باب الميم والجيم، الحاء، الخاء

مجج

مَجَّ الشرابَ والشيءَ مِن فيه يَمُجُّه مَجّاً ومَجَّ به: رَماه؛ قال رَبيعةُ بن الجَحْدَرِ الهُذَليّ:

وطَعْنةِ خَلْسٍ، قد طَعَنْتُ، مُـرِشّةٍ

 

يَمُجُّ بها عِرْقٌ، من الجَوْفِ، قالِسُ

أَراد يَمُجُّ بدَمِها؛ وخصَّ بعضهم به الماءَ؛ قال الشاعر:

ويَدْعُو بِبَرْدِ الماءِ، وهـو بَـلاؤُه،

 

وإِنْ ما سَقَوْه الماءَ، مَجَّ وغَرْغَرا

هذا يصف رجلاً به الكَلَبُ، والكَلِبُ إذا نظر إِلى الماء تَخَيَّل له فيه ما يَكْرَهُه فلم يشربه. ومَجَّ بريقه يَمُجُّه إذا لفَظَه.
وانْمَجَّتْ نقطة من القلم: تَرَشَّشَتْ.
وشيخ ماجٌّ: يَمُجُّ رِيقَه ولا يستطيعُ حَبْسَه من كُثْره.
وما بقي في الإِناء إِلاَّ مَجَّةٌ أَي قَدْرُ ما يُمَجُّ. والمُجاجُ: ما مَجَّه من فيه.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَخذ من الدَّلْوِ حُسْوةَ ماء، فمجَّها في بئر ففاضَت بالماء الرَّواءِ. شمر: مَجَّ الماءَ من الفمِ صَبَّه من فمه قريباً أَو بعيداً، وقد مَجَّه؛ وكذلك إذا مَجَّ لُعابَه، وقيل: لا يكون مَجّاً حتى يُباعِدَ به. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، قال في المَضْمضةِ للصائم: لا يَمُجُّه ولكن يشرَبُه، فإِنَّ أَوَّلَه خَيْرُه؛ أَراد المَضْمَضة عند الإِفطار أَي لا يُلقيه من فيه فيذهب خُلُوفُه، ومنه حديث أَنس: فمَجَّه في فيه؛ وفي حديث محمود بن الربيع: عَقَلْتُ من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَجَّةً مَجَّها في بئر لنا. والأَرضُ إذا كانت رَيَّا من الندى، فهي تمجُّ الماء مَجّاً.
وفي حديث الحسن، رضي الله عنه: الأذُنُ مَجَّاجةٌ وللنَّفْسِ حَمْضَةٌ؛ معناه أَن للنفس شَهْوَةً في استماعِ العلم والأُذنُ لا تَعِي ما تَسْمَعُ، ولكنها تلقيه نسياناً، كما يُمَجُّ الشيءُ من الفم. والمُجاجةُ: الريق الذي تمجه من فيك. ومُجاجةُ الشيءِ: عُصارَتُه. ومُجاجُ الجَرادِ: لُعابُه. ومُجاجُ فمِ الجارية: رِيقُها. ومُجاجُ العنب: ما سالَ من عصيره.
ويقال لما سالَ من أَفواهِ الدَّبَى: مُجاجٌ؛ قال الشاعر:

وماء قَديم عَـهْـدُه، وكـأَنَّـه

 

مُجاجُ الدَّبَى، لاقَتْ بهاجِرةٍ دَبَى

وفي رواية: لاقت به جِرة دَبَى. ومُجاجُ النحلِ: عَسَلُها، وقد مَجَّتْه تَمُجُّه؛ قال:

ولا ما تَمُجُّ النَّحْلُ من مُتَمَنِّعٍ،

 

فقد ذُقْتُه مُسْتَطْرَفاً وصَفا لِيا

وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يأْكُلُ القِثَّاءَ بالمُجاجِ أَي بالعَسَلِ، لأَن النحل تمُجُّه. الرياشي: المَجاجُ العُرْجُونُ؛ وأَنشد:

بِقابِلٍ لَفَّتْ على المَجاجِ

قال: القابِلُ الفَسِيلُ؛ قال: هكذا قُرئَتْ، بفتح الميم، قال: ولا أَدري أَهو صحيح أَم لا؟ ويقال للمطر: مُجاجُ المُزْنِ، وللعَسلِ: مُجاجُ النَّحْلِ، ابن سيده: ومُجاجُ المُزْنِ مَطَرُه.
والماجُّ من الناسِ والإِبل: الذي لا يستطيعُ أَن يُمْسِكَ رِيقَه من الكِبَر. والماجُّ: الأَحمقُ الذي يَسيلُ لُعابُه؛ يقال: أَحمق ماجٌّ للذي يسيل لعابه؛ وقيل: هو الأَحمق مع هَرَمٍ، وجمع الماجِّ من الإِبلِ مَجَجةٌ، وجمع الماجِّ من الناس ماجُّونَ، كلاهما عن ابن الأَعرابي، والأُنثى منهما بالهاء. والماجُّ: البعير الذي قد أَسَنَّ وسالَ لُعابه. والماجُّ: الناقة التي تَكْبَرُ حتى تَمُجَّ الماءَ من حَلْقِها. أَبو عمرو: المَجَجُ بُلوغُ العِنَبِ. وفي الحديث: لا تَبِعِ العِنَبَ حتى يَظْهَرَ مَجَجُه أَي بُلوغُه. مَجَّجَ العِنَبُ يُمَجِّجُ إذا طابَ وصار حُلْواً. وفي حديث الخُدْرِيِّ: لا يَصْلُحُ السلَفُ في العنب والزيتون وأَشباهِ ذلك حتى يُمَجِّجَ؛ ومنه حديث الدَّجال: يُعَقِّلُ الكَرْمُ ثم يُكَحِّبُ ثم يُمَجِّجُ.
والمَجَجُ: اسْترخاءُ الشِّدْقينِ نحو ما يَعْرضُ للشيخ إذا هَرِمَ. وفي الحديث: أَنه رأَى في الكعبةِ صورةَ إِبراهيم، فقال: مُروا المُجَّاجَ يُمَجْمِجُون عليه؛ المُجّاجُ جمع ماجٍّ، وهو الرجلُ الهَرِمُ الذي يَمُجُّ رِيقَه ولا يستطيع حَبْسَه.
والمَجْمَجَةُ: تَغْييرُ الكِتابِ وإِفْسادُه عما كُتِبَ. وفي بعض الكتب: مروا المَجّاجَ، بفتح الميم، أَي مُروا الكاتب يُسَوِّدُه، سمِّي به لأَنَّ قلمه يَمُجُّ المِدادَ. والمَجُّ والمُجاجُ: حَبٌّ كالعَدَسِ إِلا أَنه أَشدّ استدارةً منه. قال الأَزهري: هذه الحبة التي يقال لها الماشُ، والعرب تسميه الخُلَّر والزِّنَّ. أَبو حنيفة: المَجَّةُ حَمْضَةٌ تُشْبِهُ الطَّحْماءَ غير أَنها أَلطف وأَصغر. والمُجُّ: سيف من سُيوفِ العرب، ذكره ابن الكلبي. والمُجُّ: فَرْخُ الحَمامِ كالبُجِّ؛ قال ابن دريد: زعموا ذلك ولا أَعرف صحته.
وأَمَجَّ الفَرَسُ: جَرى جَرْياً شديداً؛ قال:

كأَنَّما يَسْتَضْرِمانِ العَرْفَجا،

 

فَوْقَ الجُلاذِيِّ إذا ما أَمْجَجا

أَراد: أَمَجَّ، فأَظهر التضعيف للضرورة. الأَصمعي: إذا بَدأَ الفَرَسُ يَعدو قبل أَن يَضْطَرِمَ جَرْيُه، قيل: أَمَجَّ إِمْجاجاً.
ابن الأَعرابي: المُجُجُ السُّكارى، والمُجُجُ: النَّحْل. وأَمَجَّ الرجلُ إذا ذهبَ في البِلادِ. وأَمَجَّ إِلى بلدِ كذا: انْطَلَقَ. ومَجْمَجَ الكِتابَ: خَلَّطَه وأَفسَدَه.
الليث: المَجْمَجَةُ تَخْليطُ الكِتابِ وإِفْسادُه بالقلم. ومَجْمَجْتُ الكِتابَ إذا ثَبَّجْتَه ولم تُبَيِّنِ الحروفَ. ومَجْمَجَ الرجلُ في خَبرِه: لم يبينه.
ولَحْمٌ مُمَجْمَجٌ: كثير. وكَفَلٌ مُتَمَجْمِجٌ: رَجْراجٌ إذا كان يَرْتَجُّ من النَّعْمةِ؛ وأَنشد:

وكَفَلٍ رَيَّانَ قد تَمَجْمَجا

ويقال للرجل إذا كان مُسْتَرْخِياً رَهِلاً: مَجْماجٌ؛ قال أَبو وجْزَةَ:

طالَتْ عَلَيْهِنَّ طُولاً غَيرَ مَجْماجِ

ورجلٌ مَجْماجٌ كَبَجْباجٍ: كثيرُ اللحم غليظه. وقال شجاع السُّلَمِيُّ: مَجْمَجَ بي وبَجْبَجَ إذا ذهَبَ بك في الكلام مَذهَباً على غير الاستِقامة وردّكَ من حال إِلى حال. ابن الأَعرابي: مَجَّ وبَجَّ، بمعنى واحد.

مجح

التَّمَجُّحُ والتَّبَجُّحُ، بالميم والباء: البَذْخ والفخرُ؛ وهو يَتَمَجَّحُ ويَتَبَجَّحُ. ومَجَحَ يَمْجَحُ مَجْحاً: كَبَجَحَ.
ورجل مَجَّاحٌ بَجَّاحٌ بما لا يملك، يمانية. ومَجَحَ مَجْحاً ومَجَحاً: تَكَبَّر؛ والدلوَ في البئر: خَضْخَضَها كذلك.

مجد

المَجْدُ: المُرُوءةُ والسخاءُ. والمَجْدُ: الكرمُ والشرفُ. ابن سيده: المجد نَيْل الشرف، وقيل: لا يكون إِلا بالآباءِ، وقيل: المَجْدُ كَرَمُ الآباء خاصة، وقيل: المَجْدُ الأَخذ من الشرف والسُّؤدَد ما يكفي؛ وقد مَجَدَ يَمْجُدُ مَجْداً، فهو ماجد. ومَجُد، بالضم، مَجادةً، فهو مجيد، وتَمَجَّد. والمجدُ: كَرَمُ فِعاله.
وأَمجَدَه ومَجَّده كلاهما: عظَّمَه وأَثنى عليه.
وتماجَدَ القومُ فيما بينهم: ذكَروا مَجْدَهم.
وماجَدَه مِجاداً: عارَضه بالمجد. وماجَدْتُه فمَجَدتُه أَمْجُدُه أَي غَلَبْتُه بالمجد. قال ابن السكيت: الشرفُ والمجدُ يكونان بالآباء. يقال: رجل شريف ماجدٌ، له آباءٌ متقدّمون في الشرف؛ قال: والحسب والكرم يكونان في الرجل وإِن لم يكن له آباء لهم شرف.
والتمجيدُ: أَن يُنْسب الرجل إِلى المجد. ورجل ماجد: مِفضالٌ كثير الخير شريف، والمجيدُ، فعيل، منه للمبالغة؛ وقيل: هو الكريم المفضال، وقيل: إذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال سمي مَجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ من فاعِل فكأَنه يَجْمع معنى الجليل والوهَّابِ والكريم. والمجيدُ: من صفاتِ الله عز وجل. وفي التنزيل العزيز: ذو العرش المجيدُ. وفي اسماء الله تعالى: الماجدُ. والمَجْد في كلام العرب: الشرف الواسع. التهذيب: الله تعالى هو المجِيدُ تَمَجَّد بِفعاله ومَجَّده خلقه لعظمته. وقوله تعالى: ذو العرش المجيدِ؛ قال الفراء: خفضه يَحيى وأَصحابه كما قال: بل هو قرآنٌ مجيدٌ، فوصف القرآن بالمَجادة. وقيل يقرأُ: بل هو قرآنُ مجيدٍ، والقراءة قرآنٌ مجيدٌ. ومن قرأَ: قرآنُ مجيدٍ، فالمعنى بل هو قرآنُ ربٍّ مجيدٍ. ابن الأَعرابي: قرآنٌ مجيدٌ، المجيدُ الرفيع. قال أَبو اسحق: معنى المجيد الكريم، فمن خفض المجيد فمن صفة العرش، ومن رفع فمن صفة ذو. وقوله تعالى: ق والقرآن المجيد؛ يريد بالمجيد الرفيعَ العالي.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ناوِلِيني المجيدَ أَي المُصْحَف؛ هو من قوله تعالى: بل هو قرآنٌ مجيدٌ. وفي حديث قراءة الفاتحة: مَجَّدَني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني. وكان سعد بن عبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي حَمْداً ومَجْداً، لا مَجْد إِلا بِفعال ولا فِعال إِلا بمال؛ اللهم لا يُصْلِحُني ولا أَصْلُحُ إِلا عليه.
ابن شميل: الماجدُ الحَسَن الخُلُق السَّمْحُ. ورجل ماجد ومجيد إذا كان كريماً مِعْطاءً. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أَمَّا نحن بنو هاشم فأَنجادٌ أَمْجادٌ أَي شِراف كِرام، جمع مجِيد أَو ماجد كأَشهاد في شَهيد أَو شاهد.
ومَجَدَتِ الإِبل تَمْجُدُ مُجُوداً، وهي مواجِدُ ومُجَّد ومُجُدٌ، وأَمْجَدَتْ: نالت من الكلإِ قريباً من الشبع وعرف ذلك في أَجسامها، ومَجَّدْتُها أَنا تمجيداً وأَمجَدَها راعيها وقد أَمجَدَ القومُ إِبلهم، وذلك في أَول الربيع. وأَما أَبو زيد فقال: أَمجَدَ الإِبلَ مَلأَ بطونها علفاً وأَشبعها، ولا فعل لها هي في ذلك، فإِن أَرعاها في أَرض مُكْلِئَةٍ فرعت وشبِعت. قال: مَجَدَتْ تَمْجُدُ مَجْداً ومُجوداً ولا فعل لك في هذا، وأَما أَبو عبيد فروى عن أَبي عبيدة أَن أَهل العالية يقولون مَجَد الناقةَ مخففاً إذا علفها مِلءَ بطونها، وأَهل نجد يقولون مَجَّدها تمجيداً، مشدَّداً، إذا علفها نصف بطونها. ابن الأَعرابي: مَجَدَتِ الإِبل إذا وقعت في مَرْعىً كثير واسع؛ وأَمجَدَها الراعي وأَمجَدْتُها أَنا. وقال ابن شميل: إذا شبعت الغنم مَجُدَت الإِبل تَمجُد، والمجد نَحْوٌ من نصف الشبع؛ وقال أَبو حية يصف امرأَة:

ولَيْسَت بماجِدةٍ للطعامِ ولا الشراب

أَي ليست بكثيرة الطعام ولا الشراب. الأَصمعي: أَمجَدْتُ الدابةَ علَفاً أَكثرت لها ذلك. ويقال: أَمجَدَ فلان عطاءَه ومَجَّده إذا كثَّره؛ وقال عديّ:

فاشتراني واصطفاني نعْمةً،

 

مَجَّدَ الهِنْءَ وأَعطاني الثَّمَنْ

وفي المثل: في كل شَجَر نار، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفار؛ اسْتَمْجَدَ استفضل أَي اسْتَكْثَرا من النار كأَنهما أَخذا من النار ما هو حسبهما فصلحا للاقتداح بهما، ويقال: لأَنهما يُسْرعانِ الوَرْيَ فشبها بمن يُكْثِر من العطاء طلباً للمجد. ويقال: أَمجَدَنا فلان قِرىً إذا آتَى ما كَفَى وفضل.
ومَجْدٌ ومُجَيْدٌ وماجِدٌ: أَسماء. ومَجْد بنت تميم بن عامرِ بنِ لُؤَيٍّ: هي أُم كلاب وكعب وعامر وكُلَيْب بني ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ وذكرها لبيد فقال يفتخر بها:

سَقَى قَوْمي بَني مَجْدٍ، وأَسْقى نُمَيْراً،

 

والـقـبـائلَ مــن هِـــلالِ

وبَنو مَجْد: بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومجد: اسم أُمهم هذه التي فخر بها لبيد في شعره.

مجر

المَجْرُ: ما في بُطون الحوامل من الإِبل والغنم؛ والمَجْرُ: أَن يُشْتَرَى ما في بطونها، وقيل: هو أَن يشترى البعير بما في بطن الناقة؛ وقد أَمْجَرَ في البيع ومَاجَرَ مُمَاجَرَةً ومِجَاراً. الجوهري: والمَجْرُ أَن يباع الشيء بما في بطن هذه الناقة. وفي الحديث: أَنه نَهى عن المَجْرِ أَي عن بيع المَجْرِ، وهو ما في البطون كنهيه عن الملاقيح، ويجوز أَن يكون سُمِّي بَيعُ المَجْرِ مَجْراً اتساعاً ومجازاً، وكان من بِياعاتِ الجاهلية. وقال أَبو زيد: المَجْرُ أَن يُبَاع البعير أَو غيره بما في بطن الناقة، يقال منه: أَمْجَرْتُ في البيع إِمْجَاراً مُمَاجَرَةً، ولا يقال لما في البطن مَجْرٌ إِلا إذا أَثْقَلَتِ الحامِلُ، فالمَجْرُ اسم للحَمْلِ الذي في بطن الناقة، وحَمْلُ الذي في بطنها حَبَلُ الحَبَلَةِ.
ومَجِرَ من الماء واللَّبَنِ مَجَراً، فهو مَجِرٌ: تَمَلأَ ولم يَرْوَ، وزعم يعقوب أَن ميمه بدل من نون نَجِرَ، وزعم اللحياني أَن ميمه بدل من باء بَجِرَ. ويقال: مَجِرَ ونَجِرَ إذا عَطِشَ فأَكثر من الشرب فلم يَرْوَ، لأَنهم يبدلون الميم من النون، مثل نَخَجْتُ الدَّلْوَ ومَخَجْتُ.
ومَجِرَتِ الشاة مَجَراً وأَمْجَرَتْ وهي مُمْجِر إذا عَظُمَ ولدها في بطنها فَهُزِلَتْ وثَقُلَت ولن تطق على القيام حتى تقام؛ قال:

تَعْوِي كِلابُ الحَيِّ مِنْ عُوَائها

 

وتَحْمِلُ المُمْجِرَ في كِسائهـا

فإِذا كان ذلك عادة لها فهي مِمْجَارٌ.
والإِمْجارُ في النُّوق مثلُه في الشاء؛ عن ابن الأَعرابي. غيره: والمَجَرُ، بالتحريك، الاسم من قولك أَمجرت الشاة، فهي مُمْجِرٌ، وهو أَن يعظم ما في بطنها من الحمل وتكون مهزولة لا تقدر على النهوض. ويقال: شاة مَجْرَةٌ، بالتسكين؛ عن يعقوب، ومنه قيل للجيش العظيم مَجْرٌ لِثِقَلِه وضِخَمِه. والمَجَرُ: انتفاخ البطن من حَبَلٍ أَو حَبَنٍ؛ يقال: مَجِرَ بطنها وأَمْجَرَ، فهي مَجِرَةٌ ومُمْجِرٌ. والإِمْجَارُ: أَن تَلْقَحَ الناقةُ والشاة فتَمْرَضَ أَو تَحْدَبَ فلا تقدر أَن تمشي وربما شق بطنها فأُخرج ما فيه لِيُرَبُّوه. والمَجَرُ: أَن يعظم بطن الشاة الحامل فَتُهْزَلَ؛ يقال: شاة مُمْجِرٌ وغَنَمٌ مَمَاجِرُ. قال الأَزهري: وقد صح أَن بطنَ النعجة المَجِرَ شيء على حدة وأَنه يدخل في البيوع الفاسدة، وأَن المَجَرَ شيء آخر، وهو انتفاخ بطن النعجة إذا هزلت. وفي حديث الخليل، عليه السلام: فيلتفت إِلى أَبيه وقد مسخه الله ضِبْعَاناً أَمْجَرَ؛ الأَمْجَرُ: العظيمُ البطنِ المهزولُ الجسم.
ابن شميل: المُمْجِرُ الشاةُ التي يصيبها مرض أَو هُزال وتعسر عليها الولادة. قال: وأَما المَجْرُ فهو بيع ما في بطنها. وناقة مُمْجِرٌ إذا جازت وقتها في النِّتَاج؛ وأَنشد:

ونَتَجُوها بَعْدَ طُولِ إِمْجَار

وأَنشد شمر لبعض الأَعراب:

أَمْجَرْتَ إِرْباءً ببـيعٍ غـالُ

حَرَّمٍ عـلـيك،لا حَــلالِ

أَعْطَيْتَ كَبْشاً وارِم الطِّحَال

بالغَدَوِيَّاتِ وبـالـفِـصَـالِ

وعاجلاً بآجِلِ الـسِّـخَـالِ

في حَلَقِ الأَرْحامِ ذي الأَقْفَالِ

حَتَّى يُنَتَّجْنَ مِنَ المَبَـالِـثُ

مَّتَ يُفْطَمْنَ على إِمْـهَـالِ؛

والمَجْرُ بَيْعُ اللَّحْمِ بالأَحْبـالِ

لحُومِ جُـزْرٍ غَـثَّةٍ هِـزَالِ

فَطـائِم الأَغْـنـامِ والآبـالِ

أَلعَيْنَ بالضِّمَارِ ذي الآجـالِ

والشِّفَّ بالناقص لا تُبـالـي

والمِجَارُ: العِقَالُ، والأَعْرَفُ الهِجَارُ.
وجَيْشٌ مَجْرٌ: كثيرٌ جدّاً. الأَصمعي: المَجْرُ، بالتسكين، الجيش العظيم المجتمع. وما له مَجْرٌ أَي ما له عَقْلٌ. وجعل ابن قتيبة تفسير نهيه عن المَجْرِ غَلَطاً، وذهب بالمجْر إِلى الولد يعظم في بطن الشاة، قال الأَزهري: والصواب ما فسر أَبو زيد. أَبو عبيدة: المَجْرُ ما في بطن الناقة، قال: والثاني حَبَلُ الحَبَلَةِ، والثالث الغَمِيسُ؛ قال أَبو العباس: وأَبو عبيدة ثقة. وقال القتيبي: هو المَجَرُ، بفتح الجيم؛ قال ابن الأَثير: وقد أُخذ عليه لأَن المَجَرَ داء في الشاء وهو أَن يعظم بطن الشاة الحامل فتهزل وربما رَمَتْ بولدها، وقد مجَرَتْ وأَمْجَرَتْ. وفي الحديث: كلُّ مَجْرٍ حَرَامٌ؛ قال:

أَلَمْ تَكُ مَجْراً لا تَحِلُّ لِمُسْـلِـمٍ

 

نهاه أَمِيرُ المِصْرِ عَنْهُ وعامِلُهْ؟

ابن الأَعرابي: المَجْرُ الولد الذي في بطن الحامل. والمَجْرُ: الرِّبا.
والمَجْرُ: القِمَارُ. والمُحاقَلَةُ والمُزابَنَةُ يقال لهما: مَجْر.
قال الأَزهري: فهؤلاء الأثمة أَجمعوا في تفسير المجر، بسكون الجيم، على شيء واحد إِلا ما زاد ابن الأَعرابي على أَنه وافقهم على أَن المجر ما في بطن الحامل وزاد عليهم أَن المجر الربا. وأَما المَجَرُ فإِن المنذريَّ أَخبر عن أَبي العباس أَنه أَنشده:

أَبْقَى لَنا اللهُ وتَقْعِيرَ المَجَرْ

قال: والتقعير أَن يسقط فيذهب.
الجوهري: وسئل ابنُ لِسانِ الحُمَّرَةِ عن الضأْن فقال: مالُ صِدْقٍ قَرْيَةٌ لا حُمَّى بها إذا أَفلتت من مَجَرَتَيها؛ يعني من المَجَرِ في الدهر الشديد والنشر، وهو أَن تنتشر بالليل فتأْتي عليها السباع، فسماهما مَجَرَتَيْنِ كما يقال القمران والعمران، وفي نسخة بُنْدارٍ: حَزَّتَيْها. وفي حديث أَبي هريرة: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمثالها والصومُ لي وأَنا أَجْزي به، يَذَرُ طَعامَه وشرابه مِجَرايَ أَي من أَجلي، وأَصله مِنْ جَرَّايَ، فحذف النون وخفف الكلمة؛ قال ابن الأَثير: وكثيراً ما يرد هذا في حديث أَبي هريرة.

مجس

المَجُوسِيَّة: نِحْلَةٌ، والمَجُوسِيُّ منسوب إِليها، والجمع المَجُوسُ. قال أَبو علي النحوي: المَجُوس واليهود إِنما عرف على حد يهوديٍّ ويهودٍ ومجوسيٍّ ومجوسٍ، ولولا ذلك لم يجز دخول الأَلف واللام عليهما لأَنهما معرفتان مؤنثان فجريا في كلامهم مجرى القبيلتين ولم يجعلا كالحيين في باب الصرف؛ وأَنشد:

أَحارِ أُرِيكَ بَرْقاً هَبَّ وهْنـاً

 

كنار مَجُوسَ تَسْتَعِرُ اسْتِعارا

قال ابن بري: صدر البيت لامرئ القيس وعجزه للتوأَم اليشكري؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: كان امرؤ القيس مِعَنّاً عِرِّيضاً ينازع كل من قال إِنه شاعر، فنازع التوأَم اليشكري فقال له: إِن كنت شاعراً فَمَلْطْ أَنصاف ما أَقول وأَجِزْها، فقال: نعم، فقال امرؤ القيس:

أَصاح أُريك برقاً هب وهناً

فقال التوأَم:

كنار مجوس تستعر استعارا

فقال امرؤ القيس:

أَرِقْتُ لَهُ ونامَ أَبو شُرَيحٍ

فقال التوأَم:

إِذا ما قلْتُ قَدْ هَدَأَ اسْتَطارا

فقال امرؤ القيس:

كأَنَّ هَزيزَهُ بِوَراءِ غَيْبٍ

فقال التوأَم:

عِشارٌ وُلَّهٌ لاقَتْ عِشارا

فقال امرؤ القيس:

فلما أَنْ عَلا كَنَفَي أُضاخٍ

فقال التوأَم:

وَهَتْ أَعْجازُ رَيْقِهِ فَحارا

فقال امرؤ القيس:

فلم يَتْرُكْ بِذاتِ السِّرِّ ظَبْياً

فقال التوأَم:

ولم يَتْرُكْ بجَلْهَتِها حمارا

ومثل ما فعل امرؤ القيس بالتوأَم فعل عَبيدُ بن الأَبْرص بامرئ القيس، فقال له عبيد: كيف معرفتك بالأَوابد؟ فقال امرؤ القيس: أَلقِ ما أَحببت، فقال عبيد:

ما حَيَّةٌ مَيْتَةٌ أَحْيَتْ بِمَـيِّتِـهـا

 

دَرْداءَ، ما أَنْبَتَتْ ناباً وأَضْراسا؟

قال امرؤ القيس:

تِلْكَ الشَّعِيرَةُ تُسْقى في سَنابِلِـهـا

 

فَأَخْرَجَتْ بعد طُولِ المُكْثِ أَكداسا

فقال عبيد:

ما السُّودُ والبِيضُ والأَسْماءُ واحِدَةٌ

 

لا يَسْتَطِيعُ لَهُنَّ النَّاسُ تَمْساسـا؟

فقال امرؤ القيس:

تلك السَّحابُ إذا الرَّحْمَنُ أَنشـأَهـا

 

رَوَّى بِها من مَحُولِ الأَرْضِ أَنْفاسا

ثم لم يزالا على ذلك حتى كملا ستة عشر بيتاً.
تفسير الأَبيات الرائية: قوله هب وهناً، الوهن: بعد هدء من الليل.
وبريقاً: تصغيره تصغير التعظيم كقولهم دويهية يريد أَنه عظيم بدلالة قوله:

كنار مجوس تستعر استعارا

وخص نار المجوس لأَنهم يعيدونها. وقوله: أَرقت له أَي سهرت من أَجله مرتقباً له لأَعلم أَين مصابُّ مائِه. واستطار: انتشر. وهزيزه: صوت رعده.
وقوله: بوراء غيب أَي بحيث أَسمعه ولا أَراه. وقوله: عِشار وُلَّهٌ أَي فاقدة أَولادها فهي تُكْثِرُ الحنين ولا سيما إذا رأَت عِشاراً مثلها فإِنه يزدادُ حَنينُها، شَبَّه صوت الرعد بأَصْوات هذه العِشارِ من النوق. وأُضاخ: اسم موضع، وكَفاه: جانباه. وقوله: وهَتْ أَعْجاز رَيِّقه أَي استرخت أَعجاز هذا السحاب، وهي مآخيره، كما تسيل القربة الخَلَقُ إذا استرخت.
وريِّق المطر: أَوّله. وذاتُ السِّر: موضع كثير الظباء والحُمُر، فلم يُبْق هذا المطرُ ظبياً به ولا حماراً إلا وهو هارب أَو غَريق. والجَلْهَةُ: ما استقبلك من الوادي إذا وافيته. ابن سيده: المَجُوسُ جبل معروف جمعٌ، واحدهم مَجُوسِيٌّ؛ غيره: وهو معرَّب أَصلُه مِنْج كُوشْ، وكان رجلاً صَغير الأُذُنَيْن كان أَوّل من دانَ بِدين المَجُوس ودعا الناس إِليه، فعرَّبته العرب فقالت: مَجُوسَ ونزل القرآن به، والعرب رُبما تركت صرف مجوس إذا شُبِّه بقبيلة من القبائل، وذلك أَنه اجتمع فيه العجمة والتأْنيت؛ ومنه قوله:

كَنارِ مَجُوس تَسْتَعِرُ اسْتِعارَا

وفي الحديث: كلُّ مَوْلودٍ يُولَدُ على الفِطْرَة حتى يكون أَبواه يُمَجِّسانِهِ أَي يُعلِّمانِهِ دين المَجُوسِيَّة. وفي الحديث: القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هذه الأُمَّةِ، قيل: إِنما جَعَلهم مجوساً لِمُضاهاة مذهبِهِم مذهبَ المجوس في قولهم بالأَصْلَيْن: وهما النُّورُ والظلمة، يزعمون أَن الخير من فِعْل النُّور، وأَن الشَّر من فعل الظلمة؛ وكذا القَدَرِيّة يُضِيفُون الخيرَ إِلى اللَّه والشر إِلى الإِنسان والشيطان، واللَّه تعالى خالقُهما معاً لا يكون شيء منهما إِلا بمشيئته تعالى وتَقَدَّسَ، فهُما مضافان إِليه خَلْقاً وإِيجاداً، وإِلى الفاعِلين لهما عَمَلاً واكتساباً.
ابن سيده: ومَجُوس اسم للقبيلة؛ وأَنشد أَيضاً:

كنار مجوسَ تستعر استعارا

قال: وإِنما قالوا المجوس على إِرادة المَجُوسِيِّين، وقد تَمَجَّسَ الرجلُ وتَمَجَّسُوا: صاروا مَجُوساً. ومَجَّسُوا أَولادَهم: صَيَّرُوهُم كذلك، ومَجَّسَه غيره.

مجشن

ذكر ابن سيده في الرباع ما صورته: الماجِشُون اسم رجل؛ حكاه ثعلب. وابن الماجِشُون: الفقيه المعروفُ منه، والله أَعلم.

مجع

المَجْعُ والتمجُّعُ: أَكل التمر اليابس. ومَجَعَ يَمْجُعُ مَجْعاً وتَمَجَّعَ: أَكل التمر باللبن معاً، وقيل: هو أَن يأْكل التمر ويشرب عليه اللبن. يقال: هو لا يزال يَتَمَجَّعُ، وهو أَن يَحْسُوَ حَسْوةً من اللبن ويَلْقَمَ عليها تَمْرةً، وذلك المَجِيعُ عند العرب، وربما أُلْقِيَ التمرُ في اللبن حتى يتشربه فيؤكل التمرُ وتَبْقى المَجاعةُ. وفي حديث بعضهم: دخلت على رجل وهو يَتَمَجَّعُ من ذلك، وقيل: المَجِيعُ التمر يُعْجَنُ باللبن وهو ضرب من الطعام؛ وقال:

إِنَّ في دارِنا ثلاثَ حَبـالـى

 

فَوَدِدْنا أنْ لو وَضَعْنَ جَمِيعا:

جارَتي ثم هِرَّتي ثم شـاتـي

 

فإِذا ما وَضَعْنَ كُنّ رَبـيعـا

جارتي للخَبِيص، والهرُّ للفـأْ

 

رِ، وشاتي، إذا اشْتَهَيْنا مَجِيعا

كأَنه قال: وشاتي للمَجِيع إذا اشْتَهَيْناه. والمجاعةُ: فُضالةُ المَجِيع. ورجل مَجّاعٌ ومَجّاعةٌ ومُجّاعةٌ إذا كان يجب المَجِيعَ، وهو كثير التمجُّع.
وتماجَعَ الرجلانِ: تَماجَنا وتَرافَثا. ومَجِعَ الرجلُ، بالكسر، يَمْجَعُ مَجاعةً إذا تماجَنَ.
والمِجْعُ والمُجْعةُ والمُجَعةُ، مثال الهُمَزةِ: الرجل الأَحمق الذي إذا جلس لم يَكَدْ يَبْرَحُ مكانه،والأُنثى مِجْعةٌ. قال ابن سيده: وأرى أَنه حُكِيَ فيه المِجَعةُ. قال ابن بري: المِجْعُ الجاهِلُ، وقيل:المازِحُ.
ويقال: مَجُعَ مَجاعةً، بالضم، مِثل قَبُحَ قباحةً. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: أَنه دخل على سليمان ابن عبد الملك فَمازَحَه بكلمة فقال: إِياي وكلامَ المِجَعةِ، واحدهم مِجْعٌ مثل قِرَدةٍ وقِرْدٍ؛ قال الزمخشري: لو روي بالسكون لكان المراد إِياي وكلامَ المرأَةِ الغَزِلةِ، ويروى إِيّايَ وكلامَ المَجاعة أَي التصريح بالرَّفَثِ. يقال: في نساء بني فلان مَجاعةٌ أَي يُصَرِّحْنَ بالرَّفَثِ الذي يكنى عنه، وقوله إِياي يقول احْذَرُوني وجَنِّبُوني وتَنَحَّوا عَني. وامرأَة مَجِعةٌ: قليلةُ الحَياءِ مثال جَلِعةٍ في الوزْنِ والمعنى؛ عن يعقوب. والمَجِعةُ: المتكلمة بالفُحْشِ، والاسم المَجاعةُ، والمِجْعُ والمَجْعُ: الداعِرُ،وهو مِجْع نساء يُجالِسُهُنّ ويَتَحَدَّثُ إِليهن. ومَجّاعٌ: اسم.

مجل

مَجِلَتْ يدُه، بالكسر، ومَجَلَت تَمْجَل وتَمْجُل مَجَلاً ومَجْلاً ومُجُولاً لغتان: نَفِطَتْ من العمل فمَرَنَتْ وصَلُبت وثَخُن جلدُها وتَعَجَّر وظهر فيها ما يشبه البَثَر من العمل بالأَشياء الصُّلْبة الخشِنة؛ وفي حديث فاطمة: أَنها شكت إِلى عليّ، عليهما السلام، مَجْلَ يديْها من الطَّحْن؛ وفي حديث حذيفة: فَيظَلُّ أَثرُها مثل أَثَر المَجَل.
وأَمْجَلَها العملُ، وكذلك الحافِرُ إذا نَكَبَتْه الحجارة فرَهَصَتْه ثم بَرِئ فصلُب واشتدّ؛ وأَنشد لرؤبة:

رَهْصاً ماجِلاً

والمَجْلُ: أَثرُ العملِ في الكفِّ يعالج بها الإِنسانُ الشيء حتى يغلظ جلدُها؛ وأَنشد غيره:

قد مَجِلَتْ كَفَّاه بعدَ لِـينِ

 

وهَمَّتا بالصَّبْرِ والمُرُونِ

وفي الحديث: أَن جبريل نَقَر رأْس رجل من المستهزئين فَتَمَجَّل رأْسُهُ قيْحاً ودماً أَي امتلأَ، وقيل: المَجْل أَن يكون بين الجلد واللحم ماء.
والمَجْلةُ: قِشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من أَثر العمل، والجمع مَجْلٌ ومِجالٌ. والمَجْل: أَن يُصيب الجلدَ نارٌ أَو مشقَّة فيَتَنَفَّط ويَمْتلئ ماء. والرَّهْص الماجِلُ: الذي فيه ماء فإِذا بُزِغَ خرج منه الماء، ومن هذا قيل لِمُسْتَنْقَع الماء ماجِل؛ هكذا رواه ثعلب عن ابن الأَعرابي، بكسر الجيم غير مهموز، وأَما أَبو عبيد فإِنه روى عن أَبي عمرو المَأْجَل، بفتح الجيم وهمزة قبلها، قال: وهو مثل الجَيْئةِ، وجمعه مآجِل؛ وقال رؤبة:

وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجِلا

وفي حديث أَبي واقد: كُنَّا نَتَماقَلُ في ماجِلٍ أَو صِهْريج؛ الماجِلُ: الماء الكثير المجتمع؛ قال ابن الأَثير: قاله ابن الأَعرابي بكسر الجيم غير مهموز، وقال الأَزهري: هو بالفتح والهمز، وقيل: إِن ميمه زائدة، وهو من باب أَجل، وقيل: هو معرَّب، والتَّماقُل: التَّغاوُصُ في الماء.
وجاءت الإِبلُ كأَنها المَجْلُ من الرِّيِّ أَي ممتلئة رِواء كامتلاء المَجْل، وذلك أَعظم ما يكون من رِيِّها. والمَجْلُ: انفِتاق من العَصَبة التي في أَسفل عُرْقوب الفرس، وهو من حادث عيوب الخيل.

مجلق

التهذيب في الرباعي: أَبو تراب يقال للمِنْجَنِيق مِنْجَليق، وقد تقدم.

مجن

مَجَنَ الشيءُ يَمْجُنُ مُجُوناً إذا صَلُبَ وغَلُظَ، ومنه اشتقاقُ الماجِن لصلابة وجهه وقلة استحيائه.
والمِجَنُّ: التُّرْسُ منه، على ما ذهب إِليه سيبويه من أَن وزنه فِعَلٌّ، وقد ذكر في ترجمة جنن، وورد ذكر المجَنِّ والمِجانِّ في الحديث، وهو التُّرْسُ والتِّرَسَة، والميم زائدة لأَنه من الجُنَّةِ السُّتْرة.
التهذيب: الماجِنُ والماجِنَةُ معروفان، والمَجانَةُ أَن لا يُباليَ ما صَنَع وما قيل له؛ وفي حديث عائشة تمثَّلَتْ بشعر لبيد:

يتَحَدّثونَ مَخانةً ومَلاذةً

المَخانة: مصدر من الخيانة، والميم زائدة، قال: وذكره أَبو موسى في الجيم من المُجُون، فتكون الميم أَصلية، والله أَعلم. والماجِنُ عند العرب: الذي يرتكب المَقابح المُرْدية والفضائح المُخْزِية، ولا يَمُضُّه عَذْلُ عاذِلِه ولا تَقْريعُ من يُقَرِّعُه. والمَجْنُ: خَلْطُ الجِدِّ بالهزل.
يقال: قد مَجَنْتَ فاسْكُتْ، وكذلك المَسْنُ هو المُجُون أَيضاً، وقد مَسَنَ. والمُجون: أَن لا يبالي الإِنسانُ بما صنع. ابن سيده: الماجِنُ من الرجال الذي لا يبالي بما قال ولا ما قيل له كأَنه من غلظ الوجه والصلابة؛ قال ابن دريد: أَحسَبُه دَخِيلاً، والجمع مُجّانٌ. مَجَنَ، بالفتح، يَمْجُنُ مُجوناً ومَجَانة ومُجْناً؛ حكى الأَخيرة سيبويه، قال: وقالوا المُجْنُ كما قالوا الشُّغْلُ، وهو ماجِنٌ. قال الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول لخادم له كان يَعْذِلُه كثيراً وهو لا يَرِيعُ إِلى قوله: أَراك قد مَجَنْتَ على الكلام؛ أَراد أَنه مَرَنَ عليه لا يَعْبأُ به، ومثله مَرَدَ على الكلام. وفي التنزيل العزيز: مَرَدُوا على النفاق. الليث: المَجّانُ عطية الشيء بلا مِنَّة ولا ثمن؛ قال أَبو العباس: سمعت ابن الأَعرابي يقول المَجّان، عند العرب، الباطلُ. وقالوا: ماءٌ مَجّانٌ. قال الأَزهري: العرب تقول تمر مَجّانٌ وماء مَجّانٌ؛ يريدون أَنه كثير كافٍ، قال: واستَطْعَمني أَعرابي تمراً فأَطعمته كُتْلةً واعتذرت إِليه من قِلَّته، فقال: هذا والله مَجّانٌ أَي كثير كافٍ. وقولهم: أَخذه مَجّاناً أَي بلا بدل، وهو فَعّال لأَنه ينصرف.
ومَجَنَّةُ: على أَميال من مكة؛ قال ابن جني: يحتمل أَن يكون من مَجَنَ وأَن يكون من جَنَّ، وهو الأَسبق، وقد ذكر ذلك في ترجمة جنن أَيضاً؛ وفي حديث بلال:

وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَـنَّةٍ؟

 

وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفِيلُ؟

قال ابن الأَثير: مَجَنَّة موضع بأَسفل مكة على أَميال، وكان يُقام بها للعرب سُوق، قال: وبعضهم يكسر ميمها، والفتح أَكثر، وهي زائدة.
والمُماجِنُ من النوق: التي يَنْزُو عليها غيرُ واحدٍ من الفُحولة فلا تكاد تَلْقَح. وطريق مُمَجَّنٌ أَي ممدود.
والمِيجَنَة: المِدَقَّة، تذكر في وجن، إِن شاء الله عز وجل.

مجنق

المَنْجَنِيقُ والمِنْجَنِيقُ، بفتح الميم وكسرها، والمَنْجَنُوق:القَذَّاف، التي ترمى بها الحجارة، دخيل أَعجمي معرب، وأصلها بالفارسية:مَنْ جِي نِيكْ، أَي ما أَجْوَدَني، وهي مؤنثة؛ قال زفر بن الحرث:

لقد تركتَنْي مَنْجَنِيقُ ابنِ بَحْدَلٍ،

 

أَحِيدُ عن العُصْفور حين يطيرُ

وتقديرها مَنْفَعِيل لقولهم: كنا نُجْنَقُ مَرَّةً ونُرْشَقُ أُخرى. قال الفراء: والجمع منْجَنِيقات، وقال سيبوية: هي فَنْعَليل الميم من نفس الكلمة أَصلية لقولهم في الجمع مَجانِيق، وفي التصغير مُجَيْنِيق، ولأنها لو كانت زائدة والنون زائدة لاجتمعت زائدتان في أَول الأسم، وهذا لا يكون في الأسماء ولا الصفات التي ليست على الأفعال المزيدة، ولو جعلت النون من نفس الحرف صار الاسم رباعيّاً والزيادات لا تلحق ببنات الأربعة أَوّلاً إلا الأسماء الجارية على أَفعالها نحو مُدَحْرِج، ومنهم من قال إن الميم والنون زائدتان لقولهم جَنَقَ يَجْنِق إذا رمى. التهذيب في الرباعي: أَبو تراب مِنْجَلِيق ويقال جَنّقوا المجانيق ومَجْنقوها؛ وفي حديث الحجاج: أَنه نصب على البيت مَنْجَنِيقاً وَكَّل بها جانِقَين، فقال أَحد الجانِقين عند رميه:

خَطَّارة كالجمل الفَنِيق،

 

أَعْدَدْتُها للمسجد العَتيقِ

الجانِقُ: الذي يدير المَنْجنيق ويرمي عليها.

محا

مَحا الشيءَ يَمْحُوه ويَمْحاه مَحْواً ومَحْياً: أَذْهَبَ أَثَرَه. الأَزهري: المَحْوُ لكل شيء يذهب أَثرُه، تقول: أَنا أَمْحُوه وأَمْحاه، وطيِّء تقول مَحَيْتُه مَحْياً ومَحْواً. وامَّحى الشيءُ يَمَّحِي امِّحاءً، انْفَعَلَ، وكذلك امتَحى إذا ذهب أَثرُه، وكره بعضهم امْتَحى، والأَجود امَّحى، والأَصل فيه انْمَحى، وأَما امْتَحى فلغة رديئة. ومحَا لَوْحَه يَمْحُوه مَحْواً ويَمْحِيه مَحْياً، فهو مَمْحُوٌّ ومَمْحِيٌّ، صارت الواو ياء لكسرة ما قلبها فأُدغمت في الياء التي هي لام الفعل؛ وأَنشد الأَصمعي:

كما رأَيتَ الوَرَقَ المَمْحِيَّا

قال الجوهري: وامْتَحى لغة ضعيفة. والماحي: من أَسماء سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم، مَحا الله به الكفرَ وآثارَه، وقيل: لأَنه يَمحُو الكفرَ ويُعَفِّي آثارَه بإِذن الله.والمَحْوُ: السواد الذي في القمر كأَن ذلك كان نَيِّراً فمُحِي.والمَحْوة: المَطْرة تمحُو الجَدْبَ؛ عن ابن الأَعرابي. وأَصبحت الأَرض مَحْوةً واحدة إذا تَغَطَّى وجْهُها بالماء حتى كأَنها مُحِيَتْ. وتركتُ الأَرضَ مَحْوةً واحدة إذا طَبَّقَها المطرُ، وفي المحكم: إذا جِيدَتْ كلُّها، كانت فيها غُدْرانٌ أَو لم تكن. أَبو زيد: تَرَكْتِ السماءُ الأَرضَ مَحْوةً واحدة إذا طَبَّقَها المطرُ. ومَحوَة: الدَّبُورُ لأَنها تمحو السحابَ معرفة، فإِن قلت: إِنَّ الأَعلام أَكثر وقوعها في كلامهم إِنما هو على الأَعيان المرئِيَّاتِ، فالريح وإِن لم تكن مرئية فإِنها على كل حال جسم، أَلا ترى أَنها تُصادِمُ الأَجرام، وكلُّ ما صادَمَ الجِرْم جِرْمٌ لا مَحالة، فإِن قيل: ولم قَلَّتِ الأَعلام في المعاني وكثرت في الأَعيان نحو زيد وجعفر وجميع ما علق عليه علم وهو شخص؟ قيل: لأَن الأَعيان أَظهر للحاسة وأَبدى إِلى المشاهدة فكانت أَشبه بالعَلَمِية مما لا يُرى ولا يشاهد حسّاً، وإِنما يعلم تأَمُّلاً واستدلالاً، وليست من معلوم الضرورة للمشاهدة، وقيل: مَحْوةُ اسم للدَّبُور لأَنها تَمْحُو الأَثَرَ؛ وقال الشاعر:

سَحابات مَحَتْهُنَّ الدَّبُورُ

وقيل: هي الشَّمال. قال الأَصمعي وغيره: من أَسماء الشَّمال مَحْوةُ، غير مصروفة. قال ابن السكيت: هَبَّتْ مَحْوةُ اسمُ الشَّمال مَعْرِفة؛ وأَنشد:

قَدْ بكَرَتْ مَحْوةُ بالعَجَاجِ

 

فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجَـاجِ

وقيل: هو الجَنوب، وقال غيره: سُمِّيت الشَّمالُ مَحْوةَ لأَنها تَمْحُو السحابَ وتَذْهَبُ بها. ومَحْوة: ريح الشَّمَال لأَنها تَذْهَبُ بالسحاب، وهي معرفة لا تنصرف ولا تدخلها أَلف ولام؛ قال ابن بري: أَنكر علي بن حمزة اختصاص مَحْوَة بالشَّمال لكونها تَقْشَعُ السحابَ وتَذْهَب به، قال: وهذا موجود في الجَنوب؛ وأَنشد للأَعشى:

ثمَّ فاؤوا على الكَريهَةِ والصَّبْ

 

رِ، كما تَقْشَعُ الجَنُوبُ الجَهاما

ومَحْوٌ: اسم موضع بغير أَلف ولام. وفي المحكم: والمَحْوُ اسم بلد؛ قالت الخنساء:

لِتَجْرِ الحَوادِثُ بَعْدَ الفَتَى الْ

 

مُغَادَرِ، بالمَحْو، أَذْلالـهَـا

والأَذْلالُ: جمع ذِلّ، وهي المسالك والطُّرُق. يقال: أُمورُ الله تَجْري على أَذْلالها أَي على مجَاريها وطُرُقِها.
والمِمْحاةُ: خِرْقة يزال بها المَنيُّ ونحوه.

محت

عَرَبيٌّ مَحْتٌ بَحْتٌ أَي خالص. ويوم مَحْتٌ: شديدُ الحَرِّ، مثلُ حَمْتٍ. وليلة مَحْتةٌ، وقد مَحُتَا. والمَحْتُ: العاقل اللبيبُ؛ وقيل: المجتمعُ القلبِ الذَّكِيُّه، وجَمْعُه مُحُوتٌ، ومُحَتاء، كأَنهم توهَّمُوا فيه مَحِيتاً، كما قالوا سَمْحٌ وسُمَحَاءُ. والمَحْتُ: الشديد من كل شيء.

محث

مَحَثَ الشيءَ: كَحَثَمَه.

محج

مَحَجَ الأَديمَ يَمْحَجُه مَحْجاً: دَلَكَه لِيَمْرُنَ.
والمَحْجُ: مَسْحُ شيء عن شيء حتى ينالَ المَسْحُ جلد الشيء لِشِدَّةِ مَسْحِكَ، ونحو ذلك. والرِّيحُ تَمْحَجُ الأَرضَ مَحْجاً: تَذْهَبُ بالتراب حتى تتناوَلَ من أَرُومةِ العَجَاجِ؛ قال العَجَّاجُ:

ومَحْجُ أَرْواحٍ يُبارِينَ الصَّبـا،

 

أَغْشَيْنَ مَعرُوفَ الدِّيارِ التَّيْرَبَا

ويروى التَّوْرَبا، وكلاهما التراب.
ومَحَجَ المرأَةَ يَمْحَجُها مَحْجاً نَكَحَها، وكذلك مَخَجَها. قال ابن الأَعرابي: اختصم شَيْخانِ غَنَوِيٌّ وباهِليٌّ، فقال أَحدهما لصاحبه: الكاذِبُ مَحَجَ أُمَّه، فقال الآخر: انظروا ما قال لي: الكتذب مَحَجَ أُمَّه أَي ناكَ أُمَّه؛ فقال له الغنوي: كذب، ما قلت له هكذا، ولكني قلت: مَلَجَ أُمَّه أَي رَضَعها.
ابن الأَعرابي: المَحَّاجُ الكذَّابُ؛ وأَنشد:

ومَحَّاجٌ إذا كَثُرَ التَّجَنِّي

قال الأَزهري: فَمَحَجَ، عند ابن الأَعرابي، له معنيان: أَحدهما الجِماعُ، والآخر الكَذِبُ.
ومَحَجَ مَحْجاً: أَسرَعَ. ومَحَجَ العُودَ مَحْجاً: قشره. ومَحَجَ الدَّلْوَ مَحْجاً: خَضْخَضَها كمَخَجَها؛ عن اللحياني؛ قال:

قد صَبَّحَتْ قَلَمَّساً هَمُوما،

 

يَزِيدُها مَحْجُ الدِّلا جُمُوما

ويروى: مَخْجُ الدِّلا، وهي أَعرفُ وأَشهر.
وماحَجَه: ماطَله.
ومَحَجَ اللبنَ ومَخَجَه إذا مَخَضَه.
ابن سيده: ومِحاجٌ ومَحاجِ: اسم فَرسٍ معروفة من خيل العرب؛ قال:

اقْدُمْ مَحاجِ، إِنه يَومٌ نُـكُـرْ،

 

مِثْلي على مِثْلِكَ يَحْمِي ويَكُرْ

ومَحاجٌ: اسم موضع؛ أَنشد ثعلب:

لَعَنَ اللهُ بَطْنَ لَقْفٍ مَسِيلاً

 

ومَحاجاً، فلا أُحِبُّ مَحاجَا

قال ابن سيده: وقد يكون مَحاجٌ مَفْعَلاً كالمَقالِ والمَقامِ، فيكون من غير هذا الباب.
وقال ابن الأَثير في كتابه في هذه الترجمة: المَحَجَّةُ جادَّةُ الطريقِ، مَفْعَلَةٌ من الحَجِّ القَصْدِ، والميم زائدة، وجمعها المَحاجُّ، بتشديد الجيم. وفي حديث عليّ: ظَهَرَتْ مَعالِمُ الجَوْرِ وتُرِكَتْ مَحاجُّ السُّنَنِ، وقد ذكر ذلك في موضعه.

محح

المَحُّ: الثوبُ الخَلَقُ البالي. مَحَّ يَمِحُّ ويَمُحُّ ويَمَحُّ مُحُوحاً ومَحَحاً وأَمَحَّ يُمِحُّ إذا أَخْلَقَ؛ وكذلك الدار إذا عَفَتْ؛ وأَنشد:

أَلا يا قَتْلَ قد خَلُقَ الجَدِيدُ

 

وحُبُّكِ ما يُمِحُّ وما يَبِيدُ

وثوب ماحٌّ. وفي الحديث: فلن تأْتِيَكَ حجة إِلا دَحَضَتْ ولا كتاب زُخْرُفٌ إِلا ذهب نوره ومَحَّ لونُه؛ مَحَّ الكتابُ وأَمحَّ أَي دَرَس. وثوب مَحٌّ: خَلَقٌ. وفي حديث المُنَعَّمةِ. وثوبي مَحٌّ أَي خَلَقٌ بالٍ.
ومُحُّ كل شيءٍ: خالصه. والمُحُّ والمُحَّةُ: صُفْرة البيض، قال ابن سيده: وإِنما يريدون فَصَّ البيضة لأَن المُحَّ جوهر والصفرة عرض، ولا يعبر بالعرض عن الجوهر، اللهم إِلا أَن تكون العرب قد سمت مُحَّ البيضة صُفْرَةً، قال: وهذا ما لا أَعرفه وإِن كانت العامّة قد أُولِعَتْ بذلك؛ وأَنشد الأَزهري لعبد الله بن الزِّبَعْرى:

كانت قُرَيشٌ بَيْضَةً فتَفَلَّقَتْ

 

فالمُحُّ خالِصُها لعبدِ مَنافِ

قال ابن بري: من روى خالصة، بالتاء، فهو في الأصل مصدر كالعافية؛ ومنه قوله تعالى: إِنا أَخلصناهم بخالصة ذِكْرَى الدار، فذكرى فاعلة بخالصة، تقديره بأَن خلصت لهم ذكرى الدار، وقد قرئ بالإِضافة، وهي في القِراءَتين مصدر؛ ومن روى خالصه بالهاء فلا إِشكال فيه. وقال ابن شُمَيْل: مُحُّ البيض ما في جوفه من أَصفر وأَبيض، كلُّه مُحٌّ، قال: ومنهم من قال: المُحَّةُ الصفراء، والغِرْقئ البياضُ الذي يؤْكل. أَبو عمرو: يقال لبياض البيض الذي يؤْكل الآحُ، ولصفرتها الماحُ. والمُحاحُ: الجوعُ.
ورجل مَحَّاحٌ: كذاب يُرْضِي الناسَ بالقول دون الفعل؛ وفي التهذيب: يرضي الناسَ بكلامه ولا فعل له وهو الكذوب؛ وقيل: هو الكذاب الذي لا يصدقك أَثره يكذبك من أَين جاءَ؛ قال ابن دريد: أَحسبهم رووا هذه الكلمة عن أَبي الخطاب الأَخفش؛ ويقال: مَحَّ الكذاب يَمُحُّ مَحاحَةً.
ورجل مَحْمَحٌ ومُحامِحٌ خفيف نَذْلٌ، وقيل: ضَيِّقٌ بخيل. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَنه سمع رجلاً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ قلنا: مَحْماح أَي لم يبق شيءٌ.
الأَزهري: مَحْمَحَ الرجلُ إذا أَخلص مودته.

محر

الليث: المَحَارَةُ دابة في الصَّدَفَيْنِ، قال: ويسمى باطن الأُذن مَحارَةً، قال: وربما قالوا لها محارة بالدابة والصدفين. وروي عن الأَصمعي قال: المحارةُ الصَّدَفَةُ. قال الأَزهري: ذكر الأَصمعي وغيره هذا الحرف أَعني المحارة في باب حار يحور، فدل ذلك على أَنه مَفْعَلَةٌ وأَن الميم ليست بأَصلية، قال: وخالفهم الليث فوضع المحارة في باب محر، قال: ولا نعرف محر في شيء من كلام العرب.

محز

المَحْزُ: النكاح. مَحَزَ المرأَة مَحْزاً: نكحها؛ وأَنشد لجرير:

مَحَزَ الفَرَزْدَقُ أُمَّه من شاعر

قال الأَزهري: وقرأَت بخط شمر:

رُبَّ فتاة من بني العِنازِ

حَيَّاكَةٍ، ذاتِ هَنٍ كِنـازِ

تَقَدَيْنِ مُكْلَـئِزٍّ نـازي،

تَأَشُّ للقُبْلَةِ والمِـحـازِ

أَراد بالمحاز: النَّيْكَ والجماع. والمَاحُوزُ: ضرب من الرَّياحين ويقال له: مَرْوُ ماحُوزِي. وفي الحديث: فلم نَزَلْ مُفْطِرين حتى بلغنا ماحُوزَنا؛ قيل: هو موضعهم الذي أَرادوه، وأَهل الشام يُسَمُّونَ المكان الذي بينهم وبين العدوّ وفيه أَساميهم ومَكاتبُهم: ماحُوزاً، وقيل: هو من حُزْتُ الشيءَ أَحْرَزْتُه، وتكون الميم زائدة. قال ابن الأَثير: قال الأَزهري لو كان منه لقيل مَحازَنا ومَحُوزَنا؛ قال: وأَحسبه بلغة غير عربية.

محس

ابن الأَعرابي: الأَمْحَسُ الدَّبَّاغُ الحاذِقُ. قال الأَزهري: المَحْسُ والمَعْسُ دَلْك الجِلْدِ ودِباغُه، أُبْدِلَت العينُ حاء.

محش

مَحَشَ الرجلَ: خَدَشَه. ومَحَشَه الحَدّادُ يَمْحَشُه مَحْشاً: سَحَجَه. وقال بعضهم: مَرَّ بي حِمْلٌ فمَحَشَني مَحْشاً، وذلك إذا سَحَجَ جِلْدَه من غير أَن يسْلُخه. قال أَبو عمرو: يقولون مرت بي غِرارةٌ فَمَحَشَتْني أَي سَحَجَتْني؛ وقال الكلابي: أَقول مَرَّتْ بي غِرارةٌ فمَشَنَتْني. والمَحْشُ: تَناوُلٌ من لَهب يُحْرِق الجِلد ويُبْدي العَظْم فيُشَيّطُ أَعالِيَه ولا يُنْضِجه.
وامْتَحَش الخُبزُ: احْترَق. ومَحَشَته النارُ وامْتَحَشَتْه: أَحْرَقَتْه، وكذلك الحَرّ. وأَمْحَشَه الحَرُّ: أَحْرَقه. وخُبزٌ محاشٌ: مُحْرَقٌ، وكذلك الشِّواءُ. وسَنة مُمْحِشَةٌ ومَحُوش: مُحْرِقة بِجَدبها. وهذه سَنة أَمْحَشَت كلَّ شيء إذا كانت جَدْبةً. والمُحاشُ، بالضم: المُحْتَرِقُ. وامْتَحَش فلانٌ غَضَباً، وامْتَحَش: احْترق. وامْتَحَشَ القَمَرُ: ذهَبَ؛ حكي عن ثعلب. والمِحَاشُ، بالكسر: القومُ يجتمعون من قبائل يُحالِفُون غيرَهم من الحِلْف عند النار؛ قال النابغة:

مِّعْ مِحاشَك يا يَزِيدُ، فإِنني

 

عْدَدْتُ يَرْبوعاً لكمْ، وتَمِيما

وقيل: يعني صِرْمةَ وسهماً ومالِكاً بني مُرَّة بن عوف ابن سعد بن ذبيان بن بَغِيض وضبة بن سعد لأَنهم تحالفوا بالنار، فسُمُّوا المِحاشَ. ابن الأَعرابي في قوله جمِّع مِحاشَك: سَبَّ قبائلَ فصَيَّرهم كالشيء الذي أَحرقته النار. يقال: مَحَشَتْه النارُ وأَمْحَشَتْه أَي أَحْرَقته. وقال أَعرابي: من حَرٍّ كادَ أَن يَمْحَشَ عِمامِتي. قال: وكانوا يُوقِدُون ناراً لدى الحِلْف ليكون أَوْكَدَ. ويقال: ما أَعطاني إِلاَّ مَحْشِيَّ خِناقٍ قَمِل وإِلا مِحْشاً خناقٌ قَمِلٌ، فأَما المَحْشِيّ فهو ثوب يُلْبش تحت الثياب ويحتشى به، وأَما مِحْشاً فهو الذي يَمْحَش البدنَ بكثرة وسَخِه وإِخْلاقِه. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه قال: يخرج نَاسٌ من النار قد امْتَحَشُوا وصاروا حُمَماً؛ معْناه قد احترقوا وصاروا فَحْماً. والمَحْشُ: احتراقُ الجلد وظهورُ العظم، ويروى: امْتُحِشُوا على ما لم يسمّ فاعله. والمَحْشُ: إِحْراقُ النار الجِلدَ. ومَحشْتُ جلدَه أَي أَحْرَقْته، وفيه لغة أُخرى أَمْحَشْتُه بالنار؛ عن ابن السكيت.
والامْتِحاشُ: الاحتراقُ. وفي حديث ابن عباس: أَتوَضَّأُ من طعامٍ أَجِدُهحَلالاً لأَنه مَحَشَتْه النارُ، قاله مُنْكِراً على مَنْ يُوجِبِ الوُضوءَ مما مَسّتْه النار.
ومِحاشُ الرجلِ: الذين يجتمعون إِليه من قومه وغيرهم. والمَحاشُ، بفتح الميم: المتاعُ والأَثاث. والمِحاشُ: بطنان من بني عُذْرة مَحَشُوا بعيراً على النار اشْتَوَوْه واجتمعوا عليه فأَكلوه.

محص

مَحَصَ الظبيُ في عَدْوِه يَمْحَصُ مَحْصاً: أَسْرَعَ وعَدا عَدْواً شديداً؛ قال أَبو ذؤيب:

وعاديّة تُلْقي الثِّيابَ كَـأَنَّـهـا

 

تُيوسُ ظِباءٍ، مَحْصُها وانتِبارُها

وكذلك امْتَحَصَ؛ قال:

وهُنَّ يَمْحَصْن امْتِحاصَ الأَظْبِ

جاء بالمصدر على غير الفعل لأَن مَحَصَ وامْتَحَصَ واحد. ومَحَصَ في الأَرض مَحْصاً: ذهب. ومحَصَ بها مَحْصاً: ضَرطَ. والمَحْصُ: شدة الخلق.
والمَمْحُوصُ والمَحْص والمَحِيصُ والمُمَحَّصُ: الشديدُ الخلق، وقيل: هو الشديد من الإِبل. وفرس مَحْصٌ بيَّن المَحْصِ: قليلُ لحمِ القوائم؛ قال الشماخ يصف حمارَ وحش:

مَحْصُ الشَّوى، شَنِجُ النَّسا، خاظِي المَطا،

 

سَحْلٌ يُرَجِّع خَلفَـهـا الـتَّـنْـهـاقـا

ويستحب من الفرس أَن تُمْحَصَ قوائمُه أَي تخلُصَ من الرَّهَل، يقال منه: فرس مَمْحُوصُ القوائمِ إذا خَلَصَ من الرَّهَل. وقال أَبو عبيدة: في صفات الخيل المُمَحَّصُ والمَحْصُ، فأَما المُمَحَّصُ فالشديد الخلق، والأُنثى مُمَحَّصةٌ؛ وأَنشد:

ممَحَّصُ الخَلْق وَأىً فُرافِصَه

 

كلٌّ شَدِيدٌ أَسْرهُ مُصامِصَـهْ

قال: والمُمَحَّصُ والفُرافِصةُ سواءٌ. قال: والمَحْصُ بمنزلة المَمَحَّصِ، والجمع مِحاصٌ ومِحاصاتٌ؛ وأَنشد:

مَحْص الشَّوى مَعْصوبة قَوائِمُه

قال: ومعنى مَحْص الشَّوى قليل اللحم إذا قلت مَحَص كذا وأَنشد:

مَحْصُ المُعَذَّرِ أَسْرَفت حَجَباتُه،

 

يَنْضُو السوابِقَ زاهِـقٌ قَـرِدُ

وقال غيره: المَمْحُوص السنانِ المجْلوُّ؛ وقال أُسامة الهذلي:

أَشْفَوْا بمَمْحوصِ القِطاعِ فُؤادَه

والقِطاعُ: النِّصالُ، يصف عَيْراً رُمِي بالنِّصال حتى رق فؤادُه من الفزع.
وحبل مَحِصٌ ومَحِيصٌ: أَمْلَس أَجْرَدُ ليس له زِئْبِرٌ. ومَحِصَ الحبلُ يَمْحَصُ مَحَصاً إذا ذهب وبرُه حتى يَمّلِص. وحبل مَحِصٌ ومَلِصٌ بمعنى واحد. ويقال للزمام الجيِّد الفَتْل: مَحِصٌ ومَحْصٌ في الشِّعْر؛ وأَنشد:

ومَحْص كساق السَّوْذَقانِيّ نازَعَتْ

 

بِكَفِّيَ جَشَّاء البُـغـامِ خَـفُـوق

أَراد مَحِص فخفّفه وهو الزمام الشديد الفتل. قال: والخفوق التي يَخْفِق مِشْفراها إذا عَدَت. والمَحِيصُ: الشديد الفَتْل؛ قال امرؤ القيس يصف حماراً:

وأَصْدَرَها بادِي النَّواجِذ قارِحٌ،

 

أَقَبُّ ككَرِّ الأَنْدَرِيِّ مَحِـيصُ

وأَورد ابن بري هذا البيت مستشهداً به على المَحِيص المفتول الجسم.
أَبو منصور: مَحّصْت العَقَبَ من الشحم إذا نَقَّيْتَه منه لتَفْتلَه وَتَراً. ومَحَصَ به الأَرضَ مَحْصاً: ضَرَبَ. والمَحْصُ: خُلُوصُ الشيء.
ومَحَصَ الشيءَ يَمْحَصُه مَحْصاً ومَحَّصَه: خَلَّصَه، زاد الأَزهري: من كل عيب؛ وقال رؤبة يصف فرساً:

شدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحوصُ الشَّوى

 

كالكَرِّ، لا شَخْتٌ ولا فـيه لَـوى

أَراد باللَّوى العِوَجَ. وفي التنزيل: وليُمَحِّصَ ما في قُلوبِكم، وفيه: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا؛ أَي يُخَلِّصهم، وقال الفراء: يعني يُمحِّص الذنوبَ عن الذين آمنوا، قال الأَزهري: لم يزد الفراء على هذا، وقال أَبو إِسحق: جعل اللّه الأَيامَ دُوَلاً بين الناس لِيُمَحِّصَ المؤمنين بما يقع عليهم من قَتْلٍ أَو أَلَمٍ أَو ذهاب مال، قال: ويَمْحَق الكافرين؛ أَي يَسْتأْصِلُهم. والمَحْصُ في اللغة: التَّخْليصُ والتنقية. وفي حديث الكسوف: فَرَغَ من الصلاة وقد أَمْحَصَت الشمسُ أَي ظهرت من الكسوف وانجلَت، ويروى: امّحصَت، على المطاوعة وهو قليل في الرباعي، وأَصل المَحْص التخليصُ. ومَحَصْت الذهَبَ بالنار إذا خَلَّصْته مما يَشُوبه. وفي حديث عليّ: وذَكَرَ فتْنةً فقال: يُمْحَصُ الناسُ فيها كما يُمْحَصُ ذهبُ المعدن أَي يُخَلَّصون بعضُهم من بعض كما يُخَلَّص ذهبُ المعدن من التراب، وقيل: يُخْتَبرُون كما يُخْتَبر الذهب لتُعْرَفَ جَوْدته من رَداءتِه.
والمُمَحَّصُ: الذي مُحِّصَت عنه ذنوبُه؛ عن كراع، قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك إِنما المَمَحَّصُ الذَّنْبُ. وتمحِيصُ الذنوب: تطهيرُها أَيضاً. وتأْويل قول الناس مَحِّصْ عنا ذنوبَنا أَي أَذْهِب ما تعلق بنا من الذنوب. قال فمعنى قوله: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يخَلِّصهم من الذنوب. وقال ابن عرفة: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يَبْتَليهم، قال: ومعنى التَّمْحِيص النَّقْص. يقال: مَحَّصَ اللّه عنك ذنوبَك أَي نقصها فسمى اللّه ما أَصابَ المسلمين من بَلاءٍ تَمْحِيصاً لأَنه يَنْقُص به ذنوبَهم، وسَمّاه اللّه من الكافرين محْقاً.
والأَمْحَصُ: الذي يقْبَل اعتذارَ الصادق والكاذب.
ومُحِصَت عن الرجل يدُه أَو غيرُها إذا كان بها ورَمٌ فأَخَذ في النقصان والذهاب؛ قال ابن سيده: هذه عن أَبي زيد وإِنما المعروف من هذا حَمَصَ الجرْحُ.
والتَّمْحِيص: الاختبار والابتلاء؛ وأَنشد ابن بري:

بَيت فُضَيْلاً كان شيئاً مُلَفَّقـاً،

 

فكشَّفَه التَّمْحِيصُ حتى بَدا لِيَا

ومَحَص اللّهُ ما بِك ومَحَّصَه: أَذْهَبَه. الجوهري: مَحَصَ المذبوحُ برِجْلِه مثل دَحَص.

محض

المَحْضُ: اللبنُ الخالِصُ بلا رَغْوة. ولَبنٌ محْضٌ: خالِصٌ لم يُخالِطْه ماء، حُلْواً كان أَو حامضاً، ولا يسمى اللبنُ مَحْضاً إِلا إذا كان كذلك. ورجل ماحِضٌ أَي ذُو مَحْضٍ كقولك تامِرٌ ولابِنٌ. ومَحَضَ الرجلَ وأَمْحَضَه. سَقاه لبناً مَحْضاً لا ماء فيه. وامْتَحَضَ هو: شَرِبَ المَحْضَ، وقد امْتَحَضَه شارِبُه؛ ومنه قول الشاعر:

امْتَحِضا وسَقِّياني ضَيْحَا،

 

فقد كَفَيْتُ صاحِبَيَّ المَيْحا

ورجل مَحِضٌ وماحِضٌ: يشتهي المحْضَ، كلاهما على النسب. وفي حديث عمر: لما طُعِنَ شَرِبَ لبناً فخرج مَحْضاً أَي خالِصاً على جِهته لم يختلط بشيء. وفي الحديث: بارِكْ لهم في مَحْضِها ومَخْضِها أَي الخالِص والمَمْخُوض. وفي حديث الزكاة: فاعْمِدْ إِلى شاةٍ مُمْتلِئةٍ شحْماً ومَحْضاً أَي سَمِينةٍ كثيرة اللبن، وقد تكرر في الحديث بمعنى اللبن مطلقاً. والمَحْضُ من كل شيء: الخالِصُ. الأَزهري: كلُّ شيء خَلَصَ حتى لا يشُوبه شيء يُخالِطُه، فهو مَحضٌ. وفي حديث الوَسْوَسَةِ: ذلك مَحْضُ الإِيمانِ أَي خالِصُه وصَرِيحُه، وقد قدمنا شرح هذا الحديث وأَتينا بمعناه في ترجمة صرح.
ورجل مَمْحُوضُ الضَّرِيبةِ أَي مُخَلَّصٌ. قال الأَزهري: كلام العرب رجل ممْحُوصُ الضَّرِيبة، بالصاد، إذا كان مُنَقَّحاً مُهَذَّباً. وعربي مَحْضٌ: خالِصُ النسب. ورجل مَمْحوضُ الحسَب: مَحْضٌ خالِصٌ. ورجل محضُ الحسب: خالِصُه، والجمع مِحاضٌ؛ قال:

تَجِدْ قوْماً ذَوِي حسَبٍ وحـالٍ

 

كِراماً، حيْثُما حُسِبُوا، مِحاضا

والأُنثى بالهاء؛ وفضة مَحْضةٌ ومَحْضٌ وممحوضةٌ كذلك؛ قال سيبويه: فإِذا قلت هذه الفضةُ مَحْضاً قلته بالنصب اعتماداً على المصدر. ابن سيده: وقالوا هذا عربي مَحْضٌ ومَحْضاً، الرفع على الصفة، والنصب على المصدر، والصِّفة أَكثر لأَنه من اسم ما قبله. الأَزهري: وقال غير واحد هو عربي مَحْض وامرأَة عربية مَحْضَةٌ ومَحْضٌ وبَحْتٌ وبَحْتَةٌ وقَلْبٌ وقَلْبةٌ، الذكر والأُنثى والجمع سواء، وإِن شئت ثَنَّيْتَ وجمَعْتَ. وقد مَحُضَ، بالضم، مُحُوضةً أَي صار مَحْضاً في حسَبه.
وأَمْحَضَه الودَّ وأَمْحَضَه له: أَخْلَصَه. وأَمْحَضَه الحديث والنصِيحةَ إِمْحاضاً: صدَقَه، وهو من الإِخْلاص؛ قال الشاعر:

قل للغَواني: أَما فِيكُنَّ فـاتِـكَةٌ،

 

تَعْلُو اللَّئِيمَ بِضَرْبٍ فيه إِمْحاضُ؟

وكل شيء أَمْحَضْتَه فقد أَخْلَصْتَه. وأَمْحَضْتُ له النُّصْحَ إذا أَخلصتَه. وقيل: مَحَضْتُك نُصْحِي، بغير أَلف، ومَحَضْتُكَ مودَّتي.
الجوهري: ومَحضْتُه الودَّ وأَمْحَضْتُه؛ قال اين بري في قوله محضته الود وأَمحضته: لم يعرف الأَصمعي أَمْحَضْتُه الود، قال: وعَرفه أَبو زيد.
والأُمْحُوضةُ: النَّصيحة الخالصة.

محط

المَحْطُ: شبيه بالمَخْطِ، مَحَطَ الوَتَرَ والعَقَب يَمْحَطُه مَحْطاً: أَمَرَّ عليه الأَصابع ليُصْلِحه. وامْتَحَطَ سيفَه: سَلَّه.
وامْتَحَطَ الرُّمح: انتزَعَه. الأَزهري: المَحْطُ كما يَمْحَطُ البازِي ريشَه أَي يُذهبه. يقال: امْتَحَطَ البازِي. ويقال: مَحَّطْتُ الوتَر، وهو أَن تُمِرّ عليه الأَصابع لتُصْلِحه، وكذلك تَمْحِيطُ العَقَب تخليصه. وقال النضر: المُماحَطةُ شدة سِنانِ الجملِ الناقةَ إذا استناخها ليَضْربها، يقال: سانَّها وماحَطَها مِحاطاً شديداً حتى ضرب بها الأَرض.

محق

المَحْق: النقصان وذهاب البركة. وشيء ماحِقٌ: ذاهب. وقد مَحَق وامَّحَق وامْتَحَقَ ومَحَقهُ وأَمْحقه: لغة وأَباها الأَصمعي. قال الأزهري: تقول مَحَقهُ الله فامَّحَقَ وامْتَحَقَ أَي ذهب خيره وبركته؛ وأَنشد لرؤبة:

بِلالُ، يا ابن الأَنْجُمِ الأَطْلاقِ،

 

لسْنَ بنَحْساتٍ ولا أَمْحـاقِ

قال أَبو زيد: مَحقَه الله وأَمْحقه، وأَبي الأصمعي إلاَّ مَحَقه.
وتَمَحَّقَ الشيء وامتَحَقَ. وشيءٌ مَحِيق: ممحوق؛ قال المفضل التكري يصف رُمْحاً عليه سنان من حديد أَو قرن:

يُقَلِّبُ صَعْدَةً جَرداءَ فيهـا

 

نَقِيعُ السَّمِّ، أَو قَرْنٌ مَحِيقُ

ونصل مَحِيق أَي مُرَقَّق محدَّد، وهو فعِيل من مَحَقَه. وقرن مَحِيق إذا دُلك فذهب حدّه ومَلُس، ومن المَحْق الخفي أَن تلد الإبل الذكور ولا تلد الإناث لأَن فيه انقطاع النسل وذهاب اللبن، ومن المَحْق الخفيّ النخل المُتقارَب. ابن سيده: المَحْق النخل المُقَارَب بينه في الغرس؛ وكل شيءٍ أبطلته حتى لا يبقى منه شيء، فقد مَحَقْتهُ. وقد امَّحق أَي بطل، مَحَقه يَمْحَقه مَحقْاً أي أبطله ومحاه. قال الله تعالى: يَمْحَقَ الله الرِّبا ويُرْبي الصدقات، أي يستأْصل الله الربا فيُذْهب رَيعْه وبركته. ابن الأَعرابي: المَحْق أَن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه شيء. الجوهري: مَحَقهُ الله أَي أَذهب بركته، وأَمْحَقه لغة فيه رديئة. وفي حديث البيع:الحَلِفُ مَنْفَقَة للسلْعة مَمْحَقَة للبركة. وفي حديث آخر: فإنه يَنْفَقُ ثم يَمْحَقُ؛ المَحْقُ: النقص والمحو والإبطال، وقد مَحَقهُ يَمْحَقهُ، ومَمْحَقَةٌ مَفْعلة منه أَي مَظنة له ومحراة به. ومنه الحديث: ما مَحَقَ الإسلام شيء ما مَحَقَ الشُّحُّ، وقد تكرر في الحديث.
ابن سيده: المِحَاق والمُحاقُ آخر الشهر إذا امَّحق الهلال فلم يُرَ؛ قال:

أتَوْني بها قبل المُحاق بليلةٍ،

 

فكان مُحاقاً كله ذلك الشَّهْرُ

وأَنشد الأزهري:

يَزْدَادُ، حتى إذا ما تَمَّ أَعْقَبَه

 

كَرُّ الجَدِيدَيْنِ منه، ثم يَمَّحِقُ

وقال ابن الأعرابي: سُمَّي المُحاق مُحاقاً لأَنه طلع مع الشمس فَمَحَقَتْه فلم يرهُ أَحد، قال: والمُحاقُ أَيضاً أَن يسْتسرّ القمر ليلتين فلا يُرى غُدْوة ولا عشية، ويقال لثلاث ليالٍ من الشهر ثلاثٌ مُحاق.وامْتِحاق القمر: احتراقه وهو أَن يطلع قبل طلوع الشمس فلا يُرَى، يفعل ذلك ليلتين من آخر الشهر. الأزهري: اختلف أَهل العربية في الليالي المِحاقِ، فمنهم من جعلها الثلاث التي هي آخر الشهر وفيها السِّرارُ، وإلى هذا ذهب أَبو عبيد وابن الأَعرابي، ومنهم من جعلها ليلة خمسٍ وستٍّ وسبعٍ وعشرين لأن القمر يطلع، وهذا قول الأَصمعي وابن شميل، وإليه ذهب أَبو الهيثم والمبرد والرياشي؛ قال الأزهري: وهو أَصح القولين عندي، قال: ويقال مُحَاق القمر ومِحَاقه ومَحاقه. ومَحَّق فلان بفلان تَمْحِيقاً: وذلك أَن العرب في الجاهلية إذا كان يومُ المِحَاقِ من الشهر بَدَرَ الرجل إلى ماءِ الرجل إذا غاب عنه فينزل عليه ويسقي به مالَه، فلا يزال قَيِّمَ الماء ذلك الشهر ورَبَّه حتى ينسلخ، فإذا انسلخ كان رَبّه الأَول أَحق به، وكانت العرب تدعو ذلك المَحِيق. أَبو عمرو: الإمْحَاق أَن يهلك المال أَول الشيء كمِحاق الهلال. ومُحِقَ الرجل وامَّحق: قارب الموت، من ذلك؛ قال سَبْرة بن عمرو الأسدي يهجو خالد بن قيس:

أَبوك الذي يَكوْي أُنوف عُنُوقِهِ

 

بأَظفاره، حتى أَنَسَّ وأَمْحَقَـا

أَنَسَّ الشيءُ: بلغ غاية الجهد، وهو نسيسه أَي بقية نفسه. وماحِقُ الصَّيْف: شدته. ومحَقَهُ الحرُّ أَي أَحرقه. ويقال: جاءَ في ماحِقِ الصيف أَي في شدة حَرِّة. ويوم ماحِقٌ بيِّن المَحْق: شديد الحر أَي أَنه يَمْحَق كل شيء ويحرقه؛ قال ساعدة الهذلي يصف الحمر:

ظَلَّتْ صَوَافِنَ بـالأَرْزان صـاديةً،

 

في ماحِقٍ، من نهار الصَّيْف، مُحْتَدمِ

محك

المَحْكُ: المُشارَّة والمُنازعة في الكلام. والمَحْكُ: التمادي في اللَّجاجَة عند المُساوَمة والغَضب ونحو ذلك. والمُماحَكَة: المُلاجَّة، وقد مَحَكَ يَمْحَكُ ومَحِكَ مَحْكاً ومَحَكاً، فهو ماحِك ومَحِك وأَمْحَكَه غيرهُ؛ وقول غَيْلانَ:

كل أَغَرَّ مَحِكٍ وغَرَّا

إنما أراد الذي يَلِجُّ في عَدْوِه وسيره. وتَماحك البَيِّعان والخَصْمان: تَلاجَّا؛ قال الفرزذق:

يا ابنَ المَراغَةِ والهِجاء إذا التَقَتْ

 

أعناقُه، وتَماحَك الخَصْـمـانِ

ورجل مَحِكٌ ومُماحِك ومَحْكانُ إذا كان لَجُوجاً عَسِر الخُلق. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: لا تَضِيق به الأُمورُ ولا تُمْحِكُه الخُصومُ؛ المَحْكُ: اللَّجاج، وفي النوادر: رجل مُمْتحِكٌ ورجل مُسْتَلْحِك ومُتَلاحِك في الغضب، وقد أَمْحَكَ وأَلْكَدَ، يكون ذلك في الغضب وفي البخل. وابن مَحْكان التَّيْمِيّ السَّعْدِى: من شعرائهم.

محل

المَحْلُ: الشدّة. والمَحْلُ: الجوع الشديد وإِن لم يكن جَدْب.
والمَحْل: نقيض الخِصْب، جمعه مُحول وأَمْحال. الأَزهري: المُحولُ والقُحوطُ احتباس المطر. وأَرض مَحْلٌ وقَحْطٌ: لم يصبها المطر في حينه. الجوهري: المَحْل الجدبُ وهو انقطاع المطر ويُبْسُ الأَرض من الكَلإِ. غيره قال: وربما جمع المَحْل أَمْحالاً؛ وأَنشد:

لا يَبْرَمُون، إذا ما الأُفْقُ جلَّلـه

 

صِرُّ الشتاء من الأَمْحال كالأَدَمِ

ابن السكيت: أَمْحَلَ البلدُ، هو ماحِل، ولم يقولوا مُمْحِل، قال: وربما جاء في الشعر؛ قال حسان بن ثابت:

إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَـيَّر لَـوْنُـه

 

شَمَطاً، فأَصْبَحَ كالثَّغامِ المُمْحِلِ

فَلَقَدْ يَراني المُوعِدي، وكأَنَّـنـي

 

في قَصْرِ دُومَةَ أَو سواء الهَيْكَلِ

ابن سيدَه: أرض مَحْلة ومَحْلٌ ومَحُول، وفي التهذيب: ومَحُولة أَيضاً، بالهاء، لا مَرْعَى بها ولا كَلأَ؛ قال ابن سيده: وأَرى أَبا حنيفة قد حكى أَرض مُحُولٌ، بضم الميم، وأَرَضُون مَحْل ومَحْلة ومُحُولٌ وأَرض مُمْحِلة ومُمْحِل؛ الأَخيرة على النسب؛ الأَزهري: وأَرض مِمْحال؛ قال الأَخطل:

وبَيْداء مِمْحالٍ كأَنّ نَعـامَـهـا

 

بأَرْحائها القُصْوَى، أَباعِرُ هُمَّلُ

وفي الحديث: أَمَا مَرَرتَ بِوادي أَهلِك مَحْلاً أَي جَدْباً؛ والمَحْل في الأَصْل: انقطاع المطر. وأَمْحَلَت الأَرْضُ والقومُ وأَمْحَل البلدُ، فهو ماحِل على غير قياس، ورجل مَحْل: لا يُنْتفع به. وأَمْحَل المطرُ أَي احتبس، وأَمْحَلْنا نحن، وإِذا احتبس القَطْر حتى يمضِيَ زمانُ الوَسْمِيِّ كانت الأَرض مَحُولاً حتى يصيبها المطرُ. ويقال: قد أَمْحَلْنا منذ ثلاث سنين؛ قال ابن سيده: وقد حكي مَحُلَت الأَرض ومَحَلَت. وأَمْحَل القومُ: أَجْدبوا، وأَمْحَلَ الزمانُ، وزمان ماحِلٌ؛ قال الشاعر:

والقائل القَوْل الذي مِثْلُـه

 

يُمْرِعُ منه الزَّمَنُ الماحِلُ

الجوهري: بلد ماحِلٌ وزمان ماحِلٌ وأَرض مَحْل وأَرض مُحُول، كما قالوا بلد سَبْسَب وبلد سَباسِب وأَرض جَدْبَة وأَرض جُدوب، يريدون بالواحد الجمع، وقد أَمْحَلَت. والمَحْل: الغُبار؛ عن كراع. والمُتماحِل من الرجال: الطويلُ المضطرب الخلْق؛ قال أَبو ذؤيب:

وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ شَفَيْنا أُحاحَه

 

غَدَاتَئِذٍ، ذِي جَرْدَةٍ مُتماحِل

قال الجوهري: هو من صفة أَشْعَث، والبَوْشِيُّ: الكثير البَوْشِ والعِيال، وأُحاحُه: ما يجده في صَدْره من غَمَر وغَيْظٍ أَي شفَينا ما يجده من غَمَر العِيال؛ ومنه قول الآخر:

يَطْوِي الحَيازيمَ على أُحاحِ

والجَرْدةُ: بُرْدة خلَق. والمُتماحِلُ: الطويل. وفي حديث علي: إِنّ من وَرائكم أُموراً مُتماحِلة أَي فِتَناً طويلة المدة تطولُ أَيامها ويعظم خَطَرُها ويَشتدّ كَلَبُها، وقيل: يطول أَمرها. وسَبْسَب مُتماحل أَي بعيد ما بين الطرَفين. وفَلاة مُتماحلة: بعيدة الأَطراف؛ وأَنشد ابن بري لأَبي وجزة:

كأَنّ حريقاً ثاقِباً فـي إِبـاءةٍ

 

هَدِيرُهُما بالسَّبْسَب المُتماحل

وقال آخر:

بَعِيدٌ من الحادي، إذا ما تَـدَفَّـعَـتْ

 

بناتُ الصُّوَى في السَّبْسَب المُتماحِل

وقال مزرّد:

هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ

وناقة مُتماحِلة: طويلة مُضطَربة الخلْق أَيضاً. وبعير مُتماحِل: طويل بعيد ما بين الطرفين مُسانِدُ الخلْق مُرْتَفِعهُ. والمَحْلُ: البُعد.
ومكان مُتَماحِل: مُتباعد؛ أَنشد ثعلب:

من المُسْبَطِرَّاتِ الجِيادِ طِـمِـرَّةٌ

 

لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ

أَي هَواها أَن تجد مُتَّسعاً بعيد ما بين الطرَفين تغدو به.
وتَماحَلَتْ بهم الدارُ: تباعدت؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وأُعْرِض، إِنِّي عن هواكنّ مُعْرِض

 

تَماحَل غِـيطـانٌ بـكُـنَّ وبِـيدُ

دعا عليهنّ حين سلا عنهن بكبر أَو شغل أَو تباعد. ومَحَلَ لفلان حقه: تكلَّفه له.
والمُمَحَّل من اللبن: الذي قد أَخذ طعماً من الحموضة، وقيل: هو الذي حُقِن ثم لم يترك يأْخذ الطعم حتى شرب؛ وأَنشد:  

ما ذُقْتُ ثُفْلاً، مُنْذُ عامٍ أَوّلِ

 

إِلاَّ من القارِصِ والمُمَحَّلِ

قال ابن بري: الرجز لأَبي النجم يصف راعياً جَلْداً، وصوابه: ما ذاقَ ثُفْلاً؛ وقبله:

صُلْب العَصا جافٍ عن التَّغَزُّلِ

 

يحلِف بالله سِوى التَّـحَـلُّـلِ

والثُّفْل: طعام أَهل القُرى من التمر والزبيب ونحوهما. الأَصمعي: إذا حُقِن اللبن في السِّقاء وذهبت عنه حَلاوة الحَلَب ولم يتغير طعمُه فهو سامِطٌ، فإِن أَخذ شيئاً من الريح فهو خامِطٌ، فإِن أَخذ شيئاً من طعم فهو المُمَحَّل.
ويقال: مع فلان مَمْحَلة أَي شَكْوة يُمَحِّل فيها اللبن، وهو المُمَحَّل ويديرها الجوهري: والمُمَحَّل، بفتح الحاء مشددة، اللبن الذي ذهبت منه حلاوة الحَلَب وتغيَّر طعمُه قليلاً.
وتَمَحَّل الدراهمَ: انْتَقَدَها.
والمِحالُ: الكَيْد ورَوْمُ الأَمرِ بالحِيَل. ومَحَل به يَمْحَل مَحْلاً: كاده بسِعاية إِلى السلطان. قال ابن الأَنباري: سمعت أَحمد بن يحيى يقول: المِحال مأْخوذ من قول العرب مَحَل فلان بفلان أَي سَعَى به إِلى السلطان وعَرَّضه لأَمر يُهْلِكه، فهو ماحِل ومَحُول، والماحِلُ: الساعي؛ يقال: مَحَلْت بفلان أَمْحَل إذا سعيت به إِلى ذي سلطان حتى تُوقِعه في وَرْطة ووَشَيْتَ به. الأَزهري: وأَما قول الناس تمَحَّلْت مالاً بغريمي فإِن بعض الناس ظن أَنه بمعنى احْتَلْتُ وقدَّر أَنه من المحالة، بفتح الميم، وهي مَفْعلة من الحيلة، ثم وُجِّهت الميم فيها وِجْهة الميم الأَصلية فقيل تمَحَّلْت، كما قالوا مَكان وأَصله من الكَوْن، ثم قالوا تمكَّنت من فلان ومَكَّنْت فلاناً من كذا وكذا، قال: وليس التمَحّل عندي ما ذهب إِليه في شيء، ولكنه من المَحْل وهو السعي، كأَنه يسعى في طلبه ويتصرف فيه. والمَحْل: السِّعايةُ من ناصح وغير ناصح. والمَحْل: المَكْر والكيد. والمِحال: المكر بالحقِّ. وفلان يُماحِلُ عن الإِسلام أَي يُماكِر ويُدافِع. والمِحالُ: الغضب. والمِحالُ: التدبير.
والمُماحَلة: المُماكَرة والمُكايَدة؛ ومنه قوله تعالى: شدِيد المِحال؛ وقال عبد المطلب بن هاشم:

لا يَغْلِبَنَّ صَـلِـيبُـهُـم

 

ومِحالُهم، عَدْواً، مِحالَك

أَي كيدَك وقوّتك؛ وقال الأَعشى:

فَرْع نَبْعٍ يَهْتزُّ في غُصُنِ المَجْ

 

دِ، غزِير النَّدَى، شديد المِحال

أَي شديد المكر؛ وقال ذو الرمة:

ولبّسَ بين أَقوامٍ، فـكُـل

 

أَعَدَّ له الشَّغازِبَ والمِحالا

وفي حديث الشفاعة: إِن إِبراهيم يقول لسْتُ هُناكُم أَنا الذي كَذَبْتُ ثلاثَ كَذَباتٍ؛ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: واللهِ ما فيها كَذْبة إِلا وهو يُماحِلُ بها عن الإِسلام أَي يُدافِع ويُجادِل، من المِحال، بالكسر، وهو الكيد، وقيل: المكر، وقيل: القوة والشدَّة، وميمه أَصلية.
ورجل مَحِل أَي ذو كَيْد. وتمَحَّلَ أَي احتال، فهو مُتَمَحِّلٌ. يقال: تَمَحَّلْ لي خيراً أَي اطلُبْه.
الأَزهري: والمِحالُ مُماحَلة الإِنسان، وهي مُناكَرتُه إِياه، يُنْكر الذي قاله. ومَحَلَ فلانٌ بصاحبه ومَحِل به إذا بَهَتَه وقال: إِنه قال شيئاً لم يَقُلْه.
وماحَلَه مُماحَلةً ومِحالاً: قاواه حتى يتبين أَيَّهما أَشدّ. والمَحْل في اللغة: الشدة، وقوله تعالى: وهو شديد المِحالِ؛ قيل: معناه شديد القدرة والعذاب، وقيل: شديد القوّة والعذاب؛ قال ثعلب: أَصل أَن يسعى بالرجل ثم ينتقل إِلى الهَلَكة. وفي الحديث عن ابن مسعود: إِن هذا القرآن شافِعٌ مُشَفَّع وماحِلٌ مُصدَّق؛ قال أَبو عبيد: جعله يَمْحَل بصاحبه إذا لم يتَّبع ما فيه أَو إذا هو ضيَّعه؛ قال ابن الأَثير: أَي خَصْم مُجادل مُصدَّق، وقيل: ساعٍ مُصدَّق، من قولهم مَحَل بفلان إذا سعى به إِلى السلطان، يعني أَن من اتَّبعه وعَمِل بما فيه فإِنه شافع له مقبول الشفاعة ومُصدَّق عليه فيما يَرْفع من مَساوِيه إذا تَرك العملَ به. وفي حديث الدعاء: لا يُنْقَض عهدُهم عن شِيَةِ ماحِلٍ أَي عن وَشْي واشٍ وسِعاية ساعٍ، ويروى: سنَّة ماحل، بالنون والسين المهملة. وقال ابن الأَعرابي: مَحَل به كادَه، ولم يُعَيِّن أَعِنْد السلطان كاده أَم عند غيره؛ وأَنشد:  

مَصادُ بنَ كعب، والخطوبُ كثيرة

 

أَلم تَرَ أَن الله يَمْحَل بـالأَلْـف؟

وفي الدعاء: ولا تجْعَلْه ماحِلاً مُصدَّقاً. والمِحالُ من الله: العِقابُ؛ وبه فسر بعضهم قوله تعالى: وهو شديد المِحال؛ وهو من الناس العَداوةُ. وماحَله مُماحَلة ومِحالاً: عاداه؛ وروى الأَزهري عن سفيان الثوري في قوله تعالى: وهو شديدُ المِحال؛ قال: شديد الانتِقام، وروي عن قتادة: شديد الحِيلة، وروي عن ابن جُريج: أَي شديد الحَوْل، قال: وقال أَبو عبيد أَراه أَراد المَحال، بفتح الميم، كأَنه قرأَه كذلك ولذلك فسره الحَوْلَ، قال: والمِحال الكيد والمكر؛ قال عدي:

مَحَلُوا مَحْلَهم بصَرْعَتِنا العـا

 

م، فقد أَوْقَعُوا الرَّحى بالثُّفال

قال: مكَروا وسَعَوْا. والمِحال، بكسر الميم: المُماكَرة؛ وقال القتيبي: شديد المِحال أَي شديد الكيد والمكر، قال: وأَصلُ المِحال الحِيلةُ؛ وأَنشد قول ذي الرمة:

أَعدَّ له الشغازِبَ والمِحالا

قال ابن عرفة: المِحالُ الجِدالُ؛ ماحَلَ أَي جادَلَ؛ قال أَبو منصور: قول التقتيبي في قوله عز وجل وهو شديد المِحال أَي الحيلةِ غَلطٌ فاحش، وكأَنه توهم أَن ميم المِحال ميم مِفْعَل وأَنها زائدة، وليس كما توهَّمه لأَن مِفْعَلاً إذا كان من بنات الثلاثة فإِنه يجيء بإِظهار الواو والياء، مثل المِزْوَد والمِحْوَل والمِحْوَر والمِعْيَر والمِزْيَل والمِجْوَل وما شاكلها، قال: وإِذا رأَيت الحرف على مثال فِعال أَوّله ميم مكسورة فهي أَصلية مثل ميم مِهاد ومِلاك ومِراس ومِحال وما أَشبهها؛ وقال الفراء في كتاب المصادر: المِحال المماحلة. يقال في فَعَلْت: مَحَلْت أَمْحَل مَحْلاً، قال: وأَما المَحالة فهي مَفْعَلة من الحِيلة، قال أَبو منصور: وهذا كله صحيح كما قاله؛ قال الأَزهري: وقرأَ الأَعرج: وهو شديد المَحال، بفتح الميم، قال: وتفسيره عن ابن عباس يدل على الفتح لأَنه قال: المعنى وهو شديد الحَوْل، وقال اللحياني عن الكسائي: قال مَحِّلْني يا فلان أَي قَوِّني؛ قال أَبو منصور: وقوله شديد المَحال أَي شديد القوّة.
والمَحالة: الفَقارة. ابن سيده: والمَحالة الفِقْرة من فَقار البعير، وجمعه مَحال، وجمع المَحال مُحُل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

كأَنّ حيث تَلْتَقِي منه المُحُلْ

 

من قُطُرَيْهِ وَعِلانِ وَوَعِلْ

يعني قُرونَ وَعِلَين ووَعِلٍ، شبَّه ضلوعه في اشتباكها بقُرون الأَوْعال؛ الأَزهري: وأَما قول جندل الطَّهَويّ:

عُوجٌ تَسانَدْنَ إِلى مُمْحَلِ

فإِنه أَراد موضع مَحال الظهر، جعل الميم لما لزمت المَحالة، وهي الفَقارة من فَقار الظهر، كالأَصلية. والمَحِلُ: الذي قد طُرِد حتى أَعيا؛ قال العجاج:

نَمْشِي كَمَشْيِ المَحِلِ المَبْهور

وفي النوادر: رأَيت فلاناً مُتماحِلاً وماحِلاً وناحِلاً إذا تغير بدَنه. والمَحالُ: ضرْب من الحَلي يصاغ مُفَقَّراً أَي مُحْزَّزاً على تفقير وسط الجراد؛ قال: مَحال كأَجْوازِ الجَرادِ، ولؤلؤ من القَلَقِيِّ والكَبِيسِ المُلَوَّب والمَحالةُ: التي يستقي عليها الطيَّانون، سميت بفَقارة البعير، فَعالة أَو هي مَفْعَلة لتَحوُّلها في دَوَرانها. والمحالة والمحال أَيضاً: البكَرة العظيمة التي تستقي بها الإِبل؛ قال حميد الأَرقط:

يَرِدْن، والليلُ مُرِمٌّ طائرُه،

مُرْخىً رِواقاه هُجودٌ سامِرُه،

وِرْدَ المَحال قَلِقَتْ مَحاوِرُهْ

والمَحالةُ: البكَرة، هي مَفْعَلة لا فَعالة بدليل جمعها على مَحاوِل، وإِنما سميت مَحالة لأَنها تدور فتنقل من حالة إِلى حالة، وكذلك المَحالة لفِقْرة الظهر، هي أَيضاً مَفْعَلة لا فَعالة، منقولة من المَحالة التي هي البكَرة، قال ابن بري: فحق هذا أَن يذكر في حول. غيره: المَحالة البكَرة العظيمة التي تكون للسَّانية. وفي الحديث: حَرَّمْت شجر المدينة إِلاَّ مَسَدَ مَحالة؛ هي البكَرة العظيمة التي يُسْتَقى عليها، وكثيراً ما تستعملها السَّفَّارة على البِئار العميقة. وقولهم: لا مَحالةَ بوضع موضع لا بُدَّ ولا حيلة، مَفْعلة أَيضاً من الحَوْل والقوَّة؛ وفي حديث قس:

أَيْقَـنْـتُ أَنـي، لا مَـحـا

 

لةَ، حيث صار القومُ، صائِرْ

أَي لا حيلة، ويجوز أَن يكون من الحَوْل القوة أَو الحركة، وهي مَفْعَلة منهما، وأَكثر ما تستعمل لا مَحالة بمعنى اليقين والحقيقةِ أَو بمعنى لا بدّ، والميم زائدة.
وقوله في حديث الشعبي: إِنْ حَوَّلْناها عنك بِمِحْوَلٍ؛ المحول، بالكسر: آلةُ التحويلِ، ويروى بالفتح، وهو موضع التحويل، والميم زائدة.

محن

المِحْنة: الخِبْرة، وقد امتَحنه. وامتَحن القولَ: نظر فه ودَبَّره. التهذيب: إِن عُتْبة بن عبدٍ السُّلَمي، وكان من أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حَدَّث أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: القَتْلى ثلاثة، رجل مؤمن جاهَدَ بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العَدُوَّ قاتَلَهم حتى يُقْتَل، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في جنة الله تحت عرشه. لا يَفْضُله النبيون إِلا بدرجة النبوَّة؛ قال شمر: قوله فذلك الشهيد المُمْتحَن هو المُصفَّى المُهذَّب المخلَّصُ من مَحَنتُ الفضةَ إذا صفيتها وخلصتها بالنار. وروي عن مجاهد في قوله تعالى: أُولئك الذين امتَحَنَ اللهُ قلوبَهم، قال: خَلَّصَ اللهُ قلوبهم، وقال أَبو عبيدة: امتَحنَ اللهُ قلوبهم صَفَّاها وهَذَّبها، وقال غيره: المُمْتحَنُ المُوَطَّأُ المُذَلَّلُ، وقيل: معنى قوله أُولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى شَرَحَ اللهُ قلوبهم، كأَنَّ معناه وَسَّع الله قلوبَهم للتقوى. ومَحَنْتُه وامتَحْنتُه: بمنزلة خَبَرْتُه واختبرته وبَلَوْتُه وابتَلَيْتُه. وأَصل المَحْنِ: الضَّرْبُ بالسَّوْط. وامتَحَنتُ الذهب والفضة إذا أَذبتهما لتختبرهما حتى خَلَّصْتَ الذهب والفضة، والاسم المِحْنة. والمَحْنُ: العطية. وأَتيتُ فلاناً فما مَحَنَني شيئاً أَي ما أَعطاني. والمِحْنة: واحدة المِحَنِ التي يُمتَحَنُ بها الإِنسانُ من بلية، نستجير بكرم الله منها.
وفي حديث الشَّعْبي: المِحْنة بِدْعَة، هي أَن يأْخذ السلطانُ الرجلَ فيَمْتحِنه ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا، فلا يزال به حتى يقول ما لم يفعله أَو ما لا يجوز قوله، يعني أَن هذا القول بدعة؛ وقولُ مُليح الهُذَليِّ:

وحُبُّ ليلى، ولا تَخْشى مَحُونتَه،

 

صَدْعٌ لنَفْسِكَ مما ليس يُنْتقَـدُ

قال ابن جني: مَحُونته عاره وتِباعَتُه، يجوز أَن يكون مشتقّاً من المِحْنَة لأَن العارَ من أَشدِّ المِحْن، ويجوز أَن يكون مَفْعُلة من الحَيْنِ، وذلك أَن العار كالقتل أَو أَشد. الليث: المِحْنة معنى الكلام الذي يُمتحَنُ به ليعرف بكلامه ضمير قلبه، تقول امتحَنْتُه، وامتَحنْتُ الكلمة أَي نظرت إِلى ما يَصِيرُ إِليه صَيُّورُها.
والمَحْنُ: النكاح الشديد. يقال: مَحَنها ومَخَنها ومسَحَها إذا نكحها.
ومَحَنه عشرين سَوْطاً: ضربه. ومحن السَّوْطَ: لَيَّنَه. المُفَضَّلُ: مَحَنْتُ الثوبَ مَحْناً إذا لبسته حتى تُخْلِقه. ابن الأَعرابي: مَحَنْته بالشَّدِّ والعَدْو وهو التليين بالطَّرْد، والمُمْتحَن والمُمَحَّص واحد. أَبو سعيد: مَحَنْتُ الأَديم مَحْناً إذا مددته حتى توسعه. ابن الأَعرابي: المَحْنُ اللَّيِّنُ من كل شيء. ومَحْنت البئر مَحْناً إذا أَخرجت تُرابها وطينها. الأَزهري عن الفراء: يقال مَحَنْتُه ومخنتُه، بالحاء والخاء، ومحجْتُه ونقَجته ونقَخته وجَلَهْته وجَحَشته ومَشَنْته وعَرَمْتُه وحسَفته وحسَلْته وخسَلْته ولَتَحْتُه كله بمعنى قَشَرْتُه. وجلد مُمتحَنٌ: مَقْشُور، والله أَعلم.

مخا

التهذيب عن ابن بزرج في نوادره: تَمَخَّيْتُ إِليه أَي اعتذرت، ويقال: امَّخَيتُ إِليه؛ وأَنشد الأَصمعي:

قالت ولم تَقْصِدْ لَهُ ولم تَخِـهْ

 

ولم تُراقِبْ مَأْثَماً فتَمَّـخِـهْ

مِنْ ظُلْمِ شَيْخٍ آضَ منْ تَشَيُّخِهْ

 

أَشْهَبَ مثْلَ النَّسْرِ بَيْنَ أَفْرُخِهْ

قال ابن بري: صواب إِنشاده:

ما بالُ شَيْخِي آضَ مِن تَشَيُّخِهْ

 

أَزْعَرَ مِثْلَ النَّسْرِ عِنْدَ مَسْلَخِهْ

وقال الأَصمعي: امَّخَى من ذلك الأَمر امِّخاءً إذا حَرِجَ منه تَأَثُّماً، والأَصل انْمَخى. الجوهري: تَمَخَّيتُ من الشيءِ وامَّخَيْتُ منه إذا تبرّأَت منه وتَحَرّجت.

مخج

مَخَجَ المرأَة يَمْخَجُها مَخْجاً: نكَحها. ومَخَجَ بالدلو وغيرها مَخْجاً، ومَخَجَها: خَضْخَضَها، وقيل: جَذَب بها ونَهَزَها حتى تمتلئ؛ قال:

قد صَبَّحَتْ قَلَمَّساً هَمُوما،

 

يَزِيدُها مَخْجٌ الدِّلا جُمُوما

وكذلك تَمَخَّجَها وتماخَجَها. قال أَبو عبيد: تَمَخَّجْتُ الماءَ إذا حركته: قال:

صافي الجِمامِ لم تَمَخَّجْه الدِّلا

أَي لم تَمْخُضْه الدِّلاء. الأَصمعي: مَخَجَ البئرَ ومَخَضَها، بمعنى واحد. ومَخَجَ البئر يَمْخَجُها مَخْجاً: أَلَحَّ عليها في الغَرْب؛ وبه فسَّرَ ابن الأَعرابي قوله:

يَزيدُها مخجُ الدِّلا جُموما

وأَنشد يعقوب:

تَرَى الغُلامَ اليافِعَ الحَزَوَّرا،

 

يَمْخَجُ بالدَّلْوِ، وقد تَغَشْمَرا

مخخ

المُخُّ: نِقْيُ العظم؛ وفي التهذيب: نِقْيُ عظام القصب؛ وقال ابن دريد: المُخُّ ما أُخرج من عظم، والجمع مَخَخة ومخاخ، والمُخَّة: الطائفة منه، وإذا قلت مُخَّة فجمعها المُخُّ. وتقول العرب: هو أَسمح من مُخَّة الوبَر أَي أَسهل، وقالوا: اندَرَع اندِراعَ المُخَّة وانقصف انقصاف البَرْوَقَة فاندرع، يذكر في موضعه. وانقصف: انكسر بنصفين. وفي حديث أُمّ معبد في رواية: فجاءَ يسوق أَعْنُزاً عجافاً مِخاخُهنّ قليل؛ المخاخ جمع مُخ مثل حِباب وحُب وكمام وكمّ، وإِنما لم يقل قليلة لأَنه أَراد أَن مخاخَهن شيء قليل.
وتَمَخَّخ العظمَ وامْتَخخَه وتَمَكَّكه ومَخْمَخَه: أَخرج مخه.
والمُخاخَة: ما تُمُصِّص منه. وعظم مَخيخ: ذو مخ؛ وشاة مَخيخة وناقة مخيخة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

باتَ يُماشي قُلُصاً مَخائِخا

وأَمَخَّ العظمُ: صار فيه مُخّ؛ وفي المثل: شَرٌّ ما يُجِيئُكَ إِلى مُخَّةِ عُرْقُوبٍ.
وأَمَخَّتِ الدابة والشاة: سَمِنت. وأَمَخَّت الإِبل أَيضاً: سَمِنَت؛ وقيل: هو أَوّل السِّمَن في الإِقبال وآخر الشحم في الهُزال. وفي المثل: بين المُمِخَّة والعَجْفاءِ. وأَمَخَّ العود: ابتَلَّ وجرى فيه الماءُ، وأَصل ذلك في العظم. وأَمَخَّ حب الزرع: جرى فيه الدقيق، وأَصل ذلك العظم. والمخ: الدماغ؛ قال:

فلا يَسْرقُ الكلْبُ السَّرُوقُ نِعالَنا،

 

ولا نَنْتَقي المُخَّ الذي في الجَماجم

ويروى السروّ وهو فعول من السُّرى، وصف بهذا قوماً فذكر أَنهم لا يلبسون من النعال إِلا المدبوغة والكلب لا يأْكلها، ولا يستخرجون ما في الجماجم لأَن العرب تعير بأَكل الدماغ كأَنه عندهم شَرَهٌ ونَهَم. ومُخُّ العين: شحمتها، وأَكثر ما يستعمل في الشعر. التهذيب: وشحم العين قد سمي مخّاً؛ قال الراجز:

ما دام مُخٌّ في سُلامى أَو عَيْن

ومخ كل شيء: خالصه. وغيره يقال: هذا من نُخّ قَلْبي ونُخاخة قلبي ومن مُخَّة قلبي ومن مُخِّ قلبي أَي من صافيه. وفي الحديث: الدعاءُ مُخُّ العبادة؛ مخّ الشيء: خالصه، وإِنما كان مُخّاً لأَمرين: أَحدهما أَنه امتثال أَمر الله تعالى حيث قال ادعوني فهو محض العبادة وخالصها، الثاني أَنه إذا رأَى نجاح الأُمور من الله قطع أَمله عن سواه ودعاه لحاجته وحده، وهذا هو أَصل العبادة ولأَن الغرض من العبادة الثواب عليها وهو المطلوب بالدعاءِ.
وأَمْرٌ مُمِخٌّ إذا كان طائلاً من الأُمور. وإِبل مخائخ إذا كانت خياراً. أَبو زيد؛ جاءَته مُخَّة من الناس أَي نخبتهم؛ وأَنشد أَبو عمرو:

أَمسى حَبيبٌ كالفُرَيجِ رائِخا،

 

يقول: هذا الشرُّ ليس بائخا،

بات يماشي قلصاً مخائخا

 

 

ونعجة فَريج إذا ولدت فانْفَرج وَرِكاها. والرائخ: المسترخي. والمخ: فرس الغراب بن سالم.

مخر

مَخَرَتِ السفينةُ تَمْخَرُ وتَمْخُر مَخْراً ومُخُوراً: جرت تَشُقُّ الماءَ مع صوت، وقيل: استقبلتِ الريح في جريتها، فَهي ماخِرَةٌ. ومَخَرَتِ السفينةُ مَخْراً إذا استقبلتَ بها الريح. وفي التنزيل: وترى الفُلْكَ فيه مَوَاخِرَ؛ يعني جَوارِيَ، وقيل: المواخر التي تراها مُقْبِلةً ومُدْبِرةً بريح واحدة، وقيل: هي التي تسمع صوت جريها، وقيل: هي التي تشق الماء، وقال الفراء في قوله تعالى مواخر: هو صوت جري الفلك بالرياح؛ يقال: مَخَرَتْ تَمْخُرُ وتَمْخَرُ؛ وقيل: مواخِرَ جوارِيَ. والماخِرُ: الذي يشق الماء إذا سبَح؛ قال أَحمد بن يحيى: الماخرة السفينة التي تَمْخَرُ الماء تدفعه بصدرها؛ وأَنشد ابن السكيت:

مُقَدِّمات أَيْدِيَ المَواخِرِ

يصف نساء يتصاحبن ويستعن بأَيديهن كأَنهن يسبحن. أَبو الهيثم: مَخْرُ السفينةِ شَقُّها الماء بصدرها. وفي الحديث: لَتَمْخَرَنَّ الرُّومُ الشامَ أَربعين صباحاً؛ أَراد أَنها تدخل الشام وتخوضه وتَجُوسُ خِلالَه وتتمكن فيه فشبهه بمَخْرِ السفينةِ البحرَ. وامتخر الفرسُ الريحَ واستمخرها: قابلها بأَنفه ليكون أَرْوَحَ لنَفْسِه؛ قال الراجز يصِفُ الذِّئْبَ:

يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إذا لمْ يسْمَعِ

 

بمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ

وفي الحديث: إذا أَراد أَحدُكم البَوْلَ فَلْيَتَمَخَّرِ الرِّيحَ أَي فلينظُرْ من أَين مَجْراها فلا يستقبلَها كي لا تَرُدَّ عليه البول ويَتَرَشَّشَ عليه بَوْلُه ولكن يستدبرُها. والمَخْرُ في الأَصل: الشَّقُّ.
مَخَرَتِ السفينةُ الماءَ: شقَّتْه بِصَدْرها وجَرَتْ. ومَخَرَ الأَرضَ إذا شقها للزراعة. وقال ابن شميل في حديث سراقة: إذا أَتيتم الغائط فاسْتَمْخِرُوا الريح؛ يقول: اجعلوا ظُهورَكُم إِلى الريحِ عند البول لأَنه إذا ولاها ظهره أَخذَتْ عن يمينه ويساره فكأَنه قد شقها به. وفي حديث الحرث بن عبد الله بن السائب قال لنافع ابن جبير: من أَين؟ قال: خرجتُ أتَمَخَّرُ الريحَ، كأَنه أَراد أَسْتَنْشِقُها. وفي النوادر: تَمَخَّرَتِ الإِبلُ الريحَ إذا استَقْبَلَتْها واستنْشَتْها، وكذلك تَمَخَّرت الكلأَ إذا استقبلَتْه. ومَخَرْتُ الأَرضَ أَي أَرْسَلْتُ فيها الماء. ومَخَرَ الأَرضَ مَخْراً: أَرْسَلَ في الصيْفِ فيها الماءَ لِتَجُودَ، فهي مَمْخُورَةٌ. ومَخَرَتِ الأَرضُ: جادَت وطابَتْ من ذلكَ الماءِ. وامْتَخَرَ الشيءَ: اخْتارَه. وامْتَخَرْتُ القومَ أَي انتَقَيْتُ خِيارَهُم ونُخْبَتَهم؛ قال الراجز:

مِنْ نُخْبَةِ الناسِ التي كانَ امْتَخَرْ

وهذا مِخْرَةُ المال أَي خِيارُه. والمِخْرَةُ والمُخْرَةُ، بكسر الميم وضمها: ما اخْتَرْتَه، والكَسْرُ أَعلى. ومَخَرَ البيْتَ يَمْخَرُه مَخْراً: أَخَذَ خِيارَ متاعِه فذهب به. ومَخَرَ الغُرْزُ الناقَةَ يَمْخَرُها مَخْراً إذا كانت غَزِيرَةً فأُكْثِرَ حَلْبُها وجَهَدَها ذلكَ وأَهْزَلَها. وامْتَخَرَ العَظْمَ: استخرَجَ مُخَّه؛ قال العجاج:

مِنْ مُخَّةِ الناس التي كان امْتَخر

واليُمْخُور واليَمْخُور: الطويل من الرجال، الضمُّ على الإِتباع، وهو من الجمال الطَّوِيلُ العُنُقِ. وعُنُقٌ يَمْخُورٌ: طويلٌ. وجَمَلٌ يَمْخُورُ العُنُقِ أَي طويله؛ قال العجاج يصف جملاً:

في شَعْشَعانٍ عُنُق يَمْـخُـور

 

حابي الحُيودِ فارِض الحُنْجور

وبعض العرب يقول: مَخَرَ الذئبُ الشاةَ إذا شَقَّ بَطْنَها.
والماخُورُ: بَيْتُ الريبة، وهو أَيضاً الرجل الذي يَلي ذلك البيتَ ويقود إِليه. وفي حديث زياد حين قَدِمَ البصرةَ أَميراً عليها: ما هذه المَواخِيرُف الشرابُ عليه حَرامٌ حتى تُسَوَّى بالأَرضِ هَدْماً وإِحْراقاً؛ هي جمع ماخُورٍ، وهو مَجْلِسُ الرِّيبَةِ ومَجْمَعُ أَهلِ الفِسْقِ والفَسادِ وبُيوتُ الخَمَّارِينَ، وهو تعريب مَيْ خُور، وقيل: هو عربي لتردّد الناس إِليه من مَخْرِ السفينةِ الماءِ.
وبَناتُ مَخْرٍ: سَحائِبُ يَأْتِينَ قُبُلَ الصَّيْفِ مُنْتَصِباتٌ رِقاقٌ بِيضٌ حسانٌ وهُنَّ بنات المَخْرِ؛ قال طرفة:

كَبَناتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، كـمـا

 

أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ

وكل قطعة منها على حيالها: بنات مخر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

كأَن بناتِ المَخْرِ، في كُرْزِ قَنْبَرٍ

 

مَوَاسِقُ تَحْدُوهُنَّ بالغَوْرِ شَمْأَلُ

إِنما عنى ببناتِ المَخْر النَّجْمَ؛ شبَّهَه في كُرْزِ هذا العَبْدِ بهذا الضَّرْبِ من السَّحابِ؛ قال أَبو علي: كان أَبو بكر محمد بن السَّرِيِّ يَشْتَقُّ هذا من البُخارِ، فهذا يَدُلُّك على أَنّ الميم في مَخْرٍ بدل من الباء في بَخْر؛ قال: ولو ذَهَب ذاهِبٌ إِلى أَن الميم في مخر أَصْلٌ أَيضاً غَيْرُ مُبْدَلَةٍ على أَن تجعله من قوله عزَّ اسمه: وترى الفُلك فيه مواخِرَ، وذلك أَن السحابَ كأنها تَمْخَرُ البحر لأَنها فيما تَذْهَبُ إِليْهِ عنه تَنْشَأُ ومنه تَبْدَأُ، لكان مصيباً غيرَ مُبْعِدٍ؛ أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:

شَرِبْنَ بِماء البَحْرِ، ثم تَرَفَّعَتْ

 

مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَـئِيجُ

مخرق

المُمَخْرَق: المُمَوَّه، وهي المَخْرقةُ، مأْخوذة من مَخاريق الصبيان.

مخش

التَّمَخّشُ: كثرة الحركة، يمانية. وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة وفي حديث علي: كان، صلى اللَّه عليه وسلم، مِخَشّاً؛ قال: هو الذي يخالط الناس ويأْكل معهم ويتحدث، والميم زائدة.

مخض

مَخِضَتِ المرأَةُ مَخاضاً ومِخاضاً، وهي ماخِضٌ، ومُخِضَت، وأَنكرها ابن الأَعرابي فإِنه قال: يقال مَخِضَتِ المرأَةُ ولا يقال مُخِضَتْ، ويقال: مَخَضْتُ لبنها. الجوهري: مَخِضَت الناقة، بالكسر، تَمْخَضُ مَخاضاً مثل سمع يسمع سماعاً، ومَخَّضَت: أَخذها الطلق، وكذلك غيرها من البهائم. والمَخاضُ: وَجعُ الوِلادةِ. وكلُّ حامل ضرَبها الطلْقُ، فهي ماخِضٌ.
وقوله عزّ وجلّ: فأَجاءها المَخاضُ إِلى جِذْعِ النخلةِ، المَخاضُ وجَعُ الوِلادةِ وهو الطلْق. ابن الأَعرابي وابن شميل: ناقةٌ ماخِضٌ ومَخُوضٌ وهي التي ضربها المَخاضُ، وقد مَخِضَت تَمْخَضُ مَخاضاً، وإِنها لتَمَخَّضُ بولدها، وهو أَن يَضْرِبَ الولدُ في بطنها حتى تُنْتَجَ فتَمْتَخِضَ.
يقال: مَخِضَتْ ومُخِضَت وتَمَخَّضَتْ وامْتَخَضَت. وقيل: الماخِضُ من النساء والإِبل والشاء المُقْرِبُ، والجمع مَواخِضُ ومُخَّضٌ؛ وأَنشد:

ومَسَدٍ فَوْقَ مَحـالٍ نُـغَّـضِ،

 

تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ

وأَنشد:

مَخَضْتِ بها ليلةً كلَّهـا،

 

فجئْتِ بها مُؤْيِداً خَنْفَقِيقا

ابن الأَعرابي: ناقة ماخِضٌ وشاةٌ ماخِضٌ وامرأَةٌ ماخِضٌ إذا دَنا وِلادُها وقد أَخذها الطلْقُ والمَخاضُ والمِخاضُ. نُصَيْرٌ: إذا أَرادت الناقة أَن تَضَعَ قيل مَخِضَت، وعامَّةُ قيس وتميم وأَسد يقولون مِخِضَتْ، بكسر الميم، ويفعلون ذلك في كل حرف كان قبل أَحد حروف الحلق في فِعِلْت وفِعِيل، يقولون بِعيرٌ وزِئيرٌ وشِهِيقٌ، ونِهِلَتِ الإِبِلُ وسِخِرْت منه. وأَمْخَضَ الرجلُ: مَخِضَت إِبلُه. قالت ابنة الخُسِّ الإِيادِيّ لأَبيها: مَخِضَت الفُلانِيّةُ لناقةِ أَبيها، قال: وما عِلْمُكِ؟ قالت: الصَّلا راجّ، والطَّرْفُ لاجّ، وتَمْشِي وتَفاجّ، قال: أَمْخَضَتْ يا بنتي فاعْقِلي؛ راجٌّ: يَرْتَجُّ. ولاجٌّ: يَلَجُّ في سُرعةِ الطرْف. وتفاجُّ: تُباعِدُ ما بين رِجْلَيْها. والمَخاضُ: الحَوامِلُ من النوق، وفي المحكم: التي أَولادُها في بُطونها، واحدتها خَلِفةٌ على غير قياس ولا واحد لها من لفظها، ومنه قيل للفَصِيل إذا استكْمَل السنة ودخل في الثانية: ابن مَخاض، والأُنثى ابنة مخاض. قال ابن سيده: وإِنما سميت الحَواملُ مَخاضاً تفاؤُلاً بأَنها تصير إِلى ذلك وتسْتَمْخِضُ بولدها إذا نُتِجَت. أَبو زيد: إذا أَردت الحَوامِلَ من الإِبل قلت نُوق مخاض، واحدتها خَلِفة على غير قياس، كما قالوا لواحدة النساء امرأَة، ولواحدة الإِبل ناقةٌ أَو بعير. الأَصمعي: إذا حَمَلْت الفحلَ على الناقة فلَقِحَت، فهي خَلِفة، وجمعها مَخاض، وولدُها إذا استكمل سنة من يومَ ولد ودخول السنةِ الأُخْرى ابن مخاض، لأَنَّ أُمه لَحِقَت بالمَخاض من الإِبل وهي الحَوامِلُ. وقال ثعلب: المَخاضُ العِشار يعني التي أَتى عليها من حملها عشرة أَشهر؛ وقال ابن سيده: لم أَجد ذلك إِلا له أَعني أَن يعبر عن المخاض بالعشار. ويقال للفصيل إذا لقحت أُمه: ابنُ مَخاض، والأُنثى بنت مخاض، وجمعها بنات مخاض، لا تُثَنَّى مَخاضٌ ولا تُجْمَعُ لأَنهم إِنما يريدون أَنها مضافة إِلى هذه السِّن الواحدة، وتدخله الأَلف والأَلف للتعريف، فيقال ابن المخاض وبنت المخاض؛ قال جرير ونسبه ابن بري للفرزدق في أَماليه:

وجَدْنا نَهْشَلاً فَضَلَـتْ فُـقَـيْمـاً،

 

كفَضْلِ ابن المَخاضِ على الفَصِيلِ

وإِنما سموا بذلك لأَنهم فضَلُوا عن أُمهم وأُلحقت بالمخاض، سواء لَقِحَت أَو لم تَلْقَح. وفي حديث الزكاة: في خمس وعشرين من الإِبل بنتُ مَخاض؛ ابن الأَثير: المخاض اسم للنُّوق الحوامل، وبنتُ المخاض وابن المخاض: ما دخل في السنة الثانية لأَن أُمه لَحِقت بالمخاض أَي الحواملَ، وإِن لم تكن حاملاً، وقيل: هو الذي حَمَلَت أُمه أَو حملت الإِبل التي فيها أُمُّه وإِن لم تحمل هي، وهذا هو معنى ابن مخاض وبنت مخاض، لأَنَّ الواحد لا يكون ابن نوق وإِنما يكون ابن ناقة واحدة، والمراد أَن تكون وضعتها أُمها في وقتٍ مّا، وقد حملت النوق التي وَضَعْنَ مع أُمها وإِن لم تكن أُمها حاملاً، فنسَبَها إِلى الجماعة بحُكم مُجاوَرَتِها أُمها، وإِنما سمي ابن مخاض في السنة الثانية لأَنّ العرب إِنما كانت تحملُ الفُحول على الإِناث بعد وضعها بسنة ليشتدَّ ولدُها، فهي تحمل في السنة الثانية وتَمْخَضُ فيكون ولدُها ابنَ مخاض. وفي حديث الزكاة أَيضاً: فاعْمِدْ إِلى شاةٍ مُمتلئةٍ مَخاضاً وشحْماً أَي نِتاجاً، وقيل: أَراد به المَخاضَ الذي هو دُنُوُّ الولادة أَي أَنها امتلأَت حَمْلاً وسمناً. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: دَعِ الماخِضَ والرُّبَّى؛ هي التي أَخذها المخاض لتضَعَ. والمَخاضُ: الطلْقُ عند الولادة. يقال: مَخِضَتِ الشاةُ مَخْضاً ومِخاضاً إذا دنا نتاجها. وفي حديث عثمان، رضي اللّه عنه: أَنّ امرأَة زارَتْ أَهْلَها فمخِضت عندهم أَي تحرَّك الولدُ عندهم في بطنها للوِلادةِ فضرَبَها المَخاضُ.
قال الجوهري: ابن مَخاضٍ نكرة فإِذا أَرْدتَ تعْريفه أَدخلت عليه الأَلف واللام إِلا أَنه تعريف جنس، قال: ولا يقال في الجمع إِلا بناتُ مخاض وبناتُ لَبُون وبناتُ آوى. ابن سيده: والمَخاضُ الإِبلُ حين يُرْسَلُ فيها الفحلُ في أَوّل الزمان حتى يَهْدِرَ، لا واحد لها، قال: هكذا وُجِدَ حتى يهدر، وفي بعض الروايات: حتى يَفْدِرَ أَي يَنْقَطِعَ عن الضِّراب، وهو مَثَلٌ بذلك. ومَخَضَ اللبنَ يَمْخَضُه ويَمْخِضُه ويَمْخُضُه مَخْضاً ثلاث لغات، فهو مَمْخُوضٌ ومَخِيضٌ: أَخذ زُبْده، وقد تَمَخَّضَ. والمَخِيضُ والمَمْخُوض: الذي قد مُخِضَ وأُخذ زُبده. وأَمْخَضَ اللبنُ أَي حانَ له أَن يُمْخَضَ. والمِمْخَضةُ: الإِبْرِيجُ؛ وأَنشد ابن بري:

لقد تَمَخَّضَ في قَلْبي مَوَدَّتُها،

 

كما تَمَخَّضَ في إِبْرِيجه اللَّبَنُ

والمِمْخَضُ: السِّقاءُ وهو الإِمْخاضُ، مثل به سيبويه وفسَّره السيرافي، وقد يكون المَخْضُ في أَشياءَ كثيرة فالبعير يَمْخُضُ بشِقْشِقَتِه؛ وأَنشد:

يَجْمَعْنَ زَأْراً وهَدِيراً مَخْضَا

والسَّحابُ يَمْخُضُ بمائه ويَتَمَخَّضُ، والدهر يَتَمَخَّضُ بالفِتْنةِ؛ قال:

وما زالتِ الدُّنْيا تخُونُ نَعِيمَها،

 

وتُصْبِحُ بالأَمْرِ العَظيمِ تَمخَّضُ

ويقال للدنيا: إِنها تَتَمَخَّضُ بِفِتْنةٍ مُنكرة. وتَمَخَّضَتِ الليلةُ عن يوم سَوءٍ إذا كان صَباحُها صَباحَ سوء، وهو مثَل بذلك، وكذلك تمخَّضتِ المَنُونُ وغيرها؛ قال:

تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ

 

أَنَى، ولكلِّ حاملةٍ تَمامُ

على أَنَّ هذا قد يكون من المَخاض؛ قال: ومعنى هذا البيت أَنَّ المَنِيَّةَ تَهَيَّأَتْ لأَن تَلِدَ له الموتَ يعني النعمانَ بن المنذر أَو كسرى.والإِمْخاضُ: ما اجتمع من اللبن في المَرْعَى حتى صار وِقْرَ بعير، ويجمع على الأَماخِيضِ. يقال: هذا إِحْلابٌ من لبن وإِمْخاضٌ من لبن، وهي الأَحالِيبُ والأَماخِيضُ، وقيل: الإِمخاض اللبنُ ما دام في المِمْخَضِ.
والمُسْتَمْخِضُ: البَطِيءُ الرَّوبِ من اللبن، فإِذا اسْتَمْخَضَ لم يَكَدْ يَرُوب، وإِذا رابَ ثمَ مَخَضَه فعاد مَخْضاً فهو المُسْتَمْخِضُ، وذلك أَطيبُ أَلبانِ الغنم. وقال في موضع آخر: وقد اسْتَمْخَضَ لبنُك أَي لا يكادُ يروب، وإِذا استمخَضَ اللبنُ لم يكد يخرج زُبده، وهو من أَطيب اللبن لأَن زُبده اسْتُهْلِكَ فيه. واستمخضَ اللبنُ أَيضاً إذا أَبْطأَ أخذه الطَّعْم بعد حَقْنِه في السِّقاء. الليث: المَخْضُ تحريكُك المِمْخَض الذي فيه اللبن المَخِيض الذي قد أُخِذَتْ زُبدته. وتَمَخَّضَ اللبنُ وامْتَخَضَ أَي تحرَّك في المِمْخضة، وكذلك الولد إذا تحرَّك في بطن الحامل؛ قال عمرو بن حسَّان أَحد بني الحَرِث بن هَمَّام بن مُرَّة يخاطب امرأَته:

أَلا يا أُمَّ عَمْروٍ، لا تَلُومِي

 

وابْقِي، إِنَّما ذا الناسُ هامُ

أَجِدَّكِ هل رأَيتِ أَبا قُبَيْسٍ،

 

اطالَ حَياتَه النَّعَمُ الرُّكامُ؟

وكِسْرَى، إِذْ تَقَسَّمَه بَنُـوه

 

بأَسْيافٍ، كما اقْتُسِمَ اللِّحامُ

تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بـيَوْمٍ

 

أَنَى، ولكلِّ حاملة تَمـامُ

فجعل قوله تَمَخَّضَت يَنُوبُ مَنابَ قوله لَقِحَتْ بولد لأَنها ما تمخضت بالولد إِلاَّ وقد لَقِحت. وقوله أَنَى أَي حانَ وِلادته لتمام أَيام الحمل. قال ابن بري: المشهور في الرّواية: أَلا يا أُمَّ قيس، وهي زوجته، وكان قد نزل به ضَيْف يقال له إِسافٌ فعقَر له ناقة فلامَتْه، فقال هذا الشعر، وقد رأَيت أَنا في حاشية من نسخ أَمالي ابن برّيّ أَنه عقر له ناقتين بدليل قوله في القصيدة:

أَفي نابَيْنِ نالَهُما إِسافٌ

 

تأَوَّهُ طَلَّتي ما إِنْ تَنامُ؟

ومَخَضْتُ بالدَّلْوِ إذا نَهَزْتَ بها في البئر؛ وأَنشد:

إِنَّ لَنا قَلِيذَماً هَـمُـومـا،

 

يَزِيدُها مَخْضُ الدِّلا جُمُوما

ويروى: مَخْجُ الدِّلا. ويقال: مَخَضْتُ البئرَ بالدلو إذا أَكثرتَ النزْعَ منها بدِلائكَ وحرَّكتها؛ وأَنشد الأَصمعي:

لتَمْخَضَنْ جَوْفَكِ بالدُّليِّ

وفي الحديث: أَنه مُرَّ عليه بجنازةٍ تُمْخَض مَخْضاً أَي تُحَرَّكُ تحريكاً سريعاً.
والمَخِيضُ: موضع بقرب المدينة. ابن بزرج: تقول العرب في أَدْعِيَة يَتداعَوْن بها: صَبَّ اللّه عليك أُمّ حُبَيْنٍ ماخِضاً، تعني الليل.

مخط

مَخَطه يَمْخَطُه مَخْطاً أَي نَزَعَه ومَدَّه. ويقال: مَخَطَ في القوس. ومَخَط السهْمُ يَمْخَطُ ويَمْخُطُ مُخُوطاً. نَفَذ وأَمْخَطَه هو. ويقال: رماه بسهم فأَمْخَطَه من الرَّمِيّة إذا أَنْفَذَه. ومَخَطَ السهمُ أَي مَرَق. وأَمْخَطْتُ السهمَ: أَنفذْته، وربما قالوا: امْتَخَط ما في يده نزعَه واخْتَلَسه.
والمَخْطُ: السَّيَلانُ والخُروجُ. وفَحْلٌ مِخْطُ ضِرابٍ: يأْخذ رِجل الناقة ويضرب بها الأَرض فيَغْسِلُها ضِراباً، وهو من ذلك لأَنه بكثرة ضِرابه يستخرج ما في رَحِم الناقة من ماء وغيره.
والمُخاط: ما يسيل من الأَنف. والمُخاطُ من الأَنف كاللُّعابِ من الفم، والجمع أُمْخِطةٌ لا غير. ومَخَطْتُ الصبيَّ مَخْطاً ومخطَه يَمْخُطُه مَخْطاً وقد مَخَطَه من أَنفه أَي رَمَى به. وامْتَخَطَ هو وتَمَخَّطَ امْتِخاطاً أَي اسْتَنْثر. ومَخَطه بيده: ضَربه.
والماخِط: الذي ينْزِعُ الجِلْدةَ الرَّقيقة عن وجه الحُوار. ويقال: هذه ناقة إِنما مَخَطها بنو فلان أَي نُتِجَتْ عندهم، وأَصل ذلك أَن الحُوار إذا فارق الناقة مَسَح النّاتجُ عنه غِرْسَه وما على أَنفه من السّابِياء، فذلك المَخْط، ثم قيل للنّاتج ماخِطٌ؛ وقال ذو الرِمّةِ:

وانْمِ القُتُودَ على عَيْرانةٍ حَرَجٍ

 

مَهْريّةٍ، مَخَطَتْها غِرْسَها العِيدُ

العِيدُ: قوم من بني عُقَيْل يُنسَب إِليهم النَّجائبُ. ابن الأَعرابي: المَخْطُ شبه الولد بأَبيه، تقول العرب: كأَنما مَخَطه مَخْطاً. ويقال للسهام التي تتَراءَى في عين الشمس للناظر في الهواء عند الهاجِرة: مُخاطُ الشيطانِ، ويقال له لُعابُ الشمس ورِيقُ الشمس، كل ذلك سُمِعَ عن العرب.
ومَخَط في الأَرض مَخْطاً إذا مضى فيها سريعاً. ويقال: بُرْد مَخْطٌ ووَخْطٌ قصِير، وسَيْر مَخْط ووخط: سريع شَديد؛ وقال:

قَدْ رابَنا من سَيْرنا تَمَخُّطه،

 

أَصْبَحَ قد زايَلَه تَخَمُّطـه

قيل: تَمَخُّطه اضْطِرابُه في مِشْيته يسقط مَرة ويتحامل أُخرى.
والمَخْطُ: اسْتِلالُ السَّيفِ. وامْتَخَطَ سيفَه: سَلَّه من غِمْده. وامْتَخَط رُمْحَه من مَرْكزه: انتزعه. وامْتَخَطَ الشيءَ: اخْتَطَفَه.
والمَخِطُ: السيِّد الكريم، والجمع مَخِطون؛ وقول رؤْبة:

وإِنَّ أَدْواءَ الرِّجالِ المُخَّطِ

 

مَكانُها من شُمَّتٍ وغُبَّطِ

.كسَّره على توهم فاعل؛ قال أَبو منصور ورأَيت في شعر رؤْبة:

وإِنَّ أَدْواءَ الرجال النُّخَّطِ

بالنون. قال: ولا أَعرف المخَّط في تفسيره.
والمُخاطةُ: شجرة تُثْمر ثَمراً حُلْواً لَزِجاً يؤْكل.

مخق

مَخِقَت عينه: كبَخِقَتْ.

مخل

ابن الأَعرابي: الخافِلُ الهارِب، وكذلك الماخِل والمالِخُ.

مخن

المَخْنُ والمَخِنُ والمِخَنُّ، كله: الطويل؛ قال:

لما رآه جَسْرَباً مِخَـنَّـا،

 

أَقْصَر عن حَسْناء وارْثَعَنَّا

وقد مَخَنَ مَخْناً ومُخُوناً. الليث: رجل مَخْنٌ وامرأَة مَخْنة إِلى القِصَر ما هو، وفيه زَهْوٌ وخِفَّة؛ قال أَبو منصور: ما علمت أَحداً قال في المَخْن إِنه إِلى القِصَر ما هو غير الليث، وقد روى أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب الطِّوالِ من الناس: ومنهم المَخْن واليَمْخُور والمُتماحِلُ. وروي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: المَخْنُ الطُّولُ، والمَخْنُ أَيضاً البُكاء، والمَخْنُ نزْحُ البئر؛ وأَنشد غيره:

قد أَمرَ القاضي بأَمرٍ عَدْلِ،

 

أَنْ تَمْخَنُوها بثمانـي أَدْلِ

والمِخَنَّةُ: الفِناء؛ قال:

ووَطِئْتَ مُعتَلِياً مِخَنَّتَنـا،

 

والغَدْرُ منك عَلامةُ العَبْدِ

ومَخَنَ المرأَة مَخْناً: نكحها. والمَخْنُ: النَّزْعُ من البئر. ومخَنَ الشيءَ مَخْناً: كمَخَجَه؛ قال:

قد أَمرَ القاض بأَمرٍ عَدْلِ،

 

أَنْ تَمْخَنُوها بثمانـي أَدْلِ

ومخَنَ الأَديمَ: قَشَره، وفي المحكم: مَخَنَ الأَديمَ والسَّوْطَ دَلَكه ومَرَنَه، والحاء المهملة فيه لغة. وطريق مُمَخَّنٌ: وُطِيءَ حتى سَهُلَ؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها تمثلت بشر لبيد:

يتَحَدَّثونَ مَخانةً ومَلاذَة

قال: المَخانَةُ مصدر من الخِيانة، والميم زائدة، قال: وذكره أَبو موسى في الجيم من المُجون، فتكون الميم أَصلية، وقد تقدم.