المقصد الثامن: بيان مراتب اللغويين، في بيان أول من صنف في اللغة

وفيه أنواع

النوع الأول في بيان مراتب اللغويين وفيه نوعان:

صفحة : 16

الأول في بيانه أئمة اللغة من البصريين وبيان أسانيدهم ووفياتهم وكناهم. نقل السيوطي في المزهر عن أبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي في كتابه مراتب النحويين ما حاصله: إن أول من رسم للناس النحو واللغة أبو الأسود الدؤلي، وكان أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان من أعلم الناس بكلام العرب مات سنة 69 قال أبو حاتم: تعلم منه ابنه عطاء بن أبي الأسود، ثم أبو سليمان يحيى بن يعمر العدواني، ثم أبو عبد الله ميمون الأقرن، ثم عنبسة الفيل، قيل هو لقب أبيه. ثم أخذ عن يحيى عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وكان أعلم أهل البصرة بها، وكان في عصره أبو عمرو بن العلاء المازني، اختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا، أصحها زبان بالزاي والباء المشددة موحدة، وقيل: اسمه كنيته، مات سنة 159 أخذ عن يحيى وميمون وغيرهما، وكان أعلم الناس بالعربية، أخذ عنه جماعة، منهم أبو عمر عيسى بن يوسف الثقفي، مات سنة 150، ويونس بن حبيب الضبي، مات سنة 182 عن 72 سنة وأبو الخطاب عبد المجيد بن عبد الحميد الأخفش الكبير، فكان هؤلاء الثلاثة أعلم الناس وأفصحهم. وممن أخذ عن أبي عمرو أبو جعفر محمد بن الحسن الرؤاسي عالم الكوفة، وهو أستاذ الكسائي، فأخذ عن عيسى بن عمر أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، مات في سنة 175 وكان أعلم الناس وأتقاهم، وعنه وعن أبي الخطاب ويونس الإمام أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري مات سنة 215 عن 93 وقيل غير ذلك، وأبو عبيدة معمر بن المثنى مات سنة 209 وأبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي ولد سنة 123 ومات سنة 212 وأخذ الثلاثة هؤلاء عن أبي عمرو بن العلاء أولا، ثم عمن ذكر من تلاميذه، وأخذ الثلاثة أيضا عن أبي مالك عمرو بن كركرة النميري صاحب النوادر، وابن الدقيش الأعرابي، وأخذ الخليل أيضا عن هؤلاء، وكان أبو زيد أحفظ الناس للغة بعد مالك، وعنه أخذ إمام النحو واللغة أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بسيبويه، مات بشيراز سنة 180 عن 32 وقال ابن الجوزي: مات بساوة سنة 194 وقيل غير ذلك، وإليه انتهى النحو. وأما أبو عبيدة فإنه أول من صنف الغريب، وكان أعلم الناس بأيام العرب وأخبارهم وعلومهم، كان يقول: ما التقى فرسان في جاهلية أو إسلام إلا عرفتهما وعرفت فارسيهما. وأما الأصمعي فكان أتقن القوم باللغة، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظا، وكان تعلم نقد الشعر من خلف بن حيان الأحمر، وكان مولى أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، مات سنة 180 في حدودها، وكان أخذ النحو عن عيسى بن عمر، واللغة عن أبي عمرو، وأخذ عن الخليل أيضا حماد بن سلمة الراوية، وأبو الحسن النضر بن شميل، مات سنة 203 وأبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، مات بخراسان سنة 202 عن 84 وأبو فيد المؤرخ بن عمرو السدوسي، مات سنة 195 وأبو الحسن علي بن النضر الجهضمي، وأخذ عن يونس بن حبيب ممن اختص به دون غيره أبو علي محمد بن المستنير قطرب، مات سنة 202 وأخذ عنه أيضا وعن خلف الأحمر محمد بن سلام الجمحي صاحب الطبقات، وأخذ عن سيبويه جماعة، منهم أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي الملقب بالأخفش، وكان غلام أبي شمر، وكان أسن من سيبويه ولكن لم يأخذ عن الخليل، مات سنة 210 وكان أخذ عن أبي مالك النميري. وممن أخذ عن أبي عبيدة وأبي زيد والأصمعي والأخفش: أبو عبد الله التوزي ويقال التوجي، مات سنة 238 وأبو علي الحرمازي وأبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي، وهؤلاء أكبر أصحابهم، ومن دونهم في السن أبو إسحاق إبراهيم الزيادي، وأبو عثمان بكر بن محمد المازني مات سنة 245، وأبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي، قتله الزنج بالبصرة وهو يصلي الضحى في مسجده في سنة 257 وأبو حاتم سهل بن محمد السجستاني، مات سنة 250. ودون هذه الطبقة جماعة، منهم أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي وعبد الرحمن ابن عبد الله بن قريب الأصمعي، وهما ابنا أخي الأصمعي وقد رويا عنه. وأخذ عن المازني والجرمي جماعة، منهم أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، مات سنة 282 وعنه أخذ أبو إسحاق الزجاجي، وأبو بكر محمد بن السراج، ومحمد بن علي بن إسماعيل

صفحة : 17

الملقب بمبرمان. واختص بالتوجي أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانذاني. وبرع من أصحاب أبي حاتم أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، ولد سنة 223 ومات بعمان سنة 311 وإليه انتهى علم لغة البصريين، تصدر في العلم 60 سنة، وفي طبقته في السن والرواية أبو علي عيسى بن ذكوان. وكان أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أخذ عن أبي حاتم والرياشي وابن أخي الأصمعي ومات سنة 267 وقد أخذ ابن دريد عن هؤلاء كلهم وعن الأشنانذاني. فهذا جمهور ما مضى عليه علماء البصرة.قب بمبرمان. واختص بالتوجي أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانذاني. وبرع من أصحاب أبي حاتم أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، ولد سنة 223 ومات بعمان سنة 311 وإليه انتهى علم لغة البصريين، تصدر في العلم 60 سنة، وفي طبقته في السن والرواية أبو علي عيسى بن ذكوان. وكان أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أخذ عن أبي حاتم والرياشي وابن أخي الأصمعي ومات سنة 267 وقد أخذ ابن دريد عن هؤلاء كلهم وعن الأشنانذاني. فهذا جمهور ما مضى عليه علماء البصرة.

الفرع الثاني في بيان أئمة اللغة من الكوفيين وبيان أسانيدهم وألقابهم ووفياتهم.

كان لهم بإزاء من ذكر، المفضل الضبي، ثم خالد بن كلثوم وحماد الراوية وقد أخذ عنه أهل المصرين، وخلف الأحمر، وروى عنه الأصمعي شعرا كثيرا، وهو حماد بن هرمز الديلمي، وقد تكلم فيه، ثم أبو يحيى محمد بن عبد الأعلى بن كناسة، توفي بالكوفة سنة 207. وكان إمامهم غير مدافع أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي، مات بالري سنة 189 جزم به أبو الطيب، وقيل غير ذلك. ثم أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، مات بطريق مكة سنة 207 أخذ عن الكسائي وعمن وثق بهم من الأعراب مثل ابن الجراح وابن مروان وغيرهما، وأخذ عن يونس وعن أبي زيد الكلابي. وممن أخذ عن الكسائي أبو الحسن علي الأحمر وأبو الحسن علي بن حازم اللحياني صاحب النوادر، وقد أخذ اللحياني عن أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي، إلا أن عمدته الكسائي. ومن علمائهم في عصر الفراء أبو محمد عبد الله بن سعيد الأموي، أخذ عن الأعراب، وعن أبي زيد الكلابي، وأبي جعفر الرؤاسي ونبذا عن الكسائي، وله كتاب النوادر. وفي طبقته أبو الحسن علي بن المبارك الأخفش الكوفي، مات سنة 210 وأبو عكرمة الضبي صاحب كتاب الخيل، وأبو عدنان الراوية صاحب كتاب القسي، وقد روى عن أبي زيد. ومن أعلمهم باللغة وأكثرهم أخذا عن الأعراب، أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني صاحب كتاب الجيم وكتاب النوادر، مات سنة 213 عن مائة وعشر سنين، روى عنه أبو الحسن الطوسي، وأبو سعيد الحسن بن الحسين السكري، وأبو سعيد الضرير، وأبو نصر الباهلي، واللحياني، وابن السكيت. وأما أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي فإنه أخذ العلم عن المفضل الضبي، وعن البصريين، وعن أبي زيد، وعن أبي زياد، وجماعة من الأعراب، مثل الفضيل وعكرمة، ولد ليلة ولد الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، ومات سنة 221. وأما أبو عبيد القاسم بن سلام فقد روى عن الأصمعي وأبي عبيدة، ولم يسمع من أبي زيد شيئا، مات سنة 223. واختص بعلم أبي زيد من الرواة ابن نجدة، وبعلم أبي عبيدة أبو الحسن الأثرم، وكان أبو محمد سلمة بن عاصم راوية الفراء. وانتهى علم الكوفيين إلى أبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت، مات سنة 244 وأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب ولد سنة 200 ومات سنة 291 أخذ الأول عن أبي عمرو والفراء، وكان يحكي عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد من غير سماع، وقد أخذ عن ابن الأعرابي شيئا كثيرا، والثاني اعتماده على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة في النحو، وكان يروي عن ابن نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة، وعن أبي نصر كتب الأصمعي، وعن عمرو بن أبي عمرو كتب أبيه. وأما أبو طالب المفضل فأخذ عن أبيه سلمة، وعن يعقوب وعن ثعلب. فهذا جمهور ما مضى عليه أهل الكوفة.

النوع الثاني: في بيان أول من صنف في اللغة وهلم جرا.

صفحة : 18

قال السيوطي في المزهر أول من صنف في جمع اللغة الخليل بن أحمد، ألف كتابه العين المشهور. والذي حققه أبو سعيد السيرافي أنه لم يكمل، وإنما كمله الليث بن نصر. وقال النووي في تحرير التنبيه: كتاب العين المنسوب إلى الخليل إنما هو جمع الليث عن الخليل. وقد ألف أبو بكر الزبيدي كتابا سماه مختصر العين، استدرك فيه الغلط الواقع في كتاب العين، وهو مجلد لطيف، وأبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم الكوفي من تلامذة ثعلب، ألف كتابه الاستدراك على العين، وهو متقدم الوفاة على الزبيدي، ثم ألف الإمام أبو غالب تمام بن غالب المعروف بابن التياني كتابه العظيم الذي سماه فتح العين، وأتى فيه بما في العين من صحيح اللغة دون الإخلال بشيء من الشواهد المختلفة، ثم زاد فيه زيادات حسنة، ويقال إن أصح ما ألف في اللغة على حروف المعجم كتاب البارع لأبي علي البغدادي، والموعب لأبي غالب ولكن لم يعرج الناس على نسخهما، ولذا قل وجودهما، بل مالوا إلى الجمهرة الدريدية والمحكم وجامع ابن القزاز والصحاح والمجمل وأفعال ابن القوطية وأفعال ابن طريف. وكان أبو العباس المبرد يرفع قدر كتاب العين للخليل ويرويه وكذا ابن درستويه، وقد ألف في الرد على المفضل بن سلمة فيما نسبه من الخلل إليه، ويكاد لا يوجد لأبي إسحاق الزجاج حكاية في اللغة العربية إلا منه. وروى أبو علي الغساني كتاب العين عن الحافظ أبي عمر بن عبد البر، عن عبد الوارث بن سفيان، عن القاضي منذر بن سعيد. _ قلت؛ وهو صاحب النسخة المشهورة التي كتبها بالقيروان وعورضت بنسخة شيخه بمكة _ عن أبي العباس أحمد ابن محمد بن ولاد النحوي. _ قلت: وله كتاب المقصور والممدود، جليل الشأن، بدأ فيه من حرف الهمزة _ عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن مهدي، عن ابن معاذ عبد الجبار بن يزيد، عن الليث بن المظفر بن نصر بن سيار، عن الخليل. ثم قال: ومن مشاهير كتب اللغة التي صنفت على منوال كتاب العين كتاب الجمهرة لأبي بكر بن دريد، قال بعضهم: أملاها بفارس ثم بالبصرة وبغداد من حفظه، ولم يستعن عليها بالنظر في شيء من الكتب إلا في الهمزة واللفيف، ولذلك تختلف النسخ والنسخة المعول عليها هي الأخيرة، وآخر ما صح من النسخ نسخة عبيد الله بن أحمد، لأنه كتبها من عدة نسخ وقرأها عليه. قال السيوطي وظفرت بنسخة منها بخط أبي اليمن أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الطرابلسي اللغوي، وقد قرأها على ابن خالويه بروايته لها عن ابن دريد، وكتب عليها حواشي من استدراك ابن خالويه على مواضع منها، ونبه على بعض أوهام وتصحيفات، وقال بعضهم: كان لأبي علي القالي نسخة من الجمهرة بخط مؤلفها، وكان قد أعطي بها ثلاثمائة مثقال، فأبى فاشتدت الحاجة فباعها بأربعين مثقالا، وكتب عليها هذه الأبيات:

أنست بها عشرين عاما وبعتها         وقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعـهـا        ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لعجز وافتقار وصـبـية        صغار عليهم تستهل شـؤنـي
فقلت ولم أملك سوابق عبرتي         مقالة مكوي الفـؤاد حـزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك        كرائم من رب بهن ضـنـين

صفحة : 19

قال: فأرسلها الذي اشتراها، وأرسل معها أربعين دينارا أخرى. قال السيوطي: وجدت هذه الحكاية مكتوبة بخط القاضي مجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس على ظهر نسخة من العباب للصاغاني، ونقلها من خطه تلميذه أبو حامد محمد بن الضياء الحنفي، ونقلها من خطه، ثم قال: وقد اختصر الجمهرة الصاحب إسماعيل ابن عباد في كتاب سماه الجوهرة. ثم صنف أتباع الخليل وأتباع أتباعه وهلم جرا كتبا شتى في اللغة، ما بين مطول ومختصر وعام في أنواع اللغة، وخاص بنوع منها، كالأجناس للأصمعي، والنوادر واللغات للفراء، والأجناس والنوادر واللغات لأبي زيد الأنصاري، والنوادر للكسائي وأبي عبيدة، والجيم والنوادر والغريب لأبي عمرو الشيباني، والغريب المصنف لأبي عبيد، والنوادر لابن الأعرابي، والبارع لأبي طالب المفضل بن سلمة، واليواقيت لأبي عمر الزاهد المطرز غلام ثعلب، والمجرد لكراع، والمقصد لابنه سويد، والتذكرة لأبي علي الفارسي، والتهذيب للأزهري، والمجمل لابن فارس، وديوان الأدب للفارابي، والمحيط للصاحب بن عباد والجامع للقزاز، وغيرها مما لا يحصى. وأول من التزم الصحيح مقتصرا عليه الإمام أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، ولهذا سمى كتابه بالصحاح وسيأتي ما يتعلق به وبكتابه عند ذكره. وقد ألف الإمام أبو محمد عبد الله بن بري الحواشي على الصحاح، وصل فيها إلى أثناء حرف الشين، فأكملها الشيخ عبد الله بن محمد البسطي. وألف الإمام رضي الدين الصغاني التكملة على الصحاح، ذكر فيها ما فاته من اللغة، وهي أكبر حجما منه. وكان في عصر صاحب الصحاح أبو الحسن أحمد بن فارس، فالتزم أيضا في مجمله الصحيح، قال في أوله: قد ذكرنا الواضح من كلام العرب والصحيح منه دون الوحشي المستنكر، وقال في آخره قد توخيت فيه الاختصار وآثرت فيه الإيجاز، واقتصرت على ما صح عندي سماعا، ولولا توخي ما لم أشكك فيه من كلام العرب لوجدت مقالا. وأعظم كتاب ألف في اللغة بعد عصر الصحاح كتاب المحكم والمحيط الأعظم لأبي الحسن علي بن سيده الأندلسي الضرير، توفي سنة 458. ثم كتاب العباب للإمام رضي الدين الصاغاني، وقد وصل فيه إلى بكم. قلت: ولسان العرب للإمام جمال الدين محمد بن جلال الدين مكرم بن نجيب الدين أبي الحسن الأنصاري الخزرجي الإفريقي نزيل مصر، ولد في المحرم سنة 630 وسمع من ابن المقير وغيره، وروى عنه السبكي والذهبي وتوفي سنة 711 التزم فيه جمع الصحاح والتهذيب والنهاية، والمحكم، والجمهرة وأمالي ابن بري، وهو ثلاثون مجلدا، وهو مادة شرحي هذا في غالب المواضع، وقد اطلعت منها على نسخة قديمة يقال إنها بخط المؤلف وعلى أول الجزء منها بخط سيدنا الإمام جلال الدين أبي الفضل السيوطي، نفعنا الله به، ذكر مولده ووفاته. ثم كتاب القاموس للإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي، شيخ شيوخنا، ولم يصل واحد من هذه الثلاثة في كثرة التداول إلى ما وصل إليه صاحب الصحاح، ولا نقصت رتبة الصحاح ولا شهرته بوجود هذه، وذلك لالتزامه ما صح، فهو في كتب اللغة نظير صحيح البخاري في الحديث، وليس المدار في الاعتماد على كثرة الجمع، بل على شرط الصحة. قلت: وقوله ولم يصل واحد من الثلاثة..إلخ، أي هذا بالنسبة إلى زمانه، فأما الآن فإن القاموس بلغ في الاشتهار مبلغ اشتهار الشمس في رابعة النهار، وقصر عليه اعتماد المدرسين، وناط به قصوى رغبة المحدثين، وكثرت نسخه حتى إني حين أعدت درسه في زبيد حرسها الله تعالى على سيدنا الإمام الفقيه اللغوي رضي الدين عبد الخالق بن أبي بكر الزبيدي الحنفي متع الله بحياته، وحضرت العلماء والطلبة، فكان كل واحد منهم بيده نسخة. ثم قال: ومع كثرة ما في القاموس من الجمع للنوادر والشوارد، فقد فاته أشياء ظفرت بها في أثناء مطالعتي لكتب اللغة حتى هممت أن أجمعها في جزء مذيلا عليه. قلت: وقد يسر هذا المقصد للفقير، فجمعت ما ظفرت من الزوائد عليه في مسودة لطيفة، سهل الله علي إتمامها وما ذلك على الله بعزيز.