المجلد الرابع - ذكر صلح نصر بن سيار مع الصغد

وسبب ذلك أن خاقان لما قتل في ولاية أسد تفرقت الترك في غارة بعضها على بعض فطمع أهل الصغد في الرجعة إليها وانحاز قوم منهم إلى الشاش فلما ولي نصر بن سيار أرسل إليهم يدعوهم إلى الرجوع إلى بلادهم وأعطاهم ما أرادوا كانوا ينالون شروطًا أنكرها أمراء خراسان منها‏:‏ أن لا يعاقب من كان مسلمًا فارتد عن الإسلام ولا يعدى عليهم في دين لأحد منن الناس ولا يؤخذ أسراء المسلمين من ايديهم إلا بقضية قاضٍ وشهادة عدول‏.‏

فعاب الناس ذلك على نصر بن سيار وقالوا له فيه فقال‏:‏ لو عاينتم شوكتهم في المسلمين مثل ما عاينت ما أنكرتم ذلك‏.‏

وأرسل رسولًا إلى هشام بن عبيد الملمك في ذلك فأجابه إليه‏.‏

ذكر وفاة عقبة بن الحجاج ودخول بلج الأندلس

في هذه السنة توفي عقبة بن الحجاج السلولي أمي رالأندلس فقيل‏:‏ بل ثار به أهل الأندلس

فخلعوه وولوا بعده عبد الملك بن قطن وهي ولايته الثانية وكانت ولايته في صفر من هذه السنة وكانت البربر قد فعلت بإفريقية ما ذكرناه سنة سبع عشرة ومائة وقد حصروا بلج بن بشر العبسي حتى ضاق عليه وعلى من معه الأمر واشتد الحصر وهم صابرون إلى هذه السنة فأرسل إلى عبد الملك بن قطن يطلب منه أن يرسل إليه مراكب يجوز فيها هو ومن معه إلى الأندلس وذكر ما أنزل عليه من الشدة وأنهم أكلوا دوابهم‏.‏

فامتنه عبد الملك من إدخالهم الأندلس ووعدهم بإرسال المدد إليهم فلم يفعل‏.‏

فاتفق أن البربر قويت بالأندلس فاظطر عبد الملك إلى إدخال بلج ومن معه وقيل‏:‏ إن عبد الملك استشار أصحابه في جواز بلج فخوفوه من ذلك فقال‏:‏ أخاف أمير المؤمنين أن يقول‏:‏ أهلكت جندي لإأجازهم وشرط عليهم أن يقيموا سنة ويرجعوا إلى إفريقية فأجابوه إلى ذلك وأخذ وهائتنهم وأجازهم‏.‏

فلما وصوا إليه رأى هو والمسلمون ما بهم من سوء الحال والفقر والعري لشدة الحصار عليهم فكسوهم وأحسنوا إليهم وقصدوا جمعًا من البربر بشدونة فقاتلوهم فظفروا بالبربر فأهلكوهم وغنموا مالهم ودوابهم وسلاحهم فصلت أحوال أصحاب بلج وصار لهم دواب يركبونها‏.‏

ورجع عبد الملك بن قطن إلى قرطبة وقال لبلج ومن معه ليخرجوا من الأندلس فأجابوه إلى

ذلك فطلبوا منه مراكي يسيرون فيها من غير الجزيرة الخضراء لئلا يلقوا البرابر الذين حصروهم‏.‏

فامتنع عبد الملك وقال‏:‏ ليس لي مراكب إلا في الجزيرة‏.‏

فقالوا‏:‏ إننا لا نرجع نتعرض إلى البربر ولا نقصد الجهة التي هم فيها لأننا نخاف أن يقتلونا في بلادهم‏.‏

فألح عليهم في العود فلما رأوا ذلك ثاروا به وقاتلوه فظفروا به وأخرجوه من القصر وذلك أوائل ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

فلما ظفر بلج بعبد الملك أشار عليه أصحابه بقتل عبد الملك فأخرجه من داره وكأنه فرخ لكبر سنة فقتله وصلبه وولي الأندلس وكان عمر عبد الملك تسعين سنة وهرب ابناه قطن وأمية فلحق أحدهما بماردة والآخر بسر قسطة وكان هربهما قبل قتل أبيهما فلما قتل فعلا ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

ذكر عدة حوادث


في هذه السنة أوفد يوسف بن عمر الحكم بن الصلت إلى هشام يطلب إليه أن يستعمله على خراسان ويذكر أنه خبير بها وأنه عمل بها الأعمال الكثيرة ويقع في نصر بن سيار فوجه هشام إلى دار الضيافة فأحضر مقاتل بن علي السعدي وقد قدم من خاسان ومعه مائة وخمسون من الترك فسأله عن الحكم وما ولي بخراسان فقال‏:‏ ولي قرية يقال لها لفارياب سبعون ألفًا

خراجها فأسره الحارث بن سريج فعرك أذنه وأطلقه وقا‏:‏ أنت أهون من أن قتلك‏.‏

فلم يعزل هشام نصر بن سيار عن خراسان‏.‏

وفي هذه السنة غزا نصر بن سيار فرغنة غزوته الثانية فأوفد وفدًا إلى العراق عليهم معن بن أحمر النميري ثم إلى هشام فاجتاز بيوسف بن عمر وقال له‏:‏ يا بن أحمر أبلغبكم الأقطع على سلطانكم يا معشر قريش‏!‏ قال‏:‏ قد كان ذاك فأمره أن يعيبه عند هشام فقال‏:‏ كيف أعيبه مع بلائه وآثاره الجميلة عند وعند قومي فلم يزل به قال‏:‏ فيم أعيبه أعيب تجربته أم طاعته أم يمن نقيبته أو سياسته قال‏:‏ عبه بالكبر‏.‏

فلما دخل على هشام ذكر جند خراسان ونجدتهم وطاعتهم فقال‏:‏ إلا أنهم ليس لهم قائد‏.‏

قال‏:‏ ويحك‏!‏ فما فعل الكناني يعني نصرًا‏.‏

قال‏:‏ له بأس ورأي إلا أنه لا يعرف الرجل ولا يسمع صوته حتى يدني منه وما يكاد يفهم منه من الضعف لأجل كبره فقال شبيل بن عبد الرحمن المازني‏:‏ كذب والله وإنه ليس بالشيخ يخشى خرفه ولا الشاب يخشى سفهه بل هو المجرب وقد ولي عامة ثغور خراسان قد آثر معنًا وأعلى منزلته وشفعه في حوائجه فلما فعل هذا أجفى القيسية فحضروا عنده واعتذروا إليه‏.‏

وحج بالناس هذه السنة يزيد بن هشام بن عبد الملك‏.‏

وكان العمال في الأمصارهم العمال في وفيها مات محمد بن زاسع الأزدي البصري وقيل‏:‏ سنة سبع وعشرين‏.‏وفيها توفي جعفر بن إباس‏.‏

وفيها مات ثابت البناني وقيل‏:‏ سنة سبع وعشرين وله ست وثمانون سنة‏.‏

وفيها توفي سعيد بن أبي سعد المقبري واسم أبي سعيد كيسان وقيل‏:‏ مات سنة خمس وعشرين وقيل ست وعشرين‏.‏

ومالك ابن دينار لزاهد‏.‏

ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائة

ذكر ابتداء أمر أبي مسلم الخراساني

قد اختلف الناس في أبي مسلم فقيل‏:‏ كان حرًا واسمه إبراهيم بن عثمان ابن بشار بن سدوس بن جودزده من ولد بزرجمهر ويكنى أبا إسحاق ولد بأصبهان ونشأ بالكوفة وكان أبوه أوصى إلى عيسى بن موسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين فلما اتصل بإبراهيم بن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس الإمام قال له‏:‏ غير اسمك فإنه لا يتم لنا الأمر إلا بتغيير اسمك على ما وجدته في الكتب فسمى نفسه عبد الرحمن بن مسلم ويكنى أبا مسلم فمضى لشأنه وله ذؤابه وهو على حمار بإكاف وله وتسع عشرة سنة وزوجه إبراهيم الإمام ابنة عمران بن إسماعيل الطائي المعروف بأبي النجم وهي بخراسان مع أبيها فبنى بها أبو مسلم بخراسان وزوج أبو مسلم ابنته فاطمة من محرز بن إبراهيم وابنته الأخرى أسماء من فهم ابن محرز فأعقبت أسماء ولم تعقب فاطمة وفاطمة هي التي تذكرها الخرمية‏.‏

ثم إن سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم ولا هزبن قريظ وقحطبة بن شبيب توجهوا من خراسان يريدون مكة سنة أربع وعشرين ومائة فلما دخلوا الكوفة أتوا عاصم بن يونس العجلي وهو في الحبس قد اتهم بالدعاء إلى ولد العباس ومعه عيسى وإدريس ابنا معقل العجليان وهذا إدريس هو جد أب دلف العجلي وكان حبسهما يوسف بن عمر مع من حبس من عمال خالد القسري ومعهما أبو مسلم يخدمهما قد اتصل بهما فرأوا فيه العلامات فقالوا‏:‏ لمن هذا الفتى فقالا‏:‏ غلام معنا من السراجين يخدما وكان أبو مسلم يسمع عيسى وإدريس يتكلمان في هذا الرأي فإذا سمعهما بكى فلما رأوا ذلك منه دعوه إلى رأيهم فأجاب‏.‏

وقيل‏:‏ إنه من أهل ضياع بني معقل العجلية بأصبهان أو غيرها من الجبل وكان اسمه إبراهيم ويلقب حيكان وإنما سماه عبد الرحمن وكناه أبا مسلم إبراهيم الإمام وكان مع أبي موسى السراج صاحبه يخرز الأعنة ويعمل السورج وله معرفة بصناعة الأدم والسروج فكان يحملها إلى أصبهان والجبال والجزيرة والموصل ونصيبين وآمد وغيرها يتجر فيها‏.‏

وكان عاصم بن يونس العجلي وإدريس وعيسى ابنا معقل محبوسين فكان أبو مسلم يخدمهم في الحبس بتلك العلامة فقدم سليمنان بن كثير ولا هز وقحطبة الكوفة فدخلوا على عاصم فراوا أبا مسلم عنده فعجبهم فأخذوه وكتب أبو موسى السراج معه كتابًا إلى إبراهيم الإمام فلقوه بمكة فأخذ أبا سملم فكان يخدمه‏.‏

ثم إن هؤلاء النقباء قدموا على إبراهيم الإمام مرة أخرى يكلبون رجلًا يتوجه معهم إلى خراسان‏.‏

فكان هذا نسب أبي مسلم على قول من يزعم أنه حر‏.‏

فملا تمكن وقوي أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس وكان من حديث سليط بن عبد الله بن عباس أنه كانت له جارية مولدة صفراء تخدمه فواقعها مرة ولم يطلب ولدها ثم تركها دهرًا فاغتنمت ذلك فاستنكحت عبدًا من عبيد المدينة فوقع عليها فحبلت وولدت غلامًا فحدها عبد الله ابن عباس واستعبد ولدها وسماه سليطًا فنشأ جلدًا ظريفًا يخدم ابن عباس وكان له من الوليد بن بد الملك منزلة فادعى أنه ولد عبد الله بن عباس ووضعه على أمر الوليد لما كان في نفسه من علي بن عبد الله بن عباس وأمره بمخاصمة علي فخاصمه واحتل في شهود على إقرار عبد الله بن عباس بأنه ابنه فشهدوا بذلكعند قاضي دمشق فتحامل القاضي ابتاعًا لرأي الوليد فأثبت نسبه‏.‏

ثم إن سليطًا خاصمعلي بن عبد الله في الميراث حتى لقي منه علي أذى شديدًا وكان مع علي رجل من ولد أبي رافع مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منقطعًا إليه يقال له عمر الدن فقال لعلي يومًا‏:‏ لأقتلن هذا الكلب وأريحك منه فنهاه علي عن ذلك وتهدده بالقطيعة ورفق على سليط حتى كف عنه‏.‏

ثم إن وسيطًا دخل مع علي بستانًا له بظاهر دمشق فنام علي فجرى بين عمر الدن وسليط كلام فقتله عمر ودفنه في البستان واعانه عليه مولى لعلي وهربا وكان لسليط صاحب قد عرف دخوله البستان ففقده فأتى أم سليط فأخبرها وفقد علي أيضًا عمر الدن مولاه فسأل عنهما وعن سليط فلم يخبره أحد وغدت أم سليط إلى باب الوليد فاستغاثت على علي فأتى الوليد من ذلك ما أحب فأحضر عليًا وسأله عن سليط فحلف أنه لم يعرف خبره وانه لم يأمر فيه بأمر فأمره بإحضار عمر الدن فحلف بالله أنه لم يعرف موضعه فأمر الوليد بارسال الماء في أرض البستان فلما انتهى إلى موضع الحفرة التي فيها سليط انخسفت وأخرج منها سليط فأمر الوليد بعلي فضرب وأقيم في الشمس وألبس جبة صوف ليخبره حبر سليط ويدله على عمر الدن فلم يكن عنده علم ثم شفع فيه عباس بن زياد فأخرج إلى الحميمة وقيل إلى الحجر فأقام به حتى هلك الوليد وولي سليمان فرده إلى دمشق‏.‏

وكان هذا مما عدة المنصور على أبي مسلم حين قتله وقال له‏:‏ زعمت أنك ابن سليط ولم زكان سبب مودة الوليد على علي بن عبد الله أن اباه عبد الملك بن مروان طلق امرأته ابنها ابنة عبد الله بن جعفر فتزوجا علي فتغير له عبد الملك وأطلق لسانه فيه وقال‏:‏ إنما صلاته رياء وسمع الوليدذلك من أبيه فبقي في نفسه‏.‏

وقيل‏:‏ إن أبا مسلم كان عبداظً وكان سبب انتقاله إلى بني العابس أن بكير بن ماهان كان كاتبًا لبعض عمال السند فقدم الكوفة فاجتمع هو وشيعة بني العباس فغمز بهم فأخذوا فحبس بكير وخلي عن الباقين وكان في الحبس يونس أبو عاصم وعيسى بن معقل العجلي ومعه أبو مسلم يخدمه فدعاهم بكير إلى رأيه فاجابوه فقال لعيسى بن معقل‏:‏ ما هذا الغلام منك قال‏:‏ مملوك‏.‏

قال‏:‏ أتبعه قال‏:‏ هو لك‏.‏

قال‏:‏ أحب أن تأخذ ثمنه‏.‏

قال‏:‏ هو لك بما شئئت فأعطاه أربعمائة درهم ثم خرجوا من السجن فبعث به بكير إلى إبراهيم الإمام فدفعه إبراهيم إلى أبي موسى السارج فسمع منه وحفظ ثم سار مترددًا إلى خراسان‏.‏

فسار إليها فنزل على سليمان بن كثير وكان من أمره ما نذكره سنة سبع وعشرين ومائة إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد كان أبو مسلم رأي رؤيا قبل ذلك استدل بها على ملك خراسان فظهر أمرها فلما ورد نيسابور نزل بوناباذ وكانت عامرة فتحدث صاحب الخان الذي نزله ابو سملم بذلك وقال‏:‏ إن هذا يزعم أنه يلي خراسان‏.‏

فخرج أبو مسلم لبعض حاجته فعمد بعض المجان فقطع ذنب حماره فلما عاد قال لصاحب الخان‏:‏ من فعل هذا بحماري قال‏:‏ لا ادري‏!‏ قال‏:‏ ما اسم هذه المحلة قال‏:‏ بوناباذ‏.‏

قال‏:‏ إن لم أصيرها كنداباد فلست بأنبي مسلم‏.‏

فلما ولي خراسان أخربها‏.‏

ذكر الحرب بين بلج وابني عبد الملك ووفاة بلج وولاية ثعلبة بن سلامة الأندلس

في هذه السنة كان بالأندلس حرب شديدة بين بلج وأمية وقطن ابني عبد الملك بن قطن وكان سببها أنهما لما هربا من قرطبة كما ذكرناه فلما قتل أبوهما استنجدا بأهل البلاد والبربر فاجتمع معهما جمع كثير قيل كانوا مائة ألف مقاتل فسمع بهم بلج والذين معه فسار إليهم والتقوا واقتتلو تقالًا شديدًا وجرح بلج جراحات ثم ظفر بابني عبد الملك والبربر ومن معهم وقتل منهم فأكثر وعاد إلى قرطبة مظفرًا منصورًا فبقي سبعة أيام ومات من الجراحات التي فيه وكانت وفاته في شوال من هذه السنة وكانت ولايته أحد عشر شهرًا‏.‏ فلما مات قدم أصحابه عليهم ثعلبة بن سلامة العجلي للأن هشام ابن عبد الملك عهد إليهم‏:‏ إن حدث ببلج وكلثوم حدث بالأمير ثعلبة فقام بالأمر وثارت في أيامه البربر بناحية ماردة فغزاهم فقتل فيهم فأكثر وأسر منهم ألف رجل وأتى بهم إلى قرطبة‏.‏

ذكر عدة حوادث


وفيها غزا سليمان بن هشام الصائفة فلقي أليون ملك الروم فغنم‏.‏

وفيها مات محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في قول بعضهم ووصى إلى ابنه إبراهيم بالقيام بأمر الدعوة إليهم‏.‏

وحج الناس هذه السنة محمد بن هشام بن إسماعيل‏.‏

وفيها مات محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وكان مولده سنة ثمان وخمسين وقيل سنة خمسين‏.‏

ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائة

ذكر وفاة هشام بن عبد الملك

وفيها مات هشام بن عبد الملك بالرصافة لست خلون من شهر ربيع الآخر وكانت خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وواحدًا وعشرين يومًا وقيل‏:‏ وثمانية ونصفًا وكان مرضه الذبحة وعمره خمس وخمسون سنة وقيل ست وخمسون سنة فملا مات طلبوا قمقمًا من بعض الخزان

يسخن فيه الماء لغسله فما أعطاهم عياض كاتب الوليد على ما نذكره فاستعاروا قمقمًا وصلى عليه ابنه مسلمة ودفن بالرضافة‏.‏

ذكر بعض سيرته

قال عقال بن شبة‏:‏ دخلت على هشام وعليه قباء فنك أخضر فوجهني إلى خراسان وجعل يوصيني وأنا أنظر إلى القبا ففطن فقال‏:‏ مالك فقلت‏:‏ رأيت عليك قبل أن تلي الخلافة قباء مثل هذا فجعلت أتأمل أهو هذا أم غيره‏.‏

فقال‏:‏ هو والله ذاك وأما ما ترون من جمعي المال وصونه فهو لكم‏.‏

قال‏:‏ وكان محشوًا عقلًا‏.‏

وقيل‏:‏ وضرب رجل نصراني غلامًا لمحمد بن هشام فشجعه فذهب خصي لمحمد فضرب النصراني وبلغ هشامًا الخبر وطلب الخصي فعاذ بمحمد فقال له محمد‏:‏ ألم آمرك فقال الخصي‏:‏ بلى والله قد أمرتني‏.‏

فضرب هشام الخصي وشتم ابنه‏.‏

قال عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس‏:‏ جمعت دواوين بني أمية فلم أر ديوانًا أصح ولا أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام‏.‏

وقيل‏:‏ وأتي هشام برجل عنده قيان وخمر وبربط فقال‏:‏ اكسروا الطنبور على رأسه‏.‏

فبكى الشيخ لما ضربع‏.‏

فقال‏:‏ عليك بالصبر‏.‏فقال‏:‏ اتراني أبكي للضرب إنمكا أبكي لاحتقاره البربط إذ سماه طنبورًا‏!‏ قال‏:‏ وأغلظ رجل الهشام فقال له‏:‏ ليس لك أن تغلظ لإمامك‏.‏

قيل‏:‏ وتفقد هشام بعض ولده فلم يحضر الجمعة فقال‏:‏ ما منعك من الصلاة قال‏:‏ نفقت دابتي‏.‏

قال‏:‏ أفعجزت عن المشي فمنعه الدابة سنةً‏.‏

قيل‏:‏ وكتب إلى بعض عماله‏:‏ قد بعثت إلى أمير المؤمنين بسلة دراقن وكتب إليه‏:‏ قد وصل الدراقن فأعجب أمير المؤمنين فزد منه واستوثق من الدعاء‏.‏

وكتب إلى عامل له قد بعث بكمأة‏:‏ قد وصلت المأة وهي أربعون وقد تغير بعضها من حشوها فاذا بعثت شيئًا فأجد حشوها في الطرق بالرمل حتى لا تضطرب ولا يصيب بعضها بعضًا‏.‏

وقيل له‏:‏ أتطمع في الخلافة فأنت بخيل جبان‏!‏ قال‏:‏ ولم لا أطمع فيها وأنا حليم عفيف قيل‏:‏ وكان هشام ينزل الرصافة وهي نمن أعمال قنسرين وكان الخلفاء قبله وأبناء الخلفاء يبتدرون هربًا من الطاعون فينزلون البرية فلما أراد هشام أن ينزل الرصافة قيل له‏:‏ لا تخرج فإن الخلفاء لا يطعنون ولم ير خليفة طعن‏.‏

قال‏:‏ أتريديون أن تجربوا في فنزلها وهي مدينة رومية‏.‏

قيل إن الجعد بن درهم أظهر مقالته يخلق القرآن أيام هشام بن عبد الملك فاخذه هشام وأرسله إلى خالد القسري وهو أمير العراق وأمره بقتله فحبسه خالد من الحبس في وثاقة فلما صلى العبد يوم الأضحى قال في آخر خطبته‏:‏ انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم فإني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم فإنه يقول‏:‏ ما كلم الله موسى ولا اتخذ إبراهيم خليلًا تعالى

قيل‏:‏ إن غيلان بن يونس وقيل ابن مسلم أبا مروان أظهر القول بالقدر في أيام عمر بن عبد العزيز فأحضره عمر واستتابه فتاب ثم عاد إلى الكلام فيه أيام هشام فأحضره من ناصرة ثم أمر به فقطعت يداه ورجلاه ثم امر به فصلب‏.‏

قيل‏:‏ وجاء محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بالخطاب إلى هشام فقال‏:‏ ليس لك عندي صلة قم قال‏:‏ أياك أن يغرك أحد فيقول ام يعرفك أمي المؤمنين إني قد عرفتك وأنت محمد بن زيد فلا تقيمن وتنفق ما معك فليس لك عندي صلة الحق بأهلك‏.‏

قال مجمع بن يعقوب الأنصاري‏:‏ شتم هشام رجلًا من الأشراف فوبخه الرجل قال‏:‏ أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله في الرض فاستحيا منه وقا‏:‏ اقتص مني‏.‏

قال‏:‏ إذًا أنا سفيه مثلك‏.‏

قال‏:‏ فخذ مني عوضًا من المال‏.‏

قال‏:‏ ما كنت لأفعل‏.‏

قال‏:‏ فهبها لله‏.‏

قال‏:‏ هي لله ثم لك‏.‏

فنكس هشام رأسه واستحيا وقال‏:‏ والله لا أعود إلى مثلها أبدًا‏.‏

ذكر بيعة الوليد بن يزيد ابن عبد الملك

قيل‏:‏ وكانت بيعته لست مضين من شهر ربيع الآخر من السنة وقد تقدم عقد أبيه ولاية العهد

له بعد أخيه هشام بن عبد الملك وكان الوليد حين جعل ولي عهد بعد هشام ابن إحدى عشرة سنة ثم عاش من بعد ذلك فبلغ الوليد خمس عشرة سنة فكان يزيد يقول‏:‏ الله بيني وبين من جعل هشامًا بيني وبينك‏.‏

فلما ولي هشام أكرم الوليد بن يزيد حتى ظهر من الوليد مجون وشرب الشراب وكان يحمله على ذلك عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدبه واتخذ له ندماء فأراد هشام أن يقطعهم عنه فولاه الحج سنة ست عشرة ومائة فحمل معه كلابًا في صناديق وعمل قبة على قدر الكعبة ليضعها على الكعبة وحمل معه الخمر وأراد أن ينصب القبة على الكعبة ويشرب فيها الخمر فحرمه أصحابه وقالوا‏:‏ لا نأمن الناس عليك وعلينا معك‏.‏

فلم يفعل‏.‏

وظهر للناس منه تهاون بالدين واستخفاف فطمع هشام في البيعة لابنه مسلمة وخلع الولي وألاد الوليد على ذلك فأبى فقال له‏:‏ اجعله بعدك فأبى فتنكر له هشام وأضر به وعمل سرًا في البيعة لابنه مسلمة فأجابه قوم وكان ممن أجابه خالاه محمد وإبراهيم ابنا هشام بن إسماعيل وبنو القعقاع بن خليد العبسي وغيرهم من خاصته فأفرط الوليد في الشراب وطلب اللذات فقال له هشام‏:‏ ويحك يا وليد والله ما أدري أعلى الإسلام أنت أم لا‏!‏ ما تدع شيئًا من المنكر إلا أتيته غير متحاش فكتب إليه الوليد‏:‏ يا أيها السائل عن ديننا نحن على دين أبي شاكر فغضب هشام على ابنه مسلمة وكان سكنى أبا شاكر وقال له‏:‏ يعيرنيالوليد بك وأنا ارشحك للخلافة‏!‏ فألزمه الأدب وأحضره الجماعة وولاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة فأظهر النسك واللين ثم إنه قسم بمكة والمدينة أموالًا فقال مولى لأهل المدينة‏:‏ يا أيها السائل عن ديننا نحن على دين أبي شاكر الواهب الجرد بأرسانها ليس بزنديق ولا كافر يعرض بالوليد‏.‏

وكان هشام يعيب الوليد ويتنقصه ويقصر بهن فخرج الوليد ومعه ناس من خاصته ومواليه فنزل بالأزرق على ماء له بالأردن وخلف كاتبه عياض ين مسلم عند هشام ليكاتبه بما عندهم وقطع هشام عن الوليد ما كان يجرى عليه وكاتبه الوليد فلم يجبه إلى رده وأمره بإخراج عبد الصمد من عنده وأخرجه وسأله أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليه فضرب هشام ابن سهيل وسيره وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد فضربه وحبسه فقال الوليد‏:‏ من يثق بالناس ومن يصنع المعروف‏!‏ هذا الأحوال المشؤوم قدمه أبي على أهل بيته وصيره ولي عهده ثم يصنع بي ما ترون لا يعلم أن لي في أحدٍ هوى إلا عبث به‏!‏ وكتب إلى هشام في ذلك يعاتبه ويسأله أن يرد عليه كاتبه فلم يرده فكتب إليه الوليد‏:‏

تثير على الباقين مجنى ضغينه فويل لهم إن مت من شر ما تجني كأني بهم والليت أفضل قولهم ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغني كفرت يدًا من منعمٍ لو شكرتها جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن فلم يزل الوليد مقيمًا في تلك البرية حتى مات هشام فلما كان صبيحة اليوم الذي جاءته فيه الخلافة قال لأبي الزبير المنذر بن أبي عمرو‏:‏ ما انت علي ليلة من عقلت عقلي أطول من هذه الليلة‏!‏ عرضت لي هموم وحدثت نفسي فيها بأمور هذا الرجل يعني هشامًا قد أولع بي فاركب بنا نتنفس‏.‏ فركبا وسارا ميلين‏.‏

ووقف على كثيب فنظر إلى رهج فقال‏:‏ هؤلاء رسل هشام نسأل الله من خيرهم إذ بدا لاجلان على البريد أحدهما مولى لأبي محمد السفياني والآخر جردبة فلما قربا نزلا يعدوان حتى دانوا منه سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل‏.‏

فقرأه وسأل مولى أبي محمد السفياني عن كاتبه عياض فقال‏:‏ لم يزل محبوسًا حتى نزل بهشام الموت فأرسل إلى الخزان وقال‏:‏ احتفظوا بما في أيديكم فأفاق هشام فطلب شيئًا فمنعوه فقال‏:‏ إنا لله كنا خزانًا للويلد‏!‏ ومات من ساعته وخرج عياض من السجن فتم أبواب الخزائن وأنزل هشامًا عن فرشه وما وجدوا له قمقمًا يسخن له فيه الماء حتى استعاروه ولا وجدوا كفنًا من الخزائن فكفنه غالب مولاه فقال‏:‏ وملكنا من بعد ذا ك فقد أورق الشجر فاشكروا الله إنه زائد كل من شكر وقيل‏:‏ إن هذا الشعر لغير الوليد‏.‏

فلما سمع الوليد موته كتب إلى العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أن يأتي الرضافة فيحمي ما فيها من أموال هشام وولده وعياله وحشمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كلم أباه في الرفق بالوليد‏.‏

فقدم العباس الرصافة ففعل ما كتب به الوليد إليه وكتب به إلى الوليد فقال الوليد ليت هشامًا كان حيًا يرى محلبه الأوفر قد أترعا ويروى‏:‏ ليت هشامًا عاش حتى يرى مكياله الأوفر قد طبعا كلناه بالصاع الذي كاله وما ظلمناه به إصبعا وما أتينا ذاك عن بدعةٍ أحله الفرقان لي أجمعا وضيق على أهل هشام وأصحابه فجاء خادم لهشام فوقف عند قبره وبكى وقال‏:‏ يا أمير المؤمنين لو رأيت ما يصنع بنا الوليد‏.‏

فقال بعض من هناك‏:‏ لو رأيت ما صنع بهشام لعلمت أنك في نعمة لا تقوم بشكرها‏!‏ إن هشامًا في شغل مما هو فيه عنكم‏.‏

واستعمل الوليد العمال وكتب إلى الآفاق بأخذ البيعة فجاءته بيعتهم وكتب إله مروان بن محمد ببيعته استأذنه في القدوم عليه‏.‏

فلما ولي الوليد أجرى على زمنى أهل الشام وعميهم وكساهم وأمر لكل إنسان منهم بخادم وأخرج لعيالات الناس الطيب والكسوة وزادهم وزاد الناس في العطاء عشرات ثم زاد أهل الشام بعد العشرات عشرةً عشرةً وزاد الوفود ولم يقل في شيء يسأله إلا وقال‏:‏ ضمنعت لكم إن لم تعقني عوائق بأن سماء الضر عنكم ستقلع سيوشك إلحاق معًا وزيداة وأعطية مني عليكم تبرع محرمكم ديوانكم وعطاؤكم به تكتب الكتاب شهرًا وتطبع قال حلم الوادي المغني‏:‏ كنا مع الوليد وأتاه خبر موت هشام وهنئ بولايت الخلافة وأتاه القضيب والخاتم ثم قال‏:‏ فأمسكنا سعة ونظرنا إليه بعين الخلافة فقال‏:‏ غنوني‏:‏ طاب يومي ولذ شرب السلافه وأتانا نعي من بالرصافة وأتانا البريد ينعى هشامًا وأتانا بخاتم للخلافة فاصطبحنا من خمر عانة صرفًا ولهونا بقينةٍ عرافه وحلف أن لا يبرح من موضعه حتى يغني في هذا اشعر ويشرب عليه ففعلنا ذلك ولم نزل نغني قم إن الوليد هذه السنة عقد لابنيه الحكم وعثمان البيعة من بعده وجعلهما وليي عهده أحدهما بعد الآخر وجعل الحكم مقدمًا وكتب بذلك إلى الأمصار العراق وخراسان ذكر ولاية نصر بن سيار خراسان للوليد في هذه السنة لى الوليد نصر بن سيار خراسان كلها وأفرده بها قم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصرًا وعماله فرد إليه الوليد ولاية خراسان وكتب يوسف إلى نصر يأمره بالقدوم ويحمل معه ما قدر عليه من الهديايا والأموال وأن يقدم معه بعياله أجميعين وكتب الوليد إلى نصر يأمره أن يتخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة وأن يجمع له كل صناجه بخراسان وكل بازي وبرذون فاره ثم يسير بكل ذلك بنفسه في وجوه أهل خراسان‏.‏

وكان المنجمون قد أخبروانصرًا بفتنة تكون وألح يوسفعلى نصر بالقدوم وأرسل اليه رسولاٍ في ذلك وأمره أن يستحثه أوينادي في الناس أنه قد خلع‏.‏

فأرضى نصر الرسول واجازه فلم يمض لذلك إلايسير حتى وقعت الفتنة‏.‏

فتحول القصره بماجان واتخلف عصمة بن عبد الله الأسدي على خرسان وموسى بن ورقاء بالشاش وحسان من أهل الصغانيان بسمرقند ومقاتل بن علي السعدي بأمل وامرهم إذابلغهم خروجه من مرو ان يستجلبوا الترك ليعيروا ما وراء النهر فبينا هو يسير الى العراق طرقه مولى لبني ليث وأعلمه بقتل الوليد فلما أصبح أذن للناس وأحضر رسل الوليد وقال لهم‏:‏ قد كان من مسيري ما علمتم وبعثي بالهدايا ما رأيتم وقد كان قدم الهدايا فبلغت بهيق وطرقني فلان ليلًا فأخبرني أن الوليد قد قتل ووقعت الفتنة بالشام وقدم المنصور بن جمهور العراقنوهرب يوسف بن عمر ونحن بالبلاد التي علمتم وكثت عدونا‏.‏

فقال سالم بنأحوز‏:‏ أيها لأمير إنه بعض مكايد قريش أرادو تهجين طاعتك فسر ولاتمتحنا فقال‏:‏ يا سالم أنت رجل لك علم بالحرب وحسن طاعة لبني أمية فأما مثل هذه الأمور فيها راي أمية ورجع بالناس‏.‏

ذكر قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين

في هذه السنة قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بخرسان‏.‏

وسبب قتله أنه سار بعد قتل أبيه إلى خرسان كما سبق ذكره فأتى بلخ فأقام بها عند الحيش بن عمرو بن داود حتى هلك هشام وولي الوليد ابن يزيد‏.‏

فمتب يوسف بن عمر إلى نصر بمسير يحيى بن زيد وبمنزله عند الحريش وقال له‏:‏ خذه أشد الأخذ فأخذ نصر الحريش فطالبه بيحيى فقال‏:‏ لاعلم لي به‏.‏

فأمربه فجلد ستمائة سوط‏.‏

فقال الحريش‏:‏ والله لوأنه تحت قدمي ما رفعتهما عنه‏.‏

فلما رأى ذلك قريش بن الحريش قال‏:‏ لاتقتل أبي وانا ادلك على يحيى فدله عليه فأخذه نصر وكتب إلى الوليد يخبره فكتب الوليد يأمره أنيؤمنه وخلي سبيله وسبيل أصحابه‏.‏

فأطلقه نصر و أمره أن يلحق بالوليد وأمر له بألفي درهم فسار إلى سرخس فأقام بها فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عباده يأمره أن يسيره عنها فسيره عنها فسار حتى إنتهى إلى بهيق وخاف أنيغتله يوسف بنعمر فعاد إلى نيسابور وبها عمرو بنزرارة وكان مع يحبى سبعون رجلًا فرأى يحيى تجارًا فأخذ هو وأصحابه دوابهم وقالو‏:‏ علينا أثمنها فكتب عمروابن زرارة إلى نصر يخبره‏.‏

فكتب نصر يأمر بمحاربته فقاتله عمرو وهو في عشرة الآف ويحيى وسبعين رجلًا فهزمهم يحيى وقتل عمرًا وأصاب دوابًا كثيرة وسار حتى مر بهراة فلم يعترض لمن بها وسار عنها‏.‏

وسرح نصر بن سيار سالم بن أحوز في طلب يحيى فلحقه بالجوز جان فقاتله قتالًا شديدًا فرمى يحيى بسهم فأصاب جبهته رماه رجل من عنزة يقال له عيسى فقتل منأصاب يحيى من عند أخرهم وأخذوا رأس يحيى وسلبوه قميصه‏.‏

فلما بلغ الوليد قتل يحيى متب الى يوسف بن عمر‏:‏ خذ عجيل أهل العراق فأنزله من جذعه يعني زيدًا وأحرقه بالنار ثم أنسفه باليم نسفًا فأمر يوسف به فأحرق ثم رضه وحمله في وأما يحيى فإنه لما قتل صلب بالجوزجان فلم يزل مصلوبًا حتى ظهر أبو مسلم الخرساني وأستولى على خراسان فأنزله وصى عليه ودفنه وامربالنياحة عليه في خراسان واخذ ابو مسلم جيوان بني أمية وعرف منه أسماء من حضر قتل يحيى فن كان حيًا قتله ومن كان ميتًاخلفه في أهله بسوء وكانت أم يحيى ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنيفة‏.‏

عباد بضم العين وفتح الباء الموحدة المخففة ذكر ولاية حنظلة إفريقية وأبي الخطار الأندلسي في هذه السنة قدم أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي اللأندلسي أميرًا في رجب وكان أبو الخطار لما تبايع ولاة الأندلس من قيس قد قال شعرًا وعرض فيه بيوم مرج راهط وما كان من بلاء كلب فيه مروان بنالحكم وقيام القيسين مع الضحاك بنقيس الفهري على مروان ومن الشعر‏:‏ أفادت بنو مروان قيسًا دماءنا وفي الله أن لم يعدلوا حكم عدل كأنكم لم تشهدو مرج راهطٍ ولم تعلموا من كان ثم له الفضل وقيناكم حر القنا بحورنا وليس لكم خيل تعد ولارجل فلما بلغ شعره هشام بن عبد الملك فأعم أنه رجل من كلب وكان هشام قد استعمل على إفريقية حنضلة بن صفوان الكلبي سنة أربع وعشرين ومأئة فكتب إليه هشام أن يولي الخطارالأندلس فولاه وسيره إليها فدخل قرطبة يوم جمعة فرأى ثعلبة بن سلامة أميرها قد أضر الأف من البربر الذين تقدم ذكر أسرهم ليقتلهم فلما ذخل أبو الخطار دفع الأسرى إليه فكانت ولايته سببًا لحياتهم وكان لأهل الشام الذين بالأندلس قد أرادو الخروج مع ثعلبة بن سلامة إلى الشام فلم يزل أبو الخطار يحسن إليهم ويستميلهم حتى أقامو فأنزل كل قوم إلى شبه منازلهم بالشام فلمارأوا بلدًايشبه بلدانهم أقاموا‏.‏

وقيل‏:‏ إن أهل الشام إنما فرقهم في البلاد لأن قرطبة ضاقت عليهم ففرقهم وقد ذكرنا بعض أخبارهم سنة تسع وثلاثين ومائة‏.‏

ذكر عدة حوادث

قيل‏:‏ وفي هذه السنة وجه الوليد بن يزيد خاله يوسف بنمحمد بن يوسف الثقفي واليًاعلى المدينة ومكة والطائف ودفعإليه محمدًاواباهيم ابني هشام بنإسماعيل المخزومي موثقين في عباءتين فقدم بهما المدينة في شعبان فأقامهما للناس ثم حملا إلى الشام فأحضرا عند الوليد فأمر بجلدهما فقال محمد‏:‏ أسألك بالقرابة‏!‏ قال‏:‏ وأي قرابة بيننا قال‏:‏ فقد نهى لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لضرب ليوط إلا في حد‏.‏

قال‏:‏ ففي حد أضربك وقودٍ أنت أول من فعل بالعرجي وهو ابن عمي وابن أمير المؤمنين عثمان وكان محمد قد أخذه وقيده وأقامه للناس وجلده وسجنه إلى أن مات بعد تسع سنين لهجاء العرجي إياه ثم أمر به الوليد فجلد هو وأخوه إبراهيم ثم أوثقهما حيددًا وأمر أن يبعث بهما إلى يوسف بن عمر وهو على العراق فلما قدم بهما عليه عذلهما حتى ماتا‏.‏

وفي هذه السنة عزل الوليد سعيد بن إبراهيم عن قضاء المدينة وولاه يحيى ابن سعيد الأنصاري‏.‏

وفيها خرجت الروم إلى زبطرة وهو حصن قديم كان افتتحه حبيب بن مسلمة القهري فأخربته الروم الآن فبنى بناء غير محكم فعاد الروم وأخربوه أيام مروان بن محمد الحمار ثم بناه الرشيدوشحنه بالرجال فلما كانت خلافة المأمون طرقه الروم فشعثوه فأمر المأمون برمته وتحصينه ثم قصده الروم أيام المعتصم على ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

فإنما سقت خبره هاهنا لأني لم أعلم تواريخ حوادثه‏.‏

وفيها اغزا الوليد أخاه الغمر بن يزيد وأمر على يجوش البحر الأسود ابن بلال المحاذي وسيره إلى قبرس ليخبر أهلها بين المسير إلى الشام أو إلى الروم فختارة طائفه جوار المسلمين فسيرهم إلى الشام واختار أخرون الروم وسيرهم إليهم‏.‏وفيها قدم سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم ولاهز بن قريظ وقحطبه بن شبيب مكه فلقوا في قول بعض أهل السير محمد بن عبد الله ابن عباس فأخبروه بقصة أبي مسلم وما رأوه منه فقال‏:‏ أحر هو أم عبد قالوا‏:‏ أما عيسى فيزعم أنه عبد وأما هو فيزعم انه حر‏.‏

قال‏:‏ فشتروه واعتقوه وأعطوا محمد بن علي مائتي ألف درهم وكسوه ثلاثين ألف درهم‏.‏

فقال لهم‏:‏ ما أظنكم تلقوني بعد عامي هذا فإن حدث بي حدث فصاحبكم ابني ابنراهيم فإني أثق به وأوصيكم به خيرًا‏.‏ فرجعوا من عنده‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ في هذه السنة توفي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في شهر ذي العقده وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وكان بين موته وموت أبيه سبع سنين‏.‏

وحج بالنالس هذه السنة يوسف بن محمد بن يوسف‏.‏

وفيها غزا النعمان ابن يزيد بن عبد الملك الصائفه‏.‏

في هذه السنة مات أبو حازم الأعرج وقيل سنة أربعين وقيل سنة أربع وأربيعين ومائة‏.‏

وفي أخر أيام هشام بن هشام بن عبد الملك توفي سماك بن حرب‏.‏

وفي هذه السنة توفي القاسم بن أبي بزه وأسم أبي بزه يسار وهو من المشهورين بالقراءة‏.‏

وأشعث بن أبي الشعثاء سليم بن أسو المحاربي‏.‏

وسيد بن أبي أنيسه الجزري مولى بن كلاب وقيل مولى يزيد بن الخطاب وقيل مولى غني وكان عمره ستًا وأربعين سنه وكان فقيهًا عابدًا وكان له أخ أسمه يحيى كان وفي أيام هشام مات العرجي الشاعر في حبس محمد بن هشام المخزومي عامل هشام بن عبد الملك على المدينة ومكة وكان سبب حبسه أنه هجاه فتتبعه حتى بلغه أنه أخذ مولى فضربه وقتله وأمر عبيدة أن يطأوا امرأة المولى المقتلول فاخذه محمد فضربه فأقامه للناس فحبسه تسع سنين فمات في السجن العرجي بفتح العين المهملة وسكون الراء وأخره جيم وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم‏.‏

ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائة

ذكر قتل خالد بن عبد الله القسري

في هذه السنة قتل خالد بن عبد الله وقد تقدم ذكر عزله عن العراق وخرسان وكان عمله خمس عشرة سنة فيما قيل ولما عزله هشام قدم عليه يوسف واسطًا فحبسه فيها ثمسار يوسف إلى الحيرة وأخذ خالدًا فحبسه بها تمام ثمانية عسر شهرًا مع أخيه إسماعيل وابن يزيد بن خالجوابن أخيه المنذر بن إسد اتستأ 1 ن يوسف هشامًا في تعذيبهفأذن له مر واحدة وأقسم لئن هلك ليقتلنه فعذبه يوسف ثم رده إلى حبسه‏.‏

وقيل‏:‏ بل عذبه عذابًا كثيرًا وكتب هشام إلى يوسف يأمره بأطلاقه في شوال سنة احد وعشرين وخرج زيد فقتل فكتب يوسف بن عمر‏:‏ إن بني هاشم قد كانوا هلكوا جوعًا فكانت عمة أحدهم قوت عياله فلما ولي خالد الغراق أعطاهم الاموال فتاقت أنفسهم للخلافة وما خرج زيدإلا عن رأي خالد‏.‏فقال هشام‏:‏ كذب يوسف‏!‏ وضرب رسوله وقال‏:‏ لسنا نتهم خالدًا في طاعة‏.‏

وسمع خالد فسار حتى نزل دمشق وسار إلى الصائفة‏.‏

وكان على دمشق يومئذ كلثوم بن عياض القشيرى وكان يبغض خالدًا‏.‏

فظهر في دور دمشقحريق كل ليلة يفعله رجل من أهل العراق القشيري وكان يبغض خالدًا فظهر دور دمشق حريق كل ليلة بفعله رجل من أهل العراق يقال له ابن العمرس فإذا وقع الحريق يسرقون وكان أولاد خالد وإخوته بالساحل لحدث كان من الروم فكتب كلثوم إلى هشام يخبره أم موالي خالد يريدون الوثوب على بيت المال وأنهم يحرقون البلد كل ليلة هذا الفعل‏.‏

فكتب إليه هشام يأمره أن يحبس آل خالد الصغير منهم والكبر ومواليهم فأنفذ وأحضر أولاد خالد وإخوته من الساحل في الجوامع ومعهم مواليهم وحبس بنات خالد والنساء والصبيان ثم ظهر علي بن العمرس ومن كان معه فكتب الوليد بن عبد الرحمن عامل الخراج إلى هشام يخبره بأخذ ابن العمرس وأصحابه بأسمائهم وقبائلهم ولم يذكر فيهم أحدًا من موالي خالد‏.‏

فكتب هشام إلى كلثوم يشتمه ويأمره باطلاق آل خالد فأطلقهم فترك الموالي رجاء أن يشفع فيهم خالد إذ قدم من الصائفة‏.‏ثم قدم خالد فنزل منزله في دمشق فأذن للناس فقام بناته يحتجبن فقال‏:‏ لا تحتجبن فإن هشامًا كل يوم يسوقكن إلى الحبس فدخل الناس فقام أولاده يسترون النساء فقال خالد‏:‏ خرجت غازيًا سامعًا مطيعًا فخلفت في عقبي وأخذ حرمي وأهل بيتي فحبسوا مع أهل الجرائم كما يفعل بالمشركين فما منع عصابة منكم أن تقولوا علام حبس حرم هذا السامع المطيع أخفتم أن تقتلوا جميعًا أخافكم الله ثم قال‏!‏ ثم قال‏:‏ مالي ولهشام ليكفن عني أو أولا دعونى إلى عراقي الهوى شامي الدار حجاز الأصل يعني محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس وقد أذنت لكم أن تبلغوا هشامًا فلما بلغه قال‏:‏ قد خرف أبوالهيثم‏.‏

وتتابعت كتب يوسف بن عمر إلى هشام يطلب منه يزيد بن خالد بن عبد الله فأرسل هشام إلى كلثوم يأمره بإنفاذ يزيد بن خالد بن عبد الله إلى يوسف ابن عمر فطلبه فهرب فستدعى خالدًا فحضر عنده فحبسه فسمع هشام فكتب إلى كلثوم يلومه ويأمره بتخليته فأطلقه‏.‏

وكان هشام إذا أراد أمرًا أمر الأبرش الكلبي فكتب به إلى خالد فكتب إليه اللأبرش‏:‏ إنه بلغ أمير المؤمنين أن رجلًا قال لك يا خالد إن لأحبك لعشر خصال‏:‏ إن الله كريم وأنت كريم والله جواد وأنت جواد والله رحيم وانت رحيم حتى عدا عشرًا وأمير المؤمنين يقسم بالله لأن تحقق ذلك عنده ليقتلنك‏.‏

فكتب إليه خالد‏:‏ إن ذلك المجلس كان أكثر أهلًا من أن يجوز لأحد من أهل البغي والفجور أن يحرف ماكان فيه وإنما قال لي‏:‏ يا خالد إني لأحبك لعشر خصال‏:‏ إن الله الكريم يحب كل كريم والله يحبك فأنا أحبك حتى عد عشر خصال ولكن أعظم من ذلك قيام ابن شقي الحميري إلى أمير المؤمنين وقوله‏:‏ يا أمير المؤمنين خليفتك في أهلك أكرم عليك أم رسولك في حاجتك فقال‏:‏ بل خليفتي في أهلي‏.‏

فقال‏:‏ ابن شقي‏:‏ فأنت خليفة الله وحمد رسوله وضلال رجل من بجيلة يعني نفسه أهون على العامة من ضلاض أمير المؤمنينز فلما قرأ هشام كتابه قال‏:‏ خرف أبو الهيثم‏!‏ فأقام خلاد بدمشق حتى هلك هشاموقام الوليد فكتب إليه الوليد‏:‏ ما حال الخمسين ألف ألف التي علم فاقدم على أمير المؤمنين فقدم عليه فأرسل إليه الوليد وهو واقف بباب الساردق فال‏:‏ يقول أمير المؤمنين أين ابنك يزيد فقال‏:‏ كان هرب من هشام وكنا نر اه عند أمير المؤمنين حتى استخلفه الله فملا لم نره ظنناه ببلاد قومه من السراة‏.‏

ورجع الرسول وقال‏:‏ لا ولكنك خلفته طالبًا للفتنة‏.‏

فقال‏:‏ قد علم أمير المؤمنين أنا أهل بين طاعة‏.‏

فجع الرسول فقال‏:‏ يقول لك أمير المؤمنين لتأتين به أو لأرهقن نفسك‏.‏

فرفع خالد صوته وقال‏:‏ قل له‏:‏ هذا أردت والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه‏.‏

فأمر الوليد بضربه فضرب فلم يتكلم فحبسه حتى قدم يوسف بن عمر من العراق بالأموال فاشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف فأرسل الوليد إلى خالد‏:‏ إن يوسف يشتريك بخمسين ألف ألف فإن كنت تضمنها وإلا دفعتك إليه‏.‏

فقال خالد‏:‏ ما عهدت العرب تباع والله لو سألتني أن أضمن عودًا ما ضمنته‏.‏

فدفعه إلى يوسف فنزع ثيابه وألبسه عباءة وحمله في محمل بغير وطاءٍ وعذبه عذابًا شديدًا وهو لا يكلمه كلمة ثم حمله إلى الكوفة فعذبه ثم وضع المضرسة على صدره فقتله من الليل ودفنه من وقته بالحيرة في عباءته التي كان فيها وذلك في المحرم سنة ست وعشرين‏.‏

وقيل‏:‏ بل أمر يوسف فوضع على رجليه عود وقام عليه الرجال حتى تكسرت قدماه وما تكلم ولا عبس‏.‏

وكانت أنم خالد نصرانية رومية ابتنى بها أبوه في بعض أعيادهم فأولدها خالدًا وأسدًا ولم تسلم وبنى لها خالد بيعة فذمه الناس والشعراء فمن ذلك قول الفرزدق‏:‏ ألا قطع الرحمن ظهر مطيةٍ أتتنا تهادى من دمشقٍ بخالد فكيف يؤم الناس من كانت امه تدين بأن الله ليس بواجد بنى بيعةً فيها النصارى لأمه ويهدم من كفرٍ منار المساجد ليتين في المؤذنين حياتي إنهم يبصرون من في السطوح فيشيرون أو تشير إليهم بالهوى كل ذات دل مليح فلما سمع هذا السعر أمر بهدمها ولما بلغه أن الناس يذمونه لبنائه البيعة لأمه قام يعتذر إليهم فقال‏:‏ لعن الله دينهم إن كان شرًا من دينكم‏.‏

وكان يقول‏:‏ إن خليفة الرجل في أهله أفضل من رسوله في حاجته يعني أن الخليفة هشامًا من رسول الله صلى اللهعليه وسلم نبرأ إلى الله من هذه المقالة‏.‏ذكر قتل الوليد بن يزيد ابن عبد الملك في هذه السنة قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك يزيد بن الوليد بن عبد الملك الذي يقال له الناقص في جمادى الآخرة وكان سبب قتله ما تقدم ذكره من خلاعته ومجانته فلما ولي الخلافة لم يزد من الذي كان فيه من اللهو واللذة والركوب للصيد وشرب النبيذ ومنادمة الفاق إلا تماديًا فثقل ذلك على رعيته وجنده وكرهوا أمره وكان أعظمه ما جنى على نفسه إفساده بني هميه هشام والوليد فإنه أخذ سليمان بن هشام فضربه مائة سوط وحلق رأسه ولحيته وغربه إلى عمان من أرض الشام فحبسه بها فلم يزل محبوسًا حتى قتل الوليد فأخذ جاريةً كانت لآل الوليد فكلمه عثمان بن الوليد في ردها فقال‏:‏ لا أردها‏.‏

فقال‏:‏ إذن تكثر الواهل حول عسكرك‏!‏ وحبس الأفقم يزيد بن هشام وفرق بين روح بن الوليد وبين امرأته وحبس عدة من ولد الليد فرماه بنو هاشم وبنو الوليد بالكفر وغشيان أمهات أولاد أبيه وقالوا‏:‏ قد اتخذ مائة جامعة لبني أمية‏.‏

وكان أشدهم فيه يزيد بن الوليد وكان الناس إلى قوله أميل لأنه كان يظهر النسك ويتواضع وكان قد نهاه سعيد بن بيهس بن صهيب علن البيعة لابنيه الحكم وعثمان لصغرهما فحبسه حتى مات في الحبس‏.‏

واراد خالد بن عبد الله القسري على البيعة لابنيه فأبى فغضب عليه فقيل له‏:‏ ى تخالف أمي المؤمنين‏.‏

فقال‏:‏ كيف أبايع من لا أصلي خلفه ولا أقبل شهادته قالوا‏:‏ فنقبل شهادة الوليد مع فسقه‏!‏ قال‏:‏ أمير المؤمنين غائب عني وإنما هي أخبار الناس‏.‏

ففسدت المانية عليه وفسدت عليه قضاعة وهم واليمن أكثر جند أهل الشام فاتى حريث وشبيب بن أبي مالك الغساني ومنصور بن جمهور الكلبي وابن عمه حبال بن عمرو ويعقوب بن عبد الرحمن وحميد بن منصور اللخمي والأصبغ بن ذؤالة والطفيل بن حارثة والسري بن زياد إلى خالد بن عبد الله القسري وأراد الوليد الحج فخاف خالد أن يقتلوه في الطريق فنهاه عن الحج فقال‏:‏ ولم فأخبره فحبسه وأمر أن يطالب بأموال العراق ثم ستقدم يوسف ابن عمر من العاق وطلب منه أن يحضر معه الأموال وأراد عزله وتولية عبد الملك بن محمد بن الحجاج بن يوسف‏.‏

فقدم يوسف بأموال لم يحمل من العراق مثلها فلقيه حسان النبطي فأخبره أن الوليد يريد أن يولي عبد الملك بن محمد وأشار عليه أن يحمل الرش إلى وزرائه ففرق فيهم خمسمائة ألف وقال له حسان‏:‏ اكتب على لسان خليفتك بالعراق كتابًا‏:‏ إني كتبت إليك ولا أملك إلا القصر وادخل على الوليد والكتاب معك مختوم واشتر منه خالدًا ففعل فأمره الوليد بالعود إلى العراق واشترى منه خالدًا القسري بخمسين ألف ألف فدفعه إليه فأخذه معه في محمل بغر وطاء إلى العراق‏.‏

فقال بعض أهل اليمن شعرًا على لسان الوليد يحرض عليه وقيل‏:‏ إنها للوليد يوبخ اليمن على ترك نصر خالد‏:‏ ألم تهتج فتذكر الوصالا وحبلًا كان متصلًا عزالا بلى فالدمع منك إلى انسجام كماء المزن ينسجل انسجالا فدع عنك اذكارك آل سعدىٍ فنحن الأكثرون حصىً ومالا ونحن المالكون الناس قسرًا نسومهم المذلة والنكالا وطئنا الأشعرين بعز قيسٍ فيا لك وطأةً لن تستقالا

عظيمهم وسيدهم قديمًا جعلنا المخزيات له ظلالا فلو كانت قبائل ذات عز لما ذهبت صنائعه ضلالا ولا تركوه مسلوبًا أسيرًا يعالج من سلاسلنا الثقالا وكندة والسكون فما استقاموا ولا برحت خيولهم الرحالا بها سمنا البرية كل خسفٍ وهدما السهولة والجبالا ولكن الوقائع ضعضعتهم وجذتهم وردتهم شلالا فما زالوا لنا بلدًا عبيدًا نسومهم المذلة والسفالا فأصبحت الغداة علي تاج لملك الناس ما يبغي انتقالا فعظم ذلك عليهم وسعوا في قتله وادادوا حنقًا وقال حمزة بن بيض في الوليد‏:‏ وصلت سماء الضر بالضر بعدما زعمت سماء الضر سماء الضر عنا ستقلع فليت هشامًا كان حيًا يسومنا وكنا كما كنا نرجي ونطمع وقال أيضًا‏:‏ يا وليد الخنا تركت الطريقا واضحًا وارتكبت فجًا عميقًا أنت سكران ما تفيق فما تر تق فتقًا وقد فتقت فتوقا فأتت اليمانية يزيد بن الوليد بن عبد الملك فأرادوه على البيعة فشاور عمر بن يزيد الحكمي فقال له‏:‏ لا يبايعك الناس على هذا وشاور أخاك العباس فإن بايعك لم يخالفك أحد وإن أبى كان الناس له أطوع فإن أبيت إلا المضي على رأيك فأظهر أن أخاك العباس قد بايعك‏.‏

وكان الشام وبيًا فخرجوا إلى البوادي وكان العباس بالقسطل ويزيد بالبادية أيضًا بينهما أميال يسيرة فأتى يزيد أخاه العباس فاستشاره فنهاه عن ذلك فرجع وبايع الناس سرًا وبث دعاته فدعوا الناس ثم عاود أخاه العباس فاستشاره ودعاه إلى نفسه فزيره وقال‏:‏ إن عدت لمثل هذا لأشدنك وثاقًا وأحملتك إلى أمير المؤمنين‏.‏

فخرج من عنده‏.‏

فقال العباس‏:‏ إني لأظنه أشأم مولود في بني مروان‏.‏

وبلغ الخبر مروان بن محمد بأرمينية فكتب إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان يأمره أن ينهى الناس ويكفهم ويحذرهم الفتنة ويخوفهم خروج الأمر عنهم فأعظم سعيد ذلك وبعث بالكتاب إلى العباس بن الوليد فاستدعى العابس يزيد وتهدده فكتمه يزيد أمره فصدقه وقال العباس لأخيه بشر بن الوليد‏:‏ إني أظن أن الله قد أذن في هلاككم يا بني مروان ثم تمثل‏:‏ إني أعيذكم بالله من فتنٍ مثل الجبال تسامى ثم تنفع إن البرية قد ملت سياستكم فاستمكوا بعمود الدين وارتدعوا لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم إن الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا لا تبقرن بأيديكم بطونكم فثم لا حسرة تغني ولا جزع فلما اجتمع ليزيد أمره وهو متبد أقبل إلى دمشق وبينه وبين دمشق أربع ليال متنكرًا في سبعة نفر على حمير فنزلوا بجرود على مرحلة من دمشق ثم سار فدخل دمشق وقد بايع له أكثر لأهلها سرًا وبايع أهل المزة وكان على دمشق عبد الملك بن محمد بن الحجاج فخاف الوباء فخرج منها فنزل قطنا واستخلف ابنه على دمشق وعلى شرطته أبو العاج كثير بن عبد الله السلمي فاجمع يزيد على الظهور فقيل للعامل‏:‏ إن يزيد خارج فلم يصدق‏.‏

وراسل يزيد أصحابه بعد المغرب ليلة الجمعة فكمنوا عند باب الفراديس حتى أذن العشاء فدخلوا فصلوا وللمسجد حرس قد وكلوا بإخراج الناس منه بالليل فلما ـ صلى الله عليه وسلم ـ الناس أخرجهم الحرس وتباطأ أصحاب يزيد حتى لم يبق في المسجد غير الحرس وأصحاب يزيد فأخذوا الحرس ومضى يزيد ابن عنبسة إلى يزيد بن الوليد فأعلمه وأخذ بيده فقال‏:‏ قم يا أمير المؤمنين وأبشر بنصر الله وعونه‏.‏

فقالم وأقبل في اثني عشر رجلًا فلما كان عند سوق الحمر لقوا أربعين رجلًا من أصحابهم ولقيهم زهاء مائتي رجل فمضوا إلى المسجد فدخلوه وأخذوا باب المقصورة فضربوه فقالوا‏:‏ رسل الوليد ففتح لهم الباب خادم فأخذوه ودخلوا أبا العاج وهو سكران وأخذوا خزان بيت المال وأرسل إلى كل من كان يحذره فأخذ وقبض على محمد بن عبيدة وهو على بعلبك وأرسل بني عذرة إلى محمد بن عبد الملك بن محمد بن الحجاج فأخذوه‏.‏

وكان بالمسجد سلاح كثير فأخذوه فلما أصبحوا جاء أهل المزة وتابع الناس وجاءت السكاسك وأقبل أهل داريا ويعقوب بن محمد بن هانئ العبسي وأقبل عيسى بن شيب التغلبي في أهل دومة وحرستا وأقبل حميد ابن حبيب النخعي في أهل دير مروان والأرزة وسطرا وأقبل أهل جرش وأهل الحديثة ودير زكا وأقبل ربعي بن هاشم الحارثي في الجماعة من بني عذرة وسلامان وأقبلت جهينة ومن والاهم‏.‏

ثم وجه يزيد بن الوليد بن عبد الملك عبد الرحمن بن مصاد في مائتي فارس ليأخذوا عبد الملك ابن محمد بن الحجاج بن يوسف من قصره فأخذوه بأمان وأصاب عبد الرحمن خرجين في كل واحد منهما ثلاثون ألف دينار فقيل له‏:‏ خذ أحد هذين الخرجين‏.‏

فقال‏:‏ لا تتحدث العرب عني أني أول من خان في هذا الأمر‏.‏

ثم جهز يزيد جيشًا وسيرهم إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك وجعل عليهم عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك‏.‏

وكان يزيد لما ظهر بدمشق سار مولى للوليد إلى فأعلمه الخبر وهو بالأغدف من عمان فضربه الوليد وحبسه وسير أبا محمد عبد الله بن يزيد بن معاوية إلى دمشق فسار بعض الطريق فأقام فأرسل إليه يزيد بن الوليد عبد الرحمن ابن مساد فسأله أبو محمد ثم بايع ليزيد بن الوليد‏.‏

ولما أتى الخبر إلى الوليد قال له يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية‏:‏ سر حتى تنزل حمص فإنها حصينة ووجه الخيول إلى يزيد فيقتل أو يؤسر‏.‏

فقال عبد الله بن عنبسة بن سعيد بن العاص‏:‏ ما ينبغي للخليفة أن يدع عسكره ونساءه قبل أن يقاتل والله يؤيد أمير المؤمنين وينصره‏.‏

فقال يزيد بن خالد‏:‏ وما نخلف على حرمه وإنما أتاه عبد العزيز وهو ابن عمهن‏.‏

فأخذ بقول ابن عنسبة وسار حتى أتى البخراء قصر النعمان بن بشير وسار معه من ولد الضحاك بن قيس أربعون رجلًا فقالوا له‏:‏ ليس لنا سلاح فلو أمرت لنا بسلاح‏.‏

فما أعطاهم شيئًا‏.‏

ونازله عبد العزيز وكتب العابس بن الوليد بن عبد الملك إلى الوليد‏:‏ إني آتيك‏.‏

فقال الوليد‏:‏ أخرجوا سريرًا فأخرجوه فجلس عليه وانتظر العباس‏.‏فقاتلهم علد العزيز ومعه منصور ابن جمهور فبعث إليهم عبد العزرز زياد بن حصين الكلبي يدعوهم إلى كتاب الله وسنة نبيه فقتله أصحاب الوليد واقتتلوا قتالًا شدؤدًا وكان الوليد قد أخرج لواء مروان بن الحكم الذي كان عقده بالحابية‏.‏

وبلغ عبد العزيز مسير العباس إلى الوليد فأرسل منصور بن جمهور إلى طريقه فأخذه قهرًا وأتي به عبد العزيز فقال له‏:‏ بايع لأخيك يزيد‏.‏

فبايع ووقف ونصبوا رايةً وقالوا‏:‏ هذه راية العباس قد بايع لأمير المؤمنين يزيد‏.‏

فقال العباس‏:‏ غنا لله خدعة من خدع الشيطان وهلك بنو مروان‏.‏

فتفرق الناس عن الوليد وأتوا العباس وعبد العزيز‏.‏

وأرسل الوليد إلى عبد العزيز يبذل له خمسين ألف دينار وولاية حمص ما بقي ويؤمنه من كل حدث على أن ينصرف عن قتاله‏.‏ فابى ولم يجبه‏.‏

فظاهر الوليد بين درعين وأتوه بفرسيه السندي والراية فقاتلهم قتالًا شديدًا فناداهم رجل‏:‏ اقتلو عدو الله قتلة قوم لوظ‏!‏ ارجموه بالحجارة‏!‏ فلما سمع ذلك دخل القصر وأغلق عليه الباب وقال‏:‏ دعوا لي سلمى والطلاء وقينيةً وكأسًا ألاحسبي بذلك مالا إذ ما صفا عيشي برملة عالجٍ وعانقت سلمى ما أريد بدالا خذوا ملككم لا ثبت الله ملككم ثباتًا يساوي ما حييت عقالا وخلوا عناني قبل عير وما جرى ولا تحسدوني أن أموت هزالا فلما دخل القصر وأغلق الباب أحاط به عبد العزيز قدنا الوليد من الباب وقال‏:‏ أما فيكم رجل شريف له حسب وحياء أكلمه قال يزيد بن عنبسة السكسكي‏:‏ كلمني‏.‏

قال‏:‏ يا أخا السكاسك ألم أزد في أعطياتكم ألم أرفع المؤن عنكم ألم أعط فقراءكم ألم أخدم زمنا لكم فقال‏:‏ إنا ما ننقم عليك في أنفسنا إنما ننقم عليك في انتهاك ما حرم الله وشرب الخمر ونكاح أمهات أولاد أبيك واستخفافك بأمر الله‏!‏ قال‏:‏ حسبك يا أخا السكاسك فلعمري لقد أكثرت وأغرقت وإن فيما أحل الله سعةً عما ذكرت‏.‏

ورجع إلى الدار وجلس وأخذ مصحفًا فنشره يقرأ فيه وقال‏:‏ يوم كيوم عثمان‏.‏

فصعدوا على الحائط وكان أول من علاه يزيد بن عنبسة فنزل إليه فأخذ بيده وهو يريد أن يحبسه ويؤامر فيه فنزل من الحائط عشرة منهم‏:‏ منصور بن جمهور وعبد السلام اللخمي فضربه عبد السلام على رأسه وضربه السندي بن زياد بن أبي كبشة في وجهه واحتزوا رأسه ويروه إلى يزيد‏.‏

فأتاه الرأس وهو يتغدى فسجد وحكى له يزيد بن عنبسة ما قاله للوليد قال آخر كلامه‏:‏ الله لا يرتق فتقكم ولا يلم شعثكم ولا تجمتع كلمتكم فأمر يزيد بنصب رأسه‏.‏

فقال له يزيد بن فروة مولى بني مرة‏:‏ إنما تنصب رؤوس الخوارج وهذا ابن عمك وخلفة ولا آمن إن نصبته أن ترق له قلوب الناس ويغضب له أهل بيته‏.‏

فلم يسمع منه ونصبه على رمح فطاف به بدمشق ثم أمر به أن يدفع إلى أخيه سليمان بن يزيد فلما نظر إليه سليمان قال‏:‏ بعدًا له‏!‏ أشهد أنه كان شروبًا وكان مع الوليد مالك بن أبي السمح المغني وعمرو الوادي المغني أيضاص فلما تفرق عن الوليد أصحابه وحصر قال مالك لعمرو‏:‏ اذهب بنا‏.‏

فقال عمرو‏:‏ ليس هذا من الوفاء نحن لا يعرض لنا لأنا لسنا ممن يقاتل‏.‏

فقال مالك‏:‏ والله لئن ظفروا بك وبي لا يقتل أحد قبلي وقبلك فيوضع رأسه بين رأسينا وقال للناس‏:‏ انظروا من كان معه في هذه الحال فلا يعيبونه بشيء أشد من هذا‏.‏

فهربا‏.‏

وكان قتله لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وكانت مدة خلافته سنة وثلاثة أشهر وقيل سنة وشهرين واثنين وعشرين يومًا وكان عمره اثنتين وأربعين سنة وقيل‏:‏ قتل وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وقيل إحدى وأربعين ينة وقيل ست وأربعين سنة‏.‏

ذكر نسب الوليد وبعض سيرته

هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن عبد شمس بن عبد مناف الأموي يكنى أبا العباس وأمه أم الحجاج بنت محمد بن يوسف الثقفي وهي بنت أخي الحجاج بن يوسف وأم أبيه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وأمها أم كلثوم بنت عبد الله ابن عامر بن كريز وأم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب فلذلك يقول الوليد‏:‏ وكان من فتيان بني أمية وظرفائهم وشجعانهم وأجوادهم وأشدائهم منهمكًا في اللهو والشرقب وسماع الغناء فظهر ذلك من أمره فقتل‏.‏

ومن جيد شعره ما قاله لما بلغه أن هشامًا يردي خلعه‏:‏ كفرت يدًا من منعم لو شكرتها جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن وقد تقدمت الأبيات الأربعة وأشعاره حسنة في الغزل والعتاب ووصف الخمر وغي ذلك وقد أخذ الشعراء معانيه في وصف الخمر فسرقوها وأدخلوها في أشعارهم وخاصة أبو نواس فإنه أكثرهم أخذًا لها‏.‏

قال الوليد‏:‏ المحبة للغناء تزيد في الشهرة وتهدم المروءة وتنوب عن الخمر وتفعل ما يفعل السكر فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء رقية الزنا وإني لأقول ذلك علي وإنه أحب إلي من كل لذة وأشهى إلى نفسي من الماء إلى ذي الغلة ولكن الحق أحق أن يتبع‏.‏

قيل‏:‏ إن يزيد بن منبه مولى ثقيف مدح الوليد وهنأه بالخلافة فأمر أن تعد الأبيات ويعطى بكل بيت ألف درهم فعدت فكانت خمسين بيتًا فأعطي خمسين أف درهم وهو أول خليفة عد السعر وأعطى بكل بيت ألف درهم‏.‏

ومما شهر عنه أنه فتح المصحف فخرج‏:‏ واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ ابراهيم‏:‏ 15 فألقاه ورماه بالسهام وقال‏:‏ إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ فقل يا رب مزقني الوليد فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرًا حتى قتل‏.‏

ومن حسن الكلام ما قاله الوليد لما مات مسلمة بن عبد الملك فإن هشامًا قعد للعزاء فأتاه الوليد وهو نشوان يجر مطرف خز عليه فوقف على هشام فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن عقبى من بقي لحوق من مضى وقد أقفر بعد مسلمة الصيد لمن رمى واحتل الثغر فهوى وعلى أثر من سلف يمضي من خلف ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 197‏]‏‏.‏

فأعرض هشام ولم يحر جوابًا وسكت القوم فلم ينطقوا‏.‏

وقد نزه قوم الوليد مما قيل فيه وأنكروه ونفوه عنه وقالوا‏:‏ إنه قيل عنه والصق به وليس بصحيح‏.‏

قال المدائن‏:‏ دخل ابن للغمر بن يزيد أخي الوليد على الرشيد فقال له‏:‏ ممن أنت قال‏:‏ من قريش‏.‏

قال‏:‏ من أيها فأمسك فقال‏:‏ قل وأنت آمن ولو أنك مروان‏.‏

فقال‏:‏ أنا ابن الغمر بن يزيد‏.‏

فقال‏:‏ رحم الله عمك الوليد ولعن يزيد الناقص فإنه قتل خليفة مجمعًا عليه‏!‏ ارفع حوائجك‏.‏

فرفعها فقضاها‏.‏

وقال شبيب بن شبية‏:‏ كنا جلوسًا عند المهدي فذكروا الوليد فقال المهدي‏:‏ كان زنديقًا فقام أبو علاثة الفقيه فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل أعدل من ان يولي خلافة النبوة وأمر الأمة زنديقًا لقد أخبرني من كان يشهده في ملاعبه وشربه عنه بمروءة في طهارته وصلاته فكان إذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليه المطايب المصبغة ثم يتوضأ فيحسن الوضوء ويؤتى بثياب نظاف بيض فيلبسها ويصلي فيها فإذا فرع عاد إلى تلك الثياب فلبسها واشتغل بشر به ولهوه فهذا فعال من لا يؤمن بالله‏!‏ فقال المهدي‏:‏ بارك الله عليك يا أبا علاثة‏!‏ ذكر بيعة يزيد بن الوليد الناقص في هذه السنة بويع يزيد بن اوليد الذي يقال له الناقص وإنما سمي الناقص لأنه نقص الزيادة التي كان الوليد زادها في عطيات الناس وهي عشرة عشرة ورد العطاء إلى ما كان أيام هشام وقيل‏:‏ أول من سماه بهذا الاسم مروان بن محمد‏.‏

ولما قتل الوليد خطب يزيد الناس فذمه وذكر إلحاده وأنه قتله لفعله الخبيث وقال‏:‏ أيع ها الناس إن لكم علي أن لا أضع حجرًا على حجر ولا لبنة ولا أكتر نهرًا ولا أكثر مالا ولا أعطيه زوجةً وولدًا ولا أنقل مالًا عن بلد حتى أسد ثغره وخصاصة أهله بما يغنيهم فما فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ولا أجمركم في ثغوركم فأفتنكم ولا أغلق بابي دونكم ولا أحمل على أهل جزيتكم ولكم أعطياتكم كل سمنة وأرزاقكم في كل شهر حتى يكون أقصاكم كأدناكم فإن وفيت لكم بما قلت فعليكم السمع والطاعة وحسن الوزارة وإن لم أف فلكم أن تخلعوني إلا أن أتوب وإن علمتم أحدًا ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيكم وأردتم أن تبايعوه فأنا أول من يبايعه‏.‏

أيها الناس لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق‏.‏

ذكر اضطراب أمر بني أمية

في هذه النسة اضطرب أمر بني أمية وهاجت الفتنة فكان من ذلك وثوب سلمان بن هشام بن عبد الملك بعد قتل الوليد بعمان وكان قد حبسه الوليد بها فخرج من الحبس وأخذ ما كان بها من الأموال وأقبل إلى دمشق وجعل يلعن الوليد ويعبه بالكفر‏.‏

ذكر خلاف أهل حمص


لما قتل الوليد أغلق أهل حمص أبوابها وأقاموا النوائح والبواكي عليه وقيل لهم‏:‏ إن العباس بن الوليد بن عبد الملك أعان عبد العزيز على قتله فهدموا داره وأنهبوها وسلبوا حرمه وطلبوه فسار إلى أخيه يزيد فكاتبوا الأجناد ودعوهم إلى الطلب بدم الوليد فأجا بوهم واتفقوا أن لا يطيعوا يزيد وأمروا عليهم معاوية بن يزيد بن الحصين بن نمير ووافقهم مروان بن عبد الله بن عبد الملك على ذلك‏.‏

فراسلهم يزيد فلم يسمعوا وجرحوا رسله‏.‏فسير إليهم أخاه مسرورًا في جمع كثير فنزلواحوارين ثم قدم على يزيد سليمان بن هشام فرد عليه يزيد ما كان الوليد أخذه من أموالهم وسيره إلى أخيه مسرور ومن معه وأمرهم بالسمع والطاعة له‏.‏

وكان أهل حمص يريدون المسير إلى دمشق فقال لهم مروان بن عبد الملك‏:‏ أرى أن تسيروا إلى هذا الجيش فتقاتلوهم فإن ظفرتم بهم كان من بعدهم أهون عليكم ولست أرى المسير إلى دمشق وترك هؤلاء خلفكم‏.‏

فقال‏:‏ السمط ابن ثابت‏:‏ إنما يريد خلافكم وهو ممايل ليزيد والقدرية‏.‏

فقتلوه وقتلوا ابنه وولوا أبا محمد السفياني وتركوا عسكر سليمان ذات اليسار وساروا إلى دمشق‏.‏

فخرج سليمان مجدًا فلحقهم بالسليمانية مرزعة كانت لسليمان بن عبد اللك خلف عذراء وأرسل يزيد بن الوليد عبد العزيز بن الحجاج في ثلاثة آلاف إلى ثنية العقاب وأرسل هشام بن مصاد في ألف وخمسمائة إلى عقبة السلامية وأمرهم أن يمد بعضهم بعضًا‏.‏

ولحقهم سليمان ومن معه على تعبٍ فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزمت ميمنة سليمان ويمسرته وقثبت هو في القلب ثم حمل أصحابه على أهل حمص حتى ردوهم إلى موضعهم وحمل بعضهم على بعض مرارًا‏.‏

فبينا هم كذلك إذ أقبل عبد العزيزي بن الحجاج من ثنية العقاب فحمل ععلى أهل حمص حتى دخل عسكرهم وقتل فيه من عرض له فانهزموا ونادى يزيد بن خالد بن عبد الله القسري‏:‏ الله الله في قومك‏!‏ فكف الناس ودعاهم سليمان بن هشام إلى بيعة يزيد بن الوليد وأخذ أبو محمد افيانس أسيرًا ويزيد بن خالد بن زيد بن معاوية أيضًا فاتي بهما سليمان فسيرهما إلى يزيد فحبسهما واجتمع أمر أهل دمشق ليزيد بن الوليد وبايعه أهل حمص فأعطاهم يزيد العطاء وأجاز الأشراف واستعمل عليهم يزيد بن الوليد معاوية بن الحصين‏.‏

ذكر خلاف أهل فلسطين

وفي هذه السنة وثب أهل فلسطين على عاملهم سعيد بن عبد الملك فطردوه وكان قد استعمله عليهم الوليد وأحضروا يزيد بن سليمان بن عبد الملك فجعلوه عليهم وقالوا له‏:‏ إن أمير المؤمنين قد قتل فتول أمرنا‏.‏ فةليهم ودعا الناس إلى قتال يزيد فأجابوه‏.‏

وكان ولد سليمان ينزلولون فلسطين وبلغ أهل الأردن أمر أهل فلسطين فولوا عليهم محمد بن عبد الملك واجتمعوا معهم على قتال يزيد بن الوليد وكان أمر أهل فلسكين إلى سعيد بن روح وضبعان بن روح‏.‏

وبلغ خبرهم يزيد بن الوليد فسير إليهم سليمان بن هشام بن عبد الملك في أهل دمشق وأهل حمص الذين كانوا مع السفياني وكانت عدتهم أربعة وثمانين ألفًا وأرسل يزيد بن الوليد إلى سعيد وضبعان ابني روح فوعدهما وبذلل لهما الولاية والمال فرحلا في أهل فلسطين ويقي أهل الأردن فأرسل سليمان خمسة آلاف فنهبوا القرى وساروا إلى طبرية فقال أهل طبرية‏:‏ ما نقين والجنود تجوس منازلنا وتحكم في أهلينا فانتهبوا يزيد بن سليمان ومحمد ابن عبد الملك وأخذوا دوابهما وسلاحهما ولحقوا بمنازلهم‏.‏فملا تفرق أهل فلسطين والأردن سار سليمان حتى أتى الصنبرة وأتاه أهل الأردن فبايعوا يزيد بن الوليد وسار إلى طبرية فصلى بهم الجمعة وبايع من بها وسار إلى الرملة فأخذ البيعة على من بها واستعمل ضبعان بن روح على فلسطين وإبراهيم بن الوليد بن عبد الملك على الأردن‏.‏

ذكر عزل يوسف بن عمر على العراق

ولما قتل الوليد استعمل يزيد على العراق منصور بن جمهور وكان قد ندب قبله إلى ولاية العراق عبد العزيز بن هارون بن عبد الله بن دحية بن خليفة الكلبي فقال‏:‏ لو كان معي جبند لقبلت‏.‏

فتركه وزاستعمل منصورًا ولم يكن منصور من أهل الدين وإنما صار مع يزيد لرأيه في الغيلانية وحمية لقتل يوسف خالدًا القسري فشهد لذلك قتل الوليد وقال له لما ولاه العراق اتق ولما بلغ يوسف بن عمر قتل الوليد عمد إلى من بحضرته من اليمانية فسجنهم ثم جعل يخلوا بالرجل بعد الرجل من المضرية فيقول‏:‏‏:‏ ما عندك إن اضطراب الحيل فيقول المضري‏:‏ أنا رجل من أهل الشام أبايع من بايعوا وأفعل ما فعلوا‏.‏

فلم ير عندهم ما يجب فأطلق الميانية‏.‏

وأقبل منصور فملا كان بعين التمر كتب إلى من بالحيرة من قواد أهل الشام يخبرهم بقتل الوليد وتأميره على العراق يوأمرهم بأخذ يوسف وعماله وبعث الكتب كلها إلى سليمان بن سليم بن كيسان ليفرقها على القواد فحبس الكتب وحمل كتابه فأقراه يوسف بن عمر فتحير في أمره وقال لسليمان‏:‏ ما الرأي قال‏:‏ ليس لك إمام تقاتل أهل الشام معك ولا آمن عليك منصورًا وما الرأي إلا أن تلحق بشامك‏.‏

قال‏:‏ فكيف الحيلة قال‏:‏ تظهر الطاعة ليزيد وتدعو له في خطبتك فإذا قرب منصور تستخفي عندي وتدعه والعمل‏.‏

ثم مضى سليمان إلى عمرو بن محمد ابن سعيد بن العاص فأخبره بأمره وسأله أن يؤدي يوسف بن عمر عنده ففعل فانتقل يوسف إليه قال‏:‏ فلم ي رجل كان له مثل عتوه خاف خوفه‏.‏

وقدم منصور الكوفة فخطبهم وذم الوليد ويوسف وقامت الخطباء فذموهما معه فاتى عمرو بن محمد إلى يوسف فأخبره فجعل لا يذكر رجلًا ممن ذكره بسوء إلا قال‏:‏ له علي أن أضربه كذا وكذا سوطًا‏!‏ فجعل عمرو يتعجب من طمعه في الولاية وتهدده الناس‏.‏

وسار يوسف من الكوفة سرًا إلى الشام فنزل البلقاء فملا بلغ خبره ابن الوليد وجه إليه خمسين فارسًا فعرض رجل من بين نيمر ليوسف فقال‏:‏ يا بن عمر أنت والله مقتول فأطعني وامنع‏.‏

قالك لا‏.‏

قال‏:‏ فدعني أقتلك أنا ولا تقتلك هذه اليمانية فتغيظنا بقتلك‏.‏

قال‏:‏ ما لي فيما عرضت جنان‏.‏

قال‏:‏ فأنت أعلم‏.‏

فطلبه المسيرون لأخذه فلم يروه فهدوا ابنا له فقال‏:‏ إنه انطلق إلى مزرعة له فساروافي طلبه فلما أحس بهم هرب وترك نعليه ففتشوا عنه فوجدوه بين نسوة قد ألقين عليه قطيفة خز وجلسن على حواشيها حاسرات فجروا برجله وأخذه وأقبلوا به إلى يزيد فوثب عليه بعض الحرس فأخذ بلحيته ونتف بعضها وكان من أعظم الناس لحيةً وأصغرهم قامةً فلما أدخل على يزيد قبض على لحية نفسه وهي إلى سرته فجعل يقوزل‏:‏ يا أمير المؤمنين نتف والله لحيتي فما أبقى فيها شعرة‏!‏ فأمر به فحبس بالخضراء فأتاه إنسان فقال له‏:‏ أما تخاف أن يطلع عليك بعض من قد وترت فيلقي عليك حجرًا فيقتلك فقال‏:‏ ما فطنت لهذا‏.‏

فأرسل إلى يزيد يطلب منه أن يحول إلى حبس غير الخضراء وإن كان أضيق منه‏.‏

فعجب من حمقه فنقله وحبسه مع ابني الوليد فبقي في الحبس ولاية يزيد وشهرين وعشرة أيام من ولاية إبراهيم فلما قرب مروان من دمشق ولى قتلهم يزيد بن خالد القسري مولى لأبيه خالد يقال له أبو الأسد‏.‏

ودخل منصور بن جمهور لأيام خلت من رجب فأخذ بيوت الأموال وأخرج العطاء والأرزاق وأطلق من كان في السجون من العمال وأهل الخراج وبايع ليزيد بالعراق وأقام بقية رجب وشعبان ورمضان وانصرف لأيام بقين منه‏.‏

ذكر امتناع نصر بن سيار على منصور


وفي هذه السنة امتنع نصر بن سيار بخراسان من تسليم عمله لعامل منصور ابن جمهور وكان يزيد ولاها منصوًا مع العراق وذد ذكرنا فيما تقدم ما كان من كتاب يوسف بن عرمإلى نصر لامسير إلهي ومسير نصر وتباطئه وما معه من الهدايا فاتاه قتل الوليد فرجع نصر ورد تلك الهديايا واعتق الرقيق وقيم حسان الجواري في ولده وخاصته وقسم تلك الآنية في عوام الناس ووجه العمال وأمرهم بحسن السيرة وايتعمل منصور أخاه منظرًا على الري وخراسان فلم يمكنه نصر من ذلك وحفظ نفسه والبلاد منه ومن أخيه‏.‏

ذكر الحرب بين أهل اليمامة وعاملهم

لما قتل الوليد بن يزيد كان على الميامة علي بن المهاجر واستعمله عليها يوسف بن عمر فقال له المهيربن سلمى بن هلال احد بني الدؤل بن حنيفة‏:‏ اترك لنما بلادنا فأبى فجمع له المهير وسار إليه وهو في قصره بقاع هجر فالتقوا بالقاع فانهزم علي حتى دخل قصره ثم هرب إلى المدينة وقتل الميهير ناسًا من أصحابه وكان يحيى بن أبي حفص نهى ابن المهاجر عن القتال فعصاه فقال‏:‏ بذلت نصيحتي لبني كلاب فلم تقبل مشاورتي ونصحي فدالبني حنيفة من سواهم فإنهم فوارس كل فتح وقال شقيق بن عمرو السدوسي‏:‏ إذا أنت سالمت المهير ورهطة أمنت من الأعداء والخوف والذعر فتى راح يوم القاع روحة ماجدٍ أراد بها حسن السماع مع الآجر وهذا يوم القاع‏.‏

وتأمر المهير على اليمامة ثم إنه مات واستخلف على اليمامة عبد الله بن النعمان أحد بني قيس بن ثعلبة بن الدؤل فاستعمل عبد الله بن النعمان المندلث ابن أدريس الحنفي على الفلج وهي قرية من قرى بني عامر بن صعصعة وقيل‏:‏ هي لبني نميم فجحمع له بنو كعب بن ربيعة بن عامر ومعهم بنو عقيل وأبو الفلج المندلث وقاتلهم فقتل المندلث وأكثر أصحابه ولم يقتل من أصحابه بني عامر كثير أحد وقتل يومئذ يزيد بن الطثرية وهي أمه نسبت إلى طثر بن عمر بن أرى الأثل من نحو العقيق مجاوري مقيمًا وقد غالت يزيد غوائله وقد كان يحمي المحجرين بسفه ويبلغ أقصى حجرة الحي نائله وهو يوم الفلج الأول فلما بلغ عبد الله بن النعمان قتل المندلث جمع ألفًا من حنيفة وعغيرها وغزا الفلج فلما تصاف الناس انهزم أبو لطيفة بن مسلم العقيلي فقال الراجز‏:‏ فر أبو لطيفة المنافق والجفونيان وفر طارق لما أحاطت بهم الوارق طارق بن عبد الله القشيري والجفونيان من بني قشير‏.‏

وتحللت بنو جعدة البراذع وولوا فقتل أكثرهم وقطعت يد زياد بن حيان الجعدي فقال‏:‏ # أنشد كفًا ذهبت وساعدا أنشدها ولا أراني واجدا ثم قتل‏.‏

وقال بعض الربعيين‏.‏

سمونا لكعب بالصفائح والقنا والخيل شعثًا تنحني في الشكائم فما غاب قرن الشمس حتى رأيتنما نسوق بني كعب كسوق البهائم بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كأفواه المزاد الثواجم ثم إن بني عقيل وقشيرًا وجعدة ونميرًا تجمعوا وعليهم أبو سهلة النميري فتلوا من لقوا من بني حنيفة بمعدن الصخراء وسلبوا نساءهم وكفت بنو نمير عن النساء‏.‏

ثم إن عمر بن الوازع الحنفي لما رأى ما فعل عبد الله بن العنعمان يوم لفلج الثاني قال‏:‏ لست بدون عبد الله وغيرهممن يغير وهذه فترة يؤمن فيها عقوبة السلطان‏.‏

فجمع خيله وأتى الشريف وبث خليه فاغارت وأغار هو فملئت يداه من الغنائم وأقبل ومن معه حتى أتى النشاش وأقبلت بنو عامر وقد حشدت فلم يشعر عمر بن الوازع إلا برعاء الإبل فجمع النساء في فسطاط وجعل عليهن حرسًا ولقي القوم فقاتلهم فانهزم هو ومن معه وهرب عمر بن الوازع فلحق باليمامة وتساقط من بني حنيفة خلق كثير في القلب من العطش وشدة الحر ورجعت بنو عامر بالأسرى والنساء وقال القحيف‏:‏ وبالنشاش يوم طار فيه لنا ذكر وعد لنا فعال وقال أيضًا‏:‏ فداء خالتي لبني عقيلٍ وكعبٍ حين تزدحم الجدود هم تركوا على النشاس صرعى بضربٍ ثم أهونه شديد وكفت قيس يوم النشاش عن السلب فجاءت علكل فسلبتهم وهذا يوم النشاش ولم يكن لحنيفة بعده جمع غير أن عبيد الله بن مسلم الحنفي جمع جمعًا وأغار على ماء لقشير يقال له حلبان فقال الشاعر‏:‏

لقد لاقت قشير يوم لاقتٍ ** عبيد الله إحدى المنكرات

لقد لاقت على حلبان ليثًا ** هزبرًا لا ينام على الترات

فإن تربونا بالسيـــاط ** فإننا ضربناكم بالمرهفات

الصوارم

وإن تحلقوة منا الرؤوس فإننا ** قطعنا رؤوسًا منكم بالغلاصم

ثم سكنت البلاد ولم يزل عبيد الله بن مسلم الحنفي مستخفيًا حتى قدم السري بن عبد الله الهاشمي واليًا على اليمامة لبني العابس فدل عليه فقتله فقال نوح بن جرير الخطفى‏:‏ فلولا السري الهاشمي وسيفه أعاد عبيد الله شرًا على عكل ذكر عزل منصور عن العراق وولاية عبد الله بن عمر بن عبد العزيز في هذه السنة عزل زيد بن الوليد بن عبد الملك منصور بن حمهور عن العراق وستعمل عليه بعده عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وقال له لما ولاه‏:‏ سر إلى العراق فإن أهله بميلون إلى أبيك‏.‏

فقدم إلى العراق وقدم بين يديه رسلًا إلى من بالعراق من فواد الشام وخاف أن لا يسلم إليه منصور العمل‏.‏

فانقاد له أهل الشام وسلم إليه منصور العمل وانصرف إلى الشام ففرق عبد الله العمال وأعطى الناس أرزاقهم وأعطياتهم‏.‏

فنازعه قواد أهل الشام وقالوا‏:‏ تقسم على هؤلاء فيئنا وهم عدونا فقال لأهل العراق‏:‏ إني أريد أن أرد فيئكم عليكم وعلمت أنكم أحق به فنازعني هؤلاء‏.‏

فاجتمع أعهل الكوفة بالجبانة فأرسل إليهم أهل الشام يعتذرون وثار غوغاء الناس من الفريقين فأصيب منهم رهط لم يعرفوا‏.‏

واستعمل عبد اللله بن عمر على شرطته عمر بن الغضبان القبعثري وعلى خراج السواد والمحاسابت أيضًا‏.‏

ذكر الاختلاف بين أهل خراسان


وفي هذه السنة وقع الاختلاف بخراسان بين النزارية واليمانية وأظهر الكرماني الخلافلنصر بن سيار‏.‏

وكان السبب في ذلك أن نصرًا رأى الفتنة قد ثارت فرفع حاصل بيت المال وأعطى الناس بعض أعطياتهم ورقًا وذهبًا من الآنية التي كان اتخذها اللوليد فطلب الناس منه العطاء وهو يخطب فقال نصر‏:‏ إياي والمعصية‏!‏ عليكم بالطاعة والجماعة‏!‏ فوثب أهل السوق إلى أسواقهم

فغضب نصر وقال‏:‏ ما لكم عندي عطاء‏.‏

ثم قال‏:‏ كأني بكم وقد تبع من تحت أرجلكم شر لا يطاق وكأني بكم مطرحين في الأسواق كالجزر المنحورة إنه لم تطل ولاية رجل إلا ملوها وأنتم يا أهل خراسان مسلحة في نحور العدو فإياكم أن يختلف فيكم سفيان وإنكمترشون أمرًا تريدون به الفتنة ولا أبقى الله عليكم‏!‏ لقد نشرتكم وطيويتكم وطويتكم ونشرتكم فما عندي منكم عشرة‏!‏ وإني وإياكم كما قيل‏:‏ استمسكوا أصحابنا نحدو بكم فقد عرفنا خيركم وشركم فاتقوا الله‏!‏ فوالله لئن اختلف فيكم سفيان ليتمنيني أحكم أنه ينخلع من ماله وولده‏!‏ يا أهل خراسان إنكم قد غمطتم الجماعة وركنتم إلى الفرقة‏!‏ ثم تمثل بقول النابغة الذبياني‏:‏ فإن يغلب شقاؤكم عليكم فإني في صلاحكم سعيت وقدم على نصر عهده على خراسان من عبد الله بن عمر بن عبد العزيز فقال الكرماني لأصحابه‏:‏ الناس في فتنة فانظروا لأموركم رجلًا‏.‏

وإنما سمي الكرماني لأنه ولد بكرمان واسمه جديع بن علي الأزدي المعني فقالوا له‏:‏ أنت لنا‏.‏

وقالت المضرية لنصر‏:‏ إن الكرماني يفسد عليك الأمور فأرسل إله فاقتله أو أحبسه‏.‏

قال‏:‏ لا ولكن لي أولاد ذكرور وإناث فأزوج بني من بناته وبناتي من بينه‏.‏قالوا‏:‏ لا قال‏:‏ فأبعث إيه بمائة ألف درهم وهو بخيل ولا يعططي أصحابه شيئًا منها فيتفرقون عنه قالوا‏:‏ لا لا هذه قوة له ولم يزالوا به حتى قالوا له‏:‏ إن الكرماني لو لم يقدر على السلطان والملك إلا بالنصرانية واليهودية لتنصر وتهود‏.‏

وكان نصر والكرماني متصافيينم وكان الكرماني قد أحسن إلى نصر في ولاية أسد بن عبد الله فلما ولي نصر عزل الكرماني عن الرياسة وولاها غيره فتباعد ما بينهما‏.‏

فلما أكثروا على نصر في أمر الكرماني متصافيين وكان الكرماني عزم على حبسه فأرسل صاحب حرسه ليأتيه به فأرادت الأزد أن تخلصه من يده فمنعهم من ذلك وسار مع صاحب حرسه ليأتيه به فأرادت الأزد أن تخلصه من يده فمنعهم من ذلك وسار مع صاحب الحرس إلى نصر وهو يضحك فلما دخل عليه قال له نصر‏:‏ يا كرماني ألم يأتني كتاب يوسف بن عمر بقتلك فراجعته وقلت شيخ خراسان وفارسها فحقنت دمك قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ ألم أغرم عنك ما كان لزمك من الغرم وقسمته في أعطيات الناس قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ ألم ارئس ابنك عليا على كره من قومك قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ فبدلت ذلك إجماعًا على الفتنة‏!‏ قال الكرماني‏:‏ لم يقل الأمير شيئًا إلا وقد كان أكثر منه وأنا لذلك شاكر وقد كان مني أيام أسد ما قد علمت فليتأن الأمير فلست أحب الفتنة‏.‏

فقال سالم ابن أحوز‏:‏ اضرب عنقه أيا الأمير‏!‏ فقال عصمة بن عبد الله الأسدي للكرماني‏:‏ إنك نريد التفنة وما لا تناله‏.‏

فقال المقدام وقدامة ابنا بعد الرحمن بن نعيم العامري‏:‏ لجلساء فرعون خير منكم إذ قالوا‏:‏ ‏{‏أرجه وأخاه‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 111‏]‏‏.‏ والله لا يقتل المكرماني بقولكما‏!‏ فأمر بضربه وحبس في القهندز لثلاث بقين من شهر رمضان سنة ست وعشرين ومائة‏.‏

فتكلمت الأزد فقال نصر‏:‏ إني حلفت أن أحبسه ولا يناله مني سوء فإن خشيتم عليه فاختاروا رجلًا يكون معه‏.‏

فاختناروا يزيد النحوي فكان معه‏.‏

فجاء رجل من اهل نسف فقال لآل الكرماني‏:‏ ما تجعلون لي إن أخرجته قالوا‏:‏ كل ما سألت‏.‏

فأتى مجرى الماء في القهندز فوسعه وقال لولد الكرماني‏:‏ اكتبوا إلى أبيكم يستعد الليلة للخروج فكتبوا إليه فأدخلوا الكتاب في الطعام فتعشى الكرماني ويزيد التحوي وخضر بن حكيم وخرجا من عنده ودخل الكرماني السرب فانطوت على بطنه حية فلم تضره وخرج من السرب وركب فرسه البشير والقيد في رجله فأتوا به عبد الملك بن حرملة فأطلق عنه‏.‏

وقيل‏:‏ بل خلص الكرماني مولى له رأى خرقًا في القهندز فوسعه وأخرجه فلم يصلف الصبح حتى اجتمع معه زهاء ألف ولم يرتفع النهار حتى بلغوا ثلاثة آلاف وكانت الأزد قد بايعوا عبد الملك بن حرملة على كتاب الله وسنة رسوله فملا خرج الكرماني قدمه عبد الملك‏.‏

فلما هرب الكرماني عسكر نصر بباب مرو الروذ وخطب الناس فنال من الكرماني فقال‏:‏ ولد بكرمان فكان كرمانيًا ثم سقط إلى هراة فصار هرويًا والساقط بين الفراشين لا أصل ثابت ولا فرع نابت ثم ذكر الأزد فقال‏:‏ إن يستوسقوا فهم أذل قوم وإن يأبوا فهم كا قال الأخطل‏:‏ ضفادع في ظلماء ليل تجاوبنت فدل عليها صوتها حية البحر ثم ندم على ما فرط منه فقال‏:‏ اذكروا الله فإنه حير لا شر فيه‏.‏ثم اجمع إلى نصر بشر كثير فوجه سالم بن أحوز في المجففة إلى الككرماني فسفر الناس بين نصر والكرماني وسألوا نصرًا أن يؤمنه ولا يحبسه وجاء الكرماني فوضع يده في يد نصر فأمره بلزوم بيه‏.‏

ثم بلغ الكرماني عن نصر شيء فخرج إلى قرية له فخرج نصر فعسكر بباب مرو فكلموه فيه فآمنه وكان رأي نصؤ إخراجه من خراسان فقال له سالم بن أحوز‏:‏ إن أخرجته نوهت باسمه وقال الناس‏:‏ إنما أخرجه لأنه هابه‏.‏

فقال نصر‏:‏ إن الذي أتخوفه منه إذا خرج أيسر مما أتخوفه منه وهو مقيم والرجل إذا نفي عن بلده صغر أمره‏.‏

فأبوا عليه فآمنه وأعطى أصحابه عشرة عشرة وأتى الكرماني نصرًا فآمنه‏.‏

لما عزل ابن جمهور عن العراق وولي عبد الله بن عمر بن عبد العزيز في شوال سنة ست وعشرين خطب نصر وذكر ابن جمهور وقال‏:‏ قد علمت أنه لم يكن من عمال العراق وقد عزله الله واستعمل الطيب ابن الطيب‏.‏

فغضب الكرماني لابن جمهور وعاد في جمع الرجال واتخاذ السلاح فكان يحضر الجمعة في ألف وخمسمائة وأكثر وأقل فيصلي خارج المقصورة ثم يدخل فيسلم على نصر ولا يجلس‏.‏

ثم ترك إتيان نصر وأظهر الخلاف فأرسل إليه نصر مع سالم بن أحوز يقول له‏:‏ إن والله أردت بحبسك سوءًا ولكن خفت فسادًا من الناس فأتني‏.‏

فقال‏:‏ لولا أنك في منزلي لقتلتك ارجع إلى ابن الأقطع وأبلغه ما شئت من خي أو شر‏.‏

فرجع إلى نصر فأخبره فلم يول يرسل إليه مرة بعد أخرى فكان آخر ما قال له الكرماني‏:‏ إني لا آمن أن يحملك قوم على غير ما تريد فتركب منا ما لا بقية بعده فإن شئت خرجت عنك لا من هيبة لك ولكن أكره أن أشأم أهل هذه البلدة وأسفك الدماء فيها‏.‏

فتهيأ للخروج إلى جرجان‏.‏

المعني بفتح الميم وسكون العين المهلملة وبعدها نون‏:‏ قبيلة من الأزد‏.‏

ذكر خبر الحارث بن سريج وأمانه

وفي هذه السنة أومن الحارث بن سريج وهو ببلاد الترك وكان مقامه عندهم اثنتي عشرة سنة وكان السبب في ذلك أن الفتنة لما وقعت بخراسان بين نصر والكرماني خاف نصر قدوم الحارث عليه في أصحابه والترك فيكون أشد عليه من الكرماني وغيره وطمع أن يناصحه فأرسل مقاتل بن حيان النبطي وغيره ليردوه عن بلاد الترك‏.‏

وسار خالد بن زياد الترمذي وخالد بن عمرو مولى بني عامر إلى يزيد بن الوليد فأخذا للحارث منه أمانًا فكتب له أمانه وأمر نصر أن يرد عليه ما أخذ له وأمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عامل الكوفة بذلك أيضًا فأخذا الأمان وسارا إلى الكوفة ثم إلى خراسان فأرسل نصر إليه فلقيه الرسول وقد رجع مع مقاتل بن حيان وأصحابه فوصل إلى نصر وقام بمرو الروذ ورد نصر عليه ما أخذ له‏.‏

وكان عوده سنة سبع وعشرين ومائة‏.‏

ذكر شيعة بني العباس

في هذه السنة وجه إبارهيم بن محمد الإمام أبا هاشم بكير بن ماهان إلى خراسان وبعث معه بالسيرة والوصية فقدم مرو وجمع النقباء والدعاة فنعى إليهم محمد بن علي ودعاهم إلى ابنه إباهيم ودفع إليهم كتابه فقلبوه ودفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقات الشيعة فقدم بها بكير على إبراهيم‏.‏

وفي هذه السنة أمر يزيد بن الوليد بالبيعة لأخيه إبراهيم ومن بعده لعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك‏.‏

وكان السبب في ذلك أن يزيد مرض سنة ست وعشرين ومائة فقيل له ليبايع لهما ولم تزل القدرية ببزيد حتى أمر بالبيعة لهما‏.‏

ذكر مخالفة مروان بن محمد

وفي هذه السنة أظهر مروان بن محمد الخلاف ليزيد بن الوليد‏.‏

وكان السبب في ذلك أن الوليد لما قتل كان عبد الملك بن مروان بن محمد مع الغمر يزيد أخي الوليد بحران بعد انصرافه من الصائفة وكان على الجزيرة عبدة بن الرياح الغساني عاملًا للوليد فلما قتل الوليد سار عبدة عنها إلى الشام فوثب عبد الملك بن موران بن محمد على حران والجزيرة فضبطهما وكتب إلى أبيه بأرمينية يعلمه بذلك ويشير عليه بتعجيل السير‏.‏

فتهيأ مروان للمسير وأنفذ إلى الثغور من يضبطها وبحفظها وأظهر أن يطلب بدم الوليد وسار ومعه الجنود ومعه ثابت بن نعيم الجذامي من أهل فلسطين‏.‏

وسبب صحبته له أن هشامًا كان قد حبسه وسبب حبسه أن هشامًا أرسله إلى إفيقية لما قتلوا عامله كملثوم بن عياض فأفسد الجند فحبسه هشام وقدم مروان على هشام في بعض فلما سار مروان مسيره هذا أمر ثابت بن نعيم من مع مروان من أهل الشام بالانضمام إليه ومفارقة مروان ليعودوا إلى الشام فأجابوه إلى ذلك فاجتمع معه ضعف من مع مروان وباتوا يتحارسون فلما أصبحوا اصطفوا للقتال فامر مروان منادين بنادون بين الصفين‏:‏ يا أهل الشام ما دعاكم إلى هذا ألم أحسن فيكم السيرة فأجابوه بأنا كنا نطيعك بطاعة الخليفة وقد قتل وبايع أهل الشام يزيد فرضينا بولاية ثابت ليسير بنا إلى أجنادنا‏.‏

فنادوهم‏:‏ كذبتم فإنكم لا تريدون ما قلتم وإنما تريدون أن تغصبوا من مررتم به من أهل الذمة أموالهم‏!‏ وما بيني وبينكم إلا السيف حتى تنقادوا إلي فأسير بكم إلى الغزاة ثم أترككم تلحقون بأجنادك‏.‏

فانقادوا له فأخذ ثابت بن نعيم وأولاده وحبسهم وضبط الجند حتى بلغ حران وسيرهم إلى الشام ودعا أهل الجزيرة إلى العرض فعرض نيفًا وعشرين أفًا وتجهز للمسير إلى يزيد وكاتبه يزيد ليبايع له ويوليه ما كان عبد الملك بن موران ولى أباه محمد بن مروان من الجزيرة وأرمينية والموصل وأذربيجان فبايع له مروان وأعطاه يزيد ولاية ما ذكر له‏.‏

ذكر وفاة يزيد بن الوليد ابن عبد الملك

وفي هذه السنة توفي يزيد بن الوليد لعشر بقين من ذي الحجة وكانت خلافته ستة أشهر وليلتين وقيلك كانت ستة أشهر واثني عشر يومًا وقيل‏:‏ خمسة أشهر واثني عشر يومًا وكان موته بدمشق وكان عمره ستًا وأربعين سنة وقيل‏:‏ سبعًا وثلاثين سنة وكانت أمه أم ولد اسها شاهفرند بنت فيوز بن يزدجرد بن شهريار بن كسرى وهو القائل‏:‏ أنا ابن كسرى وأبي مروان وقيصر جدي وجدي خاقان إنما جعل قيصر وخاقان جديه لأن أم فيروز بن يزجرد ابنة كسرى شيرويه بن كسرى وأمها ابنة قيصر وأم شيرويه ابنة خاقان ملك الترك‏.‏

وكان آخر ما تكلم به‏:‏ وحسرتاه وأسفاه‏!‏ ونقش خاتمه‏:‏ العظمة لله‏.‏

وهو أول من خرج بالسلاح يوم العيد خرج بين صفين عليهم السلاح‏.‏

قيل‏:‏ إنه كان قدريًا وكان أسمر طويلًا صغير الرأس جملًا‏.‏

ذكر خلافة إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك

فلما مات يزيد بن الوليد قام بالأمر بعده أخوه إبراهيم غير أنه لم يتم له الأمر فكان يسلم عليه تارة بالخلافة وتارة بالإمارة وتارة لا يسلم عليه بواحدة منهما فمكث أربعة أشهر وقيل‏:‏

سبعين يومًا ثم سار إليه مروان ابن محمد فخلعه على ما نذكره ثم لم يزل حيًا حتى أصيب سنة اثنتين وثلاثين ومائة وكنيته أبو إسحاق أمه أم ولد‏.‏

ذكر استيلاء عبد الرحمن بن حبيب على أفريقية

كان عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع قد انهزم لما قتل أبوه وكلثوم بن عياض سنة اثنتين وعشرين ومائة وسار إلى الاندلس وقد ذكرناه وأراد أن يتغلب عليها فلم يمكنه ذلك فلما ولي حنظلة بن صفوان إفريقية على ما ذكرناه وجه أبا الخطار إلى الأندلس أميرًا فأيس حينئذ عبد الرحمن مما كان يرجوه فعاد إلى إفريقية وهو خائف من أبي الخطار وخرج بتوني من إفريقية في جمادى الولى سنة ست وعشرين وقد ولي الوليد ابن يززيد بن عبد الملك الخلافة بالشام فدعا الناس إلى نفسه فأجابوه فسار بهم إلى القيروان فأراد من بها قتاله فمنعهم حنظلة وكان لا يرى القتال إلا لكافر أو خارجي وأرسل إليه حنظلة رسالة مع جماعة من أعيان القيروان رؤساء القبائل يدعوه إلى مراجعة الطاعة فقبضهم وأخذهم إلى القيروان وقال‏:‏ إن رمى أحد من أهل القيروان بحجر قتلت من عندي أجمعين فلم يقالتله أحد‏.‏

فخرج حنظلة إلى الشام واستولى عبد الرحمن على القيروان سنة سبع وعشرين ومائة وسائر ولمكا خرج حنظلة إلى الشام دعا على أهل إفريقية وعبد الرحمن فاستجيب له فيهم فوقع الوبأ والطاعون سبع سنين لم يفارقهم إلا في أوقات متفرقة وثار بعبد الرحمن جماعة من العرب والبربر ثم قتل بعد ذلك‏.‏

فممن خرج عليه عروة بن الوليد الصدفي واستولى على تونس وقام أبو عطاف عمران بن عطاف الأزدي فنزل بطيفاس وثارت البرر بالجبال وخرج عليه ثابت الصنهاجي بباجة فأخذها فأحضر عبد الرحمن أخاه إلياس وجعل معه ستمائة فارس وقال له‏:‏ سر حتى تجتاز بعسكر أبي عطاف الأزدي فإذا رآك عسكره فارقهم وسر عنهم كأنك تريد تونس إلى قتلا عروة بن الوليد بها فإذا أتيت موضع كذا فقف فيه حتى يأتيك فلان بكتابي فافعل بما فيه‏.‏

فسار إلياس ودعا عبد الرحمن إنسانًا وهو الرجل الذي قال لأخيه إلياس عنه وأعطاه كتابًا وقال له‏:‏ امض حتى تدخل عسكر أبي عطاف فإذا أشرف عليهم إلياس ورأيتهم يدهعون السلاح والحخيل فإذا فارقهم إلياس ووضعوا السلاح عنهم وأمنوا فسر إليه وأوصل كتابي إليه فمضى الرجل ودخل عسكر أبي عطاف وقاربهم إلياس فتحركوا للركوب ثم فارقهم إلياس نحو تونس فسكنوا وقالوا‏:‏ قد دخل بين فكي أسد نحن من هاهنا وأهل تونس من هناك وأمنوا وصمموا العزم على المير خلفه‏.‏

فلما أمنوا سار ذلك الرجل إلى إلياس فأوصل إليه كتاب أخيه عبد الرحمن فإذا فيه‏:‏ إن قد أمنوك فسر إليهم وهم في غفلتهم‏.‏

فعاد إلياس إليهم وهم غارون فلم يلحقوا يلبسون سلاحهم حتى دهمهم فقتلهم وقتل أبا عطاف أميرهم سنة ثلاثين ومائة وأرسل إلى أخيه عبد الرحمن يبشره بذلك فكتب إليه عبد الرحمن يأمره بالمسير إلى أهل تونس ويقول‏:‏ إنهم إذا رأوك ظنوك أبا عطاف فأمنوك فظفرت بهم‏.‏

فسار إليهم فكان كما قال عبد الرحمن ووصل إليها وصاحبها عروة ابن الوليد في الحمامفلم يلحق يلبس ثيابه حتى غشيه إلياس فالتحف بمنشفة ينشف بها بدنه وركب فريه عريانًا وهرب فصاح به إلياس‏:‏ سا فارس العر‏!‏ فعاد إليه فضربه إلياس واحتضنه عروة فسقطا إلى الأرض وكاد عروة يظهر على إلاس فأتاه مولى لإلياس فقتله واحتز رأسه وسيره إلى عبد الرحمن وأقام إلياس بتونس وخرج عليه رجلان بطرابلس اسمهما عبد الجبار والحارث وقتلا من أهل البلد جماعةً كثيرة فسار إليهم عبد الرحمن سنة إحدى وثلاثين ومائة وقاتلهما فقتلا وكانا يدينان بمذهب الإباضية من الخوارج‏.‏

وجند عبد الرحمن في قتال البربر وعمر عبد الرحمن سور طرابلس سنى اثنتين وثلاثين ومائة ثم إنه عاد إلى القيروان وغزا تلمسان وبها جمع كثير من البربر فظفر بهم وذلك سنة خمس وثلاثين وسير جيشًا إلى صقلية فظفروا وغنموا عنيمة كثيرة وبعث جيًا آخر إلى سردانية فغنموا وقتلوا في الروم ودوخ المغرب جميعه ولم ينهزم له عسكر‏.‏

وقتل مروان بن محمد وزالت دولة بني أمية وعبد الرحمن بإفريقية فخطب للخلفاء العابسيين وأطاع السفاح‏.‏

ثم قدم عليه جماعة من بني أمية فتزوج هو وإخوته منهم وكان في من قدم عليه منهم‏:‏ العاص وعبد المؤمن ابنا الوليد ابن يزيد بن عبد الملك وكانت ابنة عمهما تحت إلياس أخي عبد الرحمن فبلغ عبد الرحمن عنهما السعي في الفساد عليه فقلهما فقالت ابنة عمهما لزوجها إلياس‏:‏ إن أخاك قد قتل أختانك ولم يراقبك فيهم وتهاون بك وأنت سيفه الذي يضرب به وكلما فتحت له فتحًا كتب إلى الخلفاء‏:‏ إن ابني حبيبًا فتحه وقد جعل له العهد بعده وعزلك عنه‏.‏

ولم تزل تغريه به‏.‏

فتحرك لقولها وأعمل الحيلة على أخيه‏.‏

ثم إن السفاح توفي وولي الخلافة بعده المنصور فأقر عبد الرحمن على إفريقية وأرسل إليه خلعةً سوداء أول خلافته فلبسها وهي أو سواد دخل إفريقية‏.‏

فأرسل إليه عبد الرحمن هدية وكتب يقول‏:‏ إن إفريقية اليوم إسلامية كلها وقد انقطع السبي منها والمال فلا تطلب مني مالًا‏.‏

فغضب المنصور وأرسل إليه يتهدده فخلع المنصو بإفريقية ومزق خلعته وهو على المنبر وكان خلع المنصور مما أعان أخاه إلياس عليه‏.‏

فاتفق جماعة من وجوه القيروان معه على أن يقتلوا عبد الرحمن ويولوه ويعيد الدعاء للمنصور‏.‏

فبلغ عبد الرحمن غامر أخاه إلياس بالمسير إلى تونس فتجهز ودخل إليه يودعه ومعه أخوه عبد الوارث فلما دخلا على عبد الرحمن قتلاه‏.‏

وكان قتله في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين ومائة وكانت إمارته على إفريقية عشر ينين وسبعة أشهر‏.‏

ولما قتل ضبط إلياس أبواب الدار ليأخذ ابنه حبيبًا فم يظفر به وهرب حبيب إلى تونس واجتمع بعمه عمران بن حبيب وأخبره بقتل أبيه وسار إلياس إليهما واقتتلوا قتالًا يسيرًا ثم اصطلحوا على أن يكون لحبيب قفصة وقسطيلة ونفزاوة ويكون لعمران تونس وصطفورة والجزيرة ويكون سائر إفريقية لإلياس وكان هذا الصلح سنة ثمان وثلاثين ومائة فلما اصطلحوا سار حبيب بن عبد الرحمن إلى عمله ومضى إلياس مع أخيه عمران إلى تونس فغدر بعمران أخيه وقتله وانخذ تونس وقتل بها حماعةً من أشراف العرب وعا إلى القيروان‏.‏

فلما استقر بها بعث بطاعته إلى المنصور مع وفد منهم عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قاضي إفريقية‏.‏

ثم سار حبيب إلى تونس فملكها فسار إليه إلياس واقتتلوا قتالًا ضعيفًا فلما جنهم الليل ترك حبيب خيامه وسار جريدة إلى القيروان فدخلها وأخرج من في السجن وكثر جمعه‏.‏

ورجع إلياس في طلبه ففارقه أكثر أصحابه وقصدوا حبيبًا فعظم جيشه وخرج إليه فاتقيا فغدر أصحاب إلياس وبرز حبيب بين الصفين فقال له‏:‏ ما لنا نقتل صنائعنا وموالينا ولكن ابرز أنت إلي فأينا قتل صاحبه استراح منه‏.‏

فتوقف إلياس ثم برز إليه فاقتلا قتالًا شديدًا تكسر فيه رمحاهما ثم سفاهما ثم إن حبيبًا عطف عليه فقتله ودخل القيروان وكان ذلك سنة ثمان وثلاثين ومائة‏.‏

وهرب إخوة إلياس إلى بطن من البربر يقال لهم ورفجومة فاعصموا بهم فسار إليهم حبيب فقاتلهم فهزموه فسار إلى قابس وقوي أمر ورفجومة حينئذ وأقبلت البربر إليهم والخوارج وكان مقدم ورفجومة رجلًا اسمه عاصم ابن جميل وكان قد ادعى النبوة والكهانة فبدل الدين وزاد في الصلاة واسقط ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأذان فجهز عاصم من عنده من العرب على قصد القيروان وأتاه رسل جماعة من أهل القيروان يدعونه إليهم وأخذوا عليه العهود والمواثيق بالحماية والصيانة والدعاء للمنصور فسار إليهم عاصم في البربر والعب فملا قاربوا القيوان خرج من بها لقتالهم فاقتتلوا وانهزم أهل القيروان ودخل عاصم ومن معه القيروان فاستحلت ورفجومة المحرمات وسبوا النساء والصبيان وربطوا دوابهم في الجامع وأفسدوا فيه‏.‏

ثم سار عاصم يطلب حبيبًا وهو بقابس فأدركه واقتتلوا وانهزم حبيب إلى جبل أوراس فاحتمى به وقام بنصره من به ولحق به عاصم فالتقوا واقتتلوا فانهزم عاصم وقتل وهو وأكثر أصحابه وسار حبيب إلى القيروان فخرج إليه عبد الملك بن أبي الجعد وقد قام بأمر ورفجومة بعد قتل عاصم فاقتل هو وحبيب فانهزم حبيب وقتل هو جماعة من أصحابه في المرحم سنة أربعين ومائة‏.‏

وكانت إمارة عبد الرحمن بن حبيب على إفريقية عشر سنين وأشهرًا وإمارة أخيه إلاس سنة وستة أشهر وإمارة بنه حبيب ثلاث سنين‏.‏

ذكر إخراج ورفجومة من القيروان

ولما قتل حبيب بن عبد الرحمن عاد عبد الملك بن أبي الجعد إلى القيروان وفعل ما كان يفعله عاصم من الفساد والظلم وقلة الدين وغير ذلك ففارق القيروان أهلها‏.‏

فاتفق أن رجلًا من الإباضية دخل القيروان الحجاةٍ له فرأى ناسًا من الورفجومين قد أخذوا امرأة قهرًا والناس ينظرون فأدخلوها الجامع فترك الإباضي حاجته وقصد أبا الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري فأعلمه ذلك فخرج أبو الخطاب وهو يقول‏:‏ بيتك اللهم بيتك‏!‏ فاجتمع إليه أصحابه من كل مكان وقصدوا طرابلس الغرب واجتمع عليه الناس من الإباضية والخوارج وغيرهم وسير إليهم عبد الملك مقدم ورفجومة جيشًا فهزموه وساروا إلى القيروان فخرجت إليهم ورفجومة واقتتلوا واشتد القتال فانهزم أهل القيروان الذين مع ورفجومة وخذلوهم فتبعهم ورفجومة في الهزيمة وكثر القتل فيهم وقتل عبد الملك الورفجومي وتبعهم أبو الخطاب بقتلهم حتى أسرف فيهم وعاد إلى طرابلس واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن رستم الفارسي‏.‏

وكان قتل ورفجومة في صفر سنة إحدى وأربعين‏.‏

ثم أإن جماعة كثيرة من المسودة سيرهم محمد بن الأشعث الخزاعي لأأمير مصر للمنصور إلى طرابلس لقتال أبي الخطاب وعليهم أبو الأحوص عمر بن الأحوص العجلي فخرج إليهم أبو الخطاب وقاتلهم وهزمهم ينة اثنتين وأربعين فعادوا إلى مصر واستولى أبو الخطاب على سائر إفريقية‏.‏

فسير إليه المنصور محمد بن الأشعث الخزاعي أميرًا على إفريقية فسار من مصر سنة ثلاث وأربعين فوصل إليها في خمسين ألفًا ووجه مع الأغلب بن سالم التميمي وبلغ أبا الخطاب مسيره فجمع أصحابه من كل ناحية فكثر جمعه وخافه ابن الأشعث لكثرة جموعه‏.‏

فتنازعت زناته وهوارة بسبب قتيل من زناته فاتهمت زناته أبا الخطاب بالميل إليهم ففارقه جماعة منهم فقوي جنان ابن الأشعث وسار سيرًا رويدًا ثم أظهر أن المنصور قد أمره بالعود وعاد إلى ورائه ثلاثة أيام سيرًا بطيئًا قوصلت عيون أبي الخطاب وأخبرته بعوده فتفرق عنه كثير من أصحابه وأمن الباقون فعاد الأشعث وشجعان هسكره مجدًا فصبح أبا الخطاب وهو غير متأهب للحرب فوضعوا السيوف في الخوارج واشتد القتال فقتل أبو الخطاب وعامة أصحابه في صفر سنة أربع وأربعين ومائة‏.‏

وظن ابن الأشعث أن مادة الخوارج قد انقطعت وإذا هم قد أطل عليهم أبو هريرة الزناتي في ستة عشر ألفا فلقيهم ابن الأشعث وقتلهم جمعًا سنة أربع وأربعين وكتب إلى المنصور بظفره ورتب الولاة في الأعمال كلها وبني سور القيروان فيها وتم سنة ست وأربعين وضبط إفريقية وأمعن في طلب كل من خالفه من البربر وغيرهم فسير جيشًا إلى زويلة ووران فافتتح وران وقتل من بها من الإباضية وافتتح زويلة وقتل مقدمهم عبد الله بن سنان الإباضي وأجلى الباقين‏.‏

فلما رأى البربر وغيرهم من أهل العبث والخلاف على الأمراء ذلك خافوه خوفًا شديدًا وأذعنوا له بالطاعة‏.‏

فثار عليه رجل من جنده يقال له هاشم بن الشاحج بقمونية وتبعه كث 4 ير من الجند فسير إليه ابن الأشعث قائدًا في عسكر فقتله هاشم وانهزم أصحابه وجعل المضرية من قواد ابن الأشعث يأمرون أصحابهم باللحاق بهاشم كراهية لأبن الأشعث لأنه تعصب عليهم فبعث إليهابن الأشعث جيشًا آخر فاقتتلوا وانهزم هاشم ولحق بتاهرت وجمع اطغام البربر فبلغت عدة عسكره عشرين ألفًا فسار بهم إلى تهوذة فسير إليه ابن الأشعث جيشًا فانهزم هاشم وقتلوا كثيرًا من أصحابه البربر وغيرهم فسار إلى ناحية كرابلس‏.‏

وقدم رسول من المنصور إلى هشام يلومه على مفارقة الطاعة قال‏:‏ ما خلفت ولكني دعوت للمهدي بعد أمير المؤمنين وأنكر ابن الأشعث ذلك وأراد قتلي‏.‏

فقال له لرسول‏:‏ فإن كنت على الطاعة فمد عنقك‏.‏فضربه بالسيف فقتله سنة سبع وأربعين في صفر وبذلك الأمان لأصحاب هاشم جميعهم فعادوا‏.‏

وتبعهم ابن الأشعث بعد ذلك فقتلهم فغضب المضرية واجتمعت على داوته وخلافه واسجتمع رأيهم على إخاجه‏.‏

فملا رأى ذلك سار عنهم ولقيته رسل المنصور بالبر والإكرام فقدم عليه واستعمل المضرسة على إفريقية بعده عيسى بن موسى الخراساني‏.‏

وكان بعد مسير ابن الأشعث تأمير الهخاساني ثلاثة أشهر واستعمل المنصور الأغلب التميمي على ما نذكره في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة وإنما أوردنا هذه الحوادث متتابعة لتعلق بعضها على ما شرطناه وقد ذكرنا كل حادثة في أي سنة كانت فحصل الغرضان‏.‏

في هذه السنة عزل يزيد بن الوليد يوسف ين محمد بن يوسف عن المدينة واستعمل عبد العزيز بن عمرو بن عثمان فقدمها في ذي القعدة من السنة‏.‏

وحج بالناس عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وقيل‏:‏ عمر بن عبد الله بن عبد الملك‏.‏

وكان العامل على العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وعلى قضاء الكوفة ابن أبي ليلى وعلى البصرة المسور بن عمر بن عباد وعلى قضائها عامر بن عبيدة وعلى خراسان نصر بن سيار الكناني‏.‏

وفيها كاتب مروان بن محمد بن مروان بن الحكم أمير الجزيرة الغمر ابن يزيد الغمر ابن يزيد بن عبد الملك يحثه على الطلب بدم أخيه الوليد ويعده المساعدة له وإنجاذه على ذلك‏.‏

وفيها مات سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وقيل‏:‏ سنة سبع وعشرين وسعيد بن أبي سعيد المقبري‏.‏

ومالك بن دينار الزاهد وقيل مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ستين‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن القاسم ابنم محمد بن أبي بكر الصديق وقيل سنة إحدى وثلاثين‏.‏

وف إمارة يوسف ابن عمر على العراق توفي أبو جمرة الضبعي صاحب ابن عباس‏.‏

جمرة بالجيم والراء المهملة‏.‏   ‏  ‏  ‏  ‏  ‏   ‏ ‏ ‏