باب اللام والجيم، الحاء، الخاء

لجأ

لَجَأَ إلى الشيء والمَكان يَلْجَأُ لَجْأً ولُجُوءاً ومَلْجَأً، ولَجِئ لَجَأً، والْتَجَأَ، وأَلْجأْتُ أَمْري إلى اللّه أَسْنَدتُ.
وفي حديث كَعْب، رضي اللّه عنه: مَن دَخَل في ديوان المُسلِمِين ثمَ تَلجَّأَ منهم، فقد خَرج من قُبَّة الإِسْلامِ. يقال: لَجَأْتُ إلى فلان وعنه، والتَجَأْتُ، وتَلجَّأْتُ إذا اسْتَنَدْتَ إِليه واعْتَضَدْتَ به، أَو عَدَلْتَ عنه إلى غيره، كأَنه إِشارةٌ إلى الخُروج والانْفراد عن المسلمِين.
واَلْجَأَه إلى الشيءِ: اضْطَرَّه إِليه. وأَلْجَأَه: عَصَمه.
والتَّلْجِئةُ: الإِكْراهُ. أَبو الهيثم: التَّلْجِئةُ أَنْ يُلْجئَكَ أَن تَأْتِيَ أَمْراً باطِنُه خِلافُ ظاهره، وذلِكَ مِثْلُ إَشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهِرُه خِلافُ باطِنِه. وفي حديث النُّعْمانِ بن بَشِير: هذا تَلْجِئةٌ، فأَشْهِدْ عليه غَيْرِي. التَلْجِئة: تَفْعِلة من الإِلْجَاءِ، كأَنه قد أَلْجَأَكَ إلى أَنْ تَأْتِيَ أَمراً باطنُه خلافُ ظاهره، وأَحْوَجَك إلى أَن تَفْعَل فِعلاً تَكْرَهُه. وكان بشير قد أَفْرَدَ ابنَه النُّعمانَ بشيءٍ دون إخوته حَمَلتْه عليه أُمُّه.
والمَلْجَأُ واللَّجَأُ: المَعْقِلُ، والجمع أَلْجاءٌ.
ويقالُ: أَلْجَأْتُ فلاناً إلى الشيءِ إذا حَصَّنْته في مَلْجإٍ، ولَجَإٍ، والْتَجَأْتُ إليه الْتِجاءً. ابن شميل: التَلْجِئةُ أَن يجعل مالَه لبَعض ورَثته دون بعض، كأَنه يتصدَّق به عليه، وهو وارثه. قال: ولا تَلْجِئةَ إلاّ إلى وارِثٍ. ويقال: أَلكَ لَجَأٌ يا فلان؟ واللَّجأُ: الزوجةُ. وعُمَر بن لَجَإٍ التَّميمي الشاعر.

لجا

اللَّجا: الضِّفْدَع، والأُنثى لَجَاة، والجمع لَجَواتٌ؛ قال ابن سيده: وإِنما جئنا بهذا الجمع وإِن كان جمع سلامة ليتبين لك بذلك أَن أَلف اللجاة منقلبة عن واو، وإِلا فجمع السلامة في هذا مطَّرد، والله أَعلم.

لجب

اللَّجَبُ: الصَّوْتُ والصِّياحُ والجَلَبة، تقول: لَجِبَ، بالكسر.
واللَّجَبُ: ارتفاعُ الأَصواتِ واخْتِلاطُها؛ قال زهير:

عزيزٌ إذا حَلَّ الحَليفانِ حَولَهُ،

 

بذِي لَجَبٍ لَجَّاتُه وصَواهِلُـهْ

وفي الحديث: أَنه كَثُرَ عنده اللَّجَبُ، هو، بالتحريك، الصوتُ والغَلَبة مع اخْتلاطٍ، وكأَنه مقلوب الجَلَبة.
واللَّجَبُ: صوتُ العَسْكر. وعَسْكَرٌ لَجِبٌ: عَرَمْرَمٌ وذو لَجَبٍ وكثرةٍ. ورَعْدٌ لَجِبٌ، وسحابٌ لَجِبٌ، بالرَّعْد، وغَيْثٌ لَجِبٌ بالرَّعْد، وكلُّه على النَّسَب. واللَّجَبُ: اضْطرابُ موج البحر. وبحر ذو لَجَبٍ إذا سُمِع اضْطرابُ أَمواجه، ولَجَبُ الأَمْواج، كذلك.
وشاةٌ لَجْبَة ولُجْبة ولِجْبة ولَجَبَة ولَجِبةٌ ولِجَبَةٌ، الأَخيرتان عن ثعلب: مُوَلِّيَةُ اللَّبنِ، وخَصَّ بعضُهم به المِعْزَى.
الأَصمعي: إذا أَتى على الشَّاءِ بعد نِتاجها أَربعةُ أَشهر فجَفَّ لبنُها وقَلَّ، فهي لِجابٌ؛ ويقال منه: لَجُبَت لُجُوبةً. وشِياهٌ لَجَباتٌ، ويجوز لَجَّبَتْ. ابن السكيت: اللَّجَبةُ النعجة التي قَلَّ لبَنُها؛ قال: ولا يقال للعنز لَجْبَةٌ؛ وجمع لَجَبةٍ لَجَباتٌ، على القياس؛ وجمع لَجْبةٍ لَجَباتٌ، بالتحريك، وهو شاذّ، لأَن حقه التسكين، إِلاَّ أَنه كان الأَصل عندهم أَنه اسم وصف به، كما قالوا: امرأَة كَلْبة، فجمع على الأَصل، وقال بعضهم: لَجْبَة ولَجباتٌ نادر، لأَن القياس المطرد في جمع فَعْلة، إذا كانت صفة، تسكين العين، والتكسير لِجابٌ؛ قال مُهَلْهِلُ بن ربيعة:

عَجِبَتْ أَبناؤُنا من فِـعْـلِـنـا

 

إِذْ نَبيعُ الخَيْلَ بالمِعْزى اللِّجابْ

قال سيبويه: وقالوا شِياهٌ لَجَباتٌ، فحرَّكوا الأَوسَطَ لأَنَّ من العرب من يقول: شاةٌ لَجَبة، فإِنما جاؤُوا بالجمع على هذا؛ وقول عَمْروٍ ذي الكلب:

فاجْتالَ منها لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ،

 

حاشِكةَ الدِّرَّةِ، وَرْهاءَ الرَّخَمْ

يجوز أَن تكون هذه الشاةُ لَجْبةً في وقت، ثم تكون حاشِكةَ الدَّرَّة في وقت آخر؛ ويجوز أَن تكون اللَّجْبةُ من الأَضْداد، فتكون هنا الغزيرةَ، وقد لَجُبَتْ لجوبةً، بالضم، ولَجَّبَتْ تَلْجِيباً. وفي حديث الزكاة، فقلتُ: ففِيمَ حَقُّكَ؟ قال: في الثَّنِيَّة والجَذَعة. اللَّجْبة، بفتح اللام وسكون الجيم: التي أَتى عليها من الغنم بعد نِتاجِها أَربعةُ أَشهر فخَفَّ لبَنُها؛ وقيل: هي من العَنز خاصةً؛ وقيل: في الضأْن خاصةً. وفي الحديث: يَنْفَتِحُ للناس مَعدِنٌ، فيَبْدو لهم أَمثالُ اللَّجَبِ من الذهب. قال ابن الأَثير: قال الحَربيُّ: أَظُنُّه وهَماً، إِنما أَراد اللَّجَنَ، لأَنَّ اللُّجَيْنَ الفِضة؛ قال: وهذا ليس بشيءٍ، لأَنه لا يقال أَمثالُ الفضة من الذهب. قال وقال غيره: لعله أَمثالُ النُّجُب، جمع النَّجيب من الإِبل، فصحف الراوي. قال: والأَولى أَن يكون غيرَ موهوم، ولا مُصَحَّفٍ، ويكون اللَّجَبُ جمع لَجَبةٍ، وهي الشاةُ الحامل التي قَلَّ لبنُها، أَو تكون، بكسر اللام وفتح الجيم، جمع لَجْبة كقَصْعةٍ وقِصَعٍ.
وفي حديث شُرَيْح: أَنَّ رجلاً قال له: ابْتَعْتُ من هذا شاةً فلم أَجدْ لها لبناً؛ فقال له شُرَيْح: لعلها لَجَّبَتْ أَي صارت لَجْبة. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: والحَجَرِ فلَجَبه ثلاثَ لَجَباتٍ.
قال ابن الأَثير، قال أَبو موسى: كذا في مُسْنَد أَحمد بن حنبل؛ قال: ولا أَعرف وجهه، إِلاَّ أَن يكون بالحاءِ والتاءِ من اللَّحْتِ، وهو الضرب، ولَحَتَه بالعصا أَي ضَرَبه. وفي حديث الدَّجَّال: فأَخذَ بلَجَبَتَيِ البابِ فقال: مَهْيَمْ؛ قال أَبو موسى: هكذا رُوِيَ، والصواب بالفاءِ.
وقال ابن الأَثير في ترجمة لجف: ويروى بالباءِ، وهو وَهَمٌ. وسَهْمٌ مِلْجابٌ: رِيشَ ولم يُنْصَلْ بَعْدُ؛ قال:

ماذا تقولُ لأَشياخٍ أُولـي جُـرُمٍ

 

سُودِ الوُجوهِ، كأَمثالِ المَلاجيبِ؟

قال ابن سيده: ومِنْجابٌ أَكثر، قال: وأُرى اللامَ بدلاً من النون.

لجج

الليث: لَجَّ فلان يَلِجُّ ويَلَجُّ، لغتان؛ وقوله: وقد لَجَجْنا في هواك لَجَجا قال: أَراد لَجَاجاً فَقَصَره؛ وأَنشد:

وما العَفْوُ إِلاَّ لامْـرِئ ذي حَـفِـيظةٍ،

 

متى يُعْفَ عن ذَنْبِ امرئ السَّوْءِ يَلْجَجِ

ابن سيده: لَجِجْتُ في الأَمرِ أَلَجُّ ولَجَجْتُ أَلِجُّ لَجَجاً ولجَاجاً ولَجاجَةً، واسْتَلْجَجْتُ: ضَحِكْتُ؛ قال:

فإِنْ أَنا لم آمُرْ، ولم أَنْهَ عَنْكُمـا،

 

تَضاحَكْتُ حتى يَسْتَلِجَّ ويَسْتَشري

ولَجَّ في الأَمر: تمَادى عليه وأَبَى أَن يَنْصَرِفَ عنه، والآتي كالآتي، والمصدر كالمصدر. وفي الحديث: إذا اسْتَلَجَّ أَحدُكم بيمينِهِ فإِنه آثَمُ له عند الله من الكَفَّارةِ، وهو اسْتَفْعَلَ من اللَّجاجِ.
ومعناه أَن يحلف على شيءٍ ويرى أَن غيره خير منه، فَيُقِيمُ على يمينه ولا يَحْنَثُ فذاك آثَمُ؛ وقيل: هو أَن يَرَى أَنه صادقٌ فيها مُصيبٌ، فَيَلِجُّ فيها ولا يُكَفِّرها؛ وقد جاء في بعض الطرق: إذا اسْتَلْجَجَ أَحدكم، بإِظهار الإِدغام، وهي لغة قريش، يظهرونه مع الجزم؛ وقال شمر: معناه أَن يَلِجَّ فيها ولا يكفرها ويزعم أَنه صادق؛ وقيل: هو أَن يَحْلِفَ ويرى أَنَّ غيرها خير منها، فيقيم للبِرِّ فيها ويترك الكفَّارة، فإِن ذلك آثَمُ له من التكفير والحِنْثِ، وإِتْيانِ ما هو خَيْرٌ. وقال اللحياني في قوله تعالى: ويَمُدُّهم في طُغْيانِهم يَعْمَهون أَي يُلِجُّهُمْ. قال ابن سيده: فلا أَدري أَمِنَ العرب سمع يُلِجُّهُمْ أَم هو إِدْلال من اللحياني وتجاسُر؟ قال: وإِنما قلت هذا لأَني لم أَسمع أَلْجَجْتُه.
ورجلٌ يلَجوجٌ ولَجُوحةٌ، الهاء للمبالغة، ولُجَجةٌ مثل هُمزة أَي لَجُوجٌ، والأُنثى لَجُوجٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:

فإِني صَبَرْتُ النَّفْسَ بعدَ ابنِ عَنْبَسٍ،

 

فقد لَجَّ من ماءِ الشُّؤُون لَـجُـوجُ

أَراد: دَمْعٌ لَجُوجٌ، وقد يُستعمل في الخيل؛ قال:

من المُسْبَطِرّاتِ الجِيادِ طِـمِـرَّةٌ

 

لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ

والمُلاجَّةُ: التمادي في الخُصومةِ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي مَنِينُها

فسره فقال: لَجَّ بي أَي ابْتُلِيَ بي، ويجوز عندي أَن يريد: ابْتُلِيتُ أَنا به، فَقَلَب.
ومِلْجاجٌ كَلَجُوجٍ؛ قال مليح:

من الصُّلْبِ مِلْجاجٌ يُقَطِّعُ رَبْوَها

 

بُغامٌ، ومَبْنِيُّ الحَصيرين أَجْوَفُ

ولُجَّةُ البَحْر: حيث لا يُدْرَكُ قَعْرُه. ولُجُّ الوادي: جانبُه.
ولُجُّ البحرِ: عُرْضُه؛ قال: ولُجُّ البحرِ الماءُ الكثير الذي لا يُرَى طرَفاه، وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة: وفي الحديث: من ركب البحر إذا التَجَّ فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّةُ أَي تَلاطَمَتْ أَمْواجُه؛ والتَّجَ الأَمرُ إذا عَظُمَ واخْتَلَطَ.
ولُجَّةُ الأَمرِ: مُعْظَمُه. ولُجَّةُ الماءِ، بالضم: مُعْظَمُه، وخص بعضهم به معظم البحر، وكذلك لُجَّةُ الظَّلامِ، وجمعه لُجٌّ ولُجَجٌ ولِجاجٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وكيفَ بِكم يا عَلْوُ أَهلاً، ودُونَكمْ

 

لِجاجٌ، يُقَمِّسْنَ السَّفِينَ، وَبِـيدُ؟

واسْتَعارَ حِماسُ بن ثامِلٍ اللُّجَّ لليل، فقال:

ومُسْتَنْبِحٍ في لُجِّ لَيْلٍ، دَعَوْتُـه

 

بِمَشْبُوبَةٍ في رأْسِ صَمْدٍ مُقابِلِ

يعني مُعْظَمَه وظُلَمَه. ولُجُّ اللَّيْلِ: شِدَّةُ ظُلْمَتِهِ وسواده: قال العجاج يصف الليل:

ومُخْدِرُ الأَبْصارِ أَخْدَرِيُّ

 

لُجٌّ، كأَنَّ ثِنْيَه مَثْـنِـيُّ

أَي كأَنَّ عِطْفَ الليلِ معطوفٌ مَرَّة أُخرى، فاشتدّ سوادُ ظُلْمَتِه.
وبحرٌ لُجاجٌ ولُجِّيٌّ: واسعُ اللُّجِّ واللُّجُّ: السَّيْفُ، تشبيهاً بِلُجِّ البحر. وفي حديث طلحة بن عبيد: إِنهم أَدْخلوني الحَشَّ وقَرَّبُوا فَوَضَعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ؛ قال ابن سيده: وأَظنُّ أَنَّ السيف إِنما سمِّيَ لُجّاً في هذا الحديث وحده قال الأَصمعي: نُرى أَن اللُّجَّ اسم يسمى به السيفُ، كما قالوا الصَّمْصامةُ وذو الفَقار ونحوه؛ قال: وفيه شَبَهٌ بلُجَّةِ البحر في هَوْلِهِ؛ ويقال: اللُّجُّ السيف بلغة طيِّئ؛ وقال شمر: قال بعضهم: اللُّجُّ السيف بلغة هُذَيْل وطَوائِفَ من اليمن؛ وقال ابن الكلبي: كان للأَشْتَر سيف يسميه اللُّجَّ واليَمَّ؛ وأَنشد له:

ما خانَنِي اليَمُّ فـي مَـأْقِـطٍ

 

ولا مَشْهَدٍ، مُذْ شَدَدْتُ الإِزارا

ويروى: ما خانني اللُّجُّ. وفلان لُجَّةٌ واسِعةٌ، على التشبيه بالبحر في سَعته.
وأَلَجَّ القومُ ولَجَّجُوا: ركبوا اللُّجَّة.
والتَجَّ المَوْجُ: عَظُمَ.
ولَجَّجَ القومُ إذا وقَعُوا في اللُّجَّة. قال الله تعالى: في بَحْرٍ لُجِّيٍّ؛ قال الفراء: يقال بحر لُجِّيّ ولِجِّيّ، كما يقال سُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، ويقال: هذا لُجُّ البحر ولُجَّةُ البحر. وقال بعضهم اللُّجّةُ الجماعة الكثيرة كلجة البحر، وهي اللُّجُّ.
ولَجَّجَتِ السَّفينةُ أَي خاضَتِ اللُّجَّةَ، والتجَّ البحر التِجاجاً، والتَجَّتِ الأَرضُ بالسَّرابِ: صار فيها منه كاللُّجِّ. والتجَّ الظلامُ: التَبَسَ واختلط. واللَّجّةُ: الصوت؛ وأَنشد لذي الرمّة:

كأَنَّنا، والقِنانُ القُودُ تَحْمِلُنـا،

 

مَوْجُ الفُراتِ إذا التَجَّ الدَّيامِيمُ

أَبو حاتم: الْتَجَّ صار له كاللُّجَج من السَّرابِ.
وسمعت لَجَّةَ الناس، بالفتح، أَي أَصواتهم وصخَبهم؛ قال أَبو النجم:

في لَجّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلِ

ولَجَّةُ القوم: أَصواتهم. واللَّجّةُ واللَّجْلَجَةُ: اختِلاطُ الأَصواتِ. والتجَّت الأَصوات: ارتفعت فاختلطت. وفي حديث عِكْرِمة: سمعت لهم لَجّة بآمِينَ، يعني أَصوات المصلِّين. واللَّجّةُ: الجلَبَةُ. وأَلَجَّ القومُ إذا صاحوا؛ وقد تكون اللَّجّة في الإِبل؛ وقال أَبو محمد الحَذْلَمِيُّ:

وجَعَلَتْ لَجَّتُها تُغَنِّيهْ

يعنيى أَصواتها كأَنها تُطْرِبُه وتَسْتَرْحِمُه ليوردها الماء، ورواه بعضهم لَخَّتُها. ولَجَّ القومُ وأَلَجُّوا: اختلطت أَصواتهم. وأَلَجَّتِ الإِبلُ والغنم إذا سمعتَ صوتَ رَواعِيها وضَواغِيها.
وفي حديث الحُدَيْبيةِ: قال سُهَيْلُ بن عمرو: قد لَجَّتِ القَضيَّةُ بيني وبينك أَي وَجَبَتْ؛ قال هكذا جاء مشروحاً، قال: ولا أَعرف أَصله.
والْتَجَّتِ الأَرضُ: اجتمع نبتها وطالَ وكثُرَ، وقيل: الأَرض المُلْتَجّةُ الشديدةُ الخُضْرةِ، التفَّتْ أَو لم تَلْتَفَّ. وأَرض بقْلُها مُلْتَجٌّ، وعين مُلْتَجَّةٌ، وكأَنَّ عَيْنَه لُجَّةٌ أَي شديدةُ السوادِ؛ وعين مُلتَجَّةٌ، وإِنه لشديدُ التجاجِ العين إذا اشتَدَّ سوادُها.
والأَلَنْجَجُ واليَلَنْجَجُ: عودُ الطيبِ، وقيل: هو شجر غيرُهُ يُتَبَخَّرُ به؛ قال ابن جني: إِن قيل لك إذا كان الزائد إذا وقع أَوّلاً لم يكن للإِلحاق، فكيف أَلحقوا بالهمزة في أَلَنْجَجٍ، وبالياء في يَلَنْجَجٍ؟ والدليل على صحة الإِلحاق ظهور التضعيف؛ قيل: قد عُلم أَنهم لا يُلحقون بالزائد في أَوَّل الكلمة إِلاَّ أَن يكون معه زائد اخر، فلذلك جاز الإِلحاق بالهمزة والياء في أَلَنْجَجٍ ويَلَنْجَجٍ، لمَّا انضمّ إِلى الهمزة والياءِ النونُ.
والأَلَنْجُوجُ واليَلَنْجُوجُ: كالأَلنجج. واليلنجج: عود يُتبخر به، وهو يَفَنْعَلٌ وأَفَنْعَلٌ؛ قال حُمَيْدُ ابن ثَوْر:

لا تَصْطَلي النارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجاً،

 

قد كَسَّرَتْ من يَلَنْجُوجٍ له رقَصا

وقال اللحياني: عُود يَلَنْجُوجٌ وأَلَنْجُوجٌ وأَلَنْجيجٌ فَوُصِفَ بجميع ذلك، وهو عُودٌ طيّب الريح.
واللَّجْلجةُ: ثِقَلُ اللِّسانِ، ونَقْصُ الكلامِ، وأَن لا يخرج بعضه في أَثر بعض. ورجل لَجْلاجٌ وقد لَجْلَجَ وتَلَجْلَجَ. وقيل الأَعرابي: ما أَشدُّ البردِ؟ قال: إذا دَمَعَتِ العَيْنان وقطر المَنْخران ولَجْلَجَ اللِّسان؛ وقيل: اللَّجْلاجُ الذي يجولُ لسانه في شِدْقه. التهذيب: اللَّجلاجُ الذي سَجِيَّةُ لسانه ثِقَلُ الكلامِ ونَقْصُه. الليث: اللَّجْلَجةُ أَن يتكلم الرجل بلسان غير بَيِّنٍ؛ وأَنشد:

ومَنْطِقٍ بِلِسانٍ غيرِ لجْلاجِ

واللَّجْلَجةُ والتَّلَجْلُج: التَّرَدُّدُ في الكلام.
 ولَجْلَجَ اللُّقْمةَ في فِيهِ: أَدارَها من غير مَضْغٍ ولا إِساغةٍ.
ولَجْلَجَ الشيءَ في فِيهِ: أَدارَه. وتَلَجْلَجَ هو، وربما لَجْلَجَ الرجلُ اللُّقْمةَ في الفم في غير مَوْضِع؛ قال زهير:

يُلَجْلِجُ مُضْغةً فـيهـا أَنِـيضٌ

 

أَصَلَّتْ، فهْيَ تَحْتَ الكَشْحِ داءُ

الأَصمعي: أَخذتَ هذا المال فأَنت لا تردُّه ولا تأْخذه كما يُلَجلِجُ الرجل اللقمةَ فلا يَبْتَلِعُها ولا يلقيها. الجوهري: يُلَجْلِجُ اللقمةً في فيه أَي يردِّدها فِيهِ لِلمَضْغِ.
ابن شميل: اسْتَلَجّ فلان مَتاعَ فلان وتَلَجَّجَه إذا ادَّعاه.
أَبو زيد، يقال: الحَقُّ أَبْلَجُ والباطلُ لَجْلَج أَي يُرَدَّدُ من غير أَن يَنْفُذ، واللَّجْلَجُ: المخْتَلِطُ الذي ليس بمستقيم، والأَبْلَجُ: المُضِيءُ المُستقيمُ.
وفي كتاب عمر إِلى أَبي موسى: الفَهْمَ الفَهْمَ فيما تَلَجْلَجَ في صَدْرِكَ مما ليس في كتاب ولا سُنَّة أَي تَرَدَّدَ في صَدْرِك وقَلِقَ ولم يَسْتَقِرَّ؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: الكَلِمةُ من الحِكْمَةِ تكون في صدر المُنافِقِ، فَتَلَجْلَجُ حتى تخرج إِلى صاحبها أَي تتحرك في صدره وتَقْلَقُ حتى يَسْمَعَها المؤْمن فيأْخذَها ويَعِيَها؛ وأَراد تتلجلج فحذف تاء المضارعة تخفيفاً. وتَلَجْلَجَ بالشيءِ: بادَرَ. ولَجْلَجَه عن الشيء: أَداره ليأْخذه منه. وبَطْنُ لُجَّان: اسم موضع؛ قال الراعي:

فقلت والحَرَّةُ السَّوْداءُ دونَهُـم،

 

وبَطْنُ لُجَّانَ لما اعْتادَني ذِكَري

لجح

اللُّجْحُ، بالجيم قبل الحاء بالضم: الشيء يكون في الوادي نحوٌ من الدَّحْلِ كاللُّحْجِ، ويكون في أَسفل البئر والجبل كأَنه نَقْبٌ؛ قال شمر:

بادٍ نواحِيهِ شَطُون

اللُّجْحِ قال الأَزهري: والقصيدة على الحاء، قال: وأَصله اللُّحْج، الحاء قبل الجيم، فقلب. ولُجْحُ العين: كِفَّتُها كَلُحْجِها، والجمع من كل ذلك أَلْجاحٌ.

لجذ

لَجَذَ الطعامَ لَجْذاً: أَكله. واللَّجْذُ: أَول الرعي. واللجذ: الأَكل بطرف اللسان. ولَجَذَت الماشِيَةُ الكلأَ: أَكلته، وقيل: هو أَن تأْكله بأَطراف أَلسنتها إذا لم يمكنها أَن تأْخذه بأَسنانها. ونبتٌ مَلْجُوذٌ إذا لم يتمكن منه السن لِقِصَرِه فَلَسَّتْه الإِبل؛ قال الراجز:

مثل الوَأَى المُبْتَقِلِ اللَّجّاذِ

ويقال للماشية إذا أَكلت الكلأَ: لَجَذَتِ الكلأَ. وقال الأَصمعي: لَجَذَه مثل لَسَّه. ولَجَذَه يَلْجُذُهُ لَجْذاً: سأَله وأَعطاه ثم سأَل فأَكثر. قال أَبو زيد: إذا سأَلك الرجل فأَعطيته ثم سأَلك قلت: لَجَذَني يَلْجُذُني لَجذاً. الجوهري: لَجَذَني فلان يَلْجُذَ، بالضم، لَجْذاً إذا أَعطيته ثم سأَلك فأَكثر. ولَجِذَ لَجَذاً: أَخَذ أَخذاً يسيراً. ولَجِذَ الكلبُ الإِناءَ، بالكسر، لَجْذاً ولَجَذاً أَي لحسه من باطن. أَبو عمرو: لَجَذَ الكلبُ ولَجِذَ ولَجَنَ إذا ولغ في الإِناء.

لجز

اللَّجِزُ: مقلوب اللَّزجِ؛ قال ابن مقبل:

يَعْلُون بالمَرْدَقُوشِ الوَرْد ضاحِيَةً

 

على سَعابِيبِ ماءِ الضَّالَةِ اللَّجِزِ

هكذا أَنشده الجوهري؛ قال ابن بري: وصوابه ماء الضَّالَةِ اللَّجِنِ، وقبله:

من نِسْوَةٍ شُمُسٍ لا مَكْرَهٍ عُنُفٍ

 

ولا فَواحِشَ في سِرٍّ ولا عَلَنِ

المَرْدَقُوش: المَرْزَجُوشُ. وضاحية: بارزة للشمس. والسعابيب: ما جرى من الماء لَزِجاً. واللَّجِنُ: اللَّزِجُ. وشُمُسٌ: لا يَلِنَّ للخَنا، الواحدة شَمُوسٌ. ومَكْرَه: كَرِيهاتُ المَنْظَرِ. وعُنُفٌ: ليس فيهنَّ خُرْقٌ ولا يُفْحِشْنَ في القول في سِرٍّ ولا عَلَنٍ.

لجف

اللَّجَفُ مثل البُعْثُط: وهو سُرَّةُ الوادي. واللَّجَفُ: الناحية من الحوض أَو البئر يأْكله الماء فيصير كالكَهْف؛ قال أَبو كبير:

مُتَبَهِّرات بالسِّجالِ مِلاؤُهـا

 

يَخْرُجْن من لَجَفٍ لها مُتَلَقَّمِ

 والجمع أَلْجاف. واللَّجْفُ: الحَفْرُ في أَصل الكِناس، وقيل: في جنب الكِناس ونحوه، والاسم اللَّجَفُ.والمُلَجِّف: الذي يَحْفِر في ناحية من البئر. والتَّلَجُّف: التحفُّر في نواحي البئر. ولَجَّفْت البئر تَلْجِيفاً: حفرت في جوانبها. وفي حديث الحجاج: أَنه حَفَر حَفِيرة فَلَجَّفَها أَي حفَر في جوانبها؛ قال العجاج يصف ثوراً:

بِسَلْهَبَيْنِ فَوْق أَنْفٍ أَدْلَفـا

 

إذا انتحى مُعْتَقِماً أَو لَجَّفا

قوله بسلهبين أَي بقرْنين طويلين. ويقال: بئر فلان مُتَلَجِّفة؛ وأَنشد:

لو أَنَّ سَلْمَى ورَدَتْ ذا أَلجافْ

 

لقَصَّرَت ذَناذِنَ الثَّوْبِ الضافْ

ابن شميل: أَلجافُ الرَّكيّة ما أَكل الماء من نواحي أَصلها، وإن لم يأْكلها وكانت مستوية الأَسفل فليست بلَجف. وقال يونس: لجَف، ويقال: اللَّجَف ما حَفَر الماءُ من أَعلى الركية وأَسفلها فصار مثل الغار. الجوهري: اللَّجَف حَفْر في جانب البئر.ولَجِفَت البئر لَجَفاً، وهي لَجْفاء، وتَلَجَّفت، كلاهما: تَحفَّرت وأُكلت من أَعلاها وأَسفلها؛ وقد اسعتير ذلك في الجُرح كقول عذار بن دُرة الطائي:

يَحُجُّ مأْمُومةً في قَعْرِها لَجَفٌ

 

فاسْتُ الطَّبِيبِ قَذاها كالمَغاريدِ

وحكى الجوهري عن الأَصمعي: تَلجَّفَت البئر أَي انْخسفتْ؛ وبشر فلان مُتلجِّفة. واللجَف: مَلْجأُ السيل وهو مَحْبِسُه. واللِّجافُ: ما أَشرف على الغار من صخر أَو غير ذلك ناتٍ من الجبل، وربما جعل ذلك فوق الباب. ابن سيده: اللَّجَفةُ الغار في الجبل، والجمع لَجَفات، قال: ولا أَعلمه كُسِّر. ولَجَّفَ الشيءَ: وسَّعه من جوانبه. والتلْجِيف: إدخال الذكر في جوانب الفرج؛ قال البَوْلانيُّ:

فاعْتَكَلا وأَيُّما اعْتِكالِ

 

ولُجِّفَت بمِدسَرٍ مُخْتالِ

وفي الحديث: أَنه ذكر الدجال وفتنته ثم خرج لحاجته، فانتحب القوم حتى ارتفعت أَصواتهم فأَخذ بلَجَفَتَي الباب فقال مَهْيَمْ؛ لَجَفَتا الباب عِضادتاه وجانباه من قولهم لجَوانب البئر ألجاف جمع لَجَف، قال ابن الأَثير:ويروى بالباء، قال: وهو وهَمٌ.
واللَّجِيفُ من السِّهام: العريض؛ هكذا رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي باللام، وإنما المعروف النجِيف وقد روي اللَّخيف، وهو قول السكري، وسيأْتي ذكره. وفي التهذيب: اللجيف من السهام الذي نَصْله عريض، شك أَبو عبيد في اللجيف. قال الأَزهري: وحقّ له أَن يشك فيه لأَن الصواب النجيف، وهو من السهام العريض النصل، وجمعه نُجُفٌ، وسيأْتي ذكره. وفي الحديث: كان اسم فرسه، صلى اللّه عليه وسلم، اللَّجِيف. قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم بالجيم، فإن صح فهو من السرعة ولأَن اللّجِيف سهم عريض النصل.

لجم

لِجامُ الدابة: معروف، وقال سيبويه: هو فارسي معرب، والجمع أَلْجِمة ولُجُم ولُجْم، وقد أَلَجم الفرس. وفي الحديث: من سُئل عما يَعْلَمُه فكَتَمَه أَلْجَمَه اللهُ بِلجامٍ من نار يوم القيامة، قال المُمْسِك عن الكلام مُمَثَّل بمن أَلجَم نَفْسَه بلِجام، والمراد بالعلم ما يلزمه تعليمه ويتعيّن عليه، كمن يرى رجلاً حديثَ عَهْدٍ بالإِسلام ولا يُحْسِن الصلاةَ وقد حضر وقتُها فيقول عَلِّمُوني كيف أُصَلِّي، وكم جاء مُسْتَفْتِياً في حلال أَو حرام فإِنه يلزم في هذا وأَمثاله تعريف الجواب. ومَن مَنَعَه استحق الوعيد؛ ومنه الحديث: يَبْلُغ العَرَقُ منهم ما يُلْجِمُهم أَي يَصِل إِلى أَفواههم فيصير لهم بمنزلة اللِّجام يمنعهم عن الكلام، يعني في المحشر يوم القيامة. والمُلَجَّم: موضع اللِّجام، وإِن لم يقولوا لَجَّمْتُه كأَنهم توهموا ذلك واستأْنفوا هذه الصيغة؛ أَنشد ثعلب:

وقد خاضَ أَعْدائي من الإِثْمِ حَوْمةً

 

يغِيبون فيها، أَو تَنال المحـزّمـا

ولَجَمةُ الدابةِ: موقع اللِّجام من وجهها. واللِّجام: حبْلٌ أَو عصاً تُدْخَل في فم الدابة وتُلْزق إِلى قفاه. وجاء وقد لفَظ لِجامَه أَي جاء وهو مجهود من العطش والإِعْياء، كما يقال: جاء وقد قَرَضَ رِباطَه. واللِّجامُ: ضربٌ من سِمات الإِبل يكون من الخدين إِلى صَفْقَي العنق، والجمع كالجمع. يقال: أَلْجَمتُ الدابةَ، والقياس على الآخر مَلجوم، قال: ولم يسمع، وأحسن منه أَن يقال بهِ سمَةُ لِجام. وتَلَجَّمت المرأَةُ إذا استثْفَرت لمحيضها. والِّجامُ: ما تشدُّه الحائض. وفي حديث المُسْتحاضة: تلَجَّمي أَي شُدِّي لجاماً، وهو شبيه بقوله: اسْتثْفِري أَي اجعلي موضع خروج الدم عِصابةً تمنع الدم، تشبيهاً بوضع اللجام في فم الدابة. ولجَمَةُ الوادي: فُوَّهَتُه.
واللُّجْمة: العلَمُ من أَعلام الأَرض. واللَّجَم: الصمْدُ المرتفع. أَبو عمرو: اللُّجْمةُ الجَبل المسطَّح ليس بالضخم.
واللُّجَم: دُوَيْبَّة؛ قال عدي بن زيد:

له مَنْخِرٌ مثْلُ جُحْر اللُّجَمْ

يصف فرساً، وقيل: هي دويبة أَصغر من العَظاية. وقال ابن بري: اللُّجَم دابة أَكبر من شحمة الأَرض ودون الحِرْباء؛ قال أَدهم بن أَبي الزعراء:

لا يَهْتدِي الغرابُ فيها واللُّجَم

وقيل: هو الوَزَغ؛ التهذيب: ومنه قول الأَخطل:

ومَرَّت على الأَلْجامِ، أَلْجامِ حامرٍ،

 

يُثِرْن قَطاً لولا سُراهن هُـجَّـدا

أَراد جمع لُجْمةِ الوادي وهي ناحية منه؛ وقال رؤبة:

إِذا ارتمت أَصحانه ولُجَمُهْ

قال ابن الأَعرابي: واحدتها لُجْمة وهي نواحيه. ابن بري: قال ابن خالويه اللُّجَم العاطوسُ وهي سمكة في البحر والعرب تتشاءم بها؛ وأَنشد لرؤبة:

ولا أُحِبُّ اللُّجَمَ العاطوسا

واللَّجَمُ: الشُّؤْم. واللَّجَم: ما يُتَطَيَّرُ منه، واحدته لَجَمة.
ومُلْجَم: اسم رجل. وبنو لُجَيم: بطن.

لجن

لَجَنَ الورَقَ يَلْجُنُه لَجْناً، فهو مَلْجُونٌ ولَجِينٌ: خبَطه وخلَطه بدقيق أَو شعير.وكلُّ ما حِيسَ في الماء فقد لُجِنَ.
وتَلجَّنَ الشيءُ: تَلزَّجَ. وتلجَّنَ رأْسُه: اتَّسَخَ، وهو منه. وتلجَّنَ ورقُ السِّدْرِ إذا لُجِنَ مدقوقاً؛ وأَنشد الشمّاخ:

وماءٍ قد ورَدْتُ لوَصْلِ أَرْوَى،

 

عليه الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجـينِ

وهو ورقُ الخِطْمِيِّ إذا أُوخِفَ. أَبوعبيدة: لَجَّنْتُ الخِطْمِيّ ونحوه تَلْجيناً وأَوخَفْتُه إذا ضربته بيدك ليَثْخُنَ، وقيل:تلجَّنَ الشيءُ إذا غُسِلَ فلم يَنتَقِ من وسَخه. وشيء لَجِنٌ: وسِخ؛ قال ابن مقبل:

يَعْلونَ بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحِيةً

 

على سَعابيب ماء الضّالةِ اللَّجِنِ

الليث: اللَّجينُ ورقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثم يُخْلطُ بدقيق أَو شعير فيُعْلفُ للإبل، وكل ورق أَو نحوه فهومَلْجُون لجِينٌ حتى آسُ الغِسْلَةِ.
الجوهري: واللَّجِينُ الخَبَطُ، وهو ما سقط من الورق عند الخَبْطِ، وأَنشد بيت الشمّاخ. وتَلجَّنَ القومُ إذا أَخذوا الورقَ ودقوه وخلطوه بالنوى للإِبل. وفي حديث جرير: إذا أَخْلَفَ كان لَجِيناً؛ اللَّجينُ، بفتح اللام وكسر الجيم: الخَبَطُ، وذلك أَن ورق الأَراك والسَّلَم يُخْبَطُ حتى يسقُط ويَجِفَّ ثم يُدَقُّ. حتى يتَلجَّن أَي يتلزج ويصير كالخِطْمِي.
وكل شيء تلزج فقد تَلجَّنَ، وهو فعيل بمعنى مفعول.
وناقة لَجُون: حَرُون؛ قال أَوس:

ولقد أَرِبْتُ على الهُمومِ بجَسْرَةٍ

 

عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ، غير لَجُـونِ

قال ابن سيده: اللِّجانُ في الإِبل كالحِرَانِ في الخيل.وقد لَجَنَ لِجاناً ولُجوناً وهي ناقة لَجُونٌ، وناقة لَجُون أَيضاً: ثقيلة المشي، وفي الصحاح: ثقيلة في السير، وجمَلٌ لَجُونٌ كذلك.قال بعضهم: لا يقال وجمَلٌ لَجُونٌ إِنما تُخَصُّ به الإِناثُ، وقيل: اللِّجانُ واللُّجُون في جميع الدواب كالحِرَانِ في ذوات الحافر منها. غيره: الحِرانُ في الحافر خاصةً، والخِلاء في الإِبل، وقد لَجَنت تَلْجُنُ لُجُوناً ولِجاناً. واللُّجَيْنُ: الفضة، لا مكبرله جاء مُصغَّراً مثل الثُّرَيّا والكُمَيْتِ؛ قال ابن جني: ينبغي أَن يكون إِنما أَلزموا التحقير هذا الاسم لاستصغار معناه ما دام في تُرابِ مَعْدِنه فلزمه التخليص. وفي حديث العِرْباض: بِعْتُ من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بَكْراً فأَتيته أَتقاضاه ثمَنَه فقال: لا أَقضيكها إِلا لُجَيْنِيَّةً؛ قال ابن الأَثير: الضمير في أَقضيكها إِلى الدراهم، واللُّجَيْنِيَّة منسوبة إِلى اللُّجَينِ، وهو الفضة. واللَّجِينُ: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ قال أَبو وجزة:

كأَنَّ الناصعاتِ الغُرَّ منهـا،

 

إِذا صَرَفَتْ وقَطَّعَتِ اللَّجِينا

شبَّه لُغامها بلَجِين الخَطْمِيّ، وأَراد بالناصعات الغر أَنيابها.

لحا

لَحا الشجرةَ يَلْحُوها لَحواً: قَشَرها؛ أَنشد سيبويه:

واعْوَجَّ عُودُكَ مِنْ لَحْيٍ ومِنْ قِدَمٍ

 

لا يَنْعَمُ الغُصْنُ حتى يَنْعَمَ الورَقُ

وفي الحديث: فإِذا فعلتم ذلك سلَّط الله عليكم شرارَ خَلقه فالتَحَوْكم كما يُلْتَحَى القَضِيبُ؛ هو من لَحَوْت الشجرة إذا أَخذت لِحاءها، وهو قشرها، ويروى: فَلَحَتُوكُمْ، وهو مذكور في موضعه. وفي الحديث: فإِن لم يَجِد أَحدُكم إِلاَّ لحاءَ عِنبة أَو عُودَ شجرة فلْيَمْضَغْه؛ أَراد قِشر العنبة، استعاره من قِشر العود. وفي خطبة الحجاج: لأَلْحُوَنَّكُم لَحْوَ العَصا؛ واللِّحاء: ما على العَصا من قِشرها، يمد ويقصر؛ وقال أَبو منصور: المعروف فيه المدّ. ولِحاء كل شجرة: قشرها، ممدود، والجمع أَلْحِيةٌ ولُحِيٌّ ولِحِيٌّ. ولحَاها يَلْحاها لَحْياً والتَحاها: أَخذ لِحاءها.
وأَلْحَى العُودُ إذا أَنَى له أَن يُلْحَى قِشرُه عنه. واللِّحاء: قِشرُ كل شيء. ولَحَوْت العُود أَلْحُوه وأَلْحاه إذا قَشرته. والتَحَيْت العصا وَلَحَيْتها التِحاء ولَحْياً إذا قشرتها. الكسائي: لَحَوت العَصا ولَحَيْتها، فأَما لَحَيْت الرجل من اللَّوْم فبالياء لا غير. وفي المثل: لا تَدْخُلْ بين العَصا ولِحائها أَي قِشرتها؛ وأَنشد:

لَحَوْتُ شَمّاساً كما تُلْحَى العَصا

 

سَبّاً، لو ان السَّبَّ يُدْمِي لَدَمِي

قال أَبو عبيد: إذا أَرادوا أَن صاحب الرجل موافق له لا يخالفه في شيء قالوا بينَ العَصا ولِحائها، وكذلك قولهم: هو على حَبْلِ ذِراعِك، والحَبْلُ عِرْق في الذراع. ابن السكيت: يقال للتمرة إِنها لكثيرة اللِّحاء، وهو ما كَسا النَّواةَ. الجوهري: اللِّحاء، ممدود، قشر الشجر. وفي المثل:بين العَصا ولِحائها. ولَحَوْت العَصا أَلْحُوها لَحْواً: قشرتها، وكذلك لَحَيْت العَصا لَحْياً؛ قال أَوس بن حجر:

لَحَيْنَهُم لَحْيَ العَصا، فَطَرَدْنَهم

 

إِلى سَنَةٍ، قِردانُها لم تَحَلَّـمِ

يقول: إذا كانت جِرْذانُها لم تحلم فكيف غيرها، وتَحَلَّمَ: سَمِنَ.ولَحا الرجلَ لَحْواً: شَتَمَه، وحكى أَبو عبيد: لَحَيْته أَلْحاه لَحْواً، وهي نادرة. وفي الحديث: نُهِيتُ عن مُلاحاةِ الرِّجال أَي مُقاوَلَتِهم ومخاصمتهم، هو من لَحَيْت الرجل أَلحاه لَحْياً إذا لُمْتَه وعَذَلته. ولاحَيْتُه مُلاحاةً ولِحاء إذا نازَعْته. وفي حديث ليلة القدر: تلاحَى رجلان فرُفِعَت. وفي حديث لُقْمان: فلَحْياً لصاحِبنا لَحْياً أَي لَوْماً وعَذْلاً، وهو نصب على المصدر كسَقْياً ورَعْياً. ولَحا الرجلَ يَلْحاه لَحْياً: لامه وشتمه وعَنَّفه، وهو مَلْحِيٌّ. ولاحَيْته مُلاحاةً ولِحاء إذا نازعته، وتَلاحَوْا: تنازعوا. ولَحاه الله لَحْياً أَي قَبَّحه ولَعَنه. ابن سيده: لَحاه الله لَحْياً قشره وأَهلكه ولَعنه من ذلك، ومنه: لَحَوْت العُود لَحْواً إذا قشرته؛ وقول رؤبة:

قالَتْ، ولم تُلْحِ وكانت تُلْحِي

 

عَلَيْكَ سَيْبَ الخُلَفاء البُجْحِ

معناه لم تأْت بما تُلْحى عليه حين قالت عليك سَيْبَ الخلفاء، وكانت تُلْحِي قبل اليوم، قيل: كانت تقول لي اطْلُبْ من غيرهم من الناس فتأْتي بما تُلامُ عليه. واللِّحاء، ممدود: المُلاحاةُ كالسِّبابِ؛ قال الشاعر:

إِذا ما كان مَغْثٌ أَو لِحاء

ولاحَى الرجلَ مُلاحاةً ولِحاء: شاتَمه. وفي المثل: مَن لاحاك فقد عاداكَ؛ قال:  

ولولا أَن يَنالَ أَبا طَريف

 

إِسارٌ من مَلِيك، أَو لِحاءُ

وتَلاحَى الرجلان: تشاتَما. ولاحَى فلان فلاناً مُلاحاة ولِحاء إذا اسْتَقْصَى عليه. ويحكى عن الأَصمعي أَنه قال: المُلاحاة المُلاوَمة والمُباغضة، ثم كثر ذلك حتى جعلت كل مُمانعة ومُدافعة مُلاحاة؛ وأَنشد:

ولاحَتِ الرَّاعِيَ من دُرُورِها

 

مَخاضُها، إِلاَّ صَفايا خُورِها

واللِّحاء: اللَّعْنُ. واللِّحاء: العَذْل. واللَّواحي: العَواذِل.
واللَّحْيُ: مَنْبِت اللِّحْية من الإِنسان وغيره، وهما لَحْيانِ وثلاثة أَلْحٍ، على أَفْعُلٍ، إِلا أَنهم كسروا الحاء لتسلم الياء، والكثير لُحِيٌّ ولِحِيٌّ، على فُعُول، مثل ثُدِيّ وظُبيٍّ ودُلِيٍّ فهو فُعول. ابن سيده: اللِّحية اسم يجمع من الشعر ما نبت على الخدّين والذقَن، والجمع لِحىً ولُحىً، بالضم، مثل ذِرْوةٍ وذُرىً؛ قال سيبويه: والنسب إِليه لَحَوِيّ؛قال ابن بري: القياس لَحْيِيٌّ.
ورجل أَلْحَى ولِحْيانِيٌّ: طويل اللِّحْية، وأَبو الحسن عليّ ابن خازم يلقب بذلك، وهو من نادر معدول النسب، فإِن سميت رجلاً بلحية ثم أَضفت إِليه فعلى القياس. والتحَى الرجلُ: صار ذا لِحْية، وكَرِهَها بعضهم.
واللَّحْي: الذي يَنْبُت عليه العارض، والجمع أَلْحٍ ولُحِيٌّ ولِحاء؛ قال ابن مقبل:

تَعَرَّضُ تَصْرِفُ أَنْيابُهـا

 

ويَقْذِفْنَ فوقَ اللِّحا التُّفالا

واللِّحْيانِ: حائطا الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأَسنان من داخل الفم من كل ذي لَحْي؛ قال ابن سيده: يكون للإِنسان والدابة، والنسب إِليه لَحَويٌّ، والجمع الأَلْحِي. يقال: رجل لَحْيانٌ إذا كان طويل اللِّحية، يُجْرى في النكرة لأَنه يقال للأَنثى لَحْيانةٌ. وتَلَحَّى الرجل: تعمم تحت حَلْقه؛ هذا تعبير ثعلب، قال ابن سيده: والصواب تعمم تحت لَحْيَيه ليصح الاشتقاق. وفي الحديث: نَهى عن الاقْتِعاطِ وأَمرَ بالتلَحِّي؛ هو جعل بعض العمامة تحت الحنك، والاقْتِعاطُ أَن لا يجعل تحت حنكه منها شيئاً، والتلَحِّي بالعمامةِ إِدارةُ كَوْر منها تحت الحنك. الجوهري: التَّلَحِّي تطويق العمامة تحت الحنك. ولَحْيا الغَديرِ: جانباه تشبيهاً باللِّحْيَيْنِ اللَّذين هما جانبا الفم؛ قال الراعي:

وصَبَّحْنَ للصَّقْرَيْنِ صَوْبَ غَمامةٍ

 

تضَمَّنَها لَحْيا غَديرٍ وخـانِـقُـهْ

واللِّحْيانُ: خُدود في الأَرض مما خدَّها السيل، الواحدة لِحْيانةٌ.
واللِّحيان: الوَشَل والصَّديعُ في الأَرض يَخِرّ فيه الماء، وبه سميت بنو لِحْيان، وليست تثنية اللَّحْي. ويقال: أَلْحى الرجلُ إذا أَتى ما يُلْحَى عليه أَي يُلامُ، وأَلْحَت المرأَة؛ قال رؤبة:

فابْتَكَرَتْ عاذلةً لا تُلْحي

وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، احْتَجَمَ بلَحْيَيْ جَمَلٍ، وفي رواية: بلَحْي جَمَلٍ؛ هو بفتح اللام، وهو مكان بين مكة والمدينة، وقيل: عقبة، وقيل: ماء.وقد سمت لَحْياً ولُحَيّاً ولِحْيانَ، وهو أَبو بطن. وبنو لِحْيان: حَيٌّ من هذيل، وهو لِحْيان بن هذيل بن مُدْرِكة. وبنو لِحْيةَ: بطن، النسب إِليهم لِحَويٌّ على حدّ النسب إِلى اللِّحْية. ولِحْية التيس:نَبْتة.

لحب

اللحب: قطعك اللحم طولا. والملحب: المقطع. ولحبه ولحبه: ضربه بالسيف، أو جرحه، عن ثعلب، قال أبو خراش:

تطيف عليه الطير وهو ملـحـب

 

خلاف البيوت عند محتمل الصرم

الأصمعي: الملحب نحو من المخذم. ولحب متن الفرس وعجزه: املاس في حدور، ومتن ملحوب، قال الشاعر:

فالعين قادحة والرجـل ضـارحة

 

والقصب مضطمر والمتن ملحوب

ورجل ملحوب: قليل اللحم، كأنه لحب، قال أبو ذؤيب:

أدرك أرباب النعم

 

بكل ملحوب أشم.

واللحيب من الإبل: القليلة لحم الظهر.
ولحب الجزار ما على ظهر الجزور: أخذه.
ولحب اللحم عن العظم يلحبه لحبا: قشره، وقيل: كل شيء قشر فقد لحب.
واللحب: الطريق الواضح، واللاحب مثله، وهو فاعل بمعنى مفعول أي محلوب، تقول منه: لحبه يلحبه لحبا إذا وطئه ومر فيه، ويقال أيضا: لحب إذا مر مرا مستقيما. ولحب الطريق يلحب لحوبا: وضح كأنه قشر الأرض. ولحبه يلحبه: بينه، ومنه قول أم سلمة لعثمان رضي الله عنه: لا تعف طريقا كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحبها أي أوضحها ونهجها. وطريق ملحب: كلاحب، أنشد ثعلب:

وقلص مقورة الألـياط

 

باتت على ملحب أطاط

الليث: طريق لاحب ولحب وملحوب إذا كان واضحا، قال: وسمعت العرب تقول: التحب فلان محجة الطريق، ولحبها والتحبها إذا ركبها، ومنه قول ذي الرمة:

فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت

 

يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب

أي يركبن اللاحب، وبه سمي الطريق الموطئأ لاحبا، لأنه كأنه لحب أي قشر عن وجهه التراب،فهو ذو لحب. وفي حديث أبي زمل الجهني: رأيت الناس على طريق رحب لاحب. اللاحب: الطريق الواسع المنقاد الذي لا ينقطع. ولحب الشيء: أثر فيه، قال معقل بن خويلد يصف سيلا:

لهم عدوة كالقضاف الأتي

 

مد به الكدر الـلاحـب

ولحبه: كلحبه. ولحبه بالسياط: ضربه، فأثرت فيه. ولحب به الأرض أي صرعه. ومر يلحب لحبا أي يسرع. ولحب يلحب لحبا: نكح.
التهذيب: الملحب اللسان الفصيح. والملحب: الحديد القاطع، وفي الصحاح: كل شيء يقشر به ويقطع، قال الأعشى:

وأدفع عن أعراضكم وأعيركم

 

لسانا كمقراض الخفاجي ملحبا

وقال أبو دواد:

رفعناها ذميلا في

 

ممل معمل لحب.

ورجل ملحب إذا كان سبابا بذيء اللسان.
وقد لحب الرجل، بالكسر، إذا أنحله الكبر، قال الشاعر:

عجوز ترجي أن تـكـون فـتـية

 

وقد لحب الجنبان واحدودب الظهر

وملحوب: موضع، قال عبيد:

أقفر من أهله ملحوب

 

فالقطبيات فالذنـوب

لحت

لَحَته لَحْتاً: بَشَره وقَشَرَه، كنَحَتَه نَحْتاً؛ عن ابن الأَعرابي، وقال: هذا رجل لا يَضِيرُك عليه نَحْتاً ولَحْتاً أَي ما يَزيدُك عليه نَحْتاً للشِّعْر، ولَحْتاً له. الأَزهري: بَرْدٌ بَحْتٌ لَحْتُ أَي بَرْدٌ صادق.
ولَحَتَ فلانٌ عَصاه لَحْتاً إذا قَشَرها؛ ولَحَتَهُ بالعَذْلِ لَحْتاً، مثلُه. وفي الحديث: إِن هذا الأَمْرَ لا يزالُ فيكم، وأَنتم وُلاتُه، ما لم تُحْدِثُوا أَعمالاً، فإِذا فَعَلْتم كذا بَعَثَ اللهُ عليكم شَرَّ خَلقِه فلَحَتُوكم كما يُلْحَتُ القَضِيبُ؛ اللَّحْتُ: القَشرُ. ولَحَتَ العَصا إذا قَشَرها. ولَحَته إذا أَخَذَ ما عنده، ولم يَدَعْ له شيئاً. واللَّحْتُ واللَّتْحُ: واحدٌ، مقلوب؛ وفي رواية: فالْتَحَوكُم كما يُلْتَحى القضيبُ؛ يقال: الْتَحَيْتُ القَضيبَ ولَحَوْتُه إذا أَخَذْتَ لِحاءَه.

لحج

اللَّحَجُ: من بُثُور العين شِبْهُ اللَّخَصِ إِلا أَنه من تَحْت ومن فوق. واللَّحَجُ: الغَمَصُ. واللُّحْجُ: غارُ العين الذي نَبَتَ عليه الحاجبُ. ولَحِجَتْ عينُه؛ وقال الشمَّاخ:

بِخَوْصاوَيْنِ في لُحْجٍ كَنينِ

واللُّحْجُ: كلُّ ناتٍ من الجَبَل يَنْخَفِضُ ما تحته. واللُّحْجُ: الشيء يكون في الوادي نحو الدَّحْلِ في أَسْفَلِه وفي أَسفل البئر والجبل، كأَنه نَقْبٌ، والجمع من كل ذلك أَلْحاجٌ، لم يكسَّر على غير ذلك.
وأَلْحاجُ الوادي: نَواحِيه وأَطْرافُه، واحدها لُحْجٌ، ويقال لِزَوايا البيت: الأَلحاجُ والأَدْحالُ والجوازي والحَراسِمُ والأَخْصامُ والأَكْسارُ والمَزْوِيَّاتُ.
ولَحْيٌ أَلْحَجُ: مُعْوَجٌّ؛ وقد لَحِجَ لَحَجاً. وقد لَحِجَ بينهم شَرٌّ: نَشِبَ. ولَحِجَ بالمَكانِ: نَشِبَ فيه ولَزِمَه. ولَحِجَ الشيءُ إذا ضاقَ. والمَلاحِجُ: المضايِقُ. والمَلاحِيجُ: الطُّرُق الضَّيِّقةُ في الجبالِ، وربما سُمِّيت المَحاجمُ مَلاحِجَ. واللَّحْج، مجزومٌ: المَيْلُ. والتَحَجُوا إِلى كذا وكذا: مالُوا. وأَلحَجَهُم إِليه: أَمالَهم؛ وقول رؤبة:

أَو يُلْحِجُ الأَلْسُنَ منها مَلْحَجَا

أَي يقول فينا فتَمِيلُ عن الحسَنِ إِلى القَبيح، ونسبه الأَزهري للعجاج. وتَلَحَّجَ عليه الأَمْرَ ولَحْوَجه: أَظْهَرَ غير ما في نفسِه. ولَحَّجْتُ عليه الخبَر تَلْحيجاً إذا خَلَطْتَه عليه وأَظْهَرْتَ غيرَ ما في نفسِك، وكذلك لَحْوَجْتُ عليه الخبرَ، وفرق الأَزهريّ بينهما، فقال: لَحْوَجْتُ عليه الخبر: خَلَطْتُه، ولَحَّجَهُ تَلْحيجاً: أَظهر غير ما في نفسه؛ وخِطّةٌ مَلْحُوجَةٌ: مُخَلَّطةٌ عَوْجاءُ.
الجوهري: لَحِجَ السيفُ وغيره، بالكسر، يَلْحَجُ لَحَجاً أَي نَشِبَ في الغِمْدِ فلم يخرج مثل لَصِبَ. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، يوم بدر: فوقع سيفه فَلَحِجَ أَي نَشِبَ فيه. يقال: لَحِجَ في الأَمر يَلْحَجُ إذا دَخَلَ فيه ونَشِبَ.
ومكان لَحِجٌ أَي ضَيِّقٌ.
والمُلْتَحَجُ: الملْجَأُ مثل المُلْتَحَدِ. وقد التَحَجَه إِلى ذلك الأَمْرِ أَي أَلجأَهُ والْتَحَصَه إِليه. وأَتى فلانٌ فلاناً فلم يجد عنده مَوْئِلاَ ولا مُلْتَحَجاً أَي لم يجد عنده ملجأً؛ وأَنشد:

حُبَّ الضَّريكِ تِلادَ المالِ زَرَّمَه

 

فَقْرٌ، ولم يَتَّخِذْ في الناسِ مُلْتَحَجا

ولَحَجه بالعصا إذا ضربه بها. ولَحَجَه بعَيْنِه.
ولَحْجٌ: اسم موضع.

لحجم

طريقٌ لَحْجَم: واسعٌ واضح؛ حكاه اللحياني؛ قال ابن سيده: وأَرى حاءَه بدلاً من هاء لَهْجَم.

لحح

اللَّحَحُ في العين: صُلاقٌ يصيبها والتصاق؛ وقيل: هو التزاقُها من وجع أَو رَمَص؛ وقيل: هو لزُوق أَجفانها لكثرة الدموع؛ وقد لَحِحَتْ عينُه تَلْحَحُ لَحَحاً، بإِظهار التضعيف، وهو أَحد الأَحرف التي أُخرجت على الأَصل من هذا الضرب منبهة على أَصلها ودليلاً على أَوّلية حالها والإِدغام لغة؛ الأَزهري عن ابن السكيت قال: كل ما كان على فَعِلَتْ ساكنة التاء من ذوات التضعيف، فهو مدغم، نحو صَمَّتِ المرأَةُ وأَشباهها إِلا أَحرفاً جاءت نوادر في إِظهار التضعيف، وهي: لَحِحَتْ عينُه إذا التصقت، ومَشِشَت الدابة وصَكِكَت، وضَبِبَ البلدُ إذا كثر ضَبابه، وأَلِلَ السِّقاءُ إذا تغيرت ريحه، وقَطِطَ شَعره.
ولَحَّتْ عينُه كَلَخَّتْ: كثرت دموعها وغَلُظَتْ أَجفانها. وهو ابن عَمٍّ لَحٍّ، في النكرة بالكسر لأَنه نعت للعم؛ وابن عمي لَحّاً في المعرفة أَي لازقُ النسب من ذلك، ونصب لَحّاً على الحال، لأَن ما قبله معرفة، والواحد والاثنان والجمع والمؤَنث في هذا سواء بمنزلة الواحد. وقال اللحياني: هما ابنا عَمٍّ لَحٍّ ولَحّاً، وهما ابنا خالة، ولا يقال: هما ابنا خال لَحّاً، ولا ابنا عمة لَحّاً، لأَنهما مفترقان إِذ هما رجل وامرأَة، وإِذا لم يكن ابن العم لَحّاً وكان رجلاً من العشيرة قلت: هو ابن عَمِّ الكلالةِ، وابنُ عَمٍّ كلالةً. والإِلْحاحُ: مثل الإِلْحافِ.
أَبو سعيد: لَحَّت القرابةُ بين فلان وبين فلان إذا صارت لَحّاً، كَلَّتْ تَكِلُّ كلالةً إذا تباعدت. ومكانٌ لَحِحٌ لاحٌّ: ضَيِّقٌ، وروي بالخاء المعجمة. ووادٍ لاحٌّ: ضيق أَشِبٌ يَلْزَقُ بعضُ شجره ببعض. وفي حديث ابن عباس في قصة إِسماعيل، عليه السلام، وأُمِّه هاجَرَ: وإِسكان إِبراهيم إِياهما مكة والوادي يومئذ لاحٌّ أَي ضَيِّقٌ ملتف بالشجر والحجر أَي كثير الشجر؛ قال الشماخ:

بخَوْصاوَيْنِ في لِحَحٍ كَنِين

أَي في موضع ضيق يعني مَقَرَّ عيني ناقته، ورواه شمر: والوادي يومئذ لاخٌّ، بالخاء، وسيأْتي ذكره في موضعه.
وأَلَحَّ عليه بالمسأَلة وأَلَحَّ في الشيء: كثر سؤالُه إِياه كاللاصق به. وقيل: أَلَحَّ على الشيء أَقبل عليه لا يَفْتُرُ عنه، وهو الإِلحاحُ، وكله من اللُّزوق. ورجل مِلْحاحٌ: مُدِيمٌ للطلب. وأَلَحَّ الرجل على غريمه في التقاضي إذا وَظَبَ.
والمِلحاحُ من الرحال: الذي يَلْزَق بظهر البعير فَيَعَضُّه ويَعْقِره، وكذلك هو من الأَقْتاب والسروج. وقد أَلَحَّ القَتَبُ على ظهر البعير إذا عقره؛ قال البَعِيثُ المُجاشِعِيُّ:

أَلَدُّ إذا لاقيتُ قوماً بخُـطَّةٍ

 

أَلَحَّ على أَكْتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ

ورَحى مِلْحاحٌ على ما يَطْحَنُه. وأَلَحَّ السحابُ بالمطر: دام؛ قال امرؤ القيس:

دِيارٌ لسَلْمى عافِياتٌ بذي خالِ

 

أَلَحَّ عليها كلُّ أَسْحَمَ هَطَّـالِ

وسحابٌ مِلْحاحٌ: دائم. وأَلح السحابُ بالمكان: أَقام به مثل أَلَثَّ، وأَنشد بيت البعيث المجاشعي؛ قال ابن بري: وصف نفسه بالحِذْق في المخاصمة وأَنه إذا عَلِقَ بخَصْمٍ لم ينفصل منه حتى يؤثر كما يؤثر القتب في ظهر الدابة.
وأَلَحَّت المَطِيُّ: كَلَّتْ فأَبطأَت. وكلُّ بطيء: مِلْحاحٌ. وجابة مُلِحٌّ إذا بَرَك ثَبَتَ ولم ينبعث. وأَلَحَّت الناقة وأَلَحَّ الجمل إذا لزما مكانهما فلم يَبْرَحا كما يَحْرُنُ الفرسُ؛ وأَنشد:

كما أَلَّحتْ على رُكْبانِها الخُورُ

الأَصمعي: حَرَنَ الجابةُ وأَلَحَّ الجملُ وخَلأَتِ الناقةُ.
والمُلِحُّ: الذي يقوم من الإِعياء فلا يبرح. وأَجاز غيرُ الأَصمعي: وأَلحَّت الناقةُ إذا خَلأَتْ؛ وأَنشد الفراء لامرأَة دعت على زوجها بعد كبره:

تقولُ: وَرْياً، كُلَّما تَنَحْنَحا

 

شَيْخاً، إذا قَلَبْتَه تَلَحْلَحا

ولَحْلَح القومُ وتَلَحْلَحَ القوم: ثبتوا مكانهم فلم يبرحوا؛ قال ابن مقبل:

بحَيٍّ إذا قيل: اظْعَنُوا قد أُتِيتُمْ

 

أَقامُوا على أَثقالهم، وتَلَحْلَحوا

يريد أَنهم شُجْعان لا يزولون عن موضعهم الذين هم فيه إذا قيل لهم: أُتيتم، ثقةً منهم بأَنفسهم.
وتَلَحْلَحَ عن المكان: كتزحزح، ويقول الأَعرابي إذا سئل: ما فعل القوم؟ يقول تَلَحْلَحُوا أَي ثَبَتُوا؛ ويقال: تَحَلْحَلُوا أَي تفرّقوا؛ قال: وقولها في الأُرجوزة تَلَحْلَحا، أَرادت تَحلْحَلا فقلبت، أَرادت أَن أَعضاءه قد تفرّقت من الكبر. وفي الحديث: أَن ناقة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تَلَحْلَحَتْ عند بيت أَبي أَيوبَ ووضعت جِرانَها أَي أَقامت وثبتت وأَصله من قولك أَلَحَّ يُلِحُّ.
وأَلَحَّت الناقة إذا بَرَكَت فلم تَبْرح مكانها. وفي حديث الحديبية: فركب ناقته فزَجَرها المسلمون فأَلَحَّت أَي لزمت مكانها، من أَلَحَّ على الشيء إذا لزمه وأَصَرَّ عليه. وأَما التَّحَلْحُلُ: فالتحرك والذهابُ.
وخُبْزةٌ لَحَّةُ ولَحْلَحةٌ ولَحْلَحٌ: يابسة؛ قال:

حتى اتَّقَتْنا بقُرَيْصٍ لَحْلَحِ

 

ومَذْقَةٍ كقُرْبِ كَبْشٍ أَمْلَحِ

لحد

اللَّحْد واللُّحْد: الشَّقُّ الذي يكون في جانب القبر موضِع الميت لأَنه قد أُمِيل عن وسَط إِلى جانبه، وقيل: الذي يُحْفر في عُرْضه؛ والضَّريحُ والضَّريحة: ما كان في وسطه، والجمع أَلْحَادٌ ولحُود. والمَلْحود كاللحد صفة غالبة؛ قال:

حتى أُغَيَّبَ في أَثْناءِ مَلْحود

ولَحَدَ القبرَ يَلْحَدُه لَحْداً وأَلْحَدَه: عَمِلَ له لحْداً، وكذلك لَحَدَ الميتَ يَلْحَدُه لَحْداً وأَلْحَده ولَحَد له وأَلْحَدَ، وقيل: لَحَده دفنه، وأَلْحَده عَمِلَ له لَحْداً. وفي حديث دفْن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَلْحِدُوا لي لَحْداً. وفي حديث دفنه أَيضاً: فأَرسَلُوا إِلى اللاحدِ والضارِحِ أَي إِلى الذي يَعْمَلُ اللَّحْدَ والضَّريحَ.
الأَزهريّ: قبر مَلْحود له ومُلْحَد وقد لَحَدوا له لَحْداً؛ وأَنشد:

أَناسِيّ مَلْحود لها في الحواجب

شبه إِنسان العين تحت الحاجب باللحد، وذلك حين غارت عيون الإِبل من تعَب السيْر.
أَبو عبيدة: لحَدْت له وأَلحَدْتُ له ولَحَدَ إِلى الشيء يَلْحَدُ والتَحَدَ: مال. ولحَدَ في الدِّينِ يَلْحَدُ وأَلحَدَ: مالَ وعدَل، وقيل: لَحَدَ مالَ وجارَ.
ابن السكيت: المُلْحِدُ العادِلُ عن الحق المُدْخِلُ فيه ما ليس فيه، يقال قد أَلحَدَ في الدين ولحَدَ أَي حاد عنه، وقرئ: لسان الذي يَلْحَدون إِليه، والتَحَدَ مثله. وروي عن الأَحمر: لحَدْت جُرْت ومِلْت، وأَلحدْت مارَيْت وجادَلْت. وأَلحَدَ: مارَى وجادَل. وأَلحَدَ الرجل أَي ظلَم في الحَرَم، وأَصله من قوله تعالى: ومَن يُرِدْ فيه بِإِلحادٍ بظلم؛ أَي إِلحاداً بظلم، والباء فيه زائدة؛ قال حميد بن ثور:

قَدْنَي من نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدي،

 

ليس الإِمامُ بالشَّحِيح المُلْحِدِ،

أَي الجائر بمكة. قال الأَزهري: قال بعض أَهل اللغة معنى الباء الطرح، المعنى: ومن يرد فيه إِلحاداً بظلم؛ وأَنشدوا:

هُنَّ الحَرائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِـرةٍ،

 

سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِ

المعنى عندهم: لا يَقْرأْنَ السُّوَر. قال ابن بري: البيت المذكور لحميد بن ثور هو لحميد الأَرقط، وليس هو لحميد بن ثور الهلالي كما زعم الجوهري. قال: وأَراد بالإِمام ههنا عبد الله بن الزبير. ومعنى الإِلحاد في اللغة المَيْلُ عن القصْد. ولَحَدَ عليَّ في شهادته يَلْحَدُ لَحْداً: أَثِمَ. ولحَدَ إِليه بلسانه: مال. الأَزهري في قوله تعالى: لسان الذين يلحدون إِليه أَعجمي وهذا لسان عربي مبين؛ قال الفراء: قرئ يَلْحَدون فمن قرأَ يَلْحَدون أَراد يَمِيلُون إِليه، ويُلْحِدون يَعْتَرِضون. قال وقوله: ومن يُرِدْ فيه بِإِلحاد بظلم أَي باعتراض. وقال الزجاج: ومن يرد فيه بإِلحادٍ؛ قيل: الإِلحادُ فيه الشك في الله، وقيل: كلُّ ظالم فيه مُلْحِدٌ.
وفي الحديث: احتكارُ الطعام في الحرم إِلحادٌ فيه أَي ظُلْم وعُدْوان.
وأَصل الإِلحادِ: المَيْلُ والعُدول عن الشيء. وفي حديث طَهْفَةَ: لا تُلْطِطْ في الزكاةِ ولا تُلْحِدُ في الحياةِ أَي لا يَجْري منكم مَيْلٌ عن الحق ما دمتم أَحياء؛ قال أَبو موسى: رواه القتيبي لا تُلْطِطْ ولا تُلْحِدْ على النهي للواحد، قال: ولا وجه له لأَنه خطاب للجماعة. ورواه الزمخشري: لا نُلْطِطُ ولا نُلْحِدُ، بالنون. وأَلحَدَ في الحرم: تَرَك القَصْدَ فيما أُمِرَ به ومال إِلى الظلم؛ وأَنشد الأَزهري:

لَمَّا رَأَى المُلْحِدُ، حِينَ أَلْحَمـا،

 

صَواعِقَ الحَجَّاجِ يَمْطُرْنَ الدّما

قال: وحدثني شيخ من بني شيبة في مسجد مكة قال: إِني لأَذكر حين نَصَبَ المَنْجَنِيق على أَبي قُبَيْس وابن الزبير قد تَحَصَّنَ في هذا البيت، فجعَلَ يَرْميهِ بالحجارة والنِّيرانِ فاشْتَعَلَتِ النيرانُ في أَسْتارِ الكعبة حتى أَسرعت فيها، فجاءَت سَحابةٌ من نحو الجُدّةِ فيها رَعْد وبَرْق مرتفعة كأَنها مُلاءَة حتى استوت فوق البيت، فَمَطَرَتْ فما جاوز مطَرُها البيتَ ومواضِعَ الطوافِ حتى أَطفَأَتِ النارَ، وسالَ المِرْزابُ في الحِجْر ثم عَدَلَتْ إِلى أَبي قُبَيْس فرمت بالصاعقة فأَحرقت المَنْجَنِيق وما فيها؛ قال: فحدَّثْت بهذا الحديث بالبصرة قوماً، وفيهم رجل من أَهل واسِط، وهو ابن سُلَيْمان الطيَّارِ شَعْوَذِيّ الحَجَّاج، فقال الرجل: سمعت أَبي يحدث بهذا الحديث؛ قال: لمَّا أَحْرَقَتِ المَنْجَنِيقَ أَمْسَك الحجاجُ عن القتال، وكتب إِلى عبد الملك بذلك فكتب إِليه عبد الملك: أَما بعد فإِنّ بني إِسرائيل كانوا إذا قَرَّبوا قُرْباناً فتقبل منهم بعث الله ناراً من السماء فأَكلته، وإِن الله قد رضي عملك وتقبل قُرْبانك، فَجِدَّ في أَمْرِكَ والسلام.
والمُلْتَحَدُ: المَلْجَأُ لأَن اللاَّجِئ يميل إِليه؛ قال الفراء في قوله: ولن أَجِدَ من دُونه مُلْتَحَداً إِلا بلاغاً من اللهِ ورِسالاتِه أَي مَلْجَأً ولا سَرَباً أَلجَأُ إِليه. واللَّجُودُ من الآبار: كالدَّحُولِ؛ قال ابن سيده: أُراه مقلوباً عنه.
وأَلْحَدَ بالرجل: أَزْرى بِحلْمه كأَلْهَدَ. ويقال: ما على وجْه فلانٍ لُحادةُ لَحْم ولا مُزْعةُ لحم أَي ما عليه شيء من اللحم لهُزالِه. وفي الحديث: حتى يَلْقى اللَّهَ وما على وجْهِه لُحادةٌ من لحْم أَي قِطْعة؛ قال الزمخشري: وما أُراها إِلا لحُاتة، بالتاء، من اللحْت وهو أَن لا يَدَع عند الإِنسان شيئاً إِلا أَخَذَه. قال ابن الأَثير: وإِن صحت الرواية بالدال فتكون مبدلة من التاء كدَوْلَجٍ في تَوْلَج.

لحز

اللَّحِزُ: الضَّيِّقُ الشَّحيح النفْس الذي لا يكاد يعطي شيئاً، فإِن أَعطى فقليل، وقد لَحِزَ لَحزاً وتَلَحَّزَ؛ وأَنشد:

تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ، إذا أُمِرَّتْ

 

عليه، لماله فيها مـهِـينـا

وطريق لَحِزٌ: ضَيِّق بخيل؛ عن اللحياني. واللَّحِزُ: البخيل الضَّيق الخُلُق. والمَلاحِزُ: المَضايِقُ.
وتَلاحَزَ القومُ: تعارضوا الكلامَ بينهم. ويقال: رجل لِحْزٌ، بكسر اللام وإِسكان الحاء، ولَحِزٌ، بفتح اللام وكسر الحاء، أَي بخيل. وتَلاحَزَ القومُ في القول إذا تعارضوا. وشجر مُتَلاحِزٌ أَي متضايق، دخل بعضه في بعض. وقال ابن الأَعرابي: رجل لَحِزٌ ولِحْزٌ؛ ويروى بيت رؤبة: يُعْطِيك منه الجُود قبل اللَّحْزِ أَي قبل أَن يستغلق ويشتد؛ وفي هذه القصيدة:  

إِذا أَقَلَّ الخَيْرَ كلُّ لِحْزِ

أَي كل لِحْزٍ شحيح. والتَّلَحُّزُ: تَحَلُّبُ فيك من أَكل رُمَّانة أَو إِجَّاصَةٍ شَهْوَةً لذلك.

لحس

اللَّحْسُ باللسان، يقال: لَحِس القَصْعَة، بالكسر. واللَّحْسَة: اللَّعْقَة. والكلب يَلْحَس الإِناء لَحْساً: كذلك، وفي المَثل: أَسْرَع من لحْسِ الكلب أَنفه. ولحِسْت الإِناء لَحْسَة ولُحْسَة ولَحَسَه لَحْساً: لَعِقَه. وفي حديث غَسْل اليَدِ من الطعام: إِن الشيطان حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ أَي كثير اللَّحْسِ لما يَصِل إِليه. تقول: لَحِسْت الشيء أَلْحَسه إذا أَخذتَه بلسانك، ولَحَّاسٌ للمبالغة. والحَسَّاس: الشديد الحِسّ والإِدْراك.
وقولهم: تَرَكْتُ فلاناً بمَلاحِسِ البَقَرِ أَولادَها، هو مِثل قولهم بِمَباحِث البقر أَي بالمكان القَفْر بحيث لا يُدْرَى أَين هو، وقال ابن سيده: أَي بِفَلاةٍ من الأَرض. قال: ومعناه عندي بحيث تَلْعَق البَقَرُ ما على أَولادِها من السَّابِياءِ والأَغْراسِ، وذلك لأَن البَقَر الوَحْشِيَّة لا تلِد بالمَفاوز؛ قال ذو الرمة:

تَرَبَّعْنَ، منْ وَهْبِين أَو بِـسُـوَيْقةٍ

 

مَشَقَّ السَّوابي عن رُؤوس الجَآذِر

قال: وعندي أَنه بِمَلاحِسِ البقَر فقط أَو بِمَلْحَس البقَر أَولادها لأَن المَفْعَل إذا كان مصدراً لم يُجْمع؛ قال ابن جِنِّي: لا تخلو مَلاحِس ههنا من أَن تكون جمع مَلْحَس الذي هو المصدر أَو الذي هو المكان، فلا يجوز أَن يكون ههنا مكاناً لأَنه قد عمل في الأَولاد فنصبَها، والمكان لا يعمل في المفعول به كما أَن الَّزمان لا يعمل فيه، وإِذا كان الأَمر على ما ذكرناه كان المضاف هنا محذوفاً مقدَّراً كأَنه قال: تَرَكْتُه بِمَلاحِسِ البقَر أَولادَها، كما أَن قوله:

وما هِيَ إِلا في إِزارٍ وعِـلْـقَةٍ

 

مُغارَ ابن هَمَّام على حَيِّ خَثْعَما

محذوفُ المضاف، أَي وقَتَ إِغارَة ابن همام على حَيِّ خَثْعَم، أَلا تراه قد عَدَّاه إِلى قوله على حَيِّ خَثْعَما؟ ومَلاحِس البقَرِ إذا مصدرٌ مجموع مُعْمَل في المفعول به كما أَن قوله:

مَواعِيدَ عُرْقُوب أَخاه بِيَثْرِب

كذلك وهو غريب. قال ابن جني: وكان أَبو علي، رحمه اللَّه، يورِد مَواعِيدَ عُرْقُوب أَخاه مَوْرِدَ الطَّريف المتعجِّب منه.
واللَّحْسُ: أَكل الجَراد الخَضِرَ والشجرَ، وكذلك أَكلُ الدُّودَةِ الصُّوف. واللاَّحُوس: الحريص، وقيل: المَشؤوم يَلْحَس قومَه، على المَثَل، وكذلك الحاسُوس واللَّحُوس من الناس الذي يَتَّبعُ الحَلاوَة كالذُّباب.
والمِلْحَسُ: الشجاع كأَنه يأْكل كلَّ شيء يرتفع له. ويقال: فلان أَلَدُّ مِلْحَسٌ أَحْوَس أَهْيَس. وفي حديث أَبي الأَسْوَد: عليكم فلاناً فإَنه أَهْيَس أَلْيَس أَلَدُّ مِلْحَس، هو الذي لا يظهر له شيء إِلا أَخذه، مِفْعَل من اللَّحْس.
ويقال: الْتَحَسْت منه حَقِّي أَي أَخذتُه، وأَصابتهم لَواحِس أَي سِنُون شِداد تَلْحَس كلَّ شيء؛ قال الكميت:

وأَنتَ رَبِيعُ الناس وابْنُ رَبيعِهِمْ،

 

إِذا لُقِّبَتْ فيها السِّنُونُ اللَّواحِسَا

وأَلْحَسَت الأَرض: أَنْبَتَتْ أَوّل العُشْب، وقيل: هو أَن تَخْرُج رؤوس البقل فيراه المال فيطمَع فيه فيَلْحَسَه إذا لم يقدِر أَن يأْكل منه شيئاً، واللَّحْس: ما يظهر من ذلك. وغَنَم لاحِسة: ترعَى اللَّحْس. ورجل مِلْحَس: حريصٌ، وقيل: المِلْحَس والمُلْحِس الذي يأْخذُ كلَّ شيء يقدِر عليه.

لحسم

التهذيب في النوادر: اللَّهاسِمُ واللَّحاسِمُ مَجارِي الأَوْدِية الضيّقةُ، واحدها لُهْسُم ولُحْسُم، وهي اللَّخافيقُ.

لحص

اللَّحْصُ واللَّحَصُ واللَّحِيصُ: الضَّيّقُ؛ قال الراجز:

قد اشْتَرَوْا لي كَفَناً رَخِيصَا،

 

وبَوَّأُوني لَحَداً لَـحِـيصَـا

ولَحَصَ لَحْصاً: نَشِبَ. والْتَحَصَه الشيءُ: نَشِبَ فيه، ولَحَاصِ فَعَالِ من ذلك؛ قال أُمية ابن أَبي عائذ الهذلي:

قد كُنْتُ خَرّاجاً وَلُوجاً صَيْرفـاً،

 

لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحاصِ

أَخرج لَحَاصِ مُخْرَج قَطامِ وحَذامِ، وقوله لم تَلْتَحِصْني أَي لم تُثبّطْني؛ يقال: لَحَصْت فلاناً عن كذا والْتَحَصْته إذا حَبَسْته وثَبَّطْته. وروي عن ابن السكيت في قوله لم تلتحصني أَي لم أَنْشَب فيها. قال الجوهري: ولحَاصِ فَعَالِ من الْتَحَصَ، مبنية على الكسر، وهو اسمُ الشدةِ والداهيةِ لأَنها صفة غالبة كحَلاق اسم للمنية، وهي فاعلة تَلْتَحصني.
وموضعُ حَيْصَ بَيْصَ: نصبٌ على نزع الخافض؛ يقول: لم تلتحصني أَي تُلْجِئْني الداهية إِلى ما لا مخرج لي منه؛ وفيه قول آخر: يقال الْتَحَصَه الشيءُ أَي نَشِبَ فيه فيكون حَيْصَ بَيْصَ نصباً على الحال من لَحَاص.
ولَحَاص أَيضاً: السنَّةُ الشديدة. والْتَحَصَتْ عينُه ولَحِصَت: الْتَصَقَتْ، وقيل: التصقت من الرَّمَصِ.
والالْتِحَاصُ: الاشتداد. وفي حديث عطاء: وسُئِل عن نَضْح الوَضُوء فقال: اسْمَحْ يُسْمَحْ لك، كان مَنْ مَضَى لا يُفَتِّشُون عن هذا ولا يُلَحْصُون؛ التَّلْحِيصُ: التشديد والتضييق، أَي كانوا لا يُشدِّدون ولا يَسْتَقْصُون في هذا وأَمثاله. الأَصمعي: الالْتِحَاصُ مثل الالْتِحاج يقال الْتحَصَه إِلى ذلك الأَمر والْتَحَجَه أَي أَلْجَأَه إِليه واضطرَّه، وأَنشد بيت أُمية بن أَبي عائذ الهذلي. والالْتِحَاصُ: الانسداد. والْتَحَصَت الإِبرةُ: الْتَصَقَت واسْتَدَّ سَمُّها. ولَحَّصَ لي فلانٌ خَبَرَك وأَمْرَك: بَيَّنَه شيئاً شيئاً. ولَحّص الكتابَ: أَحْكَمه. وقال الليث: اللَّحْصُ والتَّلْحِيصُ استقصاء خبر الشيء وبيانه. وكتب بعض الفصحاء إِلى بعض إِخوانه كتاباً في بعض الوصف فقال: وقد كتبت كتابي هذا إِليك وقد حصَّلْته ولَحَّصته ووصَّلْته، وبعضٌ يقول: لَخّصْته، بالخاء المعجمة.
والتَحَصَ فلان البيضة الْتِحاصاً إذا تحسَّاها. والْتَحَصَ الذئب عين الشاة إذا شَرِبَ ما فيها من المُخّ والبياضِ.

لحط

ابن الأَعرابي: اللَّحْطُ الرَّشُّ. يقال: لَحَطَ بابَ دارِه إذا رَشَّه بالماء. قال: واللَّحْطُ الرشُّ. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أَنه مَرَّ بقوم لَحَطُوا بابَ دارِهم أَي رَشُّوه.

لحظ

لحَظَه يَلْحَظُه لَحْظاً ولَحَاظاً ولَحَظَ إِليه: نظره بمؤخِرِ عينِه من أَيّ جانبيه كان، يميناً أَو شمالاً، وهو أَشدّ التفاتاً من الشزْر؛ قال:

لَحَظْناهُمُ حتى كأَنَّ عُيونَنـا

 

بها لَقْوةٌ، من شدّةِ اللَّحَظانِ

وقيل: اللحْظة النظْرة من جانب الأُذن؛ ومنه قول الشاعر:

فلمَّا تَلَتْه الخيلُ، وهـو مُـثـابِـرٌ

 

على الرَّكْبِ، يُخْفي نَظرةً ويُعيدُها

الأَزهري: الماقُ والمُوقُ طرَف العين الذي يلي الأَنف، واللِّحاظُ مؤخِر العين مما يلي الصُّدْغَ، والجمع لُحْظٌ. وفي حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: جُلُّ نَظره المُلاحَظةُ؛ الأَزهري: هو أَن يَنْظُر الرجل بلَحاظِ عينه إِلى الشيء شَزْراً، وهو شِقُّ العين الذي يلي الصدغ.
واللِّحاظ، بالفتح: مُؤخر العين. واللِّحاظ، بالكسر: مصدر لاحظته إذا راعَيْتَه.
والمُلاحَظَةُ: مُفاعلة من اللَّحْظ، وهو النظر بشِقِّ العين الذي يلي الصدغ، وأَمّا الذي يلي الأَنف فالمُوقُ والماقُ. قال ابن بري: المشهور في لحاظ العين الكسر لا غير، وهو مُؤخرها مما يلي الصدغ. وفلان لَحِيظُ فلان أَي نَظِيرُه. ولِحاظُ السَّهم: ما وَلي أَعْلاه من القُذَذِ، وقيل: اللّحاظُ ما يلي أَعلى الفُوق من السهم. وقال أَبو حنيفة: اللِّحاظُ اللِّيطةُ التي تَنْسَحِي من العَسِيب مع الرِّيش عليها مَنْبِتُ الريش؛ قال الأَزهري: وأَما قول الهذلي يصف سِهاماً:

كَساهُنَّ ألآماً كأَنَّ لِحاظَـهـا،

 

وتَفْصِيلَ ما بين اللِّحاظ، قَضِيمُ

أَراد كَساها ريشاً لُؤاماً. ولِحاظُ الرِّيشةِ: بطنُها إذا أُخذت من الجَناح فقُشرت فأَسْفَلُها الأَبيض هو اللِّحاظ، شبَّه بطن الرِّيشة المَقْشورة بالقضيم، وهو الرَّقُّ الأَبيض يُكتب فيه. ابن شميل: اللِّحاظ مِيسَم في مُؤخِر العين إِلى الأُذن، وهو خط ممدود، وربما كان لِحاظان من جانبين، وربما كان لِحاظ واحد من جانب واحد، وكانت سِمةَ بني سعد. وجمل مَلْحُوظ بلِحاظَين، وقد لَحَظْت البعير ولَحَّظْته تَلْحِيظاً؛ وقال رؤبة:  

تَنْضَحُ بَعَدَ الخُطُم اللِّحاظا

واللِّحاظُ والتَّلْحِيظُ: سِمة تحت العين؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَمْ هل صَبَحْتَ بَني الدَّيّانِ مُوضِحةً،

 

شَنْعاءَ باقِيةَ التَّلْحِيظِ والـخُـبُـطِ

جعل ابن الأَعرابي التلْحِيظَ اسماً للسِّمة، كما جعل أَبو عبيد التحْجِينَ اسماً للسمة فقال: التحْجِينُ سِمة مُعْوَجَّة؛ قال ابن سيده: وعندي أَنّ كل واحد منهما إِنما يُعنى به العمل ولا أُبْعِد مع ذلك أَن يكون التفْعيل اسماً، فإِن سيبويه قد حكى التفعيل في الأَسماء كالتنْبِيت، وهو شجر بعينه، والتمْتِين، وهو خُيوط الفُسْطاط، ويقوِّي ذلك أَنَّ هذا الشاعر قد قَرنه بالخُبُط وهو اسم. ولِحاظُ الدارِ: فِناؤها؛ قال الشاعر:

وهلْ بلِحاظِ الدَّار والصحْن مَعْلَمٌ،

 

ومن آيِها بِينُ العراقِ تَـلُـوحُ؟

البِينُ، بالكسر: قِطعة من الأَرض قَدْرُ مَدِّ البصر. ولَحْظةُ: اسم موضع؛ قال النابغة الجَعْدِي:

سَقَطُوا على أَسَدٍ، بلَحْظةَ، مَشْ

 

بُوحِ السَّواعِدِ باسِـلٍ جَـهْـمِ

الأَزهري: ولَحْظةُ مأْسَدةٌ بتِهامةَ؛ يقال: أُسد لَحْظةَ كما يقال أُسْدُ بِيشةَ، وأَنشد بيت الجعدي.

لحف

اللِّحاف والمِلْحَفُ والمِلْحفة: اللِّباس الذي فوق سائر اللباس من دِثار البرد ونحوه؛ وكل شيء تغطَّيت به فقد التَحَفْت به. واللِّحاف: اسم ما يُلْتَحف به. وروي عن عائشة أَنها قالت: كان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لا يصلي في شُعُرِنا ولا في لُحُفِنا؛ قال أَبو عبيد: اللِّحاف كلُّ ما تغطَّيت به. ولَحَفْت الرَّجل أَلْحَفُه إذا فعلْت به ذلك يعني إذا غطَّيته؛ وقول طرَفة:

ثم راحُوا عَبِقَ المِسْكُ بـهـم

 

يَلْحَفُون الأَرضَ هُدَّابَ الأُزُرْ

أَي يُغَطُّونها ويُلْبِسونها هدّابَ أُزُرهم إذا جرُّوها في الأَرض.
قال الأَزهري: ويقال لذلك الثوب لِحاف ومِلْحف بمعنى واحد كما يقال إزار ومِئْزَر وقِرام ومِقْرَم، قال: وقد يقال مِلْحفة ومِقْرمة وسواء كان الثوب سِمْطاً أَو مَبَطَّناً، ويقال له لِحاف.
ولَحَفَه لِحافاً: أَلبسه إياه. وأَلحفه إياه: جعله له لحافاً. وأَلحفه: اشترى له لِحافا؛ حكاه اللحياني عن الكسائي، وفي التهذيب: ولحَفْت لحافاً وهو جعلكه. وتَلحَّفت لحافاً إذا اتخذته لنفسك، قال: وكذلك التحفت؛ وأَنشد لطَرَفة:

يلحفون الأَرض هداب الأُزر

أَي يجرّونها على الأَرض، وروي عن الكسائي لَحَفته وأَلْحَفْته بمعنى واحد، وأَنشد بيت طرفة أَبضاً. وأَلحفَ الرجلُ ولَحَّف إذا جرّ إزاره على الأَرض خُيَلاءً وبطَراً، وأَنشد بيت طرفة أَيضاً. والمِلْحفة عند العرب هي المُلاءة السِّمْط، فإذا بُطِّنت ببطانة أَو حُشيت فهي عند العوام مِلحفة، قال: والعرب لا تعرف ذلك. الجوهري: الملحفة واحدة المَلاحِف.
وتَلَحّفَ بالمِلحفة واللِّحاف والتحف ولَحَفَ بهما: تغطَّى بهما، لُغيّة، وإنها لحَسَنة اللِّحْفة من الالتحاف. التهذيب: يقال فلان حسَن اللِّحفة وهي الحالة التي تتلحف بها. واللَّحْفُ: تغْطِيتُك الشيء باللحاف؛ قال الأَزهري: أَخبرني المنذري عن الحرَّاني عن ابن السكيت أَنه أَنشده لجرير:

كم قد نَزَلْتُ بكم ضَيْفاً فتَلْحَفُـنـي

 

فَضْلَ اللِّحاف، ونِعم الفَضْلُ يُلْتَحَفُ

قال: أَراد أَعطيتني فضْل عطائك وجودك. وقد لَحَفه فضلَ لِحافه إذا أَناله معروفه وفَضْلَه وزَوَّده.التهذيب: وأَلحف الرجلُ ضيفه إذا آثَره بفِراشه ولحافه في الحَلِيت، وهو الثَّلج الدائم والأَرِيزُ البارد. ولاحَفْت الرجل مُلاحَفة: كانَفْته.
والإلْحاف: شدة الإلْحاح في المسأَلة. وفي التنزيل: لا يسأَلون الناس إلحافاً؛ وقد أَلْحَفَ عليه؛ ويقال:

وليس للمُلحِفِ مِثْلُ الرَّدّ

وأَلحف السائلُ: أَلَحَّ؛ قال ابن بري: ومنه قول بشّار بن بُرْد:

الحُرُّ يُلْحى، والعَصا للعَبْدِ

 

وليس للملحف مثل الردِّ

وفي حديث ابن عمر: كان يُلْحِفُ شاربه أَي يبالغ في قَصِّه. التهذيب عن الزجاج: روي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: من سأَل وله أَربعون درهماً فقد أَلحف، وفي رواية: فقد سأَل الناس إلحافاً، قال: ومعنى أَلحف أَي شَمِل بالمسأَلة وهو مُستغْن عنها. قال: واللِّحاف من هذا اشتقاقُه لأَنه يشمل الإنسان في التغْطية؛ قال: والمعنى في قوله لا يسأَلون الناس إلحافاً أَي ليس منهم سؤال فيكون إلحاف كما قال امرؤ القيس:

على لاحِبٍ لا يُهْتَدى بمَناره

المعنى ليس به مَنار فيُهْتَدى به.
ولُحف في ماله لَحْفةً إذا ذهب منه شيء؛ عن اللحياني. قال ابن الفرج: سمعت الخَصِيبي يقول: هو أَفْلَسُ من ضارِبِ قِحْفِ اسْتِه ومن ضارب لِحْف استه، قال: وهو شِقُّ الاسْت، وإنما قيل ذلك لأَنه لا يجد شيئاً يلبَسه فتقَع يده على شُعَب استه. ولحُف القمرُ إذا جاوز النصف فنقَص ضوءُه عما كان عليه.
ولِحافٌ واللَّحِيف: فرسان لرسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وفي الحديث: كان اسم فرسه، صلى اللّه عليه وسلم، اللَّحِيف لطول ذنبه، فَعِيل بمعنى فاعل، كأَنه يَلْحف الأَرض بذنبه أَي يُغَطِّيها به.

لحق

اللَّحْقُ واللُّحُوق والإلْحاقُ: الإدراك. لَحِقَ الشيءَ وأَلْحَقَهُ وكذلك لَحِقَ به وأَلْحَقَ لَحاقاً، بالفتح، أي أدركه؛ قال ابن بري:شاهده لأبي دواد:

فأَلْحَقَهُ، وهو سَـاطٍ بـهـا،

 

كما تُلْحِقُ القوسُ سَهْمَ الغَرَبْ

واللَّحاقُ: مصدر لَحِقَ يَلْحَقُ لَحاقاً. وفي القنوت: إن عذابك بالكافرين مُلْحِقٌ بمعنى لاحِق، ومنهم من يقول إن عذابك بالكافرين مُلْحَقٌ؛ قال الجوهري: والفتح أَيضاً صواب؛ قال ابن الأَثير: الرواية بكسر الحاء، أَي من نزل به عذابُك أَلْحَقَهُ بالكفار، وقيل: هو بمعنى لاحق لغة في لَحِقَ. يقال: لَحِقْتُه وأَلْحَقْته بمعنىً كتَبعتْه وأَتْبَعْته، ويروي بفتح الحاء على المفعول أي إن عذابك مُلْحَقٌ بالكفار ويصابون به، وفي دعاء زيارة القبور: وإنا إن شاء الله بكم لاحِقُونَ؛ قيل: معناه إذا شاء الله، وقيل: إن شرطية والمعنى لاحقُونَ بكم في الموافاة على الإيمان، وقيل: هو على التَّبَرّي والتفويض كقوله تعالى: لتدْخُلُنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين، وقيل: هو على التأَدب كقوله تعالى: ولا تقولَنَّ لشي إني فاعل ذلك غداً إلا أَن يشاء الله. وأَلْحَقَ فلانٌ فلاناً وألْحَقَهُ به، كلاهما: جعله مُلْحَقَهُ. وتَلاحَقَ القوم: أَدرك بعضهم بعضاً. وتلاحَقَت الرِّكاب والمَطايا أَي لَحِقَ بعضُها بعضاً؛ وأَنشد:

أقولُ، وقد تَلاحَقَت المَطايا:

 

كَفاك القَوْل، إن عَلَيكَ عَيْنا

كفاك القول أَي ارْفُقْ وأَمسك عن القول. ولَحِقْتُه وأَلْحَقْتُه بمعنى واحد.
الأَزهري: واللَّحَقُ ما يُلْحَقُ بالكتاب بعد الفراغ منه فتُلْحِق به ما سقط عنه ويجمع أَلْحاقاً، وإن خْقّف فقيل لَحْق كان جائزاً. الجوهري:اللّحَقُ، بالتحريك، شيء يُلْحَقُ بالأول. وقوس لُحُقٌ ومِلْحاق: سريعة السهم لا تريد شيئاً إلا لَحِقتْه. وناقة مِلْحَاق: تَلْحَقُ الإبل فلا تكاد الإبل تفوتها في السير؛ قال رؤبة:

فهي ضَروُحُ الرَّكْض مِلْحاق اللَّحق

واللَّحَقُ: كل شيء لَحِقَ شيئاً أَو لُحِقَ به من الحيوان والنبات وحمل النخل، وقيل: اللَّحَقُ في النَّخل أَن تُرْطب وتُتَمّر ثم يخرج في بطنه شيء يكون أَخضر قلما يُرْطب حتى يدركه الشتاء فيُسْقطه المطر، وقد يكون نحو ذلك في الكَرْم يسمى لَحَقَاً؛ وقد قال الطرماح في مثل ذلك يصف نخلة أَثْلَعت بعد يَنْع ما كان خرج منها في وقته فقال:

أَلْحَقَتْ ما اسْتَلْعَبَتْ بـالـذي

 

قد أَنى، إذْ حانَ حينُ الصِّرام

أَي أَلحقت طَلْعاً غَريضاً كأَنها لعبت به إذ أَطلعته في غير حينه، وذلك أن النخلة إنما تُطْلِعُ في الربيع فإذا أَخرجت في آخر الصيف ما لا يكون له يَنْعٌ فكأَنها غير جادّة فيما أَطْلَعَتْ. واللَّحَق أَيضاً من الثمر: الذي يأْتي بعد الأَول، وكل ثمرة تجيء بعد ثمرة، فهي لَحَقٌ، والجمع أَلْحاق؛ حكاه أَبو حنيفة. وقد أَلْحَقَ الشجر؛ واللَّحَقُ أَيضاً من الناس كذلك: قوم يَلْحَقُون بقوم بعد مضيهم؛ قال:

يُغْنِيكَ عن بُصْرى وعن أَبوابها،

 

وعن حِصارِ الرّومِ واغْتِرابها

ولَحَقٍ يَلْحَق من أَعـرابـهـا،

 

تحت لِواء الموت أَو عُقَابِهـا

قال الأَزهري: يجوز أَن يكون اللَّحَقُ مصدراً لِلَحِقَ، ويجوز أَن يكون جمعاً للاحِقٍ كما يقال خادم وخَدَم وعاش وعسَسَ. ولَحَقُ الغنم:أَولادها التي كادت تَلْحَقُ بها. واللَّحَقُ: الشيء الزائد؛ قال ابن عيينة:

كأَنَّهُ بين أَسْطُرٍ لَحَقُ

والجمع كالجمع: واللَّحقُ: الزرع العِذْي وهو ما سقته السماء، وجمعه الأَلحاقُ. الكسائي: يقال زرعوا الأَلْحاقَ، والواحد لَحَقٌ، وذلك أَن الوادي يَنْضُب فيُلْقي البَذْر في كل موضع نضَبَ عنه الماء فيقال:اسْتَلْحَقُوا إذا زرعوا. وقال ابن الأَعرابي: اللَّحَقُ أَن يزرع القوم في جانب الوادي؛ يقال: قد زرعوا الأَلْحاقَ.ولَحِق لُحُوقاً أَي ضَمُر. الأَزهري: فرس لاحقُ الأَيْطَلِ من خيل لُحْق الأَياطل إذا ضُمّرت؛ وفي قصيد كعب:

تَخْدي على يَسَراتٍ، وهي لاحقةٌ،

 

ذوابلٌ وقْعُهُنَّ الأَرْضَ تَحـلـيلُ

اللاحِقةُ: الضامرة.والمُلْحَقُ: الدَّعِيّ المُلْصَق. واسْتَلْحَقَه أَي ادعاه. الأَزهري عن الليث: اللَّحَقُ الدعيّ المُوصَل بغير أَبيه؛ قال الأَزهري: سمعت بعضهم يقول له المُلْحَق. وفي حديث عمرو بن شعيب: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قضى أَن كل مُسْتَلْحَق اسْتُلْحِقَ بعد أَبيه الذي يُدْعى له فقد لَحِق بمن اسْتَلْحَقه؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي هذه أحكام وقعت في أَول زمان الشريعة، وذلك أَنه كان لأَهل الجاهلية إماء بغايا، وكان سادتهن يُلِمُّونَ بهن، فإذا جاءت إحداهن بولد ربما ادّعاه السيد والزاني، فأَلحقه االنبي، صلى الله عليه وسلم، بالسيد لأن الأَمة فراش كالحرَّة، فإن مات السيد ولم يَسْتَلْحِقُهُ ثم اسْتَلْحَقَهُ ورثته بعده لَحِق بأَبيه، وفي ميراثه خلاف. ولاحِقٌ: اسم فرس معروف من خيل العرب؛ قال النابغة:

فيهم بنات الأَعْوَجِيّ ولاحِقٍ،

 

وُرْقاً مَراكِلُها من المِضْمارِ

وفي الصحاح: ولاحِق اسم فرس كان لمعاوية بن أَبي سفيان.

لحك

لَحَكَه لَحْكاً: أَوْجَره الدواء. واللَّحْكُ: والمُلاحَكَةُ:شدَّةُ التِئَامِ الشَّيءِ بالشَّيء، وقد لُوحِكَ فَتَلاحَكَ، وربما قيل لَحِكَ لَحَكاً، وهي مُمَاتَةٌ. واللَّحْكُ: مُداخلة الشيء في الشيء والتزاقه به؛ يقال: لُوحِك فَقارُ ظهره إذا دخل بعضها في بعض. ومُلاحَكة البُنْيان ونحوه وتَلاحُكه: تلاؤمه؛ قال الأَعشى:

ودأياً لَوَاحِك مِثْـلَ الـفْـؤُو

 

سِ، لاءَمَ منها السَّلِيلُ الفَقارا

وشيء مُتَلاحِكٌ أَي متداخل. وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إذا سُرَّ فكأنَّ وجهه المرِآة وكأَنّ الجُدُرَ تُلاحِكُ وجهَه؛ المُلاحَكةُ: شِدَّة المُلاءَمة أَي لإضاءة وجهه، صلى الله عليه وسلم، يُرى شخصُ الجُدُر في وجهه فكأنها قد داخلت وجهه.
أَبو عبيد: المُتَلاحِكة الناقة الشديدة الخَلْق.
واللُّحَكَة: دُويْبَّة قال أَظنها مقلوبة من الحُلَكة؛ وقال ابن السكيت: هي دويبة شبيهة بالعَظايَة تَبْرُق زَرْقاء، وليس لها ذَنَب طويل مثل ذنب العَظاية، وقوائمها خفية.

لحم

اللَّحْم واللَّحَم، مخفف ومثقل لغتان: معروف، يجوز أَن يكون اللحَمُ لغة فيه، ويجوز أَن يكون فُتح لمكان حرف الحلق؛ وقول العجاج:

ولم يَضِعْ جارُكم لحمَ الوَضَم

إِنما أَراد ضَياعَ لحم الوَضم فنصب لحمَ الوضم على المصدر، والجمع أَلْحُمٌ ولُحوم ولِحامٌ ولُحْمان، واللَّحْمة أَخصُّ منه، واللَّحْمة: الطائفة منه؛ وقال أَبو الغول الطُّهَوي يهجو قوماً:

رَأَيْتُكمُ، بني الخَذْوَاء، لَـمّـا

 

دَنا الأَضْحَى وصَلَّلتِ اللِّحامُ،

توَلَّيْتُمْ بِـوُدِّكُـمُ، وقُـلْـتـم:

 

لَعَكٌّ منك أَقْـرَبُ أَو جُـذامُ

يقول: لما أَنتَنت اللحومُ من كثرتها عندكم أَعْرَضْتم عني. ولَحْمُ الشيء: لُبُّه حتى قالوا لحمُ الثَّمرِ للُبِّه. وأَلْحَمَ الزرعُ: صار فيه القمحُ، كأَنّ ذلك لَحْمُه. ابن الأَعرابي: اسْتَلْحَم الزرعُ واستَكَّ وازدَجَّ أَي الْتَفَّ، وهو الطِّهْلئ، قال أَبو منصور: معناه التفَّ. الأَزهري: ابن السكيت رجلٌ شَحِيمٌ لَحِيمٌ أَي سَمِين، ورجلٌ شَحِمٌ لَحِمٌ إذا كان قَرِماً إِلى اللحْم والشَّحْمِ يَشْتهِيهما، ولحِمَ، بالكسر: اشتهى اللَّحْم. ورجل شَحَّامٌ لَحَّامٌ إذا كان يبيع الشحمَ واللحم، ولَحُمَ الرجلُ وشَحُمَ في بدنه، وإِذا أَكل كثيراً فلَحُم عليه قيل: لَحُم وشَحُم. ورجل لحِيمٌ ولَحِمٌ: كثير لَحْم الجسد، وقد لَحُم لَحامةً ولَحِمَ؛ الأَخيرة عن اللحياني: كُثرَ لحم بدنهِ. وقول عائشة، رضي الله عنها: فلما عَلِقْت اللحمَ سَبَقني أَي سَمِنْت فثقُلت. ورجل لَحِمٌ: أَكول للَّحم وقَرِمٌ إِليه، وقيل: هو الذي أَكل منه كثيراً فشكا منه، والفعل كالفعل. واللَّحّامُ: الذي يبيع اللحم. ورجل مُلْحِمٌ إذا كثر عنده اللحم، وكذلك مُشْحِم. وفي قول عمر: اتَّقوا هذه المَجازِرَ فإِن لها ضَراوةً كضراوةِ الخَمْر، وفي رواية: إِن لِلَّحم ضَراوةً كضراوةِ الخَمْر.
يقال: رجل لَحِمٌ ومُلْحِمٌ ولاحِمٌ ولَحِيمٌ، فاللَّحِمُ: الذي يُكْثِر أَكلَه، والمُلْحِم: الذي يكثر عنده اللحم أَو يُطْعِمه، واللاَّحِمُ: الذي يكون عنده لحمٌ، واللّحِيمُ: الكثيرُ لحمِ الجسد. الأَصمعي: أَلْحَمْتُ القومَ، بالأَلف، أَطعمتهم اللحمَ؛ وقال مالك بن نُوَيْرة يصف ضبعاً:

وتَظَلُّ تَنْشِطُني وتُلْحِم أَجْـرِياً،

 

وسْطَ العَرِينِ، وليسَ حَيٌّ يَمنعُ

قال: جعل مأْواها لها عَرِيناً. وقال غير الأَصمعي: لَحَمْتُ القومَ، بغير أَلف؛ قال شمر: وهو القياس. وبيْتٌ لَحِمٌ: كثير اللحْم؛ وقال الأَصمعي في قول الراجز يصف الخيل:

نُطْعِمُها اللحْمَ، إذا عَزَّ الشَّجَـرْ،

 

والخيْلُ في إِطْعامِها اللحْمَ ضَرَرْ

قال: أَراد نُطْعمها اللبنَ فسمى اللبن لَحْماً لأَنها تسمَنُ على اللبن. وقال ابن الأَعرابي: كانوا إذا أَجْدَبوا وقلَّ اللبنُ يَبَّسُوا اللحمَ وحمَلوه في أَسفارهم وأَطعَموه الخيلَ، وأَنكر ما قال الأَصمعي وقال: إذا لم يكن الشجرُ لم يكن اللبنُ. وأَما قوله، عليه السلام: إِن اللهَ يُبْغِضُ البيتِ اللحِمَ وأَهلَه، فإِنه أَراد الذي تؤْكل فيه لُحومُ الناس أَخْذاً. وفي حديث آخر: يُبْغِضُ أَهلَ البيت اللحِمِين. وسأَل رجل سفيان الثوريّ: أَرأَيت هذا الحديث إِن الله تبارك وتعالى لَيُبْغِضُ أَهلَ البيت اللحِمِين؟ أَهُم الذين يُكِثرون أَكل اللحْم؟ فقال سفيان: هم الذين يكثرون أَكلَ لحومِ الناس. وأَما قوله ليُبْغِضُ البيتَ اللحِمَ وأَهلَه قيل: هم الذين يأْكلون لحوم الناس بالغِيبة، وقيل: هم الذين يكثرون أَكل اللحم ويُدْمِنُونه، قال: وهو أَشبَهُ. وفلانٌ يأْكل لُحومَ الناس أَي يغتابهم؛ ومنه قوله:

وإِذا أَمْكَنَه لَحْمِي رَتَعْ

وفي الحديث: إِنَّ أَرْبَى الربا استِطالةُ الرجل في عِرْضِ أَخيه.
ولَحِمَ الصقرُ ونحوُه لَحَماً: اشتهى اللحْم. وبازٍ لَحِمٌ: يأْكل اللحمَأَو يشتهيه، وكذلك لاحِمٌ، والجمع لَواحِمُ، ومُلْحِمٌ: مُطْعِم للَّحم، ومُلْحَمٌ: يُطْعَم اللحمَ. ورجل مُلْحَمٌ أَي مُطْعَم للصيد مَرزوق منه.ولَحْمةُ البازي ولُحْمته: ما يُطْعَمُه مما يَصِيده، يضم ويفتح، وقيل: لَحْمةُ الصقرِ الطائرُ يُطْرَح إِليه أَو يصيده؛ أَنشد ثعلب:

مِن صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه

وأَلحَمْتُ الطيرَ إِلحاماً. وبازٍ لَحِمٌ: يأْكل اللحم لأَن أَكله لَحْمٌ؛ قال الأَعشى:

تدَلَّى حَثيثاً كأَنَّ الصِّوا

 

رَ يَتْبَعُه أَزرَقِيٌّ لَحِمْ

ولُحْمةُ الأَسد: ما يُلْحَمُه، والفتح لغة.
ولحَمَ القومَ يَلحَمُهم لَحْماً، بالفتح، وأَلحَمهم: أَطعمهم اللحمَ، فهو لاحِمٌ؛ قال الجوهري ولا تقل أَلحَمْتُ، والأَصمعي يقوله. وأَلحَمَ الرجلُ: كثُر في بيته اللحم، وأَلحَمُوا: كثُر عندهم اللحم. ولَحَم العَظمَ يَلحُمه ويَلحَمُه لَحْماً: نزع عنه اللحم؛ قال:

وعامُنا أَعْجَبَـنـا مُـقَـدَّمُـهْ،

يُدعى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سُمُهْ،

مُبْتَرِكاً لكل عَظْـمٍ يَلـحُـمُـهْ

ورجل لاحِمٌ ولَحِيمٌ: ذو لحمٍ على النسب مثل تامر ولابن، ولَحَّام: بائع اللحم. ولَحِمَت الناقة ولَحُمتْ لَحامةً ولُحوماً فيهما، فهي لَحِيمةٌ: كثر لحمُها. ولُحْمة جلدة الرأْس وغيرها: ما بَطَن مما يلي اللحم. وشجَّة مُتلاحِمة: أَخذت في اللحم ولم تبلُغ السِّمْحاق، ولا فعل لها.
الأَزهري: شجّة متلاحمة إذا بلغت اللحم. ويقال: تَلاحمَتِ الشجّةُ إذا أَخذت في اللحم، وتَلاحمت أَيضاً إذا بَرأَتْ والتَحمتْ. وقال شمر: قال عبد الوهاب المُتلاحِمة من الشِّجاج التي تَشُقُّ اللحمَ كلَّه دون العظم ثم تَتَلاحُمِ بعد شَقِّها، فلا يجوز فيها المِسْبارُ بعد تَلاحُمِ اللحم.
قال: وتَتَلاحَمُ من يومِها ومن غَدٍ. قال ابن الأَثير في حديث: الشِّجاج المتلاحِمة هي التي أَخذتْ في اللحم، قال: وقد تكون التي برأَتْ والتحَمتْ. وامرأَة مُتلاحِمة: ضيِّقةُ مَلاقي لحم الفَرْج وهي مآزِم الفَرج.
والمُتلاحِمة من النساء: الرَّتقاء؛ قال أَبو سعيد: إِنما يقال لها لاحِمةٌ كأَنَّ هناك لحماً يمنع من الجماع، قال: ولا يصح مُتلاحِمة. وفي حديث عمر: قال لرجل لِمَ طَلَّقْتَ امرأَتَك؟ قال: إِنها كانت مُتلاحمة، قال: إِنّ ذلك منهن لمُسْتَرادٌ؛ قيل: هي الضيِّقة المَلاقي، وقيل: هي التي بها رَتَقٌ. والتحَم الجرحُ للبُرْء.
وأَلحَمه عِرْضَ فلان: سَبَعهُ إِيّاه، وهو على المثل. ويقال: أَلحَمْتُك عِرْضَ فلان إذا أَمكنْتك منه تَشْتُمه، وأَلحَمْتُه سَيفي. ولُحِمَ الرجلُ، فهو لَحِيمٌ، وأُلحِمَ: قُتِل. وفي حديث أُسامة: أَنه لَحَم رجلاً من العَدُوِّ أَي قتَله، وقيل: قَرُب منه حتى لَزِق به، من الْتَحَمَ الجرحُ إذا الْتَزَق، وقيل: لَحَمَه أَي ضربه مِن أَصابَ لَحْمَه.
واللَّحِيمُ: القَتيلُ؛ قال ساعدة بن جؤية أَورده ابن سيده:

ولكنْ تَرَكتُ القومَ قد عَصَبوا به،

 

فلا شَكَّ أَن قد كان ثَمَّ لَـحِـيمُ

وأَورده الجوهري:

فقالوا: تَرَكْنا القومَ قد حَضَروا به،

 

ولا غَرْوَ أَن قد كان ثَمَّ لَـحـيمُ

قال ابن بري صواب إِنشاده: فقال تركناه؛ وقبله:

وجاء خَلِيلاه إِليها كِلاهُـمـا

 

يُفِيض دُموعاً، غَرْبُهُنّ سَجُومُ

واستُلحِمَ: رُوهِقَ في القتال. واستُلحِمَ الرجلُ إذا احْتَوَشه العدوُّ في القتال؛ أَنشد ابن بري للعُجَير السَّلولي:

ومُسْتَلْحَمٍ قد صَكَّه القومُ صَـكَّة

 

بَعِيد المَوالي، نِيلَ ما كان يَجْمَعُ

والمُلْحَم: الذي أُسِر وظَفِر به أَعداؤُه؛ قال العجاج:

إِنَّا لَعَطَّافون خَلْف المُلْحَمِ

والمَلْحَمة: الوَقْعةُ العظيمة القتل، وقيل: موضع القتال. وأَلحَمْتُ القومَ إذا قتلتَهم حتى صاروا لحماً. وأُلحِمَ الرجلُ إِلحاماً واستُلحِمَ اسْتِلحاماً إذا نَشِب في الحرب فلم يَجِدْ مَخْلَصاً، وأَلحَمَه غيرُه فيها، وأَلحمَه القتالُ. وفي حديث جعفر الطيّار، عليه السلام، يوم مُؤْتةَ: أَنه أَخذ الراية بعد قتْل زيدٍ فقاتَلَ بها حتى أَلحمَه القتالُ فنزَلَ وعَقَرَ فرَسَه؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه، في صفة الغُزاة: ومنهم مَن أَلحمَه القتالُ؛ ومنه حديث سُهيل: لا يُرَدُّ الدعاءُ عند البأْس حين يُلْحِم بعضُهم بعضاً أَي تشتَبكُ الحرب بينهم ويلزم بعضهم بعضاً.
وفي الحديث: اليوم يومُ المَلْحَمة، وفي حديث آخر: ويُجْمَعون للمَلْحَمة؛ هي الحرب وموضعُ القتال، والجمع المَلاحِمُ مأْخوذ من اشتباك الناس واختلاطِهم فيها كاشتِباك لُحْمةِ الثوب بالسَّدى، وقيل: هو من اللحْم لكثرة لُحوم القتلى فيها، وأَلْحَمْتُ الحربَ فالْتَحَمت. والمَلْحَمة: القتالُ في الفتنة، ابن الأَعرابي: المَلْحَمة حيث يُقاطِعون لُحومَهم بالسيوف؛ قال ابن بري: شاهد المَلحَمة قول الشاعر:

بمَلْحَمةٍ لا يَسْتَـقِـلُّ غُـرابُـهـا

 

دَفِيفاً، ويمْشي الذئبُ فيها مع النَّسْر

والمَلْحَمة: الحربُ ذات القتل الشديد. والمَلْحمة: الوَقعة العظيمة في الفتنة. وفي قولهم نَبيُّ المَلْحمة قولان: أَحدهما نبيُّ القتال وهو كقوله في الحديث الآخر بُعِثْت بالسيف، والثاني نبيُّ الصلاح وتأْليفِ الناس كان يُؤَلِّف أَمرَ الأُمَّة.
وقد لحَمَ الأَمرَ إذا أَحكمه وأَصلحَه؛ قال ذلك الأَزهري عن شمر.
ولَحِمَ بالمكان يَلْحَم لَحْماً: نَشِب بالمكان. وأَلْحَم بالمكان: أَقامَ؛ عن ابن الأَعرابي، وقيل: لَزِم الأَرض، وأَنشد:  

إِذا افْتَقَرا لم يُلْحِما خَشْيةَ الرَّدى،

 

ولم يَخْشَ رُزءاً منهما مَوْلَياهُما

وأَلحَم الدابةُ إذا وقف فلم يَبرح واحتاج إِلى الضرب. وفي الحديث: أَنه قال لرجل صُمْ يوماً في الشهر، قال: إِني أَجد قوَّةً، قال: فصُمْ يومين، قال: إِني أَجد قوَّة، قال: فصُم ثلاثة أَيام في الشهر، وأَلحَم عند الثالثة أَي وقَف عندها فلم يَزِدْه عليها، من أَلحَم بالمكان إذا أَقام فلم يبرح. وأَلحَم الرجلَ: غَمَّه. ولَحَم الشيءَ يَلحُمه لَحْماً وأَلْحَمَه فالْتَحم: لأَمَه. واللِّحامُ: ما يُلأَم به ويُلْحَم به الصَّدْعُ.
ولاحَمَ الشيءَ بالشيء: أَلْزَقَه به، والْتَحم الصَّدْعُ والْتَأَم بمعنى واحد. والمُلْحَم: الدَّعِيُّ المُلْزَقُ بالقوم ليس منهم؛ قال الشاعر:

حتى إذا ما فَرَّ كلُّ مُلْحَم

ولَحْمةُ النَّسَبِ: الشابِكُ منه. الأَزهري: لَحْمةُ النسب، بالفتح، ولُحْمةُ الصيد ما يُصاد به، بالضم. واللُّحْمَةُ، بالضم: القرابة. ولحْمةُ الثوب ولُحْمتُه: ما سُدِّي بين السَّدَيَيْن، يضم ويفتح، وقد لَحَم الثوب يَلْحَمُه وأَلْحَمه. ابن الأَعرابي: لَحْمَة الثوب ولَحْمة النَّسب، بالفتح. قال الأَزهري: ولُحْمةُ الثوب الأَعْلى ولَحْمتهُ، والسَّدَى الأَسفل من الثوب؛ وأَنشد ابن بري:

سَتاهُ قَزٌّ وحَرِيرٌ لَحْمتُهْ

وأَلْحَمَ الناسجُ الثوبَ. وفي المثل: أَلْحِمْ ما أَسْدَيْتَ أَي تَمِّمْ ما ابْتَدَأْتَه من الإِحسان. وفي الحديث: الوَلاءُ لُحْمةٌ كلُحْمةِ النسب، وفي رواية: كلُحْمةِ الثوب. قال ابن الأَثير: قد اختلف في ضم اللّحمة وفتحها فقيل: هي في النسب بالضم، وفي الثوب بالضم والفتح، وقيل: الثوب بالفتح وحده، وقيل: النسب والثوب بالفتح، فأَما بالضم فهو ما يُصاد به الصيدُ، قال: ومعنى الحديث المُخالَطةُ في الوَلاءِ وأَنها تَجْرِي مَجْرَى النسب في المِيراث كما تُخالِطُ اللُّحمةُ سَدَى الثوب حتى يَصِيرا كالشيء الواحد، لما بينهما من المُداخَلة الشديدة. وفي حديث الحجاج والمطر: صار الصِّغار لُحْمةَ الكِبار أَي أَن القَطْرَ انتسَج لتتَابُعه فدخل بعضه في بعض واتَّصل. قال أَبو سعيد: ويقال هذا الكلام لَحِيمُ هذا الكلامِ وطَريدُه أَي وَفْقُه وشَكْلُه.
واستَلْحَمَ الطريقُ: اتَّسَعَ. واسْتَلْحَم الرجلُ الطريقَ: رَكِبَ أَوْسَعَه واتَّبَعَه؛ قال رؤبة:

ومَن أَرَيْناهُ الطريقَ استَلْحَما

وقال امرؤ القيس:

اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ على أَكْسائِهـا

 

أَهْوَجُ مِحْضِيرٌ، إذا النَّقْعُ دَخَنْ

استَلْحَمَ: اتَّبَعَ. وفي حديث أُسامة: فاسْتَلْحَمَنا رجلٌ من العدُوّ أَي تَبِعَنا يقال: استَلْحَمَ الطَّريدةَ والطريقَ أَي تَبع. وأَلْحَم بَيْنَ بني فلان شرّاً: جناه لهم. وأَلْحَمه بصَرَه: حَدَّدَه نحوَه ورَماه به. وحَبْلٌ مُلاحَمٌ: شديدُ الفتل؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:

مُلاحَمُ الغارةِ لم يُغْتَلَبْ

والمُلْحَم: جنس من الثياب. وأَبو اللَّحَّام: كنية أَحد فُرْسان العرب.

لحن

اللَّحْن: من الأَصوات المصوغة الموضوعة، وجمعه أَلْحانٌ ولُحون.
ولَحَّنَ في قراءته إذا غرَّد وطرَّبَ فيها بأَلْحان، وفي الحديث: اقرؤُوا القرآن بلُحون العرب. وهو أَلْحَنُ الناس إذا كان أَحسنهم قراءة أَو غناء. واللَّحْنُ واللَّحَنُ واللَّحَانةُ واللَّحانِيَة: تركُ الصواب في القراءة والنشيد ونحو ذلك، لَحَنَ يَلْحَنُ لَحْناً ولَحَناً ولُحوناً؛ الأَخيرة عن أَبي زيد قال:

فُزْتُ بقِدْحَيْ مُعْرِب لم يَلْحَنِ

ورجل لاحِنٌ ولَحّان ولَحّانة ولُحَنَة: يُخْطِئ، وفي المحكم: كثير اللَّحْن. ولَحَّنه: نسبه إِلى اللَّحْن. واللُّحَنَةُ: الذي يُلحَّنُ.
والتَّلْحِينُ: التَّخْطِئة. ولَحَنَ الرجلُ يَلْحَنُ لَحْناً: تكلم بلغته.
ولَحَنَ له يَلْحَنُ لَحْناً: قال له قولاً يفهمه عنه ويَخْفى على غيره لأَنه يُميلُه بالتَّوْرية عن الواضح المفهوم؛ ومنه قولهم: لَحِنَ الرجلُ: فهو لَحِنٌ إذا فَهمَ وفَطِنَ لما لا يَفْطنُ له غيره. ولَحِنَه هو عني، بالكسر، يَلْحَنُه لَحْناً أَي فَهمَه؛ وقول الطرماح:

وأَدَّتْ إِليَّ القوْلِ عنهُنَّ زَوْلةٌ

 

تُلاحِنُ أَو ترْنُو لقولِ المُلاحِنِ

أَي تَكلَّمُ بمعنى كلام لا يُفْطنُ له ويَخْفى على الناس غيري.
وأَلْحَنَ في كلامه أَي أَخطأَ. وأَلْحَنه القولَ: أَفهمه إيِاه، فلَحِنَه لَحْناً: فهِمَه. ولَحَنه عن لَحْناً؛ عن كراع: فهِمَه؛ قال ابن سيده: وهي قليلة، والأَول أَعرف. ورجل لَحِنٌ: عارفٌ بعواقب الكلام ظريفٌ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنكم تَخْتصِمُون إِليَّ ولعلَّ بعضَكم أَن يكونَ أَلْحَنَ بحجَّته من بعض أَي أَفْطنَ لها وأَجْدَل، فمن قَضَيْتُ له بشيء من حق أَخيه فإِنما أَقطعُ له قِطْعةً من النار؛ قال ابن الأَثير: اللَّحْنُ الميل عن جهة الاستقامة؛ يقال: لَحَنَ فلانٌ في كلامه إذا مال عن صحيح المَنْطِق، وأَراد أَن بعضكم يكون أَعرفَ بالحجة وأَفْطَنَ لها من غيره. واللَّحَنُ، بفتح الحاء: الفِطْنة. قال ابن الأَعراب: اللَّحْنُ، بالسكون، الفِطْنة والخطأُ سواء؛ قال: وعامّة أَهل اللغة في هذا على خلافه، قالوا: الفِطْنة، بالفتح، والخطأ، بالسكون. قال ابن الأَعرابي: واللَّحَنُ أَيضاً، بالتحريك، اللغة. وقد روي أَن القرآن نزَل بلَحَنِ قريش أَي بلغتهم. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: تعلَّمُوا الفرائضَ والسُّنَّةَ واللَّحَن، بالتحريك، أَي اللغة؛ قال الزمخشري: تعلموا الغَريبَ واللَّحَنَ لأَن في ذلك عِلْم غَرِيب القرآن ومَعانيه ومعاني الحديث والسنَّة، ومن لم يعْرِفْه لم يعرف أَكثرَ كتاب الله ومعانيه ولم يعرف أَكثر السُّنن. وقال أَبو عبيد في قول عمر، رضي الله عنه: تعلَّمُوا اللَّحْنَ أَي الخطأَ في الكلام لتحترزوا منه. وفي حديث معاويه: أَنه سأَل عن أَبي زيادٍ فقيل إِنه ظريف على أَنه يَلْحَنُ، فقال: أَوَليْسَ ذلك أَظرف له؟ قال القُتَيْبيُّ: ذهب معاويةُ إِلى اللَّحَن الذي هو الفِطنة، محرَّك الحاء. وقال غيره. إِنما أَراد اللَّحْنَ ضد الإِعراب، وهو يُسْتَمْلَحُ في الكلام إذا قَلَّ، ويُسْتَثْقَلُ الإِعرابُ والتشَدُّقُ. ولَحِنَ لَحَناً: فَطِنَ لحجته وانتبه لها. ولاحَنَ الناس: فاطَنَهم؛ وقوله مالك بن أَسماء بن خارجةَ الفَزاريّ:

وحـديثٍ أَلَـذُّه هـو مـمـا

 

يَنْعَتُ النَّاعِتُون يُوزَنُ وَزْنـا

مَنْطِقٌ رائِعٌ، وتَلْحَـنُ أَحْـيا

 

ناً، وخيرُ الحديثِ ما كانَ لَحْنا

يريد أَنها تتكلم بشيء وهي تريد غيره، وتُعَرِّضُ في حديثها فتزيلُه عن جهته من فِطنتِها كما قال عز وجل: ولَتَعْرِفنَّهُمْ في لَحن القول، أَي في فَحْواهُ ومعناه؛ وقال القَتَّال الكلابيُّ:

ولقد لَحَنْتُ لكم لِكَيْما تَفْهمُـوا،

 

ولَحَنْتُ لَحْناً لَحْناً ليس بالمُرْتابِ

وكأَنَّ اللَّحْنَ في العربية راجعٌ إِلى هذا لأَنه من العُدول عن الصواب. وقال عمر بن عبد العزيز: عَجِبْتُ لمن لاحَنَ الناسَ ولاحَنُوه كيفَ لا يعرفُ جَوامعَ الكَلِم، أَي فاطَنَهم وفاطَنُوه وجادَلَهم؛ ومنه قيل: رجل لَحِنٌ إذا كان فَطِناً؛ قال لبيد:

مُتَعوِّذٌ لَحِنٌ يُعِيدُ بـكَـفِّـه

 

قَلَماً على عُسُبٍ ذَبُلْنَ وبانِ

وأَما قول عمر، رضي الله عنه: تعلموا اللَّحْنَ والفرائضَ، فهو بتسكين الحاء وهو الخطأُ في الكلام. وفي حديث أَبي العالية قال: كنتُ أَطُوفُ مع ابن عباسٍ وهو يُعلِّمني لَحْنَ الكلامِ؛ قال أَبو عبيد: وإِنما سماه لَحْناً لأَنه إذا بَصَّره بالصواب فقد بَصَّره اللَّحْنَ. قال شمر: قال أَبو عدنان سأَلت الكِلابيينَ عن قول عمر تعلموا اللحن في القرآن كما تَعَلَّمُونه فقالوا: كُتِبَ هذا عن قوم لس لهم لَغْوٌ كلَغْوِنا، قلت: ما اللَّغْوُ؟ فقال: الفاسد من الكلام، وقال الكلابيُّون: اللَّحْنُ اللغةُ، فالمعنى في قول عمر تعلموا اللّحْنَ فيه يقول تعلموا كيف لغة العرب فيه الذين نزل القرآنُ بلغتهم؛ قال أَبو عدنان: وأَنشدتْني الكَلْبيَّة:

وقوْمٌ لهم لَحْنٌ سِوَى لَحْنِ قومِنا

 

وشَكلٌ، وبيتِ اللهِ، لسنا نُشاكِلُهْ

قال: وقال عُبيد بن أَيوب:

وللهِ دَرُّ الـغُـولِ أَيُّ رَفِـيقَةٍ

 

لِصاحِبِ قَفْرٍ خائفٍ يتَقَـتَّـرُ

فلما رأَتْ أَن لا أُهَالَ، وأَننـي

 

شُجاعٌ، إذا هُزَّ الجَبَانُ المُطيَّرُ

أَتَتني بلحْنٍ بعد لَحْنٍ، وأَوقدَتْ

 

حَوَالَيَّ نِيراناً تَبُوخُ وتَزْهَـرُ

ورجل لاحِنٌ لا غير إذا صَرَفَ كلامَه عن جِهَته، ولا يقال لَحّانٌ.
الليث: قول الناسِ قد لَحَنَ فلانٌ تأْويلُه قد أَخذ في ناحية عن الصواب أَي عَدَل عن الصواب إِليها؛ وأَنشد قول مالك بن أَسماء:

مَنْطِقٌ صائِبٌ وتَلْحَـنُ أَحْـيا

 

ناً، وخيرُ الحديثِ ما كانَ لَحْناً

قال: تأْويله وخير الحديث من مثل هذه الجارية ما كان لا يعرفه كلُّ أَحد، إِنما يُعرفُ أَمرها في أَنحاء قولها، وقيل: معنى قوله وتلحن أَحياناً أَنها تخطئ في الإِعراب، وذلك أَنه يُسْتملَحُ من الجواري، ذلك إذا كان خفيفاً، ويُستثقل منهن لُزوم حاقِّ الإِعراب. وعُرِف ذلك في لَحْن كلامه أَي فيما يميل إِليه. الأَزهري: اللَّحْنُ ما تَلْحَنُ إِليه بلسانك أَي تميلُ إِليه بقولك، ومنه قوله عز وجل: ولَتَعْرِفَنَّهُم في لَحْنِ القول؛ أَي نَحْوِ القول، دَلَّ بهذا أَن قولَ القائل وفِعْلَه يَدُلاَّنِ على نيته وما في ضميره، وقيل: في لَحْنِ القول أَي في فَحْواه ومعناه.
ولَحَن إِليه يَلْحَنُ لَحْناً أَي نَواه ومال إِليه. قال ابن بري وغيره: للَّحْنِ ستة مَعان: الخطأُ في الإِعراب واللغةُ والغِناءُ والفِطْنةُ والتَّعْريضُ والمَعْنى، فاللَّحْنُ الذي هو الخطأُ في الإِعراب يقال منه لَحَنَ في كلامه، بفتح الحاء، يَلْحَنُ لَحْناً، فهو لَحَّانٌ ولَحّانة، وقد فسر به بيتُ مالك بن أَسماء بن خارجة الفَزَاري كما تقدم، واللَّحْنُ الذي هو اللغة كقول عمر، رضي الله عنه: تعلموا الفرائضَ والسُّنَنَ واللَّحْنَ كما تعلَّمُون القرآنَ، يريد اللغة؛ وجاء في رواية تعلموا اللَّحْنَ في القرآن كما تتعلمونه، يريد تعلموا لغَةَ العرب بإِعرابها؛ وقال الأَزهري: معناه تعلموا لغة العرب في القرآن واعرفُوا معانيه كقوله تعالى: ولتَعْرِفَنَّهم في لَحْنِ القول؛ أَي معناه وفَحْواه، فقول عمر، رضي الله عنه: تعلموا اللَّحْن، يريد اللغة؛ وكقوله أَيضاً: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنا وإِنَّا لنَرْغَبُ عن كثير من لَحْنِه أَي من لُغَتِه وكان يَقْرأُ التابُوه؛ ومنه قول أَبي مَيْسَرَة في قوله تعالى: فأَرْسَلْنا عليهم سَيْلَ العَرِمِ، قال: العَرِمُ المُسَنَّاةُ بلَحْنِ اليمن أَي بلغة اليمن؛ ومنه قول أَبي مَهْديٍّ: ليس هذا من لَحْني ولا لَحْنِ قومي؛ واللَّحْنُ الذي هو الغِناء وتَرْجيعُ الصوت والتَّطْريبُ شاهدُه قول يزيد ابن النعمان:

لقد تَرَكَتْ فُؤادَكَ مُسْتَجَنَّا

 

مُطَوَّقَةٌ على فَنَنٍ تَغَنَّى

يَمِيلُ بها، وتَرْكَبُه بلَحْنٍ،

 

إِذا ما عَنَّ للمَحْزُون أَنَّا

فلا يَحْزُنْكَ أَيامٌ تَـوَلَّـى

 

تَذَكّرُها، ولا طَيْرٌ أَرَنَّا

وقال آخر:

وهاتِفَينِ بشَجْوٍ، بعدما سجَـعَـتْ

 

وُرْقُ الحَمامِ بترجـيعٍ وإِرْنـانِ

باتا على غُصْنِ بانٍ في ذُرَى فَننٍ،

 

يُرَدِّدانِ لُـحـونـاً ذاتَ أَلْـوانِ

ويقال: فلان لا يعرفُ لَحْنَ هذا الشعر أَي لا يعرف كيف يُغَنيه. وقد لَحَّنَ في قراءته إذا طَرَّب بها. واللَّحْنُ الذي هو الفِطْنة يقال منه لَحَنْتُ لَحْناً إذا فَهِمته وفَطِنته، فَلَحَنَ هو عني لَحْناً أَي فَهمَ وفَطِنَ، وقد حُمِلَ عليه قول مالك بن أَسماء: وخير الحديث ما كان لحناً، وقد تقدم؛ قاله ابن الأَعرابي وجعله مُضارعَ لَحِنَ، بالكسر، ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم: لعَلَّ بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته أَي أَفْطَنَ لها وأَحسَنَ تصَرُّفاً. واللَّحْنُ الذي هو التَّعْريض والإِيماء؛ قال القتَّالُ الكلابي:

ولقد لَحَنْتُ لكم لِكَيما تَفْهَموا،

 

ووَحَيْتُ وَحْياً ليس بالمُرْتابِ

ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم، وقد بعث قوماً ليُخْبِرُوه خبَرَ قريش: الْحَنُوا لي لَحْناً، وهو ما روي أَنه بعث رجلين إِلى بعض الثُّغُور عَيْناً فقال لهما: إذا انصرفتما فالْحَنا لي لَحْناً أَي أَشيرا إِليَّ ولا تُفْصِحا وعَرِّضا بما رأَيتما، أَمرهما بذلك لأَنهما ربما أَخبرا عن العَدُوِّ ببأْسٍ وقُوَّة، فأَحَبَّ أَن لا يقفَ عليه المسلمون. ويقال: جعَلَ كذا لَحْناً لحاجته إذا عَرَّضَ ولم يُصَرِّح؛ ومنه أَيضاً قول مالك بن أَسماء وقد تقدم شاهداً على أَن اللَّحْنَ الفِطنة، والفعل منه لَحَنْتُ له لَحْناً، على ما ذكره الجوهر عن أَبي زيد؛ والبيت الذي لمالك:

مَنطِقٌ صائبٌ وتَلْحَـنُ أَحـيا

 

ناً، وخيرُ الحديثِ ما كان لَحْنا

ومعنى صائب: قاصد الصواب وإِن لم يُصِبْ، وتَلْحَن أَحياناً أَي تُصيب وتَفْطُنُ، وقيل: تريدُ حديثَها عن جهته، وقيل: تُعَرِّض في حديثها، والمعنى فيه متقاربٌ، قال: وكأَنَّ اللَّحْن في العربية راجع إِلى هذا لأَنه العُدول عن الصواب؛ قال عثمان ابن جني: مَنْطِقٌ صائب أَي تارة تورد القول صائباً مُسَدَّداً وأُخرى تتَحَرَّفُ فيه وتَلْحَنُ أَي تَعْدِلُه عن الجهة الواضحة متعمدة بذلك تلَعُّباً بالقول، وهو من قوله ولعل بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته أَي أَنْهَضَ بها وأَحسَنَ تصَرُّفاً، قال: فصار تفسير اللَّحْنِ في البيت على ثلاثة أَوجه: الفِطنة والفهم، وهو قول أَبي زيد وابن الأَعرابي وإِن اختلفا في اللفظ، والتعريضُ، وهو قول ابن دريد والجوهري، والخطأُ في الإِعراب على قول من قال تزيله عن جهته وتعدله عن الجهة الواضحة، لأَن اللحن الذي هو الخطأُ في الإِعراب هو العدول عن الصواب، واللَّحْن الذي هو المعنى والفَحْوَى كقوله تعالى: ولَتَعْرِفنَّهُم في لَحْنِ القول؛ أَي في فَحْواه ومعناه. وروى المنذريُّ عن أَبي الهيثم أَنه قال: العُنوان واللَّحْنُ واحد، وهو العلامة تشير بها إِلى الإِنسان ليَفْطُنَ بها إِلى غيره، تقول: لَحَنَ لي فلانٌ بلَحْنٍ ففطِنْتُ؛ وأَنشد:

وتَعْرِفُ في عُنوانِها بعضَ لَحْنِهـا،

 

وفي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهيا

قال: ويقال للرجل الذي يُعَرِّضُ ولا يُصَرِّحُ قد جعل كذا وكذا لَحْناً لحاجته وعُنواناً. وفي الحديث: وكان القاسم رجلاً لُحْنَةً، يروى بسكون الحاء وفتحها، وهو الكثير اللَّحْنِ، وقيل: هو بالفتح الذي يُلَحِّنُ الناس أَي يُخَطِّئُهم، والمعروف في هذا البناء أَنه الذي يَكْثُر منه الفعل كالهُمَزة واللُّمَزة والطُّلَعة والخُدَعة ونحو ذلك. وقِدْحٌ لاحِنٌ إذا لم يكن صافيَ الصوت عند الإِفاضة، وكذلك قوس لاحنة إذا أُنْبِضَتْ.
وسهمٌ لاحِنٌ عند التَّنْفير إذا لم يكن حَنَّاناً عند الإِدامةِ على الإِصبع، والمُعْرِبُ من جميع ذلك على ضِدِّه. ومَلاحِنُ العُودِ: ضُروبُ دَسْتاناته. يقال: هذا لَحْنُ فلانٍ العَوَّاد، وهو الوجه الذي يَضْرِبُ به. وفي الحديث: اقرؤُوا القرآنَ بلُحُونِ العرب وأَصواتها، وإِياكم ولُحُونَ أَهل العِشْق؛ اللَّحنُ: التطريب وترجيع الصوت وتحسين القراءة والشِّعْرِ والغِناءِ، قال: ويشبه أَن يكون أَراد هذا الذي يفعله قُرَّاء الزمان من اللُّحون التي يقرؤون بها النظائر في المحافل، فإِن اليهود والنصارى يقرؤون كتُبَهم نحْواً من ذلك.

لخا

اللَّخا: كَثْرَةُ الكلام في الباطل، ورجل أَلْخَى وامرأَة لَخْواء، وقد لَخِيَ، بالكسر، لَخاً. واللَّخا: أَن تكون إِحدى ركبتي البعير أَعظم من الأُخرى مثل الأَرْكَب، تقول منه: بعير لَخٍ وأَلْخى وناقة لَخْواء. والأَلْخى: المُعْوَجُّ. واللَّخا: مَيَلٌ في العُلْبة والجَفْنة. واللَّخا: مَيَل في أَحد شِقَّي الفم، فم أَلْخى ورجل أَلْخى وامرأَة لخْواء، وقيل: اللَّخا اعوجاج في اللَّحْيِ، وعُقاب لَخْواء منه لأَن مِنقارها الأَعلى أَطول من الأسفل. وامرأَة لَخْواء بينة اللَّخا: في فرجها ميَل.واللَّخْو: الفَرْج المُضْطَرِبُ الكثير الماء. قال الليث: اللَّخْوُ لَخْوُ القُبُل المضطرب الكثير الماء. الصحاح: اللَّخا نَعْت القُبُل المضطرب الكثير الماء. الأَصمعي: اللَّخْواء المرأَة الواسعة الجَهاز، واللَّخا غارُ الفَم، واللَّخا استرخاء في أَسفل البطنِ، وقيل: هو أَن تكون إِحدى الخاصرتين أَعظم من الأُخرى، والفعل كالفعل مما تقدم، والصفة كالصفة. قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول اللَّخا، مقصور، أَن يَميل بَطن الرجل في أَحد جانبيه. قال: واللَّخا المُسْعُط، وصرح اللحياني فيه المدَّ فقال: اللخاء، ممدود، المُسْعُط، وقد لخَاه لَخْواً. التهذيب: واللَّخا شيء مثل الصَّدف يتخذ مُسْعُطاً. أَبو عمرو: اللَّخا إِعطاء الرجل ماله صاحبه؛ قال الشاعر:

لخَيْتُكَ مالي ثمّ لم تُلْفَ شاكِـراً

 

فعَشِّ رُوَيْداً، لستُ عَنْكَ بغافلِ

ابن سيده: اللَّخا، مَقْصُور، المُسْعُط، والمِلْخى مثله، وقيل: هو ضرب من جُلود دواب البحر يُسْتَعَطُ به. ولَخَيْتُه وأَلخَيْتُه ولَخَوْتُه كلُّ هذا: سَعَطْته، وقيل: أَوْجَرْته الدواء. قال ابن بري: يقال التَخَتْ باللَّخا أَي شربت بالمُسْعُط؛ قال الراجز:

وما التَخَتْ من سُوءِ جسْمٍ بلَخا

وقال ابن ميادة:

فَهُنَّ مِثْل الأُمَّهاتِ يُلْخِـينْ

 

يُطْعِمْنَ أَحْياناً، وحِيناً يَسْقِينْ

وأَلْخَيتُه مالاً أَي أَعْطَيْتُه. واللِّخاء: الغِذاء للصبي سِوى الرَّضاع. والتَخى: أَكل الخُبز المَبلول، والاسم اللِّخاءُ مثل الغِذاءِ، تقول: الصبي يَلْتَخي التِخاء أَي يأْكل خُبزاً مبلولاً؛وأَنشد الفراء لبعضهم من بني أَسد:

فَهُنَّ مِثْلُ الأُمَّـهـاتِ يُلْـخِـينْ

 

يُطْعِمْنَ أَحْياناً، وحِيناً يَسْـقِـينْ

كأَنها من شَجَرِ الـبَـسـاتِـينْ

 

العِنَباء المُنْـتَـقـى والـتِّـينْ

لا عَـيْبَ إِلا أَنـهُـنَّ يُلْـهِـينْ

 

عن لَذّة الدُّنيا، وعن بَعْضِ الدِّينْ

والتَخى صدْرَ البعير أَو جِرانه: قَدَّ منه سيراً للسوط ونحوه؛ قال جِرانُ العَود يذكر أَنه اتخذ سَيْراً من صدر بعير لتأْديب نسائه:

خُذا حَذَراً يا خُلَّـتـيَّ، فـإِنَّـنـي

 

رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قد كاد يُصْلَـحُ

عَمَدْتُ لعَوْدٍ فالتَخَـيْتُ جِـرانَـه

 

ولَلْكَيْسُ أَمْضى في الأُمور وأَنْجَحُ

قال أَبو منصور: التَحَيْتُ جِران البعير بالحاء، والعرب تُسوّي السياط من الجِران لأَنَّ جِلده أَصلب وأَمتن، قال: وأَظنه من قولك لَحَوْت العُود ولَحَيْته إذا قَشرته، وكذلك اللِّخاء والمُلاخاة، بالخاء، بمعنى التَّحْمِيلِ والتَّحريش، يقال: لاخَيْتَ بي عند فلان أَي أَثَيْتَ بي عنده مُلاخاةً ولِخاء، وقال: واللِّخاءُ بالخاءِ بهذا المعنى تصحيف عندي.
ولاخى به: وشى؛ قال ابن سيده: وقضينا على هذا بالياء لأَن اللام ياء أَكثر منها واواً. أَبو عمرو: المُلاخاةُ المُخالفة وأَيضاً المُصانعة؛ وأَنشد:

ولاخَيْتَ الرِّجال بذات بَيْني

 

وبَيْنِكَ، حِين أَمْكَنَكَ اللِّخاءُ

قال: لاخَيْتَ وافَقْتَ؛ قال الطرماح:

فلم نَجْزَعْ لمَن لاخى عَليْنا

 

ولم نَذَرِ العشيرةَ للجُنـاةِ

لخب

لَخَبَ المرأَةَ يَلْخُبُها ويَلْخَبُها لَخْباً: نكحها؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: والمعروف عن يعقوب وغيره: نَخَبها. واللَّخَبُ: شجر المُقْلِ؛ قال:

من أَفيح ثنة لخب عميم

ابن الأَعرابي: المَلاخِبُ المَلاطِمُ.
والمُلَخَّبُ: المُلَطَّم في الخُصومات. واللِّخابُ: اللِّطامُ.

لخت

يقال: حَرٌّ سَخْتٌ لَخْتٌ: شديدٌ. الليث: اللَّخْتُ العظيمُ الجسْمِ؛ قال ابن سيده: وأُراه مُعَرَّباً، والله أَعلم.

لخج

 الأَزهري: قال ابن شميل: اللَّخَجُ أَسْوَأُ الغَمَصِ، تقول: عَيْنٌ لَخِجَةٌ: لَزِقَةٌ بالغَمَصِ؛ قال أَبو منصور: هذا عندي شبيه بالتصحيف، والصواب لَخِخَتْ عينُه بخاءَيْن، ولحِحَتْ بحاءَيْن إذا التصقت من الغَمَصِ؛ قال: قال ذلك ابن الأَعرابي وغيره، وأَما اللَّخَجُ فانه غير معروف في كلام العرب، قال: ولا أَدري ما هو.

لخجم

اللَّخْجَمُ: البعيرُ المُجْفَر الجنبين، وفي التهذيب: اللَّخْجَم البعيرُ الواسع الجوف.

لخص

التَّلْخِيصُ: التبيين والشرح، يقال: لَخّصْت الشيء ولَحّصْته، بالخاء والحاء، إذا استقصيت في بيانه وشرحه وتَحْبِيره، يقال: لَخِّصْ لي خبرك أَي بيِّنْه لي شيئاً بعد شيء. وفي حديث عليّ، رضوان اللّه عليه: أَنه قعد لِتَلْخِيص ما الْتَبَس على غيره؛ والتَّلْخِيصُ: التقريب والاختصار، يقال: لَخّصْت القول أَي اقتصرت فيه واختصرت منه ما يُحْتَاج إِليه.واللَّخَصةُ: شَحْمة العين من أَعلى وأَسفل. وعين لَخْصاءُ إِذ كثر شحمها. واللَّخَصُ: غِلَظُ الأَجفان وكثرةُ لحمها خلقة، وقال ثعلب: هو سُقوطُ باطن الحِجاج على جفن العين، والفعل من كل ذلك لَخِصَ لَخَصاً فهو أَلْخَصُ. وقال الليث: اللَّخَصُ أَن يكون الجفنُ الأَعْلى لَحِيماً، والنعت اللَّخِصُ. وضرْعٌ لَخِصٌ، بكسر الخاء، بَيِّنُ اللَّخَصِ أَي كثيرُ اللحم لا يكاد اللبن يخرج منه إِلا بشدة. واللَّخصتانِ من الفرس: الشحْمتان اللتان في جوف وَقْبَي عينيه، وقيل: الشحمة التي في جوف الهَزْمةِ التي فوق عينه، والجمع لِخَاصٌ.
ولَخَصَ البعيرَ يَلْخَصُه لَخْصاً: شقَّ جفْنَه لينظر هل به شَحْمٌ أَم لا، ولا يكون إِلا منحوراً، ولا يقال اللَّخْصُ إِلا في المنحور، وذلك المكان لَخَصةُ العينِ فمثل قَصَبةٍ، وقد أُلْخِصَ البعيرُ إذا فُعِل به هذا فظهر نِقْيُه. ابن السكيت: قال رجل من العرب لقومه في سَنَةٍ أَصابتهم: انظروا ما لَخِصَ من إِبلي فانحَرُوه وما لم يَلْخَصْ فارْكَبُوه أَي ما كان له شحم في عينيه. ويقال: آخرُ ما يبقى من النِّقْي في السُّلامَى والعينِ، وأَوّل ما يَبْدو في اللسان والكرش.

لخط

قال ابن بزرج في نوادره: قال خَيْشَنةُ: قد التَخَط الرَّجلُ من ذلك الأَمر، يُريد اخْتَلَط، قال: وما اخْتَلَط إِنما التَخَط.

لخع

اللَّخْعُ: اسْتِرْخاءُ الجسم، يمانية، واللَّخِيعةُ: اسم مشتق منه. ويَلْخَعُ: موضع.

لخف

اللَّخْف: الضرْب الشديد. لخَفَه بالعصا لَخْفاً: ضرَبه؛ قال العجاج:

وفي الحَراكِيلِ نُحور جُـزَّل

 

لَخْفٌ كأَشْداقِ القِلاصِ الهُزَّل

ولَخَف عيْنَه: لطَمها؛ عن ابن الأَعرابي. واللخاف: حجارة بيض عريضة رقاق، واحدتها لَخْفة. وفي حديث زيد بن ثابت حين أَمَره أَبو بكر الصديق، رضي اللّه عنهما، أَن يجمع القرآن قال: فجعلتُ أَتَتبَّعه من الرّقاع واللّخاف والعُسُب. وفي حديث جارية كعب ابن مالك، رضي اللّه عنه: فأَخذَت لِخافةً من حجر فذبحتها بها. وفي الحديث: كان اسم فرسه، صلى اللّه عليه وسلم، اللّخيف؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه البخاري ولم يتحققه، قال: والمعروف بالحاء المهملة، وروي بالجيم.واللَّخْفُ مثل الرَّخْفِ: وهو الزُّبْد الرَّقِيق. السُّلَمي: الوَخِيفةُ واللَّخِيفةُ والخَزِيرة واحد.

لخق

اللُّخْقُوقُ: شق في الأَرض كالوِجارِ. وفي الحديث: أَن رجلاً كان واقفاً مع النبي، صلى الله عليه وسلم، فوَقَصَت به ناقته في أَخاقيقِ جِرْذانٍ؛ قال الأصمعي: إنما هو لَخاقيق، واحدها لُخْقُوق وهي شقوق في الأَرض؛ وقال بعضهم في قوله في لَخاقيق جِرْذانٍ: أصلها الأَخاقِيقُ؛ قال ابن بري: الأَخاقِيقُ جمع أَخْقاقٍ، وأَخْقاق جمع خَقٍّ، والخَقّ الشق في الأَرض. يقال: خَقَّ في الأَرض وخَدّ، وقيل: اللُّخْقُوق الوادي. أبو عمرو:اللَّخْقُ الشق في الأَرض، وجمعه لُخُوق وأَلْخاق؛ وقال الأَصمعي: هي اللَّخاقيقُ الشقوق في الأَرض، واحدها لُخْقوق. وقال ابن شميل: اللُّخْقُوق مَسيل الماء له أجَراف وحُفَر، والماء يجري فيَحْفِرُ الأَرض كهيئة النهر حتى ترى له أَجرافاً، وجمعه اللَّخَاقيق وقيل: شِقَابُ الجبل لَخَاقيق أَيضاً. ولَخَاقِيقُ الفرج: ما انْزَوَى من قعره؛ قال اللعين المِنْقَرِيّ:  

كَبْسَاء خَرْقاء مِتْآم، إذا وقَعَـتْ

 

في مَهْبَلٍ أَدرَكَتْ داء اللَّخَاقيق

لخم

اللَّخْم: القَطْعُ. وقد لَخَم الشيءَ لَخْماً: قطَعه. ولَخُمَ الرجلُ: كثُر لَحْمُ وجهه وغلُظ. وبالرجل لخْمةٌ أَي ثِقَلُ نَفْسٍ وفَتْرةٌ. واللَّخَمةُ: العَقَبة التي من المَتْن. واللُّخَمة: كلُّ ما يُتطيَّرُ منه. واللِّخامُ: اللِّطامُ. يقال: لاخَمَه ولامَخَه أَي لطَمَه.
واللُّخْمُ، بالضم ضَرْبٌ من سمك البحر، قال رؤبة:

كَثيرة حيتانُه ولُخُمهْ

قال: والجَمَل سمكة تكون في البحر؛ ورواه ابن الأَعرابي:

واعْتَلَجَتْ جِمالُه ولُخُمهْ

قال: ولا يكون الجَمَل في العَذْب، وقيل: هو سمك ضخم، قيل: لا يمرّ بشيء إِلا قطعه، وهو يأْكل الناس، ويقال له الكَوْسَج. وفي حديث عكرمة: اللُّخُمُ حَلالٌ؛ هو ضَرْبٌ من سمك البحر، ويقال له القِرْشُ؛ وقال المُخبَّل يصف دُرّة وغوَّاصاً:

بِلَبـانـهِ زَيْتٌ وأَخْـرَجـهـا

 

منْ ذي غَوارِبَ، وَسْطَه اللُّخُم

ولَخْمٌ: حَيٌّ من جُذام؛ قال ابن سيده: لَخْم حيٌّ من اليمن، ومنهم كانت ملوك العرب في الجاهلية وهم آلُ عمرو بن عَديّ بن نصر اللَّخْمِيّ. قال أَبو منصور: مُلوك لَخْمٍ كانوا نزلوا الحيرة، وهم آل المُنْذِر.

لخن

اللَّخَنُ: نتْنُ الريح عامّةً، وقيل: اللَّخَنُ نتْنٌ يكون في أَرْفاغ الإِنسان، وأَكثر ما يكون في السُّودان، وقد لَخِنَ لَخَناً وهو أَلْخَنُ. ولَخِنَ السقاء لَخَناً، فهو لَخِنٌ وأَلْخَنُ: تغير طعمه ورائحته، وكذلك الجلد في الدِّباغ إذا فسد فلم يصلح؛ قال رؤبة:

والسَّبُّ تَخْريقُ الأَديمِ الأَلْخَنِ

الليث: لَخِنَ السقاء، بالكسر، يَلْخَنُ لَخَناً أَي أَنْتَنَ، وفي التهذيب: إذا أُدِيمَ فيه صَبُّ اللَّبَن فلم يغسل، وصار فيه تَحْبيبٌ أَبيضُ قِطعٌ صغارٌ مثلُ السِّمْسِمِ وأَكبر منه متغيرُ الريح والطعم؛ ومنه قولهم أَمة لَخْناءُ. ولَخِنَ الجوْزُ لَخَناً: تغيرت رائحته وفسد.
واللَّخَنُ: قُبْح ريح الفرج، وامرأَة لَخْناء. ويقال: اللَّخْناء التي لم تُخْتَنْ. وفي حديث ابن عمر: يا ابن اللَّخْناء؛ هي التي لم تُخْنَن، وقيل: اللَّخَنُ النَّتْنُ، والأَلْخَنُ الذي لم يُخْتن، وقيل: هو الذي يُرَى في قُلفَته قبل الخِتان بياضٌ عند انقلاب الجِلدة. واللَّخْنُ: البياضُ الذي على جُرْدان الحمار، وهو الحَلَقُ. أَبو عمرو: اللَّخَنُ القبيح من الكلام.