يكون الكَوَعُ إِلا في اليدين؛ وقال غيره: الكَوَعُ التواء الكُوعِ. وقال في ترجمة وكع: الكَوَعُ أَن يُقْبِلَ إِبهامُ الرجْلِ على أَخواتها إِقْبالاً شديداً حتى يظهر عظم أَصلها، قال: والكَوَعُ في اليد انْقِلابُ الكُوعِ حتى يزول فترى شخص أَصله خارجاً.
الكسائي: كِعْتُ عن الشيء أَكِيعُ وأَكاعُ لغة في كَعَعْتُ عنه أَكِعُّ إذا هِبْتَه وجَبُنْتَ عنه؛ حكاه يعقوب.
والأَكْوَعُ: اسم رجل.
كوَّف الأَدِيم: قَطَعه؛ عن اللحياني، ككَيَّفه، وكَوَّف الشيءَ: نحّاه، وكوَّفه: جمعه. والتكَوُّف: التجمع.
والكُوفة: الرملة المجتمعة، وقيل: الكوفة الرملة ما كانت، وقيل: الكوفة الرملة الحمراء وبها سميت الكوفة. الأزهري: الليث كُوفانُ اسم أَرض وبها سميت الكوفة. ابن سيده: الكوفة بلد سميت بذلك لأَن سعداً لما أَراد أَن يبني الكوفة ارتادها لهم وقال: تكوَّفوا في هذا المكان أَي اجتمعوا فيه، وقال المفضل: إنما قال كوِّفُوا هذا الرمل أي نَحُّوه وانزلوا، ومنه سميت الكُوفة. وكُوفان: اسم الكوفة؛ عن اللحياني، قال: وبها كانت تدعى قبل، قال الكسائي: كانت الكوفة تُدْعى كُوفانَ.
وكوَّفَ القومُ: أَتوا الكوفة؛ قال:
إذا ما رأَتْ يوماً من الناس راكبا |
|
يُبَصِّر من جِيرانهـا، ويُكـوِّفُ |
وكوَّفْت تكويفاً أَي صرت إلى الكوفة؛ عن يعقوب. وتكوَّفَ الرجلُ أَي تشبّه بأَهل الكوفة أَو انتسب إليهم. وتكوَّفَ الرملُ والقومُ أَي استداروا.والكُوفانُ والكُوَّفان: الشرُّ الشديد. وتَرك القومَ في كَوفان أَي في أَمر مستدير. وإنَّ بني فلان من بني فلان لفي كُوفان وكَوَّفان أَي في أَمر شديد، ويقال في عَناء ومَشَقَّة ودَوَران؛ وأَنشد ابن بري:
فما أَضْحى وما أَمْسَيْتُ إلا |
|
وإني منكُم في كَـوَّفـانِ |
وإنه لفي كُوفان من ذلك أَي حِرْز ومَنَعة. الكسائي: والناس في كُوفان من أَمرهم وفي كُوَّفان وكَوْفان أَي في اختلاط. والكُوفانُ: الدَّغَل بين القصَب والخشب.
والكاف: حرف يذكر ويؤنث، قال: وكذلك سائر حروف الهجاء؛ قال الراعي:
أَشاقَتْكَ أَطْلالٌ تَعَفَّتْ رُسُومُها |
|
كما بيّنت كاف تلُوح ومِيمها |
والكاف أَلفها واو؛ قال ابن سيده: وهي من الحروف حرف مهموس يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً ويكون اسماً، فإذا كانت اسماً ابتدئ بها فقيل كزيد جاءني، يريد مثل زيد جاءني، وكبكر غلامٌ لزيد، يريد مثل بكر غلام لزيد، فإن أَدخلت إنَّ على هذا قلت إنَّ كبكر غلامٌ لمحمد فرفعت الغلام لأَنه خبر إنَّ، والكاف في موضع نصب لأَنها اسم إن، وتقول إذا جعلت الكاف خبراً مقدماً إنَّ كبكر أَخاك تريد إن أَخاك كبكر كما تقول إن من الكرام زيداً، وإذا كانت حرفاً لم تقع إلا متوسطة فتقول مررت بالذي كزيد، فالكاف هنا حرف لا محالة، واعلم أَن هذه الكاف التي هي حرف جر كما كانت غير زائدة فيما قدمنا ذكرها، فقد تكون زائدة مؤكدة بمنزلة الباء في خبر ليس وفي خبر ما ومِن وغيرها من الحروف الجارّة، وذلك نحو قوله عز وجل: ليس كمثله شيء؛ تقديره واللّه أَعلم: ليس مثلَه شيء، ولا بد من اعتقاد زيادة الكاف ليصح المعنى لأَنك إن لم تعتقد ذلك أَثبتَّ له عزّ اسمه مثلاً، وزعمت أَنه ليس كالذي هو مثله شيء، فيفسد هذا من وجهين: أَحدهما ما فيه من إثبات المثل لمن لا مثل له عز وعلا علوّاً كبيراً، والآخر أَن الشيء إذا أَثبَتَّ له مثلاً فهو مِثل مثله لأَن الشيء إذا ماثله شيء فهو أَيضاً مُماثل لما ماثله، ولو كان ذلك كذلك على فساد اعتقاد اعتقاد معتقده لما جاز أَن يقال ليس كمثله شيء، لأَنه تعالى مِثلُ مِثله وهو شيء لأَنه تبارك اسمه قد سمى نفسه شيئاً بقوله: قل أَيُّ شيء أَكبر شَهادة قل اللّه شَهيد بيني وبينكم؛ وذلك أَن أَيّاً إذا كانت استفهاماً لا يجوز أَن يكون جوابها إلا من جنس ما أُضيفت إليه، أَلا ترى أَنك لو قال لك قائل أيُّ الطعام أَحب إليك لم يجز أَن تقول له الركوب ولا المشي ولا غيره مما ليس من جنس الطعام؟ فهذا كله يؤكد عندك أَن الكاف في كمثله لا بدَّ أَن تكون زائدة؛ ومثله قول رؤبة:
لَواحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ |
والمَقَقُ: الطُّول، ولا يقال في هذا الشيء كالطول إنما يقال في هذا الشيء طول، فكأَنه قال فيها مَقَق أَي طول، وقد تكون الكاف زائدة في نحو ذلك وذاك وتِيك وتلك وأُولئك، ومن العرب من يقول لَيْسَكَ زيداً أَي ليس زيداً والكاف لتوكيد الخطاب، ومن كلام العرب إذا قيل لأَحدهم كيف أَصبحت أَن يقول كخيرٍ، والمعنى على خير، قال الأَخفش: فالكاف في معنى على؛ قال ابن جني: وقد يجوز أَن تكون في معنى الباء أَي بخير، قال الأَخفش ونحو منه قولهم: كن كما أَنت. الجوهري الكاف حرف جر وهي للتشبيه؛ قال: وقد تقع موقع اسم فيدخل عليها حرف الجر كما قال امرؤ القيس يصف فرساً:
ورُحْنا بِكابنِ الماء يُجْنَبُ وسْطَنا |
|
تَصَوَّبُ فيه العَيْنُ طَوراً وتَرْتَقي |
قال:؛ وقد تكون ضميراً للمُخاطب المجرور والمنصوب كقولك غلامك وضَربك، وتكون للخطاب ولا موضع لها من الإعراب كقولك ذلك وتلك وأُولئك ورُوَيْدَك، لأَنها ليست باسم ههنا وإنما هي للخطاب فقط تفتح للمذكر وتكسر للمؤنث.
وكوَّفَ الكاف: عَمِلها. وكوَّفْت كافاً حسناً أَي كتبت كافاً. ويقال: ليست عليه تُوفة ولا كوفة، وهو مثل المَزْرِيةِ. وقد تافَ وكافَ.
والكُوَيْفةُ: موضع يقال له كُويفة عمرو، وهو عمرو بن قيس من الأزْد كان أَبْرويز لما انهزم من بَهرام جُور نزل به فقراه وحمله، فلما رجع إلى ملكه أَقطعه ذلك الموضع.
ابن شميل: الكَيْكاء والكَوْكَى هما السَّرَطانُ أَي من لا خير فيه من الرجال. شمر: رجل كُواكِيَة وزُوازِيَة أَي قصير. وماء عُرانية: شديد الجِرْية. شمر: رجل كَوْكاةٌ وهو القصير، قال:ورأَيت فلاناً مُكَوْكياً؛ وهو الاهتزاز في المِشْية والسُّرْعة، وهو من عَدْو القِصار؛ قال الشاعر:
دَعَوْتُ كَوْكاةً بغَرْبٍ مِرْجَسِ، |
|
فجاء يَسْعَى حاسِراً لم يَلْبَسِ |
التهذيب: ذكر الليث الكَوْكَبَ في باب الرباعي، ذَهَبَ أَن الواو أَصلية؛ قال: وهو عند حُذَّاق النحويين من هذا الباب، صُدِّر بكافٍ زائدةٍ، والأَصلُ وَكَبَ أَو كَوَبَ، وقال: الكَوْكَبُ، معروف، من كَواكِبِ السماءِ، ويُشَبَّه به النَّور، فيُسَمى كَوْكَباً؛ قال الأَعشى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ، |
|
مُؤَزَّرٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ، مُـكْـتَـهِـلُ |
ابن سيده وغيره: الكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ: النَّجْم، كما قالوا عَجوزٌ وعَجوزة، وبَياضٌ وبَياضةٌ. قال الأَزهري: وسمعت غير واحد يقول للزُّهَرة، من بين النُّجوم: الكَوْكَبةُ، يُؤَنثونها، وسائرُ الكَواكبِ تُذَكَّر، فيقال: هذا كَوكَبُ كذا وكذا. والكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ: بياضٌ في العين.
أَبو زيد: الكَوْكَبُ البياضُ في سَواد العين، ذَهَب البَصَرُ له، أَو لم يَذْهَب. والكَوْكَبُ من النَّبْت: ما طال. وكَوْكَبُ الرَّوْضة: نَوْرُها. وكَوْكَبُ الحديد: بَريقُه وتوَقُّدُه، وقد كَوْكَبَ؛ ويقال للأَمْعَزِ إذا توَقَّدَ حَصاه ضَحاءً: مُكَوْكِبٌ؛ قال الأَعشى يَذْكر ناقته:
تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوكِبَ وَخْداً، |
|
بِنَـواجٍ سَـرِيعةِ الإِيغــالِ |
ويومٌ ذو كَواكِبَ إذا وُصِفَ بالشدَّة، كأَنه أَظْلَمَ بما فيه من الشدائد، حتى ريئَتْ كَواكِبُ السماءِ. وغلامٌ كَوْكَبٌ ممتلئٌ إذا تَرَعْرَعَ وحَسُنَ وجهُه؛ وهذا كقولهم له: بَدْرٌ. وكَوْكَبُ كلِّ شيءٍ: مُعْظَمُه، مثل كَوْكَبِ العُشْبِ، وكَوكَبِ الماءِ، وكَوكَبِ الجَيْش؛ قال الشاعر يصف كَتيبةً:
ومَلْمُومةٍ لا يَخْرِقُ الطَّرْفُ عَرْضَها، |
|
لها كَوْكَبٌ فَخْمٌ، شَديدٌ وُضُوحُـهـا |
المُؤَرِّجُ: الكَوْكَبُ: الماءُ. والكَوْكَبُ: السَّيْفُ.
والكَوْكَبُ: سَيِّدُ القوم. والكَوْكَبُ: الفُطْرُ، عن أَبي حنيفة. قال: ولا أَذْكُرُه عن عالم، إِنما الكَوْكَبُ نبات معروف، لم يُحَلَّ، يقال له: كَوْكَبُ الأَرض. والكَوْكَبُ: قَطَراتٌ تقع بالليل على الحشيش.
والكَوْكَبةُ: الجماعةُ؛ قال ابن جني: لم يُسْتعمل كلُّ ذلك إِلاَّ مزيداً، لأَنا لا نعرف في الكلام مثل كَبْكَبةٍ؛ وقول الشاعر:
كَبْداءُ جاءَتْ من ذُرَى كُواكِبِ |
أَراد بالكَبْداءِ: رَحىً تُدار باليد، نُحِتَتْ من جبل كُواكِبَ، وهو جبل بعينه تُنْحَتُ منه الأَرْحِيَة. وكَوْكَبٌ: اسم موضع؛ قال الأَخطل:
شَوْقاً إِليهم ووَجْداً، يومَ أُتْـبِـعُـهُـم |
|
طَرْفي، ومنهم، بجَنْبَيْ كَوكَبٍ، زُمَرُ |
التهذيب: وكَوْكَبَى، على فَوْعَلى: موضعٌ. قال الأَخطل: بجَنْبَيْ كَوْكَبَى زُمَرُ. وفي الحديث: دَعا دَعْوةً كَوكَبِيَّةً؛ قيل: كَوْكَبٌ قرية ظَلَم عاملُها أَهلَها، فدَعَوْا عليه دَعْوةً، فلم يَلْبَثْ أَن مات، فصارت مثلاً؛ وقال:
فيا رَبَّ سَعْدٍ، دَعْوةً كَوْكَبِـيَّةً، |
|
تُصادِفُ سَعْداً أَو يُصادِفُها سَعْدُ |
أَبو عبيدة: ذَهَبَ القومُ تحتَ كلِّ كَوْكَبٍ أَي تَفَرَّقُوا.
والكَوْكَبُ: شِدَّةُ الحَرِّ ومُعْظَمُه؛ قال ذو الرمة:
ويَوْمٍ يَظَلُّ الفَرْخُ في بَيْتِ غيره، |
|
له كَوْكَبٌ فوقَ الحِدابِ الظَّواهِرِ |
وكُوَيْكِبٌ: من مساجد سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، بين المدينة وتَبُوك. وفي الحديث: أَنَّ عثمان دُفِنَ بحُشِّ كَوْكَبٍ؛ كَوْكَبٌ: اسم رجل، أُضيف إِليه الحُشُّ، وهو البُسْتانُ. وكَوْكَبٌ أَيضاً: اسم فرس لرجل جاءَ يطوف عليه بالبيت، فكُتِبَ فيه إِلى عمر، رضي اللّه عنه، فقال: امْنَعُوه.
تَكَوَّل القومُ عليه وتَثَوَّلوا عليه تَثَوُّلاً إذا اجتمعوا عليه وضربوه ولا يُقْلِعُون عن ضربه ولا شَتْمه، وقيل: تَكَوَّلوا عليه وانْكالوا انقلبوا عليه بالشتم والضرب فلم يُقْلِعُوا، وقيل: انْكالوا عليه وانْثالوا بهذا المعنى. وتَكاوَل الرجلُ: تَقاصر. والكَوْلانُ، بالفتح: نبت وهو البَرْدِيُّ، وفي المحكم: نبات ينبُت في الماء مثل البَرْدِيِّ يشبِه ورَقُه وساقُه السعدى إِلا أَنه أَغلظ وأَعظم، وأَصله مثل أَصله يجعل في الدواء؛ قال أَبو حنيفة: وسمعت بعض بني أَسد يقول الكُولان، فيضم الكاف.
الكَوَمُ: العِظَم في كل شيء، وقد غلَب على السَّنام؛ سَنام أَكْوَمُ: عَظيم؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعَجُزٌ خَلْفَ السَّنامِ الأَكْوَمِ |
وبَعير أَكْوَمُ، والجمع كُوم؛ قال الشاعر:
رِقابٌ كالمَواجهن خاطِياتٌ، |
|
وأَسْتاهٌ على الأَكْوارِ كُـومُ |
والكُومُ: القِطعة من الإِبل. وناقة كَوْماء: عَظيمة السَّنام طويلته. والكَوَمُ: عِظَم في السنام. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى في نَعَم الصَّدَقة ناقةٌ كَوْماء، وهي الضخمة السنام، أَي مُشْرِفةَ السَّنام عالِيتَه؛ ومنه الحديث: فيأْتي منه بناقَتَينِ كَوْماوَينِ، قلب الهمزة في التثنية واواً. وجبَل أَكْوَمُ: مُرتفِع؛ قال ذو الرمة:
وما زالَ فَوْقَ الأَكْوَمِ الفَرْدِ واقِـفـاً |
|
عَلَيْهِنَّ، حتى فارَقَ الأَر ضَ نُورُها |
ومنه الحديث: أَنّ قوماً من المُوَحِّدين يُحْبَسُون يوم القِيامة على الكَوْمِ إِلى أَن يُهَذَّبُوا؛ هي بالفتح المَواضع المشرفة، واحدتها كَوْمة، ويُهَذَّبوا أَي يُنَقَّوا من المَآثم؛ ومنه الحديث: يَجِيء يومَ القيامة على كَوْمٍ فوقَ الناسِ؛ ومنه حديث الحث على الصدقة: حتى رأَيتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعام وثِياب. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: أَنه أُتيَ بالمال فَكَوَّمَ كَوْمةً من ذهب وكَوْمة من فِضة وقال: يا حَمْراء احْمَرِّي، ويا بَيْضاء ابْيَضِّي، غُرِّي غيري، هذا جَنايَ وخِيارُه فيه، إِذْ كلُّ جانٍ يَدُه إِلى فيه، أَي جَمَعَ من كل واحد منهما صُبرة ورَفَعها وعَلاَّها، وبعضهم يضم الكاف، وقيل: هو بالضم اسم لما كُوِّم، وبالفتح اسم الفَعْلة الواحدة.
والكَوْم: الفَرْج الكبير. وكامها كَوْماً: نَكَحها، وقيل: الكَوْم يكون للإِنسان والفَرس. ويقال للفرس في السِّفاد: كامَ يَكُوم كَوْماً، يقال: كامَ الفرَسُ أُنثاه يكُومُها كَوْماً إذا نَزا عليها. وفي الحديث: أَفضل الصدَقَةِ رِباطٌ في سبيل الله لا يُمْنَعُ كَوْمُه؛ الكوم، بالفتح: الضراب، وأَصل الكَوْم من الارتفاع والعلو، وكذلك كل ذي حافر من بغل أَو حمار.
الأَصمعي: يقال للحمار باكَها وللفرس كامَها، وقال ابن الأَعرابي: كامَ الحِمارُ أَيضاً. وامرأَة مُكامة: منكوحة، على غير قياس، وقد استعمله بعضهم في العُقْربان. يقال: كامَ كَوْماً؛ قال إِياس ابن الارت:
كأَنَّ مَرْعى أُمِّكُمْ، إِذْ غَدَتْ، |
|
عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْـربـان |
يكُومها: يَنْكِحها.
وكَوَّمَ الشيء: جمعه ورفعه. وكَوَّمَ المَتاع: أَلقى بعضه فوق بعض. وقد كَوَّم الرجل ثيابه في ثوب واحد إذا جمعها فيه. يقال: كَوَّمْت كُومة، بالضم، إذا جمعت قِطعة من تراب ورفعت رأْسها، وهو في الكلام بمنزلة قولك صُبْرة من طعام. والكُومة: الصُّبرة من الطعام وغيره. ابن شميل: الكُومة تراب مجتمع طوله في السماء ذراعان وثلث ويكون من الحجارة والرمل، والجمع الكُومُ. والأَكْومانِ: ما تحت الثُّنْدُوَتَيْنِ.
والكِيمِياءُ معروف مثل السِّيمِياء. وفي الحديث ذكر كُوم عَلْقام، وفي رواية: كُوم عَلْقَماء، هو بضم الكاف، موضع بأَسفل ديار مصر، صانها الله تعالى.
وكُومةُ: اسم امرأَة.
التهذيب: هنا الاكْتيام القُعود على أَطْراف الأَصابع، تقول: اكتَمْتُ له وتَطالَلْتُ له، ورأَيته مُكْتاماً على أَطراف أَصابع رجليه.
الكَوْنُ: الحَدَثُ، وقد كان كَوْناً وكَيْنُونة؛ عن اللحياني وكراع، والكَيْنونة في مصدر كانَ يكونُ أَحسنُ. قال الفراء: العرب تقول في ذوات الياء مما يشبه زِغْتُ وسِرْتُ: طِرْتُ طَيْرُورَة وحِدْتُ حَيْدُودَة فيما لا يحصى من هذا الضرب، فأَما ذوات الواو مثل قُلْتُ ورُضْتُ، فإِنهم لا يقولون ذلك، وقد أَتى عنهم في أَربعة أَحرف: منها الكَيْنُونة من كُنْتُ، والدَّيْمُومة من دُمْتُ، والهَيْعُوعةُ من الهُواع، والسَّيْدُودَة من سُدْتُ، وكان ينبغي أَن يكون كَوْنُونة، ولكنها لما قَلَّتْ في مصادر الواو وكثرت في مصادر الياءِ أَلحقوها بالذي هو أَكثر مجيئاً منها، إِذ كانت الواو والياء متقاربتي المخرج. قال: وكان الخليل يقول كَيْنونة فَيْعولة هي في الأَصل كَيْوَنونة، التقت منها ياء وواوٌ والأُولى منهما ساكنة فصيرتا ياء مشددة مثل ما قالوا الهَيِّنُ من هُنْتُ، ثم خففوها فقالوا كَيْنونة كما قالوا هَيْنٌ لَيْنٌ؛ قال الفراء: وقد ذهب مَذْهباً إِلا أَن القول عِندي هو الأَول؛ وقول الحسن بن عُرْفُطة، جاهليّ:
لم يَكُ الحَقُّ سوَى أَنْ هاجَهُ |
|
رَسْمُ دارٍ قد تَعَفَّى بالسَّرَرْ |
إِنما أَراد: لم يكن الحق، فحذف النون لالتقاء الساكنين، وكان حكمه إذا وقعت النون موقعاً تُحَرَّكُ فيه فتَقْوَى بالحركة أَن لا يَحْذِفَها لأَنها بحركتها قد فارقت شِبْهَ حروف اللِّينِ، إِذ كُنَّ لا يَكُنَّ إِلا سَوَاكِنَ، وحذفُ النون من يكن أَقبح من حذف التنوين ونون التثنية والجمع، لأَن نون يكن أَصل وهي لام الفعل، والتنوين والنون زائدان، فالحذف منهما أَسهل منه في لام الفعل، وحذف النون أَيضاً من يكن أَقبح من حذف النون من قوله: غير الذي قد يقال مِلْكذب، لأَن أَصله يكون قد حذفت منه الواو لالتقاء الساكنين، فإِذا حذفت منه النون أَيضاً لالتقاء الساكنين أَجحفت به لتوالي الحذفين، لا سيما من وجه واحد، قال: ولك أَيضاً أَن تقول إِن من حرفٌ، والحذف في الحرف ضعيف إِلا مع التضعيف، نحو إِنّ وربَّ، قال: هذا قول ابن جني، قال: وأَرى أَنا شيئاً غير ذلك، وهو أَن يكون جاء بالحق بعدما حذف النون من يكن، فصار يكُ مثل قوله عز وجل: ولم يكُ شيئاً؛ فلما قَدَّرَهُ يَك، جاء بالحق بعدما جاز الحذف في النون، وهي ساكنة تخفيفاً، فبقي محذوفاً بحاله فقال: لم يَكُ الحَقُّ، ولو قَدَّره يكن فبقي محذوفاً، ثم جاء بالحق لوجب أَن يكسر لالتقاء الساكنين فيَقْوَى بالحركة، فلا يجد سبيلاً إِلى حذفها إِلا مستكرهاً، فكان يجب أَن يقول لم يكن الحق، ومثله قول الخَنْجَر بن صخر الأَسدي:
فإِنْ لا تَكُ المِرآةُ أَبْدَتْ وَسامةً، |
|
فقد أَبْدَتِ المِرآةُ جَبْهةَ ضَيْغَمِ |
يريد: فإِن لا تكن المرآة. وقال الجوهري: لم يك أَصله يكون، فلما دخلت عليها لم جزمتها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقي لم يكن، فلما كثر استعماله حذفوا النون تخفيفاً، فإِذا تحركت أَثبتوها، قالوا لم يَكُنِ الرجلُ، وأَجاز يونس حذفها مع الحركة؛ وأَنشد:
إِذا لم تَكُ الحاجاتُ من همَّة الفَتى، |
|
فليس بمُغْنٍ عنكَ عَقْدُ الـرَّتـائِمِ |
ومثله ما حكاه قُطْرُب: أَن يونس أَجاز لم يكُ الرجل منطلقاً؛ وأَنشد بيت الحسن بن عُرْفُطة:
لم يَكُ الحَقُّ سوى أَن هاجَه |
والكائنة: الحادثة. وحكى سيبوية: أَنا أَعْرِفُكَ مُذْ كنت أَي مذ خُلِقْتَ، والمعنيان متقاربان. ابن الأَعرابي: التَّكَوُّنُ التَّحَرُّك، تقول العرب لمن تَشْنَؤُه: لا كانَ ولا تَكَوَّنَ؛ لا كان: لا خُلِقَ، ولا تَكَوَّن: لا تَحَرَّك أَي مات. والكائنة: الأَمر الحادث. وكَوَّنَه فتَكَوَّن: أَحدَثَه فحدث. وفي الحديث: من رآني في المنام فقد رآني فإِن الشيطان لا يتَكَوَّنُني، وفي رواية: لا يتَكَوَّنُ على صورتي. وكَوَّنَ الشيءَ: أَحدثه. والله مُكَوِّنُ الأَشياء يخرجها من العدم إلى الوجود. وبات فلان بكِينةِ سَوْءٍ وبجِيبةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوءٍ. والمكان: الموضع، والجمع أَمْكِنة وأَماكِنُ، توهَّموا الميم أَصلاً حتى قالوا تَمَكَّن في المكان، وهذا كما قالوا في تكسير المَسِيل أَمْسِلة، وقيل: الميم في المكان أَصل كأَنه من التَّمَكُّن دون الكَوْنِ، وهذا يقويه ما ذكرناه من تكسيره على أَفْعِلة؛ وقد حكى سيبويه في جمعه أَمْكُنٌ، وهذا زائد في الدلالة على أَن وزن الكلمة فَعَال دون مَفْعَل، فإن قلت فان فَعَالاً لا يكسر على أَفْعُل إلا أَن يكون مؤنثاً كأَتانٍ وآتُنٍ. الليث: المكان اشتقاقُه من كان يكون، ولكنه لما كثر في الكلام صارت الميم كأَنها أَصلية، والمكانُ مذكر، قيل: توهموا. فيه طرح الزائد كأَنهم كَسَّروا مَكَناً وأَمْكُنٌ، عند سيبويه، مما كُسِّرَ على غير ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه، ومَضَيْتُ مَكانتي ومَكِينَتي أي على طِيَّتي. والاستِكانة: الخضوع. الجوهري: والمَكانة المنزلة. وفلانٌ مَكِينٌ عند فلان بَيِّنُ المكانة. والمكانة: الموضع. قال تعالى: ولو نشاءُ لمَسَخْناهم على مَكانتهم؛ قال: ولما كثرلزوم الميم تُوُهِّمت أَصلية فقيل تَمَكَّن كما قالوا من المسكين تَمَسْكَنَ؛ ذكر الجوهري ذلك في هذه الترجمة، قال ابن بري: مَكِينٌ فَعِيل ومَكان فَعال ومَكانةٌ فَعالة ليس شيء منها من الكَوْن فهذا سهوٌ، وأَمْكِنة أَفْعِلة، وأَما تمسكن فهو تَمَفْعل كتَمَدْرَع مشتقّاً من المِدْرَعة بزيادته، فعلى قياسه يجب في تمكَّنَ تمَكْونَ لأَنه تمفْعل على اشتقاقه لا تمكَّنَ، وتمكَّنَ وزنه تفَعَّلَ، وهذا كله سهو وموضعه فصل الميم من باب النون، وسنذكره هناك.
وكان ويكون: من الأَفعال التي ترفع الأَسماء وتنصب الأَخبار، كقولك كان زيد قائماً ويكون عمرو ذاهباً، والمصدر كَوْناً وكياناً. قال الأَخفش في كتابه الموسوم بالقوافي: ويقولون أَزَيْداً كُنْتَ له؛قال ابن جني: ظاهره أَنه محكيّ عن العرب لأَن الأَخفش إنما يحتج بمسموع العرب لا بمقيس النحويين، وإذا كان قد سمع عنهم أَزيداً كنت له، ففيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها، قال: وذلك انه لا يفسر الفعل الناصب المضمر إلا بما لو حذف مفعوله لتسلط على الاسم الأَول فنصبه، أَلا تَراكَ تقول أَزيداً ضربته، ولو شئت لحذفت المفعول فتسلطتْ ضربت هذه الظاهرة على زيد نفسه فقلت أَزيداً ضربت، فعلى هذا قولهم أَزيداً كنت له يجوز في قياسه أَن تقول أَزيداً كُنْتَ، ومثَّل سيبويه كان بالفعل المتعدِّي فقال: وتقول كُنّاهْم كما تقول ضربناهم، وقال إذا لم تَكُنْهم فمن ذا يَكُونُهم كما تقول إذا لم تضربهم فمن ذا يضربهم، قال: وتقول هو كائِنٌ ومَكُونٌ كما تقول ضارب ومضروب. غيره: وكان تدل على خبر ماضٍ في وسط الكلام وآخره، ولا تكون صلَةً في أَوَّله لأَن الصلة تابعة لا متبوعة؛ وكان في معنى جاء كقول الشاعر:
إذا كانَ الشِّتاءُ فأَدْفئُوني، |
|
فإنَّ الشَّيْخَ يُهْرِمُه الشِّتاءُ |
قال: وكان تأْتي باسم وخبر، وتأْتي باسم واحد وهو خبرها كقولك كان الأَمْرُ وكانت القصة أي وقع الأَمر ووقعت القصة، وهذه تسمى التامة المكتفية؛ وكان تكون جزاءً، قال أَبو العباس: اختلف الناس في قوله تعالى: كيف نُكَلِّمُ من كان في المَهْدِ صبيّاً؛ فقال بعضهم: كان ههنا صلة، ومعناه كيف نكلم من هو في المهد صبيّاً، قال: وقال الفراء كان ههنا شَرْطٌ وفي الكلام تعَجبٌ، ومعناه من يكن في المهد صبيّاً فكيف يُكَلَّمُ، وأَما قوله عز وجل: وكان الله عَفُوّاً غَفُوراً، وما أَشبهه فإن أَبا إسحق الزجاج قال: قد اختلف الناس في كان فقال الحسن البصري: كان الله عَفُوّاً غَفُوراً لعباده. وعن عباده قبل أَن يخلقهم، وقال النحويون البصريون: كأَنَّ القوم شاهَدُوا من الله رحمة فأُعْلِمُوا أَن ذلك ليس بحادث وأَن الله لم يزل كذلك، وقال قوم من النحويين: كانَ وفَعَل من الله تعالى بمنزلة ما في الحال، فالمعنى، والله أَعلم،. والله عَفُوٌّ غَفُور؛ قال أَبو إسحق: الذي قاله الحسن وغيره أَدْخَلُ في العربية وأَشْبَهُ بكلام العرب، وأَما القول الثالث فمعناه يؤُول إلى ما قاله الحسن وسيبويه، إلاَّ أن كون الماضي بمعنى الحال يَقِلُّ، وصاحبُ هذا القول له من الحجة قولنا غَفَر الله لفلان بمعنى لِيَغْفِر الله، فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي مؤدِّياً عنها استخفافاً لأَن اختلاف أَلفاظ الأَفعال إنما وقع لاختلاف الأَوقات. وروي عن ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: كُنتُم خَيْرَ أُمَّة أُخرجت للناس؛ أَي أَنتم خير أُمة، قال: ويقال معناه كنتم خير أُمة في علم الله. وفي الحديث: أَعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْنِ، قال ابن الأَثير:الكَوْنُ مصدر كان التامَّة؛ يقال: كان يَكُونُ كَوْناً أَي وُجِدَ واسْتَقَرَّ، يعني أَعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات، ويروى: بعد الكَوْرِ، بالراء، وقد تقدم في موضعه. الجوهري: كان إذا جعلته عبارة عما مضى من الزمان احتاج إلى خبر لأَنه دل على الزمان فقط، تقول: كان زيد عالماً، وإذا جعلته عبارة عن حدوث الشيء ووقوعه استغنى عن الخبر لأَنه دل على معنى وزمان، تقول: كانَ الأَمْرُ وأَنا أَعْرفُه مُذْ كان أَي مُذْ خُلِقَ؛ قال مَقَّاسٌ العائذيّ:
فِداً لبَني ذُهْلِ بن شَيْبانَ ناقَتي، |
|
إذا كان يومٌ ذو كواكبَ أَشْهَبُ |
قوله: ذو كواكب أَي قد أَظلم فبَدَتْ كواكبُه لأَن شمسه كسفت بارتفاع الغبار في الحرب، وإذا كسفت الشمس ظهرت الكواكب؛ قال: وقد تقع زائدة للتوكيد كقولك كان زيد منطلقاً، ومعناه زيد منطلق؛ قال تعالى: وكان الله غفوراً رحيماً؛ وقال أَبو جُندب الهُذَلي:
وكنتُ، إذ جاري دعا لمَضُـوفةٍ، |
|
أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري |
وإنما يخبر عن حاله وليس يخبر بكنت عمَّا مضى من فعله، قال ابن بري عند انقضاء كلام الجوهري، رحمهما الله: كان تكون بمعنى مَضَى وتَقَضَّى، وهي التامة، وتأْتي بمعنى اتصال الزمان من غير انقطاع، وهي الناقصة، ويعبر عنها بالزائدة أَيضاً، وتأْتي زائدة، وتأَتي بمعنى يكون في المستقبل من الزمان، وتكون بمعنى الحدوث والوقوع؛ فمن شواهدها بمعنى مضى وانقضى قول أَبي الغول:
عَسَى الأَيامُ أَن يَرْجِع |
|
نَ قوماً كالذي كانوا |
وقال ابن الطَّثَرِيَّة:
فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كانَ كائنٌ، |
|
وأَنَّ جَدِيدَ الوَصْلِ قد جُدَّ غابِرُهْ |
وقال أَبو الأَحوصِ:
كم مِن ذَوِي خُلَّةٍ قبْلـي وقـبْـلَـكُـمُ |
|
كانوا، فأَمْسَوْا إلى الهِجرانِ قد صاروا |
وقال أَبو زُبَيْدٍ:
ثم أَضْحَوْا كأَنهُم لم يَكُونوا، |
|
ومُلُوكاً كانوا وأَهْلَ عَلاءِ |
وقال نصر بن حجاج وأَدخل اللام على ما النافية:
ظَنَنتَ بيَ الأَمْرَ الذي لو أَتَيْتُـه، |
|
لَمَا كان لي، في الصالحين، مَقامُ |
وقال أَوْسُ بن حجَر:
هِجاؤُكَ إلاَّ أَنَّ ما كان قد مَضَى |
|
عَليَّ كأَثْوابِ الحرام المُهَيْنِـم |
وقال عبد الله بن عبد الأَعلى:
يا لَيْتَ ذا خَبَرٍ عنهم يُخَـبِّـرُنـا، |
|
بل لَيْتَ شِعْرِيَ، ماذا بَعْدَنا فَعَلُوا؟ |
كنا وكانوا فما نَدْرِي على وَهَـمٍ، |
|
أَنَحْنُ فيما لَبِثْنا أَم هُمُ عَجِـلُـوا؟ |
أَي نحن أَبطأْنا؛ ومنه قول الآخر:
فكيف إذا مَرَرْتَ بدارِ قَوْمٍ، |
|
وجيرانٍ لنا كانُـوا كـرامِ |
وتقديره: وجيرانٍ لنا كرامٍ انْقَضَوْا وذهب جُودُهم؛ ومنه ما أَنشده ثعلب:
فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كان كائنٌ، |
|
حَذِرْتُكِ أَيامَ الـفُـؤادُ سَـلِـيمُ |
ولكنْ حَسِبْتُ الصَّرْمَ شيئاً أُطِيقُه، |
|
إذا رُمْتُ أَو حاوَلْتُ أَمْرَ غَرِيمِ |
ومنه ما أَنشده الخليل لنفسه:
بَلِّغا عنِّيَ المُـنَـجِّـمَ أَنـي |
|
كافِرٌ بالذي قَضَتْه الكَواكِبْ، |
عالِمٌ أَنَّ ما يكُونُ ومـا كـا |
|
نَ قَضاءٌ من المُهَيْمِنِ واجِبْ |
ومن شواهدها بمعنى اتصالِ الزمانِ من غير انقطاع قولُه سبحانه وتعالى: وكان الله غفوراً رحيماً؛ أي لم يَزَلْ على ذلك؛ وقال المتلمس:
وكُنَّا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه، |
|
أَقَمْنا له من مَيْلِهِ فتَقَوَّمـا |
وقول الفرزدق:
وكنا إذا الجَبَّارُ صَـعَّـرَ خَـدَّه، |
|
ضَرَبْناه تحتَ الأَنْثَيَينِ على الكَرْدِ |
وقول قَيْسِ بن الخَطِيم:
وكنتُ امْرَأً لا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً |
|
أُسَبُّ بها، إلاَّ كَشَفْتُ غِطاءَها |
وفي القرآن العظيم أَيضاً: إن هذا كان لكم جَزاءً وكان سَعْيُكُم مَشْكُوراً؛ فيه: إنه كان لآياتِنا عَنِيداً؛ وفيه: كان مِزاجُها زَنْجبيلاً.
ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أَن تأْتي بمعنى صار كقوله سبحانه: كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ؛ وقوله تعالى: فإذا انْشَقَّتِ السماءُ فكانت وَرْدَةً كالدِّهانِ؛ وفيه: فكانت هَبَاءً مُنْبَثّاً؛ وفيه: وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً؛ وفيه: كيف نُكَلِّمُ من كانَ في المَهْدِ صَبِيّاً؛ وفيه: وما جَعَلْنا القِبْلَةَ التي كُنْتَ عليها؛ أَي صِرْتَ إليها؛ وقال ابن أَحمر:
بتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَـطِـيُّ كـأَنَّـهـا |
|
قَطا الحَزْنِ، قد كانَتْ فِراخاً بُيوضُها |
وقال شَمْعَلَةُ بن الأَخْضَر يصف قَتْلَ بِسْطامِ ابن قَيْسٍ:
فَخَرَّ على الأَلاءَة لم يُوَسَّدْ، |
|
وقد كانَ الدِّماءُ له خِمارَا |
ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أن يكون فيها ضميرُ الشأْن والقِصَّة، وتفارقها من اثني عشر وجهاً لأَن اسمها لا يكون إلا مضمراً غير ظاهر، ولا يرجع إلى مذكور، ولا يقصد به شيء بعينه، ولا يؤَكد به، ولا يعطف عليه، ولا يبدل منه، ولا يستعمل إلا في التفخيم، ولا يخبر عنه إلا بجملة، ولا يكون في الجملة ضمير، ولا يتقدَّم على كان؛ ومن شواهد كان الزائدة قول الشاعر:
باللهِ قُولُوا بأَجْمَعِكُـمْ: |
|
ا لَيْتَ ما كانَ لم يَكُنِ |
وكان الزائدةُ لا تُزادُ أَوَّلاً، وإنما تُزادُ حَشْواً، ولا يكون لها اسم ولا خبر، ولا عمل لها؛ ومن شواهدها بمعنى يكون للمستقبل من الزمان قول الطِّرمَّاح بن حَكِيمٍ:
وإني لآتِيكُمْ تَشَكُّـرَ مـا مَـضَـى |
|
من الأَمْرِ، واسْتِنْجازَ ما كانَ في غَدِ |
وقال سَلَمَةُ الجُعْفِيُّ:
وكُنْتُ أَرَى كالمَوْتِ من بَيْنِ سَاعَةٍ، |
|
فكيفَ بِبَيْنٍ كانَ مِيعادُه الحَشْـرَا؟ |
وقد تأْتي تكون بمعنى كان كقولِ زيادٍ الأَعْجَمِ:
وانْضَخْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بدِمائها، |
|
ولَقَدْ يَكُونُ أَخا دَمٍ وذَبـائِح |
ومنه قول جَرِير:
ولقد يَكُونُ على الشَّبابِ بَصِيرَا |
قال: وقد يجيء خبر كان فعلاً ماضياً كقول حُمَيْدٍ الأَرْقَطِ:
وكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدِينَا |
|
والهَمَّ مما يُذْهِلُ القَرِينَـا |
وكقول الفرزدق:
وكُنَّا وَرِثْناه على عَهْدِ تُبَّـعٍ، |
|
طَوِيلاً سَوارِيه، شَديداً دَعائِمُهْ |
وقال عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ:
وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ، |
|
فَلا هُوَ أَبْداها ولم يَتَجَمْـجَـمِ |
وهذا البيت أَنشده في ترجمة كنن ونسبه لزهير، قال: ونقول كانَ كَوْناً وكَيْنُونة أَيضاً، شبهوه بالحَيْدُودَة والطَّيْرُورة من ذوات الياء، قال: ولم يجيء من الواو على هذا إلا أَحرف: كَيْنُونة وهَيْعُوعة ودَيْمُومة وقَيْدُودَة، وأَصله كَيْنُونة، بتشديد الياء، فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيِّتٍ، ولولا ذلك لقالوا كَوْنُونة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول، وأَما الحيدودة فأَصله فَعَلُولة بفتح العين فسكنت. قال ابن بري: أَصل كَيّنُونة كَيْوَنُونة، ووزنها فَيْعَلُولة، ثم قلبت الواو ياء فصار كَيّنُونة، ثم حذفت الياء تخفيفاً فصار كَيْنُونة، وقد جاءت بالتشديد على الأَصل؛ قال أَبو العباس أَنشدني النَّهْشَلِيُّ:
قد فارَقَتْ قَرِينَها القَـرِينَـه، |
|
وشَحَطَتْ عن دارِها الظَّعِينه |
يا ليتَ أَنَّا ضَمَّنَا سَـفِـينـه، |
|
حَتَّى يَعُودَ الوَصْل كَيّنُونـه |
قال: والحَيْدُودَة أَصل وزنها فَيْعَلُولة، وهو حَيْوَدُودَة، ثم فعل بها ما فعل بكَيْنونة. قال ابن بري: واعلم أَنه يلحق بباب كان وأَخواتها كل فِعْلٍ سُلِبَ الدِّلالةَ على الحَدَث، وجُرِّدَ للزمان وجاز في الخبر عنه أَن يكون معرفة ونكرة، ولا يتم الكلام دونه، وذلك مثل عادَ ورَجَعَ وآضَ وأَتى وجاء وأَشباهها كقول الله عز وجل: يَأْتِ بَصيراً؛ وكقول الخوارج لابن عباس: ما جاءت حاجَتُك أَي ما صارت؛ يقال لكل طالب أَمر يجوز أَن يَبْلُغَه وأَن لا يبلغه. وتقول: جاء زيدٌ الشريفَ أَي صار زيدٌ الشريفَ؛ ومنها: طَفِق يفعل، وأَخَذ يَكْتُب، وأَنشأَ يقول، وجَعَلَ يقول.
وفي حديث تَوْبةِ كَعْبٍ: رأَى رجلاً لا يَزُول به السَّرابُ فقال كُنْ أَبا خَيْثَمة أَي صِرْهُ. يقال للرجل يُرَى من بُعْدٍ: كُن فلاناً أَي أَنت فلان أَو هو فلان. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه دخل المسجد فرأَى رجلاً بَذَّ الهيئة، فقال: كُنْ أَبا مسلم، يعني الخَوْلانِيَّ.
ورجل كُنْتِيٌّ: كبير، نسب إلى كُنْتُ. وقد قالوا كُنْتُنِيٌّ، نسب إلى كُنْتُ أَيضاً، والنون الأَخيرة زائدة؛ قال:
وما أَنا كُنْتِيٌّ، ولا أَنا عاجِنُ، |
|
وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ |
وزعم سيبويه أَن إخراجه على الأَصل أَقيس فتقول كُونِيٌّ، على حَدِّ ما يُوجِبُ النَّسَبَ إلى الحكاية. الجوهري: يقال للرجل إذا شاخ هو كُنْتِيٌّ، كأَنه نسب إلى قوله كُنْتُ في شبابي كذا؛ وأَنشد:
فأَصْبَحْتُ كُنْتِيّاً، وأَصْبَحْتُ عاجِناً، |
|
وشَرُّ خِصَالِ المَرْءِ كُنْتُ وعاجِنُ |
قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
إذا ما كُنْتَ مُلْتَمِساً لِغَوْثٍ، |
|
فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبِـيرِ |
فَلَيْسَ بِمُدْرِكٍ شيئاً بَسَعْيِ، |
|
ولا سَمْعٍ، ولا نَظَرٍ بَصِيرِ |
وفي الحديث: أَنه دخل المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ؛ هم الشُّيوخُ الذين يقولون كُنَّا كذا، وكانَ كذا، وكنت كذا، فكأَنه منسوب إلى كُنْتُ. يقال: كأَنك والله قد كُنْتَ وصِرْتَ إلى كانَ أَي صرتَ إلى أَن يقال عنك: كانَ فلان، أَو يقال لك في حال الهَرَم: كُنْتَ مَرَّةً كذا، وكنت مرة كذا. الأَزهري في ترجمة كَنَتَ: ابن الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ في خَلْقِه وكان في خَلْقِه، فهو كُنْتِيٌّ وكانِيُّ. ابن بُزُرْج: الكُنْتِيُّ القوي الشديد؛ وأَنشد:
قد كُنْتُ كُنْتِيّاً، فأَصْبَحْتُ عاجِناً، |
|
وشَرُّ رِجال الناسِ كُنْتُ وعاجِنُ |
يقول: إذا قام اعْتَجَن أَي عَمَدَ على كُرْسُوعه، وقال أَبو زيد: الكُنْتِيُّ الكبير؛ وأَنشد:
فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبير |
وقال عَدِيُّ بن زيد:
فاكتَنِتْ، لا تَكُ عَبْداً طائِراً، |
|
واحْذَرِ الأَقْتالَ مِنَّا والثُّؤَرْ |
قال أَبو نصر: اكْتَنِتْ ارْضَ بما أَنت فيه، وقال غيره: الاكْتناتُ الخضوع؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:
مُسْتَضْرِعٌ ما دنا منهنَّ مُكْتَنِتٌ |
للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ ما فوقه فَنَعُ قال الأَزهري: وأَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم أَنه قال لا يقال فَعَلْتُني إلا من الفعل الذي يتعدَّى إلى مفعولين، مثل ظَنَنْتُني ورأَيْتُني، ومُحالٌ أَن تقول ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يشبه إضافة الفعل إلى ني، ولكن تقول صَبَرْتُ نفسي وضَرَبْتُ نَفْسِي، وليس يضاف من الفعل إلى ني إلاّ حرف واحد وهو قولهم كُنْتي وكُنْتُني؛ وأَنشد:
وما كُنْتُ كُنْتِيّاً، وما كُنْت عاجِناً، |
|
وشَرُّ الرجالِ الكُنْتُنِيُّ وعاجِـنُ |
فجمع كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً في البيت. ثعلب عن ابن الأَعرابي: قيل لصَبِيَّةٍ من العرب ما بَلَغَ الكِبَرُ من أَبيك؟ قالت: قد عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ. قال أَبو العباس: وأَخبرني سلمة عن الفراء قال: الكُنْتُنِيُّ في الجسم، والكَانِيُّ في الخُلُقِ. قال: وقال ابن الأَعرابي إذا قال كُنْتُ شابّاً وشجاعاً فهو كُنْتِيٌّ، وإذا قال كانَ لي مال فكُنْتُ أُعطي منه فهو كانِيٌّ. وقال ابن هانئ في باب المجموع مُثَلَّثاً: رجل كِنْتَأْوٌ ورجلان كِنْتَأْوان ورجال كِنْتَأْوُونَ، وهو الكثير شعر اللحية الكَثُّها؛ ومنه: جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ، وهو الفسيح من الإبل في مِشْيَتِه، ورجل قَنْدَأْوٌ ورجلان قِنْدَأْوان ورجال قَنْدَأْوُون، مهموزات. وفي الحديث: دخل عبد الله بن مسعود المسجدَ وعامة أَهله الكُنْتِيُّون، فقلتُ: ما الكُنْتِيُّون؟ فقال: الشُّيُوخُ الذين يقولون كانَ كذا وكذا وكُنْتُ، فقال عبد الله: دارَتْ رَحَى الإسلام عليَّ خمسةً وثَلاثين، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ من عِدَّتِهم من الذِّبَّان والجِعْلانِ. قال شمر: قال الفراء تقول كأَنَّك والله قد مُتَّ وصِرْتَ إلى كانَ، وكأَنكما مُتُّمَا وصرتما إلى كانا، والثلاثة كانوا؛ المعنى صِرْتَ إلى أَن يقال كانَ وأَنت ميت لا وأَنت حَيٌّ، قال: والمعنى له الحكاية على كُنْت مَرَّةً للمُواجهة ومرة للغائب، كما قال عز من قائلٍ: قل للذين كفروا ستُغْلَبُون وسَيُغْلَبُون؛ هذا على معنى كُنْتَ وكُنْتَ؛ ومنه قوله: وكُلُّ أَمْرٍ يوماً يَصِيرُ كان. وتقول للرجل: كأَنِّي بك وقد صِرْتَ كانِيّاً أَي يقال كان وللمرأَة كانِيَّة، وإن أَردت أَنك صرت من الهَرَم إلى أَن يقال كُنْت مرة وكُنْت مرة، قيل: أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً، وإنما قال كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نوناً مع الياء في النسبة ليتبين الرفع، كما أَرادوا تَبين النَّصبِ في ضَرَبني، ولا يكون من حروف الاستثناء، تقول: جاء القوم لا يكون زيداً، ولا تستعمل إلى مضمراً فيها، وكأَنه قال لا يكون الآتي زيداً؛ وتجيء كان زائدة كقوله:
سَراةُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامَـوْا |
|
على كانَ المُسَوَّمةِ العِرابِ |
أَي على المُسوَّمة العِراب. وروى الكسائي عن العرب: نزل فلان على كان خَتَنِه أَي نزَل على خَتَنِه؛ وأَنشد الفراء:
جادَتْ بكَفَّيْ كانَ من أَرمى البَشَرْ |
أَي جادت بكفَّي من هو من أَرمى البشر؛ قال: والعرب تدخل كان في الكلام لغواً فتقول مُرَّ على كان زيدٍ؛ يريدون مُرَّ فأَدخل كان لغواً؛ وأَما قول الفرزدق:
فكيفَ ولو مَرَرْت بدارِ قومٍ، |
|
جِيرانٍ لنا كانـوا كِـرامِ؟ |
ابن سيده: فزعم سيبويه أَن كان هنا زائدة، وقال أَبو العباس: إن تقديره وجِيرانٍ كِرامٍ كانوا لنا، قال ابن سيده: وهذا أَسوغ لأَن كان قد عملت ههنا في موضع الضمير وفي موضع لنا، فلا معنى لما ذهب إليه سيبويه من أَنها زائدة هنا، وكان عليه كَوْناً وكِياناً واكْتانَ: وهو من الكَفالة. قال أَبو عبيد: قال أَبو زيد اكْتَنْتُ به اكْتِياناً والاسم منه الكِيانةُ، وكنتُ عليهم أَكُون كَوْناً مثله من الكفالة أَيضاً ابن الأَعرابي: كان إذا كَفَل. والكِيانةُ: الكَفالة، كُنْتُ على فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ به. وتقول: كُنْتُكَ وكُنْتُ إياك كما تقول ظننتك زيداً وظَنْنتُ زيداً إِياك، تَضَعُ المنفصل موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر، لأَنهما منفصلان في الأَصل، لأَنهما مبتدأ وخبر؛ قال أَبو الأَسود الدؤلي:
دَعِ الخمرَ تَشربْها الغُواةُ، فإنني |
|
رأيتُ أَخاها مُجْزِياً لمَكانِهـا |
فإن لا يَكُنها أَو تَكُنْه، فـإنـه |
|
أَخوها، غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبـانِـهـا |
يعني الزبيب. والكَوْنُ: واحد الأَكْوان.
وسَمْعُ الكيان: كتابٌ للعجم؛ قال ابن بري: سَمْعُ الكيان بمعنى سَماعِ الكِيان، وسَمْعُ بمعنى ذِكْرِ الكيان، وهو كتاب أَلفه أَرَسْطو. وكِيوانُ زُحَلُ: القولُ فيه كالقول في خَيْوان، وهو مذكور في موضعه، والمانع له من الصرف العجمة، كما أَن المانع لخَيْوان من الصرف إنما هو التأْنيث وإرادة البُقْعة أَو الأَرض أَو القَرْية. والكانونُ: إن جعلته من الكِنِّ فهو فاعُول، وإن جعلته فَعَلُولاً على تقدير قَرَبُوس فالأَلف فيه أَصلية، وهي من الواو، سمي به مَوْقِدُ النار.
كوِهَ كَوَهاً: تحيَّر. وتَكَوَّهَتْ عليه أُمورُه: تفرَّقَت واتَّسَعَت، وربما قالوا كُهْتُه وكِهْتُه في معنى اسْتَنْكَهْتُه. وفي الحديث: فقال مَلَكُ الموت لموسى، عليه الصلاة والسلام، كُهْ في وجهي، ورواه اللحياني: كَهْ في وجهي، بالفتح.
الكَيُّ: معروف إِحراقُ الجلد بحديدة ونحوها، كواه كَيّاً. وكوَى البَيْطارُ وغيره الدابة وغيرها بالمِكْواة يَكْوِي كَيّاً وكَيَّة، وقد كَوَيْتُه فاكْتَوَى هو. وفي المثل: آخِرُ الطِّبِّ الكَيُّ. الجوهري: آخر الدَّواء الكيّ، قال: ولا تقل آخرُ الداء الكيّ. وفي الحديث: إَني لأَغتسل من الجنابة قبل امرأَتي ثم أَتَكَوَّى بها أَي أَسْتَدْفئ بمُباشَرتها وحَرِّ جسمها، وأَصله من الكيّ.
والمِكْواةُ: الحديدة المِيسَمُ أَو الرَّضفة التي يُكْوى بها؛ وفي المثل:
قد يَضْرَطُ العَيْرُ والمِكْواةُ في النار |
يضرب هذا للرجل يتوقع الأَمر قبل أَن يَحِلَّ به؛ قال ابن بري: هذا المثل يضرب للبخيل إذا أَعطَى شيئاً مخافةً ما هو أَشدّ منه، قال: وهذا المثل يروى عن عمرو بن العاص، قاله في بعضهم، وأَصله أَن مُسافر بن أَبي عمرو سَقَى بَطْنُهُ فداواه عِبادِيٌّ وأَحْمَى مَكاوِيه، فلما جعلها على بطنه ورجل قريب منه ينظر إِليه جعل يَضْرَطُ فقال مسافر:
العَيْرُ يَضْرَط والمِكواةُ في النار |
فأَرْسَلها مثلاً. قال: ويقال إِن هذا يضرب مثلاً لمن أَصابه الخوف قبل وقوع المكروه.
وفي الحديث: أَنه كَوَى سعدَ بن مُعاذ لينقطع دم جرحه؛ الكيّ بالنار: من العِلاج المعروف في كثير من الأَمراض، وقد جاء في أَحاديث كثيرة النهي عن الكَيّ، فقيل: إِنما نُهيَ عنه من أَجل أَنهم كانوا يعظمون أَمره ويرون أَنه يَحْسِمُ الدَّاء، وإِذا لم يُكْوَ العُضو عَطِب وبطل، فنهاهم عنه إذا كان على هذا الوجه، وأَباحه إذا جُعل سبباً للشفاء لا علة له، فإِن الله عز وجل هو الذي يُبرئه ويَشفِيه لا الكَيّ ولا الداء، وهذا أَمر يكثر فيه شكوك الناس، يقولون: لو شرب الدَّواء لم يمت، ولو أَقام ببلده لم يقتل، ولو اكْتَوَى لم يَعْطَب؛ وقيل: يحتمل أَن يكون نهيه عن الكيّ إذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض وقبل الحاجة إِليه، وذلك مكروه، وإِنما أُبِيح التداوي والعلاج عند الحاجة إِليه، ويجوز أَن يكون النهي عنه من قبيل التوكل كقوله: الذين لا يَسْتَرْقُون ولا يَكْتَوُون وعلى ربهم يتوكلون. والتوكُّلُ: درجة أُخرى غير الجواز، والله أَعلم.
والكَيَّةُ: موضع الكَيِّ. والكاوِياء: مِيسَمٌ يُكْوَى به.
واكْتَوَى الرجل يَكْتَوِي اكْتِواء: استعمل الكَيَّ. واسْتَكْوَى الرجل: طلب أَن يُكْوَى. والكَوَّاء: فَعَّال من الكاوِي.وكَواه بعينه إذا أَحدَّ إِليه النظر. وكَوَتْه العقرب: لدغته.
وكاوَيْتُ الرجل إذا شاتمته مثل كاوَحْته. ورجل كَوَّاء: خبيث اللسان شتام، قال ابن سيده: أُراه على التشبيه. واكْتَوَى: تَمَدَّح بما ليس من فعله.
وأَبو الكَوَّاء: من كُنَى العرب.
والكَوُّ والكَوَّةُ: الخَرْق في الحائط والثَّقْب في البيت ونحوه، وقيل: التذكير للكبير والتأْنيث للصغير، قال ابن سيده: وليس هذا بشيء. قال الليث: تأْسيس بنائها من ك و ي كأَن أَصلها كَوىً ثم أُدغمت الواو في الياء فجعلت واواً مشددة، وجمع الكَوّة كِوىً، بالقصر نادر، وكِواء بالمدّ، والكاف مكسورة فيهما مثل بَدْرة وبِدَر. وقال اللحياني: من قال كَوَّة ففتح فجمعه كِواء ممدود، والكُوَّة، بالضم لغة، ومن قال كُوَّة فَضَم فجمعه كِوىً مكسور مقصور؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا. وفي التهذيب: جمع الكَوَّة كُوىً كما يقال قَرْية وقُرىً. وكَوَّى في البيت كَوَّة: عَمِلها.
وتَكَوَّى الرجل: دخل في موضع ضَيِّق فتقبض فيه.
وكُوَىٌ: نجم من الأَنواء، قال ابن سيده: وليس بثبَت.
كاءَ عن الأَمر يَكِيءُ كَيْئاً وكَيْأَة: نَكَل عنه، أَو نَبَتْ عنه عينُه فلم يُرِدْهُ.
وأَكاءَ إِكاءَةً وإِكاءً إذا أَراد أَمْراً ففاجَأَه، على تَئِفَّة ذلك، فَرَدَّه عنه وهابَهُ وجَبُنَ عنه قوله القاموس:أكاءه إكاءةً وإكاءً: فاجأه على تَئِفة امرٍ أراده فهابه ورجع عنه..
وأَكَأْتُ الرجُلَ وكِئْتُ عنه: مثل كِعْتُ أَكِيعُ. والكَيْءُ والكِيءُ والكاءُ: الضَّعِيفُ الفُؤادِ الجَبانُ. قال الشاعر:
وإِنِّي لَكَيْءٌ عن المُوئِبـاتْ، |
|
إذا ما الرَّطِيءُ انْمَأَى مَرْتَؤُهْ |
ورجل كَيْأَةٌ وهو الجَبانُ.
وَدَعِ الأَمْرَ كَيْأَتَه، وقال بعضهم هيأَتَه، أَي على ما هو به، وسيُذكر في موضعه.
كَيْ: حرف من حروف المعاني ينصب الأَفعال بمنزلة أَن، ومعناه العلة لوقوع الشيء، كقولك: جئت كَيْ تُكْرِمَني، وقال في التهذيب: تنصب الفعل الغابر. يقال: أَدِّبْه كَيْ يَرْتَدِعَ. قال ابن سيده: وقد تدخل عليه اللام، وفي التنزيل العزيز: لِكَيْلا تَأْسَوْا على ما فاتكم؛ وقال لبيد:
لِكَيْ لا يَكُونَ السَّنْدَريُّ نَدِيدَتي |
وربما حذفوا كَيْ اكتفاء باللام وتوصّلاً بما ولا، فيقال تَحَرَّزْ كي لا تَقَع، وخرج كَيْما يُصلِّي، قال الله تعالى: كَيْلا يكُونَ دُولةً بين الأَغنياء منكم؛ وفي كيما لغة أُخرى حذف الياء لفظه كما قال عدي:
اسْمَعْ حَدِيثاً كما يوماً تُـحَـدِّثُـه |
|
عن ظَهرِ غَيْبٍ، إذا ما سائِلٌ سالا |
أَراد كيما يوماً تحدّثه. وكَيْ وكَيْ لا وكَيْما وكما تعمل في الأَلفاظ المستقبلة عمل أَنْ ولَن وحتى إذا وقعت في فعل لم يجب. الجوهري: وأَما كَيْ مخففة فجواب لقولك لم فعلت كذا؟ فتقول كي يكون كذا، وهي للعاقبة كاللام وتنصب الفعل المستقبل. وكان من الأَمر كَيْتَ وكَيْتَ: يُكْنى بذلك عن قولهم كذا وكذا، وكان الأَصل فيه كَيَّةَ وكَيَّةَ، فأُبدلت الياء الأَخيرة تاء وأَجروها مُجرى الأَصل لأَنه ملحق بفَلْس، والملحق كالأَصلي. قال ابن سيده: قال ابن جني أَبدلوا التاء من الياء لاماً، وذلك في قولهم كَيْتَ وكَيْتَ، وأَصلها كَيَّةُ وكَيَّةُ، ثم إِنهم حذفوا الهاء وأَبدلوا من الياء التي هي لامٌ تاءً كما فعلوا ذلك في قولهم ثنتان فقالوا كيت، فكما أَن الهاء في كَيَّة علم تأْنيث كذلك الصيغة في كيت علم تأْنيث. وفي كيت ثلاث لغات: منهم من يَبنيها على الفتح فيقول كَيْتَ، ومنهم من يبنيها على الضم فيقول كَيْتُ، ومنهم من يبنيها على الكسر فيقول كَيْتِ، قال: وأَصل التاء فيها هاء وإِنما صارت تاء في الوصل.، وحكى أَبو عبيد: كَيَّهْ وكَيَّهْ، بالهاء، قال: ويقال كَيْمَهْ كما يقال لِمَهْ في الوقف. قال ابن بري: قال الجوهري حكى أَبو عبيدة كان من الأَمر كَيَّهْ وكَيَّهْ، قال:الصواب كَيَّتَ وكَيَّهْ، الأُولى بالتاء والثانية بالهاء، وأَما كَيَّهْ فليس فيها مع الهاء إِلا البناء على الفتح، فإِن قلت: فما تنكر أَن تكون التاء في كيت منقلبة عن واو بمنزلة تاء أُخت وبنت، ويكون على هذا أَصلُ كَيَّة كَيْوَة، ثم اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء بالسكون فقلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء، كما قالوا سَيِّد ومَيِّت وأَصلهما سَيْوِد ومَيْوِت؟ فالجواب أَن كَيَّةَ لا يجوز أَن يكون أَصلها كَيْوة من قبل أَنك لو قضيت بذلك لأَجزت ما لم يأْتِ مثله من كلام العرب، لأَنه ليس في كلامهم لفظة عَينُ فعلها ياء ولامُ فعلها واو، أَلا ترى أَن سيبويه قال ليس في كلام العرب مثل حَيَوْت؟ فأَما ما أَجازه أَبو عثمان في الحيوان من أَن تكون واوه غير منقلبة عن الياء وخالف فيه الخليل، وأَن تكون واوه أَصلاً غير منقلبة، فمردود عليه عند جميع النحويين لادّعائه ما لا دليل عليه ولا نظير له وما هو مخالف لمذهب الجمهور، وكذلك قولهم في اسم رَجاء بن حَيْوة إِنما الواو فيه بدل من ياء، وحسَّن البدل فيه وصِحَّةَ الواو أَيضاً بعد ياء ساكنة كونُه علماً والأَعلام قد يحتمل فيها ما لا يحتمل في غيرها، وذلك من وجهين: أَحدهما الصيغة، والآخر الإِعراب، أَما الصيغة فنحو قولهم مَوْظَبٍ ومَوْرَقٍ وتَهْلَلٍ ومَحْبَبٍ ومَكْوَزَة ومَزْيَدٍ ومَوْأَلةٍ فيمن أَخذه من وأَل ومَعْد يكرب، وأَما الإِعراب فنحو قولك في الحكاية لمن قال مررت بزيد: من زيد؟ ولمن قال ضربت أَبا بكر: مَن أَبا بكر؟ لأَن الكُنى تجري مَجرى الأَعلام، فلذلك صحت حَيْوة بعد قلب لامها واواً وأَصلها حَيَّة، كما أَن أَصل حَيَوانٍ حَيَيانٌ، وهذا أَيضاً إِبدال الياء من الواو لامين، قال: ولم أَعلمها أُبدلت منها عينين، والله أَعلم.
التَّكْيِيتُ: تَيْسِيرُ الجَهازِ.
وكَيَّتَ الجَهازَ: يَسَّرَهُ. وتقول: كَيِّتْ جَهازَكَ؛ قال:
كَيِّت جَهازَكَ، إِمَّا كُنْتَ مُرْتَحِلاً، |
|
إِني أَخافُ على أَذوادِكَ السَّبُعا |
وكان من الأَمر كَيْتَ وكَيْتَ، وإِن شئت كسرت التاء، وهي كناية عن القِصَّة أَو الأُحْدوثة؛ حكاها سيبويه. قال الليث: تقول العرب كانَ من الأَمر كَيْتَ وكَيْتَ، قال؛ وهذه التاء في الأَصل هاء، مثل ذَيْتَ، وأَصلها كَيَّه وَذيَّه، بالتشديد، فصارت تاء في الوصل. وفي الحديث: بئسما لأَحدِكم أَن يقولَ: نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، قال ابن الأَثير: هي كناية عن الأَمر، نحو كذا وكذا. وفي النوادر: كَيَّتَ الوِكاءَ تَكْييتاً وحَشاه، بمعنى واحدٍ.
الكِياجُ: الفَدامةُ والحَماقةُ.
ذكره الجوهري مع كوح في ترجمة واحدة؛ قال ابن سيده: الكِيحُ والكاحُ عُرْضُ الجبل. وقال غيره: عُرْضُ الجبل وأَغْلَظُه، وقيل: هو سَفْحُه وسَفْحُ سَنَده، والجمع أَكياح وكُيُوح؛ وقال الأَزهري: قال الأَصمعي الكِيحُ ناحيةُ الجبل؛ وقال رؤبة:
عن صَلْدٍ من كِيحنا لا تَكْلُمُهْ |
قال: والوادي ربما كان له كِيحٌ إذا كان في حرف غليظ، فحرفه كِيحُه، ولا يُعَدُّ الكِيحُ إِلا ما كان من أَصلب الحجارة وأَخشنها. وكلُّ سَنَدِ جبلٍ غليظٍ: كِيحٌ؛ وإِنما كُوحُه خُشْنَتُه وغِلَظُه والجماعة الكِيحة؛ وقال الليث: أَسنانٌ كِيحٌ؛ وأَنشد:
ذا حَنَكٍ كِيحٍ كحَبِّ القِلْقِل |
والكِيحُ: صُقْعُ الحرف وصُقْعُ سَنَدِ الجبل. وفي قصة يونس، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: فوجده في كِيحٍ يُصَلِّي؛ الكِيحُ، بالكسر، والكاح: سَفْحُ الجبل وسَنَدُه.
كاد يَفْعَل كذا كَيْداً: قارَب. قال ابن سيده: قال سيبويه: لم يستعملوا الاسم والمصدر اللذين في موضعهما يفعل في كاد وعَسَى، يعني أَنهم لا يقولون كادَ فاعِلاً أَو فعْلاً فترك هذا من كلامهم للاستغناء بالشيء عن الشيء، وربما خرج في كلامهم؛ قال تأَبَّط شرّاً.
فأُبْتُ إِلى فَهْمٍ وما كِـدْتُ آئبـاً، |
|
وكم مِثلِها فارَقْتُها، وهْيَ تَصْفرُ |
قال: هكذا صحة هذا البيت، وكذلك هو في شعره، فأَما رواية من لا يضبطه وما كنت آئباً ولم أَكُ آئباً فلبعده عن ضبطه؛ قال: قال ذلك ابن جني، قال: ويؤكد ما رويناه نحن مع وجوده في الديوان أَن المعنى عليه أَلا ترى أَن معناه فأُبْتُ وما كِدْتُ أَؤُوبُ؛ فأَما كنتُ فلا وجه لها في هذا الموضع، ولا أَفعلُ ذلك ولا كيداً ولا هَمّاً. قال ابن سيده: وحكى سيبويه أَن ناساً من العرب يقولون كِيدَ زَيدٌ يفعل كذا؛ وقال أَبو الخطاب: وما زِيل يفعل كذا؛ يريدون كادَ وزال فنقلوا الكسر إِلى الكاف في فَعِلَ كما نقلوا في فعِلْت؛ وقد روي بيتُ أَبي خِراش:
وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي، |
|
وكِيدَ خِراشٌ يومَ ذلـك يَيْتَـم |
قال سيبويه: وقد قالوا كُدْتُ تَكادُ فاعتلت من فَعُلَ يفْعَل، كما اعتلت تموت عن فَعِلَ يَفْعُلُ، ولم يجئ تموت على ما كَثُرَ في فَعِلَ. قال: وقوله عز وجل: أَكاد أَخفيها؛ قال الأَحفَش: معناه أُخفيها. الليث: الكَيْدُ من المَكِيدَة، وقد كاده مَكِيدةً. والكَيْدُ: الخُبِثُ والمَكْرُ؛ كاده يَكيدَهُ كَيْداً ومَكِيدَةً، وكذلك المكايَدةُ. وكلُّ شيء تعالجُه، فأَنت تَكِيدُه. وفي حديث عمرو بن العاص: ما قولك في عُقُولٍ كادها خالقها؟ وفي رواية: تلك عقولٌ كادها بارِئُها أَي أَرادها بسوء. يقال: كِدْتُ الرجلَ أَكِيدُه. والكَيْدُ: الاحتيالُ والاجتهاد، وبه سميت الحرب كيداً.
وهو يَكِيدُ بنفسه كيداً: يجود بها ويسوق سِياقاً. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل على سعد بن معاذ وهو يَكِيدُ بنفسه فقال: حزاك الله من سيِّدِ قومٍ فقد صَدقْتَ اللهَ ما وعَدْتَه وهو صادقُك ما وعَدَك؛ يكيدُ بنفسه: يريد النَّزْعَ. والكَيْدُ: السَّوْقُ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: تخرج المرأَة إِلى أَبيها يَكِيدُ بنفسه أَي عندَ نزع روحِه وموتِه. الفراء: العرب تقول: ما كِدْت أَبْلُغُ إِليك وأَنت قد بلَغت؛ قال: وهذا هو وجه العربية؛ ومن العرب من يدخل كاد ويكاد في اليقين وهو بمنزلة الظن أَصله الشك ثم يُجْعلُ يقيناً. وقال الأَخفش في قوله تعالى: لم يكد يراها؛ حمل على المعنى وذلك أَنه لا يراها، وذلك أَنك إذا قلت كادَ يفعل إِنما تعني قارَب الفعل، ولم يَفعل على صحة الكلام، وهكذا معنى هذه الآية إِلا أَنَّ اللغة قد أَجازت لم يَكَد يَفْعل وقد فعَل بعد شدّة، وليس هذا صحة الكلام لأَنه إذا قال كادَ يفعل فإِنما يعني قارَبَ الفِعْل، وإِذا قال لم يكَدُ يَفْعَل يقول لم يقارِبِ الفعل إِلا أَن اللغة جاءَت على ما فُسِّرَ، قال: وليس هو على صحة الكلمة. وقال الفراء: كلما أَخرج يده لم يكد يراها من شدّة الظلمة لأَنَّ أَقلَّ من هذه الظلمة لا تُرى اليد فيه، وأَما لم يكد يقوم فقد قام، هذا أَكثر اللغة. ابن الأَنباري: قال اللغويون كِدْتُ أَفْعَلُ معناه عند العرب قاربْتُ الفعل، ولم أَفعل وما كِدْتُ أَفعَلُ معناه فَعَلْتُ بعد إِبْطاء. قال: وشاهده قوله تعالى: فذبحوها وما كادوا يفعلون؛ معناه فعلوا بعد إِبطاء لتعذر وِجْدانِ البقرة عليهم. وقد يكون: ما كِدْتُ أَفْعَلُ بمعنى ما فَعَلْتُ ولا قارَبْتُ إذا أُكِّدَ الكلامُ بأَكادُ. قال أَبو بكر في قولهم: قد كاد فلان يَهْلِكُ؛ معناه قد قاربَ الهلاكَ ولم يَهْلِكْ، فإِذا قلت ما كاد فلانٌ يقوم، فمعناه قام بعد إِبطاء؛ وكذلك كاد يقوم معناه قارب القيامَ ولم يقم؛ قال: وهذا وجه الكلام، ثم قال: وتكون كاد صلة للكلام، أَجاز ذلك الأَخفش وقطرب وأَبو حاتم؛ واحتج قطرب بقول الشاعر:
سَريعٌ إِلى الهَيْجاءِ شاكٍ سِلاحهُ، |
|
فما إِنْ يَكادُ قِرْنُه يَتَـنَـفَّـسُ |
معناه ما يَتَنَفَّس قِرْنُه؛ وقال حسان:
وتَكادُ تَكْسَلُ أَن تجيءَ فِراشَها |
معناه وتَكْسَل. وقوله تعالى: لم يكد يراها؛ معناه لم يرها ولم يُقارِبْ ذلك؛ وقال بعضهم: رآها من بعد أَن لم يكد يراها من شدة الظلمة؛ وقول أَبي ضبة الهذلي:
لَقَّيْتُ لَبَّتَه السِّنانَ فَكَبَّه |
|
مِنَّي تَكايُدُ طَعْنَة وتَأَيُّدُ |
قال السكري: تَكايُدٌ تَشَدُّدٌ.
وكادت المرأَة: حاضت؛ ومنه حديث ابن عباس: أَنه نظر إِلى جَوارٍ قد كِدْنَ في الطريق فأَمر أَن يَتَنَحَّيْنَ؛ معناه حِضْنَ في الطريق. يقال: كادت تَكِيدُ كَيْداً إذا حاضت. وكادَ الرجلُ: قاءَ. والكَيْدُ: القَيْءُ؛ ومنه حديث قتادة: إذا بَلِغَ الصائمُ الكَيْدَ أَفطر؛ قال ابن سيده: حكاه الهروي في الغريبين. ابن الأَعرابي: الكَيْدُ صِياحُ الغُراب بجَهْد ويسمى إِجهادُ الغُرابِ في صياحه كيداً، وكذلك القيء. والكَيْدُ: إِخراج الزَّنْد النارَ. والكَيْدُ: التدبير بباطل أَو حَقّ. والكَيْدُ: الحيض.
والكَيْدُ: الحرب. ويقال: غزا فلان فلم يلق كَيْداً. وفي حديث ابن عمر: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غزا غزوة كذا فرجع ولم يلق كَيْداً أَي حرباً. وفي حديث صُلْح نَجْران: أَن عليهم عاريةَ السلاح إِن كان باليمن كَيْدٌ ذات غَدْرٍ أَي حرب ولذلك أَنَّثها. ابن بُزُرج: يقال مِن كادهما يَتَكايَدان وأَصحاب النحو يقولون يتكاودان وهو خطأٌ لأَنهم يقولون إذا حُمِلَ أَحدهم على ما يَكْره: لا والله ولا كَيْداً ولا هَمّاً؛ يريد لا أُكادُ ولا أُهَمُّ. وحكى ابن مجاهد عن أَهل اللغة: كاد يكاد كان في الأَصل كَيِدَ يَكْيَدُ. وقوله عز وجل: إِنهم يَكِيدُون كَيْداً وأَكِيدُ كَيْداً؛ قال الزجاج: يعني به الكفار، إِنهم يُخاتلون النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُظْهِرون ما هم على خلافه؛ وأَكِيد كيداً؛ قال: كَيْد الله تعالى لهم استدراجهم من حيث لا يعلمون. ويقال: فلان يكيد أَمراً ما أَدْرِي ما هو إذا كان يُرِيغُه ويَحْتالُ له ويسعى له ويَخْتِلُه. وقال: بَلَغُوا الأَمر الذي كادوا، يريد: طلبوا أَو أَرادوا؛ وأَنشد أَبو بكر في كاد بمعنى أَراد للأَفوه:
فإِنْ تَجَمَّـعَ أَوتـادٌ وأَعْـمِـدَةٌ |
|
وساكِنٌ، بَلَغُوا الأَمرَ الذي كادوا |
أَراد الذي أَرادوا؛ وأَنشد:
كادَتْ وكِدْتُ، وتلك خَـيرُ إِرادةٍ، |
|
لو كانَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابةِ ما مَضَى |
قال: معناه أَرادتْ وأَرَدْتُ. قال: ويحتمله قوله تعالى: لم يكَدْ يراها، لأَن الذي عايَنَ من الظلمات آيَسَه من التأَمل ليده والإِبصار إِليها.
قال: ويراها بمعنى أَن يراها فلما أَسقط أَن رفع كقوله تعالى: تأْمرونِّي أَعبُدُ؛ معناه أَن أَعبد.
الكِيرُ: كِيرُ الحدّاد، وهو زِقّ أَو جلد غليظ ذو حافاتٍ، وأَما المبني من الطين فهو الكُورُ. ابن سيده: الكِير الزِّقّ الذي يَنْفُخ فيه الحدّاد، والجمع أَكْيارٌ وكِيَرة. وفي الحديث: مثَلُ الجلِيس السَّوْء مثَلُ الكِير، هو من ذلك؛ ومنه الحديث: المدينة كالكِيرِ تَنفي خَبَثها ويَنْصَع طِيبُها؛ ولما فسر ثعلب قول الشاعر:
ترَى آنُفاً دُغماً قِباحاً، كأَنهـا |
|
مَقادِيمُ أَكْيارٍ، ضخامَ الأَرانِب |
قال: مَقادِيم الكِيرانِ تسودُّ من النار، فكسَّر كِيراً على كيران، وليس ذلك بمعروف في كتب اللغة؛ إِنما الكِيران جمع الكُور، وهو الرّحْل، ولعل ثعلباً إِنما قال مَقادِيم الأَكْيار. وكِير: بلد؛ قال عروة بن الورد:
إِذا حَلَّتْ بأَرض بني عليٍّ |
|
وأَهْلُكَ بين إِمَّرَة وكِـير |
ابن بزرج: أَكارَ عليه يضربه، وهُما يتكايران؛ بالياء. وكِير: اسم جبل.
الكَيْسُ: الخفَّة والتوقُّد، كاس كَيْساً، وهو كَيْسٌ وكَيِّسٌ، والجمع أَكْياس؛ قال الحطيئة:
واللَّه ما مَعْشَرٌ لامُوا امْرأً جُنُباً |
|
في آلِ لأْيِ بنِ شَمَّاسٍ، بأَكْياسِ |
قال سيبويه: كَسَّروا كَيِّساً على أَفعال تشبيهاً بفاعل، ويدلُّك على أَنه فَيْعِل أَنهم قبد سلَّموا فلو كان فَعْلاً لم يسلِّموه وقوله أَنشده ثعلب:
فكُنْ أَكْيَسَ الكَيْسَى إذا كنـتَ فـيهـمُ |
|
وإِنْ كنتَ في الحَمْقى، فكُنْ أَنتَ أَحْمَقا |
إِنما كسَّره هنا على كَيْسى لمكان الحَمْقى، أَجرى الضدَّ مُجْرى ضدِّه، والأُنثى كَيِّسَة وكَيْسَة. والكُوسى والكِيسى: جماعة الكَيِّسَة؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها تأْنيث الأَكْيَس، وقال مَرَّةً: لا يوجد على مثالها إِلا ضِيقى وضُوقى جمع ضَيِّقَة، وطُوبى جمع طَيِّبة ولم يقولوا طِيبى، قال: وعندي أَن ذلك تأْنيث الأَفْعَل. الليث: جمع الكَيِّس كَيَسَة. ويقال: هذا الأَكْيَسُ وهي الكُوسى وهُنَّ الكُوسُ.
والكُوسِيَّات: النساء خاصَّة؛ وقوله:
فما أَدْري أَجُبْناً كان دَهْري |
|
أَمِ الكُوسَى، إذا جَدَّ الغَرِيمُ؟ |
أَراد الكَيْسَ بناه على فُعْلى فصارت الياء واواً كما قالوا طُوبى من الطِّيب. وفي اغتسال المرأَة مع الرجل: إذا كانت كَيِّسَة؛ أَراد به حسن الأَدب في استعمال الماء مع الرجل. وفي الحديث: وكان كَيْسَ الفعل أي حَسَنَه، والكَيْسُ في الأُمور يجري مَجْرى الرِّفق فيها. والكُوسى: الكَيْسُ؛ عن السِّيرافي، أَدخلوا الواو على الياء كما أَدخلوا الياء كثيراً على الواو، وإِن كان إِدخال الياء على الواو أَكثر لخفة الياء. ورجل مُكَيَّس: كَيْسٌ؛ قال رافع بن هُرَيْمٍ:
فهَلاَّ غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَـمْـتُـمْ |
|
إِذا ما كنتُمُ مُتَظَلِّـمِـينـا؟ |
عَفاريتاً عليِّ وأَكل مـالـي |
|
وجُبْناً عن رِجالٍ آخَرينـا، |
فلو كنتم لمُكْيِسَةٍ أَكـاسَـتْ |
|
وكَيْسُ الأُم يُعْرَف في البَنِينا |
ولكن أُمُّكُمْ حَمُقَتْ فَجِـئتُـمْ |
|
غِثاثاً، ما نَرَى فيكم سَمِينا، |
أَي أَوْجَب لأَن يكون البَنُون أَكْياساً. وامرأَة مكْياسٌ: تَلِدَ الأَكْياسَ. وأَكْيَسَ الرجل وأَكاسَ إذا وُلِدَ له أَولاد أَكياسٌ.
والتَّكَيُّسُ: التظرُّف. وتَكَيَّسَ الرجل: أَظهر الكَيْسَ. والكِيسى: نعت المرأَة الكَيِّسَة، وهو تأْنيث الأَكْيَسِ، وكذلك الكوسى، وقد كاس الولد يَكِيسُ كَيْساً وكِياسَةً. وفي الحديث عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: الكَيِّس من دان نَفسَه وعَمِل لما بعد الموْت أَي العاقل. وفي الحديث: أَيُّ المؤمنين أَكْيَسُ أَي أَعقل. أَبو العباس: الكَيِّسُ العاقل، والكَيْسُ خلاف الحمق، والكَيس العقل، يقال: كاسَ يَكِيسُ كَيْساً.
وزيدُ بن الكَيْس النَّمَريّ: النَّسَّابة. والكَيِّسُ: اسم رجل، وكذلك كَيْسان. وكَيْسان أَيضاً: اسمٌ للغَدْرِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قَطن:
إِذا كنت في سَعْدٍ، وأُمُّك منـهـمُ |
|
غَريباً فلا يَغْرُرْك خالُك من سَعْدِ |
إِذا ما دَعَوْا كَيسان، كانت كُهولُهم |
|
إِلى الغَدْرِ أَسْعَى من شَبابهمِ المُرْدِ |
وذكر ابن دُرَيْدٍ أَن هذا للنَّمِر بن تَوْلَب في بني سعد وهم أَخوالُه. وقال ابن الأَعرابي: الغَدْرُ يكنى أَبا كَيْسان، وقال كراع: هي طائية، قال: وكل هذا من الكَيْس. والرجل كَيِّس مُكَيَّس أَي ظريف؛ قال:
أَما تَراني كَيَّساً مُكَيِّسا |
|
بَنَيْتُ بَعْدَ نافِع مُخَيَّسا؟ |
المُكَيَّس: المعروف بالكَيْس. والكَيْس: الجِماع. وفي حديث النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: فإِذا قَدِمْتم على أَهاليكم فالكَيْسَ الكَيْسَ أَي جامعوهنَّ طَلباً للولد، أَراد الجِماع فجعل طلب الولد عَقْلاً.
والكَيْسُ: طلب الولد. ابن بُزُرج: أَكاسَ الرجلُ الرجلَ إذا أَخذ بناصِيَته، وأَكاسَتِ المرأَة إذا جاءتْ بولد كَيِّس، فهي مُكِيسَة. ويقال: كايَستُ فلاناً فكِسْتُه أَكِيسُه كَيْساً أَي غلبته بالكَيْس وكنتُ أَكْيَس منه.
وفي حديث جابر: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، قال له: أَتراني إِنما كِسْتُك لآخُذَ جَمَلك أَي غلبتك بالكَيْس. وهو يُكايسُه في البيع.
والكِيس من الأَوعية: وِعاءُ معروف يكون للدراهم والدنانير والدُّرِّ والياقُوتِ؛ قال:
إِنما الـذَّلْـفـاءُ ياقُـوتَةٌ |
|
أُخْرجَتْ من كِيس دُهْقانِ |
والجمع كِيَسَة. وفي الحديث: هذا من كِيس أَبي هريرة أَي مما عنده من العلم المقتنى في قلبه كما يُقْتَنى المال في الكِيس، ورواه بعضهم بفتح الكاف، أَي من فِقْهِه وفِطْنته لا من روايته.
والكَيْسانِيَّة: جُلود حمر ليست بقرظِيَّة. والكَيْسانِيَّة: صِنْف من الرَّوافِض أَصحاب المُختار بن أَبي عُبيد يقال لَقَبُه كان كَيْسان.
ويقال لما يكون فيه الولد: المَشِيمَة والكِيسُ؛ شُبِّه بالكيس الذي تحرز فيه النفقة.
ابن بزرج: ثوبٌ أَكْياشٌ وجُبَّة أَسنادٌ وثوبُ أَفْوافٍ، قال: الأَكْياشُ من بُرودِ اليمن.
كاصَ عن الأَمر يَكِيصُ كَيْصاً وكَيَصاناً وكُيوصاً: كَعَّ. وكاصَ عنده من الطعام ما شاءَ: أَكلَ. وكاصَ طعامَه كَيْصاً: أَكلَه وحده.
ابن الأَعرابي: الكَيْصُ البُخْلُ التامّ. ورجل كِيصَى وكِيصٌ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي: متفردٌ بطعامه لا يُؤَاكِلُ أَحداً. والكِيصُ: اللئيمُ الشحيح، والقولان متقاربان. قال أَبو علي: والكِيصُ الأَشِرُ؛ وقول النمر بن تولب:
رأَتْ رجُلاً كِيصاً يُلَفِّفُ وَطْبَه، |
|
فيأْتي به البادِينَ، وهو مُزَمَّل |
قال ابن سيده: يحتمل أَن تكون أَلف كِيصا فيه للإِلحاق، ويحتمل أَن تكون التي هي عوض من التنوين في النصب؛ قال ابن بري: قال أَبو علي يجوز أَن يكون قوله رأَت رجلاً كيصا الأَلف فيه أَلف النصب لا أَلف الإِلحاق، والذي ذكره ثعلب في أَماليه الكِيصُ اللئيم، وأَنشد بيت النمر بن تولب أَيضاً، قال: وهذا يدل على أَن الأَلف في كيصا بدَلٌ من التنوين إذا وقَفْتَ كما ذكر أَبو علي. ورجل كَيْصٌ، بفتح الكاف: ينزل وحده؛ عن كراع. الليث: الكِيصُ من الرجال القصيرُ التارّ. التهذيب عن أَبي العباس: رجل كِيصىً يا هذا، بالتنوين، ينزل وحده ويأْكل وحده.
كاعَ يَكِيعُ ويَكاعُ؛ الأَخيرة عن يعقوب، كَيْعاً وكَيْعُوعةً، فهو كائِعٌ وكاعٍ، على القلب: جَبُنَ؛ قال:
حتى اسْتَفَأْنا نِساءَ الحَيِّ ضاحِـيةً |
|
وأَصْبَحَ المَرْءُ عَمْروٌ مُثْبَتاً كاعِي |
وفي الحديث: ما زالَتْ قريش كاعةً حتى مات أَبو طالب؛ الكاعةُ: جمع كائِعٍ وهو الجَبانُ كبائِعٍ وباعةٍ، وقد كاع يَكِيعُ، ويروى بالتشديد، أَراد أَنهم كانوا يجبنون عن أَذى النبي، صلى الله عليه وسلم، في حياته فلما مات اجترؤوا عليه.
كيَّفَ الأَدِيم: قَطَّعه، والكِيفةُ: القِطْعة منه؛ كلاهما عن اللحياني. ويقال للخِرْقة التي يُرْقَع بها ذَيْل القميص القُدَّامُ: كِيفة، والذي يرقع بها ذيل القميص الخَلفُ: حيفةٌ.
وكيْفَ: اسم معناه الاستفهام؛ قال اللحياني: هي مؤنثة وإن ذكِّرت جاز، فأَما قولهم: كَيَّف الشيءَ فكلام مولّد. الأَزهري: كيفَ حرف أَداة ونصْبُ الفاء فراراً به من الياء الساكنة فيها لئلا يلتقي ساكنان. وقال الزجاج في قول اللّه تعالى: كيف تكفرون باللّه وكنتم أَمواتاً: تأَويل كيف استفهام في معنى التعجب، وهذا التعجب إنما هو للخلق والمؤمنين أَي اعجَبوا من هؤلاء كيف يكفرون وقد ثبتت حجة اللّه عليهم، وقال في مصدر كيف: الكَيْفِيَّة. الجوهري: كيف اسم مبهم غير متمكن وإنما حرك آخره لالتقاء الساكنين، وبني على الفتح دون الكسر لمكان الياء وهو للاستفهام عن الأَحوال، وقد يقع بمعنى التعجب، وإذا ضممت إليه ما صح أَن يجازي به تقول: كَيْفَما تَفْعَلْ أَفْعَلْ؛ قال ابن بري: في هذا المكان لا يجازى بكيفَ ولا بكيفما عند البصريين، ومن الكوفيين من يُجازي بكيفما.
ابن سيده: الكَيْكَة البيضة، وجمعها كَياكي؛ وقال الفراء: أَصلها كَيْكِيَةٌ مثل اللَّيْلَةِ أَصلها لَيْلِيَة، ولذلك جُمِعتا كَياكِيَ ولَيالِيَ. ابن شميل: الكَيْكاء والكَوْكى هما السَّرَطانُ أَي من لا خير فيه من الرجال.
الكَيْلُ: المِكْيال. غيره: الكَيْل كَيْل البُرِّ ونحوه، وهو مصدر كالَ الطعامَ ونحوه يَكِيلُ كَيْلاً ومَكالاً ومَكِيلاً أَيضاً، وهو شاذ لأَن المصدر من فَعَل يَفْعِل مَفْعِل، بكسر العين؛ يقال: ما في برك مَكالٌ، وقد قيل مَكِيل عن الأَخفش؛ قال ابن بري: هكذا قال الجوهري، وصوابه مَفْعَل بفتح العين. وكِيلُ الطعامُ، على ما لم يسم فاعله، وإِن شئت ضممت الكاف، والطعامُ مَكِيلٌ ومَكْيُول مثل مَخِيط ومَخْيوط، ومنهم من يقول: كُولَ الطعامُ وبُوعَ واصْطُودَ الصَّيْدُ واسْتُوقَ مالُه، بقلب الياء واواً حين ضم ما قبلها لأَن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم.
واكْتالَه وكالَه طعاماً وكالَه له؛ قال سيبويه: اكْتَل يكون على الاتحاد وعلى المُطاوَعة. وقوله تعالى: الذين إذا اكْتالوا على الناس يَسْتَوْفُون؛ أَي اكْتالوا منهم لأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه من الناس، والاسم الكِيلَةُ، بالكسر، مثل الجِلْسة والرِّكْبة. واكْتَلْت من فلان واكْتَلْت عليه وكِلْت فُلاناً طعاماً أَي كِلْتُ له؛ قال الله تعالى: وإِذا كالُوهمْ أَو وَزَنُوهم؛ أَي كالُوا لهم. وفي المثل: أَحَشَفاً وسُوء كِيلة؟ أَي أَتَجْمَعُ عليَّ أَن يكون المَكِيل حَشَفاً وأَن يكون الكَيل مُطَفَّفاً؛ وقال اللحياني: حَشَف وسوء كِيلةٍ وكَيْلٍ ومَكِيلةٍ. وبُرٌّ مَكِيلٌ، ويجوز في القياس مَكْيول، ولغة بني أَسد مَكُول، ولغة رديئة مُكالٌ؛ قال الأَزهري: أَما مُكالٌ فمن لغات الحَضَرِيِّين، قال: وما أَراها عربية محضة، وأَما مَكُول فهي لغة رديئة، واللغة الفصيحة مَكِيل ثم يليها في الجودة مَكْيول. الليث: المِكْيال ما يُكالُ به، حديداً كان أَو خشباً.
واكْتَلْتُ عليه: أَخذت منه. يقال: كال المعطي واكْتال الآخِذ. والكَيْلُ والمِكْيَلُ والمِكْيال والمِكْيَلةُ: ما كِيلَ به؛ الأَخيرة نادرة. ورجل كَيَّال: من الكَيْل؛ حكاه سيبويه في الإِمالة، فإِما أَن يكون على التكثير لأَن فِعْله معروف، وإِما يُفَرّ إِلى النسَب إذا عُدِم الفعل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
حين تكالُ النِّيبُ في القَفِيزِ |
فسره فقال: أَراد حين تَغْزُر فيُكال لَبَنُها كَيْلاً فهذه الناقة أَغزرهنَّ. وكال الدراهمَ والدنانير: وزنها؛ عن ابن الأَعرابي خاصة؛ وأَنشد لشاعر جعل الكَيْل وَزْناً:
قارُروة ذات مِسْك عند ذي لَطَفٍ |
|
من الدَّنانيرِ، كالُوها بمِـثْـقـال |
فإِما أَن يكون هذا وَضْعاً، وإِما أَن يكون على النسب لأَن الكَيْل والوزن سواء في معرِفة المَقادير. ويقال: كِلْ هذه الدراهمَ، يريدون زِنْ.
وقال مُرَّة: كُلُّ ما وزن فقد كِيلَ.
وهما يتَكايَلان أَي يتَعارَضان بالشَّتْم أَو الوَتْرِ؛ قالت امرأَة من طيِّءٍ:
فيَقْتل خيراً بامرِئ لم يكن له |
|
نِواءٌ، ولكن لا تَكَايُلَ بالـدَّمِ |
قال أَبو رِياش: معناه لا يجوز لك أَن تقتل إِلاَّ ثأْرَك ولا تعتبر فيه المُساواة في الفضل إذا لم يكن غيره. وكايَل الرجلُ صاحبَه: قال له مثل ما يقول أَو فَعَل كفعله. وكايَلْته وتكايَلْنا إذا كالَ لَكَ وكِلْتَ له فهو مُكائِل، بالهمز. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه نَهَى عن المُكايَلة وهي المُقايَسة بالقَوْل والفعل، والمراد المُكافأَة بالسُّوءِ وتركُ الإِغْضاء والاحتمالِ أَي تقول له وتفعَل معه مثل ما يقول لك ويفعل معك، وهي مُفاعلة من الكَيْل، وقيل: أَراد بها المُقايَسة في الدِّين وترك العمل بالأَثر. وكالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ كَيْلاً: مثل كَبا ولم يخرِج ناراً فشبه مؤخَّر الصفوف في الحرب به لأَنه لا يُقاتِل مَن كان فيه. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: المِكْيال مِكْيال أَهل المدينة والمِيزانُ مِيزانُ أَهلِ مكة؛ قال أَبو عبيدة: يُقال إِن هذا الحديث أَصل لكل شيء من الكَيْل والوَزْن، وإِنما يأْتَمُّ الناس فيهما بأَهل مكة وأَهل المدينة، وإِن تغيَّر ذلك في سائر الأَمصار، أَلا ترى أَن أَصل التمر بالمدينة كَيْلٌ وهو يُوزَن في كثير من الأَمصار، وأَنَّ السَّمْن عندهم وَزْن وهو كَيْل في كثير من الأَمصار؟ والذي يعرف به أَصل الكَيْل والوَزْن أَن كل ما لَزِمه اسم المَخْتوم والقَفِيزِ والمَكُّوكِ والمُدِّ والصاعِ فهو كَيْل، وكلُّ ما لزمه اسم الأَرْطالِ والأَواقيِّ والأَمْناءِ فهو وزن؛ قال أَبو منصور: والتمر أَصله الكَيْل فلا يجوز أَن يباع منه رِطْل برطل ولا وزن بوزن، لأَنه إذا رُدَّ بعد الوزن إِلى الكيل تَفاضَل، إِنما يُباع كَيْلاً بكَيْل سواء بسواء، وكذلك ما كان أَصله مَوْزُوناً فإِنه لا يجوز أَن يُباع منه كَيْل بكَيْل، لأَنه إذا رُدَّ إِلى الوزن لم يؤْمن فيه التَّفاضُل، قال: وإِنما احتيج إِلى هذا الحديث لهذا المعنى، ولا يتَهافت الناس في الرِّبَا الذي نَهَى الله عز وجل عنه، وكل ما كان في عَهْد النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة مَكِيلاً فلا يُباعُ إِلا بالكَيْل، وكل ما كان بها مَوْزُوناً فلا يُباع إِلا بالوزن لئلا يدخله الرِّبا بالتَّفاضُل، وهذا في كل نوع تتعلق به أَحكام الشرع من حقوق الله تعالى دون ما يَتعامل به الناسُ في بِياعاتِهم، فأَما المِكْيال فهو الصاع الذي يتعلَّق به وُجوب الزكاة والكفارات والنفقات وغير ذلك، وهو مقدر بكيل أَهل المدينة دون غيرها من البُلْدان لهذا الحديث، وهو مِفْعال من الكَيْل، والميم فيه للآلة؛ وأَما الوَزْن فيريد به الذهب والفضة خاصة لأَن حق الزكاة يتعلَّق بهما، ودِرْهمُ أَهلِ مكة ستة دَوانيق، ودراهم الإِسلام المعدَّلة كل عشرة دراهم سبعة مَثاقيل، وكان أَهلُ المدينة يتَعاملون بالدراهم عند مَقْدَمِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالعَدَدِ فأَرْشَدَهم إِلى وزن مكة، وأَما الدنانير فكانت تحمل إِلى العرب من الرُّوم إِلى أَن ضَرَبَ عبدُ الملك بن مَرْوان الدينار في أَيامه، وأَما الأَرطالُ والأَمْناءُ فللناس فيها عادات مختلفة في البُلْدان وهم مُعاملون بها ومُجْرَوْن عليها.
والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ في الحرب، وقيل: الكَيُّول مؤخر الصفوف؛ وفي الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يقاتِلُ العدوَّ فسأَله سيفاً يقاتِل به فقال له: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تقوم في الكَيُّول، فقال: لا، فأَعطاه سيفاً فجعل يُقاتِل وهو يقول:
إِنِّي امْرُؤٌ عهَدَني خَلِـيلـي |
|
أَن لا أَقومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ |
أَضْرِبْ بسيفِ الله والرسولِ |
|
ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلـولِ |
فلم يزل يقاتِل به حتى قُتِل. الأَزهري: أَبو عبيد الكَيُّولُ هو مؤخر الصفوف، قال: ولم أَسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث، وسكن الباءَ في أَضْرِبْ لكثرة الحركات. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قام في الكَيُّول، والأَصل تَكَيَّل وهو مقلوب منه؛ قال ابن بري: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بن خَرَشَةَ؛ قال ابن الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، من كالَ الزندُ إذا كَبَا ولم يخرج ناراً، فشبَّه مؤخَّر الصفوف به لأَن مَنْ كان فيه لا يُقاتِل، وقيل: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: ما أَشرف من الأَرض، يُريد تقومُ فوقَه فتنظر ما يصنع غيرك. أَبو منصور: الكَيُّول في كلام العرب ما خرج من حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لا نار فيه.
الليث: الفرس يُكايِل الفرس في الجَرْي إذا عارَضه وباراه كأَنه يَكِيل له من جَرْيهِ مثل ما يَكِيل له الآخر. ابن الأَعرابي: المُكَايلة أَن يتَشاتَم الرجلان فيُرْبِي أَحدهما على الآخر، والمُواكلة أَن يُهْدِيَ المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قضاءه. ويقال: كِلْتُ فلاناً بفلانٍ أَي قِسْتُه به، وإِذا أَردْت عِلْمَ رجل فكِلْهُ بغيره، وكِلِ الفرسَ بغيره أَي قِسْه به في الجَرْي؛ قال الأَخطل:
قد كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّهـا |
|
فَبَرَّزْتُ منها ثانياً من عِنَانِيَا |
أَي سبقتها وبعض عِناني مَكْفوف. والكِيَالُ: المُجاراة؛ قال:
أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْـرَهـا |
|
إِن كان من أَمْرٍ كِيَالَهْ |
وذكر أَبو الحسن بن سيده في أَثناء خُطْبة كتابه المحكم مما قَصَدَ به الوَضْعَ من ابن السكيت فقال: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها من مقامة أَبي يوسف يعق بن إِسحق السكيت مع أَبي عثمان المازني بين يدي المتوكِّل جعفر؟ وذلك أَن المتوكل قال: يا مازني سل يعقوب عن مسأَلة من النحو، فَتَلَكَّأَ المازني عِلْماً بتأَخر يعقوب في صناعة الإِعراب، فعَزَم المتوكل عليه وقال: لا بدَّ لك من سؤاله، فأَقبل المازني يُجْهِد نفسه في التلخيص وتَنكُّب السؤال الحُوشِيِّ العَوِيص، ثم قال: يا أَبا يوسف ما وَزْن نَكْتَلْ من قوله عز وجل: فأَرْسِلْ معنا أَخانا نَكْتَلْ، فقال له: نَفْعَل؛ قال: وكان هناك قوم قد علموا هذا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا من حَظِّ يعقوب في اللغة المِعْشار، ففاضوا ضَحِكاً، وأَداروا من اللَّهْو فَلَكاً، وارتفع المتوكِّل وخرج السِّكِّيتي والمازني، فقال ابن السكيت: يا أَبا عثمان أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فقال له المازني: والله ما سأَلتُك عن هذا حتى بحثت فلم أَجد أَدْنى منه مُحاوَلاً، ولا أَقْرَب منه مُتَناوَلاً.
الكَيْنُ: لحمةُ داخلِ فرجِ المرأَة. ابن سيده: الكَيْنُ لخم باطنِ الفرج، والرَّكَب ظاهره؛ قال جرير:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ، يا فَرَزْدَقُ، كَيْنَها |
|
غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْـذُورِ |
يعني عمرانَ بن مرة المِنْقَريّ، وكان أَسَرَ جِعْثِنَ أُخت الفرزدق يوم السيِّدان؛ وفي ذلك يقول جرير أَيضاً:
هُمُ ترَكوها بعدما طالت السُّرى |
|
عَواناً، ورَدُّوا حُمْرةَ الكَيْنِ أَسودا |
وفي ذلك يقول جرير أَيضاً:
يُفَرِّجُ عِمْرانُ مُرَّةَ كَيْنَـهـا، |
|
ويَنْزُو نُزاءَ العَيْر أَعْلَقَ حائلُهْ |
وقيل: الكَيْنُ الغُدَدُ التي هي داخل قُبُل المرأَة مثلُ أَطراف النَّوى، والجمع كُيون. والكَيْنُ: البَظْرُ؛ عن اللحياني.
وكَيْنُ المرأَة: بُظارتها؛ وأَنشد اللحياني:
يَكْوينَ أَطرافَ الأُيورِ بالكَيْن، |
|
إذا وَجَدْنَ حَـرَّةً تَـنَـزَّيْن |
قال ابن سيده: فهذا يجوز أَن يفسر بجميع ما ذكرناه. واسْتَكانَ الرجل: خَضَعَ وذَلّ، جعله أَبو علي استفعل من هذا الباب، وغيره يجعله افتعل من المَسْكَنة، ولكل من ذلك تعليل مذكور في بابه. وباتَ فلانٌ بكِينةِ سَوْءٍ، بالكسر، أَي بحالة سَوْءِ. أَبو سعيد: يقال أَكانَه الله يُكِينُه إكانةً أَي أَخضعه حتى اسْتَكان وأَدخل عليه من الذل ما أَكانه؛ وأَنشد:
لعَمْرُك ما يَشْفي جِراحٌ تُكينُه، |
|
ولكِنْ شِفائي أَن تَئِيمَ حَلائِلُـهْ |
قال الأَزهري: وفي التنزيل العزيز: فما اسْتَكانوا لربهم؛ من هذا، أَي ما خَضَعُوا لربهم. وقال ابن الأَنباري في قولهم اسْتَكانَ أَي خضع: فيه قولان: أَحدهما أَنه من السَّكِينة وكان في الأَصل اسْتَكَنوا، افتعل من سَكَن، فمُدَّتْ فتحة الكاف بالأَلف كما يمدُّون الضمة بالواو والكسرة بالياء، واحتج بقوله: فأَنْظُورُ أَي فأَنظُرُ، وشِيمال في موضع الشِّمال، والقول الثاني أَنه استفعال من كان يكون. ثعلب عن ابن الأَعرابي: الكَيْنةُ النَّبِقةُ، والكَيْنة الكَفالة، والمُكْتانُ الكَفِيلُ.
وكائِنْ معناها معنى كم في الخبر والاستفهام، وفيها لغتان: كَأيٍّ مثْلُ كَعَيِّنْ، وكائِنْ مثل كاعِنْ. قال أُبَيُّ بن كَعْبٍ لزِرِّ بن حُبَيْش: كَأَيِّنْ تَعُدُّون سورة الأَحزاب أَي كم تَعُدُّونها آيةً؛ وتستعمل في الخبر والاستفهام مثل كم؛ قال ابن الأَثير: وأَشهر لغاتها كأَيٍّ، بالتشديد، وتقول في الخبر كأَيٍّ من رجل قد رأَيت، تريد به التكثيرَ فتخفض النكرة بعدها بمن، وإدخالُ من بعد كأَيٍّ أَكثرُ من النصب بها وأَجود؛ قال ذو الرمة:
وكائنْ ذَعَرْنا من مَهاةٍ ورامِحٍ |
|
بلادُ العِدَى ليست له ببـلادِ |
قال ابن بري بعد انقضاء كلام الجوهري: ظاهر كلامه أَن كائن عنده بمنزلة بائع وسائر ونحو ذلك مما وَزْنُه فاعل، وذلك غلط، وإنما الأَصل فيها كأَيٍّ، الكاف للتشبيه دخلت على أَيٍّ، ثم قُدِّمت الياء المشددة ثم خففت فصارت كَيِيءٍ، ثم أُبدلت الياء أَلفاً فقالوا كاءٍ كما قالوا في طَيِّءٍ طاءٍ. وفي التنزيل العزيز: وكأَيِّنْ من نَبيٍّ؛ قال الأَزهري: أَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم أَنه قال كأَيّ بمعنى كم، وكم بمعنى الكثرة، وتعمل عمل رب في معنى القِلَّة، قال: وفي كَأَيٍّ ثلاث لغات: كأَيٍّ بوزن كَعَيِّنْ الأَصل أَيٌّ أُدخلت عليها كاف التشبيه، وكائِنْ بوزن كاعِنْ، واللغة الثالثة كايِنْ بوزن ماينْ، لا همز فيه؛ وأَنشد:
كايِنْ رَأَبْتُ وهايا صَدْع أَعْظُمِه، |
|
ورُبَّهُ عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَـبِ |
يريد من العطب. وقوله: وكايِنْ بوزن فاعل من كِئْتُ أَكِيُّ أَي جبُنْتُ. قال: ومن قال كَأْي لم يَمُدَّها ولم يحرِّك همزتها التي هي أَول أَيٍّ، فكأَنها لغة، وكلها بمعنى كم. وقال الزجاج: في كائن لغتان جَيِّدتان يُقْرَأُ كَأَيّ، بتشديد الياء، ويقرأُ كائِنْ على وزن فاعل، قال: وأَكثر ما جاء في الشعر على هذه اللغة، وقرأَ ابن كثير وكائِن بوزن كاعن، وقرأَ سائر القراء وكأَيِّنْ، الهمزة بين الكاف والياء، قال: وأَصل كائن كأَيٍّ مثل كَعَيٍّ، فقدّمت الياء على الهمزة ثم خففت فصارت بوزن كَيْعٍ، ثم قلبت الياء أَلفاً، وفيها لغات أَشهرها كأَيٍّ، بالتشديد، والله أَعلم.
الكَيِّهُ: البَرِمُ بِحِيلته لا يتوجه لها، وقيل: هو الذي لا مُتَصَرَّفَ له ولا حِيلَة. وكِهْتُ الرجلَ أكِيهُه: اسْتَنْكَهْتُه.