المجلد السادس - ذكر غزوات المسلمين في جزيرة صقلية

حوادث سنة ثمان وعشرين ومائتين

في هذه السنة سار الفضل بن جعفر الهمداني في البحر فنزل مرسي مسيني وبث السرايا فغمنوا غنايم كثيرة واستأمن إليه أهل نابل وصاروا معه وقاتل الفضل مدة سنتين واشتد القتال فلم يقدر على أخذها فمضى طايفة من العسكر واستداروا خلف جبل مطل على المدينة فصعدوا إليه ونزلوا إلى المدينة وأهل البلد مشغولون بقتال جعفر ومن معه فلما رأى

وفيها فتحت مدينة مسكان‏.‏

وفي سنة تسع وعشرين ومائتين خرج أبوالأغلب العباس بن الفضل في سرية فبلغ شرة فقاتله أهلها قتالاَ شديدا فانهزمت الروم وقتل منها ما يزيد على عشرة آلاف رجل واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر ولم يكن بصقلية قبلها مثلها‏.‏

وفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين حصر الفضل بن جعفر مدينة لنتيني فأخبر الفضل أن أهل لنتيني كاتبوا البطريق الذي بصقلية لينصرهم فأجابهم وقال لهم‏:‏ إن العلامة عند وصولي أن توقد النار ثلاث ليال على الجبل الفلاني فإذا رأيتم ذلك ففي اليوم الرابع أصل إليكم فنجتمع أنا وأنتم على المسلمين بغتة‏.‏

فأرسل الفضل من أوقد النار على ذلك الجبل ثلاث ليال فلما رأى أهل لنتيني الار أخذوا في أمرهم وأعد الفضل ما ينبغي أن يستعد به وكمن الكمناء وأمر الذين يحاصرون المدينة أن ينهزموا إلى جهة الكمين فإذا خرج أهلها عليهم قاتلوهم فإذا جاوزوا الكمين عطفوا عليهم‏.‏

فلما كان اليوم الرابع خرج أهل لنتيني وقاتلوا المسلمين وهم ينتظرون وصول البطريق فانهزم المسلمون واستجروا الروم حتى جاوزوا الكمين ولم يبق بالبلد أحد إلا خرج فلما جاوزوا الكمين عاد المسلمون عليهم وخرج الكمين من خلفهم ووضعوا فيهم السيف فلم ينج منهم إلا

لقليل فسألوا الأمان على أنفسهم وأموالهم ليسلموا المدينة فأجابهم المسلمون إلى ذلك وأمنوهم فسلموا المدينة‏.‏

وفيها أقام المسلمون بمدينة طارنت من أرض أنكبردة وسكنوها‏.‏

وفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وصل عشر شلنديات من الروم فأرسوا بمرسى الطين وخرجوا ليغيروا فضلوا الطريق فرجعوا خائبين وركبوا البحر راجعين فغرق منها سبع قطع‏.‏

وفي سنة أربع وثلاثين صالح أهل رغوس وسلموا المدينة إلى المسلمين بما فيها فهدمها المسلمون واخذوا منها ما أمكن حمله‏.‏

وفي سنة خمس وثلاثين سار طائفة من المسلمين إلى مدينة قصريانة فغمنوا وسلبوا ونهبوا واحرقوا وقتلوا في أهلها وكان الأمير على صقلية للمسلمين محمد بن عبد الله بن الأغلب فتوفي في رجب من سنة ست وثلاثين ومائتين فكان مقيمًا بمدينة بلرم لم يخرج منها وإمنا كان يخرج الجيوش والسرايا فتفتح فتغمن فكانت إمارته عليها تسع عشرة سنة والله سبحانه أعلم‏.‏

ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن يزيغ

في هذه السنة كانت حرب بين موسى بن موسى عامل تطيلة وبين عسكر عبد الرحمن أمير

وسبب ذلك أن موسى بن موسى كان من أعيان قواد عبد الرحمن وهوالعامل على مدينة تطيلة فجرى بينه وبين القواد تحاسد سنة سبع وعشرين وقد ذكرناه فعصى موسى بن موسى على عبد الرحمن فسير إليه جيشا واستعمل عليهم الحارث بن يزيغ والقواد فاقتتلوا عند برجة فقتل كثير من أصحاب موسى وقتل ابن عم له وعاد الحارث إلى سرقسطة فسير موسى ابنه ألب بن موسى إلى برجة فعاد الحارث إليها وحصرها فملكها وقتل ابن موسى وتقدم إلى أبيه فطلبه فحضر فصالحه موسى على أن يخرج عنها فانتقل موسى إلى أزبيط‏.‏

وبقي الحارث يتطلبه أياما ثم سار إلى أزبيط فحصر موسى بها فأرسل موسى إلى غرسية وهومن ملوك الأندلسيين المشركين واتفقا على الحارث واجتمعا وجعلا له كماين في طريقه واتخذ له الخيل والرجال بموضع يقال له بلمسة على نهر هناك فلما جاء الحارث النهر خرج الكمناء عليه وأحدقوا به وجرى معه قتال شديد وكانت وقعة عظيمة وأصابه ضربة في وجهه فلقت عينه ثم أسر في هذه الوقعة‏.‏

فلما سمع عبد الرحمن خبر هذه الوقعة عظم عليه فجهز عسكرًا كبيرا واستعمل عليه ابنه محمد وسيره إلى موسى في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومائتين وتقدم محمد إلى بنبلونة فأوقع عندها بجمع كثير من المشركين وقتل فيها غرسية وكثير من المشركين‏.‏

ثم عاد موسى إلى الخلاف على عبد الرحمن فجهز جيشًا كبيرًا وسيرهم إلى موسى فلما رأى ذلك طلب المسالمة فأجيب إليها وأعطى ابنه إسماعيل رهينة وولاه عبد الرحمن مدينة تطيلة فسار موسى إليها فوصلها وأخرج كل من يخافه واستقر فيها‏.‏

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة أعطى الواثق أشناس تاجًا ووشاحين‏.‏

وفيها مات أبوتمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر‏.‏

وفيها غلا السعر بطريق مكة فبلغ الخبز كل رطل بدرهم وراوية الماء بأربعين درهما وأصاب الناس في الموقف حر شديد ثم أصابهم مطر فيه برد واشتد البرد عليهم بعد ساعة من ذلك الحر وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة فقتلت عدة ن الحجاج‏.‏

وحج بالناس محمد بن داود‏.‏

وفيها توفي عبد الملك بن مالك بن عبد العزيز أبونصر التمار الزاهد وكان عمره إحدى وتسعين سنة وكان قد أضر ومحمد بن عبد الله بن عمر ابن معاوية بن عمروبن عتبة بن أبي سفيان العتبي الأموي البصري أبوعبد الرحمن وكان عالمًا بالأخبار والآداب وأبوسليمان داود الأشقر

حوادث سنة تسع وعشرين ومائتين

في هذه السنة حبس الواثق الكتاب وألزمهم أموالًا عظيمة وأخذ من أحمد بن إسرائيل ثمانين ألف دينار بعد أن ضربه ومن سليمان بن وهب كاتب إيتاخ أربع مائة ألف دينار ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألف دينار ومن إبراهيم بن رياح وكتابه مائة ألف دينار ومن أحمد بن الخصيب وكتابه ألف ألف دينار ومن نجاح ستين ألف دينار ومن أبي الوزير مائة ألف وأربعين ألف دينار‏.‏

وكان سبب ذلك أنه جلس ليلة مع أصحابه فسألهم عن سبب نكبة البرامكة فحكى له عرود بن عبد العزيز الأنصاري أن جارية لعدول الخياط أراد الرشيد شراءها فاشتراها بمائة ألف دينار وأرسل إلى يحيى ابن خالد أن يعطيه ذلك فقال يحيى‏:‏ هذا مفتاح سوء إذا أخذ ثمن جارية بمائة ألف دينار فهوأحرى أن يطلب المال على قدر ذلك فأرسل يحيى إليه‏:‏ إنني لا أقدر على هذا المال فغضب الرشيد وأعاد‏:‏ لا بد منها فأرسل يحيى قيمتها دراهم فأمر أن تجعل على طريق الرشيد ليستكثرها ففعل ذلك فاجتاز الرشيد بها فسأل عنها فقيل‏:‏ هذا ثمن الجارية فاستكثرها فأمر برد الجارية وقال لخادم له‏:‏ اضمم إليك هذا المال واجعل لي بيت مال لأضم إليه ما أريد وسماه بيت مال العروس واخذ في التفتيش عن الأموال فوجد البرامكة قد فرطوا فيها‏.‏

وكان يحضر عنده مع سماره رجل يعرف بأبي العود له أدب فأمر ليلة له بثلاثين ألف درهم فمطله بها يحيى فاحتال أبوالعود في تحريض الرشيد على البرامكة وكان قد شاع تغير الرشيد عليهم فبيمنا هوليلة عند الرشيد يحدثه وساق الحديث إلى أن أنشده قول عمر بن أبي ربيعة‏:‏ وعدت هند وما كانت تعد ليت هندًا أنجزتنا ما تعد واستبدت مرة واحدة إمنا العاجز من لا يستبد فقال الرشيد‏:‏ أجل إمنا العاجز من لا يستبد‏.‏

وكان يحيى قد اتخذ من خدام الرشيد خادمًا يأتيه بأخباره فعرفه ذلك فأحضر أبا العود وأعطاه ثلاثين ألف درهم ومن عنده عشرين ألف درهم وأرسل إلى ابنيه الفضل وجعفر فأعطاه كل واحد منهما عشرين ألفًا وجد الرشيد في أمرهم حتى أخذهم فقال الواثق‏:‏ صدق والله جدي إمنا العاجز من لا يستبد وأخذ في

ذكر الخيانة وما يستحق أهلها فلم يمض غير أسبوع حتى نكبهم‏‏

وفيها ولي شيرياسبان لإيتاخ اليمن وسار إليها‏.‏

وفيها توفي خلف بن هشام البزار المقرئ في جمادى الأولى‏.‏

البزار بالزاي المعجمة والراء المهملة‏.‏

حوادث سنة ثلاثين ومائتين

ذكر مسير بغا إلى الأعراب

وفي هذه السنة وجه الواثق بغا الكبير إلى الأعراب الذين أغاروا بنواحي المدينة‏.‏ وكان سبب ذلك أن بني سليم كانت تفسد حول المدينة بالشر ويأخذون مهما أرادوا من الأسواق بالحجاز بأي سعر أرادوا وزاد الأمر بهم إلى أن وقعوا بناس من بني كنانة وباهلة فأصاوهم وقتلوا بعضهم في جمادى الآخرة من سنة ثلاثين ومائتين فوجه محمد بن صالح عامل المدينة إليهم حماد بن جرير الطبري وكان مسلحة لأهل المدينة في مائتي فارس وأضاف إليهم جندًا غيرهم وتبعهم متطوعة فسار إليهم حماد فلقيهم بالرويثة فاقتتلوا قتالًا شديدا فانهزمت سودان المدينة بالناس وثبت حماد وأصحابه وقريش والأنصار وقاتلوا قتالًا عظيما فقتل حماد وعامة أصحابه وعدد صالح من قريش والأنصار وأخذ بنوسليم الكراع والسلاح والثياب فطعموا ونهبوا القرى والمناهل ما بين مكة والمدينة وانقطع الطريق‏.‏

فوجه إليهم الواثق بغا الكبير أبا موسى في جمع من الجند فقدم المدينة في شعبان فلقيهم ببعض

مياه الحرة من رواء السوارقية قريتهم التي يأوون إليها وبها حصون فقتل بغا منهم نحوًا من خمسين رجلا وأسر مثلهم وانهزم الباقون وأقام بغا بالسوارقية ودعاهم إلى الأمان على حكم الواثق فأتوه متفرقين فجمعهم وترك من يعرف بالفساد وهم زهاء ألف رجل وخلى سبيل الباقين وعاد بالأسرى إلى المدينة في ذي العقدة سنة ثلاثين فحبسهم ثم سار إلى مكة‏.‏

فلما قضى حجه سار إلى ذات عرق بعد انقضاء الموسم وعرض على بني هلال مثل الذي عرض على بني سليم فأقبلوا وأخذ من المفسدين نحوًا من ثلاثمائة رجل وأطلق الباقين ورجع إلى المدينة فحبسهم‏.‏

ذكر وفاة عبد الله بن طاهر

وفيها مات عبد الله بن طاهر بنيسابور في ربيع الأول وهو أمير خراسان وكان إليه الحرب والشرطة والسواد والري وطبرستان وكرمان وخراسان وما يتصل بها وكان خراج هذه الأعمال يوم مات ثمانية وأربعين ألف ألف درهم وكان عمره ثمانيا وأربعين سنة وكذلك عمر والده طاهر واستعمل الواثق على أعماله كلها ابنه طاهر بن عبد الله‏.‏

ذكر شيء من سيرة عبد الله بن طاهر

لما ولي عبد الله خراسان استناب بنيسابور محمد بن حميد الطاهري فبنى دارا وخرج بحائطها في الطريق فلما قدمها عبد الله جمع الناس وسألهم عن سيرة محمد فسكتوا فقال بعض الحاضرين‏:‏ سكوتهم يدل على سوء سيرته فعزله عنهم وأمره بهدم ما بنى في الطريق‏.‏

وكان يقول‏:‏ ينبغي أن يبذل العلم لأهله وغير أهله فإن العلم أمنع لنفسه من أن يصير إلى غير أهله‏.‏

وكان يقول‏:‏ سمن الكيس ونيل الذكر لا يجتمعان أبدا‏.‏

وكان له جلساء منهم الفضل بن محمد بن منصور فاستحضرهم يوما فحضروا وتأخر الفضل ثم حضر فقال له‏:‏ أبطأت عني فقال‏:‏ كان عندي أصحاب حوائج وأردت دخول الحمام فأمره عبد الله بدخول حمامه وأحضر عبد الله الرقاع التي في حقه فوقع فيها كلها بالإجابة وأعادها ولم يعلم الفضل‏.‏

وخرج من الحمام واشتغلوا يومهم وبكر أصحاب رقاع إليه فاعتذر إليهم فقال بعضهم‏:‏ أريد رقعتي فأخرجها ونظر فيها فرأى خط عبد الله فيها فنظر في الجميع فرأى خطه فيها فقال لأصحابه‏:‏ خذوا رقاعكم فقد قضيت حاجاتكم واشكروا الأمير دوني فما كان لي فيها سبب‏.‏

وكان عبد الله أديبا شاعرا فمن شعره‏:‏ فإذا أسقطت منه فاءه كان نعتا لهواه المختزن فإذا أسقطت منه ياءه صار فيه بعض أسباب الفتن فإذا أسقطت منه راءه صار شيئًا يعتري عند الوسن فإذا أسقطت منه طاءه صار منه عيش سكان المدين فسروا هذا فلن يعرفه غير من يسبح في بحر الفطن وهذا الاسم هواسم طريف غلامه‏.‏

وكان من أكثر الناس بذلًا للمال مع علم ومعرفة وتجربة واكثر الشعراء في مراثيه فمن أحسن ما قيل فيه في ولاية أبيه طاهر قول أبي الغمر الطبري‏:‏ فأيامك الأعياد صارت مآتمًا وساعاتك الغضبات صارت خواشعا على أننا لم نفتقدك بطاهر وإن كان خطبًا يقلق القلب راتعًا وما كنت إلا الشمس غابت وأطلعت على إثرها بدرًا على الناس طالعًا وما كنت إلا الطود زال مكانه وأثبت في مثواه ركنًا مدافعًا فلولا التقى قلنا تناسختما معًا بديعي معان يفضلان البدائعا في هذه السنة خرج المجوس من أقاصي بلاد الأندلس في البحر إلى بلاد المسلمين وكان ظهورهم في ذي الحجة سنة تسع وعشرين عند أشبونة فأقاموا ثلاثة عشر يوما بينهم وبين المسلمين بها وقائع ثم ساروا إلى قادس ثم إلى شدونة فكان بينهم وبين المسلمين بها وقائع‏.‏

ثم ساروا إلى إشبيلية ثامن المحرم فنزلوا على اثني عشر فرسخًا منها فخرج إليهم كثير من المسلمين فالتقوا فانهزم المسلمون ثاني عشر المحرم وقتل كثير منهم ثم نزلوا على ميلين من إشبيلية فخرج أهلها إليهم وقاتلوهم فانهزم المسلمون رابع عشر المحرم وكثر القتل والأسر فيهم ولم ترفع المجوس السيف عن أحد ولا عن دابة ودخلوا حاجز إشبيلية وأقاموا به يومًا وليلة وعادوا إلى مراكبهم‏.‏

وأقام عسكر عبد الرحمن صاحب البلاد مع عدة من القواد فتبادر إليهم المجوس فثبت المسلمون وقاتلوهم فقتل من المشركين سبعون رجلًا وانهزموا حتى دخلوا مراكبهم وأحجم المسلمون عنهم فسمع عبد الرحمن فسير جيشًا آخر غيرهم فقاتلوا المجوس قتالًا شديدا فرجع المجوس عنهم فتبعهم العسكر ثاني ربيع الأول وقاتلوهم وأتاهم المدد من كل ناحية ونهضوا لقتال المجوس من كل جانب فخرج إليهم المجوس وقاتلوهم فكاد المسلمون ينهزمون ثم ثبتوا فترجل كثير منهم فانهزم المجوس وقتل نحوخمس مائة رجل وأخذوا منهم أربعة مراكب ثم خرج المجوس إلى لبلة فأصابوا سبيًا ثم نزل المجوس إلى جزيرة قريب قوريس فنزلوهان وقسموا ما كان معهم من الغنيمة فحمي المسلمون ودخلوا إليهم في النهر فقتلوا من المجوس رجلين ثم رحل المجوس فطرقوا شدونة فغمنوا طعمة وسبيا وأقاموا يومين‏.‏

ثم وصلت مراكب لعبد الرحمن صاحب الأندلس إلى إشبيلية فلما أحس بها المجوس لحقوا بلبلة فأغاروا وسبوا ثم لحقوا بأكشونية‏.‏

ثم مضوا إلى باجة ثم انتقلوا إلى مدينة أشبونة ثم ساروا فانقطع خبرهم عن البلاد فسكن الناس‏.‏

وقد ذكر بعض مؤرخي العرب سنة ست وأربعين خروج المجوس إلى إشبيلية أيضا وهي شبيهة بهذه ثم فلا أعلمه أهي هذه وقد اختلفوا في وقتها أم هي غيرها وما أقرب أن تكون هي هي وقد ذكرتها هناك لان في كل واحدة منهما شيئا ليس في الأخرى‏.‏

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة مات محمد بن سعد بن منيع أبوعبد الله كاتب الواقدي صاحب الطبقات ومحمد بن يزداد بن سويد المروزي كاتب المأمون وعلي بن الجعد أبوالحسن الجوهري وكان عمره ستًا وتسعين سنة وهومن مشايخ البخاري وكان يتشيع‏.‏

وفيها مات أشناس التركي بعد موت عبد الله بن طاهر بتسعة أيام وحج هذه السنة إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وإليه أحداث الموسم وحج بالناس هذه السنة محمد بن داود‏.‏

حوادث سنة إحدى وثلاثين ومائتين

ذكر ما فعله بغا بالأعراب


في هذه السنة قتل أهل المدينة من كان في حبس بغا من بني سليم وبني هلال‏.‏

وكان سبب ذلك أن بغا لما حبس من أخذه من بني سليم وبني سليم وبني هلال بالمدينة وهم ألف وثلاثمائة وكان سار عن المدينة إلى بني مرة فنقبت الأسرى الحبس ليخرجوا فرأت امراة النقب فصرخت بأهل المدينة فجاؤوا فوجدوهم قد قتلوا المتوكلين وأخذوا سلاحهم فاجتمع عليهم أهل المدينة ومنعوهم الخروج وباتوا حول الدار فقاتلوهم فلما كان الغد قتلهم أهل المدينة وقتل سودان المدينة كل من لقوه بها من الأعراب ممن يريد المبرة فلما قدم بغا وعلم بقتلهم شق ذلك عليه‏.‏

وقيل إن السجان كان قد ارتشي منهم ليفتح لهم الباب فجعلوا قبل ميعاده وكانوا يرتجزون‏:‏ الموت خير للفتى من العار قد اخذ البواب ألف دينار وكان سبب غيبة بغا عنهم أن فزارة ومرة تغلبوا على فدك فلما قاربهم أرسل إليهم رجلًا من قواده يعرض عليهم الأمان ويأتيه بأخبارهم فلما أتاهم الفزاري حذرهم سطوته فهربوا وخلوا فدك وقصدوا الشام‏.‏

وأقام بغا بحيفا وهي من حد عمل الشام مما يلي الحجاز نحوًا من أربعين ليلة ثم رجع إلى المدينة بمن ظفر به من بني مرة وفزارة‏.‏

وفيها سار إلى بغا من بطون غطفان وفزارة وأشجع وثعلبة جماعة وكان أرسل إليهم فلما أتوه استحلفهم الأيمان المؤكدة أن لا يتخلفوا عنه متى دعاهم فحلفوا ثم سار إلى ضرية لطلب بني كلاب فأتاه منهم نحومن ثلاثة آلاف رجل فحبس من أهل الفساد نحوًا من ألف رجل وخلى سائرهم ثم قدم بهم المدينة في شهر روضان سنة إحدى وثلاثين ومائتين فحبسهم ثم سار إلى مكة فحج ثم رجع إلى المدينة‏.‏

ذكر أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي

وفي هذه السنة تحرك ببغداد قوم مع احمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي وجده مالك أحد نقباء بني العباس وقد تقدم ذكره‏.‏

وكان سبب هذه الحركة أن أحمد بن نصر كان يغشاه أصحاب الحديث كابن معين وابن الدورقي وأبي زهير وكان يخالف من يقول القرآن مخلوق ويطلق لسانه فيه مع غلظة بالواثق وكان يقول إذا ذكر الواثق‏:‏ فعل هذا الخنزير وقال هذا الكافر وفشا ذلك فكان يغشاه رجل يعرف بأبي هارون الشداخ وآخر يقال له طالب وغيرهما ودعوا الناس إليه فبايعوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفرق أبوهارون وطالب في الناس مالًا فأعطيا كل رجل دينارا واتعدوا ليلة الخميس لثلاث خلت من شعبان ليضربوا الطبل فيها ويثوروا على السلطان‏.‏

وكان أحدهما في الجانب الشرقي من بغداد والآخر في الجانب الغربي فاتفق أن ممن بايعهم رجلين من بني الأشرس شربا نبيذًا ليلة الأربعاء قبل الموعد بليلة فلما اخذ منهم ضربوا الطبل فلم يجبهم أحد‏.‏

وكان إسحاق بن إبراهيم صاحب الشرطة غائبًا عن بغداد وخليفته أخوه محمد بن إبراهيم فأرسل إليهم محمد يسألهم عن قصتهم فلم يظهر أحد فدل على رجل يكون في الحمام مصاب العين يعرف بعيسى الأعور فأحضره وقرره فأقر على بني الأشرس وعلى أحمد بن نصر وغيرهما فأخذ بعض من سمي وفيهم طالب وأبوهارون ورأى في منزل بني الأشرس علمين أخضرين ثم أخذ خادمًا لأحمد بن نصر فقرره فأقر بمثل ما قال عيسى فأرسل إلى أحمد بن نصر فأخذه وهوفي الحمام وحمل إليه وفتش بيته فلم يوجد فيه سلاح ولا شيء من الآلات فسيرهم محمد بن إبراهيم إلى الواثق مقيدين على أكف بغال ليس تحتهم وطاء إلى سامرا‏.‏

فلما علم الواثق بوصولهم جلس لهم مجلسًا عامًا فيه أحمد بن أبي دؤاد وكان كارها لقتل احمد بن نصر فلما حضر أحمد عند الواثق لم يذكر له شيئًا من فعله والخروج عليه ولكنه قال له‏:‏ ما تقول في القرآن قال‏:‏ كلام الله وكان أحمد قد استقتل فتطيب وتنور وقال الواثق‏:‏ أمخلوق هو قال‏:‏ كلام الله‏.‏

قال‏:‏ فما تقول في ربك أتراه يوم القيامة قال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ قد جاءت الأخبار عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر قال‏:‏ لا تضامون في رؤيته فنحن على الخبر وحدثني سفيان بحديث رفعه‏:‏ أن قبل ابن آدم المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو‏:‏ يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك‏.‏

قال إسحاق بن إبراهيم‏:‏ انظر ما يقول‏.‏

قال‏:‏ أنت أمرتني بذلك فخاف إسحاق وقال‏:‏ أنا أمرتك قال‏:‏ نعم أمرتني أن أنصح له ونصيحتي له أن لا يخالف حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال الواثق لمن حوله‏:‏ ما تقولون فيه فقال عبد الرحمن بن إسحاق وكان قاضيًا على الجانب الغربي‏:‏ وعزك يا أمير المؤمنين هوحلال الدم‏.‏

وقال بعض أصحاب ابن أبي دؤاد‏:‏ اسقني دمه وقال ابن أبي دؤاد‏:‏ هو كافر يستتاب لعل به عاهة ونقص عقل كأنه كره أن يقتل بسببه فقال الواثق‏:‏ إذا رأيتموني قد قمت إليه فلا يقومن أحد فإني أحتسب خطاي إليه‏.‏

ودعا بالصمصامة سيف عمروبن معدي كرب الزبيدي ومشى إليه وهوفي وسط الدار على نطع فضربه على حبل عاتقه ثم ضربه خر على رأسه ثم ضرب سيما الدمشقي رقبته وحز رأسه وطعنه الواثق بطرف الصمصامة في بطنه وحمل حتى صلب عند بابك وحمل رأسه إلى بغداد فنصب بها وأقيم عليه الحرس وكتب في أذنه رقعة‏:‏ هذا رأس الكافر المشرك الضال احمد بن نصر وتتبع أصحابه فجعلوا في الحبوس‏.‏

ذكر عدة حوادث


في هذه السنة أراد الواثق الحج فوجه عمر بن فرج لإصلاح الطريق فرجع وأخبره بقلة الماء فبدا له‏.‏

وفيها ولى جعفر بن دينار اليمن فسار في شعبان وحج في طريقه وكان معه أربعة آلاف فارس وألفا رجل‏.‏

وفيها نقب اللصوص بيت المال الذي في دار العامة وأخذوا اثنين وأربعين ألف درهم وشيئًا يسيرًا من الدنانير ثم تتبعوا وأخذوا بعد ذلك‏.‏

وفيها خرج محمد بن عبد الله الخارجي التغلبي في ثلاثة عشر رجلًا في ديار ربيعة فخرج إليه غامن بن أبي مسلم بن أحمد الطوسي وكان على حرب الموصل في مثل عدته فقتل من الخوارج أربعة وأخذ محمد بن عبد الله أسيرا فبعث به إلى سامرا فحبس‏.‏

وفيها قدم وصيف التركي من ناحية أصبهان والجبال وفارس وكان قد سار في طلب الأكراد لأنهم كانوا قد أفسدوا بهذه النواحي وقدم معه نحومن خمس مائة نفس فيهم غلمان صغار فحبسوا وأجيز بخمسة وسبعين ألف دينار وقلد سيفًا‏.‏

وفيها سار جيش للمسلمين إلى بلاد المشركين فقصدوا جليقية وقتلوا وأسروا وسبوا وغمنوا ووصلوا إلى مدينة ليون فحصروها ورموها بالمجانيق فخاف أهلهأن فتركوها بما فيها وخرجوا هاربين فغمن المسلمون منهم ما أرادوا وأخربوا الباقي ولم يقدروا على هدم سورهأن فتركوها ومضوأن لأن عرضه سبعة عشر ذراعا وقد ثلموا فيه ثلمًا كثيرة‏.‏

وفيها كان الفداء بين المسلمين والروم واجتمع المسلمون فيها على نهر اللامس على مسيرة يوم من طرسوس واشترى الواثق من بغداد وغيرها من الروم وعقد الواثق لأحمد بن سعيد بن سلم بن قتيبة الباهلي على الثغور والعواصم وأمره بحضور الفداء هووخاقان الخادم وأمرهما أن يمتحنا أسرى المسلمين فمن قال‏:‏ القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة فودي به وأعطي دينارأن ومن لم يقل ذلك ترك في أيدي الروم‏.‏

فلما كان في عاشوراء سنة إحدى وثلاثين اجتمع المسلمون ومن معهم من الأسرى على النهر وأتت الروم ومن معهم من الأسرى وكان النهر بين الطائفتين فكان المسلمون يطلقون الأسير فيطلق الروم من المسلمين فيلتقيان في وسط النهر ويأتي هذا أصحابه فإذا وصل الأسير إلى المسلمين كبروا وإذا وصل الأسير إلى الروم صاحوأن حتى فرغوا وكان عدة أسرى المسلمين أربعة آلاف وأربع مائة وستين نفسا والنساء والصبيان ثماني مائة وأهل ذمة المسلمين مائة نفس وكان النهر مخاضة تعبره الأسرى وقيل بل كان عليه جسر‏.‏

ولما فرغوا من الفداء غزا أحمد بن سعيد بن سلم الباهلي شاتيا فأصاب الناس ثلج ومطر فمات منهم مائتا نفس وأسر نحوهم وغرق بالبدندون خلق كثير فوجد الواثق على أحمد وكان قد جاء إلى أحمد بطريق من الروم فقال وجوه الناس لأحمد‏:‏ إن عسكرًا فيه سبعة آلاف لا تتخوف عليه فإن كنت كذلك فواجه القوم واطرق بلادهم ففعل وغمن نحوًا من ألف بقرة وعشرة آلاف شاة وخرج فعزله الواثق واستعمل مكانه نصر بن حمزة الخزاعي في جمادى

وفيها مات الحسن بن الحسين بطبرستان‏.‏

وفيها كان بإفريقية حرب بين أحمد بن الأغلب وأخيه محمد بن الأغلب وكان مع أحمد جماعة فهجموا على محمد في قصره وأغلق أصحاب محمد ابن الأغلب الباب واقتتلوا ثم كفوا عن القتال واصطلحوا وعظم أمر محمد ونقل الدواوين إليه ولم يبق لمحمد من الإمارة إلا اسمها ومعناها لأحمد أخيه فبقي كذلك إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين فاتفق مع محمد من بني عمه ومواليه جماعة قاتل أخاه أحمد فظفر به ونفاه إلى الشرق واستقام أمر محمد بإفريقية وما ت أخوه أحمد بالعراق‏.‏

وفيها مات أبوعبد الله محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي الرواية في شعبان وهوابن ثمانين سنة‏.‏

وفيها ماتت أم أبيها بنت موسى بن جعفر أخت علي الرضا عليه السلام‏.‏

وفيها مات مخارق المغني وأبونصر أحمد بن حاتم رواية الأصمعي وعمروبن أبي عمروالشيباني ومحمد بن سعدان النحوي الضرير توفي في ذي الحجة‏.‏

وفيها توفي إبراهيم بن عرعرة وعاصم بن علي بن عصم بن صهيب الواسطي ومحمد بن سلام بن عبد الله الجمحي البصري وكان عالمًا بالأخبار وأيام الناس سلام بالتشديد وعاصم بن

عمروبن علي بن مقدم أبوبشر المقدمي وأبويعقوب يوسف بن يحيى البويطي الفقيه صاحب الشافعي وكان قد حبس في محنة الناس بخلق القرآن فلم يجب وكان من الصالحين وهارون بن معروف البغدادي وكان حافظًا للحديث‏.‏

حوادث سنة اثنتين وثلاثين ومائتين

ذكر الحرب مع بني نمير


في هذه السنة سار بغا الكبير إلى بني نمير فأوقع بهم‏.‏

وكان سبب ذلك أن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الخطفي امتدح الواثق بقصيدة فدخل عليه وأنشده فأمر له بثلاثين ألف درهم فأخبر الواثق بإفساد بني منير في الراض وإغارتهم على الأنس وعلى اليمامة وما قرب منها وكتب الواثق إلى بغا يأمره بحربهم وهوبالمدينة فسار نحواليمامة فلقي من بني منير جماعة بالريف فحاربهم فقتل منهم نيفًا وخمسين رجلا وأسر أربعين رجلًا‏.‏

ثم سار حتى نزل مرأة وأرسل إليهم يدعوهم إلى السمع والطاعة فامتنعوا وسار بعضهم إلى نحوجبال السود وهي خلف اليمامة وبث بغا سراياه فيهم فأصابت منهم ثم سار بجماعة

من معه وهم نحومن ألف رجل سوى من تخلف في العسكر من الضعفاء والأتباع فلقيهم وقد جمعوا لهم وهم نحومن ثلاثة آلاف بموضع يقال له روضة الأمان على مرحلة من أضاخ فهزموا مقدمته وكشفوا ميسرته وقتلوا من أصحابه نحوًا من مائة رجل وعشرين رجلًا وعقروا من إبل عسكره نحوسبع مائة بعير ومائة دابة وانتهبوا الأثقال وبعض الأموال ثم أدركهم الليل وجعل بغا يدعوهم إلى الطاعة‏.‏

فلما طلع الصبح ورأوا قلة من مع بغا عبأوا وجعلوا رجالتهم أمامهم ونعمهم ومواشيهم وراءهم وحملوا على بغا فهزموه حتى بلغ معسكره وأيقن من معه بالهلكة‏.‏

وكان بغا قد أرسل من أصحابه مائتي فارس إلى طائفة منهم فبينا هوقد أشرف على العطب إذ وصل أصحابه إليه منصرفين من وجوههم فلما نظر بنومنير ورأوهم قد أقبلوا من خلفهم ولوا هاربين وأسلموا رجالتهم وأموالهم فلم يفلت من الرجالة إلا اليسير وأما الفرسان فنجوا على خيلهم‏.‏

وقيل إن الهزيمة كانت على بغا مذ غدوة إلى انتصاف النهار ثم تشاغلوا بالنهب فرجع إلى بغا من كان انهزم من أصحابه فرجع بهم فهزم بني منير وقتل فيهم من زوال الشمس إلى آخر وت العصر زهاء ألف وخمس مائة راجل وأقام بوقع الوقعة فأرسل أمراء العرب يطلبون الأمان

فأمنهم فأتوه فقيدهم وأخذهم معه إلى البصرة وكانت الوقعة في جمادى الآخرة‏.‏

ثم قدم واجب الأشروسني على بغا في سبع مائة مقاتل مددًا له فسيره بغا في آثارهم حتى بلغ تبالة من أعمال اليمن ورجع وكان بغا قد كتب إلى صالح أمير المدينة ليوافيه ببغداد بمن عنده من فزارة ومرة وثعلبة وكلاب ففعل فلقيه ببغداد فسارا جميعا وقدم بغا سامرا بمن بقي معه منهم سوى من هرب وقتل في الحروب يزيدون على ألفي رجل ومائتي رجل من منير وكلاب ومرة وفزارة وثعلبة وطيء‏.‏

ذكر موت أبي جعفر الواثق


في هذه السنة توفي الواثق بالله أبوجعفر هارون بن محمد المعتصم في ذي الحجة لست بقين منه وكانت علته الاستسقاء وعولج بالإقعاد في تنور مسخن فوجد لذلك خفة فأمرهم من الغد بالزيادة في إسخانه ففعل ذلك وقعد فيه اكثر من اليوم الأول فحمي عليه فأخرج منه في محفة وحضر عنده احمد بن أبي دؤاد ومحمد بن عبد الملك الزيات وعمر بن فرج فمات فيها فلم يشعروا بموته حتى ضرب بوجهه المحفة فعلموا‏.‏

وقيل إن أحمد بن أبي دؤاد حضره عند موته وغمضه وقيل إنه لما حضر الوفاة جعل يردد

الموت فيه جميع الناس مشترك لا سوقة منهم تبقى ولا ملك ما ضر أهل قليل في تفاقرهم وليس يغني عن الأملاك ما ملكوا وأمر بالبسط فطويت وألصق خده بالأرض وجعل يقول‏:‏ يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه‏.‏

وقال احمد بن محمد الواثقي‏:‏ كنت فيمن يمرض الواثق فلحقه غشية وأنا وجماعة من أصحابه قيام فقلنا‏:‏ لوعرفنا خبره فتقدمت إليه فلما صرت عند رأسه فتح عينيه فكدت أموت من الخوف فرجعت إلى خلف وتعلقت قنبعة سيفي في عتبة المجلس فاندقت وسلمت من جراحه ووقفت في موقفي‏.‏

ثم إن الواثق مات وسجيناه وجاء الفراشون وأخذوا ما تحته في المجلس ورفعوه لأنه مكتوب عليهم واشتغلوا بأخذ البيعة وجلست على باب المجلس لحفظ الميت وورددت الباب فسمعت حسا ففتحت الباب وإذا جرذ قد دخل من بستان هناك فأكل إحدى عيني الواثق فقلت‏:‏ لا إله إلا الله هذه العين التي فتحها من ساعة فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة‏.‏

وجاؤوا فغسلوه فسألني أحمد بن أبي دؤاد عن عينه فأخرته بالقصة من أولها إلى آخرها

ولما مات صلى عليه أحمد وأنزله في قبره وقيل صلى عليه أخوه المتوكل ودفن بالهاروني بطريق مكة‏.‏

وكان مولده بطريق مكة وأمه أم ولد اسمها قراطيس ولما اشتد مرضه أحضر المنجمين منهم الحسن بن سهل فنظروا في مولده فقدروا له أن يعيش خمسين سنة مستأنفة من ذلك اليوم فلم يعش بعد قولهم إلا عشرة أيام ومات‏.‏

وكان أبيض مشربًا بحمرة جميلا ربعة حسن الجسم قائم العين اليسرى فيها نكتة بياض وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة وقيل ستًا وثلاثين سنة‏.‏

ذكر بعض سيرة الواثق بالله

لما توفي المعتصم وجلس الواثق في الخلافة أحسن إلى الناس واشتمل على العلويين وبالغ في إكرامهم والإحسان إليهم والتعهد لهم بالأموال وفرق في أهل الحرمين أموالًا لا تحصى حتى إنه لم يوجد في أيامه بالحرمين سائل‏.‏

ولما توفي الواثق كان أهل المدينة تخرج من نسائهم كل ليلة إلى البقيع فيبكين عليه ويندبنه

ففعلوا ذلك بينهم مناوبة حزنًا عليه لما كان يكثر من الإحسان إليهم وأطلق في خلافته أعشار سفن البحر وكان مالًا عظيمًا‏.‏

قال الحسين بن الضحاك‏:‏ شهدت الواثق بعد أن مات المعتصم بأيام أول مجلس جلسه فغنته جارية إبراهيم بن المهدي‏:‏ ما درى الحاملون يوم استقلوا نعشه للثواء أم للبقاء فليقل فيك باكياتك ما شئ ن صباحا وعند كل مساء فبكى وبكينا معه حتى شغلنا البكاء عن جميع ما كنا فيه قال‏:‏ ثم تغنى بعضهم فقال‏:‏ ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعًا أيها الرجل فازداد الواثق بكاء وقال‏:‏ ما سمعت كاليوم تعزية بأب وتغنى نفسي ثم تفرق أهل المجلس‏.‏

قال‏:‏ وقال أحمد بن عبد الوهاب في الواثق‏:‏ أبت دار الأحبة أن تبينا أجدك ما رأيت بها معينا تقطع حسرة من حب ليلى نفوس ما أثبن ولا جزينا فصنعت فيه علم جارية صالح بن عبد الوهاب فغناه زرزر الكبير للواثق فسأله‏:‏ لمن هذا فقال‏:‏ لعلم فأحضر صالحًا وطلب منه شراءها فأهداها له فعوضه خمسة آلاف دينار فمطله بها ابن الزيات فأعادت الصوت فقال الواثق‏:‏ بارك الله عليك وعلى من رباك‏!‏ فقالت‏:‏ وما ينفع من رباني أمرت له بشيء فلم يصل إليه‏!‏ فكتب إلى ابن الزيات يأمره بإيصال المال إليه وأضعفه له فدفع إليه عشرة آلاف دينار وترك صالح عمل السلطان واتجر في المال‏.‏

وقال أبوعثمان المازني النحوي‏:‏ استحضرني الواثق من البصرة فلما حضرت عنده قال‏:‏ من خلفت بالبصرة قلت‏:‏ أختًا لي صغيرة‏.‏

قال‏:‏ فما قالت المسكينة قلت‏:‏ ما قالت ابنة الأعشى‏:‏ تقول ابنتي حين جد الرحيل أرانا سواء ومن قد يتم فيا أبتا لا تزل عندنا فإنا نخاف بأن تخترم أرانا إذا أضمرتك البلا د نجفى وتقطع منا الرحم قال‏:‏ فما رددت عليها قلت‏:‏ ما قال جرير لابنته‏:‏ ثقي بالله ليس له شريك ومن عند الخليفة بالنجاح فضحك وأمر له بجائزة سنية‏.‏

ذكر خلافة المتوكل

وسب خلافته أنه مات الواثق حضر الدار أحمد بن أبي دؤاد وإيتاخ ووصيف وعمر بن فرج وابن الزيات وأبوالوزير أحمد بن خالد وعزموا على البيعة لمحمد بن الواثق وهوغلام أمرد قصير فألبسوه دراعة سوداء وقلنسوة فإذا هوقصير فقال وصيف‏:‏ أما تتقون الله تولون هذا الخلافة‏!‏ فتناظروا فيمن تولونه‏.‏

فذكروا عدة ثم أحضر المتوكل فلما حضر ألبسه أحمد بن أبي دؤاد الطويلة وعممه وقبل بين عينيه وقال‏:‏ السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته‏!‏ ثم غسل الواثق وصلي عليه ودفن‏.‏

وكان عمر المتوكل يوم بويع ستًا وعشرين سنة ووضع العطاء للجند لثمانية أشهر وأراد ابن الزيات أن يلقبه المنتصر فقال أحمد بن أبي دؤاد‏:‏ قد رأيت لقبًا أرجو أن يكون موافقا وهوالمتوكل على الله فأمر بإمضائه فكتب به إلى الآفاق‏.‏

وقيل بل رأى المتوكل في منامه قبل أن يستخلف كأن سكرًا ينزل عليه من السماء مكتوب عليه المتوكل على الله فقصها على أصحابه فقالوا‏:‏ هي والله الخلافة فبلغ ذلك الواثق فحبسه وضيق عليه وحج بالناس محمد ابن داود‏.‏


ذكر عدة حوادث في هذه السنة أصاب الحجاج في العود عطش عظيم فبلغت الشربة عدة دنانير ومات منهم خلق كثير‏.‏وفيها غدر موسى بالأندلس وخالف على عبد الرحمن بن الحكم أمير الأندلس بعد أن كان قد وافقه وأطاعه وسير إليه عبد الرحمن جيشًا مع ابنه محمد‏.‏

وفيها كان بالأندلس مجاعة شديدة وقحط عظيم وكان ابتداؤه سنة اثنتين وثلاثين فهلك فيه خلق كثير من الآدميين والدواب ويبست الأشجار ولم يزرع الناس شيئا فخرج الناس هذه السنة يستسقون فسقوا وزرعوا وزال عن الناس القحط‏.‏

وفيها ولي إبراهيم بن محمد بن مصعب بلاد فارس‏.‏

وفيها غرق كثير من الموصل وهلك فيها خلق قيل كانوا نحومائة ألف إنسان وكان سبب ذلك أن المطر جاء بها عظيمًا لم يسمع بمثله بحيث أن بعض أهلها جعل سطلًا عمقه ذراع في سعة ذراع فامتلأ ثلاث دفعات في نحوساعة وزادت دجلة زيادة عظيمة فركب الماء الربض الأسفل وشاطئ نهر سوق الأربعاء فدخل كثيرًا من الأسواق فقيل إن أمير الموصل وهوغامن بن حميد الطوسي كفن ثلاثين ألفا وبقي تحت الهدم خلق كثير لم يحملوا سوى من حمله الماء‏.‏

وفيها أمر الواثق بترك أعشار سفن البحر‏.‏

وفيها توفي الحكم بن موسى ومحمد بن عامر القرشي مصنف الصوانيف وغيرها ويحيى بن يحيى الغساني الدمشقي وقيل سنة ثلاث وثلاثين وقيل غير ذلك وأبوالحسن علي بن المغيرة الأثرم النحوي اللغوي وأخذ العلم عن أبي عبيدة والأصمعي‏.‏

وفيها توفي عمروالناقد‏.‏

حوادث سنة ثلاث وثلاثين ومائتين

ذكر القبض على محمد بن عبد الملك


وفي هذه السنة قبض المتوكل على محمد بن عبد الملك الزيات وحبسه لسبع خلون من صفر‏.‏

وكان سببه أن الواثق استوزر محمد بن عبد الملك وفوض الأمور كلها إليه وكان الواثق قد غضب على أخيه جعفر المتوكل ووكل عليه من يحفظه ويأتيه بأخباره فأتى المتوكل إلى محمد بن عبد الملك يسأله أن يكلم الواثق ليرضى عنه فوقف بين يديه لا يكلمه ثم أشار عليه بالقعود فقعد فلما فرغ من الكتب التي بين يديه التفت إليه كالمتهدد وقال‏:‏ ما جاء بك قال‏:‏ جئت أسأل أمير المؤمنين الرضى عني فقال لمن حوله‏:‏ انظروا يغضب أخيه ثم يسألني أن أسترضيه له‏!‏ اذهب فإذا صلحت رضي عنك‏.‏

فقام من عنده حزين فأتى أحمد بن أبي دؤاد فقام إليه أحمد واستقبله على باب البيت وقبله وقال‏:‏ ما حاجتك جعلت فداك‏!‏ قال‏:‏ جئت لتسترضي أمير المؤمنين لي قال‏:‏ أفعل ونعمة عين وكرامة‏!‏ فكلم أحمد الواثق به فوعده ولم يرض عنه ثم كلمه فيه ثانية فرضى عنه وكساه‏.‏

ولما خرج المتوكل من عند ابن الزيات كتب إلى الواثق‏:‏ إن جعفرًا أتاني في زي المخنثين له شعر بقفاه يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضى عنه فكتب إليه الواثق‏:‏ ابعث إليه فأحضره ومر من يجز شعر قفاه فيضرب به وجهه‏.‏

قال المتوكل‏:‏ لما أتاني رسوله لبست سوادًا جديدا وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضى عني فاستدعى حجاما فأخذ شعري على السواد الجديد ثم ضرب به وجهي فلما ولي الخلافة المتوكل أمهل حتى كان صفر فأمر إيتاخ بأخذ الزيات وتعذيبه فاستحضر فركب يظن أن الخليفة يستدعيه فلما حاذى منزل إيتاخ عدل به إليه فخاف فأدخله حجرة ووكل عليه وأرسل إلى منازله من أصحابه من هجم عليها وأخذ كل ما فيها واستضفى أمواله وأملاكه في جميع البلاد‏.‏

وكان شديد الجزع كثير البكاء والفكر ثم سوهر وكان ينخس بمسلة لئلا ينام ثم ترك فنام يومًا وليلة ثم جعل في تنور عمله هو وعذب ه ابن أسماط المصري وأخذ ماله فكان من خشب فيه مسامير من حديد أطرافها إلى داخل التنور وتمنع من يكون فيه من الحركة وكان ضيقًا بحيث أن الإنسان كان يمد يديه إلى فوق رأسه ليقدر على دخوله لضيقه ولا يقدر من يكون فيه يجلس فبقي أياما فمات‏.‏

وكان حبسه لسبع خلون من صفر وموته لإحدى عشرة بقيت من ربيع الأول واختلف في سبب موته فقيل كما ذكرناه وقيل بل ضرب فمات وهويضرب وقيل مات بغر ضرب وهوأصح‏.‏

فلما مات حضره ابناه سليمان وعبيد الله وكانا محبوسين وطرح على الباب في قميصه الذي حبس فيه فقالا‏:‏ الحمد لله الذي أراح من هذا الفاسق‏!‏ وغسلاه على الباب ودفناه فقيل إن الكلاب نبشته وأكلت لحمه‏.‏

قال‏:‏ وسمع قبلموته يقول لنفسه‏:‏ يا محمد لم تقنعك النعمة والدواب والدار النظيفة والكسوة الفاخرة وأنت في عافية حتى طلبت الوزارة ذق ما عملت بنفسك‏.‏

ثم سكت عن ذلك وكان لا يزيد على التشهد وذكر الله عز وجل‏.‏

وكان ابن الزيات صديقًا لإبراهيم الصولي فلما ولي الوزارة صادره بألف ألف وخمس مائة وكنت أخي برخاء الزمان فلما نبا صرت حربًا عوانًا وكنت أذم إليك الزمان فأصبحت منك أذم الزمانا وكنت أعدك للنائبات فها أنا أطلب منك الأمانا وقال أيضًا‏:‏ أصبحت من رأي أبي جعفر في هيئة تنذر بالصيلم من غير ما ذنب ولكنها عداوة الزنديق للمسلم

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة حبس عمر بن الفرج الرخجي وكان سبب ذلك أن المتوكل أتاه لما كان أخوه الواثق ساخطًا عليه ومعه صك ليختمه عمر له ليقبض أرزاقه من بيت المال فلقيه عمر بالخيبة وأخذ صكه فرمى به إلى صحن المسجد وكان حبسه في شهر رمضان وأخذ ماله وأثاث بيته وأصحابه ثم صولح على أحد عشر ألف ألف على أن يرد عليه ما حيز من ضياع الأهواز حسب فكان قد ألبس في حبسه حبة صوف‏.‏

قال علي بن الجهم يهجوه‏:‏ جمعت أمرين ضاع الحزم بينهما تيه الملوك وأفعال الصعاليك

وفيها غضب المتوكل على سليمان بن إبراهيم بن الجنيد النصراني كاتب سمانه وضربه وأخذ ماله وغضب أيضًا على أبي الوزير وأخذ ماله ومال أخيه وكتبه‏.‏

وفيها أيضًا عزل الفضل بن مروان عن ديوان الخراج وولاه يحيى بن خاقان الخراساني مولى الأزد وولى إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول ديوان زمام النفقات‏.‏

وفيها ولى المتوكل ابنه المنتصر الحرمين واليمن والطائف في رمضان‏.‏

وفيها فلج أحمد بن دؤاد في جمادى الآخرة‏.‏

وفيها وثق ميخائيل بن توفيل بأمه تدورة فألزمها الدير وقتل اللقط لأنه كان اتهمها به فكان ملكها ست سنين وحج بالناس في هذه السنة محمد بن داود‏.‏

وفيها عزل محمد بن الأغلب أمير إفريقية عامله على الزاب واسمه سالم ابن غلبون فأقبل يريد القيروان فلما صار بقلعة يلبسير أضمر الخلاف وسار إلى الأربس فمنعه أهلها من الدخول إليها فسار إلى باجة فدخلها واحتمى بها فسير إليه ابن الأغلب جيشًا عليهم خفاجة بن سفيان فنزل عليه وقاتله فهرب سالم ليلا فاتبعه خفاجة فلحقه وقتله وحمل رأسه إلى ابن الأغلب وكان أزهر بن سالم عند ابن الأغلب محبوسًا فقتله‏.‏

وفيها توفي يحيى بن معين البغدادي بالمدينة وكان مولده سنة ثمان وخمسين ومائة وهوصاحب

الجرح والتعديل ومحمد بن سماعة القاضي صاحب محمد بن الحسن وقد بلغ مائة سنة وهوصحيح الحواس‏.‏

حوادث سنة أربع وثلاثين ومائتين

ذكر هرب محمد بن البعيث


في هذه السنة هرب محمد بن البعيث بن الجليس وكان سبب هربه أنه جيء به أسيرًا من أذربيجان إلى سامرا وكان له رجل يخدمه يسمى خليفة وكان المتوكل مريضا فاخبر خليفة ابن البعيث أن المتوكل مات فهربا إلى موضعه من أذربيجان وهومرند وقيل كان له قلعة شاهي وقلعة يكدر‏.‏

وقيل إن ابن البعيث كان في حبس إسحاق بن إبراهيم بن مصعب فتكلم فيه بغا الشرابي فاخذ منه الكفلاء نحوًا من ثلاثين كفيلًا منهم محمد بن خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني فكان يتردد بسامرا فهرب إلى مرند وجمع بها الطعام وهي مدينة حصينة وفيها عيون ماء ولها بساتين كثيرة داخل البلد‏.‏

وأتاه من أراد الفتنة من ربيعة وغيرهم فصار في نحومن ألفين ومائتي رجل وكان الوالي بأذربيجان محمد بن حاتم بن هرثمة فقصر في طلبه فولى المتوكل حمدويه بن علي بن الفضل السعدي أذربيجان وسيره على البريد وجمع الناس وسار إلى ابن البعيث فحصره في مرند فلما طالت مدة الحصار بعث المتوكل التركي في مائتي فارس من الأتراك فلم يصنع شيئا فوجه إليه المتوكل عمر بن سيسيل بن كال في تسع مائة فارس فلم يغن شيئًا فوجه بغا الشرابي في ألفي فارس‏.‏

وكان حمدويه وابن سيسيل وزيرك قد قطعوا من الشجر الذي حول مرند نحومائة ألف شجرة ونصبوا عليها عشرين منجنيقا ونصب ابن البعيث عليهم مثل ذلك فلم يقدروا على الدنومن سور المدينة فقتل من أصحاب المتوكل في حربه في ثمانية أشهر نحومن مائة رجل وجرح نحوأربع مائة وأصاب أصحابه مثل ذلك وكان حمدريه وعمر وزيرك يغادونه القتال ويراوحونه وكان أصحابه يتدلون بالحبال من السور معهم الرماح فيقاتلون فإذا حمل عليهم أصحاب الخليفة تجاروا إلى السور وحموا نفوسهم فكانوا يفتحون الباب فيخرجون فيقاتلون ثم يرجعون‏.‏

ولما قرب بغا الشرابي من مرند بعث عيسى بن الشيخ بن الشليل ومعه أمان لوجوه أصحاب ابن البعيث أن ينزلوا وأمان للابن البعيث أن ينزل على حكم المتوكل فنزل من أصحابه خلق كثير بالأمان ثم فتحوا باب المدينة فدخل أصحاب المتوكل وخرج ابن البعيث هاربا فلحقه

قوم من الجند فأخذوه أسيرا وانتهب الجند منزله ومنازل أصحابه وبعض منازل أهل المدينة ثم نودي بالأمان وأخذوا لابن البعيث أختين وثلاث بنات وعدة من السراري ثم وافاهم بغا الشرابي من غد فأمر فنودي بالمنع من النهب وكتب بالفتح لنفسه وأخ ابن البعيث إليه‏.‏  ‏  ‏   ‏ ‏ ‏